أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (97)
وسعد زغلول عينه
عمارة رائداً للصحوة
رضوان
محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن سعد زغلول الذي عينه عمارة رائداً للصحوة الإسلامية
بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان
والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل.
عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله
لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما
نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
تابع سعد زغلول
على أن الناظر في حياة
سعد يعجب... فقد بدأ الرجل حياته صديقاً للإنجليز، وختمها كذلك صديقاً للإنجليز.
واستطاع بين هذه البداية وهذه الخاتمة حين وثب إلى مكان الزعامة من الثورة أن يصرف
سخط الناس وثورتهم المكبوتة التي كانت تريد أن تجد متنفساً فوجدته في الثورة. استطاع
أن يصرف هذا السخط إلى الاشتغال بالتوافه وبما لا طائل تحته، فبعثر هذه الطاقة
الضخمة وبددها وفوت على الأمة أن تستفيد بها حين كان يمكن الانتفاع بها فيما يجدي
ويفيد.
بدأ
سعد حياته السياسية بمصاهرة أشهر صديق للإنجليز عرفته مصر في تاريخ الاحتلال
الإنجليزي من أوله إلى آخره، وهو مصطفى فهمي باشا, ثم كان كرومر واضع أسس الاحتلال
البريطاني في مصر هو الذي رشحه لوزارة المعارف في حكومة صهره ذاك([1]).
وظل سعد صديقاً للإنجليز
يؤيد سياستهم... فلم يكد اللورد لويد يصل إلى مصر في أكتوبر سنة 1925م حتى سارع
سعد إلى زيارته([2])،
ثم لم تلبث الصحف الوفدية أن مالت إلى مهادنة الإنجليز، وأخذت تدعو إلى مسالمتهم.
ذلك هو ما دعا "نيومان"إلى إبداء أسفه لأن سعداً قد مات فيقول
عنه:" إنه قد استعمل نفوذه القوي في الحد من تطرف أعوانه ".... وهو -أي
سعد- يكيل الثناء لأمريكا ولرئيسها الدكتور ولسون
دون تحفظ، بل يعلق آماله كلها عليه حتى أنه ليختم خطبته([3])
بالثناء على (رجل الإنسانية الدكتور ولسون واعترافنا نحن المظلومين بجميله على ما
يعاني في الدفاع عن قضيتنا), ثم يقرأ على الحاضرين نص برقية مرسلة إليه
يقول فيها:
[ إلى رئيس الولايات
المتحدة، ذلك الرجل العظيم الذي قاد أمته في خوضها غمار المعترك الأوربي لمجرد
خدمة الإنسانية وتخليص العالم في المستقبل مما يعاني من أهوال الحرب... إلى
الفيلسوف الكبير السياسي القدير... إلى رجل الديمقراطية الكبرى الأمريكية الذي
غادر بلاده لينشر على العالم لواء السلام المقيم، يرفعه العدل الشامخ... الخ ] ثم
يردف ذلك بالهتاف للولايات المتحدة والدكتور ولسون، طالباً إلى الحضور أن يرددوا
هتافه فيرددونه مستحسنين.
أليس
عجباً أن يبدأ زعيم ثورة كفاحه بالهتاف لدولة أجنبية هي حليفة للمحتل، وأن يخدع الناس
بتصريحاتها البراقة التي قال الإنجليز أنفسهم ما هو أجمل منها وأحلى لفظاً في خلال
الحرب؟ بلى إنه لعجيب، وأعجب منه أن يدعو في خطبته إلى قبول الأمر الواقع في
الامتيازات الأجنبية؛ بل هو يبررها ويعتذر عنها بأساليب وأسانيد فصيحة بارعة قد لا
يستطيع خيال الأجانب أنفسهم أن يخترعها، وينمقها على النحو الذي تفتق عنه خيال
الزعيم. ويقرر أن مصر لا تستغني عن الأجانب ويشيد بما أدوا من خدمات. ولا يكتفي
بذلك كله؛ بل يتجاوزه إلى اتهام واحد من الحاضرين في مصريته ووطنيته حين بعث إليه
باقتراح مكتوب ولم يوقع عليه باسمه. وفيه يرى أن نساوم الإنجليز والأجانب في
الامتيازات، فلا نسلم لهم بها إلا مقابل ميزات تمنح لنا... وكان كلما سامه نواب
الحزب الوطني بعض المطالب الوطنية يقول سعد: " دلوني على السبيل ".
فقال أحمد محرم قصيدة
متهكماً:
ياقوم ما ذنب الرئيــ
ما كان من رسل الخيا إنجيله نشر السلا سعد رسول الخيـ ما النيل والسودان؟ ما ما الملحقات وما الجلا يا قوم لوذوا في الجدا صدق الرئيس فصدقو أيصيح صائحكم بما ويرى عليه لنفسه الله أكبر ما لكم لا تطمعوا في شعب مصـ هو ما يقول زعيمه هو لا يضن بألف مصـ فدعوا العناد وآمنوا نعم الزعيم شعاره |
ـس إذا تمسك بالدليل؟
ل ولا دعاة المستحيل م ودينه أخذ القليل ـر والإصلاح بورك من رسول طول التوجع والغليل؟ ء؟ وما التمادي في العويل ل بحكمة الرأي الأصيل ه ونزهوه عن المثيل يؤذيه من قال وقيل حق الزميل على الزميل لا تتبعون ذوي العقول ـر فليس بالشعب الجهول ويريد من أرب وسول ـر في الفداء وألف نيل بزعامة الشيخ الجليل دلوا الزعيم على السبيل |
... وجرى سعد على إهمال
القصر -قصر الخديوي- في كل المناسبات فلا يبعث إليه بصورة من قرارات حزبه حين
يرسلها إلى السفارات الأجنبية... وفي الوقت الذي كان يعامل فيه الملك بكل هذا
الصلف كان يوقع خطاباته إلى الرئيس الأمريكي ولسون:"
المخلص المطيع الخاضع سعد زغلول" تارة، و"خادمكم المطيع سعد زغلول"
]([4]).
ولقد اشترك سعد في نظارة
بطرس غالي القبطي النصراني صاحب مذبحة دنشواي.[ في عام 1882م عهد إليه -أي لبطرس
غالي- بسكرتارية مجلس النظار. وكان من أهم واضعي قانون المحاكم الأهلية... يضاف
إلى كل ذلك أن رئيس النظار الجديد -أي بطرس غالي- ظل طوال عمره كناظر خلال الخمس
عشرة سنة السابقة حريصاً على إبقاء حسن الروابط سواء مع الاحتلال أو مع القصر. إن
النظارة الجديدة قد شكلت وليس بها من نظار النظارة السابقة التي خدمت الاحتلال
لثلاث عشرة سنة متوالية سابقة سوى ناظرين: أولهما: بطرس باشا غالي نفسه، وثانيهما:
سعد زغلول. ورفضت القوى الوطنية هذه النظارة، وقد عبرت عن هذا الرفض إحدى صحف
الحزب الوطني الصادرة في أعقاب تأليف الوزارة أصدق تعبير عن هذا الرفض بمانشيت
صحفي كبير جاء فيه ست كلمات فقط وهي:" لتسقط وزارة بطرس غالي القبطي
الاحتلالي"، وأعادت هيئة النظارة -التي كان سعد وزيراً للداخلية- قوانين
القمع وأهمها قانون المطبوعات، وهو قانون يقيد حرية الصحافة إلى حد كبير ]([5]).
وقام إبراهيم ناصف
الورداني باغتيال بطرس غالي فشكلت نظارة محمد سعيد باشا، والتي كان فيها سعد زغلول
ناظراً للحقانية. هذه النظارة التي أنذرت منذ التشكيل بأنه: [ سوف يقوم على الفور
بإقالة النظارة السعيدية إذا ما بدا من رئيسها أي نزوع عن التعاون مع سلطات
الاحتلال ]([6]).
بقي
شيء لم نذكره وهو أن سعد زغلول باشا عندما قدم للإنجليز ما لم يقدمه غيره من
تنازلات وافق المندوب البريطاني على أن يصبح سعد رئيساً للوزراء. فلما شكل الوزارة
وكان هو رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية فعل ما لم تفعله سائر الوزارات السابقة.
[ يقول الدكتور محمد حسين
هيكل عن هذا التشكيل ما نصه: " في اليوم الذي تألفت الوزارة فيه فتح كثيرون
عيونهم واسعة من شدة الدهشة. لقد ألف الناس منذ عشرات السنين وفي عهد الإنجليز
أنفسهم أن يكون في الوزارة قبطي واحد. أما سعد فقد أخذ في وزارته اثنين من الأقباط،
وقد ألف الناس أن يقولوا أن سعداً نبي الوطنية، وقد أخذ سعد في وزارته توفيق نسيم
باشا الذي كان يقول إنه كان يحمد الله على أنه لم يصب بداء الوطنية، ومحمد سعيد
باشا الذي ألف وزارة من الوزارات الإدارية التي لم تشترك في الحركة الوطنية...
فأدهش ذلك أهل مصر وكان مثاراً لدهشة البلاد العربية الأخرى دهشة رددتها صحفهم
وألحت في ترديدها "([7])...
وشكلت الوزارة على الشكل التالي:
- سعد زغلول باشا رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية.
- محمد سعيد باشا وزيراً للمعارف.
- محمد توفيق نسيم
باشا وزيراً للمالية.
- أحمد مظلوم باشا وزيراً للأوقاف.
- حسين حسيب باشا وزيراً للحربية والبحرية.
- محمد فتح الله بركات
باشا وزيراً للزراعة.
- مرقص حنا بك وزيراً للأشغال العمومية.
- مصطفى النحاس بك وزيراً للمواصلات.
- واصف بطرس غالي
أفندي وزيراً للخارجية.
- محمد نجيب الغرابلي أفندي
وزيراً للحقانية.
وأول ملاحظة على هذا التشكيل دخول سعيد وتوفيق
نسيم ومظلوم إلى الوزارة بكل ما عرف عنهم.
الملاحظة الثانية: فقد
اعترض الملك فؤاد على القائمة الأولى التي أعدها سعد وشمل هذا الاعتراض:
1. اعترض على تعيين " مرقص حنا بك " وزيراً للعدل لأنه لا يليق أن
يعين قبطي في مثل هذا المنصب في بلد إسلامي.
2. اعترض على تعيين وزيرين قبطيين في الوزارة: مرقص حنا، وواصف غالي، لأن
التقاليد جرت بالاكتفاء بوزير قبطي واحد.
وقبل
سعد بعد جدال بالاعتراض الأول، ولم يقبل بالثاني بحجة أنه هو المسؤول عن شعور
الشعب المصري، وأصر على اختيار وزيرين قبطيين، وبعد أشهر أوكل سعد إلى محمد نسيم
المعروف بعدم وطنيته وكراهيته للوطنيين وزارة الداخلية بالإضافة لوزارة المالية ]([8]).
فهذا سعد. عندما وصل إلى
أعلى منصب يريده نفذ إرادة الإنجليز على حساب الوطن من مثل زيادة نسبة الأقباط؛ بل
توليته وزارة العدل للقبطي. وعندما راجعه الملك قال: " أنا لا أفرق بين قبطي
ومسلم ". إذاً هو لا فرق عنده بين المسلم والكافر، ويريد تسليم وزارة العدل
للقبطي الكافر تلبية لرغبة أسياده الإنجليز حتى يتم مرحلة محو كل أثر للإسلام من
القوانين المصرية وجعلها غربية مئة بالمائة.
[1] -:
يراجع في ذلك ما جاء في تقرير كرومر عن سنة 1906م, المقدم إلى البرلمان الإنجليزي
في إبريل 1907م-الفقرة (3) تحت عنوان الوطنية المصرية ص / 8 من النسخة الإنجليزية،
ومما يذكر في هذا المقام أن أخا سعد فتحي زغلول كان قاضياً في محكمة دنشواي
المشهورة، وقد كافأه الإنجليز على ذلك بتعيينه وكيلاً لوزارة الحقانية "العدل"،
وهو المقصود بقول شوقي في وداع كرومر:
أمن صيانتك القضاء بمصر أن
تأتي بقاضي دنشواي وكيلا؟
-والهامش لمحمد محمد حسين-.
0 التعليقات:
إرسال تعليق