موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الخميس، 10 نوفمبر 2011

برهان غليون والبهتان في أن الإسلام لم يتحدث في السياسة


برهان غليون والبهتان في أن  الإسلام لم يتحدث في السياسة


رضوان محمود نموس

قال في كتابه نقد السياسة الدولة والدين: (1)[ولم يتحدث الإسلام عن السياسة, أو يقدم رأيه فيها, فهي تعني المقابل للوحي والمعرفة الدينية, لأنها مرتبطة بالعقل والحنكة والحيلة والخدعة, كما هي الحرب, وليس من قبيل الصدفة تجاهل القرآن لها. فهذا تجاهل نابع من الاختيار الأول للدين والروح بالمعنى الإرادي والحري والباطني كوعاء للرسالة مقابل الدولة التي كانت رديفاً لقوة السيطرة القهرية, وكلمة الدولة الإسلامية نفسها كلمة مبتدعة حديثة تعبر عن تأثر الفكر الإسلامي المعاصر الشديد بالفكر الحديث السائد] (ص: 58(
وقال [ولو تحدث القرآن أو الرسول في الدولة والكيان السياسي المنظم والمنظم للجماعة لأخضع الدين للدولة وجعل من بنائها مقصد الدين وغايته ولكانت النتيجة تأسيس الدولة الإلهية والدينية بالمعنى الحرفي للكلمة على الأرض, ومن ثم انتفاء الحاجة للبعث والحساب ويوم الدين, ولو حصل ذلك لكان محمداً جابياً ولم يكن هادياً] (ص: 59(

وهنا سنلقي قليلا من الضوء على قضية إفراد الله تعالى بالحكم وتبيان أن الحكم من خصائص ألوهية الله سبحانه وتعالى وليس للمخلوق منه شيء.
إفراد الله بالحكم ركن من أركان التوحيد
فكما أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت فهو الحَكَم, وكما أنه يكفر من يقول إن فلاناً يخلق مع الله, فكذلك يكفر من يقول إن لفلان الحق في الحكم مع الله. والآيات التي تثبت أن الحكم لله وحده كثيرة جداً؛ بل إن القرآن كله يقرِّر هذه الحقيقة الأساس وهو أن الحكم لله.
قال تعالى: [إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ((2).
 قال تعالى: [إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ أَمَرَ ألا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ((3).
وقال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ((4).
 وقال تعالى: (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ  لِلَّهِ  الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ((5).
وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا *فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا *  أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَولا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ((6).
وقال الله تعالى: (فلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ولا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (َ(7).
وقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((8).
وقال الله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ(9))
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه رضي الله عنه قَالَ: {مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ(10))
  والدلالة فيه أن الذين يفعلون ما لا يؤمرون به من قبل الرسل ويخالفون الرسل يُجَاهَدُون, ومن لا يُجَاهِدهم ولا حتى بقلبه ينتفي عنه الإيمان, فانتفاء الإيمان عن من يخالفون الرسل من باب أولى.
وعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ رَايَةٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ: {بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَه(11)}
والعبرة فيه كما قال ابن تيمية أن تخميس المال دل على أنه كفر بفعله ولم يفسق, لأنه لم يحرم ما حرم الله ورسوله.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يكون  هواه  تبعاً لما جئت به {(12).
ولقد نقل عدد كبير من العلماء الإجماع على كفر من حكم بغير ما أنزل الله.
قال ابن تيمية: [والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه, أو حرم الحلال المجمع عليه, أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً باتفاق الفقهاء[(13).
وقال: [إن من أسقط الأمر والنهي الذي بعث الله به رسله فهو كافر باتفاق المسلمين واليهود والنصارى [(14).
وقال ابن كثير: [فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين [(15).
وقال ابن عبد البَر: [وقد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئا أنزله الله وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله  أنه كافر [(16).
وقال محمد بن المرتضى اليماني(17): [وثانيهما إجماع الأمة على تكفير من خالف الدين المعلوم بالضرورة والحكم بردته إن كان قد دخل فيه[(18).
وقال محمد أنور شاه الكشميري: [وثانيهما إجماع الأمة على تكفير من خالف الدين المعلوم بالضرورة والحكم بردته(19)]
وقال الشيخ عبد الله القلقيلي (20) في الفتاوى الأردنية: [من المجمع عليه بين المسلمين أن من استحل محرماً علمت حرمته بالضرورة من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين فقد كفر، يستتاب فإن تاب وإلا كان حكم القتل الذي هو حكم المرتد، وإن هذا هو حكم من استحل المحرمات وإن لم يفعلها [(21).
وقال ابن باز: [أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب حكم المرتد اتضح له ما ذكرنا[(22).
ولقد أجمع علماء الأصول في مباحثهم عن الحكم والحاكم والمحكوم فيه والمحكوم عليه على أن الحُكْمَ هو: "خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع" (23).
وأما عن الحاكم: فلم يختلف المسلمون في أن مصدر جميع الأحكام التكليفية والوضعية هو الله سبحانه وتعالى، بعد البعثة وبلوغ الدعوة، سواء كان ذلك بطريق النص من كتاب أو سنة أم بواسطة الفقهاء والمجتهدين، لأن المجتهد مُظهِرٌ للحكم وليس مُنشِئَاً له من عنده؛ لهذا قالوا: الحكم هو خطاب الله تعالى... وقالوا: لا حكم إلا لله، أخذاً من قوله تعالى: (إن الحكم إلا لله(.
كما أجمع الفقهاء جميعاً على أن من رد أو دفع شيئاً من كتاب الله أو سنة رسول الله الثابتة يصبح بهذا الفعل مرتداً وتجري عليه أحكام المرتدين(24).

ويقول غليون: (ولو تحدث القرآن أو الرسول في الدولة والكيان السياسي المنظم ...... ومن ثم انتفاء الحاجة للبعث والحساب ويوم الدين)
وفهم الأنعام في هذه القضية أفضل من فهم غليون صدق الله قال تعالى: ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون)) [الأعراف:179]
فلماذا وحسب الفهم الدوابي لغليون ينتفي البعث والحساب إذا كانت هناك دولة تحكم بالإسلام : وما هو الداعي؟! البعث والحساب لحساب كافة الخلق من لدن أدم إلى يوم القيامة البعث والحساب على كل شيء اقترفه الإنسان والدولة لإقامة حكم الله في الأرض ولنشر دين الله ولتحقيق العدالة كما أمرنا الله لماذا دولة الإسلام تنفي الحاجة للبعث والحساب ؟؟!!!! وما هي علاقة النفي المتلازمة؟؟!! حقيقة إن برهان غليون أصدق مثال للآية أن هناك من البشر من هو أضل من الأنعام.


[1] نقد السياسة الدولة والدين طبع المؤسسة العربية للدراسات والنشر الطبعة الأولى 1991
[2]- سورة الأنعام: 57.
[3]- سورة يوسف: 40
[4]- سورة يوسف: 67.
[5]- سورة غافر: 12.
[6]- سورة النساء: 60 -  65.
[7]- سورة المائدة: 44.
[8]- سورة النور: 63.
[9]- سورة الأنعام: 131.
[10]- رواه مسلم برقم (50)
[11] - رواه أبو داود برقم (4457), وصححه الألباني.
[12] - حديث حسن صحيح رواه البغوي في شرح السنة برقم (104)
[13] - مجموع الفتاوى (3/267)
[14] - مجموع الفتاوى (8/ 106)
[15] - البداية والنهاية (13/ 119) - أحداث سنة 624 هـ عند ترجمة جنكيز خان.
[16]  - التمهيد لابن عبد البر (4 / 226).
[17]  - محمد بن المرتضى اليماني: (ت: 732هـ)هو العلامة محمد بن المرتضى بن المفضل الحسني، أخذ عن أبيه وعمه إبراهيم واتصل بالإمام محمد بن أبي القاسم، من مؤلفاته: إيثار الحق على الخلق
[18] - إيثار الحق ص /116.
[19]- إكفار الملحدين. ص/ 81.
[20]- عبد الله القلقيلي:  هو مفتي الأردن في وقته، له كتاب باسم الفتاوى الأردنية في الجهاد، كتبه سنة 1381هـ، وطبعه المكتب الإسلامية
[21]- الفتاوى الأردنية ص / 77-78.
[22]- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة تأليف ابن باز (2 / 330).
[23]- يراجع مثلا الأحكام للآمدي (1/49), حاشية البناني على شرح جمع الجوامع (1/40), شرح العضد (1/220), التلويح على التوضيح (1/13), غاية الوصول شرح لب الأصول ص/6, حاشية الأزميري على مرآة الأصول (1/31), فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (1/54), المنهاج للبيضاوي مع الأسنوي (1/38), إرشاد الفحول (1 / 56)
[24]- يراجع في هذا كتاب المرتد في جميع كتب الفقه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.