الحرية
رضوان محمود نموس
أخبرنا أستاذي يوماً *** عن شيء يدعى الحرية
فسألتُ الأستاذَ بلطفٍ *** أن يتكلم بالعربية
ما هذا اللفظُ وما تعني *** وأية شيء حرية
هل هي مصطلحٌ يوناني *** عن بعض الحقب الزمنية
أم أشياءٌ نستوردُها *** أو مصنوعات وطنية
فأجاب معلمنا حَزِناً *** وانساب الدمع بعفوية
قد أنسوكم كل التاريـ *** ــخ وكل القيم العلوية
أسفي أن تخرج أجيالٌ *** لا تفهم معنى الحرية
لا تملك سيفاً أو قلماً *** لا تحمل فكراً و هوية
وعلمت بموت مدرسنا *** في الزنزانات الفردية
فنذرت لئن أحياني اللهُ *** وكانت بالعمر بقية
لأجوب الأرضَ بأكملها *** بحثاً عن معنى الحرية
وقصدت نوادي أمتنا *** أسألهم أين الحرية
فتواروا عن بصري هلعاً *** وكأن قنابل ذرية
ستفجر فوق رؤوسهم *** وتبيد جميع البشرية
وأتى رجلٌ يسعى وجلاً *** وحكا همساً وبسرية
لا تسأل عن هذا أبداً *** أحرف كلماتك شوكية
هذا رجسٌ هذا شركٌ *** في دين دعاة القومية
إرحل فتراب مدينتنا *** يحوي آذاناً مخفية
تسمع ما لم يحكى أبداً *** وترى قصصاً بوليسية
ويكون المجرم حضرتكم *** والخائن حامي الشرعية
ويكون المجرم حضرتكم *** والخائن حامي الشرعية
ويلفق حولكَ تدبيرٌ *** لإطاحة نظم ثورية
وببيع روابي بلدتنا *** يوم الحرب التحريرية
وبأشياءٍ لا تعرفها *** وخيانات للوطنيية
وتساق إلى ساحات الموتِ *** عميلاً للصهيونية
واختتم النصحَ بقولتهِ *** وبلهجته التحذيرية
لم أسمع شيئاً لم أركم *** ما كنا نذكر حرية
هل تفهم ؟ عندي أطفالٌ *** كفراخ الطير البرية
وذهبت إلى شيخ الإفتاء *** لأسأله ما الحرية
فتنحنح يصلح جبته *** وأدار أداة مخفية
وتأمل في نظارته *** ورمى بلحاظ نارية
واعتدل الشيخ بجلسته *** وهذا باللغة الغجرية
اسمع يا ولدي معناها *** وافهم أشكال الحرية
ما يمنح مولاناً دوماً *** بقرارات جمهورية
أو تأتي مكرمة عليا *** في خطب العرش الملكية
والسير بضوء فتاوانا *** والأحكام القانونية
والسير بضوء فتاوانا *** والأحكام القانونية
ليست حقاً ليست ملكاً *** فأصول الأمر عبودية
وكلامك فيه مغالطة *** وبه رائحة كفرية
هل تحمل فكر أزارقة ؟؟ *** أم تنحو نحو حرورية
يبدو لي أنك موتور *** لا تفهم معنى الشرعية
واحذر من أن تعمل عقلاً *** بالأفكار الشيطانية
واسمع إذ يلقي مولانا *** خطباً كبرى تاريخية
هي نور الدرب ومنهجه *** وهي الأهداف الشعبية
ما عرف الباطل في قول *** أو في فعل أو نظرية
من خالف مولانا سفهاً *** فنهايته مأساوية
لو يأخذ مالك أجمعه *** أو يسبي كل الذرية
أو يجلد ظهرك تسلية *** وهوايات ترفيهية
أو يصلبنا ويقدمنا *** قرباناً للماسونية
فله ما أبقى أو أعطى *** لا يسأل عن أي قضية
ذات السلطان مقدسة *** فيها نفحات علوية
قد قُرر هذا يا ولدي *** في فقرات دستورية
لا تصغي يوماً يا ولدي *** لجماعات إرهابية
لا علم لديهم أو فهماً *** لقضايا العصر الفقهية
يفتون كما أفتى قوم *** من سبع قرون زمنية
تبعوا أقوال أئمتهم *** من أحمد لابن الجوزية
أغرى فيهم بل ضللهم *** سيدهم وابن التيمية
ونسوا أن الدنيا تجري *** لا تبقى فيها الرجعية
والفقه يدور مع الأزمان *** كمجموعتنا الشمسية
وزمان القوم مليكهم *** فله منا ألف تحية
وكلامك معنا يا ولدي *** أسمى درجات الحرية
فخرجت وعندي غثيان *** وصداع الحمى التيفية
وسألت النفس أشيخ هو ؟ *** أم من أتباع البوذية ؟
أو سيخيٌ أو وثنيٌ *** من بعض الملل الهندية
أو قسٌ يلبس صلباناً *** أم من أبناء يهودية
ونظرت ورائي كي أقرأ *** لافتة الدار المحمية
كتبت بحروف بارزة *** وبألوان فسفورية
هيئات الدعوة والإرشاد *** ودار الفتوى الشرعية
هل نحن نعيش زمان *** التيه وذل نكوص ودنية
تهنا لما ما جاهدنا *** ونسينا طعم الحرية
وتركنا طريق رسول الله *** لسنن الأمم السبأية
قلنا لما أن نادونا *** لجهاد النظم الكفرية
روحوا أنتم سنظل هنا *** مع كل المتع الأرضية
فأتانا عقاب تخلفنا *** وفقاً للسنن الكونية
ووصلت إلى بلد السكسو *** ن لأسألهم عن حرية
فأجابوني (سوري سوري) *** نو حرية نو حرية
من أدراهم أني سوري *** ألأني أطلب حرية
وسألت المغتربين وقد *** أفزعني فقد الحرية
هل منكم أحد يعرفها *** أو يعرف وصفاً ومزيّة
فأجاب القوم بآهات *** أيقظت هموماً منسية
لو ذقناها ما هاجرنا *** وتركنا الشمس الشرقية
بل طالعنا معلومات *** في المخطوطات الأثرية
أن الحرية أزهار *** ولها رائحة عطرية
أن الحرية أزهار *** ولها رائحة عطرية
كانت تنمو بمدينتنا *** وتفوح على الإنسانية
ترك الحراس رعايتها *** فرعتها الحمر الوحشية
وسألت أديباً من بلدي *** هل تعرف معنى الحرية
فأجاب بآهات حرى *** لا تسألنا نحن رعية
وذهبت إلى صناع الرأي *** وأهل الصحف الدورية
ووكالات وإذاعات *** ومحطات تلفازية
وظننت بأني لن أعدم *** من يفهم معنى الحرية
فإذا بالهرج قد استعلى *** وأقيمت سوق الحرية
وخطيب طالب في شمم *** أن تلغى القيم الدينية
وبمنع تداول أسماء *** ومفاهيم إسلامية
وإباحة فجر وقمار *** وفعال الأمم اللوطية
وتلاه امرأة مفزعة *** كسنام الإبل البختية
وبصوت يقصف هداراً *** بقنابلها العنقودية
إن الحرية أن تشبع *** نار الرغبات الجنسية
الحرية فعل سحاق *** ترعاه النظم الدولية
هي حق الإجهاض عموماً *** وإبادة قيم خلقية
كي لا ينمو الإسلام ولا *** تأتي قنبلة بشرية
هي خمر يجري وسفاح *** ونواد الرقص الليلية
وأتى سيدهم مختتماً *** نادي أبطال الحرية
وتلى ما جاء الأمر به *** من دار الحكم المحمية
أمر السلطان ومجلسه *** بقرارات تشريعية
تقضي أن يقتل مليون *** وإبادة مدن الرجعية
فليحفظ ربي مولانا *** ويديم ظلال الحرية
فبمولانا وبحكمته *** ستصان حياض الحرية
وهنالك أمر ملكي *** وبضوء الفتوى الشرعية
يحمي الحرية من قوم *** راموا قتلاً للحرية
ويوجه أن تبنى سجون *** في الصحراء الإقليمية
وبأن يستورد خبراء *** في ضبط خصوم الحرية
يلغى في الدين سياسته *** وسياستنا لا دينية
وليسجن من كان يعادي *** قيم الدنيا العلمانية
أو قتلاً يقطع دابرهم *** ويبيد الزمر السلفية
حتى لا تبقى أطياف *** لجماعات إسلامية
وكلام السيد راعينا *** هو عمدتنا الدستورية
فوق القانون وفوق الحكم *** وفوق الفتوى الشرعية
لا حرية لا حرية *** لجميع دعاة الرجعية
لا حرية لا حرية *** أبداً لعدو الحرية
- ناديت أيا أهل الإعلام *** أهذا معنى الحرية ؟
فأجابوني باستهزاء *** وبصيحات هيستيرية
الظن بأنك رجعي *** أو من أعداء الحرية
وانشق الباب وداهمني *** رهط بثياب الجندية
هذا لكماً هذا ركلاً *** ذياك بأخمص روسية
اخرج خبر من تعرفهم *** من أعداء للحرية
وذهبت بحالة إسعاف *** للمستشفى التنصيرية
وأتت نحوي تمشي دلعاً *** كطيور الحجل البرية
تسأل في صوت مغناج *** هل أنت جريح الحرية
أن تطلبها فالبس هذا *** واسعد بنعيم الحرية
- الويل لك ما تعطيني *** أصليب يمنح حرية
يا وكر الشرك ومصنعه *** في أمتنا الإسلامية
فخرجت وجرحي مفتوح *** لأتابع أمر الحرية
وقصدت منظمة الأمم *** ولجان العمل الدولية
وسألت مجالس أمنهم *** والهيئات الإنسانية
ميثاقكم يعنى شيئاً *** بحقوق البشر الفطرية
أو أن هناك قرارات *** عن حد وشكل الحرية
قالوا الحرية أشكال *** ولها أسس تفصيلية
حسب البلدان وحسب الدين *** وحسب أساس الجنسية
والتعديلات بأكملها *** والمعتقدات الحالية
- ديني الإسلام كذا وطني *** وولدت بأرض عربية
- حريتكم حددناها *** بثلاث بنود أصلية
فوق الخازوق لكم علم *** والحفل بيوم الحرية
إذ يعزف فيه نشيدكم *** بالأنغام الموسيقية
ووقفت بمحراب التاريخ *** لأسأله ما الحرية
فأجاب بصوت مهدود *** يشكو أشكال الهمجية
إن الحرية أن تحيا *** عبداً لله بكلية
وفق القرآن ووفق الشرع *** ووفق السنن النبوية
لا حسب قوانين طغاة *** أو تشريعات أرضية
وضعت كي تحمي ظلاماً *** وتعيد القيم الوثنية
الحرية ليست وثناً *** يغسل في الذكرى المئوية
ليست فحشاً ليست فجراً *** أو أزياء باريسية
والحرية لا تعطيها *** هيئات الكفر الأممية
ومحافل شرك وخداع *** من تصميم الماسونية
هم سرقوها أفيعطوها؟ *** هذا جهل بالحرية
الحرية لا تستجدى *** من سوق النقد الدولية
والحرية لا تمنحها *** هيئات البر الخيرية
الحرية نبت ينمو *** بدماء حرى وزكية
تؤخذ قسراً تبنى صرحاً *** يرعى بجهاد وحمية
يعلو بسهام ورماح *** ورجال عشقوا الحرية
اسمع ما أملي يا ولدي *** وارويه لكل البشرية
إن تغفل عن سيفك يوماً *** فانس موضوع الحرية
وادفن محبوباً قد أودى *** فلقد فارقت الحرية
فغيابك عن يوم لقاء *** هو نصرٌ للطاغوتية
والخوف لضيعة أموال *** أو أملاك أو ذرية
طعن يفري كبداً حرى *** ويمزق قلب الحرية
لن يقدر طاغوت يوماً *** أن يسلب قوماً حرية
إلا إن خانوا أو لانوا *** وأحبوا المتع الأرضية
يرضون بمكس الذل ولم *** يعطوا مهراً للحرية
لن يرفع فرعون رأساً *** إن كانت بالشعب بقية
فجيوش الطاغوت الكبرى *** في وأد وقتل الحرية
من صنع شعوب غافلة *** سمحت ببروز الهمجية
حادت عن منهج خالقها *** لمناهج حكم وضعية
واتبعت شرعة إبليس *** فكساها ذلاً ودنية
فقوى الطاغوت يساويها *** وجل تحيا فيه رعية
لن يجمع في قلب أبداً *** إيمان مع جبن طوية
0 التعليقات:
إرسال تعليق