إضـــــاءة 2
رضوان محمود نموس
قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل:36] وقال الله تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) [البقرة:256]
وقال الله تعالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا) [النساء:60]
[والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود ومتبوع أو مطاع].([1]).
[وفي أصل اللغة مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، فكل من تجاوز حده المأمور به شرعاً والمخلوق لأجله فهو طاغوت... وكذا من حكم بغير ما أنزل الله فهو طاغوت، ومن دعا إلى بدعة أو انتحل مذهباً أو مبدءاً مخالفاً لملة إبراهيم وشريعة سيد المرسلين فهو طاغوت. وتزداد شناعة الحكم عليه بحسب قوته ودعوته إلى ذلك والتسلط على الناس لتنفيذ مذهبه وتعزيز مبدئه، أو تسلطه على الناس بتحليل ما حرم الله وعكسه بقوة القهر والدعاية المغررة، فهو طاغوت أيضا، وهكذا]([2]).
[والطاغوت صيغة من الطغيان، تفيد كل ما يطغى على الوعي، ويجور على الحق، ويتجاوز الحدود التي رسمها الله للعباد، ولا يكون له ضابط من العقيدة في الله، ومن الشريعة التي يسنها الله، ومنه كل منهج غير مستمد من الله، وكل تصور أو وضع أو أدب أو تقليد لا يستمد من الله]([3]).
فكل من تجاوز حدود الله ولم يتقيد بأمر الله إيجاباً وسلباً فهو طاغوت أما الذي يتهجم على شرع الله ويسعى لإبعاد الدين عن الهيمنة على الحياة وأن يكون منهجاً للأمة فهو من أكبر الطواغيت ولا يتحقق الإيمان والإسلام للإنسان حتى يكفر بالطاغوت فلا يستقيم الإيمان مع عدم الكفر بالطاغوت فلذلك كانت كلمة التوحيد نفي وإثبات فبدأت بـ (لا إله) نفي الألوهية والطواغيت وكل ما يمت بصلة إلى التمرد ثم قال: (إلا الله) فبعد النفي جاء الإثبات إثبات صفة الألوهية لله تعالى وحده. وقدم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله حتى يكون هذا الإيمان على أرض نظيفة وقلب خال من الأضداد. ودلت الآية على أنه لا يكون مستمسكا بلا إله إلا الله إلا إذا كفر بالطاغوت، وهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن لم يعتقد هذا فليس بمسلم؛ لأنه لم يتمسك بلا إله إلا الله.
[وَقد علمنَا أَن الله سُبْحَانَهُ تَعَالَى قد شَرط فِي صِحَة الإيمَان بِهِ الْكفْر بالطاغوت لقَوْله {فَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه فقد استمسك بالعروة الوثقى} فَصَارَ الْكفْر بالطاغوت شرطا فِي صِحَة الإِيمَان بِاللَّه وَاجِبا لا يُمكن وجود الإيمَان إِلا بِوُجُودِهِ]([4]).
[وقد نهى الله نبيه وعباده المؤمنين عن المجادلة عمن فعل ما دون الشرك من الذنوب في قوله تعالى: (وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ) [النساء: 107] إن في تلك الآية إدانة صريحة للذين يظاهرون الكفار ويوالونهم من دون المؤمنين أن المسلم الحقيقي هو الذي لا يطلق لسانه في تمجيد الكفار ... فلا يتعاون مع الكفار ويمجدهم ويتعاطف معهم، ويدافع عنهم، إلا كافر مثلهم.
إن المسلم المخلص الغيور، وهو الذي ينطلق في تعامله مع الناس
من قاعدة الحب في الله والبغض في الله، فيحب أهل الإسلام وإن كانوا بعيدين عنه نسبا ووطنا، ويبغض أهل الكفر وإن كانوا قريبين منه نسبًا ووطنًا.
إن هناك فئة من الناس هي بمثابة إمعات ... فليحذر المسلم من أن يكون ببغاء يردد ما يتفوه به الأعداء، ويكون صدًى لهم في أقوالهم وأفعالهم فيخذل المؤمنين، وينصر الكافرين على المؤمنين، ومن فعل ذلك فقد استحق غضب رب العالمين فيا أهل الإسلام ويا حماة العقيدة الإسلامية، لا تغتروا بمن يتمسح بالإسلام وهو من أشد أعدائه، وألد خصومه، فتبرروا لهم أخطاءهم وتتستروا على جرائمهم فإنكم مسئولون عن ذلك أمام الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم]([5]).
[ومن المخالفين في موضوع الموالاة والمعاداة القسم الأول: من عبد الله ووحده، ولكنه لم ينكر الشرك ولم يعاد أهله فهو وإن وحد الله فتوحيده فاسد، لعدم كفره بالطاغوت، فالإنسان لا يصير مؤمنا إلا بالكفر، بالطاغوت قال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) [البقرة: 256] .
القسم الثاني: من عادى المشركين ولم يكفرهم.
فهذا النوع لم يأت بما دلت عليه لا إله إلا الله من نفي الشرك وما تقتضيه من تكفير من فعله، وهذا الأمر هو مضمون سورة الإخلاص، وسورة الكافرون، وآيات من سورة الممتحنة، فمن لم يكفر من صرح القرآن الكريم بكفره، فقد خالف ما جاءت به الرسل من التوحيد، وما يوجبه في حق الناس من حب وعداوة وإيمان وكفر ]([6]).
[ وأن من أصول الدعوة إلى الله: البراءة من المشركين، أما الداعية الذي لا يتبرأ من المشركين، فهذا ليس بداعية، وليس على طريقة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن زعم أنه يدعو إلى الله، والكفر بالطاغوت مقدم على الإيمان بالله،... فلابد من البراءة من المشركين، أما الذين يقولون: "ما علينا من عقائد الناس، من دخل في جماعتنا وصار معنا فهو أخونا، وعقيدته له" هذه ليست دعوة إلى الله عزّ وجلّ، وإنما هي دعوة إلى الحزبية والعصبية]([7]).
[ فالإيمان بالله لا يصحّ إلاّ بعد الكفر بالطّاغوت، فالكفر بالطّاغوت ركن الإيمان، فلا يصحّ أن يجمع بين الإيمان بالله والإيمان بالطّاغوت، لأن هذا جمعٌ بين نقيضين، والله قدّم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله]([8]).
و[المراد جميع الطواغيت في العبادة أو الاتباع أو في الطاعة لأن كلمة الطاغوت هنا عامة، قدم الكفر بالطاغوت على الإيمان بالله لأن الإيمان بالله لا ينفع إلا بعد الكفر بالطاغوت، فمن آمن بالله ولم يكفر بالطاغوت فإنه لا ينفعه إيمانه، فالذي يقول: إنه مؤمن ويصلي ويصوم ويزكي ويحج ويفعل الطاعات لكنه لا يتبرأ من الشرك ولا المشركين ويقول: لا دخل لي فيهم، هذا لا يعتبر مسلمًا لأنه لم يكفر بالطاغوت.
فلا بد من الكفر بالطاغوت وهو رفض الطاغوت واعتقاد بطلانه، والابتعاد عنه وعن أهله، لا بد من هذا، فلا يصح إيمان إلا بعد الكفر بالطاغوت]([9]).
ونقول أخيراً للذين قدموا برهان غليون المرتد ومن معه من المرتدين والكفار في المجلس إن هؤلاء الذين قدموهم وانتخبوهم لم يكفروا بالطاغوت ليحققوا الإيمان والإسلام وهم لم يكتفوا بأنهم لم يكفروا به بل اختاروه إماماً لهم وقدموه رئيساً لهم ليرضون الكفر الغربي الأكبر فهل علم هؤلاء الذين يسمون أنفسهم دعاة:
أين هم من لا إله إلا الله ؟!!
أين هم من الإيمان؟؟؟!!!
أين هم من الإسلام؟؟!!!.
أين هم من الدين؟؟!!!.
أين هم من العقيدة؟؟!!!.
أين هم من التوحيد؟؟؟!!!.
أين هم من حفظ الأمانة التي أنيطت بهم؟؟!!!
ليعلم هؤلاء أن الملائكة والناس والتاريخ ستكتب عنهم بالبونط العريض أنهم خانوا الله ورسوله وجماعة المؤمنين وقبل هذا بعده خانوا أنفسهم بعدم كفرهم بالطاغوت وتوليته والرضى به .
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
[1] - الإيمان والرد على أهل البدع (مطبوع ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية لبعض علماء نجد الأعلام، الجزء الثاني) (ص: 121)
[5] - الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (1/ 127)
[6] - الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (1/ 172)
[7] - إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 104)
[9] - شرح ثلاثة الأصول لصالح الفوزان (ص: 308)
0 التعليقات:
إرسال تعليق