الأجوبة الشرعية على الأسئلة الشامية (10)
رضوان محمود نموس
يقول السائل
قادني الشوق للجهاد في سبيل الله ومن هنا لي أسئلة أريد بها تثبيتا لي وتنويرا لطريقي فأسال الله العلي القدير أن يسددك ويوفقك واعذرني يا شيخ على الإطالة
1- قضية الجيش الحر وأنا قرأت في المدونة وصيتك لهم جزاك الله خيراً هل نقاتل معهم هل ننضوي تحت رايتهم وهل نتعاون معهم مع العلم أني من خلال تواصلي مع جزء جيد منهم أنهم على خير من ناحية المعتقد وإذا أعلن الجيش الحر أن هدفه العلمانية أو الدولة المدنية فما الحكم ؟
الجواب
أقول وبالله التوفيق: من المعلوم أن الجيش الحر يتألف من جنود وصف ضباط وضباط تركوا الجيش والتحقوا بأمتهم ورفضوا الحكم المرتد وممارساته كما أنه يضم عدد غير قليل من الشباب الذين هبوا ليدافعوا عن دينهم وأعراضهم وهؤلاء وهؤلاء ليسوا على سوية واحدة من فهم الدين وصفاء العقيدة ولكن بجملتهم هم شباب يدافعون عن الأمة ودينها وأعراضها فالجهاد معهم للدفاع عن دين الأمة ومقدساتها وأعراضها وأبنائها وأموالها ضد الحكم المرتد وأتباعه وأذياله قتال واجب ومتعين وينبغي نصرتهم وتأييدهم وإرشادهم إلى الحق فيما يجهلوه ونصحهم وتعليم جاهلهم والإنكار عليهم فيما يستحق الإنكار فأصل الموافقة على الجهاد فإن رأينا منهم منكراً لا نتخلى عنهم بل نناصحهم ونسعى في إزالة هذه المنكرات إن وجدت ونسدد ونقارب ونتقي الله ما استطعنا.
أما لا سمح الله إن (أعلن الجيش الحر أن هدفه العلمانية أو الدولة المدنية) نبين لهم أن الدعوة إلى هذه الأهداف ردة عن دين الله والتحاق بالكفر وبديانة الغرب.
وهنا لا بد أن ألقي نظرة سريعة على مفهوم العلمانية والدولة المدنية حتى يزال اللبس إن وجد.
العلمانية:
العلمانية كما عرفتها موسوعة السياسة هي: [ مفهوم سياسي اجتماعي نشأ إبان عصور التنوير والنهضة في أوروبا، ورأى أن من شأن الدين أن يعنى بتنظيم العلاقة بين البشر وربهم، ونادى بفصل الدين عن الدولة،] ([1]).
تعريف محمد عمارة للعلمانية:
يقول عمارة: [ هكذا نشأت العلمانية, في سياق التنوير الوضعي الغربي, لتمثل عزلاً للسماء عن الأرض, وتحرير الاجتماع البشري من ضوابط وحدود الشريعة الإلهية, وحصراً لمرجعية تدبير العالم في الإنسان, باعتباره "السيد" في تدبير عالمه ودنياه، فهي ثمرة عقلانية التنوير الوضعي, الذي أحل العقل والتجربة محل الله والدين، وهي قد أقامت مع الدين -في تدبير العالم- قطيعة معرفية وبعبارة واحد من دعاة التنوير الغربي (فلم يعد الإنسان يخضع إلا لعقله في أيديولوجيا التنوير التي أقامت القطيعة الأبستمولوجية (المعرفية) الكبرى التي تفصل بين عصرين من الروح البشرية عصر الخلاصة اللاهوتية للقديس توما الأكويني وعصر الموسوعة لفلاسفة التنوير فراح الأمل بمملكة الله ينزاح لكي يخلي المكان لتقدم عصر العقل وهيمنته وراح نظام النعمة الإلهية ينمحي ويتلاشى أمام نظام الطبيعة وأصبح حكم الله خاضعاً لحكم الوعي البشري الذي يطلق الحكم الأخير باسم الحرية. إنها عزل السماء عن الأرض, والدين عن الدنيا, وإحلال الإنسان في تدبير العمران البشري محل الله ] ([2]).
وقال في "موسوعة المورد": [ العلمانية Secularism: النزوع إلى الاهتمام بشؤون الحياة الدنيا، وقد يقصد بالمصطلح أحياناً العلمنة أي نزع الصفة الدينية أو سلطان رجال الدين عن نشاط من النشاطات أو مؤسسة من المؤسسات.... وفي رأس مسلماتها حرية الفكر وحرية كل امرئ في مناقشة جميع المسائل الجوهرية من مثل وجود الله ] ([3]).
وجاء في المصطلحات السياسية الشائعة: [ علمانية: مفهوم سياسي اجتماعي ينادي بفصل الدين عن الدولة، واعتبار الدين ممارسة شخصية تنظم علاقة الشخص بربه، وأن الممارسة السياسية ممارسة اجتماعية لا يتدخل فيها الدين ] ([4]).
وفي قاموس المورد Secularism: عدم المبالاة بالدين، أو بالاعتبارات الدينية.
وقال الشيخ سفر الحوالي في كتابه العلمانـية: [الترجمة الصحيحة للكلمة هي (اللادينية، أو الدنيوية)، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب بل بمعنى أخص، وهو مالا صلة له بالدين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد.
وتتضح الترجمة من التعريف الذي تورده المعاجم ودوائر المعارف الأجنبية للكلمة.
ويقول قاموس العالم الجديد لوبستر شرحاً للمادة نفسها:
الروح الدنيوية أو الاتجاهات الدنيوية ونحو ذلك، وعلى الخصوص نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال الإيمان والعبادة, والاعتقاد بأن الدين والشؤون الكنسية لا دخل لها في شؤون الدولة، وخاصة التربية العامة.] ([5]).
بل قال بعض العلمانيون لا نملك حريتنا حتى نقتل الله وعلينا البحث عن الله وقتله.تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.
الدولة المدنية
الدولة المدنية : « هذا مفهوم مترجم ومعرب من الثقافة الغربية الحديثة، ويقصد به الدولة التي تستقل بشؤونها عن هيمنة وتدخل الدين ؛ فالدولة المدنية هي التي تضع قوانينها حسب أهواء الطبقة الحاكمة والمتنفذة التي يعبرون عنها بالمجتمع المدني أو مؤسسات المجتمع المدني والتي في نفس الوقت لا تخضع لدين الله ولا تلتزم بمقررات القرآن». فاستقلال الدولة المدنية عن تدخل الدين ووضعها للقوانين حسب أهواء المتنفذين معناه عند القوم استقلالها وإبعاد الدين عن الحياة كلياً، وهو ما يعني أن الدولة المدنية هي الدولة العلمانية .
فلما افتضح أمر العلمانية والعلمانيين وأنهم طائفة من المرتدين وأن العلمانية هي الكفر الأحمر غيروا الاسم وأبقوا المعنى
ويقول سليمان الضحيان : « فمن الناحية التاريخية إذا رجعنا إلى أصل اصطلاحها الغربي، نجد أن للدولة المدنية مفهوماً فلسفياً سياسياً ، مناقضاً للدين وتحكيم الدين ويتمثل مفهومها عملياً بتنحية الدين عن السياسة مطلقاً؛ باعتبار الدين هو مجموعة قوانين إلهية مميزة للدولة الدينية ... فكانت الدولة المدنية بمبدئها الرافض لتدخل الدين في السياسة دولة علمانية .. وأنها تمثل عبر التاريخ سواء في الشرق أو الغرب عند دعاتها إطاراً سياسياً للعلمانية قابلاً لتوظيف أي اتجاه فلسفي إيديولوجي في الحياة؛ بشرط تنحية الدين عن السياسة » ([6]) .
« الحكومة المدنية في الفضاء المعرفي الغربي تعني تنظيم المجتمع وحكمه بالتوافق بين أبنائه بعيداً عن أي سلطة أخرى سواء دينية أو غيرها ، أي إن شرط (العلمانية ) أساسي في تلك الحكومات »([7]) .
والمتابع لما يُكتَب هذه الأيام عن الدولة المدنية يمكنه رصد ما تعنيه الدولة المدنية، فهي كلها تدور حول ما تقدم من معنى.
يقول وحيد عبد المجيد : « فالخوف على الدولة المدنية قائم، والسؤال عن مستقبلها مطروح، في عدد متزايد من الدول التي يتنامى فيها دور حركات الإسلام السياسي » ([8])
إذن الخوف على الدولة المدنية من الإسلام ! ولولا أن الدولة المدنية تناقض الإسلام وتعاديه فلماذا تخاف منه؟؟!!
ويقول سامي اليامي : « في الدولة المدنية يضع الإنسان قوانينه التي تنظم
حياته لكونه أعرف بأمور دنياه ، ويستمد من قوانين دينه القوانين التي تنظم علاقته بربه ، ليكون مؤمناً لا يمنح لنفسه الحق أن يكون مدعياً لامتلاك الحقيقة ومفسراً وحيداً لمفاهيم الدين، مما يجعل الدولة كهنوتية تخضع لحكم الكهنوت وليس لحكم القانون » ([9])
فالدولة المدنية في فهمه تعني استقلال الإنسان بوضع التشريعات التي تحكم أمور الحياة ، لأنه أعلم من الله بالحال!!!!!،
ويقول خالد يونس خالد: «لا يمكن بناء لدولة المدنية في ظل الدولة المذهبية أو الدينية المجردة من العلمانية ؛ لأن العقيدة ، أية عقيدة كانت لا تؤمن بحق جميع المواطنين على قدم المساواة طالما أن القانون الديني يميز بين العقائد . ومن هنا تبرز أهمية حرية العقيدة في المجتمع المدني ...إلى أن يقول : وأخيراً نؤكد أن الدولة المدنية العلمانية الليبرالية الدستورية ليست شكلاً مجرداً وإنما هي مضمون يساهم في تقدم المجتمع بكل مكوناته وقومياته وأديانه»([10]). فهي إذن دولة لا تؤمن بكل الأديان لأن العقيدة الدينية تحدد من الحرية.
ويقول سامح فوزي: « استكمال بناء الدولة المدنية الحديثة بما يتطلب من خلو المجال العام من كل الإِشارات والرموز الدينية ، حتى يصبح من الرحابة إلى الحد الذي يسع فيه كل المختلفين . وأن تجري السياسة على أساس المصلحة ، وأن يكون التشريع تعبيراً عن تنوع الأمة » ([11]).
فتبين معنا أن العلمانية والدولة المدنية وجهان للكفر والإلحاد فمن يدعو لهذا الكفر والإلحاد لا نعتزله فقط بل نقاتله كما نقاتل بشار الأسد وحكومته المرتدة ولكن يجب علينا تبيين حكم العلمانية والدولة المدنية للجيش الحر فإن دعا إليها وأصر على ذلك فحكمه حكم النصيريين المرتدين يجب على الأمة قتاله ومجاهدته حتى يكون الدين كله لله. والحمد لله رب العالمين
وكتبه رضوان محمود نموس يوم الخميس 8/ ربيع الثاني 1433
0 التعليقات:
إرسال تعليق