أساس الإصلاح
الشيخ المجاهد أيمن الظواهري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة المسلمون في كل مكان:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:
أود في بداية حديثي أن أوجه تهنئتي إلى الأمة المسلمة على صمودها البطولي في وجه الحملة الصليبية الجديدة بعد عامها الرابع وبعد سبعة وخمسين عامًا من قيام دولة إسرائيل, هاهي أمريكا الصليبية تنتقل من فشل إلى فشل, وفي محاولة منها للخروج من هذا المأزق تحاول أمريكا أن تدعو لإصلاح أمريكي جديد يستبدل العملاء القدامى بعملاء جُدد تبوئهم مناصب الحكم والنفوذ في بلادنا, وتستبدل هؤلاء الحكام ومعتقلاتهم القديمة بمعتقلات جديدة على طِراز أبو غريب وغوانتنامو, وتحاول أن تفرض علينا إسلامًا أمريكيًّا جديدًا بلا جهاد ولا مقاومة ولا أمر بمعروف ولا نهيٍ عن منكر!
هذا الإصلاح الأمريكي الجديد مكشوف لأنه يهدف إلى مزيد من الإذلال لأمتنا, مزيد من التراجع والانهزام أمام السطوة الإسرائيلية, مزيد من الاستخذاء من حكوماتنا أمام الهيمنة الإسرائيلية الصهيونية.
ولِذا فإن علينا قبل أن نشرع في تحديد مناهج الإصلاح أن نُشخِّص الداء الأساسي تشخيصًا محددًا, إن العقبة الكؤود التي تقف أمام أي إصلاح في بلادنا هي باختصار السيطرة الصهيونية الصليبية على بلاد الإسلام بمعاونة العملاء الحكام, هذا هو الداء الأصيل.
وتجاهل هذا الداء لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر وإلا إلى مزيد من تضييع الأوقات والأعمار, وهذا التجاهل إذا أضفنا إليه استشراف الرضا الغربي الأمريكي فلن يؤدي إلا إلى الحرث في البحر وجني المزيد من الخسائر والنكبات.
إن الإصلاح الحقيقي يقوم على ثلاث مبادئ:
الأساس الأول: حاكمية الشريعة.
لأنها هي الشريعة المنزلة من رب العباد التي تضمن مصالحهم وحريتهم وكرامتهم وعزتهم وتصون حرماتهم, ولأنها هي الشريعة التي لا تقبل الأمة المسلمة بغيرها بعد آن عانت من المناهج المنافية للإسلام التي فُرِضت عليها بالقسر والقهر.
والأساس الثاني للإصلاح: هو حرية ديار الإسلام.
لا يمكن أن نتصور أي إصلاح وبلادنا محتلة بالقوات الصليبية التي تنتشر على بلادنا من أقصاها لأقصاها, لا يمكن أن نتصور أي إصلاح وقوات الصليبيين تتمركز في بلادنا وتتمتع بالتأييد وبالتموين وبالتسهيلات وبالتخزين وبالانطلاق من بلادنا لتضرب إخواننا وأخواتنا في سائر بلاد المسلمين.
لا يمكن أن نتصور أي إصلاح وحكوماتنا تُحكم من السفارات الأمريكية في بلادنا, التي تدس أنفها في سائر شؤوننا.
لا يمكن أن نتصور أي إصلاح وشخص مثل بريمر يتدخل بوقاحة حتى يفرض على قانون إدارة الدولة العراقية أن لا يكون الإسلام حاكمًا وأن لا تكون للشريعة حاكمية في هذا القانون الجديد! ثم للأسف توافقه وتتابعه في ذلك تجمعات وهيئات تنتسب زورًا إلى الإسلام في محاولة منها لكسب أي منصب أو مغنم تحت ظل العلم الأمريكي, لقد انكشفت كثير من الحقائق وسقطت كثير من الأقنعة وبدت الحقائق واضحة.
فعندما هجم الصليبيون على بلاد الإسلام في أفغانستان والعراق ظهر بوضوح من يقف ضد الصليبيين ويدافع عن الإسلام والمسلمين, ومن يساوم ويناور ويتعاون مع الصليبيين أعداء الإسلام ضد الإسلام والمسلمين.
الذي نريد أن نؤكده أيضًا أن إخراج قوات الصليبيين الغازية واليهود من ديار الإسلام لن تتم فقط بالمظاهرات وببح الحناجر في الشوارع, لن يتم الإصلاح ولن يتم طرد الغزاة من بلاد الإسلام إلا بالقتال في سبيل الله, قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه).
وقال تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ).
الأساس الثالث للإصلاح: هو حرية الأمة المسلمة في إدارة شؤونها.
ولن يتحقق هذا الإصلاح إلا بأمرين اثنين:
الأمر الأول: حرية القضاء الشرعي المستقل ونفاذ أحكامه وضمان هيبته وسطوته وقوته.
والأمر الثاني: هو حرية الأمة المسلمة وحقها في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فبهذين الأصلين -استقلال القضاء الشرعي وهيبته ونفاذ أحكامه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- يمكن للأمة أن تنتزع حريتها من الجلادين الذين عذبوها ومن اللصوص الذين انتهبوها ومن المفسدين الذين سيطروا وجثموا على صدورها.
ولن يمكن أن يتحقق استقلال القضاء الشرعي ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بخلع هؤلاء الحكام الفاسدين المفسدين الذين يتسلطون علينا بالقهر والقسر والجور والتكبر, لا يمكن أن نتصور أن حكامًا مثل آل سعود الذين يعتبرون البلاد وما عليها, ما فوقها وما تحتها نهبًا منهوبًا ورثوه عن جدهم الذي أخذها غنيمة بحد السيف! وآل سعود الذين سلموا البلاد وبترولها وثرواتها غنيمة باردة للصليبيين حتى يضمنوا بقاءهم في مناصب الحكم, لا يمكن أن نتصور أن قومًا مثل هؤلاء يمكن أن يتزحزحوا عن كراسي الحكم إلا بالجهاد في سبيل الله ضدهم وضد أمريكا التي وضعتهم.
لا يمكن أن نتصور أن حسني مبارك الذي يعذب المسلمين بل ويؤجر أجهزة تعذيبه لحساب الأمريكان والذي اختطف الفتيات في شُبرا الخيمة ونكّل بهن, والذي انتهك حرمات النساء في المظاهرات الأخيرة في الاستفتاء الأخير, والذي اعتقل عشرات الآلاف في العريش دفاعًا عن السياح الإسرائيليين, والذي يعد نفسه لفترة خامسة ليجثم على صدر مصر ثم يولي ابنه من بعده, لا يمكن لشخص بهذه النفسية الدنيئة أن يتخلى عن الحكم إلا بالجهاد في سبيل الله وإلا بأن يُخلع خلعًا من الحكم.
هذا الأمر يجب أن يكون واضحًا, لن نتمكن من نيل حريتنا إلا بقتال هؤلاء, قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً*الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلا إمام جائر فأمره ونهاه فقتله", هذا هو طريق الإصلاح.
إخواني الكِرام:
إن تاريخ أمتنا المنتصرة يُكتب في العراق وفي فلسطين وفي أفغانستان في الشيشان وفي كشمير, وتاريخ الصليبيين المنهزمين يُكتب على توابيت القتلى ويُكتب على مقابر الموتى ويُكتب على جروح المصابين والمعاقين.
إخواني الكِرام:
إن الإصلاح الحقيقي يبدأ بدعم الجهاد في فلسطين وفي العراق وفي أفغانستان وفي سائر ميادين الجهاد, لن يتحقق الإصلاح إلا بأن ندعم الجهاد والمجاهدين.
إخواني الكِرام:
في هذه المناسبة أتوجه بحديثي إلى إخواني الكِرام في العراق, المجاهدين الذين أبطلوا الحملة الصليبية وعطّلوا خططها والذين كشفوا خيانات الخائنين الذين تعاونوا معهم على احتلال بلاد الإسلام, هؤلاء الإخوة الكِرام أتوجه بشكري لهم وأتوجه بدعائي لهم وأشكرهم على ما شفوا به صدور المؤمنين وعلى ما حققوه من نكاية في الصليبيين.
أتوجه بشكري إلى أخي الكريم أبي مصعب الزرقاوي وجميع إخوانه وجميع أمراء المجاهدين وكتائبهم وتجمعاتهم. وأتوجه بشكري ودعائي وثنائي وتأييدي إلى علماء العراق الصادقين ومشايخ قبائله الأشاوس ورجاله المستبسلين, أتوجه إليهم وأشكر شعب العراق العظيم على ثباته البطولي في تاريخ الإسلام, هذه الوقفة التي سيذكرها لهم التاريخ في أنصع صفحاته, وأدعوهم وأناشدهم بالله سبحانه وتعالى أن يتجمعوا عربًا وكردًا وتركمانًا تحت راية الإسلام العظيم ليشكلوا تجمعًا يستعد لتولي الحكم بعد رحيل الأمريكان الذي سيكون قريبًا بإذن الله, حتى يقف هذا التجمع في مواجهة تجمع الحكومة العميلة, هذا التجمع الذي يجب أن ينبني على حاكمية الشريعة وعلى الجهاد وعلى الشورى وعلى حفظ حرمات المسلمين في مقابل تجمع الحكومة العميلة الذي يقوم على العلمانية ويقوم على الاعتداء على حرمات المسلمين ويقوم على التبعية للأمريكان وقواتهم الصليبية.
لا يمكن أن نتصور أن حكومة العراق التي ترفض الرحيل الفوري لقوات الصليبيين والتي تستجدي بقاءهم والتي تستعين بهم لا يمكن أن تكون هذه حكومة شرعية تنتسب إلى العراق ولا تنتسب إلى الإسلام, هؤلاء مجموعة من الخونة اختفوا وراء الأمريكان واحتموا بهم وحين يرحل الأمريكان ويأتي يوم الحقيقة سيكتشف هؤلاء أن الحقيقة جاءتهم بأسرع مما كانوا يتصورون, ويومئذٍ لا ينفع الندم.
وأتوجه بتأييدي وشكري إلى الإخوة المجاهدين في أفغانستان بقيادة أسد الإسلام المجاهد الملا محمد عمر أمير المؤمنين حفظه الله, الذين مرغوا أنف أمريكا في التراب والذين حاصروها متشوشة مرتبكة في جبال أفغانستان ووديانها حتى اضطروها إلى سياسة التكتيم والتكتم الإعلامي والدعاية السوداء, وأتوجه إليهم بشكري وتأييدي وأذكِّرهم بالله سبحانه وتعالى أن يثبتوا في هذا الجهاد حتى يتحقق لهم النصر بإذن الله, هؤلاء الأشاوس الأبطال الذين يتلقون الطعنات في صدورهم وفي ظهورهم من مُشرف العميل الذي لولا عمالته لما بقي الأمريكان في أفغانستان يومًا واحدًا.
فيا مشرف الخيانة ويا مشرف العمالة ويا مشرف الصليب اعلم أن الأمريكان سيتخلون عنك عاجلًا أو آجلًا كالحذاء القديم كما تخلوا عن سلفك شاه إيران, وحينئذٍ لا ينفعك الندم, واعلم أن الباكستان كلها تلعنك بل والعالم الإسلامي كله يلعنك ولا يلتف حولك إلا الساسة المرتشون وإلا رجال الأمن المنتفعون الذين سيفرون عنك يوم الهول كما فروا عن سلفك أنور السادات!
واعلم أن قبضة المجاهدين تلتف حول عنقك وتقترب منك يومًا بعد يوم, واعلم أنه لن ينقذك منا إلا الموت بقوة الله الجبار, فأعِد نفسك لعذاب القبر.
وفي هذه المناسبة أحيي إخواني أُسود الإسلام على ثغر الإسلام المقدس في أكناف بيت المقدس, وأسألهم بالله العظيم أن لا يتخلوا عن جهادهم وأن لا يلقوا سلاحهم وأن لا يصدقوا نصائح العملاء من أمثال حسني مبارك, وأن لا ينسوا دروس التاريخ وأن لا يثقوا في العلمانيين الذين باعوا فلسطين بثمنٍ بخس وأن لا ينجروا إلى لعبة الانتخابات العلمانية تحت الدستور العلماني حتى ينتزع منهم أعداء الإسلام اعترافًا بشرعية السلطة العميلة التي باعت فلسطين, والتي وارتضت العلمانية, إن هؤلاء الأُسود يدافعون عن الإسلام في ثغره المقدس وإن الأمة الإسلامية قد وضعت في أعناقهم هذه الأمانة فلا يؤتينّ المسلمون من قِبلِكُم.
وفي نهاية كلمتي أتوجه إلى الحمقى الذين يتبعون بوش ويرسلون أبناءهم إلى أفغانستان والعراق للمذبحة, أقول لهم:
لقد نصحناكم من قبل ودعوناكم إلى الإسلام حتى تخرجوا من أوحال المادية إلى أنوار الإسلام, ونصحناكم على الأقل أن تكفوا عدوانكم على أمة الإسلام, وعرض عليكم أسد الإسلام المجاهد الشيخ أسامة بن لادن هدنة حتى تخرجوا من ديار الإسلام فأخذتكم حمية الجاهلية, فماذا نصنع لكم, ما حيلتنا معكم, أرسلوا أبناءكم إلى العراق وأفغانستان فإن المجاهدين هناك في انتظارهم, ولكن إذا رجعت إليكم الجثث فلا تبكوا عليها فأنتم الذين قتلتموها.
وأنا أريد أن أُذكِّر الغرب أنه قد وقع في ورطة لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى مداها, وإذا أرادوا أن يعرفوا مدى هذه الورطة فليسألوا علماء تاريخهم عن القتال مع المسلمين, وإذا أرادوا أن يعرفوا جزءًا من هذه الكارثة التي تورطوا فيها فأنا أدعوهم إلى تشكيل لجنة مستقلة من مؤيدي الحرب ومن معارضيها ومن أمهات القتلى وآبائهم ومن المعاقين والجرحى حتى يبحثوا عن العدد الحقيقي لقتلى الأمريكان في حربهم ضد الإرهاب, وحينئذٍ سيكتشفون مدى الكذب الرسمي الأمريكي الذي يمارس ضدهم.
في ختام هذه الكلمة أشكر مرة أخرى أمتنا المسلمة على صمودها وعلى ثباتها وأدعوها وأحرضها على النكاية في الصليبيين واليهود وفي كل من شارك في العدوان على الإسلام والمسلمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق