موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع


بسم الله الرحمن الرحيم
الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشرائع

بقلم رضوان محمود نموس
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
 من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(
)يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(
)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا % يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(.

وإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في النار، أجارنا الله والمسلمين منها، ومن مسبباتها، ودواعيها ودعاتها.
قال تعالى:  ]وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ[
قال تعالى: ]قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ[
]وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْد ِاللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ[([1]).
وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ: ] لدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلائِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ[ ([2]).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: ]حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ[([3]).
 إخوتي الأحبة في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .
ما كتبت هذا إلا نصحاً لكم وحباً لكم في الله  فعنْ أَبِي ذَرٍّ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r {أَفْضَلُ الأعمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ}([4]). وأسأل المولى الكريم أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
فنحمد الله أن هدانا؛ بمنه وكرمه, إلى الإسلام؛ ونسأله أن يثبتنا على الحق ولقد كان رسول الله r يكثر من الدعاء فيقول كما روى عنه أنس t: )عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَُ( ([5])
 ونسأل الله أن يهدينا وإخواننا؛ إلى سبيل الرشاد, ويجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ولا يجعلنا من الذين يقلدون دينهم؛ للمشبوهين, والمضللين, وعلماء السلاطين .
قال الإمام ابن القيم: {وعياذا بالله من شر مقلد عصبي يرى العلم جهلا والإنصاف ظلما وترجيح الراجح على المرجوح عدوانا وهذا المضايق لا يصيب السالك فيها إلا من صدقت في العلم نيته وعلت همته وأما من أخلد إلى أرض التقليد واستوعر طريق الترجيح فيقال له ما هذا عشك فادرجي}([6]).
وسأبين بإذن الله في هذا العجالة أموراً كثر فيها اللغط, فظلم أناس, ورمي بالخروج آخرون, واتهم البريء, وبرئ المتهم, ورجم المقتول, وأثني على القاتل, وقذف المجاهد بالموبقات, ومنح القاعد, والمتخاذل, والمثبط, والعميل, والجاسوس, ومن يوالي الكفار, أعلى الدرجات, وتكلم الرويبضة, وتطاول الباطل, وطورد الحق, وتصدر للإفتاء المترفون المترهلون, الموظفون لدى الطاغوت بدراهم معدودة فلله وحده المشتكى, وعليه الاتكال, ومنه العون, وبه النصر والتوفيق وبعد.
أولاً : حكم الطائفة الممتنعة.
ويقصد بالطائفة الممتنعة؛ أي مجموعة من الناس, تعاونت وتكاتفت ومنع بعضها بعضا,ً حتى أصبح لهم منعة, وهذا التعبير؛ ينطبق على الدول الآن. والأصل أن المسلمين أمة واحدة, ودار واحدة, هي دار الإسلام, وقيادة واحدة؛ هو الخليفة, أو أمير المؤمنين, ولكن لما سقطت الخلافة, وقسمت تركتها, قامت هذه الدويلات, وهي أحق ما يطلق عليه الطوائف الممتنعة. فالدولة بقيادتها العليا سواء كان اسم هذه القيادة ملكا,ً أو أميراً, أو سلطاناً, أو رئيساً, أو غير ذلك, عندها أجهزة؛ تتعاون مع بعضها, لقيام هذه الدولة, وحفظها, من مثل أجهزة التعليم, والصحة, والخدمات, والجيش, والأمن, والإفتاء, وتنظيم شؤون تجارتها, وصناعتها, وسائر مرافق الدولة, فتشكل هذه المجموعة البشرية؛ التي قبلت أن تتعاون, وفق نظام معين ارتضته ,وتشريعات ارتضوها ووالى بعضهم بعضاً على ذلك, أو فرض من جهة ما, ورضي الباقون وتابعوا, فيكون اسم هذه المجموعة: (طائفة ممتنعة) أي لها منعة وقوة, وقدرة وشوكة, وتكون ممتنعة بذاتها, وهناك طوائف ليس لديها القدرة على الامتناع بذاتها؛ فتمتنع بغيرها, لقاء تنازلات عن سيادتها كلها, أو بعضها, أو لقاء جزية تؤديها, أو كلا الحالين معاً, وحكم هذه الطوائف الممتنعة بغيرها غالباً ما يكون حكم من منعها, لأنها تكون بموقع ذيلي بالنسبة له.
ولقد قرر العلماء: أن حكم الطائفة الممتنعة واحد, سواء كان الحكم إيجابياً, أو سلبياً, أي لهم أو عليهم.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: [فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم]([7]).
وقال: [فأعوان الطائفة الممتنعة, وأنصارها, منها فيما لهم وعليهم]([8]).
وقال: [وإذا كان المحاربون الحرامية جماعة فالواحد منهم باشر القتل بنفسه والباقون له أعوان وردء له فقد قيل إنه يقتل المباشر فقط والجمهور على أن الجميع يقتلون ولو كانوا مائة وأن الردء والمباشر سواء. وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال ينظر منه لهم من يجيء ولأن المباشر إنما يمكن من قتله بقوة الردء ومعونته والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قعدهم يعني أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا فإن الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت ولكن تنفل عنه نفلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها في مصلحة الجيش كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم]([9]).
وقال: [والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين فإن النبي r قال المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قعدهم  يعنى أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا فان الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت لكن تنفل عنه نفلا فان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها في مصلحة الجيش كما قسم النبي لطلحة والزبير يوم بدر لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم.... لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد]([10]).
ثم بيين الإمام رحمه الله أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن تطبيق بعض الشرائع تقاتل قتال المرتدين فقال:
[وفي رواية لمسلم عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء يقرؤون القرآن يحسبونه أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز قراءتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم لا تكلوا على العمل وعن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد متفق عليه وفي رواية لمسلم تكون أمتي فرقتين فتخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولى الطائفتين بالحق فهؤلاء الذين قتلهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لما حصلت الفرقة بين أهل العراق والشام وكانوا يسمون الحرورية.
 بين النبي صلى الله عليه وسلم أن كلا الطائفتين المفترقتين من أمته وأن أصحاب علي أولى بالحق ولم يحرض إلا على قتال أولئك المارقين الذين خرجوا من الإسلام وفارقوا الجماعة واستحلوا دماء من سواهم من المسلمين وأموالهم فثبت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة أنه يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام وإن تكلم بالشهادتين وقد اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة لو تركت السنة الراتبة كركعتي الفجر هل يجوز قتالها على قولين فأما الواجبات والمحرمات الظاهرة والمستفيضة فيقاتل عليها بالاتفاق حتى يلتزموا أن يقيموا الصلوات المكتوبات ويؤدوا الزكاة ويصوموا شهر رمضان ويحجوا البيت ويلتزموا ترك المحرمات من نكاح الأخوات وأكل الخبائث والاعتداء على المسلمين في النفوس والأموال ونحو ذلك وقتال هؤلاء واجب ابتداء بعد بلوغ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إليهم بها يقاتلون عليه فأما إذا بدؤوا المسلمين فيتأكد قتالهم كما ذكرناه في قتال الممتنعين من المعتدين قطاع الطرق وأبلغ الجهاد الواجب للكفار والممتنعين عن بعض الشرائع كمانعي الزكاة والخوارج ونحوهم يجب ابتداء ودفعا فإذا كان ابتداء فهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقين وكان الفضل لمن قام به كما قال الله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبا على المقصودين كلهم وعلى غير المقصودين لإعانتهم كما قال الله تعالى وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم وسواء أكان الرجل من المرتزقة للقتال أو لم يكن وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله مع القلة والكثرة والمشي والركوب]([11]).
  وقال:[فقالوا نحن ملتزمون الكتاب والسنة أتنكر علينا غير الأطواق؟ نحن نخلعها فقلت الأطواق وغير الأطواق ليس المقصود شيئا معينا وإنما المقصود أن يكون جميع المسلمين تحت طاعة الله ورسوله فقال الأمير فأي شيء الذي يلزمهم من الكتاب والسنة فقلت حكم الكتاب والسنة كثير لا يمكن ذكره في هذا المجلس لكن المقصود أن يلتزموا هذا التزاما عاما ومن خرج عنه ضربت عنقه وكرر ذلك وأشار بيده إلى ناحية الميدان وكان المقصود أن يكون هذا حكما عاما في حق جميع الناس فإن هذا مشهد عام مشهور قد توفرت الهمم عليه فيتقرر عند المقاتلة وأهل الديوان والعلماء والعباد وهؤلاء وولاة الأمور أنه من خرج عن الكتاب والسنة ضربت عنقه]([12]).
وقال: [فكل من امتنع من أهل الشوكة عن الدخول في طاعة الله ورسوله فقد حارب الله ورسوله ومن عمل في الأرض بغير كتاب الله وسنة رسوله فقد سعى في الأرض فسادا ولهذا تأول السلف هذه الآية على الكفار وعلى أهل القبلة حتى أدخل عامة الأئمة فيها قطاع الطريق الذين يشهرون السلاح لمجرد اخذ الأموال وجعلوهم بأخذ أموال الناس بالقتال محاربين لله ورسوله ساعين في الأرض فسادا وإن كانوا يعتقدون تحريم ما فعلوه ويقرون بالإيمان بالله ورسوله فالذي يعتقد حل دماء المسلمين وأموالهم ويستحل قتالهم أولى بأن يكون محاربا لله ورسوله ساعيا في الأرض فسادا من هؤلاء كما أن الكافر الحربي الذي يستحل دماء المسلمين وأموالهم ويرى جواز قتالهم أولى بالمحاربة من الفاسق الذي يعتقد تحريم ذلك وكذلك المبتدع الذي خرج عن بعض شريعة رسول الله وسنته واستحل دماء المسلمين المتمسكين بسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته وأموالهم هو أولى بالمحاربة من الفاسق وان اتخذ ذلك دينا يتقرب به إلى الله كما أن اليهود والنصارى تتخذ محاربة المسلمين دينا تتقرب به إلى الله   ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أن هذه البدع المغلظة شر من الذنوب التي يعتقد أصحابها أنها ذنوب وبذلك مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أمر بقتال الخوارج عن السنة وأمر بالصبر على جور الأئمة وظلمهم والصلاة خلفهم مع ذنوبهم وشهد لبعض المصرين من أصحابه على بعض الذنوب أنه يحب الله ورسوله ونهى عن لعنته وأخبر عن ذي الخويصرة وأصحابه مع عبادتهم وورعهم أنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية وقد قال تعالى في كتابه فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما   فكل من خرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعته فقد أقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن حتى يرضى بحكم رسول الله في جميع ما يشجر بينهم من أمور الدين والدنيا وحتى لا يبقى في قلوبهم حرج من حكمه ودلائل القرآن على هذا الأصل كثيرة   وبذلك جاءت سنة رسول الله وسنة خلفائه الراشدين ففي الصحيحين عن أبى هريرة قال لما توفى رسول الله وارتد من ارتد من العرب قال عمر بن الخطاب لأبى بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ن لا إله إلا لله وأن محمد رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله فقال أبو بكر ألم يقل إلا بحقها فإن الزكاة من حقها والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبى بكر للقتال فعلمت أنه الحق فاتفق أصحاب رسول الله على قتال أقوام يصلون ويصومون إذا امتنعوا عن بعض ما أوجبه الله عليهم من زكاة أموالهم وهذا الاستنباط من صديق الأمة قد جاء مصرحا به ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها فأخبر أنه أمر بقتالهم حتى يؤدوا هذه الواجبات وهذا مطابق لكتاب الله وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة وأخرج منها أصحاب الصحيح عشرة أوجه ذكرها مسلم في صحيحه وأخرج منها البخاري غير وجه وقال الإمام أحمد رحمه الله صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه قال يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد لنكلوا عن العمل وفى رواية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وفى رواية شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه]([13]).
  وقال: [فالقتال واجب فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها التي يكفر الجاحد لوجوبها فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر والأذان والإقامة عند من لا يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر هل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها وهؤلاء عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام أو الخارجين عن طاعته كأهل الشام مع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين أو خارجون عليه لإزالة ولايته وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام بمنزلة مانعي الزكاة وبمنزلة الخوارج الذين قاتلهم على بن أبى طالب رضى الله عنه ولهذا افترقت سيرة على رضى الله عنه في قتاله لأهل البصرة والشام وفى قتاله لأهل النهروان فكانت سيرته مع أهل البصرة والشاميين سيرة الأخ مع أخيه ومع الخوارج بخلاف ذلك وثبتت النصوص عن النبي بما استقر عليه إجماع الصحابة من قتال الصديق وقتال الخوارج بخلاف الفتنة الواقعة مع أهل الشام والبصرة]([14])
وقال: [مثل الطائفة الممتنعة عن الصلوات الخمس أو عن أداء الزكاة المفروضة إلى الأصناف الثمانية التي سماها الله تعالى في كتابه أو عن صيام شهر رمضان أو الذين لا يمتنعون عن سفك دماء المسلمين وأخذ أموالهم أو لا يتحاكمون بينهم بالشرع الذي بعث الله به رسوله كما قال أبو بكر الصديق وسائر الصحابة رضي الله عنهم في مانعي الزكاة وكما قاتل علي ابن أبى طالب وأصحاب النبي الخوارج الذين قال فيهم النبي يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة وذلك بقوله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وبقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله والربا آخر ما حرمه الله ورسوله فكيف بما هو اعظم تحريما ويدعون قبل القتال إلى التزام شرائع الإسلام فان التزموها استوثق منهم ولم يكتف منهم بمجرد الكلام كما فعل أبو بكر بمن قاتلهم بعد أن أذلهم وقال اختاروا إما الحرب المجلية وإما السلم المخزية فقالوا هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية قال تشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وننزع منكم الكراع يعني الخيل والسلاح حتى يرى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أمرا بعد فهكذا الواجب في مثل هؤلاء إذا اظهروا الطاعة يرسل إليهم من يعلمهم شرائع الإسلام ويقيم بهم الصلوات وما ينتفعون به من شرائع الإسلام وإما أن يستخدم بعض المطيعين منهم في جند المسلمين ويجعلهم في جماعة المسلمين وإما بأن ينزع منهم السلاح الذي يقاتلون به ويمنعون من ركوب الخيل وإما أنهم يضعوه حتى يستقيموا وإما أن يقتل الممتنع منهم من التزام الشريعة وان لم يستجيبوا لله ولرسوله وجب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة وهذه متفق عليه بين علماء المسلمين والله أعلم]([15]).  
وقال: [وهذا لأن الطوائف الممتنعة التي يعين بعضها بعضا في القتال ثم يكون الضمان فيها على الذي يباشر القتال والأخذ و الإتلاف وعلى الردء  الذي يعينه عند جمهور العلماء ولهذا كان في مذهب الجمهور أن قطاع الطريق يقتل منهم الردء والمباشر وعمر بن الخطاب رضى الله عنه قتل ربيئة المحاربين وهو الناظر الذي ينظر لهم الطريق فالمتعاونون على الظلم والعدوان تجب عليهم العقوبة بالضمان وغيره]([16]).
و[سئل رحمه الله عن أجناد يمتنعون عن قتال التتار ويقولون أن فيهم من يخرج مكرها معهم وإذا هرب أحدهم هل يتبع أم لا الجواب الحمد لله رب العالمين  قتال التتار الذين قدموا إلى بلاد الشام واجب بالكتاب والسنة فإن الله يقول في القرآن  وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله البقرة  193 والدين هو الطاعة فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى  يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله البقرة  279 وهذه الآية نزلت في أهل الطائف لما دخلوا في الإسلام والتزموا الصلاة والصيام لكن امتنعوا من ترك الربا فبين الله أنهم محاربون له ولرسوله إذا لم ينتهوا عن الربا والربا هو آخر ما حرمه الله وهو مال يؤخذ برضا صاحبه فإذا كان في هؤلاء محاربين لله ورسوله يجب جهادهم فكيف بمن يترك كثيرا من شرائع الإسلام أو أكثرها كالتتار وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة   الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة أو عن تحريم الفواحش أو الخمر أو نكاح ذوات المحارم أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق أو الربا أو الميسر أو الجهاد للكفار أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله ]([17]).
ولما كثرت هذه الطوائف الممتنعة بذاتها أو بغيرها, خاصة وقد امتنع بعضها؛ برأس الكفر, وقوى التحالف الصهيوني البروتستنتي أو الفرانكفوني.
  وبينما المطلوب أن يكون المسلمون دولة واحدة؛ فإذا هم بحدود ستين طائفة ممتنعة, اتخذت كل طائفة لها شعاراً, وعلماً, ونشيداً وطنياً, وجوازات سفر خاصة بها, ووالت وعادت على أشياء جاهلية مخترعة, مثل الوطن, والعرق, والقبيلة, والإقليم, والحزب,...الخ واتخذت شعاراً ثلاثياُ مثل "الله الوطن الملك" أو "الله الثورة القائد" أو "وحدة حرية اشتراكية" أو "حرية إخاء مساواة" أو "علمانية ديموقراطية تقدمية" أو "الله الملك ولي العهد" ....الخ تأسياً بشعار النصارى الثلاثي "الأب الابن روح القدس" ولم تأبه تلك الطوائف؛ لتعاليم الدين, بل ألقتها وراءها ظهريا, وذهبت صراحة توالي الكافرين, وتعادي المسلمين, وتعلن بمناسبة وغير مناسبة الولاء للقانون الدولي, وللنظام العالمي.
ثم وظفت كل طائفة ممتنعة بذاتها أو بغيرها, عدداً ألقت عليهم لقب "العلماء" أو "هيئة الإفتاء" أو ما شابه ذلك. يبررون لها تصرفاتها الجاهلية, وأعمالها الرِدِّية, ويقومون عن سابق إصرار؛ بتضليل الشباب المسلم, وأسلمة الكافرين, وتكفير المسلمين, ولم يعدم رئيس أي طائفة؛ من يقوم بمثل هذا الدور, فلكل منهم مفتياً للبلاد, ووزارة للشؤون الدينية, وعدداً من الدعاة والمفتين, وعدداً غير قليل من المؤسسات المستحدثة الإقليمية أو الموسعة,... الخ يعقدون مؤتمرات؛ يسمونها إسلامية, يشرف عليها ويشارك فيها؛ ممثلون عن القوى الصليبية, والصهيونية, والعلمانية, والشيوعية المرتدة, ....الخ لذر الرماد في العيون.
وكل رؤساء هذه الطوائف؛ –وحسب تقارير المفتين ومن يسمونهم علماء أو مؤسسات دينية- ملهمون, رشيدون, حكماء, علماء, واعون, محنكون, فاهمون, قادرون, حريصون على الإسلام, يسهرون على مصالح الأنام, أهل ورع, وزهد, وتقوى, يقومون الليل ركعاً وسجدا, ويصومون كل اثنين وخميس, والثلاث ليال البيض ويتفقدون الأمة بأنفسهم, يتغيبون أحياناً عن لقاء الأمة؛ لأن ليس لأحدهم إلا قميصاً واحداً يكون قد غسله في ذلك اليوم, وهم مع هذا؛ أشداء على الكفار, أولي نجدة وبأس, تخشى صولتهم العلوج, يغزون عاماً, ويحجون عاما, وفي عام الحج؛ يرسلون نائباً عنهم للجهاد, وتفقد الثغور, جابت جيوشهم أطراف الدنيا, من بانكوك إلى مانيلا, إلى هونغ كونغ, إلى قلعة ديزني, وشواطئ كان, إلى حصون الليل في أوربا, وأمريكا.
وكل من ينتقدهم؛ باغ, ضال, منافق, خارجي, عدو للإسلام, حاقد على المسلمين, في قلبه مرض, يبتغي الفتنة, متآمر من عملاء يهود, خاصة في هذا المنعطف التاريخي الخطير؛ الذي تمر به الأمة, ويستحق هؤلاء الخارجون؛ القتل, أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف, أو التصليب على جذوع النخل. ولكن سعة صدر رؤساء الطوائف الممتنعة عن تطبيق الشرائع, وحلمهم, وتقواهم, يدفعهم إلى الصفح, والغفران. بناءً على تدخل وتوصية بعض الشعر في ذيل بغلة السلطان الذين يسميهم الطاغوت (المفتين الرسمميين)
وكثير من علماء الطواغيت يغضبون ويرجفون عندما يشار إلى الطواغيتهم الممتنعين بجيشهم ومخابراتهم الممتنعين عن تطبيق شريعة الله وعلمء الطواغيت تبرر لهم وتساندهم وتقوم بدور بلعام والرجال بن عرفطة وكعب بن الأشرف يالتبرير للطواغيت ومساندتهم فهؤلاء لا شك أنهم   بمقام هامان من فرعون والرَّجال من مسيلمة. والبوطي من الهالك حافظ والخلف بشار زمرة واحدة   ومناقشة هؤلاء الذين يمنحهم الطاغوت ألقاب العلماء والمفتين بالفروع من ضياع الوقت حيث أنهم لم يحققوا معنى كلمة (لا إله إلا  الله) فكتبت هذه المقالة ليعلم هذا الموظف ومن يدافع عنه ويروج له أنهم جزء لا يتجزأ من الطائفة المرتدة المبدلة لشريعة الله الحاكمة بغير ما أنزل الله الموالية لأعداء الله فإن راجعوا دينهم وتابوا وأنابوا فهذا ما كنا نبغي وإن أصروا فهذا شأنهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.




[1]- متفق عليه البخاري برقم57 ومسلم برقم 56
[2]- مسلم برقم 55
[3]- مسلم برقم 2162
[4]- رواه الترمذي برقم: 4599
[5] - رواه الترمذي برقم: 2140
[6] - حاشية ابن القيم ج: 6 ص: 362
[7] - دقائق التفسير ج: 2 ص: 36
[8] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 312
[9] - دقائق التفسير ج: 2 ص: 35
[10] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 311
[11] - السياسة الشرعية ج: 1 ص: 107 وما بعدها
[12] - مجموع الفتاوى ج: 11 ص: 468
[13] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 470وما بعدها
[14] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 503
[15] - مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 557
[16] - مجموع الفتاوى ج: 30 ص: 326
[17] - الفتاوى الكبرى ج: 4 ص: 353

2 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.