العقيدة أولاً لو كانوا يعلمون
رضوان محمود نموس
العقيدة هي روح الأمّة ومحرّكها الأساسيّ والنور الذي يضيء لها الطريق ويحدّد لها الأهداف ويضبط الوسائل، هي القوة التي تدفع للنهوض وتجعل الأجسام تجفو عن المضاجع. وعندما يتبنّى رجل أو جماعة أو أمّة العقيدة. ونقصد بالعقيدة العقيدة الإسلامية، غالباً يكون التبنّي على إحدى طريقتين، إما على الطريقة الفيزيائية أو الكيميائية، والطريقة الفيزيائية هي جمع معلومات وحفظ قواعد عن العقيدة في ذهن رجل ما، فلو سألته عن الاعتقاد لأجاب وربما فصّل وأسهب وأصّل وفرّع.
والطريقة الفيزيائية هي خلط عنصرين مع احتفاظ كل عنصر بخصائصه.
وعلى ضوء هذه الطريقة يبقى الرجل العقائدي الفيزيائي محتفظا بخصائصه التي كانت له قبل الخلط. ويأتي العنصر العقائدي بخصائصه ليتراكم في عقل ذاكرة ذاك الرجل، ومثال ذلك لو خلطنا برادة حديد مع التراب يبقى كل عنصر محتفظا بخصائصه وإذا مرّرت مغناطيس على الخليط اجتذب الحديد وترك التراب.
أما الطريقة الكيميائية فهي اتحاد عنصرين مع بعضهما فيفقد كل عنصر خواصه ويتشكل عنصرًا جديدًا واحدًا له خصائص جديدة لا علاقة لها بالعناصر السابقة، مثال ذلك عندما يتّحد الأوكسجين مع الهيدروجين ينتج عن ذلك الماء، والماء مختلف في خصائصه واستعمالاته عن كل من الهيدروجين والأوكسجين.
ونضرب مثالين على الواقع البشري:
مثال على الطريقة الفيزيائية: حدثني أحد العلماء الأفاضل قال: عندما كنت أدرس الدراسات العليا في الأزهر كان هناك أستاذ آية في التدريس، حفظ كثيراً من القرآن والحديث والشعر والمتون وكان يُدَرِّس بطريقة عجيبة تدل على سعة علم وكبير إطلاع، فأردت أن أزوره في بيته حبا له، وذهبت يوما مع صديق لي إلى بيت الأستاذ فما أن وصلنا إلى الباب حتى فُتح وخرجت منه فتاتان لم يسترا من جسمهما أكثر من 35% فغضضت بصري وقلت كيف تتجرأ مثل هاتين الفتاتين على زيارة الشيخ، ورجعت الفتاتان وبرز الشيخ مرحباً وأدخلنا غرفة الضيوف، وبعد قليل دخلت الفتاتان ومع إحداهن القهوة ومع الأخرى بعض البسكويت، فغضضت بصري حتى ضحك مني الشيخ وقال: خذ القهوة. ولمّا رأت الفتاتان حالتي رجعتا. فسألتُ الشيخ، من هاتان الفتاتان، فقال مفتخراً: إنهن بناتي. فقلت له: ألست أنت الذي تعلمنا دروس الفقه وتتلو الآيات وتقرأ الأحاديث وأقوال العلماء، وقبل أن أتمّ ضحك الشيخ مني وقال: إنّها مصيبتكم في خلط الأمور وربطها ببعض، وقال في اللغة العامية (يابني ماتخلطش دا بدا، دا علم ودا سلوك واللي يخلط بينهم حيتعب . هذا مثال للخلط الفيزيائي. فهذا الشيخ عرف العقيدة متونا تضبط، وآيات وأحاديث تحفظ لتتلى على الطلبة كجزء من عمل وظيفي، ولم يلامس هذا العلم شغاف قلبه.
أما الاتحاد الكيميائي فإليك نموذجا منه: مرّ رجل من التابعين في البادية ونزل على أعرابي فقال له الأعرابي علمني مما تعلم، فقال التابعي: قال تعالى:) وفي السماء رزقكم وما توعدون ( سورة الذاريات 22.. فقفز الأعرابي إلى ناقته الوحيدة ونحرها، فقال له التابعي متعجبا لم فعلت هذا؟ قال: ألم تقل أن الله يقول: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) قال بلى قال إذن لا أخشى الفقر.
وانصرف التابعي بعد ليلته ورأى الأعرابي في موسم الحج عند الكعبة يهرول إليه قائلا كم فتح الله علي بالآية التي علمتني فزودني زادك الله علما فقال التابعي قال تعالى: ) فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون ( سورة الذاريات 23.
فصاح الأعرابي واسوأتاه من أحوج رب العزة إلى أن يقسم؟! وخرّ مغشيا عليه.
فهذا الأعرابي تفاعل مع الآيات تفاعلاً كيميائيا غيّر هذا التفاعل من خصائصه وميزاته وحوله إلى كائن جديد.
لقد اتحدت العقيدة مع جيل الصحابة اتحاداً كيميائيًا
فغيرت من خصائصهم وحولتهم من رعاة إبل إلى قادة الدنيا, من غفلة ظلمة إلى مشاعل هداية ونور, من رجال لا يفكرون إلا بلذاتهم إلى رجال يعملون لإنقاذ البشرية.
وهذا التلقي والتفاعل يكون على شكلين أيضاًر
الشكل الأول: تلقي الجندي، يتلقى النصوص من آيات وأحاديث ليفهم وينفذ ويطيع. فَهِم الإسلام استسلاماً لأوامر الله والرسول لا يقدم بين يدي الله ورسوله امتثالاً لقوله تعالى:) يآ أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( سورة الحجرات: 1
وامتثالا لقوله تعالى:) آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير( سورة البقرة 285.
وامتثالا لقوله تعالى:) قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيّون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ( سورة البقرة 135 . وقوله تعالى:) هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب ( سورة آل عمران 7 . ) إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ( سورة النور 51.) إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ( سورة الأنفال 2 - 4 .
وعندما وصف رسول الله e مرحلة التفاعل الكلي وسماها بالإحسان قال السائل وهو جبريل u (ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وفي رواية: تخشى الله كأنك تراه) متفق عليه - البخاري 50 ومسلم 9.
وعن أبي الدرداء عن النبي e قال: (لكل شيء حقيقة وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه) مسند أحمد 26944.
وفي حديث حارثة المشهور وقد روي من وجوه مرسلة وروي متصلاً والمرسل أصح أن النبي e قال له: (كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا حقاً. قال أنظر ما تقول فإن لكل قول حقيقة. قال يا سول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة كيف يتزاورون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار كيف يتعاوون فيها. قال: أبصرت فالزم. عبدٌ نور الله الإيمان في قلبه) النسائي 4 / 82. وصححه ابن حبان 160.
وعن معاوية بن حيدة قال قلت يا رسول الله ... (ما آية الإسلام؟ قال أن تقول أسلمت وجهي لله وتخليت) - أحمد 5 / 3 - 4
وعندما كان المسلمون على هذا المستوى وعبدوا الله ربنا الذي وصف نفسه فقال:)ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( سورة الشورى 11. وآمنوا وصدقوا دون تأويل أو تعطيل أو تشبيه بأنه جل وعلا في السماء مستو على عرشه سميعاً بصيراً عالماً قادراً مريداً يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، يفرح بتوبة عبده وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير ويقول هل من مستغفر فأغفر له ويتقرب لعبده المطيع ويغضب على عبده الكفور ويضحك لعبده المجاهد ويجيء يوم القيامة والملائكة صفاً صفاً ويكلم عباده، ويمنّ على المؤمنين بالنظر إلى وجهه الكريم. عندما كانوا متفاعلين مع الإيمان فهموا القرآن والسنة تعليمات أنزلها الله للتنفيذ لا للجدال فوصفوا ربهم بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله من غير تأويل ولا تعطيل ولا إلحاد ولا تشبيه. وقالوا آمنا به كل من عند ربنا. عندما كانوا هكذا نصرهم الله وهم قلّة وفتحوا الدنيا بالإيمان لا بالعدد والعدة وأعزّهم الله بالإسلام لا بالتحالفات السياسية ولا بالشراكات مع المرتدين والكفرة ولا بمسايرة أطروحات القوى العالمية مثل الديمقراطية والدولة المدنية والتعددية السياسية ولا بمناشدة الكفار كي يساعدونا ووو....الخ.
وهؤلاء قوم طالوت ما انتصروا إلا بالقوة المؤمنة المتوكلة المتفاعلة مع الدين ولم يغن الزبد الكثير شيئاٌ. قال تعالى واصفا قصتهم:) فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين. ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين (.
وقال تعالى:) ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض (.
وإذا أردنا أن ننتصر على عدونا ويمكّن الله لنا في الأرض فالطريق معروف والسبيل بيّن والمحجّة واضحة، لا لَبَس ولا غَبَش، فما علينا إلا أن نصلح عقيدتنا ونؤمن بالله حق الإيمان ونتفاعل مع الدين لتصوغ العقيدة منا رجالاُ جدداً يحملون هذا الدين بأمانة فيحملهم هذا الدين إلى التمكين فلا نشرك بالله شيئاً لا من هوى ولا عقل ولا مصالح نتوهمها ولا قوى عالمية ولا غير ذلك. فلقد قال الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله e: قال الله تبارك وتعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) مسلم 2985.
فمن أراد التمكين فليخلص نيته وعمله وتوجهه لله وحده لا شريك له ويصلح عقيدته ويجدد توبته. قال تعالى:) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (
ولقد قال الشهيد سيد قطب في هذا المعنى: [) إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وألئك هم المفلحون (.
فهو السمع والطاعة بلا تردد ولا جدال ولا انحراف، السمع والطاعة المستمدان من الثقة المطلقة في أن حكم الله ورسوله هو الحكم وما عداه الهوى النابعان من التسليم المطلق لله واهب الحياة المتصرف فيها كيف يشاء ومن الاطمئنان إلى أن ما يشاؤه الله للناس خير مما يشاؤونه لأنفسهم... يتحدث عن الطاعة كافة في كل أمر ونهي مصحوبة هذه الطاعة بخشية لله وتقواه والتقوى أعم من الخشية فهي مراقبة الله والشعور به عند الصغيرة والكبيرة. والتحرج من إتيان ما يكره توقيراً لذاته سبحانه وإجلالاً له وحياء منه.... فالطاعة لله ورسوله تقتضي السير على المنهج القويم الذي رسمه الله للبشرية عن علم وحكمة وهو بطبيعته يؤدي إلى الفوز في الدنيا والآخرة وخشية الله وتقواه هي الحارس الذي يكفل الاستقامة على النهج وإغفال المغريات التي تهتف بهم على جانبيه فلا ينحرفون ولا يلتفتون.
وأدب الطاعة لله ورسوله مع خشية الله وتقواه أدب رفيع ينبئ عن مدى إشراف القلب بنور الله واتصاله به وشعوره بهيبته] الظلال 4 / 2527.
ويقول سيد رحمه الله: [إن حقيقة الإيمان التي يتحقق بها وعد الله حقيقة ضخمة تستغرق النشاط الإنساني كله، وتوجه النشاط الإنساني كله. فما تكاد تستقر في القلب حتى تعلن عن نفسها في صورة عمل ونشاط وبناء وإنشاء موجه كله إلى الله، لا يبتغي به صاحبه إلا وجه الله، وهي طاعة لله واستسلام لأمره في الصغيرة والكبيرة، لا يبقى معها هوى في النفس، ولا شهوة في القلب، ولا ميل في الفطرة إلا وهو تبع لما جاء به رسـول الله e من عـند الله....فإذا استقمتم على النهج فلا عليكم من قوة الكافرين. فما هم بمعجزين في الأرض، وقوتهم الظاهرة لن تقف لكم في طريق. وأنتم أقوياء بإيمانكم، أقوياء بنظامكم أقوياء بعدتكم التي تستطيعون. وقد لا تكونون في مثل عدتهم من الناحية المادية ولكن القلوب المؤمنة التي تجاهد تصنع الخوارق والأعاجيب...
إنه ما من مرّة سارت هذه الأمة على نهج الله، وحكمت هذا النهج في الحياة، وارتضته في كل أمورها إلا تحقق وعد الله بالاستخلاف والتمكين والأمن. وما من مرة خالفت عن هذا النهج إلا تخلفت في ذيل القافلة، وذلت وطرد دينها من الهيمنة على البشرية واستبدّ بها الخوف وتخطفها الأعداء] الظلال 4 / 2528 - 2530.
لقد دانت الدنيا للمؤمنين حقًا المتوكلين صدقًا المستسلمين لله يقينًا، الذين يقرؤون كلام الله ورسوله للتطبيق لا للجدال، ثم برزت الفتنة برأسها فظهر الشكل الثاني للتلقي. تلقي للتحكم بالنصوص وتطويعها حسب الآراء والأهواء. ظهر التقديم بين يدي الله ورسوله. ظهر علماء الطواغيت الذين يبررون لهم كل كفر, ظهر الانهزام النفسي والدعوة إلى مسيرة الكفار ظهر التأويل الممسوخ الذي يدعو لمبادئ الكفار ويلبسها لبوس الإسلام, ظهر الهجوم على المجاهدين ونعتهم بالإرهاب والتطرف ووو... من بني جلدتهم وممن يسمون أنفسهم أو يسميهم الناس علماء. ظهر من يقسم الإسلام إلى إسلام متطرف وإسلام متوسط, وإسلام حداثي!!!!.
إسلام يقبل الآخر (أي الكفر) ويقبل إن يكون إمامه من الكفار _هكذا تريد التعددية وتداول السلطة- إسلام يريد منهجً 20% إسلام والباقي كفر.
ظهر مسلمون يدعون للتحالف مع المرتدين والكفار لإقامة دولة ترضي الجميع (كوكتيل كفري).
ولو رجعنا إلى التاريخ القريب جدًا لرأينا فيه العبر.
لقد قامت ثورة الخميني فأيدتها الدهماء والرعاع تبعاً لأرباع المتفقهين فضلّوا وأضلّوا ورجعوا جميعا بالخزي والخسران.
وقامت حركة جهادية في سوريا فذهب بعضهم للتحالف مع عشرات الطواغيت ضد طاغوت بلاده، ولست أدري ما هو الفرق بين طاغوت سوريا وطاغوت العراق وطاغوت الدروز والعلمانية والنصيرية والشيوعية الذي تحالفوا معه. وقام أحد كبرائهم يهذي بكلام تضحك منه الثكلى ليقول: من أعلى قمة من قمم التميز نتحالف مع.... . أي تميز يا مسكين؟!
وقال آخر نحن لسنا ضدّ الطاغوت بل ضدّ دكتاتورية الطاغوت. فلسفة وتفصحن يعجز عنها سحبان وائل. ولما لم يبعثوا العقيدة الصحيحة قال كبيرهم الذي بشر أبناء سوريا بالفتح القريب:[ ما يحدث لأهل الطريقة الرفاعية من كون النار لا تؤثر فيهم ومن كونهم يضربون أنفسهم بالرصاص أو بالسيوف ولا يؤثر ذلك فيهم وهذه قضية منتشرة مشتهرة محسة وقد تتبعها الكثيرون من المنكرين فرجعوا عن الإنكار، والواقع المشاهد أن ما يحدث لهؤلاء لا يمكن أن يكون سحراً لأن السحر جزء من عالم الأسباب وهاهنا لا تجد لعالم الأسباب محلاً كما أنه لا يمكن أن يكون من باب الرياضيات الروحية لأن هؤلاء قد تحدث للواحد منهم هذه الخوارق من دون رياضة روحية أصلاً بل بمجرد أن يأخذ البيعة عن الشيخ بل أحياناً بدون بيعة... إن هذه الخوارق تظهر على يد فساق من هؤلاء كما تظهر على يد صالحين وهذا صحيح. والتعليل لذلك هو أن الكرامة ليست لهؤلاء بل هي للشيخ الأول الذي أكرمه الله عز وجل بهذه الكرامة وجعلها مستمرة في أتباعه من باب المعجزة لرسولنا عليه السلام فهي كرامة للشيخ الذي هو الشيخ أحمد الرفاعي ] تربيتنا الروحية لسعيد حوى 217 - 218.
ودخلت القوات النصيرية الطاغوتية الكافرة ودمرت مدينة الشيخ وهدمت المساجد واستباحت الحرمات ولم يظهر أبناء الطريقة الرفاعية. ولا ندري أين كانوا !!!.
هذا الخلل العقائدي أدّى لهزائم وانتكاسات ما زلنا نعاني منها، ففي مصر قامت جماعات ضد الطاغوت ولكنها تحالفت مع من هو أسوأ منها في إيران والعراق وغيرها. وأخيرا نقضوا غزلهم ورجعوا يطالبون بحزب سياسي تحت مظلة الطاغوت. ما كان هذا ليحدث لو أن عقائد القوم سليمة واستسلامهم لله كامل ولم يشركوا الأهواء والمصالح ولعاقة الدنيا.
وفي تركيا حدث ولا حرج وفي إيران قام المولوي عبد الملك بن عبد العزيز البلوشي بحركة جهادية وجمع حوله بعض الشباب المجاهد وذهب إلى القذافي يستمده العون فأخذ القذافي المعلومات الكاملة عن الجماعة وأعطاها لإيران فقامت إيران باغتيال الشيخ، وقتلوه في كراتشي ودمرت تنظيمه، وهذه ثمرة عدم الاهتمام بالعقيدة. ويمكنني أن أقول باطمئنان أن جميع النكبات التي حصلت بنا هي نتيجة طبيعية لانحرافنا عن العقيدة الصحيحة. وما لم نصحح العقائد قبل العمل سيبقى عملنا خبط عشواء وسعي حاطب ليل، فالبدار البدار لتصحيح العقيدة وتجديد التوبة وتوثيق الصلة بالله. فهو وحده المعتمد ومنه وحده النصر وعليه وحده التكلان.
0 التعليقات:
إرسال تعليق