موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

بين الديمقراطية والإجماع


بين الديمقراطية والإجماع

رضوان محمود نموس

هناك من يرى أن الديمقراطية والتصويت على مسألة ما في البرلمان وفوزها برأي الأغلبية يشكل إجماعاً بل هو ما يمكن أن يسمي إجماع. فاعتبر الإجماع هو الظاهرة الديمقراطية.
وهو بهذا لا الإجماعَ عَرف، ولا الديمقراطية اكتشف، وإن المسافة بين الإجماع وبين الديمقراطية كالمسافة بين الإيمان والكفر، كما هي المسافة بين المسلمين أصحاب الإيمان الحق وكفرة اليونان.
فما الإجماع؟ وما الديمقراطية؟ وما الفرق بينهما؟

أما الإجماع فهو: (اتفاق المجتهدين من أمة محمد  بعد وفاته في عصر من العصور على حكم شرعي(1)
أما الديمقراطية فهي يونانية المولد، أوربية النشأة، كفرية المعتقد، وإليك تعريفها فهي: [نظام سياسي اجتماعي، يقيم العلاقة بين أفراد المجتمع والدولة وفق مبدأ المشاركة الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة، أما أساس هذه النظرية فيعود إلى المبدأ القائل: بأن الشعب هو صاحب السيادة، ومصدر الشرعية، أما اشتقاق التعبير فيعود إلى كلمة يونانية، وتعني حكم الشعب (2)
وأما المقصود بالسيادة في تعبيرهم فهو: [السلطة العليا التي لا تعلوها سلطة، ومركز إصدار القوانين والتشريعات، وتتصف السيادة:
- بالقطعية أي أنها هي الشرعية العليا ولا حدود لسلطتها في سن قوانين الدولة.
- والعمومية الشاملة لجميع الأفراد والمنظمات داخل حدود الدولة.
- والدائمية بحيث يستمر مفعول السيادة.
- واللا تجزئية، لأن السيادة تتضمن عدم المشاركة والتقسيم، فلا يمكن أن يكون هناك أكثر من سيادة واحدة.
بينما ركز المسلمون على التعاليم الإسلامية، ونهج الرسول العربي في هذا الشأن، أما جان جاك روسو فقد وضع السيادة القطعية في إطار إرادة الشعب(3).
ثم إن الديمقراطية ليست ديمقراطية واحدة؛ بل ديمقراطيات متعددة، وتُعَدِّدها الموسوعة السياسية تحت عناوين: (ديمقراطيات شعبية، ديمقراطية اشتراكية، ديمقراطية تمثيلية، ديمقراطية غير مباشرة، ديمقراطية مباشرة، ديمقراطية شبه مباشرة، ديمقراطية مركزية، ديمقراطية مسيحية، ديمقراطية موجهة، ديمقراطية نيابية... إلى آخر الديمقراطيات(4).
ونحاول أن نعقد مقارنة ولو جزئية بين الإجماع و الديمقراطية على النحو التالي:

 1- مستند الإجماع: كلام الله تعالى: (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) [النساء:115] والحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {لا تجتمع أمتي على ضلالة}(5)
1-  مستند الديمقراطية: كلام بعض فلاسفة اليونان وبعض رجال أوربا الكفرة مثل: مونتسكيو, وجان جاك روسو، وإبراهام لنكولن وغيرهم،  مع الخلاف بينهم. فلنكولن يقول (حكم الشعب بواسطة الشعب لصالح الشعب) وجان جاك روسو يقول: (لا يطيع الفرد إلا نفسه), ولقد وصف أفلاطون وأرسطو الديمقراطية بأنها حكم الرِّعاع.

 2- الإجماع هو إجماع العلماء المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم  على أمر شرعي.

 2- والديمقراطية قرار أغلب النواب، سواء كانوا ينتسبون اسماً إلى أمة محمد، أو للنصارى، أو اليهود، أو الهنادكة، أو المجوس، أو الشيوعيين الوجوديين، أو العلمانيين اللادينيين أو النصيريين أو الدروز المرتدين على أمر يخصُّ هؤلاء الممثلين، أو من يمثلونهم.

3-  الإجماع حكم شرعي, يجب على أمة محمد r  في كل أنحاء الأرض الأخذ به.

 3-والديمقراطية تتعلق بقرار برلمان يخص دويلة من صنع سايكس بيكو، أو غيره، سواء كانوا من ذراري المسلمين، أو من الكفار، أو المرتدين.
4-  الإجماع من خصائص أمة محمد r.  ولو اجتمعت الدنيا بأسرها، وخالف مجتهدان فما فوق من أمة محمد r لا يكون إجماعاً.
 4- والديمقراطية من خصائص اليونان والدول الكافرة ومن سار على نهجها، ولكل دويلة ولو كانت مساحتها كمساحة المسرح، وعدد سكانها كعدد أسرى الروم في معركة اليرموك أو إماء المعتصم أو عبيد هارون الرشيد لها ديمقراطياتها وممثلوها، وقوانينها التي لا تتعدى حدود هذه الرقعة.
5-  للمجتهد الذي يكون عضواً في الإجماع شروط: أولها: - الإسلام، وأن يكون عالماً بالقرآن، عالماً بالسنَّة، عالماً بمسائل الإجماع، عالماً باللغة العربية ..الخ.
5-  وللممثل الديمقراطي شروط منها: الحصول على الجنسية المخترعة حسب اتفاقية سايكس بيكو، أو غيرها، والحصول على عدد من أصوات الرِّعاع، وبلوغه سناًَ معينة ولو لم يحفظ من القرآن كلمة، ولو كان مرتداً، أو زنديقاً، أو علمانياً لا دينياً، أو هندوكياً، أو مجوسياً، أو وجوديّاً شيوعياً.
6- مصدر السيادة عند أهل الإجماع هو الله عز وجل.
6- ومصدر السيادة عند أهل الديمقراطية هو الشعب، ثم تنتقل السيادة إلى ممثليه.
7-  الحكم عند أهل الإجماع هو لله وحده، لقوله تعالى:) إن الحكم إلا لله(، وعملهم هو الكشف عن حكم الله، واستنباطه من خلال النصوص الشرعية من الكتاب والسنة.
7-  والحكم عند أهل الديمقراطية هو للشعب، لقولهم بأنها " حكم الشعب "، ولقد كتبت بعض الدول -  مثل تركيا -  على برلمانها حَفْراً على الحجر " إن الحكم إلا للشعب ".
8-  الإجماع لا يمكن بحال أن يخالف نصاً شرعياً، ولا بد أن ينضوي تحت قاعدة شرعية كلية.
8-  وقوانين الديمقراطية الشعبية لا تتقيد لا بكتاب, ولا بسنة, ولا بدين.
9- أهل الإجماع هم مجتهدو الأمة الإسلامية الذين بلغوا درجة الاجتهاد، وأخذوا العلم من مصدره الرئيس، وهو الذكر المتمثل بالقرآن والسنة.
9-والممثلون الديمقراطيون هم من استطاعوا القفز إلى مجلس الممثلين لجاه, أو لمال, أو لحزب, أو لدعم عصابات، أو لعلاقات سرية، أو لولاءات جاهلية، أو لمحافل ماسونية أو لعمل بالدعارة ...الخ .
10-  الإجماع لا يكون إجماعاً إلا باتفاق المجتهدين، سواء كانوا منتخبين أم لا، مواطنين أم لا، عرباً أم عجماً.
10-  وقوانين الديمقراطيين تصدر برأي الأغلبية، ولابد من كونهم ممثلين،ولو كان الممثل طبَّالاً، ولا يعتدُّ بمخالفة جميع علماء الأمة إذا لم يكونوا ممثلين.
11- الإجماع مقيَّد بأصول الدين، وكليات الشريعة.
 11-وقرارات الديمقراطية تجري وفق ما رسمه جان جاك روسو، وتتبع أهواء الرِّعاع والمتنفذين.
 12- الإجماع يجتمع له المجتهدون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في كل أصقاع الأرض، ولو خالف اثنان فما فوق، وقيل واحد ينقض الإجماع، حتى لو كان المجمعون في الرباط والمخالف في جاكرتا.
12-  وقرارات الديمقراطية يجتمع لها ممثلو الرقعة التي صنعت بقرارات سايكس بيكو، أو غيرهما، ولا علاقة لهم بغيرهم، ولو كانوا جيرانهم الأقربين،وأبناء عمهم، أو إخوانهم .
13-  إذا اجتمع المجتهدون من أمة محمد r على أمر، ولو من ألف عام لا تجوز مخالفته الآن, أو أبد الدهر.
13- وقرارات الديمقراطيين: كلما جاءت أمة لعنت أختها، ونقضت ما بناه السابقون، وعندهم كلام الليل يمحوه النهار.
14-  الإجماع يبحث أمراً شرعياً.
14- وممثلو الديمقراطيات يبحثون بأمور دنياهم فقط فربما يجمعون على فتح الخمارات، والبنوك الربوية ودور الدعارة
15- مخالفة الإجماع حرام شرعاً، وربما تكون كفراً.
15-  ومخالفة قوانين الممثلين قد تكون واجبة شرعاً،  وقد تكون طاعتها كفراً.
16-  الإجماع إسلامي المولد والنشأة، إسلامي البيئة والهدف.
 16-والديمقراطية يونانية المنشأ، كفرية النشأة، رعاعية البيئة، ضلالية الأهداف.
هذه هي بعض أوجه المقارنة التي تبيِّن لنا الفرق بين النور والظلمات، بين الحق والباطل. بين الإجماع والديمقراطية. ولو أردنا استقصاء كل الفروق لاحتجنا إلى تصنيف مستقلّ.
فهل يتقي الله الذين يروجون للديمقراطية من الذين يطِلق عليهم اسم:(علماء أو مفتين أو  أو  ...الخ).


[1] - ينظر في تعريف الإجماع: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد/ 128، غاية الوصول / 107، المستصفى (1 / 110)، التقرير والتحبير(3 / 80)، فواتح الرحموت (2 / 211)، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب (2 / 29)، شرح المحلى على جمع الجوامع (2 / 156)، الإحكام للآمدي (1 / 101)، مرآة الأصول (2 / 252)، المنهاج مع الأسنوي (2 / 333) ، إرشاد الفحول / 63 ، -كشاف اصطلاحات العلوم والفنون (1 / 104). ومن الكتب المعاصرة : أصول الفقه الإسلامي –وهبة الزحيلي (1 / 490)، أصول الفقه –محمد أبو زهرة / 156، أصول الفقه –محمد الخضري بك / 271 ، مذكرات أصول الفقه للشنقيطي / 148، المدخل إلى أصول الفقه-موسى إبراهيم / 50 ، تيسير أصول الفقه –بدر المتولي عبد الباسط / 245 ، وغيرها كثير كالوجيز في أصول الفقه –عبد الكريم زيدان ، وأصول الفقه –عبد الوهاب خلاف ، وما لا يحصى من كتب أصول الفقه .
 [2] - الموسوعة السياسية (2 / 751).
  [3] - المصدر السابق (3 / 356).
  [4] - المصدر السابق (3 / 750) وما بعدها .
  [5] - رواه ابن ماجه برقم (3950).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.