موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأحد، 18 ديسمبر 2011

أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (4)


أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (4)
رضوان محمود نموس
نتحدث في هذه الحلقة عن رأي محمد عمارة في الجهاد وكيف يرى أن الجهاد ليس من الدين ولا وسيلة لنشر الدعوة، بل يرى ذلك أعمالاً سياسية بحتة وأن القائلين بأن الجهاد من الدين هم العوام وشيوخهم الطغام. وكل العمليات الجهادية من الغزوات في عهد الرسول وحروب الردة وفتوحات الإسلام هي عمل سياسي و حرب تحرير وطنية.
هذا الذي يقول عنه القرضاوي [بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر:  (الجزيرة نت) 3/11/2010
·      محمد عمارة والجهاد:
لا يرى المفكر الإسلامي محمد عمارة أن الجهاد من الدين أو أنه وسيلة لنشر الدعوة، بل يرى ذلك أعمالاً سياسية بحتة، ولا نريد أن نسترسل بالقول من عند أنفسنا فهذه أقواله:
يقول: [ فليست هناك حروب دينية، لأن غايات الدين والإيمان بعقائده لا تتحقق بالإكراه. والحرب والقتال إكراه مسلح وعنيف، وما سمي بالحروب الدينية إن هو إلا نشاط سياسي وقتال سياسي لا ديني ]([1]).
ويقول: [ إن هذا الجهاد والقتال منه بوجه خاص - على عكس ما يدعي البعض - ليس ركناً من أركان الدين ومقاصده، فالقتال ليس سبيلاً من سبل الدعوة إلى الدين ]([2]).
ثم يقول مستشهداً بأقوال محمد عبده ومؤيداً لها:[ (ولا التفات لما يهذي العوام ومعلموهم الطغام) ]([3]). ثم يعلق عمارة فيقول: [ ونحن نستطيع أن نطمئن كل الاطمئنان إلى صياغة الإمام محمد عبده لهذه القضية، قضية أن الجهاد والقتال منه بخاصة ليس ديناً، أي ليس ركناً من أركان الدين ولا ذا طبيعة وفلسفة دينية، ولا هو من جوهر الدين ومقاصده، وإنما هو أمر سياسي ]([4]).
ويقول: [ ولقد كان قتال الرسول عليه الصلاة والسلام والغزوات التي غزاها والحروب التي وجّه إليها صحابته كانت كلها تطبيقاً لذلك القانون الإلهي والبديهي والعقلاني، لا إيمان عن طريق الإكراه، والقتال والجهاد الحربي سياسة، وليس ديناً، ولا مكان له في دنيا الإسلام وعالم المسلمين ]([5]).
ويقول: [ بعد أن هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام أذن الله مجرد إذن للمؤمنين في القتال، وهو لم يأذن لهم في القتال حتى يكون وسيلة لفرض العقيدة والإيمان لأن ذلك بالطبع والقطع مستحيل وإنما أذن لهم في ذلك سياسة ]([6]).
ويقول: [ وعندما انتقل القرآن الكريم في تشريعه للقتال من أمر المؤمنين به إلى حيث جعله فرضاً واجباً عليهم استمر حديثه عن قضيتهم السياسية الوطنية ]([7]).
ثم يقول: [ ومن هنا فإننا لا نعدو الحقيقة إذا نحن قلنا إن فتح المسلمين لمكة في السنة الثامنة من الهجرة كانت حرب تحرير وسياسية بالمعنى الدقيق لهذا التعبير ]([8]).
ويقول:[ فالذي صنعه وفرضه الفاتحون المسلمون ليس هو الإيمان وإنما هو تحرير الوطن ]([9]).

ثم يقول: [ إن القتال في الإسلام والجهاد الحربي هما سياسة ينهض العامل الوطني بالدور الأكبر في شرعيتهما ومشروعيتهما ]([10]).
ثم يقول: [ ولم يَقِلّ الطابع السياسي للقتال الذي حدث في عصر الصحابة رضوان الله عليهم عمّا كان عليه في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام، بل لعله كان أشد وضوحاً وأبرز للعيان ]([11]).
ثم يقول: [ أما حروب الفتوحات التي نهضت بها الدولة العربية الإسلامية، وبخاصة على عهد عمر بن الخطاب فإن وضوح طابعها السياسي وافتقاد شبهة الحرب الدينية عنها لا يحتاجان إلى تفصيل حديث، فهي فتوحات لم تفرض عقيدة الإسلام وإنما امتدت بحدود الدولة السياسية إلى ما وراء شبه الجزيرة العربية ]([12]).
ثم يقول: [ ويؤكد الطابع السياسي لقتال حرب الفتوحات هذه ذلك الطابع التحريري والمضمون الوطني الذي برز كمحتوى لعملياتها ]([13]).
ثم يقول عن الفتوحات: [ فهي حرب تحرير، وهو قتال سياسي اقتضته شؤون الدولة وضرورات الصراع العالمي بين الشرق الفتي والغرب المتقهقر ]([14]).
ثم يقول تعليقاً على آية { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا }: [ إن اختلاف البشر في الشرائع الدينية هو الحكمة التي خلقهم الله لها فهي إرادته، ومن ثم فلا معنى لتصور وحدة في الشريعة تعمّ البشرية وتضم أهلها، ومن ثمّ فلا معنى لاتخاذ السبل لتحقيق هذه الوحدة في الشريعة وذلك فضلاً عن أن تكون تلك السبل عنفاً وقتالاً وجهاداً ]([15]).
ثم يقوم المفكر عمارة ليلوي عنق الحديث ويفتري غير الحق فيقول: [ أما الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن الرسول والذي يقول فيه أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فالمراد بالناس الذين أمر الرسول بقتالهم المشركون من العرب ].
ثم يقول: [ ويشهد بأن المراد بالناس في هذا الحديث هم مشركو العرب بخاصة أن لفظ الحديث قد ورد في بعض الروايات واضعاً لفظ المشركين بدلاً من لفظ الناس، وواضعاً لفظ العرب بدلاً من لفظ الناس تارة أخرى ]([16]).
ومختصر قول المفكر الإسلامي محمد عمارة التالي:
1.                 لا يوجد هناك حروبٌ دينية. والجهاد ليس من أركان الدين؛ بل ليس من جوهر الدين ومقاصده، وإن القائلين بهذا هم العوام وشيوخهم الطغام.
2.                 كل العمليات الجهادية من الغزوات في عهد الرسول وحروب الردة وفتوحات الإسلام هي عمل سياسي وليس دينياً. والحرب التي خاضوها هي حرب تحرير وطنية.
3.                 الافتراء بتغيير ألفاظ الحديث.
ونقول لقد فهمت الأمة الإسلامية سلفاً وخلفاً, عرباً وعجماً, إلا من التحق بالإسلام للكيد به وما زال على دين المستشرقين، أن الجهاد من الإسلام والإيمان والدين، بل هو رأس سنام الإسلام، وسنورد بعض الآيات ونشير للبعض الآخر، لعل في هذا ذكرى لمن امتطاهم إبليس فينزلونه عن ظهورهم ويؤوبوا إلى الحق:
منها قوله تعالى: { وقاتلوهمْ حتَّى لا تكونَ فتنةٌ ويكونَ الدينُ للهِ فإنِ انتهَوْا فلا عُدوانَ إلا عَلَى الظَّالِمِينَ }([17]).

وقوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }([18]).
  وقوله تعالى: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }([19]).
وقوله تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }([20]).
وقوله تعالى:{ الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا }([21]).
وقوله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِن انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }([22]).
وقوله تعالى: { فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }([23]).
وقوله تعالى:{  قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ  % ويُذْهِبْ غَيْظَ قلوبِهمْ... }([24]).
وقوله تعالى: { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِننَ  اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }([25]).
وقوله تعالى: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }([26]).
وقوله تعالى: { يَا أَيُهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}([27]).
وقوله تعالى: { فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ }([28]).
وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ ْ الصَّادِقُونَ }([29]).
وقوله تعالى: { ألم تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا }([30]).
ولتراجع سور: الأنفال والتوبة والقتال.
وأما الأحاديث: فهذا حديث وفد عبد القيس عندما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان فقال لهم: كما روى البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم... أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالَ: { أَتَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصّلاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصِيَامُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ }([31]).
والقتال السياسي والتحريري والوطني إذا لم يكن من أجل إعلاء كلمة الله فليس جهاداً، فلقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا, وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً. فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ. قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا فَقَالَ: { مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ }([32]).
وأما منزلة الجهاد في الدين فهي عظيمة. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: { إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ }([33]).
وعن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: { مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ. قَالُوا ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ }([34]).
وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: { مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ, وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ }([35]).
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: { لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا }([36]).
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ. قَالَ:{لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ, وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. تَعْبُدُ اللَّهَ وَلا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا, وَتُقِيمُ الصَّلاةَ, وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ, وَتَصُومُ رَمَضَانَ, وَتَحُجُّ الْبَيْتَ, ثُمَّ قَالَ: أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ, وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ, وَصَلاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. قَالَ: ثُمَّ تَلا:  { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } حَتَّى بَلَغَ { يَعْمَلُونَ } ثُمَّ قَالَ:{ أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ, وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ, وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ }([37]).
وعنه رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{ ذُرْوَةُ سَنَامِ الإِسْلامِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }([38]).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ }([39]).
وأما أن القائلين بأن الجهاد من الدين هم العوام ومعلموهم الطغام، فنقول للمفكر وأستاذه محمد عبده: إن القائل بهذا هو الله تعالى, ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم, والصحابة أجمعون, والتابعون, وتابعوهم, والعلماء الأعلام قاطبة، وليراجع المفكر الإسلامي القرآن والسنة وكتب الفقه قاطبة ليقف على صحة ما نقول، وإذا كان هؤلاء طغاماً فلينظر صاحب هذا القول أين هو من الإسلام؟!.
وأمّا أن المقصود بحديث { أمرت أن أقاتل الناس } هم مشركو العرب فهذا الذي لم يوفق فيه المفكر عمارة كما في سائر أموره. - فيما يبدو- فالقتال إنما هو للمشركين وليس للمؤمنين. فالناس مؤمن وكافر مشرك، فالمؤمن آمن والقتال لمن أشرك، وأما تخصيص المشركين بمشركي العرب فكما هو معلوم للمفكر وغيره أن العام على عمومه ما لم يخصص، والمطلق على إطلاقه ما لم يقيد فاللفظ جاء { أمرت أن أقاتل الناس }. وفي رواية ضعيفة -كما سنبين- { أمرت أن أقاتل المشركين } ولا يوجد أي رواية بلفظ { أمرت أن أقاتل العرب }. وهذه إضافة من المفكر عمارة؛ بل وضع على النبي صلى الله عليه وسلم, وكنا نتمنى أن لا يقدم على هذا العمل الخطير من الإضافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، وهذا أمر متوعد لمن يفعله بالعقاب الشديد الذي من المفروض أن المفكر الإسلامي عمارة لا يجهله.
ونقول: إن هذا الحديث ورد في صحيح البخاري سبع مرات([40]). وكلها بلفظ{ أمرت أن أقاتل الناس }.
وورد في صحيح مسلم خمس مرات([41]). وكلها بلفظ { أمرت أن أقاتل الناس }.
وورد في سنن الترمذي بترقيم أحمد شاكر أربع مرات([42]). وكلها بلفظ { أمرت أن أقاتل الناس }.
وورد في النسائي بترقيم أبي غدة اثنتين وعشرين مرة([43]). وكلها بلفظ { أمرت أن أقاتل الناس }، وهناك رواية في النسائي برقم (3966) بلفظ { أمرت أن أقاتل المشركين } ورواتها هم:
- هارون بن محمد: وهو صدوق.
- محمد بن عيسى: وهو صدوق يخطئ, ويدلس. رُمي بالقدر.
- حميد الطويل: مدلس.
فالرواية ضعيفة. وعلى فرض صحتها فلا تعارض فلفظها { أمرت أن أقاتل المشركين } ولم تقل العرب, أو من العرب.
وفي سنن أبي داود بترقيم محيي الدين عبد الحميد ثلاث روايات([44]). وجميعها بلفظ     { أمرت أن أقاتل الناس }.
ورواية واحدة برقم (2641) بلفظ { أمرت أن أقاتل المشركين }، والجواب عنها هو نفس الجواب على رواية النسائي.
وأما في سنن ابن ماجة فقد ورد خمس مرات([45]). وكلها بلفظ:
{ أمرت أن أقاتل الناس }.
وفي مسند أحمد بترقيم إحياء التراث ورد تسع عشرة مرة([46]). وكلها بلفظ { أمرت أن أقاتل الناس }.
وفي الدارمي رواية برقم: (2383) بلفظ { أمرت أن أقاتل الناس }.
فمن أين له بهذا اللفظ (أمرت أن أقاتل العرب)؟  إن هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليتق الله من ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


[1] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص / 98.
[2] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية،  ص / 98.
[3] - المصدر السابق، ص / 98.
[4] - المصدر السابق، ص / 98.
[5] - المصدر السابق، ص / 101.
[6] - المصدر السابق, ص / 101.
[7] - المصدر السابق، ص / 102.
[8] - المصدر السابق، ص / 104.
[9] - المصدر السابق، ص / 105.
[10] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص / 105.
[11] - المصدر السابق، ص / 106.
[12] - المصدر السابق، ص / 117.
[13] - المصدر السابق، ص / 118.
[14] - المصدر السابق، ص / 118.
[15] - المصدر السابق، ص / 133.
[16] - الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، ص / 131.
[17] - سورة البقرة: 193.
[18] - سورة البقرة: 216.
[19] - سورة البقرة: 244.
[20] - سورة النساء: 74.
[21] - سورة النساء: 76.
[22] - سورة الأنفال: 39.
[23] - سورة التوبة: 5.
[24] - سورة التوبة: 14 - 15.
[25] - سورة التوبة: 24.
[26] - سورة التوبة: 29.
[27] - سورة التوبة: 73.
[28] - سورة محمد: 4.
[29] - سورة الحجرات: 15.
[30] - سورة النساء: 77.
[31] - صحيح البخاري رقم  (53).
[32] - رواه البخاري برقم  (123).
[33] - رواه البخاري برقم  (1519).
[34] -  رواه البخاري برقم  (2786).
[35] - رواه البخاري برقم  ( 2787).
[36] - رواه البخاري برقم  (2792).
[37] - رواه الترمذي برقم (2616).
[38] - رواه أحمد برقم (21546).
[39] - رواه مسلم برقم  (1910).
[40]- وأرقامها حسب ترتيب فتح الباري: (25, 293, 522, 1400, 2946, 6924, 7285).
[41]- وهي حسب ترقيم فؤاد عبد الباقي: (20, 21 مكرر ثلاث مرات, 22).
[42]- وأرقامها: (2606, 2607, 2608, 3341).
[43]-  وأرقامها: (2434, 3090, 3091, 3092, 3093, 3094, 3095, 3967, 3969, 3970, 3971, 3972, 3973, 3974, 3975, 3976, 3977, 3979, 3982, 3983, 5003, 5039).
[44]- وأرقامها: (1556, 2640, 3194).
[45]- وأرقامها: (71, 72, 3927, 3928, 3929).
[46] - وأرقامها: (68, 118, 241, 337, 8339, 8687, 9190, 9802, 10140, 10441, 10459, 12643, 12935, 13799, 14150, 14240, 14819, 15727, 15730).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.