موقف
المسلمين من النيروز وأعياد الكافرين
رضوان محمود نموس (أبو فراس)
عندما تخبوا شعلة الإيمان في القلب وتهتز قوة
اليقين لا بد من بروز الأثر على الجوارح فتنشغل في المتاع والأعراض والزخرف وتميل
إلى الأرض فتضعف مقاومتها وتتصدع دفاعتها فتلوح الفرصة للشيطان فيخترق هذه الدفاعات
ويبدأ التدمير.
ولقد قيل في المعاصي (لا تنظر إلى حجم
المعصية ولكن انظر إلى من عصيت)
يهون الشيطان المعصية لينقل صاحبها إلى أكبر
ثم إلى الكبائر ولا يقر قرار الشيطان إلا بوصول الإنسان إلى الكفر أعاذنا الله من
ذلك.
وما بين المعصية والكفر صراع طويل مع الشيطان
وحزبه.
وفي الطريق يتساقط المتساقطون ولكل ساقطة
لاقطة.
وأكبر السقوط وأخطره الشعور بالهزيمة النفسية
الذي يتبعه الشعور بدنو المنزلة والمكانة.
وعندما يشعر المرء أنه صغير مهزوم لا مكانة
له يصبح جاهزاً لتقديم التنازلات لمن يشعر أنهم أقوى منه حتى يألفها وتصبح من
مقومات شخصيته وعناصر تركيبه.
وأوضح مظاهر الصغار والذلة تقليد الكفار الذي
يجر إلى توقيرهم ومشاركتهم فيما يعبثون ويخوضون. وخاصة في أعيادهم فالأعياد في كل
أمة مرتبطة بدينها وعندما نهتم بأعياد الكافرين أو نستسهل التهنئة بها أو المشاركة
فيها يكون النخر قد قطع أشواطاً كبيرة.
ويأتي دور شياطين الإنس والجن ليقنعوا أولئك
المنهزمين المنحرفين الضالين أن ما أنتم فيه ليس هزيمة وليس ضعفاً وليس انحرافاً وما هو إلا التقدم والحضارة والرقي والمدنية والإنسانية
وقائمة طويلة من الأسماء والمصطلحات الماكرة المخادعة والتي أول ما يخدعون فيها
أنفسهم.
وهذه العناوين ما هي إلا مطية لزحزحة الأمة
عن منهجها والأخذ بمنهج الكافرين فيبدؤون بهدم الأسوار بين الكفر والإيمان من خلال
إضعاف معاني الولاء والبراء ودعوى الأنسنة والإحسان واللطف والانفتاح وقبول الآخر
يعني (الكافر) ...الخ
فإذا ما ماتت روح الولاء والبراء أو ضعفت يسهل
الجلوس إلى الكافرين والخوض معهم بل ربما وصل الأمر إلى أن ينتقدوا ديننا ونحن
نسمع تحت شعار حرية الرأي والقول والعقيدة ووو..الخ
والله تعالى يقول: {وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً
وَمِنْهَاجًا } [المائدة: 48]
ويقول تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا
مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ
الْأَنْعَامِ } [الحج: 34]
ويقول: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا
هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ
إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 67]
قال الطبري وغيره من المفسرين: [وأصل المنسك
في كلام العرب الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه لخير أو شرّ; يقال: إن
لفلان منسكا يعتاده: يراد مكانا يغشاه ويألفه لخير أو شر... وقد اختلف أهل التأويل
في المعنيّ بقوله: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا) أيّ المناسك عنى به؟
فقال بعضهم: عنى به: عيدهم الذي يعتادونه.
عن ابن عباس، قوله: (لِكُلِّ أُمَّةٍ
جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ) يقول: عيدا]([1]).
ومن خلال القرآن والسنة نعلم أن مخالفة
الكافرين مقصد أساس من مقاصد الشريعة وأصل من أصول دين الإسلام الذي أنزلة الله
للناس جميعاً .
ولأهمية تميز المسلم عن الكافر أُمر المسلم
أن يدعو الله - تعالى - في كل يوم على الأقل سبع عشرة مرة أن يجنبه طريق الكافرين
ويهديه الصراط المستقيم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
[الفاتحة: 6، 7]
قال الله - تعالى -: [ثم جعلناك على شريعة من
الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون] [الجاثية: 18] ، وقال تعالى: [ولئن
اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق] [الرعد: 37]
وقال تعالى: ... [ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات] [آل
عمران: 105]
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا
اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ "([2])
عن يَعْلَى بْنُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ
أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَالِفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي خِفَافِهِمْ وَلَا فِي نِعَالِهِمْ»([3]).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ
قَالَ: صُومُوا قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ خَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ([4]).
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَتَسَرْبَلُونَ، وَلَا
يَتَّزِرُونَ؟ قَالَ: «تَسَرْبَلُوا أَنْتُمْ، وَاتَّزِرُوا» قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَحْتَفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ؟ قَالَ:
«فَاحْتَفُوا أَنْتُمْ، وَانْتَعِلُوا، خَالِفُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ كُلَّمَا
اسْتَطَعْتُمْ»([5]).
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: أُتِيَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ مِنَ الصَّدَقَةِ
فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: " اعْتَمُّوا خَالِفُوا عَلَى
الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ "([6]).
عن ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «خَالِفُوا سُنَنَ
الْمُشْرِكِينَ»([7]).
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ
مِنَ الْيَهُودِ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُشَارِبُوهَا، وَلَمْ
يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] إِلَى قَوْلِهِ: {حَتَّى
يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَاكِلُوهُنَّ وَأَنْ يُشَارِبُوهُنَّ وَأَنْ يُجَامِعُوهُنَّ
فِي الْبُيُوتِ وَيَفْعَلُوا مَا شَاءُوا إِلَّا الْجِمَاعَ " فَقَالَتِ
الْيَهُودُ: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا
إِلَّا خَالَفَنَا]([8]).
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا
بِالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ اليَهُودِ الإِشَارَةُ بِالأَصَابِعِ،
وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الإِشَارَةُ بِالأَكُفِّ»([9]).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِي اللَّهُ
عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم، قَال: لاَ
تَشَبَّهُوا بِالأَعَاجِمِ غَيِّرُوا اللِّحَى([10]).
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ رَأَى
مِجْمَرًا فِي جِنَازَةٍ فَكَسَرَ وَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ:
«لَا تُشَبَّهُوا بِأَهْلِ الْكِتَابِ([11]).
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ
أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثُونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ أَيِّ
الْأَيَّامِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ
لَهَا صِيَامًا؟ فَقَالَتْ: يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ
فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ
إِلَيْهَا فَقَالُوا: إِنَّا بَعَثْنَا إِلَيْكِ هَذَا فِي كَذَا وَكَذَا،
فَذَكَرَ أَنَّكِ قُلْتِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتْ: صَدَقَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ
يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، وَكَانَ يَقُولُ: «إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ
لِلْمُشْرِكِينَ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ»([12]).
وعدد ابن حبان في مقدمة صحيحه أنواع السنن
فقال:القسم الثاني من أقسام السنن وهو النواهي - وعدد أنواعاً -
النوع الحادي والعشرون: الزجر عن الشيء الذي
رخص لبعض الناس في استعماله لسبب متقدم ثم حظر ذلك بالكلية عليه وعلى غيره والعلة
في هذا الزجر القصد فيه مخالفة المشركين.
والسابع قصد به مخالفة المشركين على سبيل
الحتم.
النوع الثامن: الزجر عن الأشياء التي قصد بها
مخالفة المشركين وأهل الكتاب.
النوع الثامن والأربعون: إخباره صلى الله
عليه وسلم عن الأشياء التي قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب.
النوع الثالث عشر: أفعال فعلها صلى الله عليه
وسلم قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب([13]).
ولقد صنف علماء الإسلام في هذا الموضوع كتباً
وأبواباً وفصولاً في كتب لأبرزهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم
مخالفة أهل الجحيم)
ويذكر شيخ الإسلام: (أن من أصل دروس دين الله
وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين، كما أن أصل كل خير المحافظة على
سنن الأنبياء وشرائعهم)([14]).
النهي عن حضور أعياد الكفار
اتفق أهل العلم على تحريم حضور أعياد الكفار
والتشبه بهم فيها؛ وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة ([15]).
ولأدلة كثيرة جداً منها:
1 - جميع الأدلة الواردة في النهي عن التشبه
وقد سبق ذكر طرف منها.
2 - الإجماع المنعقد في عهد الصحابة
والتابعين على عدم حضورها؛ ودليل
الإجماع من وجهين:
أ - أن اليهود والنصارى
والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي
لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السابقين من المسلمين
من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهياً عن ذلك
لوقع ذلك كثيراً؛ إذ الفعل مع وجود مقتضيه وعدم منافيه واقعٌ لا محالة، والمقتضي
واقع، فعلم وجود المانع؛ والمانع هنا هو الدين، فعلم أن الدين - دين الإسلام - هو
المانع من الموافقة وهو المطلوب([16]).
روى البيهقي في شعب الإيمان- أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ , أنا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ , نا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ , نا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ , قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: نا نَافِعُ بْنُ
يَزِيدَ , سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي زَيْنَبَ , وَعَمْرَو بْنَ الْحَارِثِ ,
سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ , سَمِعَ أَبَاهُ , سَمِعَ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: " اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ
اللهِ الْيَهُودَ , وَالنَّصَارَى فِي عِيدِهِمْ يَوْمَ جَمْعِهِمْ , فَإِنَّ
السَّخَطُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ , فَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَكُمْ , وَلَا تَعْلَمُوا
بِطَانَتَهُمْ فَتَخَلَّقُوا بِخُلُقِهِمْ "»([17])
وأكثر ما ركزوا فيه
النهي عن النيروز والنيروز: بفتح النون:
كلمة فارسيهَ معَربة، وأصلها في الفارسية " نوروز" وهي لفظة مركبة من
كلمتين: أولاهما " نو" بفتح النون وضمها، ومعناها الجديد، وثانيهما
" روز" وتفسيرها: اليوم، فمعناها: اليوم الجديد أي أول يوم في السنة.
وهو عيد من أعياد
الفرس، ويُعد أعْظم أعيادهم، وغالب الكفار تعظم ذلك اليوم حيث أن هذا اليوم كان
عيداً عند الصابئة وهي قديمة جداً وكل من جاء بعد الصابئة يعتمد هذا العيد وهو إلى
الآن في إيران وأفغانستان والأكراد والقبط. والصابئة كانوا يهتمون بالنجوم ثم
تحولوا إلى عبادة النجوم والكواكب والسنة عند الصابئة تعتمد على ظهور مجموعات من
الكواكب في نصف الكرة الشمالي وتبدأ سنتهم
عند ظهور مجموعة (الحَمَل) ويسمونها أبراج ولكل برج طقوس وحتى الآن في كثير من
البلدان يعتمد المنجمون على الأبراج وترتيب سنتهم على الشكل الأتي:
وهي : 1- الحَمَل 2- الثور
3 - الجوزاء 4 - السرطان 5 - الأسد 6 - السنبلة 7- الميزان 8 - العقرب 9 - القوس 10- الجدي 11- الدلو 12- الحوت
وهذه أسماء لكواكب ونجوم
ومجموعات من الكواكب كانت الصابئة تعبدها وتتقرب إليها وتربط بين ظهورها والأحداث
التي تجري في الدنيا وتعلق النجاح والفشل والحروب والسلام في ظهورها ، ومن ولد
أثناء ظهورها يتوقعون له نحس أو نجاح أو
فشل أو ما شابه ذلك . وما زال كثير من المنجمين ومعهم بقايا الصابئة وفئام ممن
يدعون الإسلام يعملون بها ويصدقونها ويكتبون في الصحف الدورية أنت والحظ ويعطون
لكل مواليد برجهم وماذا ستكون طبيعة أعمالهم وفشلهم ونجاحهم في هذا الشهر .
ويحددون أن مواليد هذا البرج يفضل أن تكون زوجاتهم من البرج الفلاني وصنفوا كتبا
كثيرة سموها علم الزيجات بل حتى في العصر العباسي حاول المنجمون إثناء المعتصم عن
غزو الروم لأن أبراج النجوم غير مواتية ولكن المعتصم لم يأبه لهم وكان النصر
المؤزر الذي قال فيه أبو تمام :
السيف أصدق أنباءً من
الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب
والعلم في شهب الأرماح
لامعة *** بين الخميسين لا في السبعة الشهب
أين الرواية بل أين
النجوم وما *** صاغوه من زخرف فيها ومن كذب
تخرصاً وأحاديثاً ملفقة
*** ليست بنبع إذا عدت ولا غرب
عجائباً زعموا الأيام
مجفلة *** عنهن في صفر الأصفار أو رجب
وخوفوا الناس من دهياء
مظلمة *** إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
وصيروا الأبرج العليا
مرتبة *** ما كان منقلبا أو غير منقلب
يقضون بالأمر عنها وهي
غافلة *** ما دار في فلك منها وفي قطب
لو بينت قط أمراً قبل
موقعة *** لم يخف ما حل بالأوثان والصلب
فتح الفتوح تعالى أن
يحيط به *** نظم من الشعر أو نثر من الخطب
و يوافق أول (الحمل)
يوم (21 آذار ) و(آذار) اسم سرياني , كانت السنة الرومانية واليونانية تبدأ به -
وهو كما يزعمون اسم ملك مسؤول عن أوائل السنين - موافق للحَمل شهر الصابئة الذي
يبدأ في 21 آذار . وفي بعض البلاد الأخرى تجرى احتفالات ولكن بتغيير الاسم ففي مصر
يسمونه عيد شم النسيم وفي البلاد العربية والعالم اخترعوا عيدا أسموه عيد الأم
موافقاً للنيروز لزر الرماد في العيون وجر الناس للاحتفال بعيد الصابئة.
وعندما دخل الأعاجم
بالإسلام دخلوا مع بعض دياناتهم الوثنية فالفرس والأفغان والأكراد وغيرهم دخلوا مع
هذه الوثنيات وأرادوا أن يسبغوا عليه صفة إسلامية ومن أولئك الشيعة الفرس الذين
أرادوا جعل النيروز إسلامياً.
قال ابن فهد الحلي:
[مثل غسل يوم النيروز، نيروز الفرس ومستنده رواية المعلى بن الخنيس، وذكره الشيخ
في مختصر المصباح، و يستحب فيه الصيام وصلاة أربع ركعات بعد صلاة الظهرين، ويسجد
بعدها ويدعو بالمرسوم، يغفر له ذنوب خمس سنين. تنبيه يوم النيروز يوم جليل القدر،
وتعيينه من السنة غامض، مع أنه معرفته أمر مهم من حيث تعلق به عبادة مطلوبة
للشارع، والامتثال موقوف على معرفته، ولم يتعرض لتفسيره أحد من علمائنا، سوى ما
قاله الفاضل المنقب محمد بن إدريس رضي الله عنه وحكايته: والذي قد حققه بعض محصلي
أهل الحساب وعلماء الهيئة وأهل هذه الصنعة في كتاب له: أن يوم النيروز ... وفسر
بأول سنة الفرس، أو حلول الشمس برج الحمل، ... وبعض العلماء جعله
رأس السنة ، وهو النيروز. فجعله حكاية عن بعض العلماء. ويستحب فيه الغسل،
وصلاة أربع ركعات لما رواه المعلى بن خنيس عن الصادق (عليه السلام)، ثم ذكر الخبر.
فاختار التفسير الأخير، وجزم به. {وهو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت
وولاة الأمر ويظفره الله تعالى بالدجال، فيصلبه على كناسة الكوفة. وما من يوم
نوروز إلا ونحن نتوقع فيه الفرج، لأنه من أيامنا حفظه الفرس وضيعتموه. ثم إن نبيا
من أنبياء بني إسرائيل سأل ربه أن يحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر
الموت فأماتهم الله تعالى، فأوحى إليه أن صب عليهم الماء في مضاجعهم، فصب عليهم
الماء في هذا اليوم، فعاشوا وهم ثلاثون ألفا، فصار صب الماء في يوم النيروز سنة
ماضية لا يعرف سببها إلا الراسخون في العلم . وهو أول يوم من سنة الفرس. قال
المعلى: وأملى علي ذلك ، فكتبته من إملائه. وعن المعلى أيضا قال: دخلت على
أبي عبد الله (عليه السلام) في صبيحة يوم النيروز. فقال: يا معلى أتعرف هذا اليوم؟
قلت: لا، ولكنه يوم يعظمه العجم، يتبارك فيه. قال: كلا والبيت العتيق الذي ببطن
مكة ما هذا اليوم إلا لأمر قديم، أفسره لك حتى تعلمه. قلت: لعلمي هذا من عندك أحب
إلي من أن تعيش أترابي ويهلك الله أعداء كم [أمواتي وتموت أعدائي] قال: يا معلى
يوم النيروز، هو اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاق العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به
شيئا، وأن يدينوا برسله وحججه وأوليائه، وهو أول يوم طلع فيه الشمس، وهبت فيه
الرياح اللواقح، وخلقت فيه زهرة الأرض. وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح (عليه
السلام) على الجودي، وهو اليوم الذي أحيا الله فيه القوم الذين خرجوا من ديارهم
وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم، وهو اليوم الذي هبط فيه جبرئيل
(عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو اليوم الذي كسر فيه إبراهيم
(عليه السلام) أصنام قومه، وهو اليوم الذي حمل فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) على منكبه حتى رمى أصنام قريش من فوق البيت
الحرام وهشمها والخبر بطوله. والشاهد في هذين الحديثين من وجوه. (ألف): قوله: (أنه
اليوم الذي أخذ فيه العهد بغدير خم) وهذا تاريخ وكان ذلك سنة عشرة من الهجرة وحسب،
فوافق نزول الشمس الحمل]([18])
وقال المجلسي في
البحار: [إن سليمان بن داود عليهما السلام لما افتقد خاتمه وذهب عنه ملكه ثم رد
إليه بعد أربعين يوما عاد إليه بهاؤه وأتته الملوك ، وعكفت عليه الطيور، فقالت
الفرس "نوروز آمد" أي جاء اليوم الجديد، فسمي النوروز. وأمر سليمان
الريح فحملته واستقبله الخطاف، فقال: أيها الملك! إن لي عشا فيه بيضات فاعدل، فعدل
ولما نزل حمل الخطاف في منقاره ماء فرشه بين يديه وأهدى له رجل جرادة، فذلك سبب رش
الماء والهدايا في النيروز. وقالت علماء العجم: هو يوم مختار، لأنه سمي
بهرمز، وهو اسم الله عز وجل الخالق الصانع المربي للدنيا وأهلها الذي لا يقدر
الواصفون على وصف جزء من أجزاء نعمه وإحسانه. وقال سعيد بن الفضل: جبل
دماوند وهو بفارس ترى عليه كل ليلة نوروز بروق تسطع وتلمع على صحو الهواء وتغيمه
على كل حال من الزمان، وأعجب من هذا نيران "كلواذا" وإن كان القلب لا
يطمئن إليها دون مشاهدتها، فقد أخبرني أبو الفرج الزنجاني الحاسب أنه شاهد ذلك مع
جماعة قصدوا "كلواذا" سنة دخول عضد الدولة بغداد، وإذا بها نيران وشموع
لا تحصى كثرة تظهر في الجانب الغربي من دجلة بإزاء كلواذا في الليلة التي يكون في
صبيحتها النوروز فإن السلطان وضع هناك رصدة يتجسسون الحقيقة كيلا يكون ذلك من
المجوس أمرا مموها، فلم يقفوا إلا أنها كلما قربوا منها تباعدت ، وكلما تباعدوا
منها قربت]([19])
فتاوى العلماء في أعياد الكفار والنيروز خاصة
وَذَكَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي
أُسَامَةَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو قَالَ: " مَنْ مَرَّ بِبِلَادِ الْأَعَاجِمِ فَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ
وَمَهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ، حُشِرَ
مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "([20]).
روى البيهقي بإسناد صحيح، في باب كراهة
الدخول على أهل الذمة في كنائسهم، والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم: عن عطاء بن
دينار، قال: قال عمر: «لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في
كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم»([21]).
قال الزيلعي: الاولى أن يدعو للصحابة بالرتضي
وللتابعين بالرحمة ولمن بعدهم بالمغفرة والتجاوز (والاعطاء باسم النيروز والمهرجان
لا يجوز) أي الهدايا باسم هذين اليومين حرام (وإن قصد تعظيمه) كما يعظمه المشركون
(يكفر)([22]).
قَالَ الشلبي- رَحِمَهُ اللَّهُ -
(وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ) أَيْ
الْهَدَايَا بِاسْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ حَرَامٌ بَلْ كُفْرٌ، وَقَالَ أَبُو
حَفْصٍ الْكَبِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ اللَّهَ
خَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ جَاءَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ، وَأَهْدَى لِبَعْضِ
الْمُشْرِكِينَ بَيْضَةً يُرِيدُ بِهِ تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَقَدْ كَفَرَ،
وَحَبِطَ عَمَلُهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ إذَا أَهْدَى يَوْمَ
النَّيْرُوزِ إلَى مُسْلِمٍ آخَرَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْظِيمَ لِذَلِكَ الْيَوْمِ،
وَلَكِنْ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَكْفُرُ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ
أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خَاصَّةً، وَيَفْعَلُهُ قَبْلَهُ
أَوْ بَعْدَهُ كَيْ لَا يَكُونَ تَشَبُّهًا بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ، وَقَدْ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ
فَهُوَ مِنْهُمْ»، وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ رَجُلٌ اشْتَرَى يَوْمَ
النَّيْرُوزِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ
تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا يُعَظِّمُهُ الْمُشْرِكُونَ كَفَرَ،([23]).
وقال ابن نجيم: [وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ
النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ]
(وَالْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ
وَالْمِهْرَجَانِ لَا يَجُوزُ) أَيْ الْهَدَايَا بِاسْمِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ
حَرَامٌ بَلْ كُفْرٌ([24]).
وقال شيخ زادة: (وَلَا) يَجُوزُ
(الْإِعْطَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ) أَيْ الْهَدَايَا بِاسْمِ
هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ حَرَامٌ بَلْ كُفْرٌ إنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ الْمَذْكُورِ
مِنْ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ.([25]).
وقال ابن عابدين لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ
اللَّهَ خَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ أَهْدَى لِمُشْرِكٍ يَوْمَ النَّيْرُوزِ بَيْضَةً
يُرِيدُ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ فَقَدْ كَفَرَ وَحَبِطَ عَمَلُهُ([26])ـ
وقال ابن الحاج: [فَصَلِّ المرتبة
الثَّالِثَةُ فِي ذِكْر بَعْض مَوَاسِم أَهْل الْكتاب]
[مِنْ المواسم يَوْم النيروز] (فَصَلِّ) فِي
ذِكْر بَعْض مَوَاسِم أَهْل الْكتاب فَهَذَا بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَوَاسِمِ
الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إلَى الشَّرْعِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ وَبَقِيَ الْكَلَامُ
عَلَى الْمَوَاسِمِ الَّتِي اعْتَادَهَا أَكْثَرُهُمْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا
مَوَاسِمُ مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَتَشَبَّهَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْتِ
بِهِمْ فِيهَا وَشَارَكُوهُمْ فِي تَعْظِيمِهَا يَا لَيْتَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي
الْعَامَّةِ خُصُوصًا وَلَكِنَّك تَرَى بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْعِلْمِ
يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ وَيُعِينُهُمْ عَلَيْهِ وَيُعْجِبُهُ مِنْهُمْ
وَيُدْخِلُ السُّرُورَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ
بِتَوْسِعَةِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى زَعْمِهِ بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ
أَنَّهُمْ يُهَادُونَ بَعْضَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي مَوَاسِمِهِمْ وَيُرْسِلُونَ
إلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَهُ لِمَوَاسِمِهِمْ فَيَسْتَعِينُونَ بِذَلِكَ عَلَى
زِيَادَةِ كُفْرِهِمْ وَيُرْسِلُ بَعْضُهُمْ الْخِرْفَانَ وَبَعْضُهُمْ
الْبِطِّيخَ الْأَخْضَرَ وَبَعْضُهُمْ الْبَلَحَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ
فِي وَقْتِهِمْ وَقَدْ يَجْمَعُ ذَلِكَ أَكْثَرُهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ
لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ أَشْهَبُ قِيلَ
لِمَالِكٍ أَتَرَى بَأْسًا أَنْ يُهْدِيَ الرَّجُلُ لِجَارِهِ النَّصْرَانِيِّ
مُكَافَأَةً لَهُ عَلَى هَدِيَّةٍ أَهْدَاهَا إلَيْهِ قَالَ مَا يُعْجِبُنِي
ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: 1] الْآيَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى - قَوْلُهُ مُكَافَأَةً لَهُ عَلَى هَدِيَّةٍ أَهْدَاهَا إلَيْهِ إذْ لَا
يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ هَدِيَّةً؛ ...لَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ
أَنْ يَبِيعُوا لِلنَّصَارَى شَيْئًا مِنْ مَصْلَحَةِ عِيدِهِمْ لَا لَحْمًا وَلَا
إدَامًا وَلَا ثَوْبًا وَلَا يُعَارُونَ دَابَّةً وَلَا يُعَانُونَ عَلَى شَيْءٍ
مِنْ دِينِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّعْظِيمِ لِشِرْكِهِمْ وَعَوْنِهِمْ
عَلَى كُفْرِهِمْ وَيَنْبَغِي لِلسَّلَاطِينِ أَنْ يَنْهَوْا الْمُسْلِمِينَ عَنْ
ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا اخْتَلَفَ فِي
ذَلِكَ انْتَهَى([27]).
وقال ابن مفلح: مَا أُحِبُّ لِرَجُلٍ أَنْ
يَتَعَمَّدَ الْحَلْوَاءَ وَاللَّحْمَ لِمَكَانِ النَّيْرُوزِ، لِأَنَّهُ مِنْ
زِيِّ الْأَعَاجِمِ([28]).
وجاء في الموسوعة الفقهية: وَرَوَى
الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: لاَ تَعَلَّمُوا
رَطَانَةَ الأْعَاجِمِ، وَلاَ تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ
يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السُّخْطَةَ تَنْزِل عَلَيْهِمْ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَال: مَنْ مَرَّ بِبِلاَدِ الأْعَاجِمِ
فَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ
وَهُوَ كَذَلِكَ، حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَلأِنَّ الأْعْيَادَ مِنْ جُمْلَةِ
الشَّرْعِ وَالْمَنَاهِجِ وَالْمَنَاسِكِ الَّتِي قَال اللَّهُ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى: {لِكُل أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} كَالْقِبْلَةِ
وَالصَّلاَةِ، وَالصِّيَامِ فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ مُشَارَكَتِهِمْ فِي الْعِيدِ
وَبَيْنَ مُشَارَكَتِهِمْ فِي سَائِرِ الْمَبَاهِجِ، فَإِِنَّ الْمُوَافَقَةَ فِي
جَمِيعِ الْعِيدِ مُوَافَقَةٌ فِي الْكُفْرِ، وَالْمُوَافَقَةُ فِي بَعْضِ
فُرُوعِهِ مُوَافَقَةٌ فِي بَعْضِ شُعَبِ الْكُفْرِ، بَل الأْعْيَادُ مِنْ أَخَصِّ
مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الشَّرَائِعُ وَمِنْ أَظْهَرِ مَا لَهَا مِنَ الشَّعَائِرِ،
فَالْمُوَافَقَةُ فِيهَا مُوَافَقَةٌ فِي أَخَصِّ شَرَائِعِ الْكُفْرِ وَأَظْهَرِ
شَعَائِرِهِ.
قَال قَاضِي خَانْ: رَجُلٌ اشْتَرَى يَوْمَ
النَّيْرُوزِ شَيْئًا لَمْ يَشْتَرِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ: إنْ أَرَادَ
بِهِ
تَعْظِيمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَمَا
يُعَظِّمُهُ الْكَفَرَةُ يَكُونُ كُفْرًا، وَإِنْ فَعَل ذَلِكَ لأِجْل السَّرَفِ
وَالتَّنَعُّمِ لاَ لِتَعْظِيمِ الْيَوْمِ لاَ يَكُونُ كُفْرًا. وَإِنْ أَهْدَى
يَوْمَ النَّيْرُوزِ إِلَى إِنْسَانٍ شَيْئًا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ تَعْظِيمَ
الْيَوْمِ، إِنَّمَا فَعَل ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ لاَ يَكُونُ كُفْرًا.
وَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يَفْعَل فِي هَذَا
الْيَوْمِ مَا لاَ يَفْعَلُهُ قَبْل ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلاَ بَعْدَهُ، وَأَنْ
يَحْتَرِزَ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْكَفَرَةِ([29]).
وجاء في الفتاوى الهندية: لِمُوَافَقَتِهِ
مَعَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَبِشِرَائِهِ يَوْمَ
النَّيْرُوزِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَشْتَرِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا
لِلنَّيْرُوزِ ...فَهُوَ كَافِرٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ([30]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «
... لا يحل للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئاً من مصلحة عيدهم، لا لحماً ولا
إداماً ولا ثوباً ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من عيدهم، لأن ذلك من تعظيم
شركهم ومن عونهم على كفرهم.
وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك
وهو قول مالك وغيره لم أعلمه اختلف فيه».
خامساً: عدم إعانة المسلم المتشبه بهم في
عيدهم على تشبهه: قال شيخ الإسلام: «وكما لا نتشبه بهم في الأعياد، فلا يعان
المسلم المتشبه بهم في ذلك، بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في
أعيادهم لم تُجَب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة
في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تُقبل
هديته، خصوصاً إن كانت الهدية مما يستعان بها
على التشبه بهم كما ذكرناه، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم
في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر»([31]).
حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
قال الإمام ابن
القيم [وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ
فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ
وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا
الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ
الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ،
بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ
التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ
الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ.
وَكَثِيرٌ مِمَّنْ
لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا
فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ
تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ، وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الْوَرَعِ مِنْ
أَهْلِ الْعِلْمِ يَتَجَنَّبُونَ تَهْنِئَةَ الظَّلَمَةِ بِالْوِلَايَاتِ،
وَتَهْنِئَةَ الْجُهَّالِ بِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ
تَجَنُّبًا لِمَقْتِ اللَّهِ وَسُقُوطِهِمْ مِنْ عَيْنِهِ، وَإِنْ بُلِيَ
الرَّجُلُ بِذَلِكَ فَتَعَاطَاهُ دَفْعًا لِشَرٍّ يَتَوَقَّعُهُ مِنْهُمْ فَمَشَى
إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَقُلْ إِلَّا خَيْرًا، وَدَعَا لَهُمْ بِالتَّوْفِيقِ
وَالتَّسْدِيدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ]([32]).
وجاء في شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي [وهنا
أقول: العالم الذي يعلم عقيدتهم، ويعلم كفرهم البين، ثم يجلس في مجلسهم الكفري،
ويرضى بكفرهم، بل يذهب ويهنئهم ويقبلهم ويحتضنهم، فهذا رجل لا نقول فيه إلا: حسبنا
الله ونعم الوكيل.
ونقول له: قد بين الله لك بالاتفاق أن هؤلاء
كفار فبين لهم كفرهم، أما الذين لا يعرفون إذا استفتوا أقول لهم: اتقوا الله في
أنفسكم ولا تهنئونهم بالعيد؛ لأنكم بتهنئتكم لهم في هذا العيد تقرونهم على كفرهم،
وأنتم مأمورون شرعاً أن تبينوا لهم كفرهم، حتى يعلموا يقيناً أنهم على باطل، وأنهم
إن لم يرجعوا إلى دين الله فهم على كفر وضلال.
...فمن سلم عليهم في يوم عيدهم فقد رضي
بكفرهم، فهو ينزل هذه المنزلة إن كان من العالمين المتقنين الفاهمين لعقيدتهم
الخربة]([33]).
و[قال عبد الملك بن حبيب: سئل ابن القاسم عن
الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم، فكره ذلك مخافة نزول السخط
عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه. قال: وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي للنصراني
شيئا في عيدهم مكافأة له ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره ألا ترى أنه لا يحل
للمسلمين أن يبيعوا من النصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا إداما ولا ثوبا
ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من عيدهم لأن ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم
على كفرهم، وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك وهو قول مالك وغيره لم أعلم
اختلف فيه. وأكل ذبائح أعيادهم داخل في هذا الذي اجتمع على كراهته بل هو عندي أشد.
هذا كله]([34]).
وقال الذهبي: (فإذا كان للنصارى عيد ولليهود
عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم، كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم) ([35]).
وذكر ابن التركماني الحنفي جملة مما يفعله
بعض المسلمين في أعياد النصارى من توسع النفقة وإخراج العيال، ثم قال عقب ذلك:
(قال بعض علماء الحنفية: من فعل ما تقدم ذكره ولم يتب فهو كافر مثلهم، وقال بعض
أصحاب مالك: من كسر يوم النيروز بطيخة فكأنما ذبح خنزيراً) ([36]).
قال أبو حفص الحنفي: (من أهدى فيه بيضة إلى
مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله - تعالى -) ([37]).
وثبت بالأدلة الصحيحة أن المشاركة أو التهنئة
بهذا العيد تحرم باتفاق أهل العلم؛ لأن في التهنئة بهذا الأمر إقرارا بالكفر ورضا
به، وضياعا لعقيدة الولاء والبراء، وإعانة لهم على باطل([38]).
وجاء في شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي [فلا
يجوز لامرئ مسلم قط أن يهنئهم بهذا العيد، قال بعض علمائنا: من أهداهم بيضة في
عيدهم فقد كفر، تقعيداً وتخريجاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (فإذا
وجدتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) وقال: (لا تبدءوا أهل الكتاب بالسلام)، فكيف
بتهنئة العيد والرضا بكفرهم، والقاعدة المشهورة: الرضا بالكفر كفر]([39]).
[ومما جاء في النهي عن خصوص المشابهة في
الأعياد: قوله
تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ
الزُّورَ} سورة الفرقان الآية 72 في ذكر صفات عباد الله المؤمنين، فقد فسرها جماعة
من السلف؛ كابن سيرين، ومجاهد، والربيع بن أنس: بأن الزور هو: أعياد الكفار، وثبت
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أنه قال: «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما
في الجاهلية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا
منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر » خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.
وصح عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - أنه
قال: «نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينحر إبلا ببوانة،
فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا:
لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن
آدم » خرجه أبو داود بإسناد صحيح. وقال
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم
عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم "، وقال أيضا: (اجتنبوا أعداء الله في عيدهم) . وعن
عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع
نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.
رابعا: وينهى أيضا عن أعياد الكفار لاعتبارات
كثيرة منها:
1 - أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور
قلوبهم وانشراح صدورهم بما هم عليه من الباطل.
2 - المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة
توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة، من العقائد الفاسدة على وجه المسارقة
والتدرج الخفي.
3 - ومن أعظم المفاسد أيضا - الحاصلة من ذلك:
أن مشابهة الكفار في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، والمحبة
والموالاة لهم تنافي الإيمان، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وقال سبحانه:
{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ
حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}
خامسا: بناء على ما تقدم فلا يجوز لمسلم يؤمن
بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيا ورسولا أن يقيم
احتفالات لأعياد لا أصل لها في دين الإسلام،
وقال الشيخ شحاتة محمد صقر [فلا تُجَابُ الدعوة لأعياد الكفار، ولا تقبل الهدية المتعلقة بشعائر
دينهم، ولا يبيعهم المسلم ما يستعينون به على عيدهم، ... وقد حذَّر إمام المتقين -
صلى الله عليه وآله وسلم - أمته أشد التحذير من أعيادهم، وكان من شروط عمر - رضي
الله عنه - ألا يُظْهِر الذميون شعائر دينهم.
فتوى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمصر:
مما جاء في الفتوى: الأصـل في الأعيـاد
الدينية أنهـا من خصوصيات كل ملّةٍ ونحلةٍ، وقـد قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا
مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، وقال صلى الله عليه وسلم [إن لكل
قوم عيدًا] متفق عليه، فكل أهل ديانة شرعت لهم أعياد وأيام لم تشرع لغيرهم،فلا تحل
مشاركة ولا تهنئة في هذه المناسبات الدينية التي هي من أخص ما تتمايز به الشرائع
باتفاق، وليس في ترك التهنئة أو المشاركة اعتداء أو ظلم أو ترك للأحسن كما قد يظن
البعض؛ فإن من طوائف النصارى من لا يهنئ الطوائف الأخرى بما اختصت به من أعياد
بحسب معتقداتهم ولا يشاركهم فيها.
فتوى مجلس العلماء الإندونيسي:
أصدر مجلس العلماء الإندونيسي، الهيئة
الإسلامية الأعلى بالبلاد فتوى تحرم على المسلمين ومن بينهم رئيس البلاد حضور
احتفالات عيد الميلاد (كريسماس) وتقديم التهاني للمسيحيين حسبما ذكرت تقارير
إخبارية.
وتعليقا على عزم الرئيس الاندونيسي سوسيلو
بامبانج يودويونو ونائب الرئيس بويديونو حضور احتفالا وطنيا بعيد الميلاد، نقلت
جريدة "جاكرتا بوست" عن رئيس منظمة بيرسيس الإسلامية "مامان عبد
الرحمن" قوله: "ورغم أنهم قادة البلاد فهم محرم عليهم حضور احتفالات
كالكريسماس".
ومجمل القول في أعياد الكفار:
أولاً: اجتناب حضورها: اتفق أهل العلم على
تحريم حضور أعياد الكفار والتشبه بهم فيها.
ثانياً: اجتناب موافقتهم في أفعالهم: قد لا
يتسنى لبعض المسلمين حضور أعياد الكفار لكن يفعل مثل ما يفعلون فيها، وهذا من
التشبه المذموم المحرم، قال شيخ الإسلام: «لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء
مما يختص بأعيادهم لا من طعام
ولا لباس ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران ولا
تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا
البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في
الأعياد ولا إظهار زينة، وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل
يكون عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام»
ثالثاً: اجتناب المراكب التي يركبونها لحضور
أعيادهم: قال مالك: «يكره الركوب معهم في السفن التي يركبونها لأجل أعيادهم لنزول
السخطة واللعنة عليهم»
رابعاً: عدم الإهداء لهم أو إعانتهم على
عيدهم ببيع أو شراء، فلقد نقل الحافظ في الفتح: «من أهدى فيه بيضة إلى مشرك
تعظيماً لليوم فقد كفر بالله تعالا» فتح الباري (2/ 294).
وأسأل الله العظيم أن يهدنا ويهدي جميع
المسلمين إلى التمسك بحبله المتين والابتعاد عن مخالطة ومداهنة المشركين والمبطلين
والحفاظ على سنة سيد المرسلين والاعتزاز بهذا الدين إنه القادر على ذلك فقلوب العباد
بن إصبعيه فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك.
[1] - تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (18/ 679)
[3] - صحيح ابن حبان - مخرجا (5/ 561) 2186
[4] - مسند ابن الجعد (ص: 349) 2411
[5] - المعجم الأوسط (4/ 253) 4122
[9] - سنن الترمذي ت شاكر (5/ 56) 2695
[10] - مسند البزار = البحر الزخار (11/ 384) 5217
[11] - مصنف ابن أبي شيبة (2/ 472) 11174
[12] - المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 602) 1593
[13] - صحيح ابن حبان - محققا (1/ 119وما بعدها)
[14] - الاقتضاء (1/314) دروس الدين: اختفاء معالمه.
[15] - انظر الاقتضاء (2/524) وأحكام أهل الذمة لابن القيم (2/722- 725)
والتشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي (335) .
[16] - الاقتضاء (1/454) .
[17] - شعب الإيمان (12/ 18) 8940 ورواه أبو داود والنسائي والبخاري في
الأدب المفرد وقال الألباني عنه إنه صحيح. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني
ج1 ص100، رقم الحديث (371).
[18] - المهذب البارع - ابن فهد الحلي - ج 1 - شرح ص 191 – 196
[19] - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 56 - ص 139 - 140
[20] - أحكام أهل الذمة (3/ 1248)
[23] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (6/ 228)
[24] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 555)
[25] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 745)
[26] - الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (6/ 754) لابن عابدين
[27] - المدخل لابن الحاج (2/ 46)
[29] - الموسوعة الفقهية الكويتية (12/ 8)
[31] - الرد على اللمع (ص: 185 وما بعدها)
[33] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي محمد حسن عبد الغفار (54/ 11،
بترقيم الشاملة
[34] - تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران
(ص: 22) المؤلف: حمود بن عبد الله
بن حمود بن عبد الرحمن التويجري
[35] - تشبيه الخسيس بأهل الخميس، ضمن مجلة الحكمة، عدد (4) ، ص 193
[36] - اللمع في الحوادث والبدع (1/294) .
0 التعليقات:
إرسال تعليق