موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 28 نوفمبر 2011

أبحاث في الديمقراطية(4) توراة الديمقراطيين


أبحاث في الديمقراطية(4)
توراة الديمقراطيين
رضوان محمود نموس

لقد انتهينا في الحلقة الثالثة إلى أن الديمقراطية ليست عملاً إجرائياً ينتهي عند الانتخابات بل هو منهج حياة للديمقراطيين ونظام شامل ينضوي على تنظيم حياة الديمقراطيين ويحدد ما هو محرم عليهم وما هو مباح لهم وكيف يتعاملون ويعاملون الآخرين كما يحدد الأنظمة المالية والتجارية والاجتماعية والعسكرية والسياسية ...الخ وبموجب قوانين مستندة إلى الدستور. والشعب أو ممثليه هو الذي يضع الدستور والقانون أو على الأقل لا يكون الدستور أو القانون معمولاً به إلا بعد موافقة الشعب مباشرة أو ممثليه وانتهينا إلى أن الديمقراطية بشكلها المعمول به هي (دين) بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.
وبما أن لكل دين كتاب مقدس ,وسنة متبعة, فللديمقراطيين أيضاً كتابًا مقدسًا وسنة متبعة.
فدين الإسلام كتابه القرآن وسنته هي قول وفعل وتقرير الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهي ما تعارف عليه المسلمون (بالسنة والمدونة في كتب السنة المعروفة وأشهرها صحيح البخاري وصحيح مسلم والسنن والمسانيد والمعاجم.
وهذا الدين وحده هو الدين الحق والذي لا يقبل الله سواه من أحد.
قال الله تعالى :(( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) [آل عمران:19] وقال الله تعالى ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [آل عمران:85]
وقال الله تعالى ((الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا)) [المائدة:3]
أما الديانات المحرفة والموضوعة والمخترعة فأهمها:
 اليهودية وكتابها المقدس (التوراة) وسنتها (التلمود) والنصرانية وكتابها المقدس (الإنجيل)  وسنتها (أعمال الرسل) والهندوسية كتابها المقدس (الفيدا) وسنتها (قوانين منو) والصابئة كتابها المقدس (الكنزاربّا) وسنتها (دراشة إديهيا) والنصيرية كتابها المقدس (الأسوس) وسنتها (كتاب المشيخة) والديمقراطية والديمقراطيون كتابهم المقدس (الدستور) وسنتهم (القانون) وحتى نعرف الديانة الديمقراطية بشكل أوضح ننظر إلى كتابهم المقدس (الدستور) وأهميته عندهم.

الدستور:
أولاً ظهور الدستور وديانة الديمقراطيين: ونحن نتكلم هنا عن الظهور الثاني الحديث بعد إزاحة الركام عن هذا الدين الذي اخترعه اليونان وتبناه الغرب الكافر: [وظهور المعنى الشكلي للدستور، كان نتيجة لانتشار حركة تدوين الدساتير في العصر الحديث، تلك الحركة التي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية ومنها إلى فرنسا، ثم إلى بقية الدول، حيث كانت دساتير الولايات المتحدة الأمريكية ثم دستورها سنة 1778م أول الدساتير المكتوبة في التاريخ الحديث، تلاه الدستور الأول للثورة الفرنسية سنة 1791م، وانتشرت بعد ذلك حركة تدوين الدساتير فعمت بلاد العالم](1)
ولأول مرة في الشرق عرف ما يسمى "البرلمان" في أيام إسماعيل باشا عام (1866م)، ثم خلفه الخديوي توفيق، ولأول مرة -أيضاً- في الشرق يعلن ما يسمى الدستور، فأعلن الدستور في الدولة العثمانية عام (1882م)
وأول مرة أعلن الدستور في البلاد العربية في سوريا الوطنية 1920  ودستور مصر عام 1923
ثانياً تعريف الدستور:
الدستور: [مجموعة المبادئ الرئيسية المنظمة لحياة الدولة السياسية والقواعد الأساسية التي تخضع لها هيئاتها, أو الوثيقة المتضمنة ذلك كله, ينطوي الدستور عادة على نصوص تصون الحريات العامة, والحقوق الشخصية, وتحدد سلطات الدولة المختلفة, وتنظم العلاقات في ما بين هذه السلطات من ناحية, وفي ما بينها وبين المواطنين من ناحية ثانية,](2)
دستور: [كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة التركية ثم شاعت في اللغة العربية وأصبح لها عدة معاني تطورت مع مرور الزمن, وتعني في وقتنا الحالي بأنها مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد شكل ونظام الحكم في الدولة, كما أن الدستور يبين طبيعة النظام السياسي وسلطات ووظائف هيئات الدولة وعلاقاتها واختصاصها فيما بينها, ثم علاقاتها مع المواطنين وواجباتهم وحقوقهم كما أن الدستور يعتبر ضماناً لحريات الأفراد والجماعات وحقوقهم, ويتعذر تعديل وتغيير الدستور إلا عندما تدعو الضرورة لذلك, وعملية التعديل أو التغيير تتوقف على مدى ما يتمتع به الدستور من مرونة أو جمود.](3)
دستور: [لفظ دستور يطلق اليوم في أكثر الدول العربية بمعنى القانون النظامي أو القانون الأساسي أو مجموع القواعد الأساسية التي تقرر نظام الحكم للدولة وسلطة الحكومة وطرق توزيع هذه السلطة وكيفية استعمالها كما تبين حقوق الأفراد وواجباتهم.
وللدستور شأن ليس لغيره من القوانين, وهو ما ينعت بسمو الدستور أو علوه أو بمركزه الممتاز بالنسبة للقوانين العادية حتى يصبح في مأمن من خطر الأهواء والفورات الوقتية, لذلك يتعذر أن ينال بالتعديل أو التغيير إلا عندما تدعو أقصى الضرورات, وفي حالة تعارض نصوصه مع القوانين العادية تكون الغلبة للدستور, فمن ثم لا يصدر قانون على خلاف حكم الدستور.](4)
الدستور: [أهم وثيقة في الحياة السياسية للمجتمع وفي بنيان الدولة, وهو مجموع القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم وشكل الحكم في الدولة, ولكل دولة دستور مكتوباً كان أم غير مكتوب كما هو الحال في بريطانيا. وتمتاز بعض الدساتير بالمرونة, أي بجواز تعديلها بقانون تصدره الهيئة التشريعية أو الهيئة التنفيذية في الدولة دون حاجة إلى إجراءات معقدة وخاصة, بينما تتصف دساتير أخرى بالجمود وتعديلها يتطلب إجراءات معقدة مثل استفتاء الشعب أو إجماع مجلس النواب أو أغلبية الثلثين أو الثلاثة أرباع.
يبين الدستور طبيعة النظام السياسي وهيئات الدولة وسلطاتها ووظائفها وكيفية انبثاقها وحركية تغيرها وعلاقاتها واختصاصاتها فيما بينها ثم علاقاتها مع المواطنين وحقوق المواطنين وواجباتهم, وهو ضمانة لحريات الأفراد وحقوق الجماعات ويفترض أن تقوم الهيئة القضائية بحمايته من أي عبث من قبل الهيئات الأخرى ومن هنا كان استقلال القضاء في الدولة أمراً حيوياً.(5)
 [الدستور هو القانون المهيمن، والموجه لقوانين تلك الدولة ونظمها](6).
[الدستور: - التعريف اللغوي: الدستور كلمة فارسية ...انتقلت إلى العربية من التركية بمعنى (قانون، وإذن) ثم تطور استعمالها حتى أصبحت تطلق الآن على القانون الأساسي في الدولة](7)
[التعريف الاصطلاحي: يعرف الدستور اصطلاحا بأنه مجموعة الأحكام التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها، وسلطاتها، وطريقة توزيع هذه السلطات، وبيان اختصاصاتها، وبيان حقوق المواطنين وواجباتهم](8)
فبعد هذه النقول عن المنظرين أو ناقلي التنظير لهذه الديانة الوضعية الجديدة نخلص إلى تحديد لمعالم الدستور فهو: {الكتاب الذي يحدد السلطة العليا في البلاد ويحدد المرجع للأحكام والقوانين ويعين مصادر التلقي للأمة ومشرعيها وهو الذي ينظم هذا الدين وله ولواضعيه الحكم والسيادة والأمر ولا مرد لأمره وإذا اختلف الناس في شيء فعليهم أن يردوه إلى الدستور}
وينطبق تعريف الدستور هذا على تعريف القانون الدستوري؛ لأن القانون الدستوري هو الأحكام الدستورية المطبقة في بلد ما، والدستور المطبق في بلد ما هو إلا مجموعة الأحكام الدستورية الخاصة بهذا البلد.
[فما هو الدستور بالنظر إلى موضوعه؟
وما هو الدستور بالنظر إلى شكله؟
بالنظر إلى الموضوع:
الدستور, بالنظر إلى موضوعه, هو مجموعة القواعد القانونية الأكثر أهمية في الدولة (تعريف فيدال). يعني القواعد التي تعد, في جوهرها وفي مدلولها وموضوعها, من المسائل الدستورية بصرف النظر عن الوثيقة التي تجمع فيها هذه القواعد. وتعتبر مسائل دستورية من خلال هذا التعريف, القواعد التي تعين شكل الدولة (متوحدة أم اتحادية) وشكل الحكم فيها (جمهورية أم ملكية) والأعضاء الذين يديرونها, وطرائق تعيينهم, وصلاحياتهم, كما تعين حقوق المواطنين.
وبالنظر إلى الشكل:
أما من زاوية الشكل, فالدستور هو الوثيقة التي تضم هذه القواعد, التي تخضع, سواء في سنها أم في تعديلها أم في إلغائها, لأصول خاصة تختلف عن الأصول التي تتبع في سن سائر القوانين وتعديلها وإلغائها](9)
[إن القانون الدستوري هو الذي يقر المبادئ الأساسية للقانون العام, وهي المبادئ التي تكفل للأفراد حقوقهم السياسية والمدنية والحريات العامة, أما القانون الإداري فيتولى وضع هذه المبادئ موضع التنفيذ ويعين شروط تطبيقها. أي أنه يعنى ببيان الحدود التي يجب على الأفراد مراعاتها, وبيان المسائل التفصيلية في ممارسة الحريات والحقوق.
ولكن بين القانون الدستوري والقانون الإداري حدوداً واضحة المعالم:
(أ) فالقانون الدستوري يعنى بدراسة النظام السياسي, أي نظام الحكم بمعناه الواسع الذي يشمل السلطتين التشريعية والتنفيذية وما يتصل باختصاصاتهما , وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بالسلطة التشريعية](10)
طريقة صنع الدستورالأسلوب الديمقراطي
هو الأسلوب الذي تسود في إرادة الشعب وحدها, ولا يكون لإرادة الحاكم أثر كبير فيه, ويطلق عليه اسم الأسلوب الديمقراطي, لأن الديمقراطية بتعريفها: هي حكم الشعب.
وينشأ الدستور بموجب الأسلوب الديمقراطي وفقاً لطريقتين هما:
-                   طريقة الجمعية النيابية التأسيسية.
-                   طريقة الاستفتاء الشعبي.
النبذة الأولى الجمعية التأسيسية
تتمثل الإرادة الشعبية في هذه الطريقة, بانتخاب هيئة نيابية تأسيسية يطلق عليها غالباً اسم (الجمعية التأسيسية أو المجلس التأسيسي) وتكون مهمتها وضع الدستور. وهكذا تتجلى إرادة الشعب وحده في إنشاء دستوره.
ولقد اتبعت هذه الطريقة في إنشاء الكثير من الدساتير الحديثة, مع انتشار المبادئ الديمقراطية, وقد اتبعت فرنسا في الماضي عند إنشاء دستوري 1848 للجمهورية الثانية و 1875 للجمهورية الثالثة. ومن أمثلة ذلك في الدول العربية, دستور الجمهورية التونسية (1957) ودستور دولة الكويت (1962)
النبذة الثانية الاستفتاء الدستوري
الاستفتاء هو الطريقة المثلى لتجلي إرادة الشعب في وضع الدستور, وهو إحدى ميزات الديمقراطية شبه المباشرة, فبعد أن تضع الجمعية التأسيسية مشروع الدستور وتقره, تطرحه على الشعب ليقول كلمته فيه, ولا يصبح نافذاً إلا إذا نال موافقة الشعب.
ولكن المشروع لا يكون دائماً من صنع جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب, بل قد يكون من صنع متولي السيادة نفسه, ملكاً كان أو رئيساً , فكثيرا ما يلجأ رئيس الدولة إلى وضع مشروع الدستور بواسطة لجنة من لجان القانون ويطرحه على الشعب للاستفتاء.
إن الاستفتاء الدستوري على المشروع الموضوع من جمعية تأسيسية, قد استعمل عند إنشاء دستور الجمهورية الرابعة الفرنسية (1946) ودستور الجمهورية الخامسة (1958) ودستور الجمهورية الجزائرية (1963) أما دستور المملكة المغربية (1962) فقد وضعته لجنة عينها الملك ثم طرح على الشعب لاستفتائه فيه فوافق عليه](11)
تعديل الدستور: [إن العرف هو مصدر هام من مصادر الدستور وخاصة في الدساتير العرفية المرنة ففي الدساتير المرنة والدساتير العرفية يكون تعديل الدستور هيناً كما يتم تعديل القوانين العادية.
ولكن عندما يكون الدستور من فئة الدساتير المدونة الجامدة فإن التعديل عندئذ لا يمكن أن يتم إلا الهيئة المعينة ](12)
فأي كان شكل الدستور وموضوعة فهو في النهاية كتاب لديانة اخترعها الديمقراطيين وهذا الكتاب المقدس عندهم مثل أصنام الجاهلية المصنوعة من التمر فإذا جاعوا أكلوها وإذا بالوا ولم يجدوا حجراً تمسحوا بها فأي دستور يمكن إلغاء العمل به بخط قلم من الطاغوت إذا شاء ويعلن حالة الطوارئ وينتهي الدستور ومن كتبه ومن نظمه وهذه سوريا مثلا من عهد الاستقلال الكاذب عن فرنسا منذ 65 عام منه 62عاماً هي محكومة بقوانين الطوارئ وفي مصر منذ أن تسلم حسني  قبل 31 عاماً إلى أن أطيح به 2011 وهو يطبق قانون الطوارئ وفي الكويت والأردن عندما يشعر الملك أو الأمير بشيء لا يعجبه يعمل وفق الدستور المفصل عل مقاسهم فيحل مجلس النواب ويعلق العمل بالدستور. وهذه طبيعة الديانات الوضعية قال الله تعالى ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)) [النساء:82] ولكن أنا للديمقراطيين التفكر بآيات الله والإيمان به قال الله تعالى ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) [الأعراف:179[
]الرقابة الدستورية بوجه عام
إن الدستور هو القانون الأسمى بين قوانين الدولة جميعاً, وهذا السمو هو نتيجة طبيعية لسيادة الدولة, لأن الدستور يعبر عن هذه السيادة. ولذلك يوضع الدستور في قمة الهرم الذي تتألف منه قوانين كل دولة وأنظمتها, ولذلك أيضاً تعتبر جريمة خرق الدستور (خيانة عظمى) تستلزم محاكمة رئيس الدولة والوزراء أمام محكمة خاصة.
ولكن لسمو الدستور حدوداً, لا في الحقل الداخلي فحسب, بل في الحقل الخارجي أيضاً.
إن الدولة بوصفها ذات سياسة تتمتع, مبدئياً, بالحرية الكاملة بأن تضع الدستور الذي تريد, ولكن الهيئة التأسيسية عندما تضع الدستور, تصطدم بحدود تفرضها حقوق من الداخل والتزامات مع الخارج.
إن الدول جميعاً ملزمة في الداخل, أن تحترم حقوق الأفراد المواطنين, هذه الحقوق التي تجد مصادرها في القانون الطبيعي, أكثر مما تجدها في القانون الوضعي.
والدول جميعاً ملزمة, في الخارج, باحترام المعاهدات الدولية التي عقدتها, وملزمة أيضاً بأن تضع تشريعها منسجماً مع هذه المعاهدات. والفقه الدستوري يعتمد لتحقيق هذه الغاية أسلوبين هما: أسلوب الثنوية القانونية, وأسلوب الأحادية القانونية.
فأسلوب الثنوية القانونية في الدولة يعني إنشاء نظامين قضائيين منفصلين ومختلفين: أحدهما يختص بتطبيق القوانين الداخلية حكماً بالاستناد إلى الدستور, والثاني يختص بتطبيق القوانين الدولية.
أما أسلوب الأحادية القانونية فيرتكز على نظام واحد, يعني بالقضايا الداخلية والدولية معاً, فعندما تعقد الدولة معاهدة ما, فإن هذه المعاهدة لا تمتاز عن القانون بشيء, على أنه إذا تناقض القانون الداخلي مع المعاهدة, فإن هذه المعاهدة هي التي يجب أن تفضل, عملاً بمبادئ القانون الدولي العام.
.... قلنا إن الدستور هو القانون الأسمى في الدولة. فهو الذي ينشئ أجهزتها, وهو الذي يحدد العلاقات بين هذه الأجهزة ويعين اختصاصاتها, وهو أخيراً الذي يعين أصول سن القوانين, ولذلك فإن خرق هذا القانون الأسمى يؤدي إلى نتائج في غاية الخطورة.
إن الدولة على حد تعبير العميد دوغي, هي دولة القانون.
وهذا يعني أن لا محل فيها للتصرفات الكيفية, فالحريات العامة تضمن حقوق المواطنين, وحقوق المواطنين كسائر نشاطات الدولة, يعينها القانون. فالحاجة تدعو إذن لمراقبة تطبيق القانون](13)
[رقابة دستورية القوانين
إن رقابة دستورية القانون, لا تعني معرفة ما إذا كان القانون قد طبق تطبيقاً صحيحاً أم لا, بل تعني معرفة ما إذا كان القانون قد سن موافقاً للدستور أم لا, إن الرقابة هنا تقع لا على تصرفات السلطة التنفيذية, أي الحكومة, بل على تصرفات السلطة التشريعية, أي البرلمان.
إن هذه الرقابة على السلطة التشريعية تثير, بطبيعتها, تساؤلات دقيقة, بالنظر لسمو السلطة التشريعية, التي تعتبر في رأي بعض الفقهاء تجسيداً للسيادة الوطنية, ولكن السيادة الوطنية, في الواقع, تتجسد في الدستور نفسه لا في الهيئة التشريعية, والدستور هو الذي يفوّض إلى السلطة المذكورة سن القوانين, وعندما يفوض إليها هذا الأمر فهو يعطي التفويض مقيداً بشرط. وهذا الشرط هو وضع القانون مطابقاً للدستور](14)
 ولكن عندما يريد الطاغوت إصدار قانون يتنافي مع الدستور فالأمر سهل يعدل الدستور ثم يصدر القانون وهذا حصل في كل البلاد التي احتاج طاغوتها لمثل هذا.
 ولقد حدد ت المسائل التي يجيب عليها الدستور في تسع نقاط هي :
[ لمن الحكم ؟
- ما حدود تصرفات الدولة ؟
- ما الحدود التي تعمل السلطات الثلاث في حيزها ؟
- ما الغاية التي تقوم لأجلها الدولة ؟
- كيف تؤلف الحكومة لتسير نظام الدولة ؟
- ما الصفات التي يتحلى بها القائمون بأمر الحكومة ؟
- ماذا يكون في الدستور من أسس المواطنة وبأي طريق يصبح الفرد عضوا في كيان الدولة؟
- ما الحقوق الرئيسة لمواطني الدولة ؟
- ما حقوق الدولة على المواطنين ؟](15)
وواضح من التعريفات التي ذكرناها أن الدستور هو مجموعة الأسس والقواعد التي تنظم أصل الحقوق والواجبات, والعلاقات الداخلية, والعلاقات الخارجية, وعلاقة الحاكم بالرعية, وعلاقة الرعية فيما بينها, وما هو مباح, وما هو محظور, وإليه تستند كل التشريعات التي تنظم حياة الأمة وما يخالفه يلغى وهو يعلو ولا يعلى عليه. وهذه الأوصاف لا تليق إلا بكلام الله عز وجل ولا يجوز ديانة أن يخضع الناس لمقولات أحد وتكون حاكمة بهذا الشكل إلا لكلام الله.
ولما كانت ديانة النصارى المحرفة لا يوجد فيها شيء من تنظيم الحياة لأتباعها سحبهم إبليس
إلى تأليهه وتأليه الهوى  المسيطر عليه من قبل إبليس فاخترعوا هذه الآلهة ليعبدوها من دون الله ثم لما احتلوا بلاد المسلمين ألزموهم بعبادة هذه الآلهة وعندما ارتحلوا وتركوا وكلائهم من بني جلدتنا استمر هؤلاء بالعبادة, وألزموا الشعوب بها.
والعجيب أن ترى أناس من دعاة الإسلام يرددون مع القطيع عن أهمية الدستور ووجوب التقيد به .
إن المسلمين لهم كتاب خالد أنزله الله على رسوله وقام هذا الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ هذا الكلام للمسلمين ولا يزيغ عن هذا الكتاب إلا هالك. وسنرد على مجازفات الدين الديمقراطي وأتباعه في نقطة الدستور بعد الانتهاء من قضية كتبهم المقدسة عندهم وهي الدستور والقانون.


[1] - د. محمد حسين عبد العال، القانون الدستوري، ص 13 - 14،
  [2] - موسوعة المورد/ منير البعلبكي/ المجلد الثالث/ ص:83
[3] - المصطلحات السياسية الشائعة/ فهد عبد الله المالكي/ ص: 107 – 108
[4]- القاموس السياسي/ أحمد عطية الله/ دار النهضة العربية/ ص: 521 - 522
[5] - موسوعة السياسة/ د. عبد الوهاب الكيالي/ الجزء الثاني/ ص: 679 – 680 
[6] - الإسلام والدستور (1/ 5):: توفيق بن عبد العزيز السديري 
[7] - السيد آدي شير، معجم الألفاظ الفارسية المعربة، ص 63
  [8] - د. عبد العزيز النعيم، أصول الأحكام الشرعية ومبادئ علم الأنظمة، ص 182

[9] - المجموعة الدستورية / أنور الخطيب/ الجزء السادس/ ص: 93 – 94
  [10] - المجموعة الدستورية/ أنور الخطيب/ الجزء السادس/ ص / ص: 96
[11] - المجموعة الدستورية / أنور الخطيب/ الجزء السادس/ ص: 102 – 103 
[12] - المجموعة الدستورية / أنور الخطيب/ الجزء السادس/ ص: 110
[13] - المجموعة الدستورية / الجزء السادس / ص: 122 – 123
  [14] - المجموعة الدستورية/ أنور الخطيب/ الجزء السادس/ ص:124 – 125
[15] - الإسلام والدستور /توفيق بن عبد العزيز السديري ص47


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.