مواقف(2)
رضوان محمود نموس
لما استولى معد بن إسماعيل بن عبيد الله الملقب بـ (المعز لدين الله الفاطمي) على مصر وكان قائد حربه (جوهر الصقلي) قد دخل مصر قبله ووطد له الأمر. ودخلت مصر في الدولة العبيدية التي تسمي نفسها فاطمية. وكانت تدّعي أن حكامها من آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم وأظهروا المذهب الرديء وشتموا الصحابة وألغوا التراويح وأمروا بالقنوت في الظهر وقربوا اليهود والنصارى.وتآمروا مع الصليبيين.
قام العالم الإمام القدوة الشهيد أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل الرملي ويعرف بابن النابلسي ليذب عن دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وحظر هذا الدين الوافد المرتد، فطاردته الدولة العبيدية وأقام له (جوهر) الجواسيس والكمائن، وكان يتنقل بين القرى يبين للناس كفر هذه الدولة ويقول لهم إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهماً وبالعبيدين تسعة أسهم، وكان الإمام يتخفى عن الدولة، فقبض عليه والي دمشق أبو محمود الكتامي وقال بالوفيات أبو المجد الكتاني ولم تكن دمشق خاضعة للعبيديين ولكنه تعاون الطواغيت على حرب الإسلام، كما هو الآن يقوم حكام العرب بالقبض على المجاهدين وتسليمهم لأمريكا ثم وضع أبو بكر في قفص من خشب وأرسل به إلى جوهر قائد الجيش العبيدي الذي سلمه لسيده الملقب بالمعز لدين الله فأحضروا الجمهور وجلسا لمحاكمة الشيخ، وحاولا استمالته ليرجع عن قوله أمام الناس ويعفى عنه ويمنح الجوائز ولكنه أبى، وحضر المحاكمة أحد الشيوخ الذين بدلوا دينهم ونافقوا للدولة وأظهروا الولاء لها، كحال علماء الطواغيت اليوم فقال لأبي بكر شامتاً "الحمد لله على سلامتك" فأجابه أبو بكر "الحمد لله على سلامة ديني وسلامة دنياك"
فقال له جوهر: بلغنا أنك قلت إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهماً وفينا تسعة. قال: ما قلت هذا، فظن أنه رجع عن قوله فقال: كيف قلت؟ قال: إذا كان معه عشرة أسهم وجب أن يرميكم بتسعة وأن يرمي العاشر فيكم أيضاً فإنكم غيرتم الملة وقتلتم الصالحين؟
فأمر حينئذ أن يشهرَّ فشُهرَّ في اليوم الأول وضرب بالسياط في اليوم الثاني وأخرج في اليوم الثالث فصلب وسلخ، سلخه رجل يهودي بدأ من مفرق رأسه وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه. قال أبو ذر الحافظ: سمعت الدارقطني يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يسلخ )كان ذلك في الكتاب مسطورا( وكان الدارقطني يروي الحديث عنه، قال اليهودي: فداخلتني له رحمة فطعنت بالسكين في فؤاده حتى مات عاجلاً.
حكى صاحب النابلسي قال مضيت مستخفياً أول يوم فتراءيت له وهو يشهر فقلت له ما هذا؟ فقال امتحان. فلما كان اليوم الثاني رأيته يضرب فقلت ما هذا؟ فقال كفارات. فلما أخرج في اليوم الثالث ليسلخ قلت ما هذا؟ قال أرجو أن تكون درجات.
وحكى ابن السعساع المصري وقال في الوفيات الشعشاع أنه رأى في النوم أبا بكر النابلسي بعدما صلب وهو في أحسن هيئة فقال: ما فعل الله بك؟ فقال:
حباني مالكي بدوام عز ***** وواعدني بقرب الانتصار
وقـربني وأدنانـي إليه **** وقال انعم بعيش في جواري
وقـربني وأدنانـي إليه **** وقال انعم بعيش في جواري
والنصيريون إن لم يتساووا في الكفر مع الإسماعيليه فهم أكفر.
المراجع:
سير أعلام النبلاء 16/148 . المنتظم 14/245 . الوافي بالوفيات 2/45 النجوم الزاهرة أحداث سنة 363 هـ
0 التعليقات:
إرسال تعليق