موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأربعاء، 16 يناير 2013

لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(60)


لا تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(60)
رضوان محمود نموس

يتابع الكاتب في هذه الحلقة حكم الاستعانة بالمشركين

10- وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني:[  فصل ولا يستعان بمشرك وبهذا قال ابن المنذر والجوزجاني وجماعة من أهل العلم ]([1]).
11- وقال الكرابيسي رحمه الله تعالى في الفروق:[ولا يجوز الاستعانة بأهل الذمة إذا كانت لهم شوكة والفرق أن الشرط في مخالطتهم أن يكونوا تحت قهرنا وحكمنا فإذا كان فيهم قلة كانوا تحت قهرنا فلم يكن بالاستعانة بهم ضرر بالمسلمين فجازت الاستعانة بهم وليس كذلك إذا كانت لهم شوكة لأنهم ربما لا يكونون تحت قهرنا ولا يؤمن أن يخرجوا علينا ويظهر دينهم وإذا لم يؤمن في الاستعانة منهم الإضرار لا يستعان بهم والأصل فيه ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال في الخبر المعروف أنا لا نستعين بالكفار]([2]).
12- وقال الزيلعي رحمه الله تعالى في نصب الراية:[ أخرج الجماعة إلا البخاري عن عروة عن عائشة أنه عليه السلام خرج إلى بدر حتى إذا كان بحرة الوبر لحقه رجل من المشركين يذكر منه جرأة ونجدة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك فقال له عليه السلام تؤمن بالله ورسوله قال لا قال ارجع فلن استعين بمشرك قالت ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام كما قال أول مرة قالت ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له فانطلق انتهى حديث آخر روى الحاكم في المستدرك..عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب عن أبيه عن جده خبيب بن أساف قال أتيت أنا ورجل من قومي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوا فقلت يا رسول الله إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم فقال أسلمنا فقلنا لا قال قال فإنا لا نستعين بالمشركين قال فأسلمنا وشهدنا معه قال فقتلت رجلا وضربني حصول وتزوجت ابنته بعد ذلك فكانت تقول لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح فأقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار انتهى قال الحاكم حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وخبيب صحابي معروف انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم والطبري في معجمه من طريق بن أبي شيبة قال في التنقيح ومستلم ثقة وخبيب بن عبد الرحمن أحد الثقات الأثبات والله أعلم حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن سعيد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي قال خرج رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع نظر وراءه فإذا كتيبة حسناء فقال من هؤلاء قالوا هذا عبد الله بن أبي بن سلول في مواليه من اليهود وهم رهط عبد الله بن سلام فقال هل أسلموا قالوا لا إنهم على دينهم قال قولوا لهم فليرجعوا فإن لا نستطيع بالمشركين على المشركين انتهى ورواه الواقدي في كتاب المغازي ولفظه فقال من هؤلاء قالوا يا رسول الله هؤلاء حلفاء بن أبي من زفر فقال عليه السلام لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك انتهى قال الحازمي: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فذهب جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين ومنهم أحمد مطلقا وتمسكوا بحديث عائشة المتقدم وقالوا إن ما يعارضه لا يوازيه في الصحة فتعذر ادعاء النسخ]([3]).

13- وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله:[ وقال سبحانه وتعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم وقال سبحانه ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم يعيب بذلك المنافقين الذين تولوا اليهود إلى قوله لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه إلى قوله أولئك حزب الله ألا أن حزب الله هم المفلحون وقال تعالى إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياه بعض إلى قوله والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلى قوله والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم الآيات فعقد الله سبحانه الموالاة بين المهاجرين والأنصار وبين من آمن من بعدهم وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه والجهاد باق إلى يوم القيامة فكل شخص يمكن أن يقوم به هذان الوصفان إذ كان كثير من النفوس اللينة يميل إلى هجر السيئات دون من الموالاة والموادة فليس فيها مصلحة المقاطعة والمباينة مع أنها تدعو إلى نوع ما من المواصلة كما توجبه الطبيعة وتدل عليه العادة ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يستدلون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بهم في الولايات فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتبا نصرانيا قال مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ألا اتخذت حنيفا قال قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه قال لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله ولما دل عليه معنى الكتاب وجاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين التي أجمع الفقهاء عليها بمخالفتهم]([4])
14- قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :  [وحج المتوكل تلك السنة، فرُئي رجل يطوف بالبيت ويدعو على المتوكل، فأخذه الحرس وجاؤوا به سريعاً، فأمر بمعاقبته، فقال له: واللّه يا أمير المؤمنين، ما قلت ما قلته إلا وقد أيقنت بالقتل، فاسمع كلامي ومر بقتلي.
فقال: قل.
فقال: سأطلق لساني بما يرضي اللّه ورسوله ويغضبك يا أمير المؤمنين، قد اكتنفت دولتك كتابٌ من الذمة أحسنوا الاختيار لأنفسهم، وأساؤوا الاختيار للمسلمين، وابتاعوا دنياهم بآخرة أمير المؤمنين.
خفتهم ولم تخف الله، وأنت مسؤول عما اجترحوا وليسوا مسؤولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياهم بفساد آخرتك، فإن أخسر الناس صفقة يوم القيامة من أصلح دنيا غيره بفساد آخرته، واذكر ليلة تتمخض صبيحتها عن يوم القيامة، وأول ليلة يخلو المرء في قبره بعمله! فبكى المتوكل إلى أن غشي عليه،...- ثم - خرج أمره بلبس النصارى واليهود الثياب العسلية، وألا يمكنوا من لبس الثياب لئلا يتشبهوا بالمسلمين، ولتكُنْ ركبهم خشباً، وأن تهدم بيَعهمْ المستجدة، وأن تطبقِ عليهم الجزية، ولا يفسح لهم في دخول حمامات المسلمين، وَأن يُفْردَ لهم حمامات خَدمُهَا ذمة، ولا يستخدموا مسلماً في حوائجهم لنفوسهم، وأفرد لهِم من يحتسب عليهم؛ وكتب كتاباً نُسْخَتُهُ: (أما بعد، فإن الله اصطفى الإسلام ديناً، فشرّفه وكِرّمه، وأناره ونصره، وأظهره وفضَله وأكمله، فهو الدين لا يُقْبَل غيره؛ قال تعالىِ: ]ومنْ يبتغَ غَيرَ الإسْلامِ ديناً فَلَنْ يقْبَلَ منْهُ، وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسرِينَ} بعث به صفيهُ وِخيرته من خلقه محَمداً صلى الله عليه وسلم، فجعَله خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد المرسلين ]ليُنْذرَ من كانَ حَياً وَيَحق الْقَولُ عَلى الْكافِرينَ} وأنزل كتاباً عزيزاً ]لاَ يأتيه الْبَاطلُ مِن بينِ يَديْه وَلاَ مَنْ خَلْفهَ تنزِيل مِنْ حَكيمِ حميد}، أسعد به أمته وجعلهَمَ ]خيرَ أمة أخْرجَتْ لَلناس يأمُرُون بَالْمَعْرُوفِ وَينهَوْن عَنِ الْمُنْكَرِ ويؤْمنُونَ بِالله، وَلَوْ آمَنَ أهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خيراً لَهُمْ، مِنهمُ اْلْمُؤْمنونَ وأكْثرَهُمُ الْفَاسقُونَ} وَأهان الشَرْكَ وأهله، ووضعهم وصغّرهم وقمعهم وِخذلهم وتبَرأ منهِمِ وضرب علَيهم الذلة والمسكنة وقالِ: ]قاتلُوا الذينَ لاَ يُؤْمنُونَ بالله ولاَ بالْيوْمِ الآخِرٍ ولا يُحَرمونَ ما حَرمَ الله وَرَسُولُهُ، ولا يدينونَ ديِن الْحَق مِنَ الذينَ أوتُواَ الكتابَ حتَى يُعْطوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صاَغِرونَ} وطبع على قلوبهم وخبثَ سرائرهم وَضمائرهم، فنهى عن ائتمانهم والثقة بهم، لعداوتهم للمسلمين وغشهم وبغضائهم فقال: ]ياَ أيهاَ اْلذينَ آمنوا لا تتخذواِ بطَانَة مِنْ دُونكُمْ لا يأُلونَكُمْ خبَالاً، وَدُّوا ماَ عَنتُّمْ، قَدْ بَدَت الْبغضاءُ عنْ أفْوَاههَمْ ومَاَ تُخْفى صدورُهُمْ أكْبَرُ، قَدْ بينَا لَكُمُ الآيات إِنْ كُنتم تَعْقلونَ} وقال: (ياَ أيها اْلْذينَ آمنوا لا تتخذُوا الْكافِرينَ أوْلياءَ منْ دُون اَلْمُؤْمنينَ، أتريَدُونَ أنْ تَجْعَلوا الله عليكمْ سلْطاَناً مُبيناً) ؟! وقال: ]لا يتَخِذِ الْمُؤمِنُونَ اَلْكافِريَنَ أوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمؤمِنينَ أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً} وقال: ]لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله شيء} وقال: ]ياَ أيهاَ الذينَ آمنوا لا تتخذُوا الْيهُودَ والنصاَرى أوْلِياَءَ، بَعْضهم أوْلِيَاءُ بَعض، ومَنْ يَتَوَلهُمْ منْكُمْ فَإِنَهُ منْهُمْ، إن اللّهَ لا يَهْدي الْقَوْمَ الظالِمينَ}.
وقد انتهى إلى أمير المؤمنين أنَ أناساً لا رَأي لهم ولا روية يستعينون بأهل الذمة في أفعالهم، ويتخذونهم بطانة من دون المسلمين، ويسلطونهم على الرعية فيعسفونهم، ويبسطون أيديهم إلى ظلمهم وغشمهم، والعدْوان عليهم، فاعْظَمَ أمير المؤمنين ذلك وأنكره وأكبَرهُ وتبرأ إلى اللّه منه، وأحب التقرب إلى الله تعالى بحَسْمهِ والنهي عنه، ورأى أن يكتب إلى عماله على الكُوَرِ والأمصار وَوُلاة الثغور والأجناد في تَرك استعمالهم للذمة في شيء من أعمالهم وأمورهم، والإشراك لهَم في أماناتهم وما قلدهم أمير المؤمنين واستحفظهم إياه، وجعل في المؤمنين الثقة في الدين والأمانة على إخوانهم المؤمنين، وحسن الرعاية لما استرعاهم، والكفاية لما استكفوا، والقيام بما حملوا، ما أغنى عن الاستعانة بالمشركين باللّه، المكذبين برسله، الجاحدين لآياته، الجاعلين معه إلهاً آخر، لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
ورجاء أمير المؤمنين بما ألهمه اللّه من ذلك وقذف في قلبه؛ جزيل الثواب وكريم المآب، والله يعين أمير المؤمنين على نيته في تعزيز الإسلام وأهله، وإذلال الشرك وحزبه. فَليعْلَمْ هذا من رأى أمير المؤمنين، ولا يستعانن بأحد من المشركين، إنزال أهل الذمة منازلهم التي أنزلهم اللّه تعالى بها.
فاقرأ كتاب أمير المؤمنين على أهل أعمالك وأشعْهُ فيهم، لا يعلمن أمير المؤمنين أنك استعنت ولا أحد من عمالك وأعوانك بأحد من أهل الذمة في عمل. والسلام.]([5]).



[1] - المغني: 9 ص: 207
[2] - الفروق ج: 1 ص: 320
[3] - نصب الراية ج: 3 ص: 423
[4] - اقتضاء الصراط المستقيم 1/47 وما بعدها.
[5] - أحكام أهل الذمة1/465 وما بعدها

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.