لا تكونوا أجراء
الطاغوت وعصابته (39)
رضوان
محمود نموس
لقد تكلم
الباحث في الحلقة السابقة عن موقف بعض العلماء الذين رفضوا هذا التحول وأنكروا على
الطاغوت.ويتابع في هذه الحلقة بنفس السياق في هذه الحلقة رد الشيخ ابن حميد على
قانون العمل والعمال
67- نصت المادة28
على أن العامل إذا مات بإصابة لحقته أثناء العمل دفعت لورثته المبالغ المدرجة في
المادة 25 وقد سبق أن بينا أن ذلك باطل شرعاً وأنه من التحاكم إلى الطاغوت.
71- جاء في
الفقرة 2 من المادة 34: يجوز حرمان العامل من التعويض إذا قصر في إبلاغ الإصابة
وظروفها, في مدة ثلاثين يوما من تاريخ الإصابة أو الحادث.
ويلاحظ على
هذه الفقرة أن تأخر إبلاغ المصاب بالإصابة, لا يضيع حقه على الجاني متى ثبت شرعاً,
بل إذا كان مستحقاً للتعويض, فإن تأخره لا يكون سبباً في حرمانه من حقه, ومتى وجد
هذا التحديد في كتاب أو سنة أو كلام لأحد من العلماء؟!.
إن هذا تحديد
ما أنزل الله به من سلطان وجرأة على الله في أحكامه (ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ
أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى
اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ
% مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (سورة النحل 116 -117)
82- جاء في
المادة 41 ما نصه: يجري فصل الحوادث للإصابات التي وقعت سابقاً على العامل, على
اختلاف درجاتهم, لدى شركات الاستثمار في المملكة التي لم تفصل إلى تأريخ تصديق هذا
النظام ونشره, بمقتضى مواد هذا النظام, كما يسري مفعول كل ما يقع بعد ذلك من حوادث
وإصابات في المشاريع الاستثمارية الحالية والمقبلة أهـ.
ويلاحظ
عليها: أنه لا يجوز لأحد أن يتحاكم إلى غير ما أنزل الله سواء هذا النظام أو غيره
من النظم المستمدة من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لأن هذه
القوانين الوضعية من جملة الحكم الطاغوتي, الذي نهى الله ورسوله عن التحاكم إليه
وإنما الواجب التحاكم إلى ما أنزل الله في كتابه, وعلى لسان رسوله صلى الله عليه
وسلم
قال تعالى: {فلا
وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم }النساء 65 لا سيما وقد لوحظ على هذا
النظام مباينته للشريعة, ومصادمته لها فكيف يسوغ لأحد أن يدعو الناس إلى التحاكم
إليه, ونبذ الأحكام الشرعية, وهو يدّعي الإسلام؟!
وقد سبق بيان
بطلان هذه المواد التي تشير إليها هذه المادة, وأنها لم تبنى على أساس من الشرع,
ولا أساس من العقل الصحيح, واعتماد هذا النظام في دماء المسلمين, وأموالهم هو من
الفساد في الأرض.
كما في قوله
تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} الأعراف 85 وقوله تعالى: {وإذا قيل لهم
لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون }
البقرة 11- 12
جاء في
المادة 43 ما نصه: كل شرط يخالف أحكام هذا النظام يعتبر باطلاً, ولا يعمل به, ولو
كان سابقاً على صدور هذا النظام.
حسبنا الله
ونعم الوكيل, إنا لله وإنا إليه راجعون, يا للمصيبة!! ويا للإسلام, أتنسب العداوة
هكذا علناً للقران, والسنة, ويضرب بأحكامها عرض الحائط بكل جراءة ووقاحة؟؟!!
إذا رزق
الفتى وجهاً وقاحاً تقلب في الأمور
كما يشاء
أليس هذا
مشاقة لله ورسوله؟ { ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} الأنفال 13 أليس
هذا تضليل للأمة الإسلامية, وحملاً على التحاكم إلى الطاغوت؟ ألم يخشوا الوقوع في
معنى قوله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم
بغير علم ألا ساء ما يزرون }النحل 25
ويلاحظ على
هذه المادة الشنيعة ملاحظات منها:
84- أنها
جعلت أحكام هذا النظام فوق كل نظام, حتى الأحكام الشرعية كما هو صريح المادة فنعوذ
بالله من مخالفة شرعه ودينه { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم
يوقنون} المائدة50 وقال الله تعالى:{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا
مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } النساء 65
85- قوله: كل شرط يخالف أحكام هذا النظام يعتبر
باطلاً؛ هذا رد صريح لقوله صلى الله عليه وسلم ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل
وإن كان مائة شرط)
وهذا النظام
يرد على الحديث رداً قبيحاً صريحاً لا يحتمل التأويل فيقول: كل ما يخالف هذا
النظام فهو باطل, ولو كان شرطاً صحيحاً جرى على وفق قول الرسول صلى الله عليه وسلم
( المسلمون على شروطهم) كما لو اشترط أحد المتعاقدين على الآخر نفعاً معلوماً لم
يذكر في هذا النظام, يكون باطلاً, ما أجرأهم على الشريعة وعلى القول على الله بلا
علم
86- إن هذه
المادة: أكدت بطلان ما سوى هذا النظام بستة تأكيدات
أولاً قوله:
كل شرط؛ ومن المعلوم أن لفظ:( كل) يدل على العموم والشمول.
ثانياً: أنه
أكد بالإشارة إليه بقوله: هذا النظام, خوفاً من توهم غيره.
ثالثاً:
توكيده بلفظة:باطل؛ لأن التعبير بالبطلان من أعلى الألفاظ التي تدل على فساد
العقود.
رابعاً: توكيده,
بقوله: لا يعمل به, لأنها تأكيد لقوله: يعتبر باطلاً فإن هذه الجملة كافية في عدم
اعتبار غيره.
خامساً:
توكيده بقوله: ولو كان سابقا ً عليه.
سادساً:
تأكيده بالإتيان بالظاهر محل الضمير.
لأن قوله:
على صدور هذا النظام يقوم مقامه لو قيل فيه على صدوره؛وهذا أليق بالقواعد العربية
في مثل هذا, إلا إذا قصد به التأكيد, فأتى به هنا لهذا الغرض, فلأي شيء يحتاط لهذا
النظام كل هذا الاحتياط مع مصادمته بالشريعة, فلو كانت هذه الاحتياطات في الأمر
بالتمسك بالأحكام الشرعية لكان هو الألزم والأوجب كما هو المتعين فرضاً
87- إن هذه
المادة تدل بجملتها على أنها ناسخة للأحكام الشرعية ومبطلة لها؛ لأنها ألغت جميع
ما تقدم على أحكام هذا النظام, ومن المعلوم أن الشريعة الإسلامية قبله بقرون, فاعتبر
أنه ناسخ لها.
فيا
عجباً...يصبح هذا النظام المحتقر المستمد من زبالة الأذهان, ونحاتة الأفكار, يحكم
نفسه على الشريعة المطهرة الغراء, المنزلة من حكيم حميد, حكيم في أحكامه, عليم بما
يصلح عباده, سار عليها المسلمون أربعة عشر قرناً في غاية من الطمأنينة وحفظ
الحقوق.
وكلما كمل
تطبيقها كمل الأمن والراحة للبشر, وبحسب ما يهمل منها يحصل القلق والخلل, أضف إلى هذا كله: كونها أوضحت جميع ما يحتاج إليه
الناس في معاشهم ومعادهم قال تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء} الأنعام 38 وقال
تعالى في ذم من ابتغى التحاكم إلى غيرها: {أفحكم الجاهلية يبغون من أحسن من الله
حكماً لقوم يوقنون }المائدة 50.
وكل ما خالف
القرآن والسنة فهو حكم جاهلي بعيد عن العدل والإنصاف, مبني على الجور, والميل عن
طريق الصواب, وهو المعني بقوله تعالى: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا
مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } النساء 65 وكل ما خالف القرآن والسنة
فهو حكم طاغوتي
88- جاء في
المادة 44 ما نصه: يكون للموظفين الذين تنتدبهم وزارة المالية حق التفتيش, على
محال العمال المختلفة والتحقق من اتباع هذا النظام وتنفيذه, وإثبات ما يقع من
مخالفات لأحكامه.....الخ.
وحيث أنه قد
علم أن هذا النظام لم يبن على أساس من الشرع, فلا يجوز العمل به ولا تنفيذه, فضلا
ًعن المطالبة باتباعه وتنفيذ مواده؛ فالواجب أن يتبع في جميع ذلك أحكام القرآن
والسنة, ويطرح ما سواهما من النظم والقوانين المخالفة لهما, كهذا النظام
104- جاء في
ملحق نظام العمل والعمال ما نصه: ( صدر الأمر السامي الكريم, رقم 7218 وتأريخ
1/11/67 هـ باعتماد قرار مجلس الشورى الآتي رقم 212 وتأريخ 29/8/ 67 هـ كتشريع
قانوني يلحق بنظام العمل والعمال).
وقد جاء فيه:
" أن يقصد بجملة ( أثناء العمل) والواردة في نظام العمل والعمال, من الناحية
القضائية, استحقاق الموظف العامل لعمل من الأعمال المنوطة به, لكافة الحقوق
الممنوحة بموجب نظام العمل والعمال مقابل الواجبات المطلوب منه أداؤها, سواء كان
ذلك في مقر عمله الرسمي, أو في طريقه إلى عمله الرسمي.
وكل إصابة
يتعرض لها الموظف خلال ذلك,وضمن نطاق الأراضي والتشكيلات التي تتمتع الشركة
بامتيازها يعوض عنه بمقتضى نظام التعويض.......الخ"ويلاحظ على هذا الملحق ملاحظات:
105- منها أن
هذا النظام لما كان غير متمشياً فيه مع الشرع بل هو ضد الشريعة, كان مفتقراً في كل
حين وآخر إلى زيادة وتصحيح, وملاحظات, وتصويب أخطاء, وإيضاح مجهول, وتعديل متناقض,
وإكمال ناقص, مما يؤدي إلى اشمئزاز نفس كل من رآه أو سمعه.
106- إن ما
ذكر في هذا الملحق مخالف للشريعة, وتلك
الالتزامات المذكورة غير لازمة للمؤجر, لأنها مبنية على الجهالة والغرر
وعلى الظلم والجور, مع أنه لم يحصل عليها الاتفاق من جانب المؤجر والمستأجر فصار
فيها جملة محاذير؛ مخالفتها للشريعة, والجهل, والغرر, وعدم الاتفاق عليها وقت العقد,
وقد سبق الكلام على مثل هذا
107- إنه صدر
الأمر باعتماد هذا الملحق كتشريع قانوني, سبحان الله, يا للأسف, يا للمصيبة, هل
هناك مشرع غير الله؟! أيجترئ مجترئ فيحاد الله في أمره وشرعه ويقر على هذا الفعل؟!
أنحن في حاجة إلى تشريع أحد؟ والله تعالى يقول: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً
والذي أوحينا إليك } الشورى13.
أنحن في حاجة
إلى تشريع أحد وكتاب الله بين أيدينا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟!
هل الشريعة قاصرة على حل مشاكلنا؟! كلا والله ثم كلا, إنها والله الكاملة الوافية,
التي لم تدع شيئاً مما يحتاج إليه البشر في ماضي الزمان وحاضره ومستقبله, إلا أتت
به على الوجه الأكمل وأوضحه وأعدله؛ أليس قد أكمل الله لنا الدين وأتم علينا نعمه,
ورضي لنا الإسلام دينا؟ كما قال عز وجل:{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام} دينا المائدة 3
أيكفي أن
نتسمى بالإسلام بدون أن نطبق أحكامه علينا؟!, لا والله لا يكفي حتى نتمسك به عقيدة
وعملا ًواتباعاً لأحكامه { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ
فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا
قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء 65
هل هناك مشكلة من مشاكل الحياة
لم تحلها الشريعة وتوضحها غاية الإيضاح؟ ألم نصدق بقوله تعالى:{ وَنَزَّلْنَا
عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى
لِلْمُسْلِمِينَ} النحل 89.ألم يؤكد لنا صلى الله عليه وسلم هذا بقوله ( تركتكم
على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).
ويا عجباً: أترمى شريعتنا بالتقصير في حل
مشاكلنا, ونمد يد الفقر والحاجة إلى أعدائنا ليعلمونا حل مشاكلنا؟! أيشهد أعدائنا
بكمال الشريعة ونضوجها وصلاحها بكل زمان ومكان ونكذبهم بأفعالنا؟!,
أليس من
الواجب علينا أن ننشر محاسنها لمن لا يعلمها, ونبلغها إليهم بكل ممكن؟ ما بالنا
عكسنا هذه القضية.......الخ ] ([1])
0 التعليقات:
إرسال تعليق