الخـونـة
رضوان محمود نموس
عقد أشباه الرجال ممن سلطهم الله على هذه الأمة لتخلفها عن جهادهم ومقارعتهم عقدوا صلحاً مع يهود.
والواقع المر أن الصلح مع يهود واللقاءات السرية لم تنقطع منذ عام 1948 وكل الحكام كانوا ينشدون ود يهود في السر، ويعلنون الحرب عليهم في العلن، حتى تم لهم تدجين الشعوب وأصبح الوقت ملائماً لإعلان ما أبرم من عشرات السنين.
وفي أحد فصول المسرحية المقرفة كان الصراع حول المدة التي يتكلم فيها الوفد الفلسطيني بقيادة الخونة، والحقيقة أن الخيانة أشرف منهم ولكنني لا أعرف في لغتنا ما يناسب أفعالهم، ربما لأن واضعي اللغة أو من نحت وولد منها الكلمات لم يكن يخطر بباله أن خلائقاً يمكن أن تصنع صنيع هؤلاء.
فإن قلت مومسات، ظلمت المومسات، فسمهم ما شئت فكل الأسماء في المعاجم الدنيئة أعلى منهم قدراً وأرفع منزلة، وبينما أصر يهود على أن لا تتكلم هذه الكائنات أكثر من عشر دقائق طالبت هذه الكائنات التافهة بمدة خمس وأربعين دقيقة، وحققوا الانتصار الكبير الذي تتضاءل أمامه كل النكسات والهزائم في التاريخ وكان لهم ما طلبوا، وأمام هذا النصر المؤزر لم يسعني إلا أن أكتب هذه القصيدة:
أيا مدريد قـومي هنئينـا ** فإنا قـد أتينـا فاتحـينا
وزفينـا إلى الدنيـا جميعا ** وبالغـار المنـمق كـللينا
فتحنا في قلوب الشعب جرحاً ** وأخدوداً لحرق المسلمينا
أتيناك بذكـرى زوال مـلكٍ ** ونصرٍ للرفاق الملحدينا
أتينـاك وخـلفنا شـعـوباً ** تئن لنصرنا الغـالي أنينـا
أتيناك بأبـطال المـلاهي ** بإكرام اليهود مجربينـا
ووقعنا صحائف من سلام ** بها سدنا فنحن الأكرمينا
نقدم شعبنا كبشاً سمينـاً ** ليأكل بوش والمتصـهينونا
فنحن المانحين الناس أرضاً ** وللأقصـى فنحن الواهبينا
ولا نخشى إذا ضاعت بلاد ** فقبل الأرض مات الدين فينا
نقيم الليل ما بين الغـواني ** وفي الإصباح نحن النائمينا
ونشرب من دماء الشعب كأساً ** ونبذل ماله متقامرينا
وثروات البـلاد لنـا اقتداراً ** وننفقها لنحيا ماجـنينا
ونرمـي فـوق أفخاذ الـبغايا ** ملايناً فأصل الجود فينا
ورام الخصم أن لا يعطي وقتاً ** لنا بالنطق والقول المبينا
هزمـناهم هزائـم منـكرات ** وفي الميدان كنا القائلينا
أخـذنا وقتنـا كبني يهـود ** تكلمنا فنـحن الفـائزينا
وقلنـا قـولنا وبمـلء فينـا ** وكان كلامنا فصلاً مبينا
وضـاقت فوهنـا عما أردنـا ** فصغرنا وقلنا ملء فينا
كلام نـال غـايات الـمعالي ** وفي الصالات كان له طنينا
ودوى كالـمدافع هـادرات ** وجاب صداه أفق العالمينا
وكان رنينه كالسيـف يهوي ** على أعرابنا والمسـلمينا
وسفه من يقول السيف أمضى ** من القول الذي قلنا رصينا
أبو تمام جانـب كل حـق ** إذا امتدح السيوف مسلطينا
وغض الطرف عن قول بليغ ** به جـدنا بأرض الماجدينا
فإن أخذوا البلاد ومـا حوته ** وإن هدموا بيوت الآمنينا
وإن قصفوا المسـاجد والمباني ** وإن سملوا من الشعب العيونا
وإن أسروا الحرائر واستباحوا ** دماء الأهل أو ذبحوا البنينا
فلا يعـدل بأنا قـد نـطقنا ** وقلنا ما نشاء ومـا هوينا
ضحكنا عليهم في أخـذ مال ** وأعطيناهـم أرضاً وطينا
وبالأموال شيـدنا المـلاهي ** وصالات لرقص الراقصينا
فمن لم يله أو لم يـزن يوماً ** ولم يملأ من الخمر الـبطونا
فما عرف الحياة ولا المعـالي ** ولا الأمجاد أو رفع الجبينا
فمـا الأمجاد إلا كأس خمـر **** وغـانية وليـل يحـتوينا
ومزماراً تـذوب لـه الليالي **** فيـوقد ثـورة حمراء فينا
فنـعدوا ما نشاء على العذارى **** وإن شئنا نميل على البنينا
فلا شعـب يطـيق لـنا قتـالاً ** ولا الحانات تعصي ما حيينا
أتينـا بالـدروع السـمر حتى **** ملأنا شوارع البلد الأمينا
وفي الحارات وزعنـا جـيوشاً **** وللأبواب باتوا راصدينا
لنـحمي جـارنا من كل وغد **** ونقتل أهلنا إن خالفونا
فنحن الـبارزون إذا خطبنـا **** وفي مدريد كنا القائليـنا
0 التعليقات:
إرسال تعليق