موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الخميس، 8 ديسمبر 2011

في رحاب العلماء (6) فتوى علماء الهداية الإسلامية في قانون التجنس


في رحاب العلماء (6)
فتوى علماء الهداية الإسلامية في قانون التجنس
رضوان محمود نموس
فتوى لعدد من العلماء حول قضية التجنيس بجنسية الدول الكافرة وكيف أن هذا العمل يخرج صاحبه من الملة لما فيه من الالتزام بقوانين الكفار وموالاتهم والاشتراك في جيشهم الذي ربما يحارب المسلمين وأنه لا تنفع مع هذه الأعمال النطق بالشهادتين والصلاة وغيرها.
وضعت دولة فرنسا في تونس قانوناً فتحت به للوطنيين باب التجنس بالجنسية الفرنسية، ومعنى التجنس بهذه الجنسية أن ينسلخ المسلم عن أحكام الشريعة الإسلامية ويلتزم أن تجري عليه قوانين فرنسا حتى في الأحوال الشخصية –كالنكاح والطلاق والمواريث- وأن يقف في صفوفها عند محاربتها ولو لأمة إسلامية، وأن يكون أولاده ومن يتناسل منهم فرنسيين كذلك.

وقد ألفت جمعية الهداية الإسلامية لجنة من أفاضل علمائها تحت رياسة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ علي محفوظ وكيل الجمعية والمدرس بكلية أصول الدين، وبحثت اللجنة مسألة التجنس، فرأت أن الأدلة القائمة على ردة المتجنس قاطعة، فكتبت فتوى بذلك وقدمتها إلى مجلس إدارة الجمعية فقرر نشرها بالصحف تحذيراً للمسلمين من الوقوع في هاوية الارتداد عن الدين، وقد جاءت هذه الفتوى موافقة لما أفتى به جماعة من جلة العلماء أمثال حضرات أصحاب الفضيلة الأستاذ الشيخ يوسف الدجوي، والشيخ محمد شاكر من هيئة كبار العلماء بمصر، والشيخ إدريس الشريف محفوظ مفتى بنزرت وغيرهم.
ولم تكتف فرنسا بوضع هذا القانون الذي تفسد به المسلمين أمر دينهم، بل استعملت القوة في دفن هؤلاء المرتدين في مقابر المسلمين.
فجمعية الهداية الإسلامية تنكر على الدولة الفرنسية استعمال القوة في دفن هؤلاء المرتدين في مقابر المسلمين وترى أن في هذا العمل إهانة للمسلمين واستخفافاً بشعورهم واعتداء عليهم في ناحية من نواحي دينهم، وتنتظر من الدولة الفرنسة أن تدرك قبح هذا الاعتداء وتعرف ما ينتج عنه من سوء العاقبة وتعدل عن اضطهاد المسلمين في تونس وإكراههم على أن يعدوا المتجنسين مسلمين ويقبلوا دفن جثثهم وهم مرتدون عن الدين في مقابر معدة لدفن أموات المسلمين:
وهذا نص الاستفتاء والفتوى:
ما قول ساداتنا العلماء أمتع الله بهم الأمة في رجل مسلم تجنس بجنسية أمة غير مسلمة اختياراً منه، والتزم أن تجري عليه أحكام قوانينها بدل أحكام الشريعة الغراء حتى في الأحوال الشخصية كالنكاح والطلاق والمواريث ويدخل في هذا الالتزام أن يقف في صفوفها عند محاربتها ولو لأمة إسلامية، كما هو الشأن في التجنس بالجنسية الفرنسية الآن في تونس.
 فهل يكون نبذه لأحكام الشريعة الإسلامية والتزامه لقوانين أمة غير مسلمة طوعاً منه ارتداداً عن الدين، وتجري عليه أحكام المرتدين، فلا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، أو كيف الحال؟!
وإذا كان خلع أحكام الشريعة من عنقه والتزامه لقوانين أمة غير مسلمة ردة فهل ينفعه أن يقول بعد هذا الالتزام إني مسلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟!
أفتونا أعلى الله بكم كلمة الدين وجعلكم من العلماء الراشدين المرشدين
أحد التونسيين النازلين بمصر
الـفـتـوى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد..
فإن التجنس بجنسية أمة غير مسلمة على نحو ما في السؤال هو تعاقد على نبذ أحكام الإسلام عن رضا واختيار، واستحلال لبعض ما حرم الله، وتحريم لبعض ما أحل الله، والتزام لقوانين أخرى يقول الإسلام ببطلانها، وينادي بفسادها.
ولا شك أن شيئاً واحداً من ذلك لا يمكن تفسيره إلا بالردة، ولا ينطبق عليه حكم إلا حكم الردة، فما بالك بهذه الأربعة مجتمعة في ذلك التجنس الممقوت؟
1-          إن الله تعالى يقول في نبذ أي حكم من أحكام الشريعة:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }([1])
2-          ويقول جل شأنه في النسيء وهو من جملة استحلال الحرام وتحريم الحلال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ([2]) زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}([3])
3-          ويقول تعالى فيمن التزم شريعة أخرى غير الإسلام: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}([4]) أضف إلى ما سبق أن التجنس المذكور فيه موالاة للكفار، ونصرة لهم على المسلمين، وفيه تعاقد على أن هذا المتجنس يقف في صف الأمة غير المسلمة إذا نفر النفير ولو ضد أمة إسلامية.
ومثل هذه الموالاة ينعى الله على أصحابها ، ويعتبرهم في جملة من والوهم، ويسمهم بالظلم، ويتوعدهم بأنه لا يهديهم، ويصفهم بمرض القلوب وبالجبن والخوف، ويفند مزاعمهم في احتجاجاتهم الباطلة، وينادي على لسان المؤمنين بحبوط أعمالهم وبخسرانهم، ثم يحكم أخيراً سبحانه بردتهم، وينذرهم بالفناء والزوال وأن يستبدل بهم قوماً خيراً منهم، قال جل ذكره في بيان ذلك كله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ* وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}([5])
ثم إن التجنس الفرنسي المذكور فيه فوق ما ذكر مودة لدولة تحاد الله ورسوله، وتشاق المسلمين، وتستعمر ديارهم قوة واقتدارا، وتذيقهم كأس الظلم والإرهاق ألوانا، وتعمل على تنصيرهم بكل الوسائل والحيل، والله جلت قدرته يقول: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُون بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ }([6])
النطق بالشهادتين
أما النطق بالشهادتين مع التردي في هذه البؤر الخبيثة الموجبة للردة، ومع عدم الإقلاع عنها، والتبرؤ منها، والندم عليها؛ هذه الشهادة على تلك الحال لا تنفع صاحبها شيئاً وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، لأن الشهادتين إنما كانتا دليلاً على الإسلام باعتبار أنهما عقد بين العبد وربه على احترام أحكام دينه، والرضا عنه وعن تشريعه، وعدم تخطيه إلى شريعة أخرى، فإذا قامت قرينة ظاهرة تدل على عدم الإذعان لمقتضى هاتين الشهادتين لم يقبل إسلام من نطق بهما، كمن يقول كلمة التوحيد وهو يسجد لصنم، وكمن يقول أنا أومن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وهو يهين كتاب الله. فما بالك بالتجنس الآنف وهو جريمة متألفة – كما علمت- من أربع جرائم كل منها يكفي قرينة ظاهرة تدل على عدم الإذعان لكلمة الإسلام. وعلى ترك القيام بحقها، وما مثل هؤلاء إلا كمثل من قال الله فيهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً *وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً}([7])
إن الله تعالى سمى أمثال هؤلاء منافقين، واعتبرهم أشد من الكفار الظاهرين فقال فيهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً}([8]) وفضحهم أشنع الفضيحة في سورة التوبة، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على أحد منهم مات أبداً أو يقوم على قبره، مع أنهم كانوا يصلون بصلاة رسول الله، وكانوا يقفون في صف الجهاد معه، وكانوا يظهرون خضوعهم لأحكام الله، فكيف أنت بهؤلاء المتجنسين الذين رضوا بالوقوف في صف الجهاد مع فرنسا ولو ضد الإسلام، وأظهروا التبرؤ والانسلاخ من أحكام الله، وانضووا علانية تحت قانون ضد دين الله.
إن أمثال هؤلاء زنادقة لم يكفهم أن يخرجوا من الإسلام ومن زمرة المسلمين، بل زادوا على ذلك بان استخفوا بالإسلام وبالمسلمين، فهم أشد ممن قال الله فيهم: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ* أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ}([9])
نعم زنادقة اليوم أشد من منافقي الأمس، لأن أولئك كانوا يتسترون في انضمامهم إلى العدو، وكانوا يستحيون أن يقولون لشياطينهم إنا معكم إلا حين يخلون إليهم، أما مرتدو اليوم فقد انسلخوا من الإسلام في جرأة، وناصروا العدو في عقد مكتوب محكم لا يسمح لهم ولا يسمحون هم لأنفسهم أن يرجعوا عنه يوما، أو يتهاونوا في احترام نصوصه أبداً، وإن الله تعالى يقول: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ* اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}([10]) وإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت له}رواه البخاري.
هل لهؤلاء من عذر؟!
ولا عذر لهؤلاء المتجنسين لأنهم ليسوا بمكرهين حتى نقول ما قال الله: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ }([11])، بل هم مختارون راضون كما يقول السؤال، وليس ما ينتظرونه وراء التجنس من حطام الدنيا وحظوظ العاجلة بمسوغ لهذا التجنس، بل يجب أن يفر المرء بدينه متى استطاع، وإن ذهبت دنياه، اقرأ إن شئت قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }([12])
إن الشارع أوجب الهجرة من دار الكفر إن خاف المسلم على نفسه الفتنة، وتوعد الله سبحانه أولئك الذين يبقون في أوطانهم بين الفتنة وهم قادرون على الهجرة فقال جل من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً}([13])
هل لهؤلاء من توبة؟!
بقي الكلام على التوبة هل تقبل من هؤلاء أو لا؟ والجواب: أنها تقبل، ولكن على معنى أن التوبة إصلاح للماضي بالندم على ما فرط فيه، وإصلاح للحال بالإقلاع من الذنب فوراً، وإصلاح للمستقبل بالعزم على عدم العود إلى ذلك الإثم أبداً.
أما التائب الذي لم يقلع عن ذنبه فهو كالمستهزئ بربه وما يأتيه ليس بتوبة، أنما هي حوبة جديدة، وأكذوبة سخيفة، إذ يقول "تبت" وما تاب، و"رجعت" وما يرجع، مع أن ربه عليم بذات نفسه، لا تخفى عليه خافية.
فهؤلاء المتجنسون إن نبذوا عقد التجنس، وخرجوا عن مقتضياته، وندموا على ما فرط منهم، ورجعوا إلى أحكام الله واحترامها وصمموا ألا يعودوا إلى ذلك التجنس أبداً؛ إنهم إن فعلوا ذلك فقد تابوا حقاً {والتائب من الذنب كمن لا ذنب له} أما إن بقوا على احترامهم لعقد التجنس ونبذهم لعقد الله فأولئك لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلا، ولو ملأوا الأرض من كلمة التوحيد، ومن ألفاظ التوبة والاستغفار، ومن مظاهر الصلاة والصوم والصدقة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}([14])
نصيحتنا
وإننا ننصح لإخواننا المسلمين أن يتيقظوا لما يراد بهم في هذا الزمان من أعداء الإسلام وأعوانهم ممن يزعمون الإسلام؛ فإننا أصبحنا في فتن كقطع الليل المظلم، فيها يصبح الرجل مسلماً ويمسي كافراً ويمسي مسلماً ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض الدنيا، والمؤمن من فرَّ بدينه من الفتن، والعاقل من اعتبر بحوادث الزمن، ويكفي ما نحن فيه؛ فقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، واتسع الخرق على الراقع، نسأل الله السلامة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
التوقيعات:
رئيس اللجنة: علي محفوظ المدرس بكلية أصول الدين بالأزهر
أمين اللجنة: محمد عبد العظيم الزرقاني من علماء الأزهر



[1] - النساء: 65.
[2] - النسيء في الآية الكريمة معناه تأخير شهر إلى شهر، وقد كان العرب إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه، وحرموا مكانه شهراً آخر، فأنزل الله هذه الآية نهياً لهم عن هذا النسيء، وبين لهم أنه زيادة في الكفر لأنه تحليل ما حرمه الله، وتحريم ما حلله، فهو كفر مضموم إلى كفرهم.
[3] - التوبة: 37.
[4] - آل عمران: 85.
[5] - المائدة: 51- 54.
[6] - المجادلة:22.
[7] - النساء 60/61.
[8] - النساء: 145.
[9] - البقرة: 14 – 16.
[10] - المنافقون 1- 2.
[11] - النحل: 106.
[12] - التوبة:24.
[13] -  النساء: 97.
[14] - النور: 39.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.