موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

السبت، 22 سبتمبر 2012

لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته (24)


لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته (24)
رضوان محمود نموس
لقد تكلم الباحث في الحلقة السابقة عن ارتباط السعودية بأمريكا وأخذها موقع ذيل الكلب رغم أنه كلب عقور وبه داء الكَلَبْ. ويتابع في هذه الحلقة بنفس السياق
[وقد وضعت خطط عسكرية أمريكية متعددة للتدخل في منطقة الخليج العربي إن اقتضت الضرورة فقد ذكرت صحيفة "الصنداي تايمز" أن مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة أعد دراسة تفصيلية لخطة سرية للغاية وضعتها وزارة الدفاع لغزو حقول النفط السعودية في حال نشوب حرب أخرى في الشرق الأوسط ينجم عنها خطر نفطي جديد وذكرت الصحيفة عن الخطة واسمها بالشيفرا "الظهران الخيار الرابع" أن البنتاغون وضع خطة هجوم أمريكي على حقل الفوار النفطي الذي يحوي 49% من احتياط العالم المعروف بالنفط وتقود هذا الهجوم تسع كتائب مشاة محولة جواً من قاعدتها في ولاية "نورت كارولينا" وبحماية جوية في الخليج العربي عن طريق القاعدة الجوية الإسرائيلية في "حتسريم"وتستولي المشاة على حقل النفط في الظهران حيث تعمد إلى إجلاء الرعايا الأمريكيين ومن ثم تتابع سيرها إلى الداخل حتى حقل الفوار بعد أن تستولي على أرصفة الموانئ ومستودعات التخزين في رأس تنورة, وبعد ذلك تتبعها فرقة مشاة بحرية قوامها 14000رجل يتم إرسالها إلى الخليج العربي بطريق البحر.
وكان أيضاً قد نشر في دراسة أخرى بعنوان "حقول النفط كأهداف عسكرية, دراسة في الإمكانات" وقد احتوت هذه الدراسة الوثائقية عرضاً لمصالح الولايات المتحدة الحيوية ومصالح حلفائها في شئون الدفاع القومي كما احتوت التبرير القانوني السياسي والأخلاقي لفك التدخل المسلح للاستيلاء على حقول النفط وناقشت الدراسة أوضاع التدخل وردود الفعل عليه والتفاصيل المطلوبة لنجاحه وكذلك الخرائط التفصيلية المطلوبة.
وقد حاول "كيسنجر" عندما كان وزيراً للخارجية عام 1974 بحث فكرة قيام قوة أمريكية أوربية لحماية مصادر النفط, إلا أن هذه الفكرة رفضت في حينه من قبل المسؤولين الأوربيين, وقد صدر عن المسئولين الأمريكيين العديد من التهديدات باحتلال منابع النفط كما سربت وكالة لمخابرات المركزية الخطط العسكرية لهذه العملية إلى عدد من الصحف الأمريكية كوسيلة من وسائل الضغط والتخويف.

وقد وصلت سياسة التهديد بالتدخل ذروتها عام 1975 عندما أوضح هنري كيسنجر وزير الخارجية آنذاك "أنه بالرغم من أية خطوات عسكرية أمريكية في الخليج ستكون شديدة الخطورة فإنني لا أستطيع القول بأنه يطرأ ظروف في المنطقة تؤدي إلى استعمالنا لقواتنا العسكرية.... إن استعمال القوة العسكرية في حل الخلاف حول سعر النفط هو شيء, لكن قيام محاولة حقيقية لخنق العالم الصناعي هو شيء آخر. وفي تصريحات كيسنجر هذه ما يشر إلى نية الولايات المتحدة آنذاك في استخدام القوة العسكرية في حال رفع أسعار النفط] ([1])
[وخلص التقرير الرسمي الأمريكي المرفوع إلى لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس نيسان 1980 إلى عدة نتائج. ومما ورد في التقرير يبدو جوهرياً أن أمام الولايات المتحدة في سعيها لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية والعسكرية في المنطقة بديلين عريضين هما.
1-            الاعتماد على نظم المنطقة ذاتها لتأمين الأهداف الأمريكية.
2-            استراتيجية بحرية أمامية محددة الموارد ويحتمل أن يستتبع البديل الأول حجماً من الوجود العسكري  في المنطقة.
أما التقرير الصادر عن مجموعة العمل الخاصة بالشرق الأوسط والتابعة لمجلس الأطلسي والذي شارك في وضعه أكثر من ثلاثين خبيراً في قضايا الشرق الأوسط فقد وزع توصياته ونتائجه علة خمس مجالات أساسية حول الخيارات المتاحة للاستيلاء على منابع النفط]([2])
[والشيء الذي يمكن استنتاجه من تحليل مضمون التقارير الأمريكية هو أن للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط هدفين رئيسيين تتفرع عنهما روافد متفاوتة الأهمية, هذان الهدفان هما:
1-           تأمين بقاء إسرائيل دولة قوية.
2-استمرار تدفق النفط لها ثم لحلفائها في أوربا الغربية]([3])
[منذ أوائل الخمسينات سيطرت على السياسة في الخليج, وفي إطار سياستها إزاء منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة, فكرة التحالف أو الأمن الإقليمي التي اتخذت أكثر من صيغة مثل التصريح الثلاثي في أيار مايو 1950 ومشروع "قيادة الشرق الأوسط المتحالفة" ثم تضمين الشرق الأوسط في إطار نظرية الردع الشامل ثم حلف بغداد والحلف المركزي ثم مشروع "إيزنهاور"وأخيرا ًما سمي بسياسة الرد المرن ومع أوائل السبعينات طورت السياسة الأمريكية في الخليج عديداً من الممارسات بهدف حماية مصالحها, وتحقيق أهدافها في المنطقة, وهي الممارسات التي تبلورت في دعم القوى الإقليمية الصديقة ودعم الوجود الأمريكي الدائم في المنطقة سواء في صورة قواعد أو تسهيلات ثم تطوير إمكانات التدخل العسكري المباشر فيها.
لقد عرف الاعتماد على القوى الإقليمية في حماية المصالح الأمريكية, باسم "الفتنمة" أو "مبدأ نيكسون", وفرض واقع منطقة الخليج خصوصيته على تطبيق هذا المبدأ, مثل حقيقة أن النظم الصديقة للولايات المتحدة في المنطقة, معظمها منتج للنفط, ويمتلك كميات كبيرة من فوائض الأموال النفطية, مما لا يتطلب بالتالي دعماً مالياً من الولايات المتحدة كما حدث في فيتنام الجنوبية, على سبيل المثال.
في هذا الإطار نظر إلى كل من السعودية وإيران في ظل حكم الشاه على أنهما تمثلان نقطتي الارتكاز في المنطقة, وإن تعاون هاتين الدولتين كان يمكن أن يوفر ما يسمى بإطار قوي للاستقرار الفرعي الإقليمي في منطقة الخليج....من ناحية ثانية اهتمت السياسة الأمريكية بإنشاء القواعد العسكرية والحصول على التسهيلات البحرية, في منطقة الخليج, في هذا الصدد يمكن الإشارة أولاً إلى الوجود العسكري الأمريكي في قاعدة "الجفير" وهو الوجود الذي يعود إلى عام 1949... ثم اكتسب الوجود العسكري الأمريكي في الخليج – وذلك عدا الاتفاقات المعقودة مع السعودية – اكتسب بعداً آخر في بدء عام 1975 عندما عقد الرئيس الأمريكي "فورد" والسلطان قابوس الاتفاقية التي سمح بمقتضاها للأمريكيين باستعمال الجزر التابعة للسلطنة وهي جزيرة "مصيرة" التي تساهم في التحكم في منطقة الخليج بأكملها وكانت قبل ذلك مستأجرة من جانب بريطانيا بمقتضى معاهدة وقعت عام 1950 ثم عام 1958.
على أن حرب تشرين الأول أكتوبر والحظر النفطي الذي رافقهما ساهما في بلورة نمط جديد من المشروعات الأمريكية تجاه الخليج, وهي مشروعات التدخل العسكري المباشر. ويمكن العودة بتلك المشروعات إلى بدء عام 1974 عندما تحدث وزير الدفاع الأمريكي عن إمكانية القيام بعمل عسكري ضد الدول المنتجة للنفط, إذا هددت سياساتها بعرقلة العالم الصناعي. وتواترت مع تلك التصريحات وبعدها أنباء وتلميحات من واشنطن يفهم منها أن مسألة التدخل الأمريكي المسلح والمباشر, ضد الدول المنتجة للنفط مسألة واردة في الحسبان على الأقل مثل الحديث الذي أدلى به "هنري كيسنجر" إلى مجلة "بيزنس ويك" في2/1/1975 وقال فيه "إنه لا يستطيع استبعاد استخدام القوة العسكرية إذا تعرض العالم لاختناق نفطي بسبب منتجيه في الشرق الأوسط.
ولكن التصريحات والأفكار في تلك الفترة لم تقتصر على المسئولين الرسميين بل تعدتها إلى الدارسين والمحللين الذين برز منهم بالذات "روبرت تكر" الأستاذ بجامعة " جون هوبكنز" الذي عرض أفكاره في صحيفة واشنطن بوست في كانون الثاني 1975 حول إمكانية القيام بعمل عسكري أمريكي في الخليج ضد دول النفط وتضمنت تلك الأفكار ثلاث نقاط مهمة هي:
طالما أنه من الصعب تقليص حاجات الولايات المتحدة من الطاقة, فلا بد من التفكير في استخدام القوة لضمان مصادر الطاقة, أي حقول نفط الخليج.
إن المنطقة المنتجة للنفط مجرد شريط ساحلي قليل العمق طوله حوالي 400 ميل مما يعني إمكانية القيام بعمليات عسكرية خاطفة وفعالة, لاحتلال هذا الشريط, بأقل قدر من الخسائر
في حال لجوء الدول النفطية إلى تفجير آبار النفط خلال هذه العملية العسكرية سيكون بالإمكان ترميم هذه الآبار في ظل الاحتلال الأمريكي خلال فترة تتراوح بين 3 إلى 12 شهراً.
على أن البعض الآخر كان له رأي مخالف مثل "جورج بول" الذي قال.... إن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في المنطقة سوف يؤدي إلى إضعاف المنحى المعتدل للدول الخليجية وتعزيز الاتجاهات الرادكالية فيها وهو أمر لا يزال الأمريكيون يحاولون تفاديه طوال جيل كامل]([4])
ولقد [جاء في تقرير الشئون الخارجية الصادر عن الكونجرس ما يلي "إن عملياتنا النفطية وشركاتنا ينبغي أن تستخدم كوسيلة لتنفيض سياستنا الخارجية" وهذا يعني أن هيمنة الشركات النفطية الأمريكية على العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص هو السلاح الأكبر الذي تستخدمه حكومة الولايات المتحدة ومخابراتها في إخضاع القوى النامية والتحررية في وطننا العربي وأكبر دليل على ذلك هو تواطؤ الإمبريالية الأمريكية على حلفائها من السوق الأوربية المشتركة أثناء الأزمة النفطية الأولى أو الصدمة النفطية التي حصلت بعد حرب أكتوبر 1973 وتقول التقارير الدولية: أن كيسنجر كان على علم بالحظر النفطي السعودي والخليجي قبل أسابيع من حصوله وهذا ما أتاح للشركات الأمريكية تخزين كميات هائلة من النفط اللازم للاستهلاك الداخلي في الولايات المتحدة. في الواقع أن المستفيد الأول من هذه الصدمة النفطية وارتفاع سعر النفط ليس الدول العربية المنتجة له بقدر ما هو الولايات المتحدة نفسها يقول (ب. بين) الفرنسي في كتابه الحرب العالمية الثالثة "إن هذه الأزمة التي اعتبرتها وسائل الإعلام الغربية سبب كل مصائب العالم الرأسمالي كانت في الواقع عبارة عن مؤامرة قامت بها الرأسمالية الأمريكية لتحقيق هدفين:
1-           استعادة السيطرة على الاقتصاد العالمي كله.
2-           التشهير بالعرب أمام الرأي العام واعتبارهم هم السبب الوحيد للأزمة الاقتصادية والبطالة في الغرب. وهذا ما يصرف أنظار الرأي العام الأمريكي والفرنسي والألماني والإيطالي....الخ عن رؤية المسببين الحقيقيين للأزمة أي الرأسمالية الاحتكارية والشركات المتعددة الجنسيات"
 وفي الواقع فإن الولايات المتحدة قد استطاعت التعويض عن ارتفاع أسعار النفط بواسطة صفقات الأسلحة التي عقدتها مع السعودية وغيرها من البلدان العربية. كما كانت المستفيد الأول من الأزمة لأن مصارفها قد تلقت الأموال النفطية الآتية من البلدان العربية أي ما يعادل في ذلك الوقت 135 مليار دولار وهذا ما يفسر لنا التواطؤ الملحوظ والمدان من قبل البعض, بين السعودية التي تضغط على أعضاء دول الأوبك وبين الولايات المتحدة الأمريكية.



[1] - الولايات المتحدة  والاتحاد السوفيتي والصراع في الشرق الأوسط د.غازي ربابعة ص 82/83
[2] - جريدة الرأي الأردنية العدد 3713 – 29/6/190
[3] - د. بشير العريض: الدبلوماسية والرصاص مجلة اليقظة العدد 23 الشهر السادس 1979
[4] - السياسة الأمريكية والعرب مركز دراسات الوحدة العربية ص 179 - 183

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.