لماذا يفضل برهان غليون النصرانية على الإسلام
رضوان محمود نموس
يقول برهان غليون: [إن نقطة البدء الحقيقة في الدعوة المسيحية ومركز قوتها هو التبشير بقدوم ملكوت الله, أي بالساعة القريبة, وكان هذا التبشير السعيد, وهو الذي أعطى اسمه للإنجيل الذي يعني حرفياً البشارة السعيدة] برهان غليون الدين والدولة (ص: 46)
ويقول:[وعد المسيح اليهود, ثم الناس جميعاً, بحرارة اللقاء مع الله والخلود في مملكة الروح البعيدة عن هذا العالم والمجسدة للعدل والمحبة والتسامح, مما يفتقر إليه ملكوت الأرض, ففي الدعوة المسيحية لم يصبح دين التوحيد الإلهي نفياً للسلطة القهرية المجسدة في الدولة الإمبراطورية وحسب, ولكنه أصبح نفياً لمملكة الجسد نفسها] برهان غليون الدين والدولة (ص: 46- 47(
ويقول: [وقد كانت بذلك مرحلة التأسيس دون منازع للإيمان كتجربة شخصية داخلية وروحية قوية, وتجرد عن العالم, وانفتاح مطلق على الله, وتطلع إليه, في المسيحية أصبح الله روحاً واستغنت الروح نهائياً عن الجسد والطبيعة والرغبة وأصبحت مبدأ, أي منبع كل أخلاق] برهان غليون الدين والدولة (ص: 47(
واضح من عرض برهان غليون إعجابه بالنصرانية المزورة المبدلة المنسوخة بالإسلام أقول المنسوخة لأن الله سبحانه بعد إرسال محمد صلى الله عليه وسلم قال: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [آل عمران:85[
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلاّ أن يتبعني". وذكره الهيثمي في المجمع 1/179
فهو يفضل النصرانية لأن النصرانية ليس عندها أحكام وحلال وحرام وتشريعات إنما هي خرافات وتحريفات وضعها بولس اليهودي الذي زعم أن عيسى هو الله وهو أرسله أي أرسل بولس رسولاً للناس: ويذكر لوقا صاحب الإنجيل، هذه القصة في أعمال الرسل فيقول: "وعندما كان بولس قريباً من دمشق، فبغتة أبرق حوله نور من السماء، فسقط على الأرض، وسمع صوتاً قائلاً: شاؤل شاؤل لماذا تضطهدني؟ فقال: من أنت يا سيد؟ فقال: أنا يسوع الذي تضطهده، فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد أن أفعل. فقال له: "قم واكرز بالمسيحية" انظر أعمال الرسل الإصحاح التاسع: 30-20، وانظر: ترجمة بولس في المسيحية.
فهذه هي المسيحية المزورة التي يفضلها برهان غليون ويرى فيها الدين المثالي الذي يحبه أما الإسلام ففيه تكاليف وفيه منهج وفيه تشريع وهذا الذي لا يحبه برهان غليون يحب ديناً يبيح الخمر والخنزير والموبقات.
ثم يقول: [والواقع أن هذا التوجه كان يتبع لزاماً التبشير بالخلاص, وبالإيمان بالمسيح كمخلص, جاء بالضبط لينهي العالم الأرضي أو ليضع حداً للوجود الشقي, ويقود البشرية ويأخذ بيدها للعبور بسلام إلى عالم الله الآخر وملكوته, ولو بشر بغير ذلك لما كان مسيحاً, ولكن رسولا كغيره من الرسل] برهان غليون الدين والدولة (ص: 47)
وهنا يعتبر برهان غليون أن عيسى ليس كغيره من الرسل جاء لينهي العالم الأرضي ولكن برهان لم يقل لنا كيف ينهي العالم الأرضي هل بأمر أتباعه بصناعة النووي لإبادة البشرية أم باختراع الأسلحة الكيميائية أم بدعوتهم إلى فعل الموبقات وتحليل الزنا واللواط والخمر والخنزير والربا والقتل فيغضب الله عليهم ويقيم القيامة لم يتفضل برهان ويشرح لنا كيف ينهي العالم الأرضي.
وكيف يرى المسيح مخلص وجاء لينهي العالم الأرضي. على كل حال هو يراه مخلصاً ولا يرى هذه الميزة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد الرسل وخاتم الأنبياء.
ويقول: [عندما حاول الشيطان أن يغويه, بالسلطة المطلقة رفضها وجعل من نفسه نبي الفقراء والمضطهدين, ولم يكن من الممكن توظيفه في بناء الدولة كمبدأ للجماعة ولا بخيانة مبادئه وإفساد معانيها وتشويهها.
أما الإسلام فقد انطلق من موقف مشابه للموقف المسيحي الإنساني والعالمي ] برهان غليون الدين والدولة (ص: 54)
وهذا هو الشيء المضحك المبكي. فيقول عن عيسى عليه السلام (وجعل من نفسه نبي الفقراء) وهذا الكلام فيه من الطامات ما تنوء الجبال بحمله: من هذه الطامات قوله: جعل نفسه: وكأنه هو الذي جعل نفسه نبياً ولم يرسله الله لأن برهان غليون يرى النبوة والدين من صنع الشعوب. فيقول: في حوار صوتي له على شبكة العلمانيين العرب [فالأديان هي صنع المجتمعات وليست المجتمعات صنع الأديان] فبما أن المجتمعات هي التي تصنع الدين فعيسى عنده صنع من نفسه نبياً واختار أن يكون نبي الفقراء وليس لبني إسرائيل كما قال تعالى] ((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)) [الصف:6] فلقد ألغى برهان غليون الآيات التي تقول أن عيسى نبياً لبني إسرائيل واستبدلها بهلوسات شيطانية منبثقة من شيوعيته ليجعل عيسى عليه السلام نبياً للفقراء والمضطهدين.!!!!.
ثم جعل الإسلام دين التوحيد مشابه للديانة النصرانية الوضعية القائلة بالتثليث (الأب والابن وروح القدس) فجعل التوحيد كالشرك وهذا لا يقول به أنصاف العقلاء ولا أرباعهم ولا أثمانهم ولا يقول به النصارى أنفسهم ومن يقول به يحتاج طبيب نفسي يراجع حالته أو طبيب مسلم يهديه إلى سواء السبيل .
ويقول: [لأن إرادة الله لا تلغي الأسباب, ولكنها تؤسس لها, وتضمن ثباتها, وتتدخل في الوجود من حيث منطقه وقوانينه] برهان غليون الدين والدولة (ص: 52)
وبتأثر من موقفه العقلاني يرى أن إرادة الله لا تلغي الأسباب وهذا الكلام فيه نفي للمعجزات: ألم تلغي إرادة الله الأسباب في عدم قدرة النار على حرق إبراهيم عليه السلام ألم تلغي إرادة الله إلغاء الأسباب في عبور موسى عليه السلام فوق البحر ؟! فكل المعجزات هي إلغاء للأسباب وهو يجعل إرادة الله تحت الأسباب. والله يقول: ((بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) [البقرة:117]
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق