لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته (19)
رضوان محمود نموس
لقد تكلم الباحث في الحلقة السابقة عن الدور الإجرامي لأمريكا ويتابع في هذه الحلقة عن ارتباط السعودية بأمريكا وأخذها موقع ذيل الكلب رغم أنه كلب عقور وبه داء الكَلَبْ.
ومع كل ماضي أمريكا الإجرامي القذر, والمتآمر على الإسلام, المتحالف مع يهود, والحاضر الأقذر والأكثر إجرامية وتآمر, والمستقبل العدواني اليهودي التوراتي الذي يتحدثون عنه تصر الحكومة السعودية على السير بركاب القذارة والجريمة والحرب على الإسلام والانضواء العملي تحت راية محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي بزعامة أمريكا لتحقيق أحلام يهود وبروتكولات حكماء صهيون وخيانة الله والرسول والمؤمنين ثم يقوم علماؤها بتبرير كل ذلك وصبغه بالصبغة الشرعية عليهم من الله ما يستحقون.
فنلاحظ أن ولاء الدولة السعودية الثالثة لبريطانيا حتى قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية عندما كانت بريطانيا هي زعيمة محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي ولما دخلت أمريكا على الخط وأصبحت هي زعيمة هذا التحالف القذر حولت السعودية ولاءها لتظل أكثر ارتباطاً بمحور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي.
بدء التدخل الأمريكي
بنت الولايات المتحدة الأمريكية سياستها الخاصة بالمنطقة العربية حتى إعلان الحرب العالمية الثانية على أساس حماية حقوقها التجارية ومصالح رعاياها وظلت أمريكا على هذه السياسة حتى السنوات الأولى من الحرب فلم يعد إطار دورها السياسي هذا يرضي شجعها وأطماعها فراحت تبحث عن دور جديد يتناسب مع زعامتها لمحور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي [كان دور الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية إبان الحرب دور القوة المعاونة للمجهود الحربي البريطاني فكانت تقدم الإمدادات والخدمات العسكرية والمدنية التي بلغت ذروتها بعد صدور قانون الإعارة والتأجير (آذار 1941) وتحت مظلة ذلك القانون لعبت أمريكا دور الشريك لبريطانيا في مركز الشرق الأوسط الذي أقيم بالقاهرة ...غير أن ظروف الحرب زادت من حجم الدور العسكري الأمريكي على الحدود الشرقية للمنطقة العربية عندما اطلعت بعبئ مد القوات السوفياتية بالعون عبر إيران مما تطلب وجوداً عسكرياً أمريكياً بالخليج العربي تمثل فيما سمي بقيادة "الخليج الفارسي" التي بلغ عدد أفرادها ما يزيد عن 28 ألفاً.
وكان لهذا الوجود العسكري الأمريكي في الخليج مغزاه الخاص, فقد ظل الخليج العربي حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية منطقة نفوذ بريطانية. ولكن ظروف الحرب التي جلبت الوجود العسكري الأمريكي إلى هذه المنطقة الغنية بالموارد النفطية, كان من شأنها أن مكنت الولايات المتحدة من انتهاز هذه الفرصة النادرة لتدعم مصالحها النفطية في المنطقة, وبخاصة في السعودية والبحرين.
فقد لعبت الولايات المتحدة دوراً مهماً في تعويض نقص النفط في أوربا الغربية نتيجة غلق قوات المحور للبحر المتوسط عام 1942 وظهور الغواصات الألمانية أمام مصادر النفط في البحر الكاريبي وبحلول عام 1943 كان النفط الأمريكي يمثل أكثر من 70% من موارد الطاقة المستخدمة في الحرب ونظراً لاستحالة استمرار الإنتاج الأمريكي من النفط بالمعدلات نفسها التي دعت إليها ظروف الحرب فقد رنت الولايات المتحدة ببصرها نحو الأقطار العربية الغنية بالموارد النفطية في الخليج والجزيرة العربية, وأخذت الشركات الأمريكية وبخاصة تلك التي كانت تزاول نشاطها بالمنطقة تضع دراسات عن الثروة النفطية في العالم بما في ذلك السعودية والخليج وانتهت إلى أن مركز الجاذبية في الإنتاج العلمي للنفط ينحسر عن منطقة الكاريبي متجهاً صوب الشرق الأوسط وبخاصة منطقة الخليج وأنه سوف يستمر في الانحسار حتى يتركز في تلك المنطقة.
لذلك كان من الطبيعي أن يعلن الرئيس الأمريكي روزفلت في 18 شباط 1943 أن السعودية أصبحت من الآن فصاعداً ذات ضرورة حيوية للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية وفكرت الحكومة الأمريكية جدياً في شراء امتيازات الشركات الأمريكية في المملكة السعودية أو أن تأخذ على عاتقها على الأقل مهمة إدارة مشروع أنابيب النفط المقترح إقامته لربط مناطق الإنتاج بالسعودية بالبجر المتوسط فيصبح مشروعاً حكومياً أمريكياً ولم تتردد الحكومة الأمريكية في تقديم تأييدها السياسي للمصالح النفطية الأمريكية في السعودية وضمنت لتلك المصالح النفطية المساعدات المالية التي كانت تقدمها لابن سعود.
وكان في مقدمة الإجراءات التي اتخذتها أمريكا لتدعيم مصالحها في السعودية, رفع درجة التمثيل الدبلوماسي في جدة, والتوسع في مد السعودية بالمعونات في إطار قانون الإعارة والتأجير, وإيفاد بعثات تجارية إلى المنطقة ترتب عليها زيادة المصالح التجارية الأمريكية في السعودية, ودخول الأمريكان كمنافس للإنجليز في تدريب القوات السعودية.
وأدى اهتمام أمريكا بالسعودية إلى تزايد فرص الاحتكاك بالإنجليز فعندما اقترح (هل) وزير الخارجية الأمريكي تعيين خبير أمريكي على رأس البعثة الاقتصادية للحلفاء إلى السعودية, اعترض (إيدن) وزير الخارجية البريطاني وذكر نظيره الأمريكي بأن العلاقات البريطانية السعودية بالغة القدم وبأن لبريطانيا مصالح اقتصادية وسياسية في تلك البلاد. واضطر الوزير الأمريكي إلى التأكيد أن المصالح الغالبة في الاقتصاد السعودي هي بلا ريب أمريكية ويفترض أن تستمر كذلك.
وبذلك كانت التطلعات الأمريكية في الخليج والسعودية بداية لتنافس إنجليزي أمريكي حول المنطقة في أواخر الحرب... وزاد من مخاوف الإنجليز ما بدا واضحاً من اتجاه الأمريكان إلى اتخاذ مصر قاعدة للتجارة الأمريكية في المنطقة العربية بعد الحرب, ووقع في يد السلطات البريطانية تقرير أمريكي يتضمن خطة شاملة لإعادة تعمير المنطقة العربية بعد الحرب وضعها خبير أمريكي صهيوني هو (د. إرنست برغمان) كان وثيق الصلة بالدوائر السياسية والعسكرية الأمريكية تدور حول إيجاد نوع من تقسيم العمل الاقتصادي بالمنطقة تتحول بموجبه فلسطين إلى قاعدة صناعية, وتلعب بقية البلاد العربية دور منتج المواد الخام وسوق الصناعة الصهيونية... وتوضح الوثائق الأمريكية أن الولايات المتحدة كانت ترسم سياستها الخاصة بالمنطقة وهي تأخذ في اعتبارها ما لحق بمكانة بريطانيا وهيبتها من اضمحلال في نظر شعوب المنطقة نتيجة الهزائم التي منيت بها في السنوات الأولى للحرب على حين ازدادت مكانة أمريكا علواً في المنطقة.]([1])
[ وانتقلت المحادثات بعد ذلك إلى بحث أهم جوانب الخلاف بين الدولتين _ أي أمريكا وبريطانيا _ في المنطقة العربية وخاصة السعودية والبحرين. فقدم الجانب البريطاني عرضاً للمصالح البريطانية في السعودية وأكد إدراكه لأهمية المصالح النفطية الأمريكية المتنامية وأن بريطانيا لا تقف حجر عثرة في طريق تلك المصالح كما يظن الأمريكان بل أن المسئولين الإنجليز ذكروا للأمراء السعوديين أنهم يعترفون بالمصالح الأمريكية في مجال النفط وأنهم لا يعترضون على تعامل السعودية مع أمريكا.
أما الجانب الأمريكي فأكد على أن للولايات المتحدة مصالح اقتصادية واستراتيجية في نفط السعودية وأن السعودية ذات أهمية اقتصادية بالغة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية, التي تتطلع إلى تطوير صناعة النفط في تلك البلاد, وأن كلاً من السعودية وأمريكا تتطلع إلى توطيد أواصر الصداقة بينهما وتقوية العلاقات المشترطة بين البلدين.
وانتقل الجانبان إلى بحث مسألة المعونة المالية للسعودية, فاقترح الإنجليز توحيد المعونة المالية للسعودية على أن يتم تقديمها من خلال "مركز تموين الشرق الأوسط", وعرضوا فكرة إصدار عملة ورقية سعودية ترتبط بالإسترليني, يصدرها مجلس للنقد السعودي يكون مقره في لندن أو القاهرة وتمثل فيه السعودية وبريطانيا وأمريكا. ولما كان الأمريكان يحرصون على بقاء العملة السعودية خارج دائرة الإسترليني لتجنيب مصالحهم التجارية ما قد يترتب على ذلك من مشاكل بعد الحرب, فقد رفضوا الاقتراحات البريطانية بهذا الصدد.
واستطرد الجانبان في بحث نقاط الخلاف الأخرى حول السعودية, فتناول مسألة المعونة الفنية للسعودية في الشئون المالية والعسكرية, وعرض الإنجليز لمطالب الملك عبد العزيز بتعيين مستشار مالي وآخر عسكري من المسلمين السنة واقترح الإنجليز اختيار المستشارين من المسلمين السنة الهنود, على أن تشكل لجنتان استشاريتان إحداهما مالية والأخرى عسكرية, تتكون كل منهما من المستشار المسلم ومن عضوين آخرين أحدهما إنجليزي والآخر أمريكي فلقي الاقتراح استحسان الجانب الأمريكي...وتناولت المحادثات موضوع التعاون الإنجليزي الأمريكي لدعم اقتصاديات المنطقة في إطار "المجلس الاقتصادي للشرق الأوسط" على أن يكون المجلس المقترح مؤسسة إنجليزية أمريكية تقوم بتقديم المشورة الفنية لدول المنطقة في المجال الاقتصادي ووافق الأمريكان على المشروع, على أن يكون المجلس المقترح منظمة إقليمية تساهم فيها جميع دول المنطقة...وفيما يتعلق بمستقبل العلاقات الإنجليزية الأمريكية بالمنطقة العربية, عبر الأمريكان عن عدم اكتراثهم لتلك الضجة التي أثارها الدبلوماسيون الإنجليز بمصر والسعودية حول تزايد المصالح الأمريكية بالمنطقة, ومنافستها التجارية لبريطانيا وحذروا الإنجليز من خطورة التمادي في تلك الحملة التي قد تفرق السبل بالحليفتين.]([2])
ويتضح مما مر معنا أن السعودية ودول الخليج كانت في الحقيقة مستعمرات بريطانية عندما كانت بريطانيا هي زعيمة محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي ثم انتقلت هذه المستعمرات إلى أمريكا عندما تزعمت محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي. الذي لا زال يسرق خيراتها وينفذ مخططاته على يد موظفيه وأجرائه من آل سعود وأمراء الأعراب.
وهكذا احتلت السعودية – كما يفخر آل سعود بذلك – المرتبة الذيلية لأمريكا في كل شيء حتى في حربها على الإسلام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق