موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع(2)
رضوان محمود نموس
قدمنا في الحلقة الأولى تعريف البدع والآيات والأحاديث الناهية عن الابتداع الآمرة بالاتباع ونثني بأقوال الصحابة والتابعين والعلماء
§ ومن أقوال الصحابة والتابعين:.
عن عمر رضي الله عنه: [ إياكم وأصحاب الرأي, فإنهم أعداء السنن, أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها, فقالوا بالرأي, فضلّوا وأضلّوا ]([1]).
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه في أهل القدر: [ أخبرهم أنني بريء منهم, وأنهم بـرآء منـي ]([2]).
وعن يزيد بن عميرة -وكان من أصحاب معاذ بن جبل رضي الله عنه - قال: [.... فقال معاذ بن جبل يوماً: إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال, ويفتح فيها القرآن, حتى يأخذه المؤمن, والمنافق, والرجل, والمرأة, والصغير, والكبير, والعبد, والحرّ, فيوشك قائل أن يقول ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ؟ ما هم بمتبعيَّ حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع، فإن ما ابتدع ضلالة, وأحذركم زيغة الحكيم, فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم.... ]([3]).
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:[ أيها الناس إنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالأمر الأول ]([4]).
وروى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما:[ إن أبغض الأمور إلى الله تعالى البدع ]([5]).
وقال الحسن:[ لا يقبل الله لصاحب بدعة صوماً ولا صلاة ولا حجاً ولا عمرة حتى يدعها]([6]).
وقال محمد بن أسلم:[ من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ]([7]).
وقال معمر:[ كان طاووس جالساً يوماً وعنده ابنه, فجاء رجل من المعتزلة, فتكلم في شيء، فأدخل طاووس إصبعيه في أذنيه وقال: يا بني أدخل إصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع من قوله شيئاً فإن هذا القلب ضعيف, ثم قال: أي بني اشدد, فما زال يقول حتى قام الرجل ]([8]).
وقال محمد بن داود الحراني: [ قلت لسفيان بن عيينة: إن هذا يتكلم في القدر - يعني إبراهيم بن يحيى - فقال سفيان: عرِّف الناسَ أمرَه واسألوا ربكم العافية ]([9]).
وقال أبو قلابة:[ لا تجالسوا أصحاب الأهواء, فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالهم, ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون ]([10]).
وكتب أسد بن موسى إلى أسد بن الفرات كتاباً, ومما قاله له فيه:[ إياك أن يكون لك من أهل البدع أخ, أو جليس, أو صاحب، فإنه جاء في الأثر: من جالس صاحب بدعة نزعت منه العصمة, ووكل إلى نفسه، ومن مشى إلى صاحب بدعة مشى في هدم الإسلام.... فارفض مجالسهم, وأذلهم, وأبعدهم, كما أبعدهم الله, وأذلهم وأبعدهم كما أبعدهم وأذلهم الرسول صلى الله عليه وسلم,وأئمة الهدى بعده ]([11]).
وقال الأوزاعي:[ كان بعض أهل العلم يقولون: لا يقبل الله من ذي بدعة صلاة, ولا صدقةً, ولا صياماً, ولا جهاداً, ولا حجاً, ولا صرفاً, ولا عدلاً، وكانت أسلافكم تشتد عليهم ألسنتهم, وتشمئز منهم قلوبهم, ويحذرون الناس بدعتهم، قال: ولو كانوا مستترين ببدعتهم دون الناس ما كان لأحد أن يـهتك عنهم ستراً, ولا يظهر منهم عورة. الله أولى بالأخذ بها أو بالتوبة عليها, فأما إذا جاهروا به فنشر العلم حياة, والبلاغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة ]([12]).
وقال محمد بن طلحة: قال إبراهيم:[ لا تجالسوا أصحاب البدع ولا تكلموهم فإني أخاف أن ترتد قلوبكم ]([13]).
ولمّا مرض سليمان التيمي بكى بكاءً شديداً, فقيل له ما يبكيك, الجزع من الموت ؟ فقال : [ لا, ولكن مررت على قدري فسلّمت عليه, فأخاف أن يحاسبني ربي عليه ]([14]).
ودخل على محمد بن سيرين يوماً رجل فقال:[ يا أبا بكر، أقرأ عليك آية من كتاب الله لا أزيد على أن أقرأها ثم أخرج، فوضع إصبعيه في أذنيه ثم قال: أحرِّج عليك إن كنت مسلماً لما خرجت من بيتي، قال: فقال يا أبا بكر إني لا أزيد على أن أقرأ آية ثم أخرج، قال: فقام بإزاره يشده عليه وتهيأ للقيام, فأقبلنا على الرجل فقلنا: قد حرَّج عليك إلا خرجت, أفيحل لك أن تخرج رجلاً من بيته؟ قال: فخرج. فقلنا يا أبا بكر ما عليك لو قرأ آية ثم خرج ؟ قال: إني والله لو ظننت أن قلبي يثبت على ما هو عليه ما باليت أن يقرأ, ولكنني خفت أن يلقي في قلبي شيئاً أجهد في إخراجه من قلبي فلا أستطيع ]([15]).
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل:[ سألت أبي -رحمه الله- عن الصلاة خلف أهل البدع، قال: لا يصلّى خلفهم مثل الجهمية والمعتزلة. وقال أحمد: من قال القرآن مخلوق؛ فهو عندنا كافر ]([16]).
وقال إبراهيم بن طهمان:[ الجهمية كفار, والقدرية كفار ]([17]).
وقال سليمان التيمي:[ ليس قومٌ أشدّ نقضاً للإسلام من الجهمية, والقدرية ]([18]).
وقال الفضيل بن عياض:[ من جلس إلى صاحب بدعة أحبط الله عمله, وأخرج نور الإيمان أو قال الإسلام من قلبه ]([19]).
وقال الشافعي:[ حُكْمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد, ويحملوا على الإبل, ويطاف بهم في العشائر, والقبائل ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام ]([20]).
وقال مالك بن أنس:[ بئس القـوم أهـل الأهواء, لا يسلّم عليهم ]([21]).
وعن ثابت بن العجلان قال:[ أدركت أنس بن مالك, وابن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وطاووس ومجاهد وعبد الله بن أبي مليكة والزهري ومكحول والقاسم أبا عبد الرحمن وعطاء الخراساني وثابت البناني والحكم بن عتبة وأيوب السختياني وحماد ومحمد بن سيرين وأبا عامر وكان قد أدرك أبا بكر الصديق, ويزيد الرقاشي وسليمان بن موسى, كلّهم يأمروني بالجماعة وينهوني عن أصحاب الأهواء ]([22]).
وقال الحسن:[ لا تجالسوا أهل الأهواء, ولا تجادلوهم, ولا تسمعوا منهم ]([23]).
وعن أبي قلابـة قال:[ مـا ابتـدع قوم بدعة إلا استحلّوا السيف ]([24]).
وعن عمر بن عبد العزيز قال:[ إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنه على تأسيس ضلالة ]([25]).
وقال قتادة: [ إن الرجل إذا ابتدع بدعة ينبغي لها أن تذكر حتى تحذر ]([26]).
وعن الأوزاعي, عن يحيى بن أبي كثير قال: [ إذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في غيره ]([27]).
وقال الفضيل:[ لا تجلس إلى صاحب بدعة, فإني أخاف أن تنـزل عليك اللعنة وقال: الأرواح جنود مجندة, فما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف, ولا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من نفاق]([28]).
قال عبد الله بن عمر السرخسي:[ أكلت عند صاحب بدعة أكلة، فبلغ ذلك ابن المبارك, فقال: لا كلمته ثلاثين يوما ]([29]).
وعن الحسن:[ ليس لصاحب بـدعة, ولا لفاسق يعلن بفسقه غيبة ]([30]).
وعن كثير قال:[ أهل الأهواء لا حرمة لهم ]([31]).
وقال مالك بن أنس: [ من قال القرآن مخلوق يستتاب, فإن تاب وإلا ضُرِبت عنقه ]([32]).
وعن يحيى بن يوسف قال:[ حضرت عبد الله بن إدريس, فقال له رجل: يا أبا محمد؛ إن قِبلنا ناساً يقولون إن القرآن مخلوق, فقال: من اليهود ؟ قال لا. قال: فمن النصارى ؟ قال لا. قال: فمن المجوس ؟ قال لا. قال فمِن مَن ؟ قال: من الموحدين. قال: كذبوا؛ ليس هؤلاء من الموحدين, هؤلاء زنادقة ]([33]).
وقال وكيع بن الجراح:[ أما الجهمي فإني أستتيبه, فإن تاب وإلا قتلته ]([34]).
وبمثل هذا قال [ حمّاد بن زيد, ومعتمر بن سليمان, وعبد الرحمن بن مهـدي, ويزيد بـن هارون, ويحيى بن سعيد القطان, وشبابة بن سوار, وعبد العزيز بن أبان القرشي, وإبراهيم بن مهدي, وعلي بن المديني, وزهير بن البابي, وعبد الله بن بشار الواسطي, وعيسى بن يونس, وأبو عبيد القاسم, وسفيان بن عيينة, وأبو جعفر المنصور, ومعاذ بن معـاذ, وأبو ثور, والإمـام الطبري, وغيرهم كثير ]([35]).
[1] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي, 1/123
[2] - رواه مسلم - كتاب الإيمان 1/37
[3] - رواه أبو داود برقم /4611
[4] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي, 1/77 وفتح الباري 13/253
[5] - السنن الكبرى 4/316
[6] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 1/138 , 139
[7] - النهي عن الابتداع للسيوطي ص/ 65.
[8] - أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 1 / 135.
[9] - تلبيس إبليس لابن الجوزي, ص /12 , 13.
[10] - اللالكائي, شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1 / 134.
[11] - مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد، ص /34.
[12] - المصدر السابق: ص / 36.
[13] - المصدر السابق: ص / 38.
[14] - أخرجه أبو نعيم في الحلية 7 / 26.
[15] - مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد, ص 38 - 39.
[16] - السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل. رقم الأثر 1 و 5.
[17] -المصدر السابق. رقم الأثر 7.
[18] -المصدر السابق. رقم الأثر 8.
[19] - أخرجه الذهبي في سير أعلام النبلاء 8 / 435.
[20] - شرح السنة للبغوي 1 / 218.
[21] - المصدر السابق 1 / 229.
[22] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 1 / 132 - 133.
[23] - المصدر السابق 1 / 133.
[24] - رواه الدارمي, ص 100 والآجري في الشريعة 1/ 64. والنقل من أصول الاعتقاد 1/ 134.
[25] - شرح أصول اعتقاد أهل السنة الجماعة للالكائي 1/ 135.
[26] - المصدر السابق 1 / 136.
[27] - المصدر السابق 1 / 137.
[28] - المصدر السابق 1 / 137.
[29] - المصدر السابق 1 / 138.
[30] - المصدر السابق 1 / 140.
[31] - المصدر السابق 1 / 140.
[32] - المصدر السابق 1/ 314.
[33] - السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل 1 / 114.
[34] - المصدر السابق 1 / 115.
2 التعليقات:
سيدي المحترم نموس اتفق معك على الاهداف و الغايات و اختلف معكم على التكتيك و الطريقة و التوقيت, انتم تعرفون انها حرب, و الحرب مكر و كر و فر و اختفاء و ظهور و شدة و لين و انا لا اتفق معكم على القفز على الواقع بطرح ما هو على قمة الاوليات و الغايات و الاهداف على شعب و امة غير مهيئة لحمل تلك الاهداف و تحمل كل تلك الاثقال, لماذا لا تطرحون نفس الفكر تدريجيا بصورة تناسب واقع الناس الثقافي و الفكري, تربية الناس تحتاج للحكمة و البذل من ناحية الجهد و المال و الوقت, كونوا جاذبين للناس لا منفرين فنحن بحاجة اليكم, و الكم الشكر و التقدير و المحبة.
هذا التعليق نفسه ورد في مكان آخر وبينت المقصود بعون الله
إرسال تعليق