موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع (4)


موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع (4)
رضوان محمود نموس
q  أقوال العلماء في بعض أنواع الزندقة:

وحكى ابن المنذر عن الشافعي:[ لا يستتاب القدري، وأكثر أقوال السلف تكفيرهم وممن قال به الليث وابن عيينة وابن لهيعة، وروي عنهم ذلك فيمن قال بخلق القرآن وقال ابن المبارك والأودي ووكيع وحفص بن غياث وأبو إسحاق الفزاري وهيثم وعلي بن عاصم في آخرين وهو قول أكثر المحدثين والفقهاء في الخوارج والقدرية وأهل الأهواء المضلة وأصحاب البدع المتأولين وهو قول أحمد بن حنبل ]([1]).

قال عيسى بن إبراهيم الغافقي، الإمام الفقيه المحدث، عن ابن القاسم، صاحب الإمام مالك، في أهل الأهواء من الإباضية، والقدرية، وشبههم:[ فمن خالف الجماعة من أهل البدع، والتحريف، لتأويل كتاب الله يستتابون، أظهروا ذلك أو أسروه، فإن تابوا وإلا قتلوا، وبهذا عمل عمر بن عبد العزيز، وهذا رأي ابن حبيب ]([2]).
وقال القاضي عياض:[ فذلك كله كفر، بإجماع المسلمين كقول الإلهيين من الفلاسفة، والمنجمين، والطبائعيين، وكذلك من ادّعى مجالسة الله، والعروج إليه ومكالمته، أو حلوله في أحد الأشخاص، كقول بعض المتصوفة, أو قال بتناسخ الأرواح.... وكالمعطلة، والقرامطة، والإسماعيلية، والعنبرية من الرافضة، وإن كان بعض هؤلاء قد أشركوا في كفر آخر, ومن جوز على الأنبياء الكذب فيما أتوا به، أو ادّعى في ذلك المصلحة فهو كافر، بإجماع المسلمين،كالمتفلسفين، وبعض الباطنية، والروافض، وغلاة المتصوفة، وأصحاب الإباحة ]([3]).
وقال أيضاً: [ ونكفّر بإجماع من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم تعمد الكذب، فيما بلغه، أو شكّ في صدقه، أو سبّه, أو قال إنه لم يبلغ, أو استخف به، أو بأحد من الأنبياء, أو أزرى عليهم, أو آذاهم، فهو كافر بإجماع. وكذلك نكفر من اعترف بالأصول الصحيحة بما تقدم، ونبوة نبينا صلى الله عليه وسلم ولكن قال: كان أسود، أو مات قبل أن يلتحي، أو ليس الذي كان بمكة أو الحجاز، أو ليس بقرشي. وكذلك من ادّعى أنه يوحى إليه، وإن لم يدّع النبوة، أو أنه يصعد إلى السماء، فهؤلاء كلهم كفار، مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك وقع الإجماع على تكفير كل من دافع نص الكتاب، أو خصّ حديثاً مجمعاً على نقله، مقطوعاً به، مجمعاً على حمله على ظاهره, كتكفير الخوارج بإبطال الرجم. وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قولاً يتوصل به إلى تضليل الأمة، وتكفير جميع الصحابة,  وأشار مالك في أحد قوليه بقتل من كفّر الصحابة.

وكذلك نكفّر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر, وإن كان صاحبه مصرّحاً بالإسلام، مع فعله ذلك الفعل، كالسجود للصنم، وللشمس، والقمر، والصليب، والنار، والسعي إلى الكنائس، والبِيَع، والتزيي بزيهم، من شدّ الزنانير، وفحص الرؤوس، فقد أجمع المسلمون أن هذا لا يوجد إلا من كافر، وأن هذه الأفعال علامة على الكفر وإن صرّح فاعلها بالإسلام.
وكذلك أجمع المسلمون على من استحلّ القتل، أو شُرْبَ الخمر، أو الزنا، مما حرّم الله بعد علمه بتحريمه, وكذلك نقطع بتكفير كل من كذب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع، وما عرف يقيناً بالنقل المتواتر, وعلى تكفير الباطنية، أو من أنكر حرفاً من القرآن، أو قال ليس فيه حجة، ولا معجزة، وكذلك من اعترف بالجنة، والنار، والحشر؛ ولكنه قال: إن المراد بالجنة والنار والحشر والنشر والثواب والعقاب معنى غير ظاهره, وإنها لذات روحية ومعانٍ باطنة, وكذلك نقطع بتكفير غلاة الرافضة، في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء.
فأما من نفى صفة من صفات الله تعالى الذاتية، أو جحدها مستبصراً في ذلك كقوله ليس بعالم، ولا قادر، ولا مريد، ولا متكلم، وشبه ذلك من صفات الكمال الواجبة لله تعالى، فقد نص أئمتنا على الإجمـاع على كفر من نفى عنه تعالى الوصف بها، أو أعـراه عنها ]([4]).
وقال:[ وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر بالله, وقاضي قضاتها أبو عمر المالكي على قتل الحلاج، وصلبه لدعواه الإلهية، والقول بالحلول, وقوله أنا الحق مع تمسكه في الظاهر بالشريعة, ولم يقبلوا توبته، وكذلك حكموا في ابن أبي الفراقيد ]([5]).
ثم قال:[وأما من تكلم بسقط القول، وسخف اللفظ ممن لم ينضبط كلامه، وأهمل لسانه بما يقتضي الاستخفاف بعظمة ربه، وجلالة مولاه, أو تمثل في بعض الأشياء ببعض ما عظم الله من ملكوته, أو نزع من الكلام لمخلوق بما لا يليق إلا في حق خالقه، غير قاصد للكفر، والاستخفاف، ولا عامد الإلحاد, فإن تكرر هذا منه وعرف به دلّ على تلاعبه بدينه، واستخفافه بحرمة ربه، وجهله بعظيم عزته وكبريائه, وهذا كفر لا مرية فيه, وكذلك إن كان ما أورده يوجب الاستخفاف، والتنقّص لربه, وقد أفتى ابن حبيب، وأصبغ بن خليل من فقهاء قرطبة بقتل المعروف (ابن أخي عجب) (وكان خرج يوماً فأخذه المطر فقال: بدأ الخراز يرش جلوده،  وكان بعض الفقهاء بها، أبو زيد صاحب الثمانية، وعبد الأعلى بن وهب، وأبان بن عيسى، وقد توقفوا عن سفك دمه، وأشاروا إلى أنه عبث من القول يكفي فيه الأدب، وأفتى بمثله القاضي حينئذ موسى بن زياد فقال ابن حبيب: دمه في غيض أيشتم رب عبدناه، ثم لا ننتصر له، إنّا إذاً لعبيد سوء، ما نحن له بعابدين وبكى. ورفع المجلس إلى الأمير بها عبد الرحمن بن الحكم الأموي، وكانت عجب عمة هذا المطلوب من حظاياه, وأُعلم باختلاف الفقهاء فخرج الإذن من عنده بالأخذ بقول ابن حبيب وصاحبه، وأمر بقتله, فقتل وصلب بحضرة الفقيهين وعزل القاضي لتهمتة بالمداهنة في هذه القضية، ووبّخ بقية الفقهاء وسبّهم]([6]).
قال:[ وفيمن شتم الأنبياء، أو أحداً منهم أو تنقّصه قتل، ولم يستتب، ومن سبّهم من أهل الذمّة قتل... ومن شتم ملكاً من الملائكة فعليه القتل ]([7]).
 قال:[واعلم أن من استخفّ بالقرآن، أو المصحف أو بشيء منه، أو سبّهما، أو جحده، أو حرفاً منه، أو كذب به، أو بشيء مما صرح به فيه من حكم، أو خبر، أو أثبت ما نفاه، أو نفى ما أثبته، على علم منه بذلك، أو شكّ في شيء من ذلك، فهو كافر عند أهل العلم بإجماع. ولهذا رأى مالك قتل من سبّ عائشة رضي الله عنها بالفرية، لأنه خالف القرآن ومن خالف القرآن قتل] ([8]).
وقال أبو محمد([9]): [ وأمّا من لعن المصحف فإنه يقتل ]([10]).
وقد استدل الإمام ابن تيمية أن مطلق الأذى لله تعالى، أو الرسول صلى الله عليه وسلم موجب للقتل فقال:[ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ من لي بكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله ] فجعل علة الندب إلى قتله أنه آذى الله ورسوله, وآذى الله ورسوله اسم مطلق، ليس مقيداً بنوع، ولا بقدر, فيجب أن يكون أذى الله ورسوله، علة الانتداب إلى قتل من فعل ذلك, من ذمي وغيره, وقليل السب وكثيره, ومنظومه ومنثوره أذى بلا ريب, فيتعلق به الحكم, وهو أمر الله ورسوله بقتله ]([11]).
وحكم من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل, كما ساق الحديث بذلك الإمام ابن تيمية [ عن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن رجلاً قال لقوم: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن أحكم فيكم برأيي, وفي أموالكم كذا وكذا, وكان خطب امرأة منهم في الجاهلية, ثم ذهب حتى نزل على المرأة. فبعث القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:{ كذب عدو الله ثم أرسل رجلاً فقال: إن وجدته حياً فاقتله وإن أنت وجدته ميتاً فحرّقه بالنار, فانطلق فوجده قد لدغ فمات, فحرّقه بالنار}([12]).
قال: [وَرُفِعَ إلى المهاجر بن أبي أمية -وكان أميراً على اليمامة ونواحيها- امرأتان مغنّيتان غنّت إحداهما بشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقطع يدها, ونزع ثنيتيها, وغنت الأخرى بهجاء المسلمين فقطع يدها, ونزع ثنيتيها, فكتب إليه أبو بكر بلغني الذي سرت به في المرأة التي تغنت, وزمزمت بشتم النبي صلى الله عليه وسلم, فلولا ما قد سبقتني لأمرتك بقتلها، لأنّ حدّ الأنبياء ليس يشبه الحدود, فمن تعاطى ذلك من مسلم فهو مرتد, أو معاهد فهو محارب غادر]([13]).
وقال ابن تيمية:[ فهذا عمر رضي الله عنه بمحضر من المهاجرين والأنصار يقول لمن عاهده: إنّا لم نعطك العهد على أن تدخل علينا في ديننا, وحلف لئن عاد ليضربن عنقه, فعُلِم بذلك إجماع الصحابة على أن أهل العهد ليس لهم أن يُظهروا الاعتراض علينا في ديننا, وأن ذلك منهم مبيح لدمائهم ]([14]).
ثم قال ابن تيمية فيمن يؤذي الله ورسوله:[ إنه يتعين قتله, ولا يجوز استرقاقه, ولا المنّ عليه, ولا فداؤه, أما إن كان مسلماً فبالإجماع, لأنه نوع من المرتد, أو من الزنديق, والمرتد يتعين قتله, وكذلك الزنديق, وسواء كان رجلاً, أو امرأة ]([15]).
وقال ابن تيمية:[ ويدلّ على جواز قتل الزنديق والمنافق من غير استتابة ما أخرجاه في الصحيحين, وساق أحاديث ثم قال: إن قتل المنافق جائز من غير استتابة, وإن أظهر إنكار ذلك القول, وتبرأ منه, وأظهر الإسلام ]([16]).
وقال ابن تيمية:[ التعريض بسب الله, وسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ردة, وهو موجب للقتل كالتصريح ]([17]).
وقال ابن تيمية:[ لا خلاف أن من سبّ النبي  صلى الله عليه وسلم أو عابه بعد موته من المسلمين كان كافراً حلال الدم, وكذلك من سبّ نبيا من الأنبياء ]([18]).
ونقل ابن تيمية قال:[ قال القاضي أبو يعلى من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف, وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد.... فمن قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها.... وذلك لأن هذا فيه عار وغضاضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذى له]([19]).
[ وقال أبو يعلى: الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة إن كان مستحلاً لذلك كفر, وإن لم يكن مستحلاً فسق, سواء كفرهم, أو طعن في دينهم, مع إسلامهم ]([20]).
وقد قطع طائفة من الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم بقتل من سبّ الصحابة، وكُفر الرافضة. قال محمد بن يوسف الفريابي وسئل عمن شتم أبا بكر قال: كافر، قيل: فيصلى عليه ؟ قال لا. وسأله كيف يصنع به وهو يقول لا إله إلا الله. قال: لا تمسوه بأيديكم, ادفعوه بالخشب, حتى تواروه في حفرته.
وقال أحمد بن يونس: لو أن يهودياً ذبح شاة. وذبح رافضي, لأكلت ذبيحة اليهودي, ولم آكل ذبيحة الرافضي, لأنه مرتد عن الإسلام.
وكذلك قال أبو بكر بن هاني -وكذلك قال عبد الله بن إدريس-...وقال أبو بكر عبد العزيز في المقنع: فأما الرافضي فإنه يسب فقد كفر ]([21]).
وقال مالك رحمه الله:[ إنما هؤلاء أقوام؛ أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك, فقدحوا في أصحابه, حتى يقال: رجل سوء, لو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين ]([22]).
[عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال قلت لأبي: يا أبت لو كنت سمعت رجلاً يسبّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالكفر أكنت تضرب عنقه ؟ قال نعم. رواه الإمام أحمد وغيره وفي رواية: قلت لأبي لو أتيت برجل يسبّ أبا بكر ما كنت صانعاً ؟ قال: أضرب عنقه. قلت فعمر ؟ قال أضرب عنقه. وعبد الرحمن بن أبزى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, استعمله عمر رضي الله عنه على مكة, واستعمله علي رضي الله عنه على خراسان ]([23]).
وقال ابن تيمية: [ وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا, بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً, أو أنهم فسقوا عامتهم, فهذا لا ريب أيضاً في كفره, لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع, من الرضا عنهم, والثناء عليهم, بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين, فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار, أو فساق, وأن هذه الآية التي هي ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفاراً, أو فساقاً, ومضمونها أنّ هذه الأمة شرّ الأمم, وأنّ سابقي هذه الأمة هم شرارها, وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام, ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم]([24]).



[1] - الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض-طبعة محققة 2/588, 590.
[2] - الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض-طبعة محققة- إصدار مؤسسة علوم القرآن 2 /588
[3] - المصدر السابق 2 / 606, 607.
[4] - المصدر السابق: 2 / 608, 622.
[5] - المصدر السابق: 2 / 632, 633.
[6] - المصدر السابق. 2 / 636, 637.
[7] - المصدر السابق  2 / 644.
[8] - المصدر السابق 2 / 646, 647.
-[9] أبو محمد بن أبي زيد: عبد الله القيرواني المالكي الذي انتهت إليه رياسة المذهب المالكي، سمي مالك الأصغر، توفي سنة تسع وثمانين وثلاثمائة.
[10] - المصدر السابق: 2 / 650.
[11] - الصارم المسلول على شاتم الرسول، ص /85, طبعة عالم الكتب.
[12] - المصدر السابق: ص/169.
[13] - المصدر السابق: ص/ 200.
[14] - المصدر السابق: ص/ 202.
[15] - المصدر السابق: ص/ 253.
[16] - المصدر السابق: ص/  353, 354.
[17] - المصدر السابق: ص/  525.
[18] - المصدر السابق: ص/  226.
[19] -المصدر السابق:  ص/   565, 567.
[20] - المصدر السابق: ص/  569.
[21] - المصدر السابق: ص/  569, 570.
[22] - المصدر السابق: ص/ 580.
[23] - المصدر السابق: ص/ 584.
[24] - المصدر السابق: ص/ 586, 587.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.