موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الخميس، 10 نوفمبر 2011

تقدمية ورجعية (1)


تقدمية ورجعية (1)

رضوان محمود نموس

عندما طرقت باب صديقي أبي ضمضم؛ تلبية لدعوته فتح الباب وعلى وجهه أثر غضب يريد أن يكتمه, وسار بي إلى غرفة الضيوف؛ لأجد عنده شاباً من مدينته له قصة قديمة تركته في حالة اكتئاب ولم تنته بعد, ذلك أن أباه أسماه عبد القادر ولكنه يشعر بأن هذا الاسم عليه بصمات الرجعية فرفع دعوى قضائية ضد أبيه من أجل تبديل اسمه إلى "سيمو"
وكان القاضي من الفئة الرجعية أيضاً:

 فرفض تغيير الاسم إلا بعد حضور الوالد وقبوله لذلك, وهذا الذي لا يقدر عليه عبد القادر, فهو الآن في منزلة بين المنزلتين عبد القادر الرجعي, وسيمو التقدمي, وكنت أظن أن سبب تغيير مزاج أبي ضمضم هو هذا الشاب.
-فسألته مداعباً: مالك غضبان يا أبا ضمضم؟
-فتنهد وقال: إنه شيء يفتت الكبد.
-هون عليك وأسأل الله أن يجعله خيراً, هات ما عندك.
-انتهى منذ أيام موسم ثقافي في جامعة إسلامية وقدمت فيه قصائد متنوعة كان من بينها قصيدة جهادية لصديق ابني ضمضم, فكرتها الأساسية ألا عزة للأمة إلا بالجهاد, ورُفِضَت رفضاً باتاً وقال رئيس اللجنة ليس هذا ميدان جهاد ولا عرض بطولات ونحن لا نريد أن نتهم بأننا إرهابيون ظلاميون أو أعداء للسامية.
وعلق آخر بأنه لا مبرر لهذه الأبحاث ولا لكل ما يتعلق بجذر جهد في الفترة التقدمية التي تحياها الأمة في ظل النظام العالمي الجديد وعصر الأنوار والتعددية والليبرالية ومسيرة السلام.
-الأمر أبسط من أن تغضب يا رجل, أتريد من هذه الجامعات التي أسستها الأنظمة ويشرف عليها مندوبون من هذه الأنظمة وأسيادها أن تنشر الإسلام الصحيح وروح الجهاد؟!!
-ليس الأمر هذا!!
-وأي شيء إذاً ؟!
-ألقى أحد الطلاب كلاماً عجيباً ليس له وزن ولا قافية ولا تفعيلة ولا معنى ولا نحو ولا صرف, وأضاف إلى ذلك كفراً في أقواله ثم أسموه قصيدة رائعة, فازت بالجائزة الأولى قال فض الله فاه:
مولاتي لست شاعراً
ناناننا أغنيتي.. ناناننا قصيدتي
أبعثها قطرة حب.. من قصر حب
طنبور فؤادك تضربه الملائكة
مولاتي أرقصي ترقص معك الآلهة
اغفري لي لست شاعرا
ولست أحسن في مدحك
وحتى في أرجائه.. لست أحسن مولاتي
لست شاعراً.. لكن قصيدتي قمر وظلام
وفي قصيدتي.. قمر وظلام
فانبرى الأساتذة في هذه الجامعة العتيدة يصفقون ويرفعون عقيرتهم بلهجتهم المحلية: (والنبي تاني.. والنبي تاني) ويعيد الطالب المقطع العظيم تلبية لرغبة الأساتذة, ثم تفوز هذه القصيدة, وتمنح الجوائز ويغدق على صاحبها ألقاب التكريم التي تطيح بامرئ القيس والنابغة والمتنبي.
-اسمح لي أن أقول لك يا أبا ضمضم أن غضبك ليس له مبرر.
-وكيف يا رجل ؟!
-يحكى أن قوماً طلبوا من القردة أن تحضر أجمل مخلوق في الدنيا, فأحضرت ابنها!! إن هؤلاء الأساتذة الذين تخرجوا من مدرسة رفاعة الطهطاوي, وأحمد لطفي السيد وطه حسين, والسوربون, والجامعات البريطانية والأمريكية, لا يعجبهم إلا مثل هذا ولو كان الشعر المنافس من المعلقات أو من شعر المتنبي أو أبي تمام, فهم لا يستطيعون أن يتذوقوا ذلك الشعر النفيس, ويرون في مثل هذه القصيدة قمة الجمال والإبداع.
أليس هناك ذوق؟ أليس هناك ناظم للحسن والقبح يتفق عليه العقلاء؟!
-لكل مخلوق ناظم, يحكى أن ملكاً كان مغرماً بالجرذان, فأحضروا له جرذاً كبيراً ووضعوه في قفص ذهبي, وأمر الملك أن يقدم له في القفص اللوز والجوز والبندق والصنوبر والكاجو والفستق بأنواعه وما لذ وطاب, وكان الجرذ كل يوم يزداد هزالاً وضعفًا, حتى أشرف على الهلاك وكاد ينخلع قلب الملك لذلك, وأحضر الأطباء لرعاية الجرذ الكريم والعناية به, والأمر يزداد سوءً يوماً بعد يوم, وشاع الخبر في المملكة وحضر أحد الفلاحين الرجعيين وقال للملك أنا أعالجه شريطة أن أعتني به في بيتي فأجاب الملك لذلك جزعاً على الجرذ, ورجع الفلاح بعد عشرة أيام وقد عادت للجرذ عافيته, ففرح الملك وقال: أي دواء أعطيته؟ فأجاب الفلاح بهدوء: من اعتاد أكل العذرة يمرضه اللوز والفستق يا جلالة الملك, لقد تركته في المرحاض فعادت إليه عافيته.
فلربما استحسنوا وتذوقوا ما استحسن الجرذ.
يا أخي أبا ضمضم إن الدول والجماعات الإنسانية قبل أن تضع منهجاً للتعليم يقوم المتخصصون فيها بحوار داخلي, حول ماهية المنهج ويسألون أنفسهم لماذا نعلم؟ وعلى ضوء الإجابة يطرحون السؤال الثاني ماذا نعلم, ثم السؤال الأخير كيف نعلم؟ فهذه الأنظمة لها رسالة تقدمية تريد أن تحارب بها الرجعية, وتنشئ جيلاً يتمشى مع حضارة الببسي كولا, والهامبرغر, ويتعايش مع مرحلة ما بعد كامب ديفيد ومدريد وأوسلو وشرم الشيخ, ويكون جاهزاً لتقديم المزيد واستدعاء السيد الأمريكي لقبض الجزية عن يد وحكامنا صاغرين, وإذا فعل ذلك الأمر الآخر فيفرح الجيل التقدمي بأن الدم الأمريكي يجري في عروق أبنائه.
ثم إذا كبر هذا الجيل وأصبح هو الأستاذ والمدير والجندي والقائد تكون روحاً تقدمية شاملة تسري في كيان الأمة.
ولا بد أنك تذكر كيف كان يحكم بالسجن مدة عشر سنوات على من يحفظ سورة الأنفال والتوبة وخمس سنوات على من يحفظ إحداهما فقط, في دولة عربية أفروأسيوية, كبيرة يحكمها نظام تقدمي جداً بينما كانت كتب قلة أدب الفراش تباع بأسعار رمزية أو مجاناً ويطلق عليها سلسة التنوير مثل, في بيتنا رجل, أولاد حارتنا, زقاق المدق ... الخ, ويمنح رمز قلة الأدب جائزة نوبل وأولاد حارتنا وزقاق المدق هم بعض أساتذة الجامعات اليوم.
والمسألة أكبر من رفض قصيدة وقبول أخرى بل هي إحراق الهوية وغسل الأدمغة ومسخ الأجيال, عندما كانت بلادنا تحت الحكم الرجعي _كما يزعمون_ كان الطالب لا يبلغ تسع سنوات إلا وقد أتم حفظ القرآن الكريم أما غير المجّد, فيكون قد حفظ أكثر من عشرين جزءً وإذا درسوهم الشعر فهو الذي يوصي بمحامد الأخلاق والآداب فقد كانوا يحفظون في السنة الابتدائية الأولى إلى جانب القرآن درراً من الشعر, إليك نموذجاً منها كان مقرراً على الصف الأول الابتدائي, وهي قصيد الشيخ عمر بن المظفر, المعروف بابن الوردي.
وسأسرد عليك مختارات لطول القصيدة, يقول رحمه الله:
اعتزل ذكر الأغاني والغزل *** وقل الفصل وجانب من هزل
واتق الله فتقوى اللـه ما *** جاورت قلب امرئ إلا وصل
ليس من يقطع طرقاً بطلا *** إنمـا مـن يتق اللـه البطل
أي بني اسمع وصايا جمعت*** حكـماً خصت بها خير الملل
اطلب العلم ولا تكسل فما***أبعد العلم على أهل الكسـل
واحتفل للفقه في الدين ولا *** تشتغل عنـه بمـال أو خول
واهجر النوم وحصله فمن *** يعـرف المطلوب يحقر ما بذل
لا تقل قد ذهبـت أربابه ***  كل من سار على الدرب وصل
في ازدياد العلم إرغام العدا ***  وجمال العلم إصلاح العمل
أنا لا أختـار تقبيل يـد ***  قطعها أجمـل من تلك القبل
لا تقل أصلي وفصلي أبدا *** إنما أصل الفتى ما قد حـصل
قيمة الإنسان مـا يحسنه ***  أكثر الإنـسان منه أو أقـل
بينما في الدول التقدمية المطلوب حفظه من القرآن طيلة المرحلة الدراسية حتى الدكتوراه لا تتجاوز ربع الحزب, والتربية الإسلامية وهي اسم مخترع ينضوي تحته كل العلوم الإسلامية هي مادة ليس لها شأن في نجاح أو رسوب, ولا تجمع درجاتها في المعدل العام, بل إن بعض الدول التقدمية اعتبرتها كمادة الرسم مثلاً فيمكن أن يدرسها درزياً أو نصرانياً أو نصيرياً فنشأ نتيجة لهذا جيل مدريد وأوسلو, وعندما ألغي التعليم الديني وبرزت المدارس الحديثة, وبدأت الخطوات التقدمية الأولى بعد هذا الذي يسمونه استقلالاً ذراً للرماد في العيون وكانت القراءة والنصوص للصف الثالث الابتدائي تحوي نصوصاً فيها الغث والسمين من وثنية العَلَم إلى تكريس الإقليمية ومع هذا كان فيها بعض القطع الأدبية والشعر الجاهلي التي لم تكن انبطاحية, بل فيها شيء من روح القوة مثل قصيدة عنترة يوم المصانع والتي يقول فيها:
إذا كشف الزمان لك القناعا *** ومد إليك صرف الدهر باعا
فلا تخـش المنية واقتحمها  ***  ودافع ما استطعت لها دفاعا
وفي يوم المصـانع قد تركنا ***  لنـا بفـعالنا خبراً مشاعا
أقمنا بالزوابل سوق حرب ***  وصيـرنا النفوس بها متاعا
حصـاني كان دلال المنايا ***   فخاض غمارها وشرا وباعا
وسيفي كان في الهيجا طبيباً *** يداوي رأس من يشكو الصداعا
أنا العبد  الذي خبرت عنه *** وقـد عاينتني فـدع السماعا
ولو أرسلت رمحي مع جبان ** لـكان بهيبتي يـلقى السباعا
ملأت الأرض خوفاً من حسامي**وخصمي لم يجد فيها اتساعا
إذا الأبطال فرت خوف بأسي **  ترى الأقطار باعاً أو ذراعا
ثم خطت المناهج خطة أخرى نحو التقدمية, فكان كتاب القراءة والنصوص للصف الثالث الابتدائي يحمل نصوصاً مختلفة لا يوجد فيها أي أثر للنصوص القرآنية والحديث والشعر الجاهلي, ودخل نصوص ما يسمى بالأدب الحديث وكانت أفضل قطعة في الكتاب على ما فيها هذه القصيدة لخليل مردم بك
حماة الديار عليكم سلام ** أبت أن تذل النفوس الكرام
عرين العروبة بيت حرام ** وعرش الشموس حمى لا يضام
ربوع الشآم بروج العلاء ** تحاكي السماء بعالي السناء
فأرض زهت بالشموس الوضاء ** سماء لعمرك أو كالسماء
رفيف الأماني وخفق الفؤاد ** على علم ضم شمل البلاد
أما فيه من كل عين سواد ** ومن دم كل شهيد مداد
نفوس أبـاة وماض مجيد  ** وروح الأضاحي رقيب عتيد
فمنا الوليد ومنا الرشيد ** فلم لا نسود ولم لا نشيد
ولما وجد أن هذا التعديل لا يفي بالغرض المنشود, والذي يتناسب مع كون التقدمية تياراً عاماً والرجعية سبة في جبين أصحابها, وصفحة سوداء في تاريخ أمتنا تمكنت فيها الرجعية من احتلال مدريد وطرق أبواب باريس وحاصرت خيولها فيينا وبراغ, وأخذت الجزية من أهالي بطرس بورغ وموسكو وهم صاغرون, ولمحو آثار الرجعية تم تعديل المنهاج تعديلاً شاملاً, وإليك نموذجاً من الصف الأول والثالث:
فبينما كان في الصف الأول درس حرف الباء (ب) (ب) الأرانب تستعد للحرب مع صورة أرانب معها رماح وسيوف, استبدلت (ب) (ب) البلبل يغني للسلام, مع صورة بلبل يحمل غصن زيتون.
واستبدل درس حرف الصاد من (ص) صاروخ, مع صورة صاروخ ينطلق, إلى (ص) صوص مع صورة صوص يخرج من البيضة, ودرس حرف (ج) جندي, مع صورة جندي يحمل السلاح, إلى (ج) جرو مع صورة طفل تقدمي يسحب جرواً صغيراً.
واستبدل درس حرف القاف من قلعة إلى قطة, ودرس الميم من مدفع إلى مصاصة وصورة طفل تقدمي يمص قطعة الحلوى, وهكذا دواليك.
أما في الصف الثالث وهو بيت القصيد, كان النص المطلوب حفظه هو التالي:
كلبي كلبي    يجري جنبي
لا ينساني    بل يلقاني
ويحييني     هو هو هو هو
فتأمل رحمك الله والحظ التأثير النفسي على شخصية الطلبة عندما يحفظون سورة التوبة والأنفال, أو حتى قصيدة يوم المصانع, مع الفارق, والجيل ال(سوبر تقدمي) الذي يرددكلبي كلبي هو هو هو هو
-قال سيمو: وماذا على الطالب الابتدائي لو أحب الكلاب وهي حيوانات أليفة ويضرب بها المثل في الوفاء.
نحن نعلم أن الكلاب أكثر وفاء من التقدميين يا سيمو, بل إن بعض سلفنا ألف كتاباً بعنوان "تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب" ونعرف أن صيد الكلب المعلم يؤكل, وذبيحة العلماني الليبرالي التقدمي لا تؤكل, ولكن هناك فرق ربما لم تدركه بعد بين حي على الجهاد, وبين عو عو عو عو.
-قال أبو ضمضم: سأحدثك بشيء رأيته رأي العين آمل أن تضيفه إلى معلوماتك, كنت مدعواً مع بعض الزملاء إلى مطعم بعيد عن الضوضاء, على ضفاف النهر, وبعد أن تحلقنا حول الخوان بجوار النافذة, رأيت صديقاً لي اسمه الشماخ يترجل عن فرسه إعصار والذي حفظ نسبه إلى جده الثامن آباء وأمهات وحمل نفسه وبنيه على تعلم الفروسية والتدرب على جميع أنواع الأسلحة المتاحة, وعندما تقدم الشماخ لربط الفرس بالشجرة القريبة من المطعم, تقدم إليه حارس المطعم وحاول منعه مبدياً أعذاراً غير مقنعة من أن شكل الفرس غير مألوف في هذه المناطق وربما يخيف بعض الزبائن وصهيله مزعج ..الخ.
-قال الشماخ: يا ابن أخي ألا تعلم أن الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة وأنه: أعز مكان في الدنا سرج سابح ***  وخير جليس في الزمان كتاب
فالتفت الحارس حول نفسه, وكأن الشماخ يتكلم بالسنسكريتي وخرجت للمساهمة في حل الإشكال ودعوة الشماخ, ولكن صاحب المطعم منذ أن لاحظ الفرس والحارس اتصل بالشرط وبينما كنا نحاول فض النزاع ووقفه وصل الشرط وحاولوا أخذ الشماخ والفرس بالقوة والفظاظة فقفز الشماخ على ظهر فرسه ولاحت بوادر الشرر من عينيه, وما حللنا المشكلة إلا بشق الأنفس, ثم انصرف الشماخ وقام نادل المطعم بإعطاء الشرط لفافة من البلاستيك بها شيء من بقايا الأطعمة أجراً لهم على سرعة مبادرتهم.
ورجعت إلى زملائي شارد البال يقفز فكري عبر التاريخ ومكانة الخيل وما آلت إليه اليوم.
وما هي إلا دقائق حتى دخل المطعم ثلاثة نسوة معهن ثلاثة كلاب ما بين كبير والوسط والصغير, وتحلقوا حول المائدة وجلست الكلاب على الكراسي مع النسوة ينتظرون الطعام, وقام النسوة بربط مناديل حول رقاب الكلاب, فقال لي أحد الحضور, انظر إلى هذا الكلب الكبير إنه هجين بين كلب الراعي الألماني وكلب الحراسة الاسكتلندي, أما هذا الصغير فهو رائع جداً.
-هذا الجرو
-لا هذا كلب, ولكن فصيلته هكذا, وهو معشوق النساء لطول لسانه ولزوجته, ويمتاز بأن له مهمات نسائية خاصة, لقد تم تطوير سلالات الكلاب بشكل سريع, بل أن هناك دراسات مستفيضة على الجينات الكلبية, وأنواع السلالات لمحاولة إيجاد كلاب ممتعة وذكية.
-أظن أن ثقافتك الكلابية هي إحدى إفرازات الموجة التقدمية, أليس عجباً أن يمنع الشماخ من ربط فرسه, وتدخل هذه الكلاب, لن أبق في هذا المطعم.
وانصرفت فلحقني بعض الزملاء راجياً أن لا أخرب الدعوة, ولكنني أصريت على الذهاب فتابعني أحدهم, ورجع البقية, فقال لي من خرج معي:
-ما كان ينبغي لك أن تتركهم, فقلت:
-إذا كنت نادماً فارجع إليهم, لن أجلس تحت سقف واحد أنا والكلاب.
-ولكنها طبيعة العصر, إنه التقدم والتقدمية, لماذا ثقافتك إقصائية الدنيا الآن كلها تدعو إلى التعددية في الناهج والثقافات والسياسة وو..الخ.
-إذا رفضت الجلوس مع الكلاب فثقافتي إقصائية وأنتم رفضتم الخيل فثقافتكم تعددية تقدمية عصرية, أم يظن أصحاب الثقافة الكلابية أنهم هم الناظم والمقياس والبوصلة وعلى الناس أن تسير بالهدي الكلابي.
-ألا تشعر أن الخيل تذكر بالإرهاب والقتل والظلامية والكلاب تذكر بالتقدمية والعصرانية والعولمة والتحررية والليبرالية وعصر الأنوار.
-الخيل تذكرني بالفتوحات والمجد والكلاب تذكرني بالتقدميين الليبراليين العوائين.
ثم بقينا صامتين إلى أن فارقته.
-هل قرأت آخر خبر عن الكلاب يا أبا ضمضم؟
-لا, وعافاك الله من هذه الأخبار.
-اسمع إذاً, حملت الأنباء خبراً حول اعتزام الحكومة البريطانية إصدار جوازات سفر للحيوانات الأليفة كالكلاب والقطط بهدف تخفيف المعاناة التي قد تلقاها في الموانئ الدولية بالإضافة إلى تشجيع السياحة وسيكون مكتوباً على جواز الكلب "باسم جلالة الملكة لكل من يهمه الأمر السماح لمن يحمل الجواز بالمرور دون عوائق وأن تقدم لحامله كل مساعدة وحماية قد يحتاجها"
كما أنه تم بناء عدة فنادق فئة خمس نجوم لإقامة الكلاب خاصة عندما يسافر أصحابها بمهام لا يستطيعون فيها اصطحاب كلابهم, ومستشفيات خاصة أيضاً, وأنشأ كذلك عدداً من دور العجزة للكلاب التي تقدم بها السن أو أصاب ألسنتها التلف. ولقد أوردت مجلة المجلة التقدمية جداً في عددها 969 هذا الخبر: (عرض مليونير أمريكي يعيش في منطقة تكساس مبلغ خمسة ملايين دولار على أحد المختبرات العلمية مقابل استنساخ كلبته ميسي التي لا يستطيع فراقها وظهرت وهي تقوم بتمارين الصباح الرياضية(
كما أوصى لورد إنجليزي بثروته البالغة 2.5 مليون جنيه إسترليني لكلبه المدلل "بوبي"
-ولماذا كل هذا الاهتمام بالكلاب؟!!
-يا أبا ضمضم إن هذه السلوكيات ما هي إلا إفرازات طبيعية لمناهج التعليم
السائدة وللنمط الفكري الذي يراد له أن يعمم, وما هذا وذاك إلا إفراز للأنظمة السياسية المستوردة والتي تسيطر على البلاد ويقوم بتنفيذها كائنات تقدمية تقاد "بالريموت".
-ألا تشعر أن آخر الشوط عند التقدميين لا يعلم شره وخطره إلا الله؟!
-لا شك في هذا وسيستمرون في تقدمهم حتى لو أن سادتهم نكحوا أمهاتهم على الطريق لقلدوهم اقتداء بهم, وانسجاماً مع تقدميتهم.
لله أشكــو أننا بمنازل        قاد الجموع بها فصيل كلاب

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.