لا
تكونوا أجراء الطاغوت وعصابته(56)
رضوان محمود نموس
لقد تكلم الباحث في الحلقة السابقة حكم الشرع فيمن
يشرع من دون الله ويبدل أحكام الله بعدما ثبت بالأدلة قيام المملكة السعودية
بالتشريع من دون الله وإلزام الرعية بهذه القوانين الوضعية كما تفعل سائر الدول التي
يحكمه حكام مرتدون. ويبين في هذه الحلقة تلا عب علماء الآل لتبرير كفر ولي أمرهم.
وقال الإمام ابن تيمية: [فالكفر عندهم شيء واحد وهو
الجهل والإيمان شيء واحد وهو العلم أو تكذيب القلب وتصديقه فإنهم متنازعون هل تصديق القلب شيء غير العلم أو هو هو وهذا القول مع
أنه أفسد قول قيل في الإيمان فقد ذهب إليه كثير من أهل الكلام المرجئة وقد كفَّر
السلف كوكيع بن الجراح وأحمد بن حنبل وأبي عبيد وغيرهم من يقول بهذا القول]([1]).
وقال:[ وقال وكيع المرجئة الذين يقولون الإقرار يجزئ
عن العمل ومن قال هذا فقد هلك ومن قال النية تجزئ عن العمل فهو كفر وهو قول جهم
وكذلك قال أحمد بن حنبل ولهذا كان القول أن الإيمان قول وعمل عند أهل السنة. من
شعائر السنة وحكى غير واحد الإجماع على ذلك وقد ذكرنا عن الشافعي رضى الله عنه ما
ذكره من الإجماع على ذلك قوله في الأم وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم
ومن أدركناهم يقولون أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر]([2]).
وقال: [وقال الزهري ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على
أهله من الإرجاء وقال الأوزاعي كان يحيي بن أبي كثير وقتادة يقولان ليس شيء من
الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء وقال شريك القاضي وذكر المرجئة فقال هم
أخبث قوم حسبك بالرافضة خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله وقال سفيان الثورى تركت
المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري]([3]).
ولما قام في هذا الزمان أناس من أدعياء السلفية بنشر
هذا المذهب الفاسد الرديء وقف العلماء في وجههم وردوا عليهم.وهذه نماذج من فتاوى
العلماء:
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في
السعودية
في التحذير من كتاب معاصر ذي نزعة إرجائية غالية. نسأل
الله تعالى أن يهدينا
وسائر إخواننا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.
فتوى رقم (20212) وتاريخ 7/2/1419هـ:
الحمد
لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي إبراهيم
الحمداني، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (942)
وتاريخ 1/2/1419هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:
سماحة
مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. سلمه
الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: يا سماحة الشيخ نحن في هذه البلاد
المملكة العربية السعودية في نعم عظيمة ومن أعظمها نعمة التوحيد. وفي مسألة
التكفير نرفض مذهب الخوارج ومذهب المرجئة، وقد وقع في يدي هذه الأيام كتاب باسم:
(إحكام التقرير في أحكام التكفير) بقلم مراد شكري (الأردني الجنسية)، وقد علمت أنه
ليس من العلماء، وليست دراسته في علوم الشريعة، وقد نشر فيه مذهب غلاة المرجئة
الباطل، وهو أنه لا كفر إلا كفر التكذيب فقط، وهو فيما نعلم خلاف الصواب وخلاف
الدليل الذي عليه أهل السنة والجماعة، والذي نشره أئمة الدعوة في هذه البلاد
المباركة، وكما قرر أهل العلم في (الكفر) أنه يكون بالقول وبالفعل وبالاعتقاد
وبالشك. نأمل إيضاح الحق حتى لا يغتر أحد بهذا الكتاب الذي أصبح ينادي بمضمونه
(الجماعة المنتسبون للسلفية في الأردن)، والله يتولاكم، والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.
وبعد دراسة اللجنة العلمية للاستفتاء أجابت بأنه
بعد الاطلاع على الكتاب المذكور، وجد أنه متضمن لما ذكر من تقرير مذهب المرجئة
ونشره، من أنه لا
كفر إلا كفر الجحود والتكذيب، وإظهار هذا المذهب
المردي باسم السنة والدليل،
وأنه قول علماء السلف، وكل هذا جهل بالحق، وتلبيس
وتضليل لعقول الناشئة بأنه قول سلف الأمة والمحققين من علمائها، وإنما هو مذهب
المرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب، والإيمان عندهم هو التصديق بالقلب،
والكفر هو التكذيب فقط، وهذا غلو في التفريط، ويقابله مذهب الخوارج الباطل الذي هو
غلو في الإفراط في التكفير، وكلاهما مذهبان باطلان مرديان من مذاهب الضلال، ويترتب
عليهما من اللوازم الباطلة ما هو معلوم، وقد هدى الله أهل السنة والجماعة إلى
القول الحق والمذهب الصدق، والاعتقاد الوسط بين الإفراط والتفريط من حرمة عرض
المسلم، وحرمة دينه، وأنه لا يجوز تكفيره إلا بحق قام الدليل عليه، وأن الكفر يكون
بالقول والفعل والترك والاعتقاد والشك كما قامت على ذلك الدلائل من الكتاب والسنة.
لما تقدم فإن هذا الكتاب لا يجوز نشره ولا طبعه، ولا نسبة ما فيه من الباطل إلى
الدليل من الكتاب والسنة، ولا أنه مذهب أهل السنة والجماعة، وعلى كاتبه وناشره
إعلان التوبة إلى الله ؛ فإن التوبة تغفر الحوبة. وعلى من لم ترسخ قدمه في العلم
الشرعي أن لا يخوض في مثل هذه المسائل حتى لا يحصل من الضرر وإفساد العقائد أضعاف
ما كان يؤمله من النفع والإصلاح. وبالله التوفيق..
وصلى
الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم..
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالسعودية
حول كتابَيْ: التحذير من فتنة التكفير, وكتاب صيحة
نذير
الحمد
لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أما بعد:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء اطلعت على
ما ورد إلى سماحة المفتي
العام من بعض الناصحين من استفتاءات مقيدة بالأمانة
العامة لهيئة كبار العلماء برقم
(2928) وتاريخ 13/5/1421هـ. ورقم (2929) وتاريخ
13/5/1421هـ.
بشأن كتابَيِ: « التحذير من فتنة التكفير » و « صيحة
نذير » لجامعهما: علي
حسن الحلبي، وأنهما يدعوان إلى مذهب الإرجاء من أن
العمل ليس شرط صحة
في الإيمان، وينسب ذلك إلى أهل السنة والجماعة، ويبني
هذين الكتابين على نقول محرفة عن شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن كثير وغيرهما،
رحم الله الجميع ؛ ورغبة الناصحين بيان ما في هذين الكتابين ليعرف القراء الحق من
الباطل... إلخ.
وبعد
دراسة اللجنة للكتابين المذكورين والاطلاع عليهما تبين للَّجنة أن كتاب
« التحذير من فتنة التكفير » جَمْع علي حسن الحلبي
فيما أضافه إلى كلام العلماء
في مقدمته وحواشيه يحتوي على ما يأتي:
1 - بناه
مؤلفه على مذهب المرجئة البدعي الباطل الذين يحصرون الكفر
بكفر الجحود والتكذيب والاستحلال القلبي كما في ص/ 6
حاشية / 2 وص/22
وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الكفر
يكون بالاعتقاد وبالقول
وبالفعل وبالشك.
2 -
تحريفه في النقل عن ابن كثير رحمه الله تعالى في: « البداية والنهاية:
13/118 » حيث ذكر في حاشية ص/15 نقلاً عن ابن كثير: «
أن جنكيز خان
ادعى في الياسق أنه من عند الله، وأن هذا هو سبب كفرهم
» وعند الرجوع إلى
الموضع المذكور لم يوجد فيه ما نسبه إلى ابن كثير رحمه
الله تعالى.
3 -
تقوُّله على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في ص/ 17 18 إذ
نسب إليه جامع الكتاب المذكور أن الحكم المبدل لا يكون
عند شيخ الإسلام كفراً إلا
إذا كان عن معرفة واعتقاد واستحلال. وهذا محض تقوُّل
على شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله تعالى فهو ناشر مذهب السلف أهل السنة
والجماعة، ومذهبهم كما
تقدم، وهذا إنما هو مذهب المرجئة.
4 -
تحريفه لمراد سماحة العلاَّمة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى في
رسالته/ تحكيم القوانين الوضعية ؛ إذ زعم جامع الكتاب
المذكور أن الشيخ يشترط
الاستحلال القلبي مع أن كلام الشيخ واضح وضوح الشمس في
رسالته المذكورة
على جادة أهل السنة والجماعة.
5 - تعليقه على كلام من ذكر من أهل العلم بتحميل
كلامهم ما لا يحتمله كما
في الصفحات 108 حاشية/ 1، 109 حاشية/ 21، 110 حاشية
/2.
6 - كما
أن في الكتاب التهوين من الحكم بغير ما أنزل الله وبخاصة في
ص / 5/ ح/ 1. بدعوى أن العناية بتحقيق التوحيد في هذه
المسألة فيه مشابهة
للشيعة الرافضة وهذا غلط شنيع.
7 -
وبالاطلاع على الرسالة الثانية: ( صيحة نذير )، وُجد أنها كمساند لما
في الكتاب المذكور وحاله كما ذُكر.
لهذا فإن
اللجنة الدائمة ترى أن هذين الكتابين لا يجوز طبعهما ولا نشرهما
ولا تداولهما لما فيهما من الباطل والتحريف، وننصح
كاتبهما أن يتقي الله في نفسه
وفي المسلمين وبخاصة شبابهم، وأن يجتهد في تحصيل العلم
الشرعي على أيدي
العلماء الموثوق بعلمهم وحسن معتقدهم، وأن العلم أمانة
لا يجوز نشره إلا على
وفق الكتاب والسنة، وأن يقلع عن مثل هذه الآراء
والمسلك المزري في تحريف
كلام أهل العلم، ومعلوم أن الرجوع إلى الحق فضيلة وشرف
للمسلم. والله الموفق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
الرئيس
عبد الله بن عبد الرحمن الغديان عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل
الشيخ
عضو عضو
بكر بن عبد
الله أبو زيد صالح
بن فوزان الفوزان
الرقم: 21517: التاريخ: 14/6/1421هـ
0 التعليقات:
إرسال تعليق