موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع (6)
من يقتل المرتد ؟ والخاتمة
رضوان محمود نموس
في هذه الحلقة تبيين من المفوض بقتل المرتد وما حكم قاتل المرتد إذا كان غير الإمام وه يجوز العفو عن المرتد أم لا وخاتمة حول موضوع أهل البدع والزندقة.
قال عبد القادر عودة رحمه الله:[ ويعتبر المرتد مهدرَ الدّم في الشريعة -يعتبر المرتد مهدر الدم من وجهين, أوّلهما: أنه كان معصوماً بالإسلام, فلما ارتدّ زالت عصمته, فأصبح مهدراً, وثانيهما: أن عقوبة المرتد في الشريعة القتل حدّاً, لا تعزيراً, لقوله عليه السلام: { لا يحل قتل امرئ إلا بإحدى ثلاث, كفر بعد إيمان, وزنا بعد إحصان, وقتل نفس بنفس }, ولقوله صلى الله عليه وسلم: { من بدّل دينه فاقتلوه } -فإذا قتله شخص لا يعاقب باعتباره قاتلاً, سواء قتله قبل الاستتابة أو بعدها. والأصل أَنّ قتل المرتد للسلطات العامة, فإن قتله أحد الأفراد دون إذن هذه السلطات فقد أساء, وافتات عليها, فيعاقب على هذا, لا على فعل القتل في ذاته, وعلى هذا الرأي فقهاء المذاهب الأربعة.... ويشترط لعقاب قاتل المرتد على افتياته, واستهانته بالسلطات العامة؛ أن تكون هذه السلطات قد اختصت نفسها بمعاقبة المرتد، فإذا كانت لا تعاقب على الردة كما هو حادث اليوم في مصر؛ وغيرها من بلاد الإسلام, فليس لها أن تعاقب قاتل المرتد؛ باعتباره مفتاتاً عليها, لأنه لا يعتبر مفتاتاً إلا بتدخله فيما اختصت نفسها به من تنفيذ أحكام الشريعة, فإذا كانت قد أهملت حكماً من الأحكام فأقامه الأفراد فليس لها أن تؤاخذهم على إقامته, بحال من الأحوال.
وقتل المرتد يعتبر واجباً في الشريعة الإسلامية, على كل فرد وليس حقاً, لأن عقوبة الردة من الحدود, وهي واجبة الإقامة, ولا يجوز العفو عنها, ولا تأخيرها, ولا يعفى الأفراد من هذا الواجب أن يعهد بإقامته إلى السلطات العامة, ولا يسقط هذا الواجب عن الأفراد إلا إذا نفذته السلطات العامة.
ويزيد الواجب على الحق إذا نظرنا إلى مصدر التكليف, فالمكلف بالواجب ملزم بإتيانه, أما صاحب الحق فله أن يأتيه, أو يتركه, فالفرق بين الواجب والحق لا يظهر إلا في مسؤولية المكلف بالواجب عن تركه, فهو قد يتعرض للعقاب بترك الواجب، أما صاحب الحق فلا يتعرض بالترك لعقوبة ما.... وقتل المرتد واجب على كل فرد, يُسأَلُ عن تأديته أمام الشارع, ولكن تأدية هذا الحق تعطي المكلف بالواجب الحق في قتل المرتد ]([1]).
وقال محمد كاظم حبيب:
[ في حال قيام الدولة الإسلامية لا يقتل المرتد إلا الإمام الأعظم أو نائبه, فإن قتله أحد غيرهما يعزّر, لافتياته على سلطة الإمام, وتعدّيه على صلاحية ولي الأمر, ولكنه لا يضمن, ولو قتله قبل استتابته لأنه قتل إنساناً مهدور الدم, قبل الاستتابة وبعدها, وإن كان يحرم عليه ذلك, ولكنه لا يلزم من تحريم القتل الضمان, وقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا الباب مشهورة, حين طرق باب بيته خصمان كانا اختصما في قضية, واحتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم لأحدهما, فلم يرض الآخر, وقال لصاحبه دعنا نحتكم إلى عمر, فلما تبين عمر قصتهما, استمهلهما ودخل بيته, واستلّ سيفه وخرج عليهما فقتل الذي أبى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقال: بهذه أحكم على من لا يقبل بحكم الله ورسوله.... ثم نزلت آية ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )([2]).
وبذلك حكم الله بالكفر والردة على كل مسلم؛ يأبى أن يحتكم إلى الشريعة الإسلامية, أو يرفض حكمها, أو يجد في نفسه غضاضة من حكمها, وضيق نفس أو لا يسلّم لها تسليما مطلقا, لا يشوبه أدنى تذمّر, أو معارضة, أو عناد, أو تمرد, أو انتقاد, أو اعتراض, بل حتى أدنى عتاب.
وفي حال غياب الشريعة الإسلامية يجوز لكل أحد أن يقتله, بلا استتابة, ولا إمهال وبأي وسيلة متاحة, وبلا ترويح, وقتله فرض كفاية, إذا فعله البعض سقط الواجب عن الجميع, وإذا لم يقتله أحد أثِمَ الناس جميعاً, وفي حال غياب الشريعة الإسلامية فإن البلاد لم تعد دار إسلام, بالمعنى الفقهي المعروف, إذ ليس هناك إمام أعظم ينفذ الشريعة ويحمي حقوق الناس, ويذود عن بيضة الإسلام, ولذلك فإن واجب قتل المرتد يصير إلى كل أحد قدر عليه.
وفي حال هروبه إلى دار الحرب فيجوز لكل أحد أيضاً أن يقتله, بلا استتابة, وكيف ما اتفق, ويأخذ ما معه من مال, لأنه صار حربياً, بالتحاقه بدار الحرب.
ثم إن التعزير يسقط بحق قاتل المرتد, إذا كان قانون العقوبات قد أغفل موضوع الردة, وأهمل عقوبة المرتد, فلم تختص السلطات نفسها بهذا الواجب, كما هي الحال في معظم الأقطار العربية والإسلامية اليوم. ولذلك فإن هذا الواجب أصبح منوطاً بذمة كل مسلم, قادر على أدائه, لأن عقوبة الردة لا يجوز إسقاطها بحال, وليس من حق ولي الأمر أن يصدر عفواً عن المرتد, أو أن يخفف عقوبته إلى السجن مدى الحياة, أو أن يؤخر تنفيذها.
فإذا قتل أحدٌ المرتدَّ فإنما يكون قد أدى فرض كفاية, وبقتله أسقط هذا الواجب عن الآخرين, وبدون قتله يأثم الجميع.
وليس من حق السلطات أن تؤاخذ قاتل المرتد, أو تعزره ما دامت لم تختص نفسها بمعاقبة المرتد, وما دامت قد أهملت تنفيذ حكم من الأحكام, أقامه فرد من الأفراد, ويستحق عليه الأجر والتقدير, فكيف تعود عليه باللوم والتعزير, لأن القاعدة الفقهية والقانونية تشترط لتعزير قاتل المرتد أن يكون متعدّيَاً بعمله حدود اختصاصه, مستهينا بصلاحيات السلطات العامة، وما دامت هذه السلطات قد أهملت معاقبة المرتد, ولم تنص على جريمة الردة أصلاً, فليس لها حتى أن تلوم قاتل المرتد, في الوقت الذي يجب أن تلوم فيه نفسها ]([3]).
ونحن إنما قدّمنا هذه المقدمة ليعرف حكم الأفكار, والرجال, والكتب التي تعيث فساداً في الأمة بل أصبح بعض المتسلمين يبايعون مرتداً لقيادتهم وينضون تحت أجزاب قادتها مرتدين وأفكارها وعقائدها أفكار ردة وعقائد ردة فلا بد من إظهار الحق , فيؤخذ بما وافق الشرع وينبذ ما خالفه, ويلقى الغث, ويحتفظ بالسمين, وترفض البدع والأهواء والضلالات، ويقدم أمر الله تعالى, وسنن نبيه صلى الله عليه وسلم, وليميز الخبيث من الطيب, وليؤخذ هذا الدين بالجد, وتتضح الحجة, بعيداً عن التسيب والهزل، ويتضح طريق المؤمنين، ويستبين سبيل المجرمين.
قال حمد بن عتيق: [ قد حرّم الله في كتابه الركون إلى الذين ظلموا, فإذا كان الركون ظاهراً معلوماً فلا يجوز للمؤمن أن يتخذ الراكن جليساً ]([4]).
وسئل الشيخ محمد بن عبد اللطيف عن رجلين تنازعا في السلام على الرافضة, والمبتدعين, ومن ضاهاهم من المشركين في مؤاكلتهم, ومجالستهم، فقال أحدهما هو جائز؛ وقال الآخر لا يجوز.
فأجاب:[ الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, كالمبتدعة والمشركين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, وإمام المتقين, وقائد الغر المحجلين, محمد وآله وصحبه والتابعين.
أما بعد: فقد سألني من لا تسعني مخالفته, عن هذا السؤال المذكور أعلاه, بما عليه أهل التحقيق, من أئمة الإسلام والهدى الأعلام، وما نعتقده في ذلك وندين الله به.
فنقول: اعلم وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى؛ أنه لا يستقيم للعبد إسلام ولا دين, إلا بمعاداة أعداء الله ورسوله, وموالاة أولياء الله ورسوله, قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَائَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ % قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )([5]).
وقال تعالى:( الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا % وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )([6]).
وقال تعالى: ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)([7]).
وقال تعالى:( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ )([8]).
وقال تعالى:( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأبِيهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )([9]).
فالواجب على من أحب نجاة نفسه, وسلامة دينه, أن يعادي من أمره الله ورسوله بعداوته, ولو كان أقرب قريب, فإن الإيمان لا يستقيم إلا بذلك, والقيام به, لأنه من أهم المهمات, وآكد الواجبات.
إذا عرفت هذا: فمؤاكلة الرافضي, والانبساط معه, وتقديمه في المجلس, والسلام عليه لا يجوز, لأنه موالاة وموادة, والله تعالى قد قطع الموالاة بين المسلمين والمشركين بقوله:( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ )([10]).
وقال تعالى: ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّم َجَمِيعًا)([11]). والآيات في المعنى كثيرة كما تقدم.
والسلام تحية أهل الإسلام بينهم, فإذا سلّم على الرافضة, وأهل البدع, والمجاهرين بالمعاصي, وتلقاهم بالإكرام والبشاشة, وأَلانَ لهم الكلام, كان ذلك موالاة منه لهم, فإذا وادّهم, وانبسط لهم, مع ما تقدم, جمع الشرّ كله, ويزول ما في قلبه من العداوة والبغضاء, لأن إفشاء السلام سبب لجلب المحبة, كما ورد في الحديث: { ألا أدلكم على ما تحابون به، قالوا بلى يا رسول الله قال: أفشوا السلام بينكم }. فإذا سلم على الرافضة, والمبتدعين, وفسّاق المسلمين, خلصت مودته ومحبته في حق أعداء الله, وأعداء رسوله.
فكيف بالرافضة الذين أخرجهم أهل السنة والجماعة من الثنتين والسبعين فرقة ؟ مع ما هم عليه من الشرك البواح من دعوة غير الله في الشدة والرخاء, كما هو معلوم من حالهم, ومواكلتهم والسلام عليهم -والحالة هذه- من أعظم المنكرات وأقبح السيئات, فيجب هجرهم والبعد عنهم, والهجر مشروع لإقامة الدين وقمع المبطلين, وإظهار شرائع المرسلين, وردع لمن خالف طريقتهم من المعتدين.
قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: [باب من لم يسلم على من ارتكب ذنباً ولم يرد سلامه حتى تتبين توبته ].
وقال البغوي رحمه الله في كتاب السنة: [ وأما هجر أهل المعاصي وأهل الريب والبدع في الدين فيشرع إلى أن تزول الريبة عن حالهم, وتظهر علامات توبتهم وأماراتها ].
فمن أكرَمَ مَن تلك نحلته، وتلك طريقته، كان دليلاً على عدم فقهه، وبصيرته في الدين، وعدم تفريقه بين عابدي الرحمن وعابدي الأوثان، والضدّان عنده يجتمعان، فلضعف بصيرته نهج هذا المنهج، وأعرض عن الحق بعدما اتضح وابلولج، فيخشى عليه أن يحشر يوم القيامة معهم، ويكون من جملتهم، كما كان في الدنيا من أصدقائهم ومعاشريهم، عياذاً بك اللهم من تلك الأحوال والأعمال، التي تؤول بصاحبها إلى الخزي والوبال، وسوء المنقلب، في الحال والمآل.
وأكثر الخلق إنما يحمله على الوقوع في تلك الورطات، الحرص على تحصيل الدنيا، والتقرب عند أهلها، وتسليك حاله معهم ولو فسد عليه دينه وانهدم إيمانه نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: [ أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد: أمّا زهدك في الدنيا فتعجلت به راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت به، فماذا عملت فيما لي عليك ؟ قال: يا رب فمالك علي ؟ قال: هل واليت لي ولياً، أو عاديت لي عدواً ؟ ].
وقد قال تعالى:( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ )([12]).
قال بعض العلماء الفضلاء: الفتنة في الأرض: الشرك. والفساد الكبير: اختلاط المسلم بالكافر، والمطيع بالعاصي، فعند ذلك يختلّ نظام الإسلام وتضمحل حقيقة التوحيد, ويحصل بالشر ما الله به عليم.
فلا يستقيم الإسلام ويقوم قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويرتفع عَلَمُ الجهاد إلا بالحب في الله والبغض فيه, وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه. والآيات الدالة على ذلك أكثر من أن تحصر.
وأما الأحاديث فأشهر من أن تذكر, فمنها: حديث البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعا { أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه }, وعن أبي ذر رضي الله عنه: { أفضل الإيمان الحب في الله والبغض فيه}. وفي حديث مرفوع: اللهم لا تجعل لفاجر عندي يداً ولا نعمة فيوده قلبي, فإني وجدت فيما أوحيته إلي ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) ([13]).
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً:{ المرء مع من أحب }, وقال صلى الله عليه وسلم: {المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }، وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه مرفوعاً:{لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي }, وعن علي رضي الله عنه مرفوعاً: { لا يحب رجـل قوماً إلا حشر معهم },وقال صلى الله عليه وسلم: { تقرّبوا إلى الله ببغض أهل المعاصي والقَوْهم بوجوه مكفهرّة, والتمسوا رضى الله بسخطهم, وتقربوا إلى الله بالتباعد عنهم },وقال عيسى عليه السلام: تحببوا إلى الله ببـغض أهل المعاصي, وتقـربوا إلى الله بالـبعد عنهم, واطلـبوا رضى الله بسخطهم ]([14]).
0 التعليقات:
إرسال تعليق