أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (61)
من ضلالات محمد عبده
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل, والرائد الرابع من الناحية التاريخية وهو الثاني والأهم من ناحية التأثير هو محمد عبده. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
المبحث الثامن محمد عبده قضية المرأة
قام محمد عبده بدور خطير في دعوة المرأة إلى السفور وخروجها عن تعاليم ربها من الحشمة والحجاب وعدم التبرج, وكان ينفذ أمر الإنجليز في ذلك وها هو أحد مريديه محمد عمارة يتكلم عن ذلك.
قال محمد عمارة: [وعندما صدر كتاب "تحرير المرأة" وتناولاً قضايا ثورية, بالنسبة لعصره, وجديدة كل الجدة على كثير من الأوساط المحافظة, وفئات واسعة من العامة وبسطاء الناس .. وجد خصوم الشيخ محمد عبده أن الفرصة سانحة لتوجيه السهام إليه وإلى مدرسته في الإصلاح والتفكير .. وقيل يومها: إن الذي أمر بوضع الكتاب هو اللورد كرومر نفسه, لأنه استاء من قاسم أمين عندما دافع عن حجاب المرأة المصرية ومحافظتها على التقاليد في رده الذي كتبه بالفرنسية على الكاتب الفرنسي دوق داركور صاحب كتاب "مصر والمصريون" .. وأن كرومر أوحى إلى الشيخ محمد عبده أن يصلح قاسم أمين خطأه هذا في كتاب جديد.
وقيل يومها كذلك أن الذي أمر بوضع كتاب "تحرير المرأة" هي الأميرة "نازلي هانم فاضل", حفيدة إبراهيم باشا, وابنة فاضل باشا, الذي كان من المطالبين بالدستور على عهد السلطان العثماني عبد المجيد, والذي كان يلقب يومئذ, لذلك, بلقب "أبو الأحرار" .. وكانت ابنته "نازلي" مثقفة ومستنيرة وصاحبة صالون أدبي وسياسي يلتقي فيه المعتدلون من المفكرين المصريين .. قيل إن نازلي هي التي أمرت بوضع الكتاب لأنها غضبت من رأي قاسم أمين المدافع عن الحجاب, واعتبرت نقده للنساء المصريات المقلدات للأوربيات موجهاً إليها هي بالذات, والذين نسبوا الأمر إلى كرومر, والذين نسبوه إلى "نازلي" يتفقون أن الأمر قد صدر إلى الشيخ محمد عبده, وأنه قد قام بدور كبير في تأليف الكتاب .. بل يرى البعض أنه هو الذي ألفه, ثم وضع على غلافه اسم قاسم أمين تجنباً للحرج, والعاصفة التي كانت ستهب عليه مباشرة إذا ما وضع اسمه عليه, وهو الشيخ الأزهري, ذو المناصب الدينية الكبرى, ومنها منصب مفتي الديار المصرية.
ماذا يقول هذا الفريق؟
من بين الذين عاصروا صدور هذا الكتاب, وزاملوا قاسم أمين والشيخ محمد عبده في التردد على صالون نازلي هانم فاضل, وتحدثوا عن أنها هي السبب في تأليف هذا الكتاب "فارس نمر باشا" (1856- 1951)م صاحب "المقتطف" .. وأيضاً "داود بركات" (1867- 1933م) وعندما كتب فارس نمر مذكراته حدثنا عن هذه القضية فقال: (وهنا أصرح بحقيقة لا يكاد يعلمها إلا ندرة في مصر, وهذه الحقيقة أن كتاب قاسم أمين الذي رد فيه على دوق داركور لم يكن في صف النهضة النسائية التي كانت تمثلها الأميرة نازلي, بل كان الكتاب يتناول الرد على مطاعن الكاتب الفرنسي, ويرفع من شأن الحجاب ويعده دليلاً على كمال المرأة ويندد بالداعيات إلى السفور واشتراك المرأة في الأعمال العامة. وكان قاسم أمين إذ ذاك أحد قضاة محكمة الاستئناف, ولما ظهر كتابه ساء ما به إخوانه الآخرين أمثال محمد المويلحي, ومحمد بيرم, وسعد زغلول, ورأوا فيه تعريضاً جارحاً بالأميرة نازلي, وتشاوروا فيما بينهم في الرد عليه, واتفقوا خيراً على أن أتولى الكتابة عن هذا المؤلف وعرض فصوله وانتقاد ما جاء به خاصاً بالمرأة .. وبدأت في كتابة سلسلة مقالات عنه, ولكن ذلك النقد لم يرق قضاة محكمة الاستئناف, ورأوا فيه مساساً بهيبتهم, إذا أن قاسم أفندي كان أحدهم, ورأوا أن أفضل وسيلة يبذلونها لكي أكف عن الكتابة عن مؤلفه أن يرجو الأميرة نازلي فاضل لكي تطلب إلي ذلك, وتطوع الشيخ محمد عبده للقيام بهذه المهمة, وذات مساء حضرت إلى صالون سمو الأميرة, كما حضر أيضاً الشيخ محمد عبده, ومحمد بيرم, والمويلحي, وغيرهم. وبعد قليل تحدث الشيخ محمد عبده في هذا الشأن مع الأميرة, فالتفتت إلي سموها وقالت لي: إنها لا تجد بأساً من أن أكف عن الكتابة في هذا الموضوع _وكانت هي لم تقرأ الكتاب ولم تعرف أنه يشمل الطعن فيما تدعو إليه_ فلما رأى ذلك محمد المويلحي, قال لسموها: إنه يدهش من طلب الأميرة, وخاصة لأن هذا الكتاب يعرض بها, فبدت عليها الدهشة, وكانت إحدى نسخ الكتاب موجودة عندها. وعبثاً حاولت أن أقفل باب الحديث في هذا الشأن وخاصة بعد أن لمحت عليها معالم الاضطراب والجد والعنف. فلما اطلعت على ما جاء به ثارت ثورة شديدة ووجهت القول بعنف إلى الشيخ محمد عبده, لأنه توسط في هذا الموضوع .. ومرت الأيام بعد ذلك, واتفق الشيخ محمد عبده, وسعد زغلول, والمويلحي وغيرهم على أن يتقدم قاسم أمين بالاعتذار إلى سمو الأميرة, فقبلت اعتذاره, ثم أخذ يتردد على صالونها, وكل ما مرت الأيام ازدادت في عينيه وارتفع مقامها لديه .. وإذا به يضع كتابه الأول عن المرة "تحرير المرة" الذي كان الفضل فيه للأميرة نازلي .. والذي أقام الدنيا وأقعدها عليه.. بعد أن كان أكثر الناس دعوة إلى الحجاب. ..
علاقة محمد عبده بالكتاب
والرأي الذي أؤمن به والذي نبع من الدراسة لهذه القضية, هو أن هذا الكتاب إنما جاء ثمرة لعمل مشترك بين كل من الشيخ محمد عبده وقاسم أمين .. وأن في هذا الكتاب عدة فصول قد كتبها الأستاذ الإمام وحده, وعدة فصول أخرى قد كتبها قاسم أمين, ثم صاغ الأستاذ الإمام صياغته النهائية, بحيث جاء أسلوبه على نمط واحد هو أقرب إلى أسلوب محمد عبده منه إلى أسلوب قاسم أمين. ....
· في الكتاب الذي وضعته الدكتورة درية شفيق بنت أحمد شفيق باشا بالاشتراك مع الدكتور إبراهيم عبده عن "تطور النهضة النسائية في مصر" نقرأ صراحة أن الذي شارك قاسم أمين في هذا العمل هو الأستاذ الإمام, يقول الكتاب: (أما الأمور التي عالجها لشيخ محمد عبده من الناحية الدينية, فيما يختص بحقوق المرأة, فقد تناولها قاسم أمين بالبحث من الناحية الاجتماعية. وقد وجدت آراء قاسم أمين تأييداً تاماً عند الشيخ محمد عبده وحدث في سنة 1897م أن اجتمع الأستاذ الإمام وسعد باشا زغلول ولطفي السيد وقاسم أمين في جنيف, وأخذ الأخير يتلو على الإمام بعض فصول من كتابه عن تحرير المرأة فكان يوافق على ما فيها. وقيل أن بعض فقرات هذا الكتاب تنم عن أسلوب الشيخ محمد عبده نفسه)
· وهذا (التقسيم للعمل) الذي يشير إليه الدكتور إبراهيم عبده والدكتورة درية شفق بين محمد عبده وقاسم أمين, حيث تناول الأول القضية من الناحية الدينية, بينما اختص الثاني من الناحية الاجتماعية .. هذا الأمر على جانب كبير من الأهمية .. فعلاوة على كونه الأمر الطبيعي المتفق مع ثقافة كل منهما وتخصصه فإننا نجد الكتاب _"تحرير المرأة"_ يحدد لنفسه هدفين عندما يقول: (.. تبين للقارئ مما سبق أن ما نريد إدخاله من الإصلاح في حالة النساء ينقسم إلى قسمين: قسم يختص بالعادات, وطرق المعاملة والتربية .. والقسم الثاني: يتعلق بدعوة أهل النظر في الشريعة الإسلامية والعارفين بأحكامها إلى مراعاة حاجات الأمة الإسلامية وضرورتها فيما يختص بالنساء) ص 159والدارس للكتاب في ضوء هذه المؤثرات يرى أن الفصول التي كتبت فيه عن "الحجاب الشرعي" و"الزواج" و"تعدد الزوجات" و"الطلاق" هي بحوث فقهية لا يمكن أن يكتبها إلا إمام مجتهد في الإسلام وليس في ذلك العصر من كان يستطيع ذلك سوى الأستاذ الإمام. بينما بقية فصول الكتاب هي أقرب إلى ثقافة قاسم أمين الاجتماعية, وأسلوبه في تناول القضايا والأمور .. وسيأتي تفصيل هذه القضية الهامة بعد قليل.
· ومن القرائن الدالة على أن الأبحاث التي تناولت هذه القضية من الناحية الدينية في الكتاب هي من إنشاء الأستاذ الإمام, ما نجده من التطابق في الأفكار بين ما جاء في "تحرير المرأة" وما كتبه الشيخ محمد عبده في "الوقائع المصرية" قديماً, وقبل الثورة العرابية, وبالذات في شهر مارس 1881م .. ففي العدد 1055 من "الوقائع" الصادر في 7/مارس 1881م نجد له مقالاً عنوانه "حاجة الإنسان إلى الزواج" يتحدث فيه عن (أن سعادة الإنسان في معيشته, بل صيانة وجوده في هذه الدار موقوفة على تقييد تلك الشهوة "الجنسية" بقانون يضبط استعمالها, ويضرب لها حدوداً يقف كل شخص عندها, وتوجب الاختصاص بين الزوج والزوجة). وفي العدد التالي لذلك مباشرة يتحدث تحت عنوان "حكم الشريعة في تعدد الزوجات" .. يتحدث عن وجوب العدل بين الزوجات عند التعدد والزواج بأكثر من واحدة, (وإلا فلا يجوز الاقتران بغير بواحدة) كما يتحدث عن أن الواقع المشاهد يقطع بعجز الإنسان عن تحقيق العدل المطلوب ويصل إلى المعاني التي نراها شديدة التحديد, كثيرة الورود في الفصول التي كتبت في "تحرير المرأة" حول هذا الموضوع .. والذين يقرؤون هذه المقالات, ثم يقارنون بينها وبين الصفحات 133-135 من الكتاب يعلمون قدر هذه "القرينة" في الدلالة على دور الأستاذ الإمام في إنشاء بعض فصول هذا الكتاب.
· ومن القرائن الدالة أيضاً في هذا الباب, موقف الأستاذ الإمام من الكتاب بعد صدوره, فلقد أيده ودافع عنه بطريقة غير مباشرة, وامتنع عن التعليق عليه أو المشاركة بشكل مباشر في المعارك التي دارت من حوله, وبالذات عندما أراد خصومه إحراجه وطلبوا منه أن يفتي _بحكم منصبه الرسمي_ في الموضوع, أما دفاعه _غير المباشر_ عن الكتاب فيتمثل في وقوف الشيخ رشيد رضا ومجلة "المنار" إلى جانب الكتاب, فلقد تناول "المنار"الكتاب بالمدح والتقريظ في أكثر من مرة, واعتبرته مع "رسالة التوحيد" للأستاذ الإمام, و"سر تقدم الإنجليز السكسونيين" الذي ترجمه فتحي زغلول أهم الأعمال الفكرية في ذلك العصر "المنار: 1 يوليو 1899م) كما تناولته بالثناء في عددي 15يوليو, و26 أغسطس من العام نفسه. ولقد أراد خصوم الشيخ محمد عبده إحراجه يومئذ فطلبوا منه أن يصدر فتوى في هذا الموضوع, وعندما صدر كتاب قاسم أمين "المرأة الجديدة" بعد عام من صدور "تحرير المرأة" طبع خصوم الإمام سؤالاً موجهاً إليه باسم أحد المواطنين _محمد أفندي عبده البابلي_ يسأل فيه (هل رفع الحجاب عن المرأة, وإطلاقها في سبيل حريتها, بالطريقة التي يريدها صاحب كتاب "المرأة الجديدة" يسمح به الشرع أم لا؟؟) وإمعاناً في الإحراج والاستفزاز طبعوا هذا السؤال ووزعوه على الجمهور في صورة كتاب مفتوح إلى المفتي .. بل وطبعوا "استلفاتاً إلى هذا الكتاب المفتوح" .. ووزعوه كذلك على الجمهور .. ولكن الأستاذ الإمام ظل ملازماً للصمت إزاء هذه القضية التي كانت الشغل الشاغل للناس في ذلك الحين .. وتقدمت "المنار" للدفاع عن هذا الصمت وساقت لتبريره عدداً من الأدلة لا أراها إلا قرائن على العلاقة الإيجابية بين الأستاذ الإمام وهذا الكتاب .. فهي تقول في الاعتذار عن عدم إجابة الأستاذ الإمام على هذا السؤال:
1- إن الاستفتاء جاء على خلاف المعهود , بأن وزع على الجمهور.
2- إن الجواب عليه يستلزم قراءة الكتاب, في حين أن المفتي مثقل بالأعمال ؟!
3- إن الفتوى لا يفهمها الناس إلا إذا قرؤوا الكتاب, وهو ما يؤدي إلى نشر ضرره إذا كان ضاراً؟!
4- إن فتوى الإمام ستكون على المذهب الحنفي الذي عينته الحكومة ليفتي على أساسه في حين أن بعض المذاهب قد أباحت كشف المرأة لوجهها ويديها (وجواز معاملة الرجال في غير خلوة. وهذا كل ما يطلبه الكتاب من إبطال الحجاب) ثم استطردت "المنار" لتقول: (كل هذا يدلنا على أن السائل أخطأ في السؤال وأنه لا يلقى جواباً) ؟! ]([1])
وقال محمد عبده عن حكم التعدد في الزواج: [حكم الشريعة في تعدد الزوجات: أفبعد الوعي الشرعي, وذاك الإلزام الدقيق الحتمي الذي لا يحتمل تأويلاً ولا تحويلاً, يجوز الجمع بين الزوجات عند توهم عدم القدرة على العدل بين النسوة, فضلاً عن تحققه؟؟ فكيف يسوغ لنا الجمع بين نسوة لا يحملنا على جمعهن إلا قضاء شهوة فانية, واستحصال لذة وقتية, غير مبالين بما ينشأ عن ذلك من المفاسد, ومخالفة الشرع الشريف؟!]([2])
وقال [ولكن يظهر لي أن ترقي عقول الرجال وتهذيب نفوسهم له أثر مهم أيضاً في تلاشيها, ذلك لأن الرجل المهذب لا يرضى معاملة المرأة بالاستبداد, ولا تطاوعه مروءته إن همت شهوته بامتهانها. وبديهي أن في تعدد الزوجات احتقاراً شديداً للمرأة, لأنك لا تجد امرأة ترضى أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى, كما أنك لا تجد رجلاً يقبل أن يشاركه غيره في محبة امرأته, وهذا النوع من حب الاختصاص طبيعي للمرأة كما أنه طبيعي للرجل... ويظهر لي أن رجلاً مهذباً عارفاً بما يفرضه عليه الشرع والعدل لا يطيق النهوض بما يضعه على عاتقه الجمع بين امرأتين... ولا يعذر رجل يتزوج أكثر من امرأة: اللهم إلا في حالة الضرورة المطلقة, كأن أصيبت امرأته الأولى بمرض لا يسمح لها بتأدية حقوق الزوجية.. أقول ذلك ولا أحب أن يتزوج الرجل بامرأة أخرى حتى في هذه الحالة وأمثالها, حيث لا ذنب للمرأة فيها, والمروءة تقضي أن يتحمل ما تصاب به امرأته من العلل, كما يرى من الواجب أن تتحمل هي ما عساه أن يصاب به.
وكذلك توجد حالة تسوغ للرجل أن يتزوج بثانية, إما مع المحافظة على الأولى إذا رضيت أو تسريحها إن شاءت, وهي ما إذا كانت عاقراً لا تلد, لأن كثيراً من الرجال لا يتحملون أن ينقطع النسل في عائلتهم. أما في غير هذه الأحوال فلا أرى تعدد الزوجات إلا حيلة شرعية لقضاء شهوة بهيمية, وهو علامة تدل على فساد الأخلاق واختلال الحواس وشره في طلب اللذائذ.... وإنه ليجمل برجال هذا العصر أن يقلعوا عن هذه العادة من أنفسهم, ولا أظن أن أحداً من أهل المستقبل يأسف على تركها, فإن التمتع بالنساء وإن قل في هذه الحالة من الجهة الشهوانية فإنه يزيد من الناحية المعنوية التي يلزم أن تكون وجهة كل راغب في الزواج, فإن رجلاً يسوقه إلى الزواج سائق العقل, ويوجه رغبته إليه حادي الفكر يعلم أنه إنما يتخذ لنفسه بالزواج قريناً صالحاً يمده بالمعونة في شؤونه ويؤنسه في وحدته ويشفعه في عمله ويقوم معه على بنيه ومن يعول من أهله, فهو يتخير لذلك خير العقائل وأكرم السلائل, ويصطفيها على ما يحب من العقل والأدب وطهارة الظاهر وسلامة الباطن, يكون له منها منظر بهي وملمس شهي وصورة تعجب ومعنى يطرب, فهم يسبق الإشارة وذكاء يستغني عن العبارة, لذة بلطف الشمائل ومتاع بجمال الفضائل.]([3])
وقال: [فلا يباح لأحد من المسلمين أن يزيد في الزوجات على واحدة إلا إذا وثق بأن يراعي حق كل واحدة منهن ويقوم بينهن بالقسط, ولا يفضل إحداهن على الأخرى في أي أمر حسن يتعلق بحقوق الزوجية التي تجب مراعاتها, فإذا ظن أنه إذا تزوج فوق الواحدة لا يستطيع العدل وجب عليه أن يكتفي بواحدة فقط.
فتراه قد جاء في أمر تعدد الزوجات بعبارة تدل على مجرد الإباحة على شرط العدل, فإن ظن الجور منعت الزيادة على الواحدة, وليس في ذلك ترغيب في التعدد بل فيه تبغيض له, ... فالإسلام قد خفف الإكثار من الزوجات, ووقف عند الأربع, ثم إنه شدد الأمر على المكثرين إلى حد لو عقلوه _أي الإسلام_ لما زاد واحد منهم على الواحدة.
وأما المملوكات من النساء فقد جاء حكمهن في قوله تعالى (أو ما ملكت أيمانكم) وهو إباحة الجمع بينهن وإن لم يكن من الرجل عدل فيهن, لأن المملوكة لا حق لها, ولمالكها أن يتركها للخدمة ولا يضاجعها البتة, وقد اتفق المسلمون على أنه يجوز للرجل أن يأخذ من الجواري ما يشاء بدون حصر, ولكن.. يمكن لفاهم أن يفهم من الآية غير ذلك, فإن الكلام جاء مرتبطاً بإباحة التعدد إلى أربع فقط, وأن الشرط في الإباحة التحقق من العدل, فيكون المعنى: أنه إذا خيف الجور وجب الاقتصار على الواحدة من الزوجات أو أخذ العدد المذكور مما ملكت الأيمان, فلا يباح من النساء ما فوق الأربع على كل حال, ويباح الأربع بدون مراعاة للعدل في المملوكات دون الزوجات, لأن المملوكات ليس لهن حقوق في العشرة على ساداتهن, إلا ما كان من حقوق العبد على سيده, وحق العبد على سيده أن يطعمه ويكسوه وألا يكلفه من العمل في الخدمة ما لا يطيق, أما أن يمتع بما تتمتع به الزوجات فلا.
وقد ساء استعمال المسلمين لما جاء في دينهم من هذه الأحكام الجليلة, فأفرطوا في الاستزادة من عدد الجواري, وأفسدوا بذلك عقولهم وعقول ذراريهم بمقدار ما اتسعت بذلك ثروتهم... وأما جواز إبطال هذه العادة, أي عادة تعدد الزوجات فلا ريب فيه.
أما أولاً: فلأن شرط التعدد هو التحقق من العدل, وهذا الشرط مفقود حتماً, فإن وجد في واحد من المليون, فلا يصح أن يتخذ قاعدة, ومتى غلب الفساد على النفوس, وصار من المرجح أن لا يعدل الرجال في زوجاتهم جاز للحاكم أن يمنع التعدد أو للعالم أن يمنع التعدد مطلقاً مراعاة للأغلب.
وثانياً: قد غلب سوء معاملة الرجال لزوجاتهم عند التعدد, وحرمانهن من حقوقهن في النفقة والراحة, ولهذا يجوز للحاكم وللقائم على الشرع أن يمنع التعدد دفعاً للفساد الغالب.
وثالثاً: قد ظهر أن منشأ الفساد والعداوة بين الأولاد هو اختلاف أمهاتهم ولهذا يجوز للحاكم أن يمنع تعدد الزوجات.
نعم ليس من العدل أن يمنع رجل لم تأت زوجته بأولاد أن يتزوج أخرى يأتي منها بذرية فإن الغرض من الزواج التناسل فإن كانت الزوجة عاقراً فليس من الحق أن يمنع زوجها من أن يضم إليها أخرى.
وبالجملة فيجوز الحجر على الأزواج عموماً أن يتزوجوا غير واحدة إلا لضرورة تثبت لدى القاضي ولا مانع من ذلك في الدين البتة وإنما الذي يمنع هو العادة فقط]([4]).
ويقول محمد عبده: [ إن إباحة تعدد الزوجات مضيق فيها أشد التضييق، فهي ضرورة تباح لمن يحتاج إليها بشرط الثقة بإقامة العدل والأمن من الجور ]([5]).
واشترط محمد عبده [ انقضاء الخوف وعدم العدل بين الزوجات، ثم قال وهو شرط يعزّ تحقيقه، وهو من فقهه واختبر حال الذين يتزوجون بأكثر من واحدة يتجلى له أن أكثرهم لم يلتزم الشرط، ومن لم يلتزمه فزواجه غير إسلامي ]([6]).
ومختصر رأيه في قضية التعدد هو التالي:
1- استغراب الجمع بين الزوجات بعد تنتشار الوعي.
2- أن ترقي عقول الرجال وتهذيب نفوسهم له أثر مهم أيضاً في تلاشي عادة التعدد.
3- الرجل المهذب لا يرضى معاملة المرأة بالاستبداد, ولا تطاوعه مروءته إن همت شهوته بامتهانها.
4- وبديهي أن في تعدد الزوجات احتقاراً شديداً للمرأة.
5- ولا يعذر رجل يتزوج أكثر من امرأة: اللهم إلا في حالة الضرورة المطلقة, كأن أصيبت امرأته الأولى بمرض لا يسمح لها بتأدية حقوق الزوجية.. أقول ذلك ولا أحب أن يتزوج الرجل بامرأة أخرى حتى في هذه الحالة.
6- ثم إن الإسلام شدد الأمر على المكثرين إلى حد لو عقلوه _أي الإسلام_ لما زاد واحد منهم على الواحدة.
7- جواز إبطال هذه العادة, أي عادة تعدد الزوجات فلا ريب فيه.
8- يجوز الحجر على الأزواج عموماً أن يتزوجوا غير واحدة إلا لضرورة تثبت لدى القاضي.
والذي قاله محمد عبده معلوم البطلان لدى عوام المسلمين فضرلاً عن علمائهم ولكن أود توضيح بعض النقاط:
· إن ما قاله يعتبر استدراك على الله Y فكأنَّ الله Y لم يكن يعلم ما يترتب على تعدد الزوجات من مفاسد بزعم هذا الدعي فجاء ليستدرك ويبين مساوئ التعدد تمشياً مع دين كرومر الصليبي ورغبة الليدي البرنسيس نازلي قيِّمة محمد عبده وولية نعمته ووسيلته إلى الإنجليز وقرة العيون لحزب الضلال و...الخ
وقد ردَّ شيخ الإسلام مصطفي صبري على محمد عبده وجماعته الذي يروّجون هذه الفتاوى بقوله:[ إن تحريم الحلال كفرٌ كتحليل الحرام، لأنها معارضة لقانون الإسلام ورفض لحكم الله، والتورط في الحرام فعلاً معصية دون الكفر، فإذا استهتر أولو الأمر فأحلوا حراماً وحرّموا حلالاً تقليداً لسنن الغرب وقام الناس على مقتضى التيار الجارف، كان التحليل والتحريم اللذان هما حصة أولي الأمر من هذا التحول المعارض لحكم الله كفراً ]([7]).
· قوله إن ترقي عقول الرجال سيلغي هذه العادة, وأن الرجال المهذبون يرفضون هذه العادة. فيه غمز ولمز واضح للرسول r وللصحابة t وللتابعين ولسائر المسلمين غلا من كان على مذهب كرومر ونازلي. والذي يؤذي رسول الله r بالغمز أو بغيره مرتد حده القتل فعن عمرو سمعت جابراً t يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله فقال محمد بن مسلمة يا رسول الله أتحب أن أقتله قال نعم قال ائذن لي فلأقل قال قل"([8]).
· قوله أن تعدد الزوجات احتقار شديد للمرأة : فيه جريمة رفضٍ لحكم الله Y في التعدد وفيه جريمة رفضٍ لسنة رسول الله r وفيه إساءة لرسول الله r ولأمهات المؤمنين وكل واحدة من هذه الجرائم تجعل صاحبها خارج دائرة الإسلام.
· وقوله ثم إن الإسلام شدد الأمر على المكثرين إلى حد لو عقلوه _أي الإسلام_ لما زاد واحد منهم على الواحدة. أي أن لالرسول r والصحابة t وجميع المسلمين لم يعقلوا الإسلام حتى جاء محمد عبده صاحب نازلي وصديق كرومر وعميل الإنجليز فعقل الإسلام ونشر تعاليمه بشروح نازلي وكرومر.
· وأما البنود الباقية فهي تشريع من دون الله نعوذ بالله من الخذلان.
وفي بحث كتبه عن الحجاب: "حجاب النساء من الجهة الدينية قال:
[لو أن في الشريعة الإسلامية نصوصاً تقضي بالحجاب, على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين, لوجب علي اجتناب البحث فيه, ولما كتبت حرفاً يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرة في ظاهر الأمر, لأن الأوامر الإلهية يحب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة. لكننا لا نجد نصاً في الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة, وإنما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين والدين براء منها. ولذلك لا نرى مانعاً من البحث فيها, بل نرى من الواجب أن نلم بها, ونبين حكم الشريعة في شأنها, وحاجة الناس إلى تغييرها... خولت الشريعة للمرأة ما للرجال من الحقوق, وألقت عليها تبعت أعمالها لمدنية والجنائية, فللمرأة الحق في إدارة أموالها والتصرف فيها بنفسها, فكيف يمكن لرجل أن يتعاقد معها من غير أن يراها ويتحقق شخصيتها؟! .... كيف يمكن لامرأة محجوبة أن تتخذ صناعة أو تجارة لتعيش منها إن كانت فقيرة؟ كيف يمكن لخادمة محجوبة أن تقوم بخدمة بمنزل فيه رجال؟ كيف يمكن لتاجرة محجوبة أن تدير تجارتها بين الرجال؟ كيف يتسنى لزارعة محجوبة أن تفلح أرضها وتحصد زرعها؟ كيف يمكن لعاملة محجوبة أن تباشر عملها إذا أجرت نفسها لعمل في بناء بيت أو نحوه؟.
وبالجملة.. فقد خلق الله هذا العالم, ومكن فيه النوع الإنساني ليتمتع من منافعه بما تسمح له قواه في الوصول إليه, ووضع للتصرف فيه حدوداً تتبعها حقوق, وسوى في التزام الحدود والتمتع بالحقوق بين الرجل والمرأة من هذا النوع, ولم يقسم الكون بينهما قسمة أفزاز, ولم يجعل جانباً من الأرض للنساء يتمتعن بالمنافع فيه وحدهن وجانباً للرجال يعملون فيه في عزلة عن النساء, بل جعل متاع الحياة مشتركاً بين الصنفين, شائعاً تحت سلطة قواهما بلا تمييز.
فكيف يمكن مع هذا لامرأة أن تتمتع بما شاء الله أن تتمتع به مما هيأها له, بالحياة ولولا حقها من المشاعر والقوى, وما عرضه عليها لتعمل فيه من الكون المشترك بينهما وبين الرجال إذا حظر عليها أن تقع تحت أعين الرجال, إلا من كان من محارمها؟.. لا ريب أن هذا مما لا يسمح به الشرع, ولن يسمح به العقل... عجباً! لم تؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم عن النساء إذا خافوا الفتنة عليهن؟! هل اعتبرت عزيمة الرجل أضعف من عزيمة المرأة, واعتبر الرجل أعجز من المرأة عن ضبط نفسه والحكم على هواه؟ واعتبرت المرأة أقوى منه في كل ذلك, حتى أبيح للرجال أن يكشفوا وجوههم لأعين النساء مهما كان لهم من الحسن والجمال, ومنع النساء من كشف وجوههن لأعين الرجال منعاً مطلقاً خوف أن ينفلت زمام هوى النفس من سلطة عقل الرجل فيسقط في الفتنة بأي امرأة تعرضت له مهما بلغت من قبح الصورة وبشاعة الخلق؟ إن زعم زاعم صحة هذا الاعتبار رأينا هذا اعترافاً منه بأن المرأة أكمل استعداداً من الرجل, فلم توضع حينئذ تحت رقه في كل حال؟ فإن لم يكن هذا الاعتبار صحيحاً فلم هذا التحكم المعروف؟ ]([9])
ونقول إن سفسطة محمد عبده الغرابيلي([10]) باستخدام غربال ليحجب به الحقيقة لا تفيده شيئاً والعمدة في ذلك هو قول الله Y وقول رسوله r وليس خزعبلات الغرابيلي وموضوع الحجاب معروف لكل مسلم وفي قوله هذا إنكار صريح لما ورد من الآيات والأحاديث، فأين هو من:
قول الله تعالى: ) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَات النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون (َ([11]).
وقوله تعالى:) يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (([12]).
وأين هو مما ورد عن نساء المهاجرين والأنصار اللائي عشن نزول هذه الآيات؟ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: [ يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ, لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ) وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ( شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ]([13]).
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: [ لَمَّا نَزَلَتْ ) يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ( خَرَجَ نِسَاءُ الأنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأكْسِيَةِ ]([14]).
وعَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: [ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r لَيُصَلِّي الصُّبْحَ, فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ, مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ ]([15]).
ولكن يبدو أن القول بالحق في هذا الأمر قد يغضب عليه قرة العيون الأميرة المتهتكة المستغلمة البرنسيس نازلي !!
وقال في الطلاق: [إن الطلاق الذي نص عليه القرآن هو واحد رجعي دائماً...وأن سمح لي القارئ أن أبدي هنا كل ما أظنه صواباً أقول: لا يمكنني أن أفهم أن الطلاق يقع بكلمة لمجرد التلفظ بها مهما كانت صريحة... نعم إن الأعمال لا تستغني عن الألفاظ, إذا لو حللنا أي عقد لوجدناه مركباً من ظهور إرادة أو مطابقة إرادتين حصل الاستدلال عليها أو عليهما من ألفاظ صدرت شفاهياً أو بالكتابة, ولذلك فليس الغرض الاستغناء عن الألفاظ وإنما ماردنا أن اللفظ لا يجب الالتفات إليه في الأعمال الشرعية إلا من جهة كونه دليلاً على النية. فينتج من ذلك أنه يجب أن يفهم أن الطلاق إنما هو عمل يقصد به رفع قيد الزواج, وهذا يفرض حتماً وجود نية حقيقية عند الزوج وإرادة واضحة في أنه إنما يريد الانفصال من زوجته, لا يفهم كما فهمه الفقهاء: إن الطلاق هو التلفظ بحروف (ط ل ا ق) ...-ثم اقترح ما يلي-
المادة الأولى:كل زوج يريد أن يطلق زوجته فعليه أن يحضر أمام القاضي الشرعي أو المأذون الذي يقيم في دائرة اختصاصه ويخبره بالشقاق الذي بينه وبين زوجته.
المادة الخامسة: لا يصح الطلاق إلا إذا وقع أمام القاضي أو المأذون, وبحضور شاهدين, ولا يقبل إثباته إلا بوثيقة رسمية... ولكن لنا أن نلاحظ أنه مهما ضيقنا حدود الطلاق فلا يمكن أن تنال المرأة ما تستحق من الاعتبار والكرامة إلا إذا منحت حق الطلاق. ومن حسن الحظ أن شريعتنا النفيسة لا تعوقنا في شيء مما نراه لازماً لتقدم المرأة, والوصول إلى منح المرأة حق الطلاق.....
ولما كان تخويل الطلاق للنساء مما تقتضيه العدالة والإنسانية لشدة الظلم الواقع عليهن من فئة غير قليلة من الرجال لم تتحمل أرواحهم بالوجدانات الإنسانة السليمة كان لي الأمل الشديد في أن يحرك صوتي الضعيف همة كل رجل محب للحق من أبناء وطني خصوصاً من أولياء الأمور إلى إغاثة هؤلاء الضعيفات المقهورات الصابرات]([16])
وإذا كان محمد عبده حريص على عدم وقوع الطلاق ولا يقبل إيقاعه إلا أمام القاضي وهذا الذي لم يقل به أحد من المسلمين إلا أتباع نازلي وكرومر. فكيف يطالب بحق الطلاق للمرأة التي لم يخولها شرع الله Y ولا سنة نبيه r ذلك والتي اتفق أهل العلم الشرعي والطبي على أنها أقل استقراراً نفسياً من الرجل ؛ كيف يجعل بيدها حل عقد الزواج؟! أكل ذلك من أجل نازلي!!
ويقول عنه محمد عمارة: [أما موقف الرجل من مشكلة تعدد الزوجات, فلقد خلف لنا فيها آراء إصلاحية لا زلنا ننادي بتطبيقها, ولم تطبق, حتى الآن, وهذه الآراء قد حسمت القضية, بموقف إسلامي مستنير, يرى تحريم تعدد الزوجات إلا في حالة الضرورة القصوى, بل وحصر هذه الضرورة في حالة واحدة هي عجز الزوجة عن الإنجاب. .. ففي سنة 1881م يدعو إلى تقييد الشهوة الجنسية في الإنسان, ويرى التزام "الاختصاص بين الزوج والزوجة" عندما يقول: "إن سعادة الإنسان في معيشته, بل صيانة وجوده في هذه الدار موقوفة على تقييد تلك الشهوة "الجنسية" بقانون يضبط استعمالها, ويضرب لها حدوداً يقف كل شخص عندها, وتوجب الاختصاص بين الزوج والزوجة...ثم يصل الأستاذ الإمام في فتواه هذه إلى بيت القصيد من الموضوع عندما يحسم إجابة السؤال: هل يجوز منع تعدد الزوجات؟! ويجيب على هذا السؤال الواضح بالجواب المحدد: نعم... لأن العدل المطلق شرط واجب التحقق... وتحقق هذا العدل "مفقود حتماً"... ووجود من يعدل في هذا الأمر هو أمر نادر, لا يصح أن يتخذ قاعدة... كما أن في التعدد ضرراً محققاً يقع بالزوجات, وتأريثاً للعداوة بين الأولاد.. فللحاكم وللعالم, بناءًَ على ذلك, أن يمنع تعدد الزوجات مطلقاً.. اللهم إلا في حالة ما إذا كانت الزوجة عقيماً, فإن للقاضي أن يتحقق من قيام هذه الضرورة _ضرورة الإنجاب_ فيبيح الزواج بأخرى غير الزوجة العقيم]([17])
[2] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/77-78
[3]- الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/82-86.
[5] - تفسير المنار (4 / 348).
[6] - المصدرالسابق (4 / 359).
[7] - موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين - لشيخ الإسلام مصطفى صبري (1/ 295).
[9]- الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/105-110
[10] - كنية محمد عبده التي تعرف بها عائلته لعملهم في صناعة الغرابيل وبيعها.
[11]- سورة النور: 31.
[12]- سورة الأحزاب: 59.
[13] - رواه البخاري: كتاب، بَاب (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ).وبرقم (4759).
[14] - رواه أبو داود برقم (4101).
[15] - متفق عليه: رواه البخاري برقم (867)، ومسلم برقم (645).
[16] - الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/118-126
0 التعليقات:
إرسال تعليق