موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأحد، 20 نوفمبر 2011

الحج والصيام بين سايكس بيكو والإسلام *


بسم الله الرحمن الرحيم
الحج والصيام بين سايكس بيكو والإسلام *
رضوان محمود نموس
في عام 1403 هـ أعلنت السعودية وسوريا ودول أخرى رؤية هلال شوال، وأن غداً العيد، بينما أعلنت الأردن أنها لم تر الهلال وستتم عدة رمضان ثلاثين يوماً، كنت ذلك اليوم في الأردن وقررت أن أفطر في الغد وأعيّد مع من رأى الهلال، وحصل نقاشات في هذا الموضوع، واستعنت بالأطلس وقلت للمعارضين هل اختلاف المطالع جاء على الحدود السياسية التي رسمها (سايكس بيكو) تماماً وهل قدر الله اختلاف المطالع - إن كان هناك اختلاف مطالع  زعموا - كما أرادت اتفاقية (سايكس بيكو) فيفطر أهالي قرية " تل شهاب " ويصوم أهالي الطرة([1]) أم أنها الأهواء والعصبيات والجاهلية والنسيء الذي وصفه الله تعالى فقال )إنما النسيء زيادة في الكفر(.

وانتقلت بعدها إلى باكستان فوجدت أن الأفغان يفطرون والباكستانيين صائمون بعد رؤية الهلال، وبين الصائم والمفطر حبل قطره (1سم) ولما سألتهم عن ذلك قالوا اختلاف المطالع، فقلت الأمر هنا أدق، لإنه إذا كان بين تل شهاب والطرة 500 م فالمسافة هنا بالميليمترات(10) ملم فسبحان الله الذي جعل اختلاف المطالع وفق خط (ديورانت)([2]) هذه المرة وليس وفق(سايكس بيكو) وبعد سنوات كنت أصلي العشاء في أحد المساجد في باكستان في يوم العيد وقد رأى الناس على التلفاز جموع الحجيج تقف على عرفات، ونقلوا الصلاة من عرفات والدعاء ورأوا صلاة العيد وخطبته بالبث التلفزيوني من المسجد الحرام، مساء ذلك اليوم قام إمام المسجد الذي أصلي فيه وقال منبهاً المصلين : أن غداً يوم عرفة ويسن صيامه، فهالني ما سمعت وقلت له : لقد وقف الناس في عرفة ونزلوا إلى منى ورجموا ونحروا وأفاضوا وتحللوا وأنت تقول غداً عرفة ؟ فأجاب نحن لنا عرفات غير عرفاتكم، فتَحَلّمتُ وقلت له : يا شيخ في الدنيا عرفات واحدة وهو جبل يقف عليه الناس في التاسع من ذي الحجة وهو قبل يوم النحر الذي هو يوم العيد وقال رسول الله e ]الحج عرفات الحج عرفات الحج عرفات[ ([3]) قال: قلت لك نحن عندنا عرفات غير عرفاتكم، قلت : أرشدني إليه، قال: لا تجادل، فانقطعت وبت ليلتي حزيناً لما آل إليه أمر المسلمين وفي اليوم الثالث للعيد زرت شيخاً من جماعة أهل الحديث لأبثه همومي، وأبارك له العيد، فلما أن وصلنا إلى بيته رأيته مشغولاً  بالنحر فانتظرت وجاء الشيخ، وبعد السلام والتهاني قلت: أراكم أخرتم النحر إلى اليوم الثالث، قال : بل عندنا اليوم الأول، قلت : يا شيخ الناس وقفوا على عرفة من ثلاثة أيام قال : نحن أمس كان عرفاتنا، قلت: يرحمك الله وكيف ذاك ؟ قال : حسب رؤية إخواننا للهلال في {كويتا}([4]) يكون اليوم  عيداً، قلت :والحجيج وعرفات والنحر في "منى" قال لكل بلاد مطلعهم، قلت: حتى أنت تصوم وتحج وفق خط ديورانت، وسلّمت وانصرفت عائداً إلى البيت ولم أكد أصل حتى رن الهاتف لأجد على الطرف الآخر  أخ يهنئني بالعيد من بريطانيا، وعندما سألته عن العيد قال: عندنا ثلاثة أعياد الأول: عيد السعوديين ونحن وقسم آخر من العرب أول أمس، أما أهل مصر وأهل المغرب وبعض المسلمين الآخرين كان عيدهم أمس، والباكستانيون والبنغال والهنود والشيعة وآخرون اليوم، وفي كل يوم صلاة عيد منفصلة في مدينة واحدة، قلت هنا احتجوا باختلاف المطالع، فما الحجة عندكم؟! قال كل قوم مع سفارتهم وكل سفارة مع دولتها،وكل دولة مع سيدها, قلت: ولكن السيد واحد,  قال:  لأنه واحد يريد ثلاثة أعياد قلت: كم بقي للدجال حتى يخرج ؟! قال: قريباً جداً فعزمت على بحث موضوع الأهلة والمطالع ووضعه بين أيدي المسلمين لعل الله ينفع به.
الأيام والشهور  في الدنيا واحدة
لقد أطبقت الدنيا عقلاء وجهال، علماء وعوام، مسلمون وكفار، إنس وجان وحيوان، أنه إذا أشرقت شمس يوم الجمعة مثلاً فهو يوم الجمعة في الدنيا، أي عندما تشرق شمسه على أي بلد فيكون هو يوم الجمعة ولو تأخر شروقه بين هذه البلد وذاك، ولم ينقل عن أحد منذ خلق الله الخليقة أنه في هذا المصر يوم الجمعة وفي نفس الوقت يكون في مصر آخر يوم الخميس وفي مصر ثالث يوم السبت، ويلزم حكم هذا اليوم سائر الدنيا من صلاة جمعة وانتهاء عدة أو بلوغ أجل أو ما شابه ذلك،إلا ما يكون من خلاف التوقيت الناتج عن إحداثيات البلد وخط الطول الذي يقع عليه, والأيام تبع للشهور، فالأيام في الدنيا واحدة وكذلك الأشهر والسنوات، فإذا كان ذلك اليوم (الجمعة) هو الأول من محرم 1420 هـ لا يكون في مكان يوم الخميس 30 ذو الحجة 1419 هـ وفي مكان آخر 29 ذو الحجة 1419 هـ.
وإذا خرج الهلال من الإسرار، أو كما يقولون ولد الهلال وتعدى يوم المحاق في بلد, ويوم المحاق هو يوم اقترانه بالشمس، فلا يرجع ليقترن مرة أخرى بالشمس ويكون محاقاً ويلد ثانية,ثم هكذا ثالثة، فهو لا يتقدم ويرجع قال الله تعالى: )لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(([5])
وقال تعالى :)وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا(([6]).
 فلا يلد الهلال ليظهر في بلد ثم يرجع إلى المحاق ثم يلد مرة أخرى ويعود للمحاق للمرة الثالثة والرابعة، لأن هذا من العبث واللهو والله منزه عن ذلك سبحانه.
فيلد الهلال ولادة واحدة ويراه أناس ولا يراه آخرون والذي رآه عنده زيادة علم على من لم يره وهو حجة على من لم يره ، وليس الذي لم ير حجة على الذي رأى، فجهلك بالشيء لا يعني أنه غير موجود، وإلا انقلبت الموازين وأصبح الجهل علماً وغدا العلم جهلاً، فالعقلاء أجمعون متفقون على أنه من عنده علم حجة على من يجهل، والله عز وجل وضع لنا ضابطاً لذلك فجعل الليل والنهار ضابطاً للأيام وجعل الأهلة ضابطاً للشهور ولم يأمرنا باتباع الأشهر الشمسية أو اليهودية أو المسيحية أو أشهر الصابئة، قال تعالى )يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(([7]) قال رسول الله e ]إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ[([8])
شهود الشهر
قال تعالى: )شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ  عَلَى  مَا  هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(([9])
فما هو معنى شهد وماذا يقصد بها؟
قال في اللسان : الشاهد العالم الذي يبين ما علمه، والشهادة خبر قاطع تقول منه شهد الرجل على كذا، وقال أبو بكر بن الأنباري في قول المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله : أعلم أن لا إله إلا الله ... وأعلم أن محمداً رسول الله، وشهد الله علم الله، والمشاهدة المعاينة، وقوم شهود أي حضور، وقال في تاج العروس: وشهده كسمعه، وأشهدت الرجل على إقرار الغريم، والشاهد هو العالم.
فشهد لها خمسة معان:
1 - أخبر   2 - حضر    3 - رأى    4 - سمع     5- علم
والملاحظ أن الجامع للمعاني الخمسة هو العلم فالإخبار لا ينتج إلا عن علم ويؤدي إلى علم، والحضور يؤدي إلى العلم، والمشاهدة والسماع يؤديان إلى العلم، والعلم هو العلم، فمدار شهد على علم وقد جاءت الآيات والأحاديث تؤيد هذه المعاني.
فلو كان المطلوب من قوله تعالى ) فمن شهد منكم الشهر فليصمه ( القسم الأول أي المخبر لم يجب إلا على الذي أخبر، وهذا من أبطل الباطل إذ أن المخبر لا يتعدى المئات بل العشرات، بل أحياناً الاثنين أو الثلاثة والله عز وجل كتب الصيام على المسلمين وليس على الذين يخبرون برؤية الهلال فقط.
وإذا كان المعنى الثاني أي حضر في إقليمه أو حضر في بلده أثناء البلاغ فهذا باطل مثل الأول فمن الحاضرين من لا يكتب عليه الصيام كالأطفال ومنهم المعذور كالمرضى والنساء الحيض والذي يكون مسافراً ثم يرجع إلى بلده مكتوب عليه الصيام مع أنه لم يكن حاضراً عند بداية الشهر، فتبين من هذا بطلان هذا الوجه أيضاً.
المعنى الثالث الرؤية : يستحيل شرعاً وعقلاً أنه لا يجب الصوم إلا على من رأى الهلال لأن هناك الأعمى وضعيف البصر والسجين وهناك من بلاده بين الجبال وكلهم وجب بحقهم الصيام، فتبين بطلان المعنى الثالث.
المعنى الرابع السمع : وهو أعم  وأحوى  ولكنه ناقص أيضاً إذ أن الأصم لا يسمع ولكن الصوم واجب بحقه، فلم يبق متعيناً إلا المعنى الخامس وهو (العلم)  وهو المناط في القضية وبه تعلق حكم الصيام فمن علم بدخول رمضان عن طريق الخبر أو الرؤية أو السماع وحصل له العلم بذلك وجب عليه الصوم  وهذا واضح.
قال الإمام ابن تيمية (فالصواب في هذا والله أعلم ما دل عليه قوله صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون، فإذا شهد شاهد ليلة الثلاثين من شعبان أنه رآه بمكان من الأمكنة قريب أو بعيد وجب الصوم)([10]).
وقال: (فالضابط أن مدار هذا الأمر هو على البلوغ لقوله صوموا لرؤيته فمن بلغه أنه رؤيَ ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلاً)([11]).
ثم قال: (فتلخص أنه من بلغه رؤية الهلال في الوقت الذي يؤدي بتلك الرؤية الصوم أو الفطر أو النسك وجب اعتبار ذلك بلا شك، والنصوص وآثار السلف تدل على ذلك)([12]).
الأحاديث الواردة في الموضوع :
1 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ yيَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ e أَوْ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ e ]صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ[([13])
 2 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ y أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ t قَالَ:  ]الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ[([14])
3  -  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ y قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e ] إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا[([15])
4 -  عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَالَ أَلا  إِنِّي  جَالَسْتُ  أَصْحَابَ  رَسُولِ اللَّهِ  e  وَسَاءلْتُهُمْ  وَإِنَّهُمْ  حَدَّثُونِي  أَنَّ  رَسُولَ   اللَّهِ  e  قال :]صُومُوا  لِرُؤْيَتِهِ  وَأَفْطِرُوا  لِرُؤْيَتِهِ وَانْسُكُوا لَهَا فَإِنْ غُمَّ  عَلَيْكُمْ  فَأَكْمِلُوا  ثَلاثِينَ  فَإِنْ  شَهِدَ  شَاهِدَانِ  فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا)([16])
 5 - عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e  ]إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ هَذِهِ الأهِلَّةَ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا الْعِدَّةَ[([17])
فالأحاديث متواترة على خطاب المسلمين بأن يصوموا لرؤيته ويفطروا لرؤيته فقوله e(صوموا) هل هو خطاب لأصحابه فقط أم خطاب أن على كل مسلم أن يراه حتى يصوم أم هو خطاب للأمة الإسلامية كلها، ولا يحتمل اللفظ إلا هذه الحالات الثلاث.
أما إذا أراد أصحاب اختلاف المطالع معنى رابع فلا بد من إضافة غير موجودة وهي(ليصم كل إقليم على حدة إذا رأى الهلال ولا يصوموا لصوم الإقيلم الآخر) وهذا لم يقله الرسول e ولم يقله أصحابه y ولم تكن بعهد رسول الله e هذه الدويلات وهذه الحدود التي اخترعها لنا الكفار وعمقها حكامنا وعضوا عليها بالنواجذ وتواصو في تطبيقها وتنفيذ أمر الكفار لهم أكثر ملايين المرات من تواصيهم بتطبيق أمر الله أو التواصي بالحق والتواصي بالصبر أو التواصي بالمرحمة
وعند دراسة الاحتمالات الثلاثة نرى.
الأول :  أي أن الخطاب لأصحابه منتف بالقرآن والسنة والإجماع، لأن الله فرض الصيام على كل المسلمين البالغين وفي كل الدنيا ولم يخص بأصحاب رسول الله e فقط.
والاحتمال الثاني: أن كل فرد عليه الرؤية أيضاً باطل بالعقل والنقل أما بالنقل فلحديث رسول الله e   ]صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَنْ تَشَكُّوا لَهَا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا ثَلاثِينَ وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مُسْلِمَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا[ ([18])
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t قَالَ جَاءَ أَعرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ e فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلالَ قَالَ: ]أَتَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا[ ([19])
فسنة النبي e بينت لنا ما هو معنى (صوموا لرؤيته) أي أنه ليس المراد بالخطاب كل فرد على حدة بل الأمة بمجموعها إذ اكتفى المعصوم e برؤية أعرابي مسلم وأمر الأمة بالصوم.
فلم يبق إلا  الوجه الثالث، أي أن الخطاب يشمل الأمة كاملة، فإذا رأى الهلال أحد من أمة محمد e وأخبرها به لزم السامع والمُبَلَغ الصوم بل قال البخاري في كتاب الشهادات(وأجاز شهادة المحدود والعبد والأمة لرؤية هلال رمضان) وحكم بداية شهر رمضان متعلق برؤية الهلال، فإذا رأى الهلال شاهد وجب الصوم، والقائل بخلاف ذلك متعسف بغير دليل مفتأت على الشرع.
أقوال العلماء في اختلاف المطالع:
1-الأحناف
قال الجصاص : وقوله تعالى  فمن شهد منكم  الشهر فليصمه  يدل على  النهي  عن صيام يوم الشك من رمضان لأن  الشاك  غير شاهد  للشهر إذ هو غير عالم به. ففسر شهود الشهر بالعلم به([20])
¨                   قال : المرغناني في الهداية وإذا كان بالسماء علة قبل الإمام شهادة الواحد العدل في رؤية الهلال رجلاً كان أو امرأة حراً كان أو عبداً.. ولا فرق بين أهل المصر ومن ورد من خارج المصر([21])
¨     قال ابن عابدين : واختلاف المطالع غير معتبر على ظاهر المذهب وعليه أكثر المشايخ وعليه الفتوى فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب إذا ثبت رؤية أولئك بطريق موجب([22]).
¨     وقال في الفتاوى العالمكيرية: (ولا عبرة لاختلاف المطالع في ظاهر الرواية كذا في فتاوى قاضي خان وعليه فتوى الفقيه أبي الليث وبه كان يفتي شمس الأئمة الحلواني، قال لو رأى أهل المغرب هلال رمضان يجب الصوم على أهل المشرق كذا في الخلاصة)([23]).
¨    وقال ابن عابدين في رسالته تنبيه الغافل والوسنان على أحكام هلال رمضان: (المعتمد الراجح عندنا أنه لا اعتبار به - أي اختلاف المطالع - وهو ظاهر الرواية وعليه المتون كالكنز وغيره وهو الصحيح عند الحنابلة كما في الإنصاف وكذا هو مذهب المالكية ففي المختصر وشرحه للشيخ عبد الباقي وعم الخطاب بالصوم سائر البلاد إن نقل ثبوته عن أي بلد بهما أي بالعدلين أو عن رواية مستفيضة، قال العلامة المحقق الشيخ كمال الدين بن الهمام في فتح القدير : وإذا ثبت في مصر لزم سائر الناس فيلزم المشرق برؤية أهل المغرب.. ووجه الأول عموم الخطاب في قوله e (صوموا) معلقاً بمطلق الرؤية في قوله (لرؤيته) وبرؤية قوم يصرف اسم الرؤية فيثبت ما تعلق من عموم الحكم فيعم الوجوب([24]).
2 - المالكية :
¨     فأما مالك فإن ابن القاسم روى عنه أنه إذا ثبت عند أهل بلد أن أهل بلد رأوا الهلال أن عليهم قضاء ذلك اليوم الذي أفطروه وصامه غيرهم، وبه قال الشافعي وأحمد([25]).
¨    قال الشنقيطي في مواهب الجليل من أدلة الخليل " وقوله رحمه الله وعم إن نقل بهما عنهما " قال الدردير وعم الصوم سائر البلاد قريباً أو بعيداً ولا يراعى في ذلك مسافة قصر ولا اتفاق المطالع ولا عدمها فيجب الصوم على كل منقول إليه إن نقل ثبوته بهما أي بالعدلين أو المستفيضة عنهما([26]).
¨                    وقال ابن العربي في أحكام القرآن  " المسألة السادسة : لا خلاف أنه يصومه من رآه فأما من أُخبر به فيلزمه الصوم([27]).
¨                   روى القاضي أبو إسحاق عن ابن الماجشون إن كان ثبت بالبصرة بأمر شائع ذائع يستغني عن الشهرة والتعديل فإنه يلزم غيرهم من أهل البلاد([28]).
¨                   وقال في أوجز المسالك: قال ابن المنذر: قال أكثر الفقهاء إذا ثبت بخبر الناس أن أهل بلد من البلدان قد رأوه قبلهم فعليهم قضاء ما أفطروه وهو قول أصحاب الرأي ومالك وإليه ذهب الشافعي وأحمد، قال القرطبي: وقد قال شيوخنا إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضع ثم نقل إلى غيرهم بشاهدين اثنين لزمهم الصوم.... فعلم بذلك أن الأئمة الثلاثة متفقة في المعتمد عنهم في عدم العبرة لاختلاف المطالع([29])
3 - الحنابلة:
¨                   قال  ابن قدامة المقدسي في المغني: وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم وهذا قول الليث وبعض أصحاب الشافعي.
ثم يدلل  على  ذلك  فيقول،  ولنا - رأي الحنابلة  - قول الله تعالى )فمن شهد منكم الشهر فليصمه( وأجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان بشهادة الثقات فوجب صومه على جميع المسلمين ولأن شهر رمضان ما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في سائر الأحكام من حلول الدين ووقوع الطلاق والعتاق ووجوب النذر وغير ذلك من الأحكام، فيجب صيامه بالنص والإجماع ولأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال فيجب الصوم كما لو تقاربت البلدان،فأما حديث كريب فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده([30])
¨                    وقال في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للإمام علاء الدين المرداوي: وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم لا خلاف في لزوم الصوم على من رآه وأما من لم يره فإن كانت المطالع متفقة لزم الصوم أيضاً وإن اختلفت المطالع فالصحيح من المذهب لزوم الصوم أيضاً. قاله في الفروع والفائق والرعاية، وقال في الفائق : والرؤية ببلد تلزم المكلفين كافة([31])
¨                    وقال في حاشية الروض المربع شرح زاد المستنقع: متى ثبتت رؤيته ببلد لزم الناس كلهم الصوم لقوله e ]صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته[ وهو خطاب للأمة كافة، وقال الوزير : اتفقوا على أنه إذا رؤي بالليل رؤية فاشية فإنه يجب الصوم على أهل الدنيا([32])
¨                    وقال في المبدع شرح المقنع : وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم للعموم، قال أحمد الزوال في الدنيا واحد([33])
¨                   وقال ابن قدامة في المقنع: وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم ويقبل في هلال رمضان قول عدل واحد([34])
¨                   وقال شمس الدين المقدسي في الفروع: وإن ثبتت رؤيته بمكان قريب أو بعيد لزم جميع البلاد الصوم وحكم من لم يره كمن رآه ولو اختلفت المطالع، نص عليه وذكره جماعة للعموم واحتج القاضي والأصحاب وصاحب المغني والمحرر بثبوت جميع الأحكام فكذا الصوم.([35])
فقهاء آخرون
¨                   1 - قال ابن المنذر: قال أكثر الفقهاء إذا ثبت بخبر الناس أن أهل بلد من البلدان قد رأوه قبلهم فعليهم قضاء ما أفطروه وهو قول أصحاب الرأي ومالك وإليه ذهب الشافعي وأحمد([36])
¨                   2 - وقال بهاء الدين بن شداد: وقال أكثر الفقهاء إذا ثبت أن أهل بلد من البلدان قد رأوه قبلهم أو بعدهم فعليهم قضاء ما أفطروه وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي([37])
¨         3 - ابن تيمية : قال " ومن قال بالتعدد - أي تعدد المطالع - فإنه يلزمه في المناسك ما يعلم به خلاف دين الإسلام([38]). وقال " لا يراه غالبهم لأنه لو رآه اثنان علق الشارع الحكم بهما بالإجماع([39])
ثم قال : لأن التكليف يتبع العلم([40])
وقال : فتلخص أنه من بلغه رؤية الهلال في الوقت الذي يؤدي بتلك الرؤية الصوم أو الفطر أو النسك وجب اعتبار ذلك بلا شك والنصوص وآثار السلف تدل على ذلك، ومن حدد ذلك بمسافة قصر أو إقليم فقوله مخالف للعقل والشرع([41])
¨                     4 - الشوكاني: قال " والأمر الكائن من رسول الله e هو ما أخرجه الشيخان لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، وهذا لا يخص بأهل ناحية على جهة الانفراد بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين، فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد قد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم([42])
وقال : قد قدمنا وجوب العمل بخبر الواحد وأن ذلك يلزم جميع المسلمين إذا كان عدلاً مقبول الشهادة فهذا الذي انفرد بالرؤية قد حصل له العلم اليقين المستند إلى حاسة البصر ([43])
¨                   5 - صديق حسن خان: قال في الروضة الندية " إذا رآه أهل بلد لزم سائر البلاد الموافقة، وجهة الأحاديث المصرحة بالصيام لرؤيته والإفطار لرؤيته وهي خطاب لجميع الأمة فمن رآه منهم في أي مكان كان ذلك رؤية لجميعهم([44])
¨                   6 - وقال في الدرر السنية " أن الهلال إذا رآه أهل بادية ولو رجلاً واحداً أو أهل بلدة ولم يره أهل البلدة الأخرى لزم الجميع الصيام ومن أفطر لزمه القضاء وأما قول القائل لأهل كل بلد رؤيتهم فهذا كلام غير صحيح ولا عليه عمل ولا رأيناه في كتب الحديث، أفلا يتق الله هذا المعارض لقول رسول الله e([45])
¨                   7 - الشيخ مصطفى السيوطي : قال " ويقبل في هلال رمضان خبر مكلف عدل ولو عبداً أو أنثى أو بدون لفظ الشهادة أو كان مع من رآه جماعة ولم يروه أو رآه وحده ولا يختص لثبوته بحاكم فيلزم الصوم من سمع رؤيته من عدل ولو رده الحاكم ([46])
¨                   8 - الشيخ عبد الرحمن السعدي : سئل هل يعمل بالبرقية وغيرها في الصوم والفطر، فأجاب : لا ريب أن كل أمر مهم عمومي يراد إعلانه وإشاعته والإخبار به على وجه السرعة والتعميم يسلك فيه طريق يحصل به هذا المقصود، ولم يزل الناس على هذا يعبرون ويخبرون عن مثل هذه الأمور بأسرع وسيلة يتعمم ويشيع فيها الخبر على هذا المعنى مجتمعون وبالعمل في الأمور الدينية والدنيوية متفقون، وكلما تجدد لهم وسيلة أسرع وأنجح مما قبلها أسرعوا إليها وقد أقرهم الشارع على هذا الجنس والنوع ووردت أدلة وأصول الشريعة تدل عليه، فكل ما دل عليه الحق والصدق والخبر الصحيح مما فيه نفع للناس في أمور دينهم فإن الشارع يقره ويقبله ويأمر به أحياناً ويجيزه أحياناً بحسب ما يؤدي إليه من المصلحة، فالشارع لا يرد خبراً صحيحاً بأي طريق وصل ولا ينفي حقاً وصدقاً بأي وسيلة ودلالة اتصل، وخصوصا إذا استفاض ذلك واحتفت القرائن المتنوعة فاستمسك بهذا الأصل الكبير فإنه نافع في مسائل كثيرة ويمكنك إذا فهمته أن تطبق عليه كثيراً من الأفراد والجزئيات الواقعة والتي لا تزال تقع ولا يقصر فهمك عنه فيفوتك خير كثير وربما ظننت كثيراً من الأشياء بدعاً محرمة، إذا كانت حادثة ولم تجد لها تصريحاً في كلام الشارع فتخالف بذلك الشرع والعقل وما فطر عليه الناس ([47])
¨                   9 - عبد العزيز المحمد السلمان : إذا ثبت رؤية هلال رمضان ببلد لزم الناس كلهم الصوم وحكم من لم يره حكم من رآه لقوله e  ] صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته [ وهو خطاب للأمة كافة لأن الشهر في الحقيقة لما بين الهلالين وقد ثبت أن هذا اليوم منه في جميع الأحكام فكذا الصوم ([48])
5 - الشافعية
¨                   قال الماوردي الشافعي : فإذا ثبت أن العلم بدخول شهر رمضان يحصل بأحد وجهين لا ثالث لهما إما رؤية الهلال أو استكمال شعبان ثلاثين يوماً فلا فرق بين أن يرى الهلال ظاهراً أو خفياً ويلزم الصيام برؤيته على أي حال كان فلو رآه جماعة من بلد ولم يره باقيهم لزم جميعهم الصيام، ولو رآه أهل بلد ولم يره أهل بلد آخر فقد اختلف أصحابنا في أهل ذلك البلد الذين لم يروه على ثلاثة أوجه أحدهما : عليهم أن يصوموا إذ ليس رؤية الجميع شرطاً في وجوب الصيام وفرض الله تعالى على جميعهم واحداً([49])
¨                   قال النووي في روضة الطالبين: إذا رُئي هلال رمضان في بلد ولم يُرَ في الآخر فإن تقارب البلدان فحكمهما حكم البلد الواحد، وإن تباعدا فوجهان([50])
¨                   وقال الحافظ في الفتح: قوله " فلا تصوموا حتى تروه " ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية في حق كل أحد بل المراد بذلك رؤية بعضهم وهو من يثبت به ذلك إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي آخرين، ووافق الحنفية على الأول أنهم خصوا ذلك بما إذا كان في السماء علة من غيم وغيره وإلا متى كان صحو لم يقبل إلا من جمع كثير يقع العلم بخبرهم وقد تمسك بتعليق الصوم بالرؤية من ذهب إلى إلزام البلد برؤية أهل بلد غيرها ... وقال بعض الشافعية إذا تقاربت البلاد كان الحكم واحداً وإن تباعدت فوجهان، لا يجب عند الأكثر واختار أبو الطيب وطائفة الوجوب وحكاه البغوي عن الشافعي([51])
6 - مؤتمرات فقهية معاصرة:
1 - قرر المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية الذي عقد في القاهرة 1391 هـ عدة بنود منها.
يرى المؤتمر أنه لا عبرة باختلاف المطالع وإن تباعدت الأقاليم متى كانت مشتركة في جزء من ليلة الرؤية وإن قل([52])
2- في مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الأول المعقود في جدة 1406 هـ والذي أكمل أبحاثه في الدورة الثانية التي انعقدت في عمان 1407 هـ وبعد استماع المؤتمر إلى الدراسات المقدمة من الأعضاء والخبراء حول المسألة قرر :
أ - إذا أثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة باختلاف المطالع لعموم خطاب الأمر بالصوم والإفطار([53])

قرار مجلس البحوث

بحث هذا الموضوع المجامع الثلاثة, مجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره الثالث سنة 1376هـ     (1966م) وقرر ما يلي:
1-            (أ) أن الرؤية هي الأصل في معرفة دخول أي شهر قمري كما يدل عليه الحديث الشريف.
فالرؤية هي الأساس, لكن لا يعتمد عليها إذا تمكنت فيها التهم تمكناً قوياً.
 (ب) يكون ثبوت رؤية الهلال بالتواتر, والاستفاضة,كما يكون بخبر الواحد ذكراً كان أو أنثى, إذا لم تتمكن التهمة في أخباره لسبب من الأسباب, ومن هذه الأسباب مخالفة الحساب الفلكي الموثوق به الصادر ممن يوثق به.
(ج) خبر الواحد له ولمن يثق به, أما إلزام الكافة فلا يكون إلا بعد ثبوت الرؤية عند من خصصته الدولة الإسلامية للنظر في ذلك.
(د) يعتمد على الحساب في إثبات دخول الشهر إذا لم تتحقق الرؤية, ولم يتيسر الوصول إلى إتمام الشهر السابق ثلاثين يوماً.
2-            يرى المؤتمر أنه لا عبرة لاختلاف المطالع وإن تباعدت الأقاليم متى كانت مشتركة في جزء من ليلة الرؤية وإن قل, ويكون اختلاف المطالع معتبراً بين الأقاليم التي لا تشترك في جزء من هذه الليلة.
3-             يهيب المؤتمر بالشعوب والحكومات والإسلامية أن يكون في كل إقليم إسلامي هيئة إسلامية يناط بها إثبات الشهور القمرية, مع مراعاة اتصال بعضها ببعض, والاتصال بالمراصد والفلكيين الموثوق بهم.

·      قرار الرابطة

ثم بحثه مجمع الرابطة سنة 1401هـ, وأصدر القرار التالي:
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في دورته الرابعة المنعقدة بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي, بمكة المكرمة _في الفترة ما بين السابع والسابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة 1402هـ _ على صورة خطاب جمعية الدعوة الإسلامية في سنغافورة المؤرخ في 16 شوال 1399هـ, الموافق 8 أغسطس 1979م, الموجه لسعادة القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية هناك, والذي يتضمن أنه حصل خلاف بين هذه الجمعية وبين المجلس الإسلامي في سنغافورة في بداية شهر رمضان ونهايته سنة 1399هـ الموافق 1977م حيث رأت اللجنة ابتداء شهر رمضان وانتهاءه على أساس الرؤية الشرعية، وفقاً لعموم الأدلة الشرعية، بينما رأى المجلس الإسلامي في سنغافورة ابتداء ونهاية رمضان المذكور بالحساب الفلكي, معللاً ذلك بقوله: (بالنسبة لدول منطقة آسيا حيث كانت سماؤها محجبة بالغمام _ وعلى وجه الخصوص سنغافورة _ فأماكن رؤية الهلال أكثرها محجوبة عن الرؤية, وهذا يعتبر من المعذورات التي لا بد منها, لذا يجب التقدير عن طريق الحساب).
وبعد أن أقام أعضاء مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بدراسة وافية لهذا الموضوع على ضوء النصوص الشرعية, قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي تأييده لجمعية الدعوة الإسلامية فيما ذهبت إليه لوضوح الأدلة الشرعية في ذلك.
كما يقرر أنه بالنسبة لهذا الوضع الذي يوجد في أماكن مثل سنغافورة وبعض مناطق آسيا وغيرها حيث تكون سماؤها محجوبة بما يمنع الرؤية, فإن المسلمين _ في تلك المناطق وما شابهها_ عليهم أن يأخذوا بمن يثقون به من البلاد الإسلامية التي تعتمد على الرؤية البصرية للهلال دون الحساب بأي شكل من الأشكال عملاً بقوله r: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته, فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" وقوله r: "لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة" وما جاء في معناها من الأحاديث.

قرار مجمع المنظمة

وفي سنة 1406هـ بحث الموضوع نفسه مجمع المنظمة وقرر ما يأتي:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (11)
بشأن توحيد بدايات الشهور القمرية
 أما بعد:
فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ/ 22-28 ديسمبر 1985م.
بعد أن استعرض البحوث المقدمة إليه من الأعضاء والخبراء حول توحيد بدايات الشهور القمرية.
وبعد أن ناقش الحاضرون العروض المقدمة في الموضوع مناقشة مستفيضة، واستمعوا لعديد من الآراء حول اعتماد الحساب في إثبات دخول الشهور القمرية.
قرر:
1-            تكليف الأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي بتوفير الدراسات العلمية الموثوقة من خبراء أمناء في الحساب الفلكي والأرصاد الجوية.
2-            تسجيل موضوع توحيد بدايات الشهور القمرية في جدول أعمال الجلسة القادمة، لاستيفاء البحث من الناحيتين الفنية والفقهية الشرعية.
3-            تكليف الأمانة العامة باستقدام عدد كاف من الخبراء المذكورين وذلك لمشاركة الفقهاء في تصوير جوانب الموضوع كلها تصويراً واضحاً يمكن اعتماده لبيان الحكم الشرعي.
          والله الموفق.
قرار آخر لمجمع المنظمة
هذا و القرار الذي يدل على قيمة وأهمية القرارات الجماعية – وعلى الأخص قرارات المجامع الثلاثة – فعلى الرغم من أن مجمع المنظمة سبق المجمعين الآخرين بيان الحكم الشرعي , وعلى الرغم من الأبحاث الكثيرة التي قدمت وحضور عدد كبير من الأعضاء والخبراء , وعلى الرغم من ذلك كله رأى المجمع عدم إصدار حكم شرعي إلا بعد مزيد من الدراسة , وبعد أن تم له ما أراد أصدر القرار التالي في دورته الثالثة:
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين ,وعلى آله وصحبه .
قرار رقم (6)
بشأن
توحيد بدايات الشهور القمرية
إن مجلس الفقه الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8- 13 صفر 1400 هـ / 11- 16 أكتوبر 1986 م .
بعد استعراضه – في قضية توحيد بدايات الشهور القمرية مسألتين:
الأولى : مدى تأثير اختلاف المطالع على توحيد بدايات الشهور.
الثانية : حكم إثبات أوائل الشهور القمرية بالحساب الفلكي.
وبعد استماعه إلى الدراسات المقدمة من الأعضاء والخبراء حول هذه المسألة. قرر:
1-                في المسألة الأولى:
إذا ثبت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها, ولا عبرة لاختلاف المطالع لعموم الخطاب الآمر بالصوم والإفطار.
2-                في المسألة الثانية:
وجوب الاعتماد على الرؤية, ويستعان بالحساب الفلكي والمرصد مراعاة للأحاديث النبوية والحقائق العلمية.
والله أعلم 
أما المخالفين فهم على قسمين:
قسم هم بعض الشافعية متمسكين بحديث كريب التالي:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الآخَرُونَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ عَنْ كُرَيْبٍ ] أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الْهِلالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ y ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلالَ فَقَالَ مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَقُلْتُ رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ فَقُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ أَوْ نَرَاهُ فَقُلْتُ أَوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ فَقَالَ لا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ e وَشَكَّ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي نَكْتَفِي أَوْ تَكْتَفِي[ ([54])
وقسم يتبع الأوضاع السياسية في بلاده، وساسة بلاده همهم الأول تفريق المسلمين ومحاربة الإسلام شأن الساسة اليوم، وهؤلاء على خطر عظيم إذ أنهم يتبعون غير سبيل المؤمنين ويتبعون الحكام بأهوائهم وضلالهم، وكما أسلفت فإن حال هؤلاء من الخطورة بمكان ويخشى على دينهم.
أما القسم الأول المتمسك بحديث كريب فسنبين له ضعف مأخذه ومخالفته لما عليه علماء الأمة، وتناقضه في ذاته.
أ - التناقض : قال النووي في روضة الطالبين: إذا رُئي هلال رمضان في بلد ولم يُرَ في الآخر فإن تقارب البلدان فحكمهما حكم البلد الواحد، وإن تباعدا فوجهان أصحهما لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر وفي ضبط البعد ثلاثة أوجه أحدهما وبه قطع العراقيون والصيدلاني وغيرهم: إن التباعد أن تختلف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان والتقارب أن لا تختلف كبغداد والكوفة والري وقزوين، والثاني اعتباره باتحاد الإقليم واختلافه، والثالث التباعد مسافة القصر وبهذا قطع إمام الحرمين والغزالي وصاحب التهذيب وادعى الإمام الاتفاق عليه ([55])
وقال في شرح المهذب: والثالث أن التباعد مسافة القصر، والتقارب دونهما، وبهذا قال الفوراني وإمام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون من الخراسانيين، وادعى  إمام الحرمين الاتفاق عليه، لأن اعتبار المطالع يحوج إلى حساب تحكيم المنجمين وقواعد الشرع تأبى ذلك فوجب اعتبار مسافة القصر ([56])
وقال ابن حجر العسقلاني: وفي ضبط البعد أوجه ثانيها مسافة القصر، قطع به الإمام والبغوي وصححه الرافعي في الصغير والنووي في شرح مسلم، وثالثها اختلاف الأقاليم ([57])
فاعتبار الاختلاف في المطالع عندهم مناط بأحد سببين:
السبب الأول الإقليم: وهو قول ظاهر التهافت لأن الأقاليم غير ثابتة والكوفة مثلاً في عهد الأمويين غيرها في عهد العباسيين، وخراسان في عهد المأمون غيرها الآن، وسجستان في الدولة العباسية غيرها في الأموية وغيرها الآن، والعراق في الدولة العباسية غيره الآن والشام في الدولة الأموية غيرها الآن، فالشام مثلاً أصبحت سوريا والأردن وفلسطين ولبنان وجزءاً من العراق وجزءاً من تركيا، فما كان يعتبر فيه مطلعاً أصبح الآن يعتبر فيه ستة مطالع. وبتغير الظروف السياسية تتغير الأقاليم وتبرز دول لم تكن موجودة وتمحى دول عن الخارطة وتحدد الأقاليم بحدود جديدة.
ومعاذ الله أن تناط الأحكام الشرعية بالأهواء السياسية والأمور غير الثابتة، ولو فكروا وأناطوا بخطوط الطول لكان قولاً قابلاً للنقاش مع أنه ساقط ولكن إناطته بالأقاليم يجافي العقل والشرع والمنطق، وأما إناطة اختلاف المطالع بالقصر فهو أكثر تهافتاً وسقوطاً من القول الأول، فالإقليم الذي أناطوا به الحكم سابقاً يمكن أن يصل إلى ستين مرحلة قصر، ففي القديم مثلاً كان إقليم خراسان يمتد على مـا يسمى الآن (إيران، والجزء الشمالي من أفغانستان، والجزء الشمالي من باكستـان إلى كشمير) أي ما يقارب 3500 كم فلو كانت مسافة القصر على من يقول أنها أربعة برد أي بحدود 70 كم فيكون لدينا خمسين مسافة قصر أي خمسين مطلعاً للهلال، وإذا أخذنا جزيرة العرب الآن فهي كذلك أيضاً، سيما أن مسافة القصر أصلاً ليست ضابطاً متفق عليه بل فيها خلاف كثير ولا نص يضبطها، فمن قائل أنها أربعة فراسخ إلى قائل أنها أربعة برد، إلى قائل أن الضابط مغادرة البنيان إلى غير ذلك، ويعجب الإنسان كيف يصدر مثل هذا القول عن فقهاء أو أئمة، ولم ينط الشارع حكم الصوم بمسافة القصر، وإنما هذا تعسف وافتئات على الله عز وجل ورسوله e، بل أناط ذلك بالرؤيا، ولم يقل كل أهل مسافة قصر لهم رؤيتهم ولم يقل كل إقليم سياسي أو إداري له رؤيته، فالشارع لا يتبع الأهواء بل قال تعالى لنبيه الكريم:
) وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ( ([58])        
) وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا  فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ  أَنْ يُصِيبَهُمْ  بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ  وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ( ([59])
) وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُمْ بَعْدَمَا جَاءكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ ( ([60])
 )وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا( ([61])
ضعف المأخذ
1 - إن الحديث الذي استدل به أصحاب اختلاف المطالع لا دليل لهم به، لأنه نفس الحديث الذي يستدل به الآخرون وهو الصوم لرؤية الهلال والإفطار لرؤيته، ولكنهم نقلوه مختصراً فالذي قاله ابن عباس t في رواية مسلم التي رواها محمد بن جعفر أخبرني ابن أبي حرملة أخبرني كريب إلى آخر الحديث نقلها  البيهقي  كاملة،  قال في السنن الكبرى: أخبرنا علي بن أحمد  بن عبدان  أنبأ  أحمد بن  عبيد  بن شريك ثنا ابن أبي مريم أنبأ محمد بن جعفر أخبرني محمد بن أبي حرملة أخبرني كريب أنه سمع ابن عباس يقول ] أمرنا رسول الله e أن نصوم لرؤية الهلال ونفطر لرؤيته فإن غم علينا أن نكمل ثلاثين [ ([62])
فكلام ابن عباس واضح أنه يقول أمرنا بالصوم للرؤية والإفطار للرؤية أو إكمال العدد ولم يقل باختلاف المطالع ولم يقل للحجاز مطلع وللشام مطلع ولخراسان مطلع وهكذا، والقائل بهذا حمّل النص ما لا يطيق، والجزم بأن ابن عباس قد قال  أن لكل بلاد مطلعها قول على ابن عباس بغير علم، وابن عباس t لم يأت بحديث مرفوع إلى الرسول e يؤيد اختلاف المطالع أو يبيح عدم الأخذ برؤية معاوية ومن معه فالذي رفعه إلى الرسول e  هو حديث الرؤية العام، ولكنه لم يأخذ بفعل معاوية، فهل ذلك كما توهم البعض من أن ابن عباس y يقصد اختلاف المطالع، أم لسبب آخر، لا أحد يستطيع أن يحدد، فمنهم من قال أن ابن عباس y لم يقبل بشهادة كريب، ومنهم من قال أن شهادة كريب وحدها لا تكفي بل لا بد من شاهدين،ومنهم من قال لقد وصل الخبر إلى ابن عباس في وقت لا فائدة منه ومن المقرر في القواعد الأصولية عند جميع الفقهاء أنه (إذا قام الاحتمال بطل الاستدلال) وأن أصحاب الهوى يردون الآيات والأحاديث بحجة الاحتمالات وعدم قطعية الدلالة وإذا صادفهم قول لصحابي أو تابعي أو دون ذلك وكان موافقاً لأهوائهم ولو عارض السنة وتحمل الاحتمالات يتمسكون به ويعضون عليه بالنواجذ وهذا المسلك هو مسلك أهل البدع الذي نهينا عن أن نجالسهم أو نستمع لقولهم.
وقال الإمام ابن تيمية: "وقد أجاب أصحابنا بأنه إنما لم يفطر لأنه لم يثبت عنده إلا بقول واحد فلا يفطر به" ([63])
وقال: "لو قيل إذا بلغهم الخبر في أثناء الشهر لم يبنوا إلا على رؤيتهم بخلاف ما إذا بلغهم في اليوم الأول لكان له وجه، بل الرؤية القليلة لو لم تبلغ الإنسان إلا في أثناء الشهر ففي وجوب قضاء ذلك اليوم نظر، ولأن التكليف يتبع العلم، ولا علم ولا دليل ظاهر فلا وجوب، وطرد هذا أن الهلال إذا ثبت في أثناء يوم قبل الأكل أو بعده أتموا وأمسكوا ولا قضاء عليهم "([64])
وقال ابن قدامة في المغني: "فأما حديث كريب فإنما دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده" ([65])
 وقال الشوكاني في نيل الأوطار: "واعلم أن الحجة إنما هي في المرفوع من رواية ابن عباس لا في اجتهاده الذي فهم عنه الناس "([66])
وقال في أوجز المسالك: "فالاستدلال به - حديث كريب - على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم، فلا يشك عالم أن الأدلة قاضية بأن أهل الأقطار يعمل بعضهم بخبر بعض وشهادته في جميع الأحكام الشرعية والرؤية من جملتها "([67])
قال صديق حسن قنوجي: "ومن استدل بحديث كريب،  فغير صحيح لأنه لم يصرح ابن عباس بأن النبي e أمرهم بأن لا يعملوا برؤية غيرهم من أهل الأقطار، بل أراد ابن عباس أنه أمرهم بإكمال الثلاثين أو يروه " ([68])
وقال الطحاوي في مشكل الآثار: " وحديث كريب فيه إخباره عن ابن عباس برؤية هلال شهر رمضان في وقت قد فات استعمال الصيام بتلك الرؤية وليس فيه عن ابن عباس أنه لو كان ذلك اتصل به في حال قدرته على استعمال الخبر في الصوم لم يستعمله، ولمّا فاته ذلك رجع إلى انتظار ما يكون في آخر الشهر من الهلال مما يدل على أوله متى كان، فكان جائزاً أن يمضي ثلاثون يوماً على ما قد كان من الرؤية التي حكاها كريب، فنعلم بذلك بطلان ما حكاه له كريب فنصوم ثلاثين يوماً على رؤيته هو، وكان جائزاً أنه يراه بعد مضي تسعة وعشرين يوماً على ما حدث به كريب فيقضي يوماً لاستعماله ما في حديث عكرمة " ([69])
جـ - إن ما ذهبوا إليه من فهم كلام ابن عباس t متعارض مع الأحاديث الصحيحة عن رسول الله e وعمل الخلفاء الراشدين:
1 - عَنْ  رِبْعِيِّ   بْنِ حِرَاشٍ  عَنْ رَجُلٍ  مِنْ  أَصْحَابِ النَّبِيِّ e  قَالَ ] اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَقَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ فَشَهِدَا عِنْدَ النَّبِيِّ e بِاللَّهِ لأهَلا الْهِلالَ أَمْسِ عَشِيَّةً فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ e النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا زَادَ خَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ وَأَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلاهُمْ [ ([70])
- عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمُومَتِي مِنَ الأنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ e قَالُوا ]  أُغْمِيَ عَلَيْنَا هِلالُ شَوَّالٍ فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَشَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ e أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالأمْسِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ e أَنْ يُفْطِرُوا وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى عِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ [ ([71])
وأما فعل الخلفاء الراشدين
فعن أبي قلابة أن رجلين رأيا الهلال وهما في سفر فتعجلا حتى قدما المدينة ضحاً فأخبرا عمر بذلك فقال عمر لأحدهما أصائم أنت قال: نعم قال: لمَ؟ قال لأني كرهت أن يكون الناس صياماَ وأنا مفطر فكرهت الخلاف عليهم وقال للآخر فأنت؟ قال: أصبحت مفطراً قال لمَ ؟ قال لأني رأيت الهلال فكرهت أن أصوم، فقال للذي أفطر لو لا هذا يعني الذي صام لرددت شهادتك ولأوجعنا رأسك ثم أمر الناس فأفطروا.([72])
والرسول e أوجب الصوم مع الناس فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ النَّبِيَّ e ]قَالَ الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَالأضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ[ ([73]) فأمر رسول الله e المسلمين بالصيام للرؤيا فإذا صام الناس فهو بدء الصوم وإذا أفطروا فهو يوم العيد وإذا وقفوا على عرفات فهو عرفات وإذا نزلوا إلى منى وضحوا فهو العيد حتى لو كانوا مخطئين فكيف وقد رأوا الهلال.
قال الإمام ابن تيمية: "إذا أخطأ الناس كلهم فوقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم اعتباراً فالبلوغ هو المعتبر سواء كان علم به للبعد أو للقلة"([74]). وقال في موضع آخر " إذا وقف الناس يوم العاشر خطأ أجزأهم فالصواب أن ذلك هو يوم عرفة باطناً وظاهراً ولا خطأ في ذلك بل يوم عرفة هو اليوم الذي يعرِّف فيه الناس"([75]).
وليلة القدر في الوتر من العشر الأخيرة وعند أصحاب تعدد المطالع والنسيء ستكون بالشفع وهي لا تتعدد فالله عز وجل والرسول e قال ليلة القدر ولم يقل ليالي القدر، وقال يوم عرفة ولم يقل أيام عرفة وقال يوم عاشوراء ولم يقل أيام عاشوراء، فهل من متعظ.
فلقد تبين لنا أن فعل e وخلفائه الراشدون وما عليه العلماء والأئمة الأربعة وأئمة أهل الحديث على أنه لا عبرة في تعدد المطالع، إنما هناك من يرى وهناك من لم ير، والعبرة بمن رأى لأنه عنده زيادة علم، وليس العبرة بمن جهل.
ونسأل الله العزيز أن يوفق الأمة الإسلامية لما فيه الخير ويوحد كلمتها ويلم شعثها ويجمع شملها إنه على كل شيء قدير.
حقيقة علمية متوافقة مع الشرع:
القمر جرم سماوي تابع للأرض تضيء أشعة الشمس نصفه المقابل لها, كتلته تساوي ثُمن كتلة الأرض وقطره حوالي: (3475) كم, ما يعادل 27% من قطر الأرض تقريباً, متوسط بعده عن الأرض حوالي: (384560) كم يدور حول الأرض من الغرب إلى الشرق في مدة : (29يوماً و12ساعة و44دقيقة و2.8ثانية ). ([76])
والذي يهمنا في هذا السياق هو مدة دورانه حول الأرض إذ أن هذه المدة هي التي تشكل الشهر القمري
فالقمر يدور حول الأرض والأرض في انحناء معيّن تدور حول نفسها وهي تمسك القمر معها وتنتقل فيه حول الشمس. فهذه الخلافات في دورة الأرض حول القمر كل 24 ساعة مرة ودورتها الكاملة حول الشمس كل 365 يوم وربع اليوم دورة كاملة ، ودورة القمر حول الأرض كل 29 يوم و12 ساعة و48 دقيقة وثانيتان وعندما يدور حول الأرض دائماً يستغرق نفس الوقت فليس هناك من شهر يزيد عن شهر آخر من الناحية العلمية واليوم في التقريم الإسلامي (القمري يبدأمن مغيب الشمس) أي أن الليل قبل النهار.
والقمر في دورته هذه يمر في مرحلة تسمى المحاق أي لا يظهر فيها انعكاس اشعة الشمس عليه بالنسبة لساكني الأرض وهي في آخر الدورة ويستمر المحاق بحدود(12- 18) ساعة
وعندما يخرج من المحاق ويبدأ دورته الجديدة لا يمكن أن يرى مباشرة بل لا يرى بالعين المجردة إلا بعد (15) ساعة تقريباً والذي يهمنا من هذا أن الشهر القمري علمياً هو (29,5) تسعة وعشرون يوماً ونصف.
وهذا هو الذي جاء به الشرع الحنيف دون تكلف وحسابات ومناظير وأقمار صناعية:
 جاء في صحيح مسلم 1080 عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ثم الشهر تسع وعشرون وطبق شعبة يديه ثلاث مرار وكسر الإبهام في الثالثة قال عقبة وأحسبه قال الشهر ثلاثون وطبق كفيه ثلاث مرار وعن عمرو بن سعيد أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال ثم إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر   هكذا وهكذا  وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة والشهر   هكذا وهكذا  وهكذا يعني تمام ثلاثين وحدثنيه محمد بن حاتم حدثنا بن مهدي عن سفيان عن الأسود بن قيس ثم بهذا الإسناد ولم يذكر للشهر الثاني ثلاثين حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الحسن بن عبيد الله عن سعد بن عبيدة قال سمع بن عمر رضي الله عنهما رجلا يقول ثم الليلة ليلة النصف فقال له ما يدريك أن الليلة النصف سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول الشهر   هكذا وهكذا  وأشار بأصابعه العشر مرتين وهكذا في الثالثة وأشار بأصابعه كلها وحبس أو خنس إبهامه
فالشهر شرعاً إما تسع وعشرون أوثلاثون واستنتج العلماء أن الشهور العربية تكون على التتابع تقريباً مرة تسع وعشرون ومرة ثلاثون . وهذا يعني أن كل شهرين هما (59) يوماً وهو المتطابق مع العلم تماماً ولو لم يتطابق العلم مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الله علية وسلم الصحيح لكان هذا الذي يسمع علماً هو الجهل.فالأصل عندنا هو الحديث الصحيح وليس الاكتشافات العلمية.
ولكن هذا يدل دلالة قطعية أنه لايمكن أن يكون الشهر القمري (31) يوماً أو يزيد عند أصحاب اختلاف المطالع
ليس سبب الخلاف هو اختلاف المطالع كما يزعمون:
قدمت في بداية البحث نبذة من ذلك وكيف أن أصحاب اختلاف المطالع يجعلونها تمر وفق الحدود السياسية تماماً وهم لا يعرفون اختلاف مطالع ولا يرصدون هلالاً لماذا يكون مطلع (أم قصر) في جنوب العراق مع (زاخو) في شمال العراق وبينهما بحدود 2000كم ولا بكون مع الكويت والتي لا تبعد عنها سوى1كم ؟! ولماذا تكون (مدحاء) وهي جزء من سلطنة عمان داخل الإمارات لماذا يكون مطلع الهلال فيها مع عمان ولا يكون مع الإمارات مع أنها داخل الإمارات, ولماذا لاتكون نجران السعودية مع حرض اليمنية مع أن المسافة بينهما بضع كيلومترات وتكون مع الحديثة والقريات وطريف الاتي يبعدن عنها أكثر من 2500كم ؟!ولماذا تكون (حلايب) في مصر وهي متنازع عليه مع السودان وتكون مع الإسكندرية التي تبعد عنها أكثر من 2000كم ولماذا لاتكون (مساعد) في ليبيا مع (السلوم) في مصر وهما متجاورتان وتكون مع  (رأس أجدير) على الحدود التونسية أي تبعد عنهاأكثر من 2000كم ؟!
بل لماذ يكون في مملكة البحرين العظمى التي لا تتسع لخيمة من خيام أجدادنا مطلعين للهلال مطلع للسنه ومطلع للشيعة فهنا اختلاف المطالع ليس وفقاً لسايكس بيكو بل للمذهب يطلع الهلال على هذه الغرفة ساكنها سني ولا يطلع على مجاورتها ساكنها شيعي ؟؟!!. بل لماذا في دول الغرب والأقليات الإسلامية تكون المطالع مرتبطة مع السفارات وفي باكستان مثلاً مطلع الهلال بالنسبة للشيعة هو تبع لإيران وليس لخط ديورانت أوخطوط الطول بل غالب لبشيعة في العالم مطلع الهلال عندهم مرتبط بإيران .
وحصل سنة 1417هـ أن اختلف رئيس وزراء إقليم صوبه سرهد في باكستان ( أفتاب شير باو) و( رئيس حزب ناشونال عوامي (ولي خان) ورئيس رابطة علماء إسلام (فضل الرحمن) هؤلاء الثلاثة من جهة اختلفوا مع (نواز شريف) رئيس الوزراء الفدرالي لباكستان فأرادوا مراغمته بأفطر إقليم صوبة سرهد وإقليم بلوشستان مع السعودية! علما أن صيامهم كان (28) يوماً أرأيتم كيف يلعب السياسيون والمذهبية والأهواء بدين الله ثم يقولون اختلاف المطالع!!!.
وبعض الدول الإسلامية التي تأخذ باختلاف المطالع ، ولا تقبل رؤية الهلال إلا من داخل أراضيها،رغم مخالفتها للمذهب الفقهي السائد (الحنبلي) أو طريقة المحدثين ومثال ذلك السعودية؛  فعلى سبيل المثال صام ملايين المسلمين في السعودية عام 1984م 28 يوما فقط؛ لأنهم لم يقبلوا برؤية المسلمين للهلال ولو أن بوش قال لحكومتهم صوموا لصاموا
وعند تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1420هـ أعلنت اليمن ثبوت رؤية الهلال يوم 07-12-1999م، وعليه كان يوم 08-12-1999م أول أيام شهر رمضان في اليمن. وقد ذكر البيان الرسمي اليمني أسماء ووظائف الأشخاص الذين شهدوا برؤية الهلال، وكان من بينهم أئمة مساجد، إلا أن السعودية أهملت بيان ثبوت رؤية الهلال من جارتها اليمن، وبدأت الصيام يوم 09-12-1999م.
ومثال ذلك أيضا ما حدث في تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1424هـ؛ حيث أعلنت كل من اليمن والأردن وفلسطين ومصر ثبوت رؤية الهلال يوم 25-10-2003م، وعليه بدأت هذه الدول صيامها يوم 26-10-2003م، إلا أن السعودية أهملت جميع هذه البيانات الرسمية، وبدأت صيامها يوم 27-10-2003م.
مثال صيام رمضان 1427هـ
[تحرير] صيام يوم السبت
كمحصلة نهائية فالدول التي أعلنت بدء الصيام يوم السبت هي 19 دولة:
1.             ليبيا (ليبيا لم تشاهد و إنما إعتمدت لحظة المحاق و ليس ظهور القمر)
2.             المملكة العربية السعودية (مشاهدة من قبل أربعة أفراد)
3.             الأمارات (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
4.             قطر (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
5.             البحرين (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
6.             اليمن (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
7.             فلسطي (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
8.             السودان (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
9.             الدنمارك (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
10.       النمسا (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
11.      سويسرا (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
12.      إيطاليا (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
13.      البوسنة (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
14.      العراق (إدعاء 6 أشخاص برؤية الهلال، إلا أن قسم ضخما صام الأحد)
15.      أفغانستان
16.      لبنان (إعتمادا على مشاهدة السعودية)
17.      نيجيريا (قسم منها صام الأحد)
18.      بريطانيا (قسم من بريطانيا صام الأحد)
19.      الولايات المتحدة (هيئة إسنا، قسم من إسنا صام الأحد)
[تحرير] صيام يوم الأحد

كمحصلة نهائية فالدول التي أعلنت بدء الصيام يوم الأحد هي 47 دولة:
ماليزيا, بروناى, اندونيسيا,الفلبين, سنغافورة, سريلانكا, تركيا, الأردن, سوريا, عمان, مصر, تونس، الجزائر, المغرب, موريتانيا, الصومال, ألبانيا, بنغلاديش، أذربيجان, ألمانيا, بلجيكا, فرنسا, غيانا، كازاخستان, كوسوفا, مقدونيا, مانغوليا, النرويج, رومانيا, روسيا, اسبانيا, السنغال, طاجيكستان، تنزانيا, جنوب افريقيا,  ترينيداد وتوباغو, تركمانستان, اوكرانيا, اوزبكستان, روسيا البيضاء، استراليا (قسم صام الاثنين),  لبنان (قسم صام السبت) , العراق (قسم صام السبت),  نيجيريا (قسم صام السبت)  المملكه المتحدة (قسم صام السبت), الولايات المتحدة الامريكية (يكنا وغالبية المنظمات الاسلامية) (قسم صام السبت) كندا
[تحرير] صيام يوم الأثنين
كمحصلة نهائية فالدول التي أعلنت بدء الصيام يوم الأثنين هي 4 دول:
 إستراليا (قسم صام الأحد), الهند, إيران, قسم صام الأحد   باكستان قسم صام السبت وقسم صام الأحد
فنحن نرى ان في الدولة الواحدة بل في المدينة الواحدة بل في العمارة الواحدة أناس يصومون واآخرون مفطرون . وبأي حجة ؟ بحجة اختلاف المطالع وكل الوقائع والأدلة تشير إلا أنه لا اختلاف في المطالع كما يزعمون إنما هو اختلاف التوقيت الذي لا يؤثر على المطالع وما يقولون عنه اختلاف مطالع هو اتباع للهوى والمماحكات السياسية واختلاف المذاهب
ولقد حصل التالي في باكستان: وهذا ما حدثني به أحد أعضاء (هلال كومتي ) أي لجنة الهلال أمر رئيس الوزراء الفيدرالي لجنة الهلال بتسكير أبوابها 30شعبان و1رمضان جتى لا يستطيع أحد أن يدلي بشهادته برؤية الهلال  وفعلا جاء عدد كبير من المواطنين ليلة 30شعبان ليدلوا بشهادتهم ولكن كانت أبواب اللجنة مغلقة والهواتف لا يرد عليها أحد والمحاكم مقفلة فصامت منطقلا بيشاور ولم تصم سائر باكستان وفي اليوم التالي 1 رمضان رأى الناس كل الناس الهلال واستمر في السماء إلى قرابة صلاة العشاء ومع هذا رفضت الحكومة إعلان رمضان وقالوا هذا ظل الهلال وبقي أتباع الحكومة وهم غالب سكان باكستان مفطرين هذا نموذج من اختلاف مطالع الحكومات شاهدته بنفسي مع ملايين من الناس 1420هـ

فلماذا خرجت عمان على صيام جميع سكان جزيرة العرب هل لاختلاف المطالع أم لاختلاف المذهب؟!
ولماذا في الدولة الواحدة صام الناس على يومين أو ثلاثة أيام متتابعة هل لاختلاف المطالع أم لاختلاف المذاهب والأهواء
وكيف تصوم دولاً شرقية قبل الدول الغربية مع أن الواقع والعلم الذي لا يتعارض مع الشرع يقول أن الغربية ترى الهلال قبل الشرقية هل هو اختلاف مطالع أم مكايدات سياسية
وفي الختام أقول اللهم هيء لهذه الأمة أمر رشد يعز به أولياء الرحمن ويذل أولياء الشيطان والحمد لله رب العالمين


*  سايكس بيكو( اتفاق بين جورج بيكو قنصل فرنسا العام ومارك سايكس عضو مجلس العموم البريطاني عام 1916 تم فيه تقسيم البلاد العربية التي كانت تحت السيطرة  العثمانية وتحويلها إلى مستخربات إنكليزية فرنسية وتم ترسيم الحدود الحالية لهذه الدول والتي حرصت عليها الدول أكثر من حرصها على أنفسها.
[1] - تل شهاب قرية سورية، والطرة قرية أردنية بينهما 500 متر فقط.
[2]  - ديورانت : رئيس بعثة إنكليزية لترسيم الحدود بين أفغانستان وباكستان.
[3] - الحديث عن عبد الرحمن بن يعمر : الترمذي 2975 أبو داود 1949
[4] - كويتا تبعد عن بيشاور 1000كم
[5] - يّس 40
[6] - الشمس 2
[7] - البقرة الآية 189
[8] - متفق عليه البخاري 4662 مسلم 1679
[9] - البقرة 185
[10] - الفتاوى 25/105
[11] - الفتاوى 25/107
[12] - الفتاوى 25/111
[13]  - متفق عليه البخاري 1909 مسلم 1080
[14]  - متفق عليه البخاري 1907 مسلم 1080
[15]  - متفق عليه البخاري 1909 مسلم 1081 والرواية لمسلم
[16]  - النسائي 2116 أحمد18416
[17]  - أحمد 15859
[18]  - أحمد 18416
[19] - الترمذي 691
[20]  - أحكام القرآن 1/205
[21]  - الهداية المحققة 2/540
[22]  - الدر المختار شرح تنوير الأبصار المعروف بحاشية ابن عابدين 2/392
[23]  - الفتاوى العالمكيرية المعروفة بالفتاوى الهندية 1/198-199
[24]  - رسائل ابن عابدين 1/251
[25]  - بداية المجتهد، الطبعة المحققة 1/535
[26]  - مواهب الجليل 2/9
[27]  - أحكام القرآن لابن العربي 1/83
[28]  - المنتقى شرح الموطأ 2/37
[29]  - أوجز المسالك 5/11-12
[30]  - المغني 3/10
[31]  - الإنصاف 3/273
[32]  - حاشية الروض المربع3/357
[33]  - المبدع 3/7  ويقصد بالزوال زوال الشمس عن الهلال وظهوره
[34]  - المقنع 1/357
[35] -الفروع 3/12
[36]  - معالم السنن 2/84
[37]  - دلائل الأحكام 1/599
[38]  - الفتاوى 25/112
[39]  - الفتاوى 25/186
[40]  - الفتاوى 25/109
[41]  - الفتاوى 25/111
[42]  - نيل الأوطار 4/254
[43]  - السيل الجرار 2/144
[44]  - الروضة الندية شرح الدرر البهية 1/331
[45]  - الدرر السنية 5/307
[46]  - مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/173-174
[47]  - الفتاوى السعدية 233
[48]  - الأسئلة والأجوبة الفقهية 2/135
[49]  - الحادي الكبير 3 / 409
[50]  - روضة الطالبين 2/348
[51]  - 4/154-155
[52]  - مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية السنة السادسة العدد 13 ص 408
[53]  - مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد الثاني الجزء الثاني ص 1033
[54]  - مسلم 1087
[55]  - روضة الطالبين 2/348
[56]­­ - المجموع شرح المهذب 6/275
[57]  - فتح الباري 4/155
[58] - البقرة 120
[59] _ المائدة 49
[60] - الرعد 37
[61] - الكهف 28
[62]  - السنن الكبر للبيهقي 4/247
[63]  - الفتاوى 25 / 108
[64]  - الفتاوى 25/109
[65]  - المغني 3 / 12
[66]  - نيل الأوطار 2/ 254
[67]  - أوجز المسالك 5 / 13
[68] ­ - الروضة الندية 1 / 331
[69]  - مشكل الآثار 1 / 203
[70]  - أبو داود 2329 وقال عنه الألباني صحيح
[71]  - قال عنه الألباني في إرواء الغليل أنه صحيح ورواه أبو داود 1157 والنسائي 1/231 وابن ماجة 1653 وابن الجارود في المنتقى ص139 وأحمد 5/58 وابن أبي شيبة 2/169 والطحاوي 1/266 والدارقطني 233 والبيهقي 3/316 وصححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم كما قال الحافظ في تلخيص الحبير 146 وصححه البهقي والدارقطني وابن حجر.
[72]  - موسوعة فقه عمر ابن الخطاب 610، المحلى بالأثار 4 / 378  ، المغني   3 / 160
[73]  - صحيح صححه الألباني في صحيح الترمذي وصحيح ابن ماجة 1660
[74]  - الفتاوى 25/107-108
[75]  - الفتاوى 22/211
[76] - موسوعة المورد 7/61

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.