رأي الشيعة في السنة والإجماع
رضوان محمود نموس
مر معنا رأي الشيعة وأقوالهم في الله سبحانه وتعالى وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي القرآن الكريم أما ثالثاً فهذه أقوالهم في السنة: قال محمد رضا المظفر في كتابه أصول الفقه المطبوع في إيران قم 1416 هـ (السنة في اصطلاح الفقهاء قول النبي أو فعله أو تقريره، أما فقهاء الإمامية بالخصوص فلما ثبت لديهم أن المعصوم من آل البيت يجري قوله مجرى قول النبي من كونه حجة على العباد واجب الاتباع فقد توسعوا في اصطلاح السنة إلى ما يشمل قول كل واحد من المعصومين أو فعله أو تقريره.
وعليه فليس بيانهم للأحكام من نوع رواية السنة وحكايتها ولا من نوع الاجتهاد في الرأي والاستنباط من مصادر التشريع بل هم أنفسهم مصدر للتشريع(1)
أما السنة بمفهوم المسلمين فإنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره فهي غير معتبرة عندهم.
فيقول محمد تقي الحكيم في كتابه السنة في الشريعة الإسلامية تعليقاً على حديث: (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه) يقول: (ويكفي في توهين الرواية أنها مرفوعة ولم يذكر الكتاب رواتها مما يدل على عدم اطمئنان صاحبها إليها ولسانها (عن مالك أنه بلغه أن رسول الله) ومثل هذه الرواية وهي بهذه الدرجة من الضعف لأنها لا تزيد كونها مرفوعة أو مرسلة، ولو قدر صحتها فهي لا تزيد عن كونها من أخبار الآحاد - هل يمكن أن تقف في وجه حديث الثقلين.
أما من حيث المضمون فأنا شخصياً لا أكاد أفهم كيف يمكن أن تكون السنة مرجعاً يطلب إلى المسلمين في جميع عصورهم أن يتمسكوا بها إلى جنب الكتاب، وهي غير مجموعة على عهده (ص)، وفيها الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد، ولأن التاريخ لم يحدثنا عنه (ص) أنه كان يجمع الصحابة جميعاً ويبلغهم بكل ما يجد من أحكام، ولو تصورناه في أقواله فلا نتصوره في أفعاله وتقريراته وهما من السنة، فماذا يصنع من يريد التمسك بسنته من بعده، ولنفترضه من غير الصحابة أيظل يبحث عن جميع الصحابة وفيهم الولاة والحكام وفيهم القواد والجنود في الثغور ليسألهم عن طبيعة ما يريد التعرف عليه من أحكام... فالإرجاع إلى شيء مشتت وغير مدون تعجيز للأمة وتضييع للكثير من أحكامها الواقعية)(2)
وأقول لهذا الرافضي: إنك كذاب، فالأحاديث التي تدعو للتمسك بالسنة كثيرة منها: قال رسول الله r: ((فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي)) وهو متفق عليه. (3)
وحديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: ((وعظنا رسول الله موعظةً بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قال قائل: يا رسول الله! كأنَّ هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنَّه مَن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تَمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة)) رواه أبو داود (4607) ـ وهذا لفظه ـ والترمذي (2676)، وابن ماجه (43 ـ 44)، وقال الترمذي: ((حديث حسن صحيح)). وفي تعليق الشيخ شعيب الأرنؤوط وغيره على جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم لابن رجب (2/109): ((رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، ورواه أيضاً أحمد (4/126 ـ 127)، والدارمي (1/44)، وابن ماجه (43) و(44)، وابن أبي عاصم في السنة (27)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2/69)، والبغوي (102)، والآجري في الشريعة (ص:46)، والبيهقي (6/541)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (81)، والمروزي في السنة (69) ـ (72)، وأبو نعيم في الحلية (5/220)، و(10/115)، والحاكم (1/95 ـ 97)، وصححه ابن حبان(5))
وليس هنا مجال الرد على هذا الرافضي وإلا يمكن سرد عشرات الأحاديث المتصلة الصحيحة التي تدعو إلى التمسك بالسنة.
ثم إن السنة، أي: قول أئمتهم رحمك الله تنسخ القرآن عندهم.
فيقول محمد تقي الحكيم: (وهذا من الأمور التي تكاد تكون بديهية بين المسلمين فلا تحتاج إلى إطالة حديث، والظاهر أن النسخ واقع في الكتاب من الكتاب ومن السنة على خلاف في قلة وكثرة الأحكام التي يدعى لها النسخ)(4)
رابعاً: أقوالهم في الإجماع، قالوا: (أما الإمامية فقد جعلوه أيضاً أحد الأدلة على الحكم الشرعي ولكن من ناحية شكلية واسمية فقط مجاراة للمنهج الدراسي في أصول الفقه عند السنيين أي أنهم لا يعتبرونه دليلاً مستقلاً إنما يعتبرونه إذا كان كاشفاً عن السنة أي عن قول المعصوم (فالحجة والعصمة ليست للإجماع، بل الحجة في الحقيقة هو قول المعصوم الذي يكشف عن الإجماع عندما تكون له أهلية هذا الكشف)(5)
ويتبين مما مَرَّ معنا أنهم لا يلتقون معنا كما يقولون على إله ولا نبي ولا خليفة ولا قرآن ولا سنة ولا إجماع. أي أنهم دين آخر مخترع غير دين الإسلام.
وللحديث صلة
[1] - أصول الفقه لمحمد رضا المظفر 2/61.
[2] - السنة في الشريعة الإسلامية لمحمد تقي الحكيم ص 57-59.
[3] - رواه البخاري (5063) ومسلم (1401).
[4] - السنة في الشريعة الإسلامية لمحمد تقي الحكيم ص 133.
[5] - أصول الفقه لمحمد رضى المظفر 2 - 97
0 التعليقات:
إرسال تعليق