أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (29)
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة سحب الإسلاميين إلى العلمانية وتهوين الأمر باختراع بدعي يظن أنه ينطلي على أحد حتى لو كان مغفلاً وهو استخدام مصطلح تمييز الدين عن الدولة بدلاً من فصل الدين عن الدولة. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
خطة عمارة لسحب الإسلاميين إلى العلمانية -اللادينية-
يقدم عمارة اقتراحاً يدعي أنه وسط بين الإسلاميين والعلمانيين, وهذا الاقتراح بمثابة علمانية –لا دينية- بدلت فستانها, وهو اقتراح (التمييز) بين الدين والدولة, وليس الفصل, فيدعو إلى تمييز الدين عن الدولة, ويستخدم كلمة التمييز بدلاً من كلمة فصل ظناً منه أن مثل هذه الحيل تنطلي على أبنائنا في رياض الأطفال.
والتمييز ما هو إلا الفصل لغة وشرعاً.
فالتمييز: لغة كما قال في لسان العرب: ميَّز: التمييز بين الأشياء. تقول مزت بعضه عن بعض, فأنا أميزه ميزاً, وقد أماز بعضه من بعض, ومزت الشيء أميِزه ميزاً: عزلته وفرزته.
قال ابن سيده: وميَّزه فصل بعضه عن بعض.
وقال الزبيدي في تاج العروس: ماز الشيء يميزه فصل بعضه عن بعض.
وشرعاً: قال الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن " ميز: الميز والتمييز الفصل ".
وقال تعالى: {حتى يميز الخبيث من الطيب} أي حتى يفصل بينهم، وقال تعالى: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} أي انفصلوا عن الناس وابتعدوا، وفي الحديث الذي رواه أحمد بسنده عَنْ أبي عُبَيْدَةَ رضي الله عنه... قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: {مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبِسَبْعِمِائَةٍ, وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ مَازَ أَذًى فَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا, وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا, وَمَنِ ابْتَلاهُ اللَّهُ بِبَلاءٍ فِي جَسَدِهِ فَهُوَ لَهُ حِطَّةٌ}([1]).
وروى أيضاً بسنده عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: { إِذَا مُيِّزَ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فَدَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ...}([2]).
فتمييز الدين عن الدولة أقوى في التعبير من الفصل إذ إنه يعني شدة الفصل وتأكيده. ويصرُّ محمد عمارة على هذا المعنى ومحاولة إدخال المسلمين بعلمانيته -كفره- فيقول: [ المجتمع العلماني كما تحدد في فكر أوروبا العلمانية وفي تطبيقات هذا الفكر له سمات وقسمات... وتتلخص في النفعية أي إعلاء مقام المصلحة..., إن الإسلام أيضاً يقدم في شؤون المجتمع المصلحة على النص ويرى أن الشريعة مقاصد وغايات وأن القاعدة الشهيرة تقول (ما رآه الناس حسنا فهو عند الله حسن) والسمة الثانية أن المجتمع العلماني يساند التغيير ويدعو إلى التجديد ويدعمه والإسلام كذلك يؤمن بقانون التطور والتجديد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها) رواه أبو داود وقول عمر في التربية لا تقفوا بتعليم أولادكم عند علومكم فإنهم قد خلقوا لزمان غير زمانكم.
والسمة الثالثة أن المجتمع العلماني لا يهتم بخوارق الطبيعة وأن الإسلام انحاز للعقل بشكل واضح وأن العقل هو الحاكم حتى في إطار النصوص الدينية.
والسمة الرابعة أن المجتمع العلماني ينبذ النزعات التقليدية والمحافظة وأن الإسلام ينبذ النزعات التي تضر مصلحة الأمة ويؤيد ما هو إيجابي ويفيد التقدم منها ]([3]).
فنلاحظ أن محمد عمارة هنا يريد أن يهوِّن المشكلة, ويقول للإسلاميين: إن الإسلام يهدف إلى ما تهدف إليه العلمانية, وبينهما كثير من العوامل المشتركة والمنطلقات النظرية الواحدة, ويلتقيان في كثير من الأهداف والوسائل. فلماذا الخصام مع العلمانية؟ ونحن لا نريد فصل الدين عن الدولة؛ بل نريد التمييز بينهما, ثم يضيف: [ هذا الموقف الوسط هو الذي نسميه (التمييز) وليس الفصل أو الوحدة بين الدين والدولة فالتمييز هو المصطلح الأصح والأدق للتعبير عن هذه العلاقة بينهما ] ([4]).
فالتمييز الذي هو أنكى من الفصل هو ما يطالب به عمارة لترتيب العلاقة بين الدين والدولة, لا الفصل ولا الوحدة؛ بل يطرح أشياء أخرى يصحِّح بها مفاهيم العلماء والسلف والفقهاء والمنظِّرين للعمل الإسلامي، يصحح مفهوم (الحكم لله) ويأتي بتفسير غاب عن كل أولئك حتى جاء هو واستخرجه من قمامة الإلحاد، أو أوحى به له أولياءه، أولئك الذين يوحون زخرف القول غروراً فقال:
[ وهؤلاء النفر من المشتغلين بالعمل والدراسات في الحقل الإسلامي يمعنون في افتعال بين أن تكون السلطة للأمة وبين أن يكون الحكم لله سبحانه وتعالى، وسبيلهم إلى ذلك الخلط بين أمور لا تقبل الاختلاط بل ويرتبون على مقدماتهم الفاسدة الحكم بكفر كل من جعل مصدر السلطة السياسية لغير الله... فهم هنا يضعون سلطة جماهير الأمة نقيضاً لسلطة الله ويحكمون بكفر من يحيا راضياً في مجتمع تكون الأمة فيه مصدر السلطات. ولقد نسي هؤلاء الباحثون الإسلاميون أن الحديث في الفكر الإسلامي عن حق الله إنما يعني حق المجتمع وأن القول بأن المال مال الله معناه أن المال مال الأمة والمجتمع ومن ثم فإن الحديث عن حكم الله وسلطانه إنما يعني في السياسة حكم الأمة وسلطانها ] ([5]).
ولو رحنا ندرس قياس محمد عمارة في ركنه الأول وهو الأصل المقاس عليه, وركنه الثاني وهو الفرع المقاس, والركن الثالث وهو العلة الجامعة, ودراسة المناط تحقيقاً وتنقيحاً لوجدنا الفساد مكتنفاُ للأصل والفرع والعلة والمناط. فالركن الأول ليس أصلاً! فلا هو آية ولا حديث ولا إجماع. فعلى أي شيء يقيس؟! ولا توجد علة جامعة بين الركن الأول والثاني, وهذا القياس أشبه بقياس المشركين عندما قالوا: إن الميتة ذبحها الله ! فكيف تحلون ذبيحتكم وتحرمون ذبيحة الله؟ ونحن نجزم بأن قياس هؤلاء المشركين وقياس إبليس عندما قال (خلقتني من نار وخلقته من طين) كان أقل فساداً من قياس عمارة, ولو أردنا أن نطبق قياس عمارة على أمور أخرى لرأينا الأعاجيب, فعلى قياسه يصير المضاف لله مضافاً للأمة أي للناس, فمال الله مال الأمة, وحكم الله حكم الأمة. فإذا كان هذا الذي عرفناه حكم الله من قرآنه هو حكم الأمة فيعني هذا أن القرآن كلام الأمة, وخلق الله خلق الأمة, وعبد الله عبد الأمة. وإذا لم يكن هذا هو الكفر فلا أدري ما هو الكفر! نعوذ بالله من الخذلان, ومن كل كفر وشر.
وإمعاناً في تمييز الدين عن السياسة, وإبعاد التشريع الإسلامي يستشهد عمارة بكلام السنهوري فيقول: [ نذكر مثلاً قول الدكتور عبد الرزاق السنهوري الذي يحدد فيه علاقة الفقه الإسلامي بالكتاب والسنة أي بالدين يقول السنهوري (إن الكتاب والسنة هما المصادر العليا للفقه الإسلامي وقد قصدت بالمصادر العليا أن أقول إنها مصادر تنطوي في كثير من الأحيان على مبادئ عامة ترسم للفقه اتجاهاته ولكنها ليست هي الفقه ذاته، فالفقه الإسلامي هو من عمل الفقهاء صنعوه كما صنع فقهاء الرومان وقضاتهم القانون المدني)- ويعقب محمد عمارة بقوله-: فهذا التحديد الدقيق لمكان القانون من الدين ولمكان الفقه الإسلامي من الشريعة الإسلامية هو الذي عبر عنه المفكرون المسلمون الذين بحثوا مكان السياسة والإمامة ونظام الحكم من الدين فقالوا: إنها مستخرجة من الرأي وليس من الكتاب والسنة ] ([6]).
وهذا الذي قاله عمارة هو رأيه ورأي السنهوري وأضرابه من مدرسة الأشقياء الماسون, وليس رأي المسلمين، واستشهاد عمارة بالسنهوري ومحمد عبده والأفغاني -كما يقال في المنطق- يستلزم الدَّور, لأن أقوالهم تحتاج إلى أدلة, فكيف أصبحت هي الأدلة؟. ووصفه نفسه بأنه مفكر إسلامي لا نقرُّه عليه حتى لا يصدق نفسه، نعم لا ننكر أنه مفكر، فلقد قال الله تعالى لمن قبله:{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ % فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ % ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ % ثُمَّ نَظَرَ % ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ % ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} ولكننا ننكر أن ينسب تفكيره للإسلام فيسميه تفكيراً إسلامياً.
ثم يريد أن يقرر بأن الأمة مصدر السلطات. والمقصود بالسلطات: السلطات الثلاث: التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، فيقول تحت عنوان: (الأمة مصدر السلطات)
[ولقد تكون عبارة (مصدر السلطات) من الصياغات التي يتميز بها أدبنا السياسي والدستوري الحديث دون القديم... إن هذه القواعد التي قررها الفكر السياسي الإسلامي تعني ما تعنيه عبارة (الأمة مصدر السلطات) ثم ألا ترى معنى هذه العبارة واضحاً جلياً في كلمات الإمام محمد عبده التي تقول: "والحكمة والعدل في أن تكون الأمة في مجموعها حرة مستقلة في شئونها" وأيضاً فماذا تعني عبارة جمال الدين الأفغاني التي يحدد فيها أن على الأمة أن تبايع حاكمها بعد أن تشترط عليه وبعد أن يقسم على الأمانة([7]) والخضوع لقانونها الأساسي- الدستور- وتتوجه على هذا القسم وتعلنه له يبقى التاج على رأسه ما بقي محافظاً أميناً على صوت الدستور. وأخيراً ماذا يعني تسمية ممثلي الأمة في فكر الإسلام السياسي أهل الحل والعقد... ماذا تعني هذه الأوصاف إلا أنهم أهل الحل والعقد ومصدر السلطات] ([8]).
ونحن لا نناقشه بآراء محمد عبده والأفغاني لأنهم عندنا لا يمثلون الفكر الإسلامي ولا يمثلون العلماء الذين يعتد بآرائهم فهم ماسون يمثلون مدرسة الأشقياء الماسون وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله. فهم ليسوا منا ولسنا منهم، وإذا أراد أحد كائناً من كان أن يدلل على قضية بأنها إسلامية فليأت بدليل من القرآن والسنة أو إجماع الأمة، أو من اتفقت الأمة على إمامتهم كالأئمة الأربعة وأمثالهم, مع أن أقوال هؤلاء الأئمة لا تعتبر فيصلاً إلا إذا كانت مشفوعة بالدليل كما قالوا هم بذلك، وأما تعسفه باستخدام كلمة أهل الحل والعقد بأنها تعني أن الأمة مصدر السلطات فهذا تأويل لا تحتمله نصوص الشرع ولا اللغة ولا فهم العقلاء، وليس له مكان في عالم التأويل إلا أن يكون ضمن التأويلات الباطنية مثل إخوان الصفا والحشاشين!!
ويقول: [إن الذين يقولون باشتمال الوحي على نظام سياسي واجتماعي واقتصادي وإداري للمجتمعات المسلمة وإنه ما علينا إلا التنفيذ والتطبيق لهذا النظام.. سيصلون شاءوا أم لم يشاءوا إلى تعطيل ملكة العقل... وكما يقول الإمام محمد عبده (في هذا الرأي الغريب هو ما انتهت إليه السلطة الكهنوتية الكاثوليكية الأوروبية في العصور الوسطى عندما زعمت أن الكتب المقدسة حاوية كل ما يحتاج إليه البشر في المعاش والمعاد على حين علّمنا الإسلام أن هداية الدين هي الهداية الرابعة التي وهبها الله للإنسان بعد هداية الحواس والوجدان والعقل)
ونحن نعتقد أن هذا النفر من الباحثين الإسلاميين الذين يدعون إلى عزل إرادة الإنسان المسلم عن ميدان الصياغة والاختيار والتقرير لنظم الحكم في المجتمعات الإسلامية نعتقد أن خطرهم أشد على حياتنا الحاضرة والمستقبلة] ([9]).
إن قول السلطة الكاثوليكية بأن الكتب المقدسة وأعني هنا القرآن حاوية على ما يحتاج إليه البشر في المعاش والمعاد، والذي استنكره محمد عبده هو لا شك أصوب ملايين المرات من كلام محمد عبده. فالله عز وجل يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}([10]).
وقال الله تعالى: {الم % ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}([11]). فالذي لا يجد الهدى في القرآن فليفتش عن العيب والخلل في نفسه لأنه ليس بمتَّقٍ، ولله تعالى يقول: {هدىً للمتقين}. و قال الله تعالى: { الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا }([12]). فمن يدعي أن القرآن لا يوجد فيه صلاح المعاش والمعاد، فهو غير مؤمن بهذه الآية أي غير مؤمن بالقرآن. ولو رحنا نسرد الآيات التي تدل عل هذا المقصد لأتينا بالكثير. وأما نعمة الحواس والوجدان قبل نعمة الدين!!، فالحواس والوجدان يشترك فيها الإنسان والحيوان والنبات, وربما يكون عند بعض الحيوانات عمل للحواس بشكل أكبر وأكبر بكثير مما عليه عند الإنسان وكذلك وجدانياً.
وأما العقل، وأقصد به التفكير هنا فيتساوى فيه المسلم والكافر والوثني وعابد الشيطان، ولم أقل العقل بإطلاق لأنه لا يصح أن يطلق على الكافر عاقل.
قال الله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا ولا يَهْتَدُون % وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ }َ([13]).
وقال الله تعالى: { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُون }َ([14]).
وقال الله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُون }([15]).
وقال الله تعالى: { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }([16]).
وقال الله تعالى: { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا }([17]).
وقال الله تعالى:{ لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ }([18]).
وقال الله تعالى: { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِير}ِ([19]).
وقال الله تعالى: { ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ % إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ % وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ % يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ % وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }([20]).
والآيات كثيرة جداً لمن كان له عقل وتأمل.
بقي الدين. وهو الأصل, وهو النعمة الأولى والأساسية على الإنسان. وعندما يطلق لفظ النعمة فهو المقصود, وعندما يقول المؤمنون { اهدنا الصراط المستقيم % صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } لا يقصدون بأنعمت عليهم أي وهبتهم حواساًُ ووجداناً؛ بل أنعمت عليهم بالإيمان وهديتهم إليه.
كما أن النعمة في قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } هي نعمة الدين، وليس المقصود بها الحواس والوجدان.
وأن المنعَم عليهم في قوله تعالى: { مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } هم المؤمنون الذين تدينوا بالإسلام, وليس الذين لهم حواس ووجدان وتفكير. وقال كعب بن مالك: [ فو الله ما أتم الله عليّ من نعمة قط بعد أن هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي مع رسول الله]([21]).
فبيّن أن أول نعمة هي نعمة الهداية للإسلام.
وقال مجاهد: [ ما أدري أي النعمتين عليّ أعظم؟ أن هداني للإسلام, أو عافاني من هذه الأهواء ] ([22])، أي تركه مستقيماً على الدين، فكلا النعمتين هما الإسلام.
[1]- رواه أحمد برقم (1692).
[2]- رواه أحمد برقم (14082).
[3] - الإسلام والعروبة والعلمانية - محمد عمارة, ص / 59 – 60.
[4] - الإسلام والعروبة والعلمانية 65- 66
[5] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية, ص/ 34.
[6] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ص / 54 – 55.
[7]- القسم على الأمانة من أقسام الماسون والمسلم لا يقسم إلا بالله قال ابْنُ عُمَرَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: {مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ } رواه الترمذي برقم 1535.
[9] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية ،ص / 59.
[10]- سورة الأنعام: 38.
[11]- سورة البقرة: 2.
[12]- سورة المائدة: 3.
[13]- سورة البقرة:170.
[14]- سورة المائدة: 58.
[15]- سورة يونس: 43.
0 التعليقات:
إرسال تعليق