أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (69)
من ضلالات محمد عبده
رضوان محمود نموس
نتكلم
في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة
الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة
النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام
بالباطل, والرائد الرابع من الناحية التاريخية وهو الثاني والأهم من ناحية التأثير
هو محمد عبده. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين
هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.]
حسب ما نشر
موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
المبحث
الخامس عشر نماذج من آراء محمد عبده الدينية:
وقبل أن نكتب عن آرائه
الدينية، حريّ بنا أن نتعرف على طريقة وصوله إلى درجة مفتي مصر, وهو الفاشل
دراسياً, الناجح في الماسونية والجمعيات السرية وصداقة الفرنسيين والإنكليز
والنصارى واليهود والنساء الأجنبيات والبرنسيس نازلي.
يحدثنا بلنت في مذكراته
أنه هو الذي رشح محمد عبده لكرومر حين تم تعيينه مفتياً لمصر. ففي كتاب سلسلة
أعمال محمد عبده نجد عنواناً رئيسياً:
(رشّحه بلنت للأوقاف,
وعيّن مفتياً للديار)
يقول بلنت: [ تكرّرت
زيارات بلنت لكرومر بعد ذلك، وشيئاً فشيئاً قوي حبل المودة بينهما وازداد سماع
كرومر لرأي خصمه القديم... ولمّا جاء إلى مصر مرة أخرى في خريف ذلك العام وصل ما
انقطع من زياراته لكرومر الذي لم يكن يقبل على الأهالي. فكان هؤلاء يأتون
بمشكلاتهم إلى بلنت فيرفعها إلى كرومر... وأرسلت له --أي لكرومر- قائمة بأسماء
رجال حزب الفلاح وقد أعددت القائمة بالتشاور مع الشيخ محمد عبده ومحمد المويلحي،
وهذه هي الأسماء: بليغ بك, أمين بك فكري, سعد أفندي زغلول, أحمد أفندي محمود,
إبراهيم أفندي الوكيل, أحمد بك حشمت, يوسف
بك شوقي, الشيخ محمد عبده... والذي عين بعد مفتياً للديار المصرية والذي قال عنه
كرومر إنه الأمل الرئيسي للإصلاح الإسلامي في مصر. ]([1]).
[ وقد صرّح اللورد كرومر
بأن الشيخ محمد عبده يظل مفتياً في مصر ما ظلت بريطانيا العظمى ممثلة لها ]([2]).
إذاً فقد تم تعيين محمد
عبده من قبل الإنكليز، ولتحقيق أهدافهم في إصدار الفتاوى التي تخدم مصالحهم.
ولننظر الآن إلى آراء
محمد عبده الدينية، ولا يتسع المجال لنقل كل آرائه أو غالبها، ولكن سننقل بضع
نماذج منها ليعلم المقصود.
1- القرآن والسنة:
القرآن والسنة عند محمد
عبده لم يأتيا بكل ما يحتاجه الإنسان، وينقل عنه محمد عمارة استنكار أن يكون الدين
جاء ليفي بكل الحاجات فيقول: [ فإن هذا الرأي الغريب هو ما انتهت إليه السلطة
الكهنوتية الكاثوليكية الأوربية في العصور الوسطى، عندما زعمت أن الكتب المقدسة
حاوية لكل ما يحتاج إليه البشر في المعاش والمعاد ]([3]).
ويفسر القرآن وفق
النظريات الغربية:
- فيقول مثلاً في تفسير
سورة الانشقاق:[ عندما يريد الله خراب هذا العالم الذي نحن فيه، وهو يكون بحادثة
من الحوادث التي قد ينجر إليها سير العالم، كأن يمر كوكب في سيره بالقرب من آخر
فيتجاذبا فيتصادما فيضطرب نظام الشمس بأسره ويحدث من ذلك غمام وأي غمام يظهر في
مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع، فتكون السماء قد تشققت بالغمام واختل نظامها
حال ظهوره ]([4]).
- ويقول في تفسير سورة الفيل:[ وقد بينت لنا هذه
السورة الكريمة أن ذلك الجدري، أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد
الجيش بواسطة فرق عظيمة من الطير مما يرسله الله مع الريح، فيجوز ذلك أن تعتقد أن
هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض، وأن تكون هذه
الحجارة من الطين المسموم اليابس الذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات،
فإذا اتصل بجسده دخل في مسامه، فأثار فيه تلك القروح التي تنتهي بتساقط لحمه، وإن
كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يعدّ من أعظم جنود الله في إهلاك من يريد إهلاكه من
البشر، وإن هذا الحيوان الصغير الذي يسمونه الآن بالميكروب لا يخرج عنها ]([5]).
ويقول تمشياً مع نظرية
داروين في تفسير قوله تعالى: { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }([6]).
قال في تفسير المنار:[
قال الأستاذ الإمام: ليس المراد بالنفس الواحدة آدم بالنص ولا بالظاهر، فمن
المفسرين من يقول كل نداء مثل هذا يراد به أهل مكة أو قريش، فإذا صح هذا هنا
جاز أن يفهم منه بنو قريش أن النفس الواحدة هي قريش أو عدنان، وإذا كان الخطاب
للعرب عامة جاز أن يفهموا منه أن المراد بالنفس الواحدة يعرب أو قحطان، وإذا قلنا
إن الخطاب لجميع أهل الدعوة إلى الإسلام أي لجميع الأمم فلا شك أن كل أمة تفهم منه
ما تعتقده، فالذين يعتقدون أن جميع البشر من سلالة آدم يفهمون أن المراد بالنفس
الواحدة آدم، والذين يعتقدون أن لكل صنف من البشر أباً يحملون النفس على ما
يعتقدون.
والقرينة على أنه ليس
المراد هنا بالنفس الواحدة آدم قوله: { وبثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً } بالتنكير،
وكان المناسب على هذا الوجه أن يقول: وبث منهما جميع الرجال والنساء، وكيف ينص على نفس معهودة
والخطاب عام لجميع الشعوب وهذا العهد ليس معروفاً عند جميعهم. فمن الناس من لا
يعرفون آدم ولا حواء ولم يسمعوا بهما، وهذا النسب المشهور عند ذرية نوح مثلاً
هو مأخوذ عن العبرانيين، فإنهم هم جعلوا للبشر تاريخاً متصلاً بآدم وحددوا له
زمناً قريباً، وأهل الصين ينسبون البشر إلى أب آخر ويذهبون بتاريخه إلى زمن أبعد
من الزمن الذي ذهب إليه العبرانيون، والعلم والبحث في آثار البشرية مما يطعن في
تاريخ العبرانيين... فإذا ثبت ما يقوله الباحثون من الإفرنج، أن لكل صنف من
أصناف البشر أباً كان ذلك غير وارد على كتابنا، كما يرد على كتابهم التوراة...
وما ورد في آيات أخرى من مخاطبة الناس بقوله { يا بني آدم } لا ينافي هذا ولا يعد نصاً قاطعاً في كون جميع البشر
من أبنائه، إذ يكفي في صحة الخطاب أن يكون من وجه إلهي في زمن التنزيل من
أولاد آدم... وقد تقدم في سورة البقرة توجيه كون قصة آدم نفسها من قبيل
التمثيل.
وقد نقل عن الإمامية
والصوفية أنه كان قبل آدم المشهور عند أهل الكتاب وعندنا آدمون كثيرون، قال في روح
المعاني: وذكر صاحب جامع الأخبار من الإمامية في الفصل الخامس عشر خبراً طويلاً،
نقل فيه أن الله تعالى خلق قبل أبينا آدم ثلاثين آدم، بين كل آدم وآدم ألف
سنة، وأن الدنيا بقيت خراباً خمسين ألف سنة ثم عمرت خمسين ألف سنة، ثم خلق أبونا
آدم عليه السلام. وروى ابن بابويه في كتاب التوحيد عن الصادق في حديث طويل
أيضاً أنه قال: لعلك ترى أن الله لم يخلق بشراً غيركم، بلى والله لقد خلق ألف ألف
آدم، أنت في آخر أولئك الآدميين. وقال الميثم في شرحه الكبير للنهج: ونقل
عن محمد بن علي الباقر أنه قال: قد انقضى قبل آدم الذي هو أبونا ألف ألف آدم أو
أكثر، وذكر الشيخ الأكبر -محيي الدين بن عربي- في فتوحاته ما يقتضي بظاهره أن قبل
آدم بأربعين ألف سنة آدم غيره، وفي كتاب الخصائص لابن بابويه ما يكاد يفهم منه
التعدد أيضاً الآن، حيث روى فيه عن الصادق أنه قال: إن لله تعالى اثنا عشر ألف
عالم، كل عالم منهم أكبر من سبع سماوات وسبع أرضين، ما يرى عالم منهم أن الله عز
وجل خلق عالماً غيرهم، وفي المسألة نقول أخرى في الفتوحات.
ثم قال: إنّ ظاهر هذه
الآية يأبى أن يكون المراد بالنفس الواحدة آدم، أي سواء كان هو الأب لجميع
البشر أم لا، لما ذكره من معارضة المباحث العلمية والتاريخية... وليس في القرآن
نصّ أصولي قاطع على أن جميع البشر من ذرية آدم ]([7]).
ثم ينبري رشيد رضا والذي
أخذ على عاتقه أن يكون (شيخ التبرير لحزب الشيطان ولمدرسة الأشقياء الماسون
ولجماعة الردة) ليدافع عن وجهة نظر أستاذه فيقول: [ إن المتبادر من لفظ النفس بصرف
النظر عن الروايات والتقاليد المسلمات، أنها هي الماهية أو الحقيقة التي كان بها الإنسان
هو هذا الكائن الممتاز على غيره من الكائنات، أي خلقكم من جنس واحد، وحقيقة واحدة،
ولا فرق في هذا بين أن تكون هذه الحقيقة بدئت بآدم كما عليه أهل الكتاب وجمهور
المسلمين أو بدئت بغيره، وانقرضوا كما قاله بعض الشيعة والصوفية، أو بدئت بعدة
أصول انبث منها عدة أصناف كما عليه بعض الباحثين، ولا بين أن تكون هذه الأصول أو
الأصل ممّا ارتقى عن بعض الحيوانات أو خلق مستقلاً على ما عليه الخلاف بين الناس
في هذا العصر، على كل حال وكل قولّ يصح أن جميع الناس هم من نفس واحدة هي
الإنسانية التي كانوا بها ناساً، وهي التي يتفق الذين يدعون إلى خير الناس
وبرهم ودفع الأذى عنهم على كونها هي الحقيقة الجامعة لهم، فتراهم على اختلافهم في
أصل الإنسانية، مناط الوحدة، وداعية الإلفة والتعاطف بين البشر، سواء اعتقدوا
أن أباهم آدم عليه السلام أو القرد أو غير ذلك، وهذا هو المعنى المراد من
تذكير الناس بأنهم من نفس واحدة ]([8]).
والذي دفع محمد عبده لهذا
القول والأخذ عن الصوفية والشيعة بما يناسب هواه هو موافقته الغرب الذي طرح
نظرية داروين، ولا يهمّ محمد عبده بعد ذلك إن كان كلامه موافقاً لكتاب الله وسنة
رسوله أم لا، لأن الأصل عنده موافقة الغرب وأساتذته بلنت وكرومر وجمال الدين، وكأن
محمد عبده وهو مفتي مصر -مسكينة مصر- وشيخ التبرير لحزب الشيطان ومدرسة الماسون
ومن سار على هذا الطريق المظلم ألم يقرؤوا قوله تعالى:{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا
وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ
إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ % وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ
عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ
كُنتُمْ صَادِقِينَ % قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا
عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ % قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ
فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ
أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ
مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ }([9]).
وقوله
تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ
ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}([10]).
وقوله تعالى:{ يَابَنِي
آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنَ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ
يَذَّكَّرُونَ %
يَابَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ
الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ
يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا
الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ }([11]).
وقوله تعالى{ وَإِذْ
أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ
عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ }([12]).
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا }([13]).
وقوله
تعالى: { فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا
يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى }([14]).
وقوله
تعالى: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا
الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }([15]).
وكأنهم لم يقرؤوا حديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله
عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ يُحْبَسُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ حَتَّى يُهِمُّوا بِذَلِكَ فَيَقُولُونَ لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى
رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ
آدَمُ أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ جَنَّتَهُ
وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ لِتَشْفَعْ
لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا قَالَ فَيَقُولُ
لَسْتُ هُنَاكُمْ قَالَ وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ أَكْلَهُ مِنَ
الشَّجَرَةِ وَقَدْ نُهِيَ }([16]).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ:{ كُنَّا مَعَ النَّبِيّ الله عليه وسلم فِي دَعْوَةٍ فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ
وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً وَقَالَ أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَلْ تَدْرُونَ بِمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الأوَّلِينَ
وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ
الدَّاعِي وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَلا تَرَوْنَ
إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ إِلَى مَا بَلَغَكُمْ أَلا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ
يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ أَبُوكُمْ آدَمُ
فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ
بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ
وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ أَلا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ أَلا تَرَى مَا نَحْنُ
فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا فَيَقُولُ رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ
مِثْلَهُ وَلا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ
فَعَصَيْتُهُ نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي }([17]).
وعَنْه رضي الله عنه عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ
بِآبَائِهِمِ الَّذِينَ مَاتُوا إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ أَوْ لَيَكُونُنَّ
أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخِرَاءَ بِأَنْفِهِ.
إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ
وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ }([18]).
وعَنْ ابْن عَبَّاسٍ رضي
الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:{ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
نَبِيٌّ إِلا لَهُ دَعْوَةٌ قَدْ تَنَجَّزَهَا فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي قَدِ
اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأمَّتِي وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأرْضُ وَلا
فَخْرَ وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلا فَخْرَ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ
لِوَائِي وَلا فَخْرَ وَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُ
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ أَبِي الْبَشَرِ فَلْيَشْفَعْ
لَنَا إِلَى رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلام
فَيَقُولُونَ يَا آدَمُ أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْكَنَكَ
جَنَّتَهُ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ
اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا فَيَقُولُ إِنِّي لَسْتُ
هُنَاكُمْ إِنِّي قَدْ أُخْرِجْتُ مِنَ الْجَنَّةِ بِخَطِيئَتِي }([19]).
ونقل عنه عمارة [أما
فيما يتعلق بنص القرآن, فإن الأستاذ الإمام يسمو به عن مواطن الاشتباه, ويرتفع عن
منازل الجدل, لا بفرض ظواهر آياته على معطيات العقل وبراهينه ومنجزات العلم
وثمراته, وإنما بتحديد الإطار الذي يستلهم فيه الإنسان آيات القرآن الكريم,
والإطار الذي يهتدي فيه الإنسان بالعقل والعلم دون أن يقع في حرج المخالفة لنصوص
القرآن... فالقرآن كتاب دين أولاً وقبل كل شيء, وهو في تعرضه لآثار الله في
الأكوان لم يتعرض لها تعرض المدلي بالحقيقة وإنما تعرض المستهدف للعبرة والعظة,
وعندما يعرض للحديث عن الطبيعة لا يعرض لها عرض المقرر للقواعد العلمية, الداعي
إلى الإيمان والإلتزام بهذه القواعد, وإنما عرض من يستخدم هذه الأمور وسائل
للبرهنة والاستدلال على وجود الفاعل في هذا الكون وقدرته ووحدانيته "فالقرآن
يذك إجمالاً من آثار الله في الأكوان, تحريكاً للعبرة, وتذكيراً بالنعمة, وحفزاً
للفكرة, لا تقريراً لقواعد الطبيعة, ولا إلتزاماً باعتقاد خاص في الخليقة, وهو في
الاستدلال على التوحيد لم يفارق هذا السبيل.." وهو يشير في هذا النص إلى
محاولات البعض تكذيب نصوص القرآن التي عرضت لقصة الخليقة _ (نشأة الحياة الإنسانية
وقصة آدم)_ بمقارنتها بنظريات العلم في هذا الميدان, فيذكر صراحة أن القرآن لا
يلزم باعتقاده خاص في هذا الأمر, وأن آياته في هذا الموضوع لا تقرر للطبيعة
القواعد وإنما هي مسوقة لأهداف إلهية غايتها الهداية والموعظة وضر ب الأمثال كي
تتحرك الطاقات الخيرة والعاقلة في الإنسان إلى ما يحقق السعادة لنوعه مادياً
ومعنوياً..]([20])
[1]- سلسة الأعمال: علي شلش ص / 98-100.
[2] - تاريخ الأستاذ
الإمام (1 / 501).
[3] - الدولة الإسلامية،
ص / 59. نقلاً عن الأعمال الكاملة لمحمد عبده- جمع وتحقيق عمارة(3 / 293).
[4] - تفسير جزء عمّ
لمحمد عبده، ص / 49.
[5] - المصدرالسابق، ص/
158.
[6] - سورة النساء: 2.
[7] - تفسير المنار (4 /
323 - 326).
[8] - المصدرالسابق (4 /
327).
[9] - سورة البقرة: 31 -
33.
[10] - سورة آل عمران:
59.
[11] - سورة الأعراف: 26
- 27.
[12] - سورة الأعراف:
172.
[13] - سورة الإسراء: 70.
[14] - سورة طه: 117.
[15] - سورة يس: 60.
[16] - متفق عليه- رواه
البخاري برقم (7440), ومسلم برقم (193).
[17] - متفق عليه- رواه
البخاري برقم (3340), ومسلم برقم (194).
[18] - رواه الترمذي برقم
(3955).
[19]- رواه أحمد برقم
(2542).
0 التعليقات:
إرسال تعليق