أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (72)
من ضلالات محمد عبده
رضوان محمود نموس
نتكلم
في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة
الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة
النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام
بالباطل, والرائد الرابع من الناحية التاريخية وهو الثاني والأهم من ناحية التأثير
هو محمد عبده. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين
هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.]
حسب ما نشر
موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
المبحث الخامس عشر تابع نماذج من آراء محمد
عبده الدينية:
الملائكة والجن.
إن أحداً من الناس لم يرهما, وليس في
الإمكان أن يعرف شيئاً عنهما,]([1])
بل رآهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم فرآى جبريل وغيره من الملائكة ورآى الجن ووعظهم .
قال
محمد رشيد رضا:[ قال الأستاذ الإمام وذهب بعض المفسرين مذهباً آخر في فهم معنى
الملائكة، وهو أن مجموع ما ورد في الملائكة من كونهم موكلين بالأعمال من إنماء
نبات وخلقة حيوان وحفظ إنسان وغير ذلك، فيه إيماء إلى الخاصة بما هو أدقّ من ظاهر
العبارة، وهو أن هذا النمو في النبات لم يكن إلا بروح خاص، نفخه الله في البذرة
فكانت به هذه الحياة النباتية المخصوصة، وكذلك يقال في الحيوان والإنسان، فكل
أمر كلي قائم بنظام مخصوص تمت به الحكمة الإلهية في إيجاده فإنما قوامه بروح إلهي
سمي في لسان الشرع ملكاً، ومن لم يبال في
التسمية بالتوقيف يسمي هذه المعاني القوى الطبيعية ]([2]).
وقال
المراغي:[ قال الأستاذ الإمام محمد عبده: فإذا جرينا على هذا التفسير، فليس ببعيد
أن تكون في الآية إشارة إلى أن الله لمّا خلق الأرض ودبّرها بما شاء من القوى
الروحانية التي بها قوامها، وجعل كل صنف من القوى مخصوصاً بنوع من المخلوقات لا
يتعداه، خلقَ الإنسان وأعطاه قوة بها يتصرف في جميع القوى، ويسخرها في عمارة
الأرض، وهذا التسخير هو المعبَّر عنه بالسجود الذي يفيد الخضوع:{ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } وبهذه
القوة التي لا حدّ لها، جعله الله خليفته في أرضه لأنه أكمل الموجودات، واستثنى من
هذه القوى قوة واحدة تميل بالكامل إلى النقص وتصدّه عن عمل الخير وتنازع الإنسان
في صرف قواه إلى المنافع والمصالح التي بها خلافته، تلك القوة ضللت آثارها قوماً
فزعموا أن في العالم إلهاً يسمى إله الشر، وما هي بإله، ولكنها محنة إله لا يعلم
أسرار حكمته إلا هو، تلك القوة هي المعبّر عنها بإبليس، ولو أن نفساً مالت إلى
قبول هذا التأويل لم تجد في الدين ما يمنعها من ذلك، والعمدة على اطمئنان القلب
وركون النفس إلى ما أبصرت من الحق ]([3]).
فالملائكة عنده هي خاصية النمو في
النبات وتسخير الأرض وما فيها للإنسان.
وقال: [تقدم أن الملائكة خلق غيبي لا نعرف
حقيقته, وإنما نؤمن بإخبار الله تعالى الذي نقف عنده ولا نزيد عليه, وتقدم أن
القرآن ناطق بأن الملائكة أصناف لكل صنف وظيفة وعمل, ونقول الآن إن إلهام الخير
والوسوسة بالشر مما جاء في لسان صاحب الوحي صلى الله عليه وسلم, وقد أسندا إلى هذه
العوالم الغيبية, وخواطر الخير التي تسمى إلهاماً وخواطر الشر التي تسمى وسوسة كل
منهما محله الروح, فالملائكة والشياطين إذن أرواح تتصل بأرواح الناس فلا يصح أن
تمثل الملائكة بالتماثيل الجثمانية والمعروفة لنا, لأن هذه لو اتصلت بأرواحنا,
فإنا تتصل بها من طرق أجسامنا, ونحن لا نحس بشيء يتصل بأبداننا لا عند الوسوسة ولا
عند الشعور بداعي الخير من النفس, فإذن هي من عالم غير عالم الأبدان قطعاً,
والواجب على المسلم في مثل الآية الإيمان بمضمونها مع التفويض أو الحمل على
أنها حكاية تمثيل ثم الاعتبار بها بالنظر في الحكم التي سيقت لها القصة. .... إذا
كان لا يعرف من عالم الإمكان إلا ما هو طبيعة أو قوة يظهر أثرها في الطبيعة,
والأمر الثابت الذي لا نزاع فيه هو أن في باطن الخلقة أمراً هو مناطها, وبه قوامها
ونظامها, لا يمكن لعاقل أن ينكره, وإن أنكر غير المؤمن بالوحي تسميته ملكاً
وزعم على أنه دليل على وجود الملائكة, أو أنكر بعض المؤمنين بالوحي تسميته قوة
طبيعية أو ناموساً طبيعياً لأن هذه الأسماء لم ترد في الشرع, فالحقيقة واحدة
والعاقل من لا تحجبه الأسماء عن المسميات, وإن كان المؤمن بالغيب يرى للأرواح
وجوداً لا يدرك كنهه, والذي لا يؤمن بالغيب يقول لا أعرف الروح ولكن أعرف قوة لا
أفهم حقيقتها, ولا يعلم إلا الله علام يختلف الناس وكل يقر بوجود شيء غير ما يراه يحس
ويعترف بأنه لا يفهمه حق الفهم, ولا يصل بعقله إلى إدراك كنهه, وماذا على هذا
الذي يزعم أنه لا يؤمن بالغيب وقد اعترف بما غيب عنه لو قال أصدق بغيب أعرف أثره,
وإن كنت لا أقدر قدره, فيتفق مع المؤمن بالغيب, ويفهم بذلك ما يرد على لسان صاحب
الوحي, ويحظى بما يحظى به المؤمن؟!.
يشعر كل من فكر بنفسه ووازن بين
خواطره عندما يهم بأمر فيه وجه للحق أو للخير, ووجه للباطل أو للشر, بأن في نفسه
تنازعاً كأن الأمر قد عرض فيها على مجلس شورى, فهذا يورد وذاك يدفع, واحد يقول
افعل وآخر يقول لا تفعل, حتى ينتصر أحد الطرفين, ويترجح احد الخاطرين, فهذا الشيء
الذي أودع في أنفسنا ونسميه قوة وفكراً _وهو في الحقيقة معنى لا يدرك كنهه, وروح
لا نكتنه حقيقتها_ لا يبعد أن يسميه الله تعالى ملكاً, أو يسمي أسبابه ملائكة, أو
ما شاء من الأسماء فإن التسمية لا حجر فيها على الناس فكيف يحجر
فيها على صاحب الإرادة المطلقة والسلطان النافذ والعلم الواسع؟
فإذا صح الجري على هذا التفسير فلا
يستبعد أن تكون الإشارة في الآية إلى أن الله تعالى لما خلق الأرض ودبرها بما شاء
من القوى الروحانية التي بها قوامها ونظامها, وجعل كل صنف من القوى مخصصاً بنوع من
أنواع المخلوقات لا يتعداه ولا يتعدى ما حدد له من الأثر الذي خص به, خلق بعد ذلك
الإنسان وأعطاه قوة يكون بها مستعداً للتصرف بجميع هذه القوى وتسخيرها في عمارة
الأرض, وعبر عن تسخير هذه القوى له بالسجود الذي يفيد الخضوع والتسخير, وجعله
بهذا الاستعداد الذي لا حد له والتصرف الذي لم يعط لغيره خليفة الله في أرضه, لأنه
أكمل الموجودات في هذه الأرض, واستثنى من هذه القوى قوة واحدة عبر عنها بإبليس وهي
القوة التي لزها الله بهذا العالم لزاً, وهي التي تميل بالمستعد للكمال أو بالكمال
أو بالكامل إلى النقص, وتعارض مد الوجود لترده إلى العدم, أو تقطع سبيل البقاء,
وتعود بالموجود إلى الفناء أو التي تعارض في اتباع الحق, وتصد عن عمل الخير,
وتنازع الإنسان في صرف قواه إلى المنافع والمصالح التي تتم بها خلافته, فيصل إلى
مراتب الكمال الوجودي التي خلق مستعداً للوصول إليها, تلك القوة التي ضللت آثارها
قوماً فزعموا أن في العالم إلهاً يسمى إله الشر وما هي بإله ولكنها محنة إله لا
يعلم حكمتها إلا هو.
ولو أن نفساً مالت إلى قبول هذا
التأويل لم تجد في الدين ما يمنعها من ذلك والعمدة على اطمئنان القلب, وركون النفس
إلى ما أبصرت من الحق.
ولست أحيط علماً بما فعلت العادة
والتقاليد في أنفس بعض من يظنون أنهم من المتشددين في الدين إذ ينفرون من هذه
المعاني كما ينفر المرضى أو المخدوجون من جيد الأطعمة التي لا تضرهم, وقد يتوقف عليها
قوام بنيتهم, ويتشبثون بأوهام مألوفة لهم تشبث أولئك المرضى والمخدجين بأضر طعام
يفسد الأجسام, ويزيد السقام. لا أعرف ما الذي فهموه من لفظ روح أو ملك, وما الذي
يتخيلونه من مفهوم لفظ قوة, أليس الروح في الآدمي مثلاً هذا الذي يظهر لنا في
أفراد هذا النوع العقل والحس والوجدان والإرادة والعمل, وإذا سلبوه ما سلبوا يسمى
بالحياة؟ أوليس القوة هي ما تصدر عنه الآثار فيمن وهبت له, فإذا سمى الروح لظهور
أثره قوة, أو سميت القوة لخفاء حقيقتها روحاً, فهل يضر ذلك بالدين, أو ينقص من
معتقده شيئاَ من اليقين؟
ألا لا يسمى الإيمان إيماناً, حتى
يكون إذعاناً, ولا يكون كذلك حتى يستسلم الوجدان وتخشع الأركان لذلك السلطان الذي
تعلق به الإيمان, ولا يكون كذلك حتى يلقي الوهم سلاحه, ويبلغ العقل فلاحه, وهل
يستكمل ذلك لمن لا يفهم ما يمكنه فهمه, ولا يعلم ما يتيسر له علمه؟ كلا إنما يعرف
الحق أهله, ولا يضل سبله, ولا يعرف أهل الغفلة, لو أن مسكيناً من عبدة الألفاظ من
أشدهم ذكاءً وأذربهم لساناً أخذ بما قيل له إن الملائكة أجسام نورانية قابلة للتشكل
ثم تطلع عقله إلى أن يفهم معنى نورانية الأجسام, وهل النور وحده له قوام يكون به
شخصاً ممتازاً بدون أن يقوم بجرم آخر كثيف ينعكس عنه كذبابة المصباح أو سلك
الكهرباء؟ ومعنى قابلية التشكيل وهل يمكن للشيء الواحد أن يتقلب في أشكال من الصور
مختلفة حسبما يريد وكيف يكون ذلك؟ ألا يقع في حيرة, ولو سئل عما يعتقده من ذلك ألا
يحدث في لسانه شيء من العقد ما لا يستطيع حله؟ أليست مثل هذه الحيرة تعد شكاً؟ نعم
ليست هذه الحيرة حيرة من وقف دون أبواب الغيب يطرف لما لا يستطيع النظر إليه, لكنها
حيرة من أخذ بقول لا يفهمه وكلف نفسه علن ما لا تعلمه فلا يعد مثله ممن أمن
بالملائكة إيماناً صحيحاً, واطمأنت بإيمانه نفسه, وأذعن له قلبه, ولم يبق لوهمه
سلاح ينازع به عقله, كما هو شأن صاحب الإيمان الصحيح.
فليرجع هؤلاء إلى أنفسهم ليعلموا أن
الذي وقر فيها تقاليد حفت بالمخاوف, لا علوم حفت بالسكينة والطمأنينة, هؤلاء لم
يشرق في نفوسهم ذلك السر الذي يعبر عنه بالنور الإلهي, والضياء الملكوتي, واللألاء
القدسي, أو ما يماثل ذلك من العبارات. لم يسبق لنفوسهم عهد بملاحظة جانب الحق, ولم
تكتحل أعين بصائرهم بنظرة إلى مطلع الوجود منه على الخلق, ولو علموا أن العالم
بأسره فانٍ في نفسه, وأن ليس في الكون باقٍ كان أو يكون إلا وجهه الكريم, وأن ما كشف من الكون وما لطف, وما ظهر منه وما بطن,
إنما هو فيض جوده ونسبة إلى وجوده, وليس الشريف منه إلا ما أعلى بذكره
منزلته, ولا الخسيس إلا ما بين لنا بالنظر إلى الأول نسبته, فإن كل مظهر من
مظاهر الوجود في نفسه واقع موقعه, ليس شيء أعلى ولا أحط منه, فإن كان كذلك _ولا بد
أن يكون كما قدره_ لو عرفوا ذلك كله لأطلقوا لأنفسهم أن تجول في تلك الشؤون حتى
تصل إلى مستقر الطمأنينة حيث لا ينازع العقل شيء من وساوس الوهم, ولا تجد طائفاً
من الخوف, ثم لا يتحرجون من إطلاق لفظ مكان لفظ.
هذه القوى التي نرى آثارها في كل شيء
يقع تحت حواسنا, وقد خفيت حقائقها عنا, ولم يصل أدق الباحثين في بحثه عنها إلا إلى
آثار تجل إذا كشفت, وتقل بل تضمحل إذا حجبت, وهي التي يدور عليها كمال الوجود,
وبها ينشأ الناشئ, وبها ينتهي إلى غايته الكامل, كما لا يخفى على نبيه ولا خامل,
أليست أشعة من ضياء الحق؟ أليست أجل مظهر من مظاهر سلطانه؟ ألا تعد بنفسها من عالم
الغيب وإن كانت آثارها من عالم الشهادة؟ ألا يجوز أن يشعر الشاعر منها بضرب من
الحياة والاختيار خاص بها لا ندرك كنهه لاحتجابه بما نتصوره من حياتنا واختيارنا؟
ألا تراها توافي بأسرارها, من ينظر في آثارها, ويوفيها حق النظر في نظامها؟ يستكثر
من الخير بما يقف عليه من شؤونها, ومعرفة الطريق إلى استدرار منافعها؟
أليس الوجود الإلهي الأعلى من عالم
الغيب وآثاره في خلقه من عالم الشهادة؟ أليس هو الذي وهب تلك القوى خواصها, وقدر
لها آثارها؟ لم لا تقول أيها الغافل: إ نه بذلك وهبها حياتها الخاصة؟ ولم قصرت معنى
الحياة على ما تراه فيك وفي الحيوان مثلك؟ مع أنك سئلت عن هذا الذي تزعم أنك فهمته
وسميته حياة لم تستطع له تعريفاً, ولا لفعله تصريفاً؟ لم لا تقول كما قال الله وبه
نقول (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا
تفقهون تسبيحهم)
أفلا تزعم أن لله ملائكة في السماء؟
هل عرفت أين تسكن ملائكة الأرض؟ وهل حددت أمكنتها, ورسمت مساكنها؟ وهل عرفت أين
يجلس من يكون منهم على يمينك؟ ومن يكون على يسارك؟ وهل ترى أجسامهم النورانية تضيء
لك في الظلام, أو تؤنسك إذا هجمت عليك الأوهام؟ فلو ركنت إلى أنها قوى أو أرواح
منبثة فيما حولك, وما بين يديك وما خلفك, وأن الله ذكرها لك بما كان يعرفها
سلفك, والعبارة التي تلقفتها عنهم, كيلا يوحشك بما يدهشك, وترك لك
النظر فيما تطمئن إليه نفسك من وجوه تعرفها, أفلا يكون ذلك أروح لنفسك, وأدعى إلى
طمأنينة عقلك؟ أفلا تكون قد أبصرت شيئاً من وراء حجاب ووقفت على سر من أسرار
الكتاب فإن لم تجد في نفسك استعداداً لقبول أشعة هذه الحقائق وكنت ممن يؤمن بالغيب
ويفوض في إدراك الحقيقة ويقول (آمنا به كل من عند ربنا) فلا ترم طلاب العرفان
بالريب ما داموا يصدقون بالكتاب الذي آمنت به ويؤمنون بالرسول الذي صدقت
برسالته, وهم في إيمانهم أعلى منك كعباً وأرضى منك بربهم نفساً, إلا أن مؤمناً
لو مالت نفسه إلى فهم ما أنزل إليه من ربه على النحو الذي يطمئن إليه قلبه كما
قلنا كان من دينه في ثقة ومن فضل ربه في سعة.
أما سلطان تلك القوة في الفناء وقطع
حركة الوجود إلى الصعود فلا يستطيع إخضاعه لقدرته من البشر كامل, ولا يقول نفوذه
عامل, وإنما ذلك لله وحده, وهذا حكمها في الكائنات, إلى أن تبدل الأرض والسماوات,
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل التقوى والبصيرة وأن يعيذنا من الشيطان الرجيم]([4])
[صندوق التوفير في إدارة البريد
السؤال: (س4) مصطفى أفندي رشدي المورلي بنيابة
الزقازيق:
ما هو رأي سيادتكم في صندوق التوفير
بعد تعديله الأخير؟ وهل يجوز الادخار فيه, وأخذ أرباحه شرعاً؟ .. ولا يخفى على
حضرتكم فوائده, سيما أنه يربي ملكة الاقتصاد في الإنسان, يؤيده الشرع في ذاته,
أفيدونا آجركم الله.
الجواب:
إن التعديل الذي تعنونه قد كان برأي
لجنة من علماء الأزهر جمعها أمير البلاد لأجل تطبيق إيداع النقود في الصندوق على قواعد
الفقه المعروفة. ....
فالحكمة في تحريم الربا إزالة نحو
هذا الظلم والمحافظة على فضيلة التراحم والتعاون, أو فقل: "أن لا يستغل الغني
حاجة أخيه الفقير إليه" (كما قال الأستاذ الإمام) .. وهذا هو المراد بقوله
تعالى: "فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون" ولا يخفى أن المعاملة
التي ينتفع ويرحم فيها الآخذ والمعطي والتي لولاها لفاتتهما المنفعة معاً لا تدخل
في هذا التعليل "لا تظلمون ولا تظلمون" لأنها ضده, على أن المعاملة التي
يقصد بها البيع والاتجار لا القرض للحاجة هي من قسم البيع لا من قسم استغلال حاجة
المحتاج, ولا يخفى أن إدارة البريد هي مصلحة غنية من مصالح الحكومة, وأنها تستغل
المال الذي يودع في صندوق التوفير فينتفع المودع والعمال المستخدمون في المصلحة
والحكومة, فلا يظلم أحدهم الآخر.]([5])
[ربح صندوق
التوفير
السؤال سيدي الأستاذ الجليل حفظه الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
وبعد..
فإننا كثيراً ما سمعنا من الناس
إباحة وضع الأموال في صناديق التوفير بالبريد, وأخذ فوائد منها, وذلك مما لا نشك
أنه الربا المحرم بإجماع المسلمين, لا نعلم بينهم خلافاً, ثم إذا ناظرناهم فيه
استندوا إلى الأستاذ الإمام, رحمه الله وغفر له, أفتى بجوازه في فتوى رسمية, ولما
كنا لم نر هذه الفتوى ولم نعلم وجهها, وكنت أخص الناس بالإمام وأعلمهم بأقواله
وفتاويه, لجأنا إليكم لتبينوا لنا فتوى الإمام أولا.. وهل هي لا تعارض الكتاب
والسنة ثانياً؟؟ خصوصاً وأن المجالس الحسبية قررت وضع أموال القاصرين في هذه
الصناديق بناءً على هذه الفتوى المزعومة, كما يقولون, وليكن بيانكم شافياً وافياً
كما هو دأبكم إن شاء الله تعالى.
كتبه: أبو الأشبال عفا الله عنه بمنه
الجواب
إن كان للأستاذ الإمام فتوى رسمية في
مسألة صندوق التوفير فهي توجد في مجموعة فتاويه بوزارة الحقانية, ومنها تطلب, وأنا
لم أر له فتوى في ذلك, ولكنني سمعت منه في سياق حديث عن مقاومة الخديو له ما
حاصله:
أن الحكومة أنشأت صندوق التوفير في
مصلحة البريد بدكريتو خديوي (أمر عال) ليتيسر للفقراء حفظ ما زاد من دخلهم عن
نفقاتهم وتثميره لهم, وقد تبين لها أن زهاء ثلاثة آلاف فقير من واضعي الأموال في
صندوق البريد لم يقبلوا أخذ الربح الذي استحقوه بمقتضى الدكريتو. فسألتني الحكومة:
هل توجد طريقة شرعية لجعل هذا الربح حلالاً, حتى لا يتأثم الفقراء من المسلمين من
الانتفاع به؟؟.. فأجبتها, مشافهة, بإمكان ذلك بمراعاة أحكام شركة المضاربة في
استغلال النقود المودوعة في الصندوق. فذاكر رئيس النظار الخديو في تحوير الدكريتو
الخديوي وتطبيقه على الشرع, فأظهر سموه الارتياح لذلك, ولما قال له رئيس
النظار: إننا استشرنا المفتي في ذلك, غضب
غضباً شديداً, وقال كيف يبيح المفتي الربا؟! لابد أن أستشير غيره من العلماء في
ذلك.
ثم جمع سموه جمعية من علماء الأزهر
في "قصر القبة" وكلفهم وضع طريقة شرعية لصندوق التوفير, ليظهر أمام
العامة بأنه هو المحامي عن الدين والمطبق للمشروع على الشريعة, وأن الحكومة كانت
عازمة على إكراه المسلمين على أكل الربا بمساعدة المفتي لولا تداركه الأمر.
وقد وضع له العلماء مشروعاً قدمته
"المعية" لنظارة المالية... وأن نظارة المالية عرضت علي المشروع
لإقراره, فوجدته مبنياً على ما كنت قلت للحكومة شفاهاً.]([6])
ومن أقوال محمد عبده
وأعماله الأخرى: ويقول:[ كنت فيمن دعا الأمة المصرية إلى معرفة
حقها على حاكمها، وهي هذه الأمة لم يخطر لها هذا الخاطر على بال من مدة تزيد على
عشرين قرناً ]([7]).
وهذا يعني أنه جمع عهود الفراعنة
والرومان وعهد الخلافة الراشدة وما بعدها, والآن، على نمط واحد مظلومة، إلى أن جاء
محمد عبده وكرومر !!.
- ويلقي محاضرة عن علم الموسيقى فيقول:[ لا يخفي أن النغم
هو موضوع علم الموسيقى.... لأن الاختلاف والاتفاق المطلوبين للنغم في الموسيقى
ودرجاتها إنما تعرض للنغم من حيث إعداد الحركات والاهتزازات التي تعرض للصوت. الخ]([8]).
ومختصر أراء محمد عبده هي:
1.
القرآن لم
يأتي بكل ما يحتاجه الإنسان.
2.
الطير
الأبابيل نوع من الميكروبات .
3.
أصل الإنسان
ليس بالضروري آدم ويمكن أن يكون القرد.
4.
لا تفرض ظواهر آيات القرآن على معطيات العقل وبراهينه ومنجزات العلم
وثمراته.
5. لغة الأنبياء, عليهم الصلات والسلام, في مخاطبة أممهم لا
يجوز أن تكون فوق ما يفهمون, ولهذا قد يأتي التعبير الذي سيق إلى العامة بما يحتاج
إلى التأويل عند الخاصة, وكذلك ما وجه إلى الخاصة يحتاج إلى الزمان الطويل حتى
يفهمه العامة.
6.
كل حديث لا
يتماشى مع هواه فهو مردود.
7.
لا يوجد لأي نص حصانة بل القرآن والسنة متواترة أو آحاد خاضعة لمبضع محمد
عبده.
8.
لا يثق
برجال السند إلا إذا عرفهم شخصياً.
9.
الوحي عرفان
يجده الإنسان في نفسه.
10.
الوحي مستمر
في كل أمة وكل زمان.
11.
لا يرى
الخلود في النار .
12.
لا بأس
بالربا إذا لم يكن أضعافاً مضاعفة.
13.
بقي عشر
سنوات يكنس من عقله وساخة الأزهر ولم ينظف بعد.
14.
الصور
والتماثيل مثل الشعر.
15.
إن قضاء
الله في الفعل الإنساني ليس لازماً, وقدره ليس حتماً.
16.
الأديان
تطورت وفق تطور البشر متناسبة مع نظرية داروين.
17.
الملائكة والجن ليسوا خلائق مستقلة بل هي خواص النماء ونوازع الخير والشر.
18.
الكون هو
فيض وجود الله,
19.
وأفتى
بالربا عبر صندوق التوفير.
20.
المصريون لم يعرفوا حقوقهم من عشرين قرن . طبعاً هذا يشمل مرحلة الخلافة
الراشدة.
21.
خبير في
الموسيقا
0 التعليقات:
إرسال تعليق