موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأربعاء، 21 مارس 2012

في رحاب العلماء (28) أقوال الشافعي في وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم


في رحاب العلماء (28)
أقوال الشافعي([1]) في وجوب
 طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم
رضوان محمود نموس
بيان فرض الله في كتابه اتباع سنة نبيه: قال الشافعي وضع الله رسوله من دينه وفرضه وكتابه الموضع الذي أبان جل ثناؤه انه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته وحرم من معصيته وأبان من فضيلته بما قرن من الإيمان برسوله مع الإيمان به فقال تبارك وتعالى {فآمنوا بالله ورسوله فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ}. 
وقال: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } فجعل كما ابتدأ الإيمان الذي ما سواه تبع له الإيمان بالله ورسوله فلو آمن عبد به ولم يؤمن برسوله لم يقع عليه اسم الإيمان أبدا حتى يؤمن برسوله معه وهكذا سن رسوله في كل من امتحنه للإيمان أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم قال: أتيت رسول الله بجارية فقلت يا رسول على رقبة أفأعتقها؟ فقال لها رسول الله: أين الله فقالت في السماء فقال ومن أنا قالت أنت رسول الله قال: فأعتقها.
 قال الشافعي: معاوية بن الحكم وكذلك رواه غير مالك وأظن مالك لم يحفظ اسمه قال الشافعي ففرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله فقال في كتابه { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } وقال جل ثناؤه: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}

وقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وقال جل ثناؤه: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ } وقال: { وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقال: {وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} وقال: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}
فذكر الله الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله وهذا يشبه ما قال والله أعلم لأن القرآن ذكر وأتبعته الحكمة فلم يجز الله منه على خلقه بتعليمهم الكتاب والحكمة فلم يجز والله اعلم أن يقال الحكمة ها هنا إلا سنة رسول الله وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله وأن الله افترض طاعة رسوله وحتم على الناس اتباع أمره فلا يجوز أن يقال لقوله فرض إلا لكتاب الله ثم سنة رسوله لما وصفنا من أن الله جعل الإيمان برسوله مقرونا بالإيمان به وسنة رسول الله مبينة عن الله معنى ما أراد دليلا على خاصة وعامة ثم قرن الحكمة بها بكتابه فاتبعها إياه ولم يجعل هذا لأحد من خلقه غير رسوله.
باب فرض الله طاعة رسول الله مقرونة بطاعة الله ومذكورة وحدها قال الله: { َمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} وقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} فقال بعض أهل العلم أولوا الأمر أمراء سرايا رسول الله والله أعلم وهكذا أخبرنا وهو يشبه ما قال والله أعلم لأن كل من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة وكانت تأنف أن يعطي بعضها بعضا طاعة الإمارة فلما دانت لرسول الله بالطاعة لم تكن ترى ذلك يصلح لغير رسول الله فأمر أن أطيعوا أولي الأمر الذين أمرهم رسول الله لا طاعة مطلقة بل طاعة مستثناة فيما لهم وعليهم فقال فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله يعني إن اختلفتم في شيء وهذا إن شاء الله كما قال في أولي الأمر إلا انه يقول فإن تنازعتم يعني والله أعلم هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم فردوه إلى الله والرسول يعني والله اعلم إلى ما قال الله والرسول إن عرفتموه فإن لم تعرفوه سألتم الرسول عنه إذا وصلتم أو من وصل منكم لأن ذلك الفرض الذي لا منازعة لكم فيه لقول الله: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} ومن يتنازع ممن بعد رسول الله رد الأمر إلى قضاء الله ثم قضاء رسوله فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسا على أحدهما كما وصفت من ذكر القبلة والعدل والمثل مع ما قال الله في غير أية مثل هذا المعنى وقال: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}  وقال يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله.
 باب ما أمر الله من طاعة رسول الله
قال الله جل ثناؤه:{ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}  وقال: { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} فأعلمهم أن بيعتهم رسوله بيعته وكذلك أعلمهم أن طاعتهم طاعته وقال:{ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
نزلت هذه الآية فيما بلغنا والله أعلم في رجل خاصم الزبير في أرض فقضى النبي بها للزبير وهذا القضاء سنة من رسول الله لا حكم منصوص في القرآن والقرآن يدل والله أعلم على ما وصفت لأنه لو كان قضاء بالقرآن كان حكما منصوصا بكتاب الله وأشبه أن يكونوا إذا لم يسلموا لحكم كتاب الله نصا غير مشكل الأمر انهم ليسوا بمؤمنين إذا ردوا حكم التنزيل إذا لم يسلموا له وقال تبارك وتعالى: { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقال: { وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ* وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} فأعلم الله الناس في هذه الآية أن دعاءهم إلى رسول الله ليحكم بينهم دعاء إلى حكم الله لأن الحاكم بينهم رسول الله وإذا سلموا لحكم رسول الله فإنما سلموا لحكمه بفرض الله وانه أعلمهم أن حكمه حكمه على معنى افتراضه حكمه وما سبق في علمه جل ثناؤه من إسعاده بعصمته وتوفيقه وما شهد له به من هدايته واتباعه أمره 
فأحكم فرضه بإلزام خلقه طاعة رسوله وإعلامهم أنها طاعته     فجمع لهم أن أعلمهم أن الفرض عليهم اتباع أمره وأمر رسوله وأن طاعة رسوله طاعته ثم أعلمهم أنه فرض على رسوله اتباع أمره جل ثناؤه.
 باب ما أبان الله لخلقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحي إليه وما شهد له به من اتباع ما أمر به ومن هداه وأنه هاد لمن اتبعه.
قال الشافعي قال الله جل ثناؤه لنبيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} وقال:{ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}
وقال: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} فأعلم الله رسوله منه عليه بما سبق في علمه من عصمته إياه من خلقه فقال: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وشهد له جل ثناؤه باستمساكه بما أمره به والهدى في نفسه وهداية من اتبعه فقال: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}  وقال: { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} فأبان الله أن قد فرض على نبيه اتباع أمره وشهد له بالبلاغ عنه وشهد به لنفسه ونحن نشهد له به تقربا إلى الله بالإيمان به وتوسلا إليه بتصديق كلماته أخبرنا عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب عن المطلب بن حنطب أن رسول الله قال ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه.
 قال الشافعي وما أعلمنا الله مما سبق في علمه وحتم قضائه الذي لا يرد من فضله عليه ونعمته انه منعه من أن يهموا به أن يضلوه وأعلمه أنهم لا يضرونه من شيء وفي شهادته بأنه يهدي إلى صراط مستقيم صراط الله والشهادة بتأديته رسالته واتباع أمره وفيما وصفت تمت فرضه طاعته وتأكيده إياه في الآي ذكرت ما أقام الله به الحجة على خلقه بالتسليم لحكم رسول الله واتباع أمره 
قال الشافعي وما سن رسول الله فيما ليس لله فيه حكم فبحكم الله سنة وكذلك أخبرنا الله في قوله: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ}  وقد سن رسول الله مع كتاب الله وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتابوكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه وجعل في اتباعه طاعته وفي العنود عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقا ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجا لما وصفت وما قال رسول: الله أخبرنا سفيان عن سالم أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله سمع عبيد الله بن أبي رافع يحدث عن أبيه أن رسول الله قال لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه. قال الشافعي الأريكة السرير وسنن رسول الله مع كتاب الله وجهان أحدهما نص كتاب فاتبعه رسول الله كما أنزل الله والآخر جملة بين رسول الله فيه عن الله معنى ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عامًا أو خاصًا وكيف أراد أن يأتي به العباد وكلاهما اتبع فيه كتاب الله قال فلم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن سنن النبي من ثلاثة وجوه فاجتمعوا منها على وجهين     والوجهان يجتمعان ويتفرعان أحدهما ما أنزل الله فيه نص كتاب فبين رسول الله مثل ما نص الكتاب والآخر مما أنزل الله فيه جملة كتاب فبين عن الله معنى ما أراد وهذان الوجهان اللذان لم يختلفوا فيهما والوجه الثالث ما سن رسول الله فيما ليس فيه نص كتاب فمنهم من قال جعل الله له بما افترض من طاعته وسبق في علمه من توفيقه لرضاه أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب ومنهم من قال لم يسن سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب كما كانت سنته لتبيين عدد الصلاة وعملها على أصل جملة فرض الصلاة وكذلك ما سن من البيوع وغيرها من الشرائع لأن الله قال: { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}  وقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فما أحل وحرم فإنما بين فيه عن الله كما بين الصلاة  ومنهم من قال بل جاءته به رسالة الله فأثبتت سنته
ومنهم من قال ألقي في روعه كل ما سن وسنته الحكمة الذي القي في روعه عن الله فكان ما ألقي في روعه سنته أخبرنا عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب قال: قال رسول الله إن الروح الأمين قد ألقي في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فأجملوا في الطلب فكان مما ألقي في روعه سنته وهي الحكمة التي ذكر الله وما أنزل به عليه كتاب فهو كتاب الله وكل جاءه من نعم الله كما أراد الله وكما جاءته النعم تجمعها النعمة وتتفرق بأنها في أمور وبعضها غير بعض ونسأل الله العصمة والتوفيق
وأي هذا كان فقد بين الله أنه فرض فيه طاعة رسوله ولم يجعل لأحد من خلقه عذرا بخلاف أمر عرفه من أمر رسول الله وأن قد جعل الله بالناس الحاجة إليه في دينهم وأقام عليهم حجته بما دلهم عليه من سنن رسول الله معاني ما أراد الله بفرائضه في كتابه ليعلم من عرف منها ما وصفنا أن سنته صلى الله عليه إذا كانت سنة مبينة عن الله معنى ما أراد من مفروضه فيما فيه كتاب يتلونه وفيما ليس فيه نص كتاب أخرى فهي كذلك أين كانت لا يختلف حكم الله ثم حكم رسوله بل هو لازم بكل حال.([2])


[1] - هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع الهاشمي القرشي المطلبي, أبو عبد الله:(150_204هـ) أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. وإليه نسبة الشافعية كافة. ولد في غزة (بفلسطين) وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين. وزار بغداد مرتين. وقصد مصر سنة 199 فتوفي بها, وقبره معروف في القاهرة. قال المبرد: كان الشافعي أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراءات. و قال الإمام ابن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منّة. وكان من أحذق قريش بالرمي, يصيب من العشرة عشرة, برع في ذلك أولاً كما برع في الشعر واللغة وأيام العرب, ثم أقبل على الفقه والحديث, وأفتى وهو ابن عشرين سنة. وكان ذكياً مفرطاً. له تصانيف كثيرة, أشهرها: كتاب " الأم ـ ط" في الفقه, بوّبه الربيع بن سليمان ومن كتبه " المسند ـ ط" في الحديث, و" أحكام القرآن ـ ط" و" السنن ـ ط" و" الرسالة ـ ط" في أصول الفقه, و" اختلاف الحديث ـ ط" و" السبق والرمي" و" فضائل قريش" و" أدب القاضي" و" المواريث" و لابن حجر العسقلاني "توالي التأسيس, بمعالي ابن إدريس ـ ط" في سيرته, و لأحمد بن محمد الحسني الحموي المتوفى سنة 1098 كتاب " الدر النفيس ـ خ" في نسبه, وللحافظ عبد الرؤوف المناوي, كتاب "مناقب الإمام الشافعي ـ خ" ولحسين الرفاعي "تاريخ الإمام الشافعي ـ ط" و لمحمد أبي زهرة كتاب "الشافعي ـ ط" وفي "طبقات الشافعية" للسبكي, بعض ما صنف في مناقبه.
[2] - الرسالة ج: 1 ص: 73 وما بعدها

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.