حَتَّى
يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ
رضوان محمود نموس
{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ
الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ
الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ
يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ
تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179]
إن طبيعة الحق النفور والابتعاد عن
الباطل وطبيعة الطهارة عدم الاختلاط بالرجس والدنس فإذا اختلطت به فقدت ميزتها
وخصائصها إن ألف لتر أو أكثر من الماء الطاهر ينجسه نصف لتر أو أقل من البول
ويفقده خصائصه من صلاحية للشرب والتطهر.
ولقد قال الشاعر الحكيم:
لا تسلم الجربا بقرب سليمة *** ولكنما
تلك السليمة تجرب
فإذا كان الباطل بيناً فالنهي واضح
وشديد قال الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ
النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا
تُنْصَرُونَ} [هود: 113]
وقال الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ
عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا
وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ
غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]
وأعلمنا ربنا عز وجل فوائد التميز عن
الباطل فقال سبحانه: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25]
أما إذا كان الباطل متخفياً اقتضت حكمة
الله تعالى أن يعرض الصف المؤمن للامتحان والاختبار حتى تظهر طبيعة المعادن ويعرف
الخبيث من الطيب فينفى الخبيث كما ينفي الكير خبث الحديد ليرجع أشد صلابة وأقوى
تحملاً وأشد حداً
لقد قال تعالى عن حادثة الإفك: {إِنَّ
الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ
بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ
وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11]
فلقد ميزت هذه الحادثة من يظنون
بـنفسهم وبالمؤمنين خيراً وبين أهل النفاق والباطل الذين يروجونه ويحبون إشاعته
تماماً كاليوم الذين يشيعون عن المجاهدين بأنهم إرهابيون, قتلة, يبررون لأمريكا
أكبر عدو للإسلام والمسلمين ورأس الكفر والطغيان والإرهاب ويد إبليس اليمنى
محاربتهم وينالون منهم إنهم نفسهم رهط عبد الله بن أبي بن سلول.
وهكذا دور المحن والزلازل تنقي الصفوف
وتفرز الناس من يوالي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن يقول كما وصف ربنا
سبحانه{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ
نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ
أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ
نَادِمِينَ} [المائدة: 52]
وعند الأحداث والفتن والزلازل {يُثَبِّتُ
اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ
} [إبراهيم: 27]
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]
إن الذين لا يرجون لله وقارا ويعتقدون
أن الأمر بيد أمريكا أكبر عدو للإسلام والمسلمين ورأس الكفر والطغيان والإرهاب ويد
إبليس اليمنى ودول الغرب ينظرون إلى المجاهدين باستهزاء وتعالٍ فهم بنظرهم لا
يفقهون في السياسة والموازنات الدولية ومراكز القرار وتطور الحياة والقانون الدولي
والمنظمات الأممية .
ولخور هؤلاء وجبنهم وضعفهم ينظرون إلى
هذه البيوت العنكبوتية وكأنها جبال فيقولون عن المجاهدين: { غَرَّ هَؤُلَاءِ
دِينُهُمْ } [الأنفال: 49]
ولكن الله تعالى وصف حال قلوبهم
وأسرارهم فهم يقولون كما وصفهم ربنا سبحانه {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ
وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا
غُرُورًا } [الأحزاب: 12]
ثم حذرهم ربنا عز وجل أن أمرهم بين واضح
فقال سبحانه: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ
اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } [محمد: 29]
وقال سبحانه لنبيه الكريم: {وَلَوْ
نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي
لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ } [محمد: 30، 31]
هنا المحك من يجاهد ويفاصل المشركين
وينحاز للمؤمنين وبين من يصيح بأخوة الزنادقة والمرتدين ويقدمهم ويواليهم ويتحالف
معهم ويؤسس معهم مجالس وائتلافات وفي ذات الوقت يندد بالمجاهدين وَيَسِمَهم
بالتطرف؛ هل يفهم هؤلاء معنى الوسطية والتطرف, ألا يشعرون أنهم في أقصى التطرف إلى
أعداء الإسلام, ألا يشعرون بموت قلوبهم, وبزيغ ألسنتهم, ألا يشعرون بنفاقهم, بلا
إنهم يشعرون قال الله تعالى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)
وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ } [القيامة: 14، 15]
إننا ما زلنا في أول طريق الجهاد
الطويل ومع أننا في البدايات فالفتن والشدائد والمواقف الصعبة بينت الإيمان الصادق
من النفاق، والله سبحانه وتعالى حكيمٌ عليمٌ يُجري هذه الابتلاءات وهذه الامتحانات
وهذه الهزّات ليتبيّن أهلُ الإيمان الصادق من أهل النفاق
[عَنْ
أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ:
إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلاَءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ
قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ
السَّخَطُ]([1]).
فالمؤمنين كما وصفهم الله تعالى:{وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157]
والمنافقون وصفهم الله تعالى فقال: {مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ
فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ
جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ
اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ } [العنكبوت: 10]
أي مساوية لعذاب الله، مع الفرق
العظيم، لأن فتنة النّاس زائلة ومنتهية وخفيفة، بخلاف عذاب الله- والعياذ بالله-
فإن عذاب الله شديد وباق ومستمر، فهم سوّوا بين الأمرين، وهذا من جهلهم وعدم
إيمانهم بل ربما يخشون أذى الناس أكثر من خشية الله فتراهم يسارعون إلى التزلف
والتذلل للغرب الكافر ولطوائف الردة والزندقة ويعلنون أنهم مؤمنون بمبادئ الكفر من
الديمقراطية والمواطنة والدولة المدنية وقبول الآخر أي (الكافر) إلى أخر منظومة
أقوالهم التي تتردد بين الكفر والنفاق..
ومعنى هذا: أنهم يُطاوعون الكفار،
فينسلخون من دينهم، لأنه ليس لهم دين أصلاً وإنما تظاهروا به، فإذا جاءت المحن
انكشف وتبيّن أنه ليس في قلبهم إيمان، أو كان في قلوبهم إيمان ضعيف، ثمّ زال،
{وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} أي:
إذا حصل للمسلمين فرج وحصل لهم خير قالوا: إنا معكم، إنا مسلمون. أما إنْ حصل على
المسلمين أذى وامتحان فإنهم ينعزلون ويصيرون مع الكفار ويطاوعون الكفار. هذه مواقف
المنافقين وضِعاف الإيمان عند الشدائد والمحن.
فهم يخشون النّاس ولا يخشون الله سبحانه وتعالى.
فإيمانهم بالمحسوس المتوهم فيتوهمون قوة الكفر وسيطرته حالهم كحال يهود {قَالُوا
يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى
يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22]
و{قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ
نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا
إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]
أما المجاهدون فيقولون: { ادْخُلُوا
عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى
اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [المائدة: 23]
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ
النَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ، وَمَنِ الْتَمَسَ
رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ
النَّاسَ*»([2]).
وهذا ما نراه رأي العين فإن هؤلاء
المرتجفون المنافقون يقدمون التنازلات للكفر ليرضى عنهم فيطلب المزيد فيقدمون
فيطلب المزيد قالوا نحن ديمقراطيين قال الكفر لا يكفي قالوا نحن نؤمن بالصندوق وأي
شيء يفرزه ونقبل بولاية الكافر ولا نريد تطبيق الشريعة ولا تسكير دور الدعارة
وبالتحاكم إلى المقررات الدولية – أي قوانين الكفر – قال الكفر لا يكفي.فغدو
علمانيين لا دينيين يزاودون على العلمانيين اللادينيين بتقديم أطروحات موغلة في
الكفر والضلال أكثر مما يطرح العلمانيون ومع هذا فالكفر ليس راضٍ عنهم
ومعرفة العداوة بين الفريقين أمر هام
يكشف ألعوبة هؤلاء وغيرهم من المتسمين بأسماء إسلامية وهم يسعون لتذويب المسلم في
خضم الجو الجاهلي المعاصر وتمييع ولائه لربه ودينه وإخوانه المسلمين. وأمانة
براءته وعداوته لكل عدو لهذا الدين.
هذه الحقيقة الهامة الناصعة يحاول هؤلاء
تزييفها وأن الكفار أصدقاء أوفياء شرفاء يجب أن يكون لهم الحب والتقدير والأخوة ،
والإجلال والإكبار والتعظيم، فالمعيار عندهم المواطنة وليس الكفر والإيمان فعلى
المواطنة ينعقد الولاء والبراء والأهلية والسيادة فهم يصفون المجاهدين المسلمين
بأنهم غرباء ولا يريدونهم بل صرح حلفاؤهم ومن يتسنم القيادة في مجلسهم أنهم
سيحاكمون المجاهدين من البلاد الإسلامية كمجرمي حرب. أرأيت إلى أي درك هوى هؤلاء.
ثم يقولون أننا متأخرون وهم حضاريون متقدمون يرطنون بلغة الأعاجم ويرددون مفاهيمهم
ومعتقداتهم الشيطانية ويستنطقون جنود إبليس ممن سموهم علماء ليبرروا لهم أفعالهم
ويسبغوا عليها الشرعية.
ولكن هيهات هيهات خسئوا وخابوا، إن حزب
الله هم الأعلون عند الله قدراً، وهم الأعلون مكاناً ولو كانوا أقل عدداً، وحزب
الشيطان هم الخاسرون ولو كانوا عدد الحصى.
إن من ضرورات منهج الإسلام ومن عوامل
بيان نقائه للناس ثبات المؤمنين على الحق، وتوكلهم على الله حق توكله، وخوفهم من
الله وحده، فلا يخافون إلا الله، مما سيجعل هذا الثبات دافعاً عظيماً لدخول الناس
في دين الله، والاهتداء بهديه، والاقتداء بهؤلاء الصادقين الذين ضحوا بكل غال
ونفيس، وزهدوا فيما عند الناس راغبين ومؤملين فيما عند الله.
ويقطع النص القرآني بأنه ليس من شأن
الله- سبحانه- وليس من هديه وليس من مقتضى ألوهيته، وليس من فعل سنته، أن يدع الصف
المسلم مختلطاً غير مميز يتوارى المنافقون فيه وراء دعوى الإيمان، ومظهر الإسلام، والحرص
على الأمة, والدفاع عن مصالحها, بينما قلوبهم خاوية من بصيص الإيمان، ومن روح
الإسلام. وعقولهم تخلفت عن فهم دين الله فقد ابتعث الله الأمة لمهمة ريادية {الر
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1]
إن هذه المهمة العالمية الكبيرة لا تتسق مع الانحلال في الوسط الجاهلي بل تطلب
التميز والوضوح وإعلان الحق ليظهر عوار الشرك والجاهلية كما يظهر انحراف الخط
المعوج عند مقارنته بالمستقيم فإذا اعوج المستقيم اختلط الأمر على الناس والتبس
وصارت المنطقة كلها رمادية وضاع الأبيض في الأسود.
وهذا يقتضي أن يتعرض الصف لحرارة
الابتلاء فيخرج منه الخبث ويعود صف المؤمنين أبيضاً ناصع البياض وصف الكافرين
أسوداً كالحاً ومن شاء أن ينتقل إلى الرمادية فهو المنافق بين النفاق.
وإذا المحسة بين خيل قرقعت *** ثبت
السليم وعنفص المعقور
ولقد غدا الجهاد والمجاهدون هم المحسة والمميز
بين من يقف معهم ويجاهد في صفهم ويؤيدهم ويذب عنهم وبين الذين يطيعون الكفر فيهم
فينالوا من جهادهم ويصفونهم بما يرضي الكفر بل ربما يطالب الكفار بالتخلص منهم قبل
أن يشتد ساعدهم.
ونحن كلنا يقين بأن هذه المحن من حكمة
الله الحكيم العالم القادر وأن كل ما يقضي الله هو خير لنا ونستقبله برضاً وقلوب
مطمئنه وأن النصر لنا بإذن الله ولن يضرنا كيد الكافرين والمنافقين
عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ ضَحِكَ فَقَالَ:
«أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِمَّ
تَضْحَكُ؟ قَالَ: «عَجِبْتُ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ،
إِنْ أَصَابَهُ مَا يُحِبُّ، حَمِدَ اللَّهَ وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ، وَإِنْ
أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ فَصَبَرَ، كَانَ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ
أَمْرُهُ كُلُّهُ لَهُ خَيْرٌ إِلَّا الْمُؤْمِنُ» ([3])
0 التعليقات:
إرسال تعليق