موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 12 مارس 2012

أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (27)


أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (27)
رضوان محمود نموس
نتابع في هذه الحلقة الرد على محمد عمارة فيما زعمه أن الخلاف بين االحركات الإسلامية والعلمانيين هو في دائرة الاجتهاد عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي: [ بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر:  (الجزيرة نت) 3/11/2010
2-  الدكتور فؤاد زكريا:
 وهو أحد رموز العلمانية الذين يصفهم محمد عمارة ويؤكد على هذا الوصف بأنهم مسلمون, وأن الخلاف بينهم وبين الإسلاميين بالاجتهاد, فإن أخطأوا فلهم أجر, وإن أصابوا فلهم أجران.
يقول فؤاد زكريا عن الإسلام كدين وعقيدة: [ إذا كان الجوهر قد ظل غير محقق طوال معظم فترات التاريخ ألا يدعونا هذا إلى الشك العميق في قدرة هذا الجوهر على التأثير في حياة المسلمين بوجه عام ] ([1]).
ويقول في مسألة تحكيم الإسلام: [ فنحن في هذه الحالة لسنا إزاء مشكلة فلسفية أو كلامية نظرية بل إزاء مشكلة تنتمي إلى صميم الحياة العملية للإنسان، ومن ثم كان تجاهل ما حدث طوال التاريخ الماضي وفي المحاولات المعاصرة للوصول إلى حكم إسلامي خطأ لا يغتفر ] ([2]).

ويقول: [ أما العبارة الثانية التي يختلط معناها في الأذهان فهي صلاحية أحكام الشريعة لكل زمان ومكان، فأنا أشك كثيراً في أن يكون هناك نص ديني مباشر يحمل المعنى الذي تفهم به هذه العبارة لدى القائلين بها وأعتقد أن التفكير في هذه العبارة بشيء من العمق يكشف فيها عن تناقضين أساسين:
الأول: يرجع إلى أن الإنسان كائن متغير ومن ثم ينبغي أن تكون الأحكام التي تنظم حياته متغيرة والحق أن تغيير الإنسان حقيقة أساسية لا يستطيع إنسان يحترم عقله وعلمه أن ينكرها وحقيقة التغيير هذه تحتم أن تكون القواعد التي يخضع لها متغيرة بدورها، فالعقل البسيط والمباشر أن يكون هناك في المجال البشري ما يصلح لكل زمان ومكان، أما التناقض الثاني الذي يتصل بالأول اتصالاً مباشر فهو أن التفسير الأول لعبارتهم هذه هو أن الله قد وضع للناس في وقت ما سننا ينبغي عليهم أن يسيروا وفقاً لها إلى أبد الدهر... والتناقض هنا يكمن في أن أصحاب هذا الفهم يؤكدون في الوقت ذاته أن الله قد استخلف الإنسان في الأرض وكرمه على العالمين فهل يتمشى هذا التكريم والاستخلاف مع تحديد المسار البشري مقدماً ووضع قواعد يتعين على الإنسان أن لا يخرج عنها مهما تغير وتتطور، هل يمكن أن يلجأ الأب الحريص على رعاية أبنائه وسلامة نموهم العقلي والنفسي إلى قواعد ثابتة وأوامر محددة ] ([3]).
ونقول هنا كلمة قصيرة لهذا الرجل: إن قياس الله جل وعلا على الأب قياس لا يقول به من يفهم معنى القياس, إلا أن يكون متأثراً بأقوال النصارى. وننصحه بقراءة بعض الكتب في أصول الفقه, وإذا كان ذلك لا يروق له فليقرأ بعض الكتب في منطق اليونان مصدر إلهام العلمانيين أي - اللادينيين -, ولا أدري أي القياسين أفسد: قياس عمارة, أم قياس فؤاد زكريا. ظلمات بعضها فوق بعض.
ثم يتهجم على الجماهير قاطبة لتوجهها نحو الإسلام فيقول: [ وقد أثبتت تجارب واقعية كثيرة أن انعدام الوعي أو تزييفه يمكن أن يؤدي إلى التفاف الجماهير حول أمور لا يمكن أن تكون لها قيمة في ذاتها، مثال ذلك أن هبوط الوعي الفني لدى الجماهير منذ السبعينات على الأقل أدى إلى إقبال الملايين منها على أغانٍ هابطة وأفلام ومسلسلات حمقاء ومسرحيات مبتذلة، ولم يزعم عاقل أن الشعبية الواسعة الانتشار لهذه الفنون الهابطة دليل على قيمتها, وأستطيع أن أقول من وجهة نظري الخاصة أن الانتشار الواسع للاتجاهات الإسلامية بشكلها الراهن إنما هو مظهر صارخ من مظاهر نقص الوعي لدى الجماهير فبعد ثلث قرن من القهر وتغييب العقل وسيادة سلطة سياسية لا تناقش يصبح هذا الانتشار لا مفر منه ] ([4]).
ونقول لفؤاد زكريا: إنه بعد الهزائم التي حاقت بالمسلمين والعرب نتيجة الحكم العلماني اللاديني, وسنين القهر والاضطهاد الذي مارسه العلمانيون اللادينيون بناءً على توجيه مَن يعبدون في الغرب, رجع الناس إلى دينهم, وعرفوا أنه هو سفينة النجاة, وحتى يقاوم العلمانيون هذا الاتجاه بدأوا بتشجيع وتأليف ونشر وإذاعة الأفلام والمسلسلات والأغاني الهابطة, وسمَّوها حملة التنوير. وحقها أن تسمَّى حملة الفحش والرذيلة والضلال والتزوير. فكل الدنيا تعرف أن وسائل الإعلام والنشر كلها بأيدي الدولة العلمانية, فهذه خطتها واتجاهها في مقاومة الإسلام, وهذا دأبها منذ أن وجدت.
ثم نقول له أيضاً: إن تأصيلك وقياسك الفاسد المذكور يهدم أساس بنيانك فأساس بنيانك العلمانية - اللادينية-. وثمرة العلمانية اللادينية وترجمتها العملية هي الديمقراطية التي تؤلِّه الشعب, وتضعه مكان الله. - تعالى الله عن ذلك -, وما أصَّلْتَه يعني أن الشعب ناقص الوعي, وأنه يختار ما هو أسوأ فلذلك لا قيمة لاختياره, وأن التوجه الشعبي ليس دليلا على صحة ما يتوجه إليه.
ومما ينبني على تأصيل الدكتور وقياسه:
1- أن الديمقراطية لا تؤدي إلى الصلاح بل ينتج عنها اختيار الأسوأ, وإذا كانت الديمقراطية تؤدي إلى الأسوأ فهي فاسدة, وإذا كان ذلك كذلك فأصلها الذي بنيت عليه فاسد, وهذا يعني أن العلمانية فاسدة.
2- أن الدساتير التي اختارتها الشعوب - كما تزعم الحكومات - ما هي إلا كالأغاني الهابطة, ومسلسلات الرذيلة, وأفلام المجون.
3- أن هؤلاء القادة الذين اختارهم الشعب -كما زعموا- وبنسبة تتراوح بين 99,9999 % و 98,9998 % ما هم إلا كالمسلسلات الحمقاء, والمسرحيات المبتذلة, ويكون الدكتور  بذلك قد نقض غزله بيديه. 
ثم يقول: [ وهكذا فإن انقياد الجموع الكبيرة من الناس إلى التيارات الدينية التي تركز جهدها على الجانب الشعائري من الدين وعلى التحريمات الجنسية وشكل الملبس وتتصور أن أول جوانب تطبيق الشريعة وأهمها هو تطبيق حدود الخمر والسرقة والزنا... هذا الانقياد لا يمكن أن يكون علامة صحة وإنما حالة شاذة طارئة لم تعرفها مصر ] ([5]).
ثم يهجم على الشباب الإسلامي فيقول: [ وفي اعتقادي أن من أشد أساطير حياتنا بطلاناً القول الذي يشيعه الكثير من أشياع الحركة الإسلامية بأن الاستعمار بشكل عام وأمريكا بشكل خاص يخشون الصحوة الإسلامية ويعملون على محاربتها... وفي إسرائيل تقف سلطات الاحتلال إلى جانب الطلاب المنتمين إلى الجماعات الإسلامية في جامعات الأرض المحتلة ضد المنتمين إلى كافة التيارات القومية والتقدمية ] ([6]).
وإذا كان الدكتور لا يرى الشمس في رابعة النهار, ولا يرى الحملة الأمريكية على شباب الإسلام؛ بل الحملة الماسونية التي يقودها التحالف البروتستنتي اليهودي, ويسوقون معهم بعض قوى الكفر الأخرى, والأنظمة المرتدة في هذه الحرب. فماذا يرى؟! ولا أدري ماذا يقول الدكتور فؤاد زكريا عن تحالف سلطة محمود عباس القومية التقدمية مع الموساد الصهيوني ضد أبناء الحركات الإسلامية, ومطاردتهم؟ وماذا يقول عن جبريل الرجوب الذي ينسق مع الموساد ضد أبناء المسلمين, وسائر الشباب الإسلامي؟! ولا أدري ما يقول عن مسؤول أمن غزة السابق- محمد دحلان - الذي يقول بشريط فيديو مسجل عن الإسلاميين:
" سنطاردهم في المساجد في دور الزكاة في المدارس في الجمعيات الخيرية في الجامعات في كل مكان إننا ملتزمون أمام جهات عالمية بوقف هذه الأعمال "؟!.
ولا أدري ماذا يقول عن مؤتمر شرم الشيخ الذي جمع به كلنتون أتباعه وخدمه, وأكد عليهم بضرورة محاربة الحركة الإسلامية، وأدانوا فيه الجهاد ضد اليهود المحتلين, واعتبروه إرهاباً مخالفاً لشريعتهم وشريعة أربابهم في المحفل؟!
فهل الدكتور يسمع الأنباء, ويقرأ الصحف؟ أم أنه التضليل؟. إن الكذب عيب, وأكثر منه عيباً ودناءة الكذب الأحمر المكشوف.
ثم يهاجم الدين واليقين فيقول: [ إن عصور اليقين في حياة البشر كانت هي عصور الانحطاط في عصور الفكر البدائي وعلى العكس من ذلك عصور الشك والتساؤل هي عصور التقدم والنهضة والوثبات الكبرى إلى الأمام هكذا كان العصر اليوناني القديم ] ([7]).
ولا يحزننا ولا يفاجئنا شكُّ فؤاد زكريا, فهذه عادة سلفه الذين وصفهم الله عز وجل بقوله: { قالوا يا صالح قد كنت مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب }([8]).
وقال تعالى: { والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا ما أرسلتم به وإنَّا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب}([9]).
وقال تعالى: { بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون }([10]).
وقال تعالى:{ وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب}([11]).
فليبق في شكِّه كما علَّمه قدماء اليونان, وليظل عليه عاكفاً هو وأضرابه.
ويقول عن الإسلام والحج والجهاد: [ حين ظهر الإسلام في أرض الجزيرة العربية قبل أربعة عشر قرناً كان مهد الإسلام في فقر مدقع وكانت أرض الأنبياء جدباء قاحلة ومن ثم فقد كانت جوانب كثيرة من سيرة الأنبياء كما روتها الكتب المقدسة تتناول موضوعات متعلقة بصعوبة الحصول على المأكل والمشرب والمرعى والمأوى... ومن المؤكد أن العامل الاقتصادي كان له دوره الأساسي في صميم العقيدة ذاتها، وإذا كان من أهم أهداف الحج تخفيف الفقر عن سكان هذه الصحراء القاحلة وإخراج أهلها من عزلتهم... ومن المسلَّم به أن الفقر كان من أقوى الحوافز على خروج المسلمين من ديارهم في الجزيرة العربية محملين بكل قيم الخشونة والتقشف والبداوة وبكل الحماسة التي بعثها في نفوسهم الدين الجديد لكي يواجهوا أعتى الإمبراطوريات ] ([12]).
إن الحج يا دكتور فؤاد فريضة من الله, لتوحيد التوجه لوجوه المسلمين وأفئدتهم إليه, ولتلاقي المسلمين وتعارفهم. ونعذرك يا دكتور بجهلك مثل هذه الأمور, لأنك لست من أهلها, (والإنسان عدو ما يجهل). أما إذا كنت تعتبر نفسك من المكلفين فلا عذر لك بجهلها, والدين لم يضعه بشر من أجل عامل اقتصادي, أو غير ذلك. وإذا كنت تظن أن الدين موضوع, وروعي فيه العامل الاقتصادي فبالأولى أن تعترف بذلك بدون اللف والدوران، وأما خروج المسلمين للجهاد فلقد أعلن المسلمون الأوائل لماذا خرجوا, ولا يحتاجون إلى تأويلاتك الماسونية العلمانية اللادينية, فقالوا: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد) فهم جاءوا لينقذوا أسلافك من عبادة الفراعنة والأحجار, أو عبادة عيسى عليه السلام، لينقذوهم من النار إلى الجنة. وما زالت هذه مهمتنا.
ويقول في مقدمة كتابه " الصحوة الإسلامية في ميزان العقل ": [ إذا كان لمؤلف هذا الكتاب من أمنية فهي ألا يلجأ المعترضون عليه وهم قطعاً كثيرون إلى منهج مناقشة آرائه في مواجهة النص... وأقصى ما أتمناه أن تدور المناقشات والاعتراضات مهما كان عنفها في ساحة العقل والحجة المنطقية ] ([13]).
فهو يرفض ابتداءً مرجعية النصوص من القرآن والسنة, ولا يعتد بها, ويقول: 
[ يرتكز الداعون إلى الجمع بين الدين والدنيا ومن ثم بين العقيدة والسياسة على مبدأ صلاحية النص الديني لكل زمان ومكان وهذا المبدأ في ذاته يولد تناقضاً أساسياً ] ([14]).
ونحن هنا نعترف بأنه لا بد لنا بأن نواجه فؤاد زكريا ومن على شاكلته بالنصوص, لأننا مسلمون, ونحن أتباع دين أنزله الله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم, واسم هذا الدين (الإسلام) ومنهجنا القرآن والسنة, ولسنا أتباعاً لأرسطو, ولا للمدرسة اليونانية, ولا لكانت, ودوركايم, وفرويد, وجان جاك روسو, وسبنسر, ومونتسكيو, ومَن لفَّ لفَّهم. فإذا كان يصر على عدم استخدام النصوص, فمضطرون لأن نقول له وبكل وضوح: { لكم دينكم ولي دين }.



[1] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص / 10.
[2] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص /10.
[3] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص / 12- 13.
[4] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص / 15.
[5] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص / 16.
[6] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص / 18.
[7] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصر - فؤاد زكريا, ص / 19.
[8] -  سورة هود: 62.
[9] - سورة إبراهيم: 9.
[10] - سورة النمل: 66.
[11] - سورة سبأ: 54.
[12] - الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية المعاصرة فؤاد زكريا ص/ 21 -  22.
[13] - مقدمة كتاب الصحوة الإسلامية في ميزان العقل - فؤاد زكريا، ص / 4- 5.
[14] - كتاب الصحوة الإسلامية في ميزان العقل - فؤاد زكريا - فؤاد زكريا, ص / 30.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.