موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الخميس، 10 يناير 2013

لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(58)


لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(58)
رضوان محمود نموس

حكم الاستعانة بالمشركين

يحلو لبعض المضللين؛ أن يصور ما قامت به السعودية, وما برره علماء الآل؛ من استقدام محور الشر المتمثل في التحالف الصهيوني البروتستنتي لديار المسلمين, وتسليمهم البلاد, والعباد, أنه استعانة بالكفار, وهو في الحقيقة ولاء ومناصرة وخضوع للكافرين, وعداء وحرب على المسلمين, وهذا الموضوع لا يبحث في باب الاستعانة؛ إنما مكانه في باب الولاء والبراء.
وحتى لا نترك ثغرة لمن في قلبه مرض ويرى ذلك استعانة فسنبحث حكم الاستعانة بالكفار مستعينين بالله تعالى.  
يظن البعض أنه لم يأت في النهي عن الاستعانة في المشركين إلا حديث عائشة الصحيح رضي الله عنها – ولو كان ذلك كذلك لكفى _  لأن الله جل جلاله قال:   {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا  }([1])
ولكن الحقيقة أن غالب آيات القرآن تنهى عن الاستعانة بالكفار وكذلك الأحاديث بل أصل من أصول الدين التباعد عن لمشركين والنفرة منهم ومنابذتهم وجهادهم.
فكيف ينسجم كل هذا مع القول بجواز الاستعانة؟!.
 كيف ينسجم القول بالاستعانة بهم مع كل آيات البراء من المشركين وما أكثرها ؟!.
 كيف ينسجم القول بالاستعانة بالمشركين مع كل آيات الجهاد وما أكثرها؟!.
كيف ينسجم القول بالاستعانة بالمشركين مع كل الآيات التي تبين حقدهم على الإسلام ومكرهم بالمسلمين وما أكثرها؟!.
كيف ينسجم القول بالاستعانة بالمشركين مع تهديد الراكن إليهم بالنار.
قال الله تعالى: {  وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ } ([2]).
بل يقول الله جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا % إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا % وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنْ الأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا % سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا } ([3]).
 وسنعرض لنماذج من آيات كتاب الله لعل الله يشرح صدور أقوام.
الآيـات:
قال الله تعالى: { فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ % ولا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ولا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ % ولا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ% } ([4]).
وقال الله تعالى: {   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } ([5]).
وقال تعالى:{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا}([6]) 
وقال الله تعالى: { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} ([7]).
وقال الله تعالى: { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} ([8]).
 وقال الله تعالى: { سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلا قَلِيلا } ([9]).
وقال الله تعالى: {  إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ } ([10]).
وقال الله تعالى: { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ }([11]).
الأحاديث:
الأول : عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِئْتُ لأتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَتْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلِقْ ([12]).
الثاني: عن خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي وَلَمْ نُسْلِمْ فَقُلْنَا إِنَّا نَسْتَحْيِي أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ قَالَ أَوَ أَسْلَمْتُمَا قُلْنَا لا قَالَ فَإِنَّا لا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَهُ ([13]).    
الثالث: عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَدِيَّةً لَهُ أَوْ نَاقَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَسْلَمْتَ قَالَ لا قَالَ فَإِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ يَعْنِي هَدَايَاهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْبَلُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ هَدَايَاهُمْ وَذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْكَرَاهِيَةُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَعْدَ مَا كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ ثُمَّ نَهَى عَنْ هَدَايَاهُم([14]).  
الرابع: عن سعيد بن المنذر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد فلما خلف ثنية الوداع نظر خلفه فإذا كتيبة حسناء فقال:[ من هؤلاء قالوا عبد الله بن أبي بن سلول ومواليه من اليهود فقال وقد اسلموا قالوا لا قال فأنا لا نستعين بالكفار على المشركين].([15]).
الخامس: عن أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع فإذا هو بكتيبة خشناء فقال:[ من هؤلاء قالوا عبد الله بن أبي في ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع فقال وقد أسلموا قالوا لا يا رسول الله قال مروهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين]. ([16]).
   [عن طارق بن شهاب قال ثم خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة فقال أبو عبيدة يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك فقال عمر أوه لم يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد  صلى الله عليه وسلم  إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة  بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله هذا حديث صحيح على شرط الشيخين]([17]).
وقال في نوادر الأصول: [ الأصل السابع والثمانون و المائة في النهي عن الاعتزاز بالعبيد عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: من اعتز بالعبيد أذله الله تعالى  الاعتزاز الامتناع من الأشياء التي تنوبه فإن امتنع بمن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فذاك من العزة و الاعتزاز بالعبيد من الجهل بالله و جهله به سبب لضعفه في كل الأمور و قد دلهم الله تعالى على ما فيه رشدهم فقال و اعتصموا بالله هو مولاكم و الاعتصام به و الاعتزاز من ذرى الإيمان و من اعتصم بالمخلوقين واعتز لعرض الدنيا فهو المخذول في دينه الساقط عن عين الله تعالى و أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام ما من عبد يعتصم بي دون خلقي فتكيده السموات و الأرض إلا جعلت له من ذلك مخرجا.]([18]).



[1] - الأحزاب 36
[2] - هود (113)
[3] - الإسراء( 74-77)
[4]- التوبة 83-85
[5]- آل عمران 118
[6]- النساء 45
[7]- النساء 89
[8] - الكهف 51
[9] - سورة محمد 15
[10] - آل عمران 160
[11] - الأعراف 197
[12] - مسلم برقم 1817
[13] - مسند احمد برقم 15336 وصححه الألباني  انظر صحيح الجامع وقم: 2292 والصحيحة رقم 1101
[14] - الترمزي 1577 و أبو داود 3057 ومسند احمد  17028وصححه الألباني.صحيح الجامع 2505
[15] - مصنف ابن أبي شيبة برقم: 33160
[16] - رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه سعد بن المنذر بن أبي حميد ذكره ابن حبان في الثقات فقال سعد بن أبي حميد فنسبه إلى جده وبقية رجاله ثقات  مجمع الزوائد 5/303
[17] - المستدرك على الصحيحين ج: 1 ص: 130  ورقم: 207
[18] - نوادر الأصول في أحاديث الرسول ج: 2 ص: 300

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.