موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

دراسات شرعية (الإرهاب)


دراسات شرعية (الإرهاب)

رضوان محمود نموس
سئل بعض العلماء السؤال التالي:
[السؤال: كثيرا ما نسمع عن مصطلحات مثل الإرهاب والتطرف، ويتكلم في ذلك من هب ودب، فما هو المعيار لصحيح لذلك ، أي المعنى لهذه المصطلحات، أو بمعنى آخر متى يكون الرجل إرهابيا أو متطرفا؟
الجواب:
التطرف الأخذ بالرخص التي لا وجه لها، ولا دليل عليها، والإرهاب كونه يتعدى على الناس بالضرب أو بالقتل بغير حق، بغير دليل، بل على جهل وقلة بصيرة، هم الإرهابيون، الذين يقتلون الناس بغير حق وبغير حجة شرعية، فيغيرون على الناس أمنهم، ويسببون المشاكل بينهم وبين دولهم، هؤلاء هم الإرهابيون]([1]).
وكلام هذا العالم يفتقر إلى الدقة والفهم, وهو غير صحيح. للآتي:

وردت الكلمات المشتقة من جذر رهب اثنا عشر مرة في القرآن منها أربع مرات تتعلق بالخوف من الله تعالى وهي:
قال تعالى: (يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) ([2])
 وقال الله تعالى: (لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) ([3])
وقال تعالى:( وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)([4])
وقال الله تعالى: (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) ([5]).  
ومنها أربعة تتعلق بالرهبان:
قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) ([6]).
وقال الله تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)([7]).
وقال تعالى: (إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الأحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ)([8])
وقال الله تعالى: ) وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا( ([9]).
ومها أربعة تتعلق بخوف الناس:
قال تعالى: (قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيم)([10]). (اسْتَرْهَبُوهُمْ) مِنَ الرَّهْبَةِ مَلَكُوتٌ مُلْكٌ مَثَلُ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ تَقُولُ تَرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرْحَمَ
 وقال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) ([11]).
وقال الله تعالى: (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ)([12]).
وقال تعالى: (لأنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنْ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) ([13]).
وجاءت الكلمات المشتقة من جذر رهب في السنة كذلك:

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَامَ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ ثُمَّ قَالَ:  اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَا مِنْكَ إِلا إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَهُنَّ ثُمَّ مَاتَ تَحْتَ لَيْلَتِهِ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ([14]).  

ولغة قال في النهاية في غريب الحديث: رهب :حديث الدعاء رَغبةً ورَهْبةً إليك الرَّهبة الخَوفُ والفَزَع([15]).

 وقال في اللسان: [رهب: رَهِبَ، بالكسر، يَرْهَبُ رَهْبَةً و رُهْباً، بالضم، ورَهَبَاً، بالتحريك، أَي خافَ. ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً: خافَه. والاسم: الرُّهْبُ، و الرُّهْبى، و الرَّهَبوتُ، و الرَّهَبُوتي؛ ورَجلٌ رَهَبُوتٌ. يقال: رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، أَي لأَن تُرْهَبَ خَيرٌ من أَنْ تُرْحَمَ.]([16]).
 وأقوال العلماء
قال القرطبي في تفسيره: [ترهبون  به عدو الله وعدوكم يعني تخيفون به عدو الله و عدوكم من اليهود وقريش وكفار العرب وآخرين من دونهم يعني فارس والروم قاله السدي وقيل الجن وهو اختيار الطبري وقيل المراد بذلك كل من لا تعرف عداوته قال السهيلي قيل هم قريظة وقيل هم من الجن ذلك ولا ينبغي أن يقال فيهم شيء لأن الله سبحانه قال وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم فكيف يدعي أحد علما بهم إلا أن يصح حديث جاء في ذلك عن رسول الله]([17]).
وقال الطبري: [القول في تأويل قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل   ترهبون  به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون يقول تعالى ذكره وأعدوا لهؤلاء الذين كفروا بربهم الذين بينكم وبينهم عهد إذا خفتم خيانتهم وغدرهم أيها المؤمنون بالله ورسوله ما استطعتم من قوة يقول ما أطقتم أن تعدوه لهم من الآلات التي تكون قوة لكم عليهم من السلاح والخيل ترهبون  به عدو الله وعدوكم يقول تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله وعدوكم من المشركين]([18])
وبهذا القول قال المفسرون والعلماء.
أما في الاصطلاح السياسي: فلقد جاء في الموسوعة السياسية :[ الإرهاب استخدام العنف غير القانوني بإشكاله المختلفة، كالاغتيال والتشويه والتعذيب، والتخريب والنسف، بغية تحقيق هدف سياسي معين، مثل كسر روح المقاومة والالتزام عند الأفراد، وهدم المعنويات... والإرهاب وسيلة تلجأ إليها بعض الحركات الثورية كما تستخدمها بعض الحكومات... وتنظر الحركات التحريرية والثورية الرئيسية في العالم إلى الكفاح الشعبي المسلح ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي على أساس أنه وسيلة مشروعة، وسليمة، لمقاومة العدوان وتحقيق مبدأ تقرير المصير]([19]).
وجاء في القاموس السياسي: [إرهاب: محاولة نشر الذعر والفزع لأغراض سياسية، والإرهاب وسيلة تستخدمها حكومة استبدادية لإرغام الشعب على الخضوع والاستسلام لها]([20]).
وجاء في موسوعة المورد: [الإرهاب: اصطناع العنف من مثل القتل والخطف وإلقاء القنابل تحقيقا لغرض غير نبيل عادة، ومن أجل ذلك اعتبرت صفة الإرهابية سبة ووصمة شنعاء، ولكن الملاحظ في يوم الناس هذا أن الوطنيين المناضلين من أجل طرد المحتل الأجنبي أو استرداد الوطن السليب كثيرا ما يرمون بالإرهاب ظلما وبهتانا وتلك شنشنة إسرائيلية ينبغي تعريفها وفضحها]([21]).
وبهذا يتضح أن تعريف هذا العالم وأمثاله للإرهاب: لا الشرع أصاب, ولا وفق لغة العرب أجاب, ولا في السياسة كان من ذوي الألباب.
إنما تعريفه جاء موافقا للمقاييس والرغبة الأمريكية، التي أملتها أمريكا على ولي أمره، ثم بدوره أملاها على الأجراء، ووضع الشريط في بطن العلماء فتكلموا كأي مسجل لا ينطق إلا بما يريده صاحبه.
بل لقد كان أصحاب الموسوعات والقواميس السياسية على علمانية أكثرهم أكثر واقعية واحتراما للحقائق من هؤلاء العلماء الرسميين الذين هم أداة من أدوات الأنظمة في هذه النقطة، وحسب تعريف السياسيين فإن الإرهاب في غالبه يكون من الحكومات المستبدة، وإذا وصم به الشباب المجاهد فيكون ظلما وفي غير محله، وأن تحرير البلاد من المحتل ليس إرهابا بل الإرهاب هو إرغام الشعب من قبل الحكومة وإخضاعه لإرادة الحاكم العميل المستبد الظالم الغاشم.
وبهذا يتبين أن للإرهاب أشكال فمنه الممدوح وهو إرهاب الكفار وعملائهم وأجرائهم وموظفيهم وآخرين من دونهم وهو ما يقوم به الشباب المؤمن المجاهد جزاهم الله عن المسلمين كل خير من إرهاب مثل إرهاب أمريكا والصليبيين ويهود والمجوس ومن يواليهم ويسير في ركبهم كالحكومات العربية وأضرابها. ومنه إرهاب مذموم مثل إرهاب المسلمين وترويعهم واقتحام بيوتهم وتهديدهم وسجنهم وتشويه سمعتهم وتدمير مساجدهم وخطف أبنائهم وبناتهم وسرقة أموالهم وتعذيبهم وقتلهم وهو ما تقوم به الحكومات وخاصة الحكومة السورية العميلة المرتدة المتصهينة وأجرائها وأعوانها ومن كان على شاكلتهم.



[1] - الفتاوى الشرعية ، ص 112.
[2] - البقرة(40)
[3] - الأعراف (154)
[4] - النحل (51)
[5] - الأنبياء(90)
[6] - المائدة(82)
[7] - التوبة 31
[8] - التوبة 34
[9] - الحديد 27
[10] - الأعراف (116)
[11] - الأنفال(60) 
[12] - القصص 32
[13] - الحشر 13
[14] - البخاري برقم 5840
[15] - النهاية في غريب الحديث ج: 2 ص: 280
[16] - لسان العرب ج: 1 ص: 436
[17] - تفسير القرطبي ج: 8 ص: 38
[18] - تفسير الطبري ج: 10 ص: 29
[19] - الموسوعة السياسية : 1/ 153-154.
[20] - القاموس السياسي : أحمد عطية الله : ص 45.
[21] - موسوعة المورد : 9/191.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.