موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأحد، 20 نوفمبر 2011

حـدّ الـيتم


حـدّ الـيتم
رضوان محمود نموس

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
 من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(
)يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(
)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا % يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(.

وإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في النار، أجارنا الله والمسلمين منها، ومن مسبباتها، ودواعيها ودعاتها.
تقوم كثير من المؤسسات الخيرية الإسلامية الأهلية جزاهم الله خيراً بكفالة الأيتام, سيما أولئك الذين تعرّضت بلادهم وأهليهم للظلم والطغيان كما في أفغانستان وفلسطين ولبنان والبوسنة والصومال وكشمير والسودان وغيرها, ويشجعون أهل الخير على ذلك مشكورين امتثالاً لقوله تعال  )ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب(([1])
وقوله تعالى:)واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين (([2])
وقوله تعالى )وأن تقوموا للناس بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليماً( ([3])
وعن سهل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً) ([4]) وعن مالك بن عفان القشيري قال سمعت رسول الله e يقول: (... من ضم يتيماً من بين أبوين مسلمين. قال عفان: إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة) ([5]).
ولكننا نرى أنه ما إن يبلغ اليتيم من 10 - 13 سنة حتى تتركه بعض المؤسسات نهباً للمؤسسات التنصيرية والكفرية أو للتسول والضياع ظناً منهم أنه قد انتهى يتمه ببلوغه هذه السن (أي سن البلوغ) وأنهم قد قاموا بالمهمة وأن اليتم ينتهي عند هذه السن.
لذا وجدت من واجبي أن أبحث حد اليتم ومتى ينتهي.
أولاً: اليتم
لغة: قال في اللسان اليتم الانفراد, واليتيم الفرد واليتيم واليتم فقدان الأب وقال ابن السكيت: اليتم في الناس من قبل الأب وفي البهائم من قبل الأم ولا يقال لمن فقد الأم من الناس يتيم ولكن منقطع, قال ابن بري: اليتيم الذي يموت أبوه والعجيُّ الذي تموت أمه واللطيم الذي يموت أبواه.
قال المفضل: أصل اليتم الغفلة وبه سمّي اليتيم يتيماً لأنه يُتغافل عن بره, وقال أبو عمرو: اليتم الإبطاء لأن البر يبطئ عنه وقال أبو سعيد يقال للمرأة يتيمة لا يزول عنها اسم اليتم أبداً وأنشدوا:
..................        وينكح الأرامل اليتامى
وقال أبو عبيدة: تدعى يتيمة ما لم تتزوج.
اليتم في القرآن:
أ - قال تعالى )ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدّه (([6])
قال الطبري في تفسيره: حتى يبلغ أشدّه, جمع شدَّ والشدّ القوة وهو استحكام قوة شبابه وسنّه كما شدّ النهار في ارتفاعه وامتداده, فأمّا أهل التأويل فإنهم مختلفون في الحين الذي إذا بلغه الإنسان قيل - بلغ أشدّه - فقال بعضهم: يقال ذلك له إذا بلغ الحُلُم.
وقال آخرون إنما يقال ذلك له إذا بلغ ثلاثين سنة, قاله السدي حتى يبلغ أشدّه قال: أما أشدّه فثلاثون.
قال القرطبي: حتى يبلغ أشدّه يعني قوّته وقد تكون في البدن وقد تكون في المعرفة بالتجربة, ولا بد من حصول الوجهين, فإن الأشدّ وقعت هنا مطلقة وقد جاء في بيان حال اليتيم في سورة النساء مقيدة فقال تعالى )وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً(([7])
فجمع بين قوة البدن وهو بلوغ النكاح وبين قوة المعرفة وهو إيناس الرشد... واختلف العلماء في أشُدّ اليتيم فقال ابن زيد: بلوغه, وقال أهل المدينة: بلوغه وإيناس رشده, وعند أبي حنيفة خمس وعشرون عاماً.
وقال ابن الجوزي في زاد المسير: حتى إذا بلغ أشدّه فأما الأشدّ فهو استحكام قوة الشباب والسنّ, قال ابن قتيبة: حتى يتناهى في الشباب إلى حدّ الرجال, ثم قال ابن الجوزي: وللمفسرين في الأشد أقوال:
1 - أنه ثلاث وثلاثون سنة, رواه ابن جرير عن ابن عباس.
2 - ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة, قاله أبو صالح عن ابن عباس.
3 - ثماني عشر سنة, قاله سعيد بن جبير.
4 - خمس وعشرون, سنة قاله عكرمة.
5 - أربع وثلاثون, سنة قاله سفيان الثوري.
6 - ثلاثون سنة, قاله السدي.
7 - بلوغ الحلم, قاله زيد بن أسلم والشعبي ويحيى بن يعمر وربيعة ومالك بن أنس وهو الصحيح.
وقال الإمام البغوي في تفسيره )حتى يبلغ أشده( قال أبو العالية: حتى يعقل وتجتمع قوته, وقال الكلبي: الأشد ما بين الثماني عشرة سنة إلى ثلاثين وقال الضحاك: عشرون سنة وساق أقوالاً أخرى مثلما سبق.
قال البقاعي )حتى يبلغ أشده( وهوسن يبلغ به أوان حصول عقله عادة وعقل يظهر به رشده.
وقال الماوردي: حتى يبلغ أشده والأشد استحكام القوة والشباب وفي حدها ثلاث أقاويل, أحدهما أنه الحلم حين تكتب له الحسنات وعليه السيئات, والثاني أن الأشد ثلاثون سنة, والثالث أن الأشد ثماني عشرة سنة.
وقال ابن عربي في أحكام القرآن )حتى إذا بلغوا النكاح( وذلك خمس عشرة سنة في رواية وثماني عشرة في أخرى.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي e رد ابن عمر في أُحد ابن أربع عشر سنة وجوّزه في الخندق ابن خمس عشر سنة, وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز واختاره الشافعي وغيره.
ب -  قال تعالى ) وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن  آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم(([8]).
قال الطبري رحمه الله: الرّشد في هذا الموضع العقل والصلاح في الدين, ثم ساق الأقوال. قال السدي: عقلاً وصلاحاً, وعن قتادة يقول: صلاحاً في عقله ودينه, وقال الحسن: رشداً في الدين وصلاحاً وحفظاً للمال, وعن ابن عباس: رشداً في حالهم والإصلاح في أموالهم.
وعن مجاهد حتى يؤنس من رشده العقل, وعن الشعبي: إن الرجل ليأخُذ بلحيته وما بلغ رشده وقال ابن جريج: صلاحاً وعلماً بما يصلحه, قال أبو جعفر: وأولى الأقوال عندي بمعنى الرشد في هذا الموضع العقل وإصلاح المال لإجماع الجميع.
وقال الطبري في موضع آخر عند قوله تعالى ) قد تبين الرشد من الغي ( قال: الرشد (رشدت فأنا أرشد رشداً وذلك إذا أصاب الحق والصواب).
وقال القرطبي نفس أقوال الطبري تقريباً.
قال الشيخ برهان الدين البقاعي في نظم الدرر )وابتلوا اليتامى( أي اختبروهم في أمر الرشد في الدين والمال في مدة مراهقتهم واجعلوا ذلك دأبكم ) حتى إذا بلغوا النكاح( أي وقت الحاجة إليه بالاحتلام أو السن ) فإن آنستم ( أي علمتم علماً أنتم في عظيم تيقنه كأنكم تبصرونه على وجه تحبونه وتطيب أنفسكم به.
قال الماوردي: قوله تعالى ) وابتلوا اليتامى ( أي اختبروهم في عقولهم وتمييزهم وأديانهم, ) فأن آنستم منهم رشدًا( فيه أربعة تأويلات: أحدها أن الرشد العقل, والثاني أنه العقل والصلاح في الدين, والثالث أنه صلاح في الدين وإصلاح في المال, والرابع أنه الصلاح والعلم بما يصلحه.
وأما الأحاديث النبوية الشريفة التي تساعدنا على فهم هذه القضية فهي التالية:
(عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس t يسأله عن خمس خلال قال ابن عباس t لو لا أن أكتم علماً ما كتبت إليه.
كتب إليه نجدة: أما بعد فأخبرني هل كان رسول الله e يغزوا بالنساء وهل كان يضرب لهن بسهم وهل كان يقتل الصبيان ومتى ينقضي يتم اليتيم وعن الخمس لمن هو.
 فكتب إليه ابن عباس t كتبت إلي تسألني هل كان رسول الله e يغزوا بالنساء وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن وإن رسول الله e لم يكن يقتل الصبيان فلا تقتل الصبيان, وكتبت تسألني متى ينقضي يتم اليتيم فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم, وكتبت تسألني عن الخمس لمن هو وإنا كنا نقول هو لنا فأبى علينا قومنا ذاك)([9]) وفي رواية أخرى لابن عباس t أنه إذا بلغ النكاح وأونس منه رشده ودفع إليه ماله فقد انقضى يتمه([10]).
(عن أنس بن مالك t أن جدته مليكة دعت رسول الله e لطعام وصنعته له فأكل منه ثم قال: قوموا فلأصل لكم قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء فقام رسول e وصففت واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا رسول الله e ركعتين ثم انصرف)([11]).
قال أبو عيسى والعمل عليه عند أكثر أهل العلم, قالوا إذا كان مع الإمام رجل وامرأة قام الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفهما.... فلو لا أن النبي e جعل لليتيم صلاة لما أقام اليتيم معه ولأقامه عن يمينه - وفي هذا دليل أنه سمي يتيماً بعد البلوغ -.
عن أبي جحيفة عن أبيه قال: قدم علينا مُصَدق النبي e فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا وكنت غلاماً يتيماً فأعطاني منها قلوصاً قال أبو عيسى حديث أبي جحيفة حديث حسن([12]).
وفيه أنه سمي يتيماً مع حاله الذي أعطاه فيه قلوصاً أي فتية من الأبل ولو كان صغيراً لوجب إعطاؤها إلى وليه, وماذا يفعل صبي دون الحلم بالإبل؟ يستنتج من هذا أنه كان يافعاً والله أعلم.
(عن يزيد بن أبي شجاع قال حدثني عيسى بن سهيل بن رافع بن خديج قال: إني ليتيم في حجر جدي رافع بن خديج وبلغت رجلاً وحججت معه, فجاء أخي عمران بن سهل بن رافع بن خديج فقال: يا أبتاه إنه قد أكرينا أرضنا فلانة بمائتي درهم فقال: يا بني دع ذاك فإن الله عز وجل سيجعل لكم رزقاً غيره, إن رسول اللهe قد نهى عن كراء الأرض)([13]).
فقال عن نفسه يتيم وهو بالغ رجلاً ويحج ويؤجر أرضه.
حدثني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال كان ماعز بن مالك يتيماً في حجر أبي فأصاب جارية من الحي.... تتمة قصة ماعز المشهورة ([14]).
فهو بالغ ومتزوج وزنى ورجم  وسمي يتيماً.
- الحديث الذي استند إليه القائلون ببلوغ الحلم فقط:
(حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن محمد المديني حدثنا عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم عن أبيه عن سعيد ابن عبد الرحمن بن يزيد ابن رقيش أنه سمع شيوخاً من بني عمرو بن عوف ومن خاله عبد الله بن أبي أحمد قال: قال علي بن أبي طالب: حفظت عن رسول الله e لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل) ([15]).
تخريج الحديث:
1 - أحمد بن صالح: هو أحمد بن صالح المصري أبو جعفر الحافظ المعروف بابن الطبري:
مختصر أراء علماء الجرح والتعديل فيه
قال البخاري ثقة صدوق, ما رأيت أحداً يتكلم فيه بحجة, كان أحمد بن حنبل وعلي وابن نمير وغيرهم يثبتون أحمد بن صالح وكان يحيى يقول سلوا أحمد -أي أحمد بن حنبل- فإنه أثبت, وقال العجلي ثقة صاحب سنة, وقال أبو حاتم ثقة كتبت عنه, وقال أبو سعيد ذكره النسائي فرماه وأساء الثناء عليه, قال الخطيب وغيره كانت آفة أحمد بن صالح الكبر, وأوجز الحافظ بن حجر فقال ثقة حافظ تكلم فيه النسائي بسبب أوهام له قليلة ولكنه كان صلفاً تياهاً.
2 - يحيى بن محمد المديني:
هو يحيى بن محمد بن عبد الله بن مهران الجاري, قال البخاري: يتكلمون فيه، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات وقال: يغرب, وقال ابن عدي ليس بحديثه بأس وقال الحافظ ابن حجر صدوق يخطئ.
3 - عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم (المدني أبو شاكر مولى ابن جدعان):
روى له أبو داود فقط وهذا الحديث فقط, قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ذكره بن شاهين في الثقات وقال الأزدي لا يكتب حديثه, وقال ابن القطان مجهول الحال, ثم حكم الحافظ في التقريب فقال (مستور تكلم فيه الأزدي من التاسعة).
4 - عن أبيه (خالد بن سعيد بن أبي مريم التيمي المدني مولى ابن جدعان):
ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن المديني لا نعرفه وساق له العطيلي خبراً استنكره وجهله ابن القطان, وأوجز الحافظ فقال مقبول.
5 - سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن رقيش الأسدي المدني:
قال عنه الحافظ أنه ثقة من الرابعة
6 - شيوخ: اسم مبهم.
7 - عبد الله بن أبي أحمد بن جحش بن رئاب بن يعمر:
ولد في حياة الرسول e وذكره جماعة في ثقات التابعين.
فرجال السند حسب هذا التسلسل
§                              ثقة
§                              صدوق يخطئ
§                              مستور
§                               مقبول
§                               1 - مجهول   2 - ثقة
§                               صحابي
ولا يخفى أن هذا الإسناد لا يثبت به حديث ولا يمكن أن يحتج بحديث سيق بمثل هذا السند فقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير عن هذا الحديث " وقد أعلّه العقيلي وعبد الحق وابن القطان والمنذري وغيرهم وحسنّه النووي متمسكاً بسكوت أبي داود عليه "([16]).
وكما هو معروف فإن سكوت أبي داود ليس دليل حسن ولا صحة فقال أبو داود في شروطه " وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته, ومنه ما لا يصح سنده وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح "([17]).
وهذا ليس دليل حسن ولا صحة وقد ضعف العلماء كثيراً من أحاديث أبي داود التي سكت عنها, فسكت عن حديث: (إن رسول الله e نهى أن يبال في الجحر) رواه أبو داود برقم 29 وقد أعل الحديث التركماني في الجوهر النقي وضعفه الشيخ ناصر في ضعيف أبي داود.
وسكت عن حديث ابن عمر: (أن النبي e نهى أن يمشي -يعني الرجل- بين المرأتين) ساقه أبو داود برقم 5273 وضعفه الذهبي وقال داود ابن أبي صالح يروي الموضوعات, وقال عنه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 375 أنه موضوع, بل أن الشيخ ناصر صنف كتاب ضعيف أبي داود أورد فيه 1127 حديثاً بين ضعيف وموضوع معظمها سكت عنها أبو داود, فسكوت أبي داود عن حديث لا يفيد بحال أنه حسن أو صحيح.
وذكر الحديث الشيخ ناصر الدين الألباني في إرواء الغليل فقال له ثلاث طرق([18]):
الأول: وهو السند الذي في أبي داود وهو مدار البحث قال عنه الألباني: (وأقول هذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل 1و2 عبد الله بن خالد بن سعيد وأبوه لا يعرفان 3 يحيى بن محمد المديني وهو الجاري صدوق يخطئ.
والسند الثاني عن أيوب بن سويد أخبرني سفيان عن جويبر عن الضحاك عن النزال عن علي مرفوعاً. قال الألباني: قلت وهذا سند ضعيف جداً, جويبر متروك, وأيوب بن سويد ضعيف وخولف في إسناده فرواه عبد الله بن بكر نا سعيد عن جويبر عن علي مرفوعاً مقتصراً على: (لا طلاق إلا بعد نكاح)
وقد خالفه في إسناده مطرف بن مازن فقال عن معمر عن عبد الكريم عن الضحاك بن مزاحم به وفيه الشاهد. أخرجه الطبراني في الأوسط 1/172 قال الألباني ومطرف هذا ضعيف فلا اعتداد بمخالفته.
الطريق الثالث: يرويه محمد بن عبيد بن ميمون التبان المدني: ثني أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبان بن تغلب عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن علي t. أخرجه الطبراني في الصغير ص 198 تفرد به محمد بن عبيد لكن أبوه مجهول.
قال الألباني وقد وجدت للحديث طريقاً رابعاً من رواية ابن عباس كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله: فذكره بلفظ (أما الصبي فينقطع عنه اليتم إذا احتلم وأونس منه رشده) وهذا ثابت عن ابن عباس t فصحح الألباني الحديث بناءً على هذا الطريق وهذا واضح أن فيه زيادة أساسية كما جاء في مسلم (إذا احتلم وأونس منه رشده ودفع إليه ماله فقد انقضى يتمه).
وبهذا التحقيق نصل إلى نتيجة واضحة أن الاقتصار على بلوغ الحلم لم يصح به حديث ولا أثر.
والذي يمكن التوصل إليه إن حد اليتم جاء في القرآن الكريم مقيداً مرة ببلوغ الأشد لقوله تعالى )ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده(([19]) ومرة باستئناس الرشد لقوله تعالى )وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليه أموالهم(([20]) وقوله تعالى )وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك(([21]).
وجاء في الحديث الذي رواه أحمد عن القشري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى يغنيه الله) وحدد العلماء والمفسرون من الصحابة فما بعدهم ذلك بصلاح دينه وعقله والقدرة على التصرف في النفس والمال وقوة البدن وقوة المعرفة والعلم بما يصلحه وأن يصيب الحق والصواب.
وأما ما جاء من الأقوال التي تحدد سناً زمنياً محدداً سواء خمسة عشرة سنة أو ثماني عشر سنة أو خمس وعشرون سنة أو ثلاثون سنة إلى غير ذلك من الأقوال فلا دليل عليها في هذا الموضع ولا يصح إلا دليل ابن عمر في السماح له بالجهاد, وهذا ليس دليلاً على موضوع اليتم.
ويمكننا أن نختصر القول أن نهاية حد اليتم [عندما يبلغ اليتيم حداً من الرشد والصلاح والعقل والقدرة على تصريف الأمور كما يفعل الرجال].
وحسب المشاهد من أحوال الناس أن الناس غير متساوية في هذا, ولكن هناك حالات عامة عليها أغلب الناس وهي أن الإنسان يبلغ القدرة على التصرف تصرفاً صحيحاً راشداً عاقلاً في سن العشرين يزيد أو ينقص بحدود سنتين.
ولأن مستقبل الأمة هو شبابها وأبناؤها فالمؤمل الاهتمام بالأيتام لأن غير اليتيم يوجهه أبوه ولأن أوساط المجتمعات الآن وخاصة في الدول المنكوبة تتيح لدعاة الكفر التسلل بل العمل في وضح النهار لاستلاب أبنائنا وتربيتهم التربية الكفرية تحت شعار كفالة الأيتام.
ويؤمل من الهيئات والمؤسسات الإسلامية الخيرية الأهلية أن تراعي هذه النواحي وتستمر في رعاية الأيتام حتى يبلغوا رشدهم وأشدهم.
والله من وراء القصد.



[1] - سورة البقرة آية  177.
[2] - سورة النساء آية  36.
[3] - سورة النساء آية  127.
[4] - متفق عليه / البخاري 5034 مسلم 6983.
[5] - إسناده حسن مسند أحمد 18571.
[6] - سورة الأنعام آية 153.
[7] - سورة النساء آيه 6.
[8] - سورة النساء آية 6.
[9] - مسلم 1812  مسند أحمد 2807.
[10] - مسلم 1812 مسند أحمد 2235.
[11] - متفق عليه  /  البخاري   380 مسلم  659   الترمذي 234.
[12] - سنن الترمذي 649.
[13] - النسائي 3926   أبو داود  3401.
[14] - أبو داود 4419   مسند أحمد 21383.
[15] - أبو داود - الوصايا   2873.
[16] - تلخيص الحبير 3/101 رقم الحديث 1388.
[17] - الحطة 214.
[18] - إرواء الغليل 5/79.
[19] - سورة الأنعام آية 152.
[20] - سورة النساء آية 6.
[21] - سورة الكهف آية 82.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.