أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (7)
رضوان محمود نموس
نتحدث في هذه الحلقة عن رأي محمد عمارة بمؤسس الديانة الرافضية (عبد الله بن سبأ) وزعمه أن هذه الشخصية وهمية لا وجود لها اخترعها أهل السنة ليعلقوا عليها ما حصل من مشاكل هذا الذي وصفه القرضاوي [بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
q عبد الله بن سبأ:
يرى محمد عمارة أن شخصية عبد الله بن سبأ الذي هو أصل الفتنة اخترعها مؤرخو أهل السنة فيقول: [ إن قصة عبد الله بن سبأ برمتها وأساسها موضع شكّ وجدل بين الباحثين في تاريخ هذه الفترة، وهناك من يراها مجرد مشجب وهمي اخترعها البعض ليعلق عليها الأخطاء -ويقول -: وهناك من الباحثين من هالتهم هذه الصورة فبحثوا عن شخصية عبد الله بن سبأ هذه وعن نشاطه وقاد هذا البحث البعض إلى إنكار وجود هذه الشخصية كلية، ورأى أن مؤرخي السنة قد اخترعوها كي يعلقوا في عنقها الأحداث والصراعات والدماء التي سببها الصراع على السلطة ]([1]).
فهذا رأي الباحث المفكر الحصيف في شخصية عبد الله بن سبأ. أنها شخصية قد اخترعها مؤرخو السنة, وهو يقلّد في هذا شيخه طه حسين أحد المفكرينات. ومع أنه ساق الكلام كعادة الملبسين المدلسين على لسان بعض الباحثين والمفكرين . إلا أنه من المعلوم بالضرورة أنه من يسوق أقوالاً كهذه للاستشهاد ولا يعلق عليها يكون فعله هذا إقرارًا لهذه الأقوال .
ونحن -بعون الله- نورد له رأي أهل السنة، ورأي مؤرخي الشيعة في شخصية ابن سبأ لعله يتعلم ما يجهله, ويكف عما يجادل فيه؛ فلقد أثبت شخصية ابن سبأ ودورها في الفتنة كثيراً من علماء أهل السنة والشيعة نذكر بعضهم .
فمن علماء أهل السنة ومؤرخيهم:
1. ابن عساكر في تاريخ دمشق ص / 124.
2. الجاحظ في البيان والتبيين (3 /81).
3. ابن حبيب البغدادي في المحبر ص / 308.
4. الذهبي في الكاشف (1 /27), وتاريخ الإسلام (2 /122).
5. ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب (1 /171).
6. ابن سعد في الطبقات الكبرى (3 /39) و(6 / 192).
7. الطبري في تاريخه (4 /340).
8. ابن الأثير في الكامل (3 / 114، 144).
9. ابن كثير في البداية والنهاية (7 / 183).
10. ابن عبد ربه في العقد الفريد (2 / 405).
11. الصدفي في الوافي في الوفيات (17 / 20).
12. السمعاني في الأنساب (7 / 24).
13. الزبيدي في تاج العروس (1 / 75).
14. ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28 / 482).
15. الأشعري في مقالات الإسلاميين (1 / 86).
16. ابن حزم في الفصل (4 / 182).
17. الشهرستاني في الملل والنحل (1 / 155). وغيرهم كثير.
ومن الشيعة ومؤرخيهم :
1. الناشئ الأكبر في مسائل الإمامة ص / 22.
2. القمي في المقالات ص / 20.
3. النوبختي في فرق الشيعة ص / 23.
4. الكشي في رجال الكشي ص / 98.
5. الطوسي في تهذيب الأحكام (2 / 222).
6. الحلِّي في الرجال (2 /71).
7. الأردبيلي في جامع الرواة (1 / 485).
8. محمد باقر الخوانساري في روضات الجنان (3 / 141).
9. الكاشاني في الوافي (2 / 118). وغيرهم كثير جداً.
وإذا كان أهل السنة قد اخترعوا شخصية عبد الله بن سبأ في نظر المفكرينات مثل محمد عمارة وأساتذته! فسنسوق له إثبات عبد الله بن سبأ من كتب الشيعة ودوره في الفتنة بالأسانيد الصحيحة لديهم:
فقد روى الكشي في رجاله,كما نقله عنه الطوسي (وهو شيخ الطائفة) في اختيار الرجال, والمالقاني في تنقيح المقال, والقهباني في مجمع الرجال, وغيرهم –ويمكن الرجوع إلى الترجمة حسب اسم الرجل بالفهرس الألفبائي لاختلاف الطبعات-قالوا:
- حدثني محمد بن قولويه القمي قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي بن خلف القمي قال: حدثني محمد بن عثمان العبدي عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان قال: حدثني أبي عن أبي جعفر عليهما السلام أن عبد الله بن سبأ كان يدَّعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين عليا عليه السلام هو الله تعالى –تعالى الله عن ذلك– فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه وسأله فأقرّ بذلك، قال: نعم أنت هو، وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي، فقال له أمير المؤمنين: ويحك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب فأبى، فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: (إن الشيطان استهواه وكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك).
- حدثني محمد بن قولويه، حدثني سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن زيد ومحمد بن عيسى عن علي بن مهزيار عن فضالة بن أيوب الأزدي عن أبان بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (لعن الله عبد الله بن سبأ إنه ادّعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبداً طيعاً، الويل لمن كذب علينا، وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم).
- وبهذا الإسناد عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير وأحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه والحسين بن سعيد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: (لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله بن سبأ فقامت كل شعرة في جسدي ولقد ادّعى أمراً عظيماً، ما لَهُ لعنه الله، كان علي عليه السلام والله عبداً لله صالحاً, أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما نال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرامة من الله إلا بطاعته لله).
- وبهذا الإسناد عن محمد بن خالد الطيالسي عن ابن أبي نجران عن عبد الله قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنّا أهل بيت صدّيقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا, ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق الناس لهجة وأصدق البرية كلها، وكان مسيلمة يكذب عليه, وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ).
- وفي الكشي: وذكر بعض أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً عليه السلام, وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى على نبينا وعليهما السلام بالغلوّ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي عليه السلام مثل ذلك, وكان أول من شهر بالقول بفرض إمامة علي عليه السلام, وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وكفرهم، فمن ها هنا قال من خالف الشيعة إن أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية).
هذه الأسانيد والأقوال هي مدوَّنة في كتب أئمة الشيعة المعتبرين عندهم، فهم يعترفون بشخصية عبد الله بن سبأ وأثره السيئ في الفتنة, وأنه أول من قال بفرض إمامة علي والغلو فيه، فهل يتعظ المفكر الإسلامي, ويعلم أن هذا ليس من اختراع أهل السنة، وهل يعود هو وأساتذته إلى رشدهم؟.. نرجو ذلك !
0 التعليقات:
إرسال تعليق