يا شام

يا شام

رضوان محمود نموس

يا شام كم مرت من الأزمان ** وعليك جاءت صولة الحدثان

وعلى صخورك كم حَطِمْتِ  غازياً ** ورددت بأس المجرم المتفاني

وحلمت لا خوف عراك ولا خوىً ** علَّ الشقي يفيء للوجدان

ظن الزنيم بأن قلبك ميت ** وبأن حلمك حال كل جبان

لم يدر أن الشام سيفٌ باتر ** أرض الأسود ومنبت الفرسان

وبأنها قبر لكل مُفَرْعِنٌ ** متنكب عن شرعة الرحمن

يا شام ثوري ثورة الإيمان ** وإلى الإله توجهي لجنان

وسليه نصراً لا تنادي غيره ** وتذللي للواحد المنان

فهو الذي وعد الجنود بنصره ** إن أخلصوا بعبادة الديان

وبأنْ سيستخلفهمُ في أرضه ** وبأنْ يكون الدين عاليْ الشان

وبأنْ يمكنهمْ ويرفعَ ذكرهم ** وبأنْ يعيشوا بعزة وأمان

فهو الذي لا يرضى أي شراكة ** فإليه سيروا لا لشيء ثاني

فالشرط أن لا تعبدوا رباً سوى ** ملك الملوك ومنزل القرآن

أن تعبدوه وتُنْفِذُوا قرآنه ** وتطبقوا هدي النبيْ العدنان

أنْ تعبدوه بهديه وبحكمه ** وبشرعه والمنهج الرباني

إنَّ العبادة أن تكون مذللاً ** ومنفذاً ما يأمر الوحيان

ما فاز من صلى وصام لربه ** ومضى يحكِّم شرعة الرومان

ويقول إن الشعب مصدر حكمه ** وهو المخول صاحب الإيوان

وهو المشرع والمقنن سيدٌ ** أحكامه تسري على الأوطان

والفصل قول البرلمان أوِ الذي ** يُنبي به الصندوق من هذيان

وبحكمهم سيكون والي أمرنا ** من جمَّع الأصوات في الميدان

حتى وإن عبد الفروج أو الهوى ** أو كان يعبد حجرة الأوثان

أو كان درزياً يؤله عجله ** أو كان سجَّاداً إلى الصلبان

أو كان يعبد في السماء شموسها ** أو يتبع الأحبار والرهبان

أو كان لا دينيُّ ملحد عصره ** متفاخراً بالمذهب العلماني

فالدين لله العزيز جلاله ** والناس مشتركون بالأوطان([i])

يبنونها وينظمون شؤونها ** بالاقتراع وشرعة الإنسان

فالدين ليس سياسة وحكومة ** أو أن ينظم دولة الإيمان

لا شأن في الإسلام خارج مسجد ** وهناك منحته من السلطان

من ظن أن صلاته وزكاته ** وصيامه والحج للركنان

تنفعه مع هذي البلايا كلها ** فلقد هوى في حفرة الشيطان

---

[i] - إشارة إلى قول العلمانيين: الدين لله والوطن للجميع

التصنيف : شعر وأدب