موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الخميس، 10 نوفمبر 2011

مـواقـف (3)


مـواقـف (3)
رضوان محمود نموس
لما نزل عبد الله بن علي([1]) حماة بعث إلى الأوزاعي([2])، فأشخص إليه، فأذن للأوزاعي قال: فدخلت على عبد الله وهو على سريره وفي يده خيزرانة ينكت بها الأرض وحوله المسوِّدة بالسيوف المصلتة والغمد الحديد والسيف والنطع بين يديه فسلمت، فنكت في الأرض ثم رفع رأسه إلي وقال: يا أوزاعي أتعد مقامنا هذا - أو سيرنا - رباطاً؟.
فقلت جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال  من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لامرأة يتزوجها أو دنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه قال: فنكت بالخيزرانه نكتاً هو أشد من النكت الأول وجعل من حوله يعضون لي أيديهم، ثم رفع رأسه فقال: يا أوزاعي ما تقول في دماء بني أمية؟ قلت: جاءت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الزاني بعد إحصان والمرتد عن الإسلام والنفس بالنفس، فنكت بالخيزرانة نكتاً هو أشد من ذلك وأطرق ثم رفع رأسه فقال: يا أوزاعي ما تقول في أموال بني أمية؟ فقلت: إن كانت لهم حراماً فهي عليك حرام وإن كانت لهم حلالاً فما أحلها الله لك إلا بحقها، قال فنكت بالخيزرانة نكتاً هو أشد من ذلك وأطرق ملياً ثم رفع رأسه فقال: أخبرني عن الخلافة وصية لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فورد علي أمر عظيم واستسلمت للموت فقلت لأصدقنه، فقلت أصلح الله الأمير، كان بيني وبين داود مودة ثم قلت له لو كانت وصية من النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك علي بن أبي طالب أحداً يتقدمه ولا قبل بالحكمين، فقال يا أوزاعي هممت أن أوليك القضاء، فقلت أصلح الله الأمير، قد كان انقطاعي إلى سلفك ومن مضى من أهل بيتك وكانوا بحقي عارفين، فإن رأى الأمير أن يستتم ما ابتدأه آباؤه فليفعل، قال: كأنك تريد الإذن، قلت: إن ورائي لحرماً بهم حاجة إلى قيامي بهم وستري لهم، قال فذك لك، قال فخرجت فركبت دابتي وانصرفت.




[1] - عبد الله بن علي: هو عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس عم أبي العباس وأبي جعفر المنصور، هو الذي قاد الجيوش لفتح الشام وهزم مروان في معركة الزاب وفعل ببني أمية ما فعل وكان على الشام حتى آخر عهد المنصور، فخرج عليه ودعا إلى نفسه فأرسل إليه المنصور جيشاً هزمه وأحضره إلى بغداد وحبس بها فوقع عليه البيت الذي حبس به فقتله ولد 103 هـ ومات 147 هـ .
[2] - الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو بن يحيى أبي عمرو، إمام أهل الشام في الحديث والفقه كان يسكن دمشق خارج باب الفراديس ثم تحول إلى بيروت فسكنها مرابطاً إلى أن مات بها وفيها إلى الآن حي كبير يعرف باسمه، حديث عن أبي جعفر محمد بن علي بسنده إلى ابن عباس وعن يحيى بن أبي كثير، انتهت إليه الإمامة والفتوى في الشام كان فصيحاً عاش يتيماً، قال العباس بن الوليد بن يزيد ما رأيت أبي يتعجب من شيء مما رآه في الدنيا تعجبه من الأوزاعي، فكان يقول سبحانك تفعل ما تشاء، كان الأوزاعي يتيماً فقيراً في حجر امرأة تنقله من بلد إلى بلد وقد جرى حكمك فيه بأن بلغته حيث رأيته ثم يقول: يا بني عجزت الملوك أن تؤدب أنفسها وأولادها أدبه، أفتى الناس وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة كان يقول اصبر على السنة وقف حيث وقف القوم وقل فيما قالوا وف عما كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما يسعهم، ولد الأوزاعي سنة ثمان وثمانين وتوفي سنة خمسين ومائة رحمه الله. عن مختصر تاريخ دمشق، ترجمة الأوزاعي، المجلد الرابع عشر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.