أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (60)
من ضلالات محمد عبده
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل, والرائد الرابع من الناحية التاريخية وهو الثاني والأهم من ناحية التأثير هو محمد عبده. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
المبحث السابع محمد عبده ووحدة الأديان:
مرّ معنا أن جمال الدين أستاذ محمد عبده قد دعا لوحدة الأديان، فقام محمد عبده بتأسيس جمعية لوحدة الأديان عندما كان في بيروت وانطلق جمال الدين وصنيعته لوحدة الأديان من مبدأ وحدة الوجود الصوفي وقد مر معنا أن محمد عبده ألف رسالة في وحدة الوجود التي كان يدين بها مع أستاذه.
قال محمد محمد حسين: [ أما الدعوة إلى التوفيق بين المسيحية والإسلام، فهي دعوة قديمة نرى طلائعها في مذكرات بلنت، إذ أثبتت فيها بتاريخ 3 أبريل سنة 1904 حديثاً جرى بينه وبين الشيخ محمد عبده قال فيه الأخير:" وفي أثناء نفيي في دمشق سنة 1883 كان أحد القسس في إنجلترا يدعى(إسحاق تيلور) يقوم بالدعوة إلى توحيد الإسلام والنصرانية على أساس فكرة التوحيد الموجودة في الإسلام والموجودة عند الكنيسة الأنجليكية، وكان لي صديق فارسي اسمه(ميرزا باقر) يعتقد بإمكان تحقيق هذه الفكرة، وقد تمكن هذا من إقناعي أنا وآخرين من علماء دمشق بكتابة رسالة إلى تيلور في الموضوع، وما أن وصلت هذه الرسالة إلى القسّ تيلور حتى فرح بها ونشرها مستعيناً بها على إثبات صحة دعواه، لكن لم ينشر أسماء الكاتبين إلا أن السلطان عبد الحميد كلّف سفيره في إنجلترا معرفة تلك الأسماء، وكان سهلاً عليه فقد عرفها من القسّ نفسه، فحاق بي وبهؤلاء العلماء الخمسة اضطهاد عظيم ]([1]).
[ وقد ذكر الشيخ رشيد رضا رسالتين للشيخ محمد عبده في كتابه تاريخ الأستاذ الإمام، موجهة إلى القسّ الإنجليزي إسحاق تيلور للتقريب بين الإسلام والنصرانية، وبين اشتراك اليهود فيها ]([2]).
ويقول محمد عمارة عن محمد عبده:[ غادر باريس إلى بيروت عن طريق تونس، وهناك تفرغ للتربية والتعليم والتجديد الديني، وأسّس جمعية سرية للتقريب بين الأديان السماوية ]([3]).
[ وقد انتسب للجمعية عدد من أتباع مختلف الديانات السماوية، فاشترك من المسلمين إلى جانب الإمام محمد عبده وسكرتيرها(ميرزا باقر) كل من بيرزاده، وأبي تراب المعروف بتابع المتأفغن -كان خادماً لجمال الدين المتأفغن- ومؤيد الملك أحد وزراء إيران، وحسن شاه مستشار السفارة الإيرانية في الأستانة، وجميعهم شيعة من إيران، وشارك عن الأتراك كل من جمال بك نجل رامز بك التركي، وأحمد مدحت أفندي صاحب مجلة(ترجمان حقيقت) واشترك عن النصارى كل من القسّ إسحاق تيلر، والقسّ خريستفورس جبارة، ومن رجال الحكومة البريطانية شارك مفتش المدارس في حكومة الهند(لنيتر) ومثّل اليهود فيها الدكتور(شمعون مويال) ]([4]).
فرئيس الجمعية محمد عبده, وسكرتيرها ميرزا باقر كان شيعياً ثم تنصر [ وله نشاط واسع بالتبشير بالنصرانية، وكان معروفاً عنه الطعن الفاحش في الإسلام ورسوله، ثم أعلن إسلامه فجأة، وتسمى بميرزا باقر, وكان اسمه من قبل ميرزا يوحنا ]([5]).
[ وأبرز الأعضاء الأتراك أحمد مدحت أفندي، مشهور بإلحاده بالديانات السماوية ]([6]).
ويقول الدكتور توفيق الطويل:[ جاهر محمد عبده في الإسلام والنصرانية بأن الأصل السابع من أصول الإسلام الثمانية مودة المخالفين في العقيدة... توخى الإمام أن يدافع في رده عن الإسلام دون أن يقدح في المسيحية، وانتهى من رده إلى تنزيه الديانتين... بل صرّح القس الإنجليزي إسحاق تيلور بأن تفسير الإمام يمهد له الطريق لإثبات الوحدة بين الديانتين في وسط يلتقي فيه المؤمن بالقرآن والمؤمن بالإنجيل ]([7]).
وهو الذي صاغ برنامج الحزب الوطني -القديم-، والمادة الخامسة من هذا البرنامج: [ الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني، فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب، وجميع النصارى واليهود، وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها ]([8]).
أما ما قاله القسيس طيلر في هذا الشأن فهو كلام عام ادعى فيه أن لا فارق بين المسلمين والمسيحيين, وأن المسلمين يؤمنون بما يؤمن به المسيحيون ولم يقل أن المسيحيين يؤمنون بما يؤمن به المسلمون وكانت غاية القس طيلر كغاية المستشرق بلنت وسائر الإنجليز الذين كانوا يتعاملون مع محمد عبده وأضرابه إطلاق كلام مزوق لتسخير مجموعة محمد عبده وأستاذه وتلاميذه لخدمة الإنجليز. ونسوق هنا بعض ما قاله طيلر : قال القس إسحاق طيلر في مقال له بعنوان (المسلمون في أفريقيا) :
[فيجب علينا أن نتبصر أمرًا، وهو أن الدين الإسلامي لا يناقض الديانة المسيحية، بل يتفق معها؛ فإن ذلك الدين صوت إيمان إبراهيم و موسى عليهما السلام، وفيه كثير من الأصول المسيحية وهو يخالف اليهودية في أنها كانت خاصة وهو دين عام لا يختص بأمة واحدة ، بل يعم كل العالم... المسلمون يعترفون بأربعة مرشدين كرام : إبراهيم خليل الله ، وموسى كليم الله وعيسى كلمة الله، ومحمد رسول الله، ولسيدنا عيسى مقام جليل في الأربعة، ولو فرضنا أن الديانة الإسلامية لا ترمي مرامي تعليمات القديس بولس فهي لا تخالف المسيحية،... إن الشرور الأربعة التي نعدها في البلاد المحمدية ، وهي تعدد الزوجات والاسترقاق والتمتع بالإماء وإباحة الطلاق - ليست من خصائص الإسلام ، بل كان معمولاً بها على أشنع صورها في الممالك المتحدة، وهي أرض مسيحية وسكانها من الإخوة الإنكليز.
إن المعلمين الأوربيين لا يستطيعون أن يدخلوا أفريقيا في النصرانية، فهذا شيء جُرِّب فلم يفد ، فعلينا أن نعدل عن تهييج الخصام بيننا وبين المسلمين وتكذيب نبيهم وتكفيرهم، ونجتهد في تفهيمهم أن المسيحية لا تخالف الإسلام، بل تشابهه جدًّا،.... الإسلام قريب جدًّا من المسيحية، والمسلمون كأنهم مسيحيون، فتعالوا بنا نساعدهم على الكمال في دينهم، ولا نسعى سعيًا عبثًا لإبطاله لعلنا نجد في الإسلام مسيحية ونجد محمدًا آخذًا بعضد المسيح في دينه]([9])
وقال في قال بعنوان (الإسلام والمسلمون):
[إني أقر وأعترف بأني تعجبت غاية التعجب لما رأيت المسلمين راضين بأن يتكلموا معنا عن موضوع عقائدهم، وحاضرين للاعتراف بذنوبهم، قال لي أحد علماء الإسلام الذي هو عالم بكتابنا وبالقرآن ككثيرين من أمثاله: ( نحن لا نرى من المعصية البحث في الدين، بل هو محبوب عندنا؛ لأن الحق إنما يظهر به ويتبين الرشد من الغي) تعالوا نبحث في هذه المادة حتى تروا في أي شيء نوافقكم وفي أي شيء نخالفكم، عسى أن لا يكون إصلاح ذات البين أمرًا صعبًا، لا ريب أنه حدث عندنا ما كان يجب علينا تركه؛ لأنا زدنا أشياء كثيرة على ديننا الطاهر الموجود في كتابنا الإلهي، كذلك فعلتم أنتم من قبلنا حتى انقلبت الأمور عليكم من تهاونكم في حفظ الدين عن الشوائب، أكثر عقائدنا الاعتيادية وأعمالنا ليس لها سند من القرآن أكثر مما للنصارى في أناجيلهم من السند بالنسبة إلى سجودهم للتماثيل، وعبادتهم لمريم عليها السلام، إن رجعنا إلى خالص تعليم نبينا صلى الله عليه وسلم كما في كتاب الله، ورجعتم إلى خالص تعليم عيسى عليه
السلام وحوارييه كما في الإنجيل الأصلي، فلا نجد ما يفرق بيننا وبينكم، مسيحيتكم السابقة ليست مردودة عندنا؛ ولكنا نعتقد أن تعليمات عصر عيسى عليه السلام والحواريين غشيتها الأباطيل منذ أيام قسطنطين الأول، ورفض تلك الأباطيل واجب، سيأتي زمان تترك فيه هذه المفاسد كلها، ويبقى على الأرض دين واحد خالص، كل إنسان يقدر على قبوله.
المسلمون يسهل عليهم أن يقبلوا كتب العهد الجديد أو الأناجيل؛ لكن لهم الحق كالبروتستانيين في أن يفسروا أو يؤولوا تلك الكتب كما يشاؤون.... في المسائل المختلف فيها بيننا وبينهم يستدل المسلمون لها بالكتب المقدسة العبرانية في إثبات حقية عقائدهم وأعمالهم ، مثلاً هم يثبتون إباحة تعدد الزوجات وأخذ الإماء الواردة في القرآن بما فعل داود وسليمان ويعقوب وإبراهيم والأنبياء العظام أولو الاحترام عليهم السلام، وإن لمتهم على الاسترقاق أجابوك كالأمريكانيين المستعبدين في أيامنا، أن ذلك غير منهي عنه حتى في الأناجيل؛ لأن (فليمون) كان مالك عبد أبق منه إلى القديس بولس وهو رده إلى مولاه، وكان يأمر العبيد أن يكونوا خاضعين لسادتهم؛ لكنهم مع كونهم مستمسكين بتعدد الزوجات وبنكاح الإماء والاسترقاق لأنها غير منهي عنها في القرآن والتوراة وكذا الإنجيل، فعدد كثير منهم يعتقدون بالجزم أنها غير مفيدة، أي لعدم تحقق شروط إباحة تعدد الزوجات الآن من العدل بينهن والتسوية إلخ .... هناك تهمة أخرى وهي أن الإسلام غير متقدم ؛ لكن هذا شيء يمكن القول به في حق كل الأديان الشرقية ، ....إني أترك لمقالتي الآتية بيان المذاكرة في موضوع دين المسيح وذكر رغبة كثير من المسلمين في إصلاح الحال، حتى قال لي أحدهم لا يبعد أن يحصل بين المسيحيين والمسلمين مودة تامة، وتماس بأيدي الصداقة والأخوة]([10]).
وقال في مقال بعنوان (القرآن والكتب المنزلة):
[قال لي أحد المسلمين : إن القرآن يشهد بأن الله آتى عيسى عليه السلام الإنجيل وجعل في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة، وما نعرفه من الكتب الإلهية نقبله ولا ننكر شيئًا منه، وإن كنا قد نختلف معكم على تفسيره وتأويله كما اختلف الأحزاب من بينكم.... بقي شيء يشتد الإنكار فيه منا على المسلمين وهو اعتقادهم بجنة جسمانية فيها من الحور العين ما تشتهيه نفوس المؤمنين، على أني أقول: وما إنكارنا ونحن نرى في كتاب نشيد الأناشيد المنسوب إلى سليمان بن داود عبارات إن حُملت على ظاهرها كانت أدخل في الجسمانية وعالم المادة من كل ما ينسب إلى القرآن غير إننا لمحنا من درس فصول ذلك الكتاب في ترجمته المشهورة أن تلك كنايات عن محبة المسيح لأمته، ثم إننا نرى ذِكرًا صريحًا للجنة الجسمانية في مكاشفات يوحنا المعدودة عندنا خاتمة الأناجيل، فإنه يذكر وصف أورشليم الجديدة وهي الجنة ومساحتها الدقيقة وحدودها وما فيها من أبواب من لؤلؤ وأزقة من ذهب وجدران .... وإن العرفاء من المسلمين يعتقدون بأن لهم نعيمًا روحانيًّا يتعالى إلى غيرالنهاية عن النعيم الجسداني .... وإن في عقائد المحمديين أن رضوان الله أكبر من كل نعيم ، فإن وافقنا المسلم على أن جنة جسدانية لا تليق أن تكون جزاء المؤمن في الآخرة؛ أفلا يجوز له أن يُؤول ما ورد في كتابه من ذلك كما وردت عبارة النشيد وعبارات المكاشفات والتأويل عليه أسهل منه علينا فإن عنده في كتابه ما يشير إلى أن بعض ما نص الله لهم من الكتاب لا يؤخذ على ظاهره]([11]).
وقال: [كل مسافر عاشر الأقوام المحمدية وأنس إليهم، فله عنهم خبر محمود ومع ذلك كله نرى الجمهور في إنكلترا لم تزل آراؤهم في مواقفها الأولى ..... لا ينبغي أن يظن أننا نحسب دين الإسلام مخالفًا للدين المسيحي، فذلك مما لم يخطر لنا ببال قط، وقصارى ما نقول : إن الغاية من كل دين إنما هو العمل الصالح والمسلك المستقيم]([12]).
فمختصر أقوال طيلر:
1- أن الدين الإسلامي لا يناقض المسيحية بل يتفق معها.
2- إن الشرور الأربعة التي نعدها في البلاد المحمدية ، وهي تعدد الزوجات والاسترقاق والتمتع بالإماء وإباحة الطلاق - ليست من خصائص الإسلام.
3- والمسلمون كأنهم مسيحيون، فتعالوا بنا نساعدهم على الكمال في دينهم.
4- المسلمون يسهل عليهم أن يقبلوا كتب العهد الجديد أو الأناجيل.
5- الإسلام غير متقدم ؛ لكن هذا شيء يمكن القول به في حق كل الأديان الشرقية.
6- لا يبعد أن يحصل بين المسيحيين والمسلمين مودة تامة، وتماس بأيدي الصداقة والأخوة.
7- بقي شيء يشتد الإنكار فيه منا على المسلمين وهو اعتقادهم بجنة جسمانية فيها من الحور العين ما تشتهيه نفوس المؤمنين
8- عقيدة العرفاء من المسلمين – أي الصوفية – مثل عقيدة النصارى بالنعيم الروحاني.
9- أعطى حلاً لمن يحاورهم من المتمسلمين أن يؤولوا القرآن كي ينسجم مع الأناجيل.
وكانت مجلة المنار طافحة بكيل الثناء والمديح لطيلر المسيحي المتنور الذي يعمل معه محمد عبده لتوحيد الأديان.
ثم قام محمد عبده بالرد على رسائل طيلر برسالتين قال فيهما:
[كتابي إلى الملهم بالحق, الناطق بالصدق, حضرة القس المحترم إسحق طيلر, أيده الله في مقصده, ووفاه المذخور من موعده.
وصل إلينا من خطابتك ما ألقيته في المحفل الديني بمدينة "لوندره" متعلقاً بالدين الإسلامي, فإذا للحق نور يلمع من خلال كلماتك, تعرفه البصائر الباصرة, وتشيمه أعين العقول النيرة, رفعتك هداية الله على مقام الإنصاف, فرأيت الإسلام في طبيعته السليمة, ووقفت عليه في مزاجه الصحيح, فأدركت أثره في النفوس البشرية, وعلمت أنه أفضل ما يعد الروح الإنسانية إلى بلوغ ذروة الكمال الأعلى من الإيمان, ودافعت عنه دفاع العارف به, وجليته للغافلين في أجمل صورة يمكن أن يلمحوها بأبصارهم, ويصفحوا دقائقها بأنظارهم, ثم دعوت أبناء ملتك إلى كلمة السواء بينهم وبين المسلمين, وصدقتهم النصيحة ألا يحنقوا على المسلمين بتكذيب نبيهم, ولا تكفيرهم بالاعتقاد بدينهم, ووعدتهم إن قبلوا نصحك بإصابة المسيحية في الإسلام, ووجود محمد صلى الله عليه وسلم آخذاً بعضد المسيح, بإعلاء كلمة دينه الصحيح, فهذه أشعة نور أفاضه الله على قلبك, وآيات حق ساقه الله إليك, وإنا لنهنئك على هذه البركة العظمى التي اختصك الله بها من بين قومك, ونستبشر بقرب الوقت الذي يسطع فيه نور العرفان الكامل, فتهزم له ظلمات الغفلة, فتصبح الملتان العظيمتان المسيحية والإسلام, وقد تعرفت كل منهما إلى الأخرى, وتصافحنا مصافحة الوداد, وتعانقنا معانقة الألفة, فتغمد عند ذلك سيوف الحرب التي طالما انزعجت لها أرواح الملتين.
أنت أول رئيس ديني صدع بالحق في أهل ملته, وإنك لتجد لك مؤيدين, وإن كثيراً من ذوي الألباب ليجدون في قولك مواقع للصواب, وإن هذا الأمر الذي قمت به لعظيم الفوائد, جم العوائد, نحس منه تحرك نفوس أهل الملتين إلى الملاقاة على صراط الوحدة الحقيقية, وإنك وإن كنت واحداً فكل شيء مبدوء بالواحد, ثم يكثر حتى لا يحصر, وإن كان هذا الغرس الطيب قد أخرج اليوم شطأه فسيؤازره السعي حتى يغلظ ويستوي على سوقه فيعجب الزراع, وإنا نرى التوراة والإنجيل والقرآن ستصبح كتباً متوافقة, وصحفاً متصادقة, يدرسها أبناء الملتين, ويوقرها أرباب الدينين, فيتم نور الله في أرضه , ويظهر دينه الحق على الدين كله, وإني لا أشك في أن لك الرغبة التامة في نشر مذهبك هذا وترويجه بين الأمم الشرقية والغربية, وقد سعينا في ترجمة خطابك ونشره في الجرائد العربية, فإن كان عندك مقالات أخرى فنرجو إرسالها, لنعمل على ترجمتها ونشرها بين أهل ا لمشرق من العرب والترك وغيرهم. ولكن تمام العمل إنما يكون بإرسال رجال ممن وافقوك في المشرب الصحيح لينشئوا مدارس في البلاد المشرقية, خصوصاً بلاد سوريا, وليطبعوا هذا الرسم الشريف في النفوس الصافية من أبناء الطوائف المختلفة, فتنمو بركته, وتجزل ثمرته, وإنني _على عجزي_ مستعد لمساعدتك فيما تقصد من تقريب ما ين الملتين لكل ما يمكنني, والسلام على من اتبع الهدى.]([13])
[ومن الرسالة ثانية إلى القس إسحق طيلر: عزيزي حضرة خطيب السلام القس إسحق طيلر.. كنت في القدس الشريف لزيارة المواطن المقدسة التي أجمع على تعظيمها أهل الأديان الثلاثة, وفيها يرى الزائر كأن دوحة واحدة هي الدين الحق تفرعت عنها أغصان متعددة, لا يضر بوحدة نوعها وشخصها وفردانية منبعها ما يرى في اختلاف أوراقها وفرج انشعابها.]([14])
[1] - الاتجاهات الوطنية(2 / 319).
[2] - تاريخ الأستاذ الإمام، ص / 568, 582, 585.
[3] - مسلمون ثوار، ص / 443.
[4] - تاريخ الأستاذ الإمام لمحمد رشيد رضا، ص/ 817- 827. ومذكرات بلنت 2/96- 97. عن(محمد رشيد رضا) للدكتور أحمد فهد بركات الشوابكة.
[5] - المصدرالسابق,(1 / 818).
[6] - المصدرالسابق,(1 / 823).
[7] - الفكر العربي في مائة سنة، ص / 335.
[8] - الأعمال الكاملة لمحمد عبده- جمع وتحقيق محمد عمارة(1/ 107).
[9] - مجلة المنار - المجلد [ 4 ] الجزء [ 22 ] ص/ 846 غرة ذو القعدة 1319 - 9 فبراير وهذه المقالة معرَّبة عن ( البال ما غازيت ) الإنكليزية من بضع عشرة سنة. 1902
[10] - مجلة المنار ـ المجلد [ 4 ] الجزء [ 24 ] ص/ 925 غرة ذو الحجة 1319 ـ 11 مارس 1902
[12] - مجلة المنار ـ المجلد [ 5 ] الجزء [ 3 ] ص/ 101 - غرة صفر 1320 ـ 9 مايو 1902
0 التعليقات:
إرسال تعليق