برهان غليون مزيج من الكذب والجهل والدجل
رضوان محمود نموس
يريد الفقيه برهان غليون أن يقول لنا أن الدين لا يهتم بالدنيا ولا يعوج عليها وليست من شأنه أصلاً ولا داخلة تحت صلاحياته ولا يحق له الكلام بهذا الشأن إنما صلاحيات الدين أن يتكلم عن أمر الآخرة فقط ولو اهتم بالدنيا فلا يكون ديناً.
هكذا يريد الفقيه الشيوعي اللاديني أن يحدد صلاحيات الله عز وجل والرسل والكتب السماوية فيحدد لله ما يمكن أن يتكلم به وما هو ممنوع عليه لأنه خريج السوربون وهو بظنه أنه أعلى من الله وأعلم بأمور الدنيا تعالى الله عما يقول الكافرون علواً كبيرا.
فقال في كتابه نقد السياسة الدولة والدين (1) وستكون كافة الإحالات على هذا الكتاب: [لم يفكر الإسلام إذن بالدولة ولا كانت قضية إقامة الدولة من مشاغله وإلا لما كان ديناً] (ص: 58)
وقال [ولم يعد القرآن العرب أو المسلمين بدولة ولا أثار حماسهم بالحديث عن منافعها وخيراتها, ولكنه وعدهم بالجنة والرضا الإلهي والمغفرة, ولم يطلب منهم أن يحكموا الآخرين وينتزعوا منهم أراضيهم وأقواتهم] (ص: 58- 59)
وقال [لقد كان التفكير بدولة الله أي بتطبيق حكم الله من خلال الدولة بمثابة مفارقة كبرى تعلن أن هدف الدين هو بناء الدولة وتشير مباشرة إلى عودة القيصرية وتهدد بنفي أصالة النموذج الديني والنبوي وجعل النبوة قيادة سياسية, أي حسب نموذج ذلك الزمان, جبروتاً بدل أن تكون هداية روحية ووحياً ربانياً](ص:61)
[لم تكن الخلافة سلطة على أمة, أي دولة ولكنها كانت امتداداً لحالة روحية تمتزج فيها دون تمييز وتتماهى العقيدة والجماعة, ولم تكن دولة للمسلمين, أي إطاراً لتنظيم مصالحهم الدنيوية, ولكنها كانت ثورة المؤمنين أصحاب الرسالة, حيث تذوب الجماعة في السلطة وتتماهى معها وينحل الزمني في الإلهي وسيلة وغاية] (ص: 63)
فطرح غليون هذا لا ينطلي على أحد لا من العامة ولا من المتعلمين ولا من العلماء .
فهل كذبَّ غليون بالحقائق لجهله بها؟. كما قال تعالى: ((بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)) [يونس:39]
{وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} آل عمران 75
أم أنه كذب بالحقائق لأنه سماع لليهود سماع للكفار متأثر بهم. كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} المائدة 41
أم أنه كذب بالحقائق عتوا وعتاداً كما فعل فرعون: ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ)) [النمل:14]
أم أنه جاهل جهلاً حقيقياً. قال الله تعالى {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} آل عمران 154
أي كانت حالته فهي حالة تدعو إلى الشفقة على هذا الكائن فإن كان جاهلاً فحق الجاهل أن يتعلم ولا يهرف بما لا يعرف قال الله تعالى: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا)) [الإسراء:36]
والظاهر من أقواله أنه على طريقة فرعون ينكر الحقائق الشرعية ظُلْمًا وَعُلُوًّا .
فنحن نسأل غليون: هل الحدود, والتجارة, والمعاملات, والبيوع, والإجارة, والاستصناع, والتدبير, والسَلَم, والزواج, والطلاق, والرضاع, والحضانة, والنفقة, والظهار, واللعان, والإيلاء, والمزارعة, والمضاربة, والمزابنة, والبيوع, والضمان, والرهن, والعارية, والوديعة, واللقطة, والكفالة, والحوالة والهبة, والرهن, والدعاوى, والشهادات, والبينات, والقسمة, والقسامة, والميراث, والحجر والتفليس, والقروض, والقراض, والفيء والغنائم, ووجوب طاعة ولي الأمر بالمعروف, وتحريم ما حرم من المآكل والمشروبات، وتحريم الربا وسائر المعاملات الخداعية والغررية ..... الخ هل هذه أمور دنيا أم آخرة وعبادات؟؟؟!!!!!. أظن أن المفكرينات السوربينيات العلمانيات اللادينيات مجرد أن لديهم آلة التفكير التي يتمتع بها العوام يعلمون أن هذه الأشياء وغيرها كثير هي من أمور الدنيا التي نظمها الدين وقال تعالى: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)) [المؤمنون:115] ويعلمون جميعاً أن هذه الأشياء لا تدخل تحت ما اصطلح عليه أمور آخرة وعبادات: مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج وما شابه، ومع ذلك فللدين حكم فيها, ولا يجوز لأحد أن يخرج على حكم الدين، ومن يرفض حكم الدين في تحريم الربا مثلاً فيقنن له أويعطي التراخيص لفتح البنوك الربوية فلا شك في كفره، ومن يرخص بفتح دور الدعارة أو حانات الخمور فهو مستحل لها لاشك في كفره, ومن يستحل زواج المسلمة من الكتابي أو الكافر فلا شك في كفره، ومن يحرم التجارة لا شك في كفره، والله عز وجل أنزل قرآناً وأوحى إلى نبيه أن يعلمنا السنة لننفذ تعاليم القرآن والسنة، ومن أعرض عن تنفيذ أوامر الله واخترع أحكاماً لتنظيم دنياه بعيداً عن القرآن والسنة وإجماع الأمة فهو مشرع من دون الله كافر خارج من الملة، ومن يطعه في كفره هذا فهو كافر مثله وهذا ليس رأينا بل هو كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. ((أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)) [القيامة:36]
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ السُّدَى الَّذِي لا يُؤْمَرُ وَلا يُنْهَى، وَمَنْ أَفْتَى أَوْ حَكَمَ بِمَا لَمْ يُؤْمَرُ بِهِ فَقَدْ أَجَازَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ فِي مَعَانِي السُّدَى. إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (5/ 387)
قال الله تعالى: [كان الناس أمة واحدة فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ [(2).
وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا * أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا [(3).
وقال الله تعالى: [فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [(4).
وقال الله تعالى: [إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [(5).
وقال الله تعالى: [وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [(6).
وقال الله تعالى: ((فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) [المائدة:44]
وقال الله تعالى: [وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [(7).
وقال الله تعالى: [إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [(8).
وقال الله تعالى: [وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا[(9).
فهل الحكم بين الناس وتطبيق الأحكام عليه له علاقة بالدنيا أم بالآخرة فقط؟؟!!.
والآيات كثيرة جداً، ولعل في هذا كفاية لمن أراد الهداية ومعرفة الحق.
وأما الأحاديث فكثيرة منها:
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا, وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ, وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ {(10).
فهذه الآيات والأحاديث واضحة للأعمى والبصير أن الله أمر بالحكم حسب ما شرع لنا في هذه الدنيا وأنزل لنا أحكاماً في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم تشمل حياتنا كاملة فعلمنا وحدد لنا كيف نحكم وفي أي شيء نحكم وكيفية التعامل مع الناس مسلمين أو كافرين أهل ذمة أو محاربين معاهدين أو مستأمين
وكيف نتاجر وكيف نبيع وكيف نشتري وحدد الحقوق والواجبات بل علمنا كيف نأكل وماذا نأكل وكيف نشرب وكيف نلبس وماذا نلبس بل كيف نخرج للخلاء ....الخ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكُينَ: وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى يُعَلِّمَكُمُ الْخَرْأَةَ، قَالَ: أَجَلْ «نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَأَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا، وَأَنْ نَسْتَنْجِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَأَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ» المعجم الكبير للطبراني (6/ 234برقم6080)
ثم يخرج علينا الرويبضة الغليوني ليقول لا دخل للدين في تنظيم الحياة ولو أن الذين يجهلون يصمتون لأراحوا واستراحوا ولكنها فتنة الرويبضة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق