أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (74)
من ضلالات محمد عبده
رضوان محمود نموس
نتكلم
في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة
الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة
النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام
بالباطل, والرائد الرابع من الناحية التاريخية وهو الثاني والأهم من ناحية التأثير
هو محمد عبده. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين
هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.]
حسب ما نشر
موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
رأي شيخ الإسلام مصطفي
صبري بمحمد عبده:
ويحسن بنا قبل أن نغادر موضوع محمد عبده أن نقدم وجهة نظر لأحد أبرز علماء
الإسلام آنذاك في محمد عبده، وهو الشيخ مصطفي صبري، شيخ الإسلام في الدولة
العثمانية. فقد كتب تحت عنوان:
(الأستاذ الإمام وكتاب الله تعالى في كفتي الميزان).
بمناسبة رسالة الأستاذ خلف الله التي قدمها إلى كلية الآداب بجامعة فؤاد
الأول، فاستنكرها رجال من الجامعيين وغيرهم لقولها بعدم لزوم الصدق ومطابقة الواقع
في قصص القرآن.. ودافع عنها أستاذ البلاغة في الكلية الأستاذ أمين الخولي والمشرف
على الرسالة استناداً على اتفاقها مع مقررات الأستاذ الإمام محمد عبده.
طلب إليَّ بعض أصدقائي من علماء الدين أن أدلي برأيي في الموضوع، فقلت
قولي الآتي.. باعتبار أن القرآن كلام الله وكتاب المسلمين جميعاً على اختلاف
أقوامهم وأجناسهم، لا باعتبار أنه كتاب العربية الأكبر كما سمّاه الأستاذ الخولي
في مقالة وجهها إلى الأستاذ توفيق الحكيم ونشرتها(أخبار اليوم).قلت قولي الآتي بعد
أن تطور الموضوع بإقامة الأستاذ الخولي مؤيد الرسالة سنداً لحسم هذا النزاع من
مقررات الأستاذ الإمام.. وكان حق الإنصاف يوجب عليّ أن أعترف بأن هذه المقالة قد
نقلت مسؤولية الرسالة ومسؤولية تأييدها، إلى عهدة الأستاذ الإمام صاحب المقررات
المذكورة التي ينطبق عليها قول كل من كاتب الرسالة ومؤيدها لا سيما مقرّر الإمام
القائل:[ إن وجود شيء في قصص القرآن لا يقتضي صحته ].. والناقل يزعم أن الأستاذ
الإمام لا تصعد إليه المسؤولية بل تتلاشى قبل أن تصل إلى مقامه البعيد..
يزعم هكذا ولا يبالي أن يكون مع
إمامه من الذين { حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ
رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ
لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ }.
قلت قولي هذا وإني أرى الرسالة المستنكرة وما سبقها في مصر من الأحداث
والفتن المماثلة الماسة بدين الإسلام وعقائده المحفوظة إلى عصر الشيخ محمد عبده..
كلها ناشئة من الأسس التي ابتدعها هذا الشيخ الملقب بالأستاذ الإمام.. فلا مناص
إذن للقضاء على تيار الفتنة من مصدرها، من أن تفصل الدعوى مع الإمام دون
المؤتمّين.. وكان هذا الواجب قد بقي منذ أمد بعيد على عاتق مصر حملاً ثقيلاً ودَيناً
عظيماً غير مقضي.. ولعل هذا الوقت الذي تكافح مصر فيه داء الكوليرا، قدره الله
لمعالجة هذا المرض أيضاً الذي هو وباء أفتك من وباء الكوليرا، بحيث لو ترك على
حاله لكان شرّ ميراث للأجيال الآتية، يظهر نكسه الفينة بعد الفينة ويشتد بأسه عليه
حتى يكفي لأن يأتي بنيانهم من القواعد فينهار به في نار جهنم.
كان المسلمون قبل عهد الشيخ محمد عبده على طول ثلاثمائة وألف عام يؤمنون
بالله وملائكته وكتبه ورسله ومعجزات رسله وبكل ما ورد في نصوص كتاب الله وسنة
رسوله السليمة الإسناد، من الأوامر والنواهي والقصص وأحوال الآخرة.. وكان لهذين
الركنين الأساسيين لدين الإسلام مهابة عظيمة في قلوب علماء الإسلام الذين إذا ذكر
الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا.. لا يجترئ أحد منهم على
تأويلهما والعدول عن ظاهر نصوصهما ما لم يترتب على الاحتفاظ بالظاهر محال عقلي
خارج عن متناول قدرة الله الذي خلق بها السماوات والأرض.. وكان مما لا يطوف ببال
أحد أن ينكر وجود الملائكة ووجود الشيطان الرجيم الذي نعوذ بالله منه في أول كل
صلاتنا، والذي تأبى صفة الرجيم وسائر الأوصاف الحية له المذكورة في القرآن تأويله
بدواعي الشر.. مع أنه لا مانع قطعياً وعقلياً من أن يُتصور هذا الشيطان الرجيم
كائناً حياً كما وصفه كتاب الله.. ولم يكن المسلمون في تلك الأَعصار الطويلة
يعتريهم أي شك في وجود الأنبياء وتأييدهم من عند الله بالمعجزات الخارجة عن طوق
البشر.. فكانوا يؤمنون من غير تردد بأن الله تعالى كلّم موسى ومنحه يداً بيضاء
وعصا تنقلب حية إذا ألقاها تلقف ما يأفكه سحرة فرعون.. ولمّا ضرب بها البحر شقته
إلى أفراق كل فرق كالطود العظيم ففتحت له ولمن معه من بينها طريقاً في البحر يبساً
اجتازوه وغرق فرعون وجنوده الذين اتبعوه في البحر.. ويؤمنون بأن عيسى وُلِدَ من
غير أب وتكلم في المهد صبيا وأبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله.. فلما
أراد اليهود قتله وصلبه رفعه الله إليه وسوف ينزل في آخر الزمان.. وأن إبراهيم بنى
له قومه بنياناً وألقوه في الجحيم فلم تحرقه النار وأصبحت بأمر ربها برداً وسلاماً
عليه.. وانشق القمر لمحمد صلوات الله وسلامه عليه وأسري به ليلاً من المسجد الحرام
إلى المسجد الأقصى وأمده الله في غزواته بآلاف من الملائكة مردفين ومسومين..
حتى جاء الأستاذ الإمام فوضع منهاجاً عجيباً لتأويل النصوص يمثّل باسم
النهضة الدينية الحركة القهقرية أمام خصوم الإسلام الغربيين المسلطين على كتابه
ويلقي الشك في قلوب المسلمين الذي يعتقدونه كتاباً منزلاً من عند الله لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. قائلاً:
[ إن وجود شيء في القرآن لا يقتضي صحته ].
وبهذه النهضة المعكوسة والحماسة الضالة المأثورة من الإمام، قال الشيخ
صاحب المنار فيما كتبه دفاعاً عن كتاب(حياة محمد) لمعالي هيكل باشا:[ إن المعجزات
شبهة لا حجة ] وبتلك الحماسة أيضا اتهم معاليه في الطبعة الثانية لكتابه، جميع ما
في كتب الحديث من أقوال رسول الله بشبهة الكذب وكان هذا التشكيك العام منه في كتب
الحديث، للتوصل إلى إسقاط أحاديث المعجزات من حيز الاعتماد والاعتداد.
وقد ارتكزت فكرة إنكار معجزات الأنبياء في قلوب العلماء الأزهريين من
تلامذة الإمام، وفيهم من تولى مشيخة الأزهر.. حتى شجّع هذا الاستخفاف الموروث
بنصوص الكتاب والسنة، بعضاً منهم على إنكار رفع عيسى إلى السماء المنصوص عليه في
القرآن ونزوله في آخر الزمان المذكور في ستين حديثاً رواها ثلاثون صحابياً.. كما
شجعته مقررات الإمام في المغيبات إلى نفي وجود الشيطان.. وأصبح إنكار الخوارق عادة
مألوفة بمصر عند المتعلمين بعد انتشار مبادئ الإمام واشتهاره فيما بينهم، حتى إن
معجزة القرآن الخارقة لسنة الكون ولو بالنظر إلى نزوله من عند الله بواسطة الملك،
ينكرونها أيضاً أو يلزمهم ويفهم من أقوالهم إنكارها.
إن علماء الإسلام يؤمنون بجميع ما نص عليه القرآن من قصص الأنبياء
ومعجزاتهم التي تدخل أيضاً في قصصهم، وأحوال الآخرة مثلهما في إيمان العلماء بها
كما ورد في القرآن ولا يتصورون وجود أي شيء فيه يخالف الواقع ويحتاج إلى التأويل
والتغيير لأن هذه المذكورات إخبارات لا تحتمل حتى النسخ من عند الله وإلا كانت
كذباً أو جهلاً يجب تنزيهه تعالى عنه.. وعقيدة المعجزات الخارقة لسنة الكون–ولا بد أن تخرقها لتكون
معجزة–تنبني على ثلاثة
أسس:
الأول: الاقتناع بأن الله الذي خلق المعجزة -لا النبي الذي تظهر علي يديه-
قادر على أن يخلقها، أعني أنها ليست مما يستحيل عقلاً حتى تكون خارجة عن متناول
قدرة الله.
والثاني: أنها، فضلاً عن إمكانها
في حد ذاتها، يشهد كتاب الله الذي لا يجيز العقل أن يحوم حوله الكذب، بوقوعها..
فيمكن أن يكذب التاريخ أو يخطئ ولا يمكن أن يكذب الله أو يخطئ.. ومن شكّ في صدق
وقوع ما أخبر به الله، من غير مانع عن وقوعه يتصوره في عدم إمكانه عقلاً أو عدم
كفاية قدرة الله على إيجاده، فهو كافر.. وهذان الوجهان لعقيدة المعجزات يجريان في
قصص القرآن غير المعجزات ويجريان في أحوال الآخرة أيضاً.
والثالث: حاجة الأنبياء إلى
المعجزات ليستندوا إليها في دعوى نبوتهم وفي دعوة الناس إلى أن يثقوا بديانتهم..
فهذه الحالة الواقعة من وجود المقتضى وعدم المانع، توجب علينا الإيمان بما نص عليه
كتاب الله من معجزات الأنبياء وقصصهم وأحوال الآخرة.
والذين لا يؤمنون بصدق النصوص الواردة في القرآن متعلقة بهذه الموضوعات،
كما ورد فيه.. ويحتاجون إلى تأويلها، فهم لا يؤمنون لمانع ناشئ من ضعف دينهم
وعقولهم التي تعتمد على أقوال المؤرخين والمستشرقين من أعداء الإسلام والقرآن ولا
تعتمد على نصوص كتاب الله.
فعندما قارنت بين كتاب الله وما أشار إليه الأستاذ الخولي من مقررات
الإمام الموجبة للتنازل عن الآيات المتعلقة بالشيطان والملائكة والمعجزات والقصص،
بواسطة التنازل عن الاعتماد والاعتداد بنصوص تلك الآيات.. وأضفت إلى ذلك الآيات
الواردة في أحوال الآخرة من البعث بعد الموت والحشر والسؤال ووزن الأعمال والصراط
ونعيم الجنة وعذاب النار المبتدئَيْن من القبر وسائر المغيبات التي لا تقبلها عقول
الكتاب العصريين المقيدة بالعلوم الطبيعية التجريبية، فينكرونها.. وقد فتح الأستاذ
الإمام لهم طريقاً معبدة يقتحمونها رغم خطرها، في كل أمن وحصانة وهي طريق التأويل
وتفسير النصوص تفسيراً يؤدي إلى إلغائها.. عند هذه المقارنة لا يبقى جُلّ آيات
القرآن إن لم يكن كلها مستحقاً لاعتقاد صدقه والاعتصام بمنطوقه، ويكون الباقي بعد
التنازل: آيات التوحيد، كما يكون الكثير الذاهب أدراجَ الرياح: آيات معجزات
الأنبياء وقصصهم وجميع المغيبات. مع أن تلك الآيات الباقية أعني آيات التوحيد أيضاً
تنهار بضربة تشكيك أخرى من العلم الحديث المبني على التجربة، ثم لا يبقى بعد هذا
التنقيح الثاني إلا آيات الفضيلة.
فكأن الأستاذ الإمام قرّر العمل بما اقترح عليه الأستاذ فرح أنطون
منشئ(مجلة الجامعة) عندما جرت بينهما مناظرة قلمية في ست مقالات من الطرفين([1]).
وهو أن يختارا بعض الآيات من الإنجيل والقرآن فيعضا عليه بالنواجذ ثم يدعا
ما بقي بعد ذلك من الكتابين، تحت ستار مقدس.. فيتفقا فيما بينهما على الآيات
المنتقاة من الإنجيل والقرآن ويعتبراها الإنجيل كله والقرآن كله ثم يتخذا لهما من
تلك الآيات المختارة ديناً أبديا معقولاً ليس فيه سيف ولا نار، بل كله إخاء عام
ومحبة مطلقة لجميع بني آدم.. وإن أنكر هذا التخصيص والاختيار المتعصبون من أهل
الكتابين.. فالدين الأبدي المعقول لا يوجد على رأي الأستاذ المقترح إلا عند
القائلين بهذا التخصيص وهم أنصار الفضيلة المفضلون على أنصار الديانات !!.
والآن وبعد أن بـلغ السيل الزبى بحادثة الرسالة الممقوتة المقدمة إلى كلية
الآداب بجامعة فؤاد والتي بُني أساسها على فكرة احتمال الكذب والاختلاق والابتعاد
عن الحقائق التاريخية في قصص القرآن، تمشياً في تلك الفكرة مع أقوال المستشرقين
والمؤرخين.. بعد هذا وبعد إعلان الأستاذ المشرف على الرسالة تضامنه مع صاحب
الرسالة في جميع ما تضمنته.. إلى أن يقول:" إنها حق.. ألقوا بي في النار
!".. ثم استقبال لائميه من المسلمين الغيورين على دينهم، بنقل بعض كلمة من
مقررات الإمام يضمّ تضامنه إلى تضامنه ويكون آخر كلام يقطع جميع ألسنة الملام.
بعد كل هذا، وإني يدعوني واجب النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين إلى أن أقول
وقفاً لمكبري الأستاذ الإمام في هذه البلاد عند حدودهم: إن المسلمين المصريين
مضطرون إلى البتّ في أمرهم باختيار أحد الدينين فينتمون إليه ويُدعَون به يوم
يُدعَى كل أناس بإمامهم في الدنيا دين للمسلمين القدماء يعتمد على نصوص الكتاب
والسنة, ودين للأستاذ الإمام والمؤمنين به لا يعتمدون عليها فيلغي كثيراً منها
ويتصور الكذب والاختلاق في قصص القرآن، وهم يعتمدون في ذلك على أقوال المستشرقين
والمؤرخين من أهل الغرب التي لا تتفق مع تلك النصوص، فتلجئ أصحاب الدين الجديد إلى
الانصراف عمّا نطق القرآن بشأنها والبحث عن طريق التأويل المتمشي مع أقوال
الغربيين مع الاهتمام بنفي الجهل عن سيدنا محمد بالتاريخ.
وهم ينسون كون القرآن كلام الله قبل أن يكون كلام محمد.. ولو أن هؤلاء
الغافلين اعتمدوا على أنه كلام الله كان تصور الحاجة إلى الانصراف عن نصوصه اعتناء
بأقوال المستشرقين والمؤرخين الذين لا يمكن أن يكون لهم علم بالحقائق التاريخية لا
سيما ما يتعلق منها بالقرون الخالية، أصدق وأوسع من علم الله -تصوراً في غاية
الجرأة والضلالة-.
على أن أنصار الدين الجديد لا يكفيهم التنصل من قصص القرآن للحصول على
مرضاة المستشرقين والمؤرخين من أهل الغرب لأنهم لا يعترفون بنبوة سيدنا محمد ولا
يمنحون القرآن رتبة كلام الله، مهما ضحى ضعاف العقل والدين منا بنصوص القرآن في
قصص الأنبياء توفيقاً لآرائهم.. كما قال الله تعالى:{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى
حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }
وقال:{ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا
فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
كَافِرِينَ }..
فيلزم الذين يرون لهم ضرورة تطبيق
قصص القرآن وغيرها على آرائهم أن ينكروا نبوة سيدنا محمد إرضاء لخاطرهم وقد يجدون
في ذلك أيضاً سنداً لهم من قول الأستاذ الإمام الصالح لنفي النبوة عن جميع
الأنبياء ينم على ذلك تعريف النبي الذي أتى به الإمام في تعليقاته على شرح الجلال
الدوّاني للعقائد العضدية, وكما يفهم هذا النفي من إنكار معجزات الأنبياء التي هي
علامة النبوة وحجة إثباتها. فإذا انهدمت النبوة بانهدام المعجزات وتعريف النبي بما
لا ينطبق على النبي المعروف في الإسلام ولم يكن القرآن كلام الله ولا كلام محمد
النبي، احتمل بالضرورة أن ينطق عندئذ محمد مؤلف القرآن الذي هو بالنسبة إليه كواحد
من المؤلفين عن الهوى رغم قوله فيه { وما ينطق عن الهوى }
وإن كان الهوى الذي يحتمل أن ينطقه هوى فنان كبير عربي وكان له أن يزين
كلامه حول القصص عن الأولين بطلاء من الأكاذيب.. وإن كانت أكاذيب فنية -كما ادّعاء صاحب الرسالة والمشرف عليها-من
صنع الشعراء الخياليين الذين قال عنهم شاعر تركي:
سرمايه شاعران توكنمز
|
دنيا توكنير يالان توكنمز
|
(ومعنا:
لاينفذ ولا ينتهي رأس مال الشعراء لأنه تنتهي الدنيا ولا ينتهي الكذب)
والذين لا يقام -إلا من طريق عد مؤلف القرآن منهم- وزن لاكتشاف صاحب
الرسالة والمشرف عليها وملهما في تبرير الكذب ومخالفة الواقع التي تصوروها لآيات
القصص وكل هذا على الرغم من أن القرآن يقول عن نفسه {وما هو بقول شاعر } إلا أن يقال عنه وعن قوله المار الذكر قريباً: إنهما
-والعياذ بالله- كذب في كذب!!...
فإذا كان القرآن كتاب فنان لا يتقيد في كثير من آياته بالتزام الصدق
ومطابقة الواقع بل يسوقها كما يقتضيه هوى الفن الذي يكون مطمع النظر فيه جذب
القلوب والأسماع.. فماذا هو المانع إذن من أن يأتي بمصر زمان يقرأ فيه القرآن بين
عزف العود والدف والكمان كما يقرأ اليوم بين عزفها قصائد في مدح النبي صلى الله
عليه وسلم.
مصطفي صبري ]([2]).
وقد توفي محمد عبده عام 1323هـ بالسرطان. هذا هو الأستاذ الإمام المجدد
محمد عبده الذي يريد أن يفرضه علينا المفكر الإسلامي والمجدد المجاهد محمد عمارة
!!!
0 التعليقات:
إرسال تعليق