موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

السبت، 19 نوفمبر 2011

دراسات عسكرية (3)


دراسات عسكرية (3)
رضوان محمود نموس
الانضباط
قبل الخوض في المواضيع التدريبية لابد من التركيز أن أي عمل مهما كان نوعه تكون فرص نجاحه قليلة وأحياناً معدومة إذا لم تحكمه قواعد وأنظمة ولا سيما العمل العسكري فلا يمكننا أن نتصور عملاً عسكرياً دون انضباط دقيق وواع وعلاقات منظمة مبنية على الشعور بالمسؤولية والاحترام المتبادل ولقد نبه القرآن الكريم والسنة المطهرة على ضرورة الطاعة التي تشكل العمود الفقري للانضباط، فقال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا)) [النساء:59] وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني) ([1]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك) ([2]).
ولكن هذه الطاعة المطلوبة والتي تعتبر مخالفتها شيئاً كبيراً وخطيراً ومخالفة لأوامر الله والرسول صلى الله عليه وسلم لازمة ما دامت لا تأمر بمعصية.
فلقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ([3]).
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا، فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»([4]).
فالانضباط هو كبح الانفعالات والأهواء وتطويعها لأمر الله جل وعلا ولأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة الرؤساء في غير معصية الله.
ويجب أن يكون الانضباط حازماً وعادلاً ومستمراً بل خلقاً دائماً وسمة ملازمة للمقاتل يشعر بالعزة والسعادة عندما يكون منضبطاً ويشعر بالذنب والإثم إذا خالف ذلك ويكون الانضباط بهذا الشكل عامل بناء وقوة.
أما إذا أسيء فهم وتطبيق الانضباط وأصبح تسلطاً تتحطم إرادة المرؤوسين وتذوب شخصياتهم وتضعف نفوسهم وتموت الأفكار لديهم وتدفن المواهب ويصبحون عناصر خاملة أشبه بالعبيد ولا يمكن خوض قتال وتحقيق نصر بأناس كهؤلاء لأن النصر لا يتحقق بالعبيد خاصة إذا كان هذا القهر والتسلط مستمراً في المستويات العليا.
أما الانضباط فهدفه العمل على صقل شخصية الرجل حتى يكون رجلاً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان قوية وسامية ونبيلة فبالرجال المؤمنين الأقوياء المنضبطين يتحقق النصر بإذن الله.



[1]) متفق عليه. مسلم كتاب الإمامة حديث رقم 32 ، والبخاري كتاب الجهاد باب 109.
[2]) مسلم إمارة حديث رقم 35.
[3]) متفق عليه ، مسلم ، إمارة حديث رقم 38 ، البخاري جهاد باب 108.
[4] )- صحيح البخاري (5/ 161برقم 4340)

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.