الرسالة السادسة إلى الأمة الإسلامية:
(التحريض و الحث على الجهاد)
12 ذو القعدة 1424 هـ 4 يناير/كانون الثاني 2004 م
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
أما بعد:
من أسامة بن محمد بن لادن إلى إخوانه وأخواته في الأمة الإسلامية عامة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رسالتي هذه إليكم بخصوص التحريض ومواصلة الحثِّ على الجهاد، لدفع المؤامرات العظام التي حِيكت وتحاكُ ضدَّ أمتنا، خاصةً وقد ظهر بعضها ظهوراً بيناً:
كاحتلال الصليبيين بمناصرة المرتدين لبغدادَ دارِ الخلافة ([1])، تحت خدعة "أسلحة الدمار الشامل" ([2]).
وكذلك المحاولة الشرسة لتدمير المسجد الأقصى، والقضاء على الجهاد والمجاهدين في فلسطين الحبيبة، تحت خدعة "خارطة الطريق" ([3]) ومبادرة "جنيف للسلام".
وكذلك الحملات الإعلامية الصليبية على الأمة الإسلامية، والتي تُظهر بوضوحٍ عظيم؛ عِظَمَ ما يبيّتون من شرٍ مستطيرٍ للأمة عامة، ولأهل بلاد الحرمين خاصة، وظهرت نوايا الأمريكيين كذلك في تصريحاتٍ بضرورة تغيير معتقدات ومناهج وأخلاق المسلمين، حتى يصبحوا أكثر تسامحاً - على حد تعبيرهم ([4])- وبعبارةٍ واضحة؛ إنها حرب دينية اقتصادية، يريدون إبعاد العباد عن عبادة الله ليستعبدوهم ويحتلوا بلدانهم وينهبوا ثرواتهم، فمن العجب أن يفرضوا الديمقراطية وأمركة الثقافة بالقاذفات النفاثة، لذا فإن ما يُنتظر أدهى وأمر.
فما احتلال العراق إلا حلقةٌ في سلسلة الشر الصهيونية الصليبية، ثم يأتي دور الاحتلال الكامل لبقية دول الخليج تمهيداً لبسط النفوذ والهيمنة على العالم أجمع، فالخليج ودوله هو مفتاح السيطرة على العالم في نظر الدول الكبرى نظراً لوجودِ أكبر مخزونٍ نفطيٍّ عالميّ ([5])، فاحتلال بغداد ما هو إلا خطوة تنفيذية لما فكرت وخططت له أمريكا من قبل، فالمنطقة كانت مستهدفة في الماضي، وهي اليوم مستهدفة كذلك، وستبقى مستهدفة في المستقبل.
فماذا أعددنا لذلك؟
وهذه الحملة الصهيونية الصليبية على الأمة اليوم؛ تُعد أخطر الحملات وأشرسها على الإطلاق، وهي تهدد الأمة كلها في دينها ودنياها.
أولم يقل بوش: (إنها حرب صليبية)؟ ([6]) ألم يقل أيضاً: (إن الحرب ستستمر سنين طويلة وتستهدف ستين دولة)؟ ([7]) أو ليس العالم الإسلامي زهاء ستين دولة؟ أفلا تبصرون؟ ألم يقولوا إنهم يريدون تغيير إيديولوجية المنطقة التي تبث الكراهية ضد الأمريكيين؟!
إنهم يقصدون الإسلام وذروَتَهُ قبل كل شيء، فهم يعلمون أنهم لن ينعموا بثرواتنا وأرضنا ونحن مسلمون مجاهدون، فتدبروا!
فيا أيها المسلمون:
إن الأمر خطير والخطب جلل، وإني والله حريصٌ على دينكم ودنياكم، كيف لا؟ وأنتم إخواني في الدين، وأهلي في النسب، والرائد لا يكذب أهله، فأعيروني أسماعكم وقلوبكم لنتدارس حول هذه الخطوب المدلهمة، وكيف السبيل للخروج من هذه المحن الملمة.
وللحديث عن ذلك أقول كما قال نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب} [هود:88]، مستعيناً بالله، متوكلاً عليه، مستجيباً لأمره بأن لا أخشى في الله لومة لائم، متحرياً للصدق، صادعاً بالحق، مبتغياً رضى الخالق وإن غضب الخلق، فآجالنا إلى انتهاء وأرزاقنا في السماء، فعلام نَجْبُنُ عن قول الحق ونصرته؟ ولا يقعد عن نصرته وقد تعيّن الجهاد إلا من خسرت تجارته، وسَفِهَ نفسه وحُرِمَ خيراً عظيماً.
وعليه؛ فإن أول خطوة للخروج من هذا التيه هي بالرجوع إلى الله تعالى، نستغفره ونتوب إليه من المعاصي توبة نصوحاً، ونهتدي بقرآنه العظيم وسنة نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام.
كما ينبغي علينا أن نبحث عن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى انحراف المسيرة عن الصراط المستقيم من الداخل، وعن القوة الفاعلة في هذا الانحراف، فإننا وبدون عناء سنجد أن أبرزهم:
2) وعلماء وخطباء السوء ([9]).
3) والراكنون إلى الذين ظلموا من قيادات العمل الإسلامي ([10]).
4) وإعلاميو الدولة ومن سار على أثرهم.
والحقيقة المرة هي؛ أن الأمراء قد تمكنوا من إغواء وإغراء كثيرٍ من أفراد هذه الشرائح، ثم قاموا بتكميم أفواه من أبى منهم - إلا من رحم الله –
وحيث أن من هدي القرآن والسنة الصدق والتمايز بين الحق والباطل، لكي لا يلتبس على الناس الحق فيضلوا عن الصراط المستقيم، قال الله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:42].
ولإزالة اللبس يجب تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، والتعبير عنها بألفاظها الشرعية، ولاسيما عندما نتحدث عن هذه القوى المؤثرة في مسيرة الأمة، حتى يتسنى لنا أن نأخذ التصور الصحيح عنهم وعن أفعالهم، ليسهل علينا معرفة التعامل معهم، حيث إن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره.
لذا فإن اللفظ الشرعي في وصف الحاكمِ الذي يحكم بغيرِ ما أنزل الله ويسير على غير هدى الله سبحانه وتعالى، أو يناصر الكفار تحت أي مسمى، كتقديم التسهيلات العسكرية أو تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة ضد الإسلام والمسلمين؛ فهذا كافرٌ مرتد([11]).
كما وإن هذه القوى المؤيدة للطغاة عن علم وبغير إكراه؛ لها نصيب من هذا الظلم الذي يُرتكب كلٌ بحسبه ([12]).
إلا أنني أُهيبُ بأبناء العمل الإسلامي أن يعزلوا قياداتهم التي ركنت إلى الذين ظلموا، وينصّبوا قيادات قوية أمينة تقوم بواجبها في هذه الظروف العصيبة، بالدفاع عن الأمة الإسلامية.
وأما الإعلاميون المستهزئون بشعائر الدين - كالجهاد وغيره من الشعائر - فهؤلاء زنادقة ([13]) مرتدون.
هذا فيما يتعلق بأهم القوى المؤثرة في انحراف مسيرتنا من الداخل.
أما الحديث عن كيفية دفعِ هذه القوى المعادية من الخارج، فذلك يستلزم منا أن ننظر في الحروب الصليبية السابقة على بلادنا، لنأخذَ منها الدروس والعبر بما بعيننا لصد هذه الهجمة، وأخذ التصور عن أهم أسباب تلك الهجمات، وكيف تم دفعها ومقاومتها.
فأقول: إن احتلال الغرب لبلادنا قديم جديد، والتدافع بيننا وبينهم والمناطحة وكسر القرون قد بدأ منذ قرون، وسيستمر، لأن سنة التدافع بين الحق والباطل ماضيةٌ إلى قيام الساعة، وصلاح البلاد والعباد بإقامتها، قال الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البقرة:251]، قال أهل التفسير: "أي لولا مدافعة المؤمنين بالقتال للكافرين لغلب عليها الكافرون ولفسدت الأرض بإفسادهم"([14])، فانتبهوا إلى سنة التدافع هذه، ولا حوار مع المحتلين إلا بالسلاح([15]).
وبنظرةٍ لطبيعة الصراع بيننا وبين الغرب نجد أنهم قد غزوا بلادنا قبل أكثر من ألفين وخمسمائة عام، فلم يكن لهم دينٌ قويم ولا خلق سليم، وإنما كانت دوافعهم السلب والنهب، فبقي أجدادنا في الشام تحت احتلالهم لأكثر من عشرة قرون.
ولم نستطع أن نهزمهم إلا بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتزامنا بالإسلام حقاً، الذي أعاد تشكيل وصياغة الشخصية العربية، فحررها من الجاهلية([16]) ونوّرَ قلبها وعقلها وفجّرَ طاقاتها، وعند ذلك لم يقف في وجه كتائب الإيمان أحد، لا العرب ولا العجم، وتهاوى أمام صيحات "الله أكبر"؛ الفرس والتتر، والترك والروم والبربر، وكانت ريادة العالم بأيدينا، ننقذهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد سبحانه.
ثم لما ضَعُفَ تمسكنا بديننا وفسد حكامنا؛ أصابنا الوهن،فأعاد الروم علينا الكرة بعد قرونٍ بحروبهم الصليبية المشهورة،إلى أن أخذوا منا المسجد الأقصى،ولكن بعد تسعين سنة استعدنا قوتنا بعودتنا لديننا، فاسترجعنا المسجد الأقصى -بفضل الله-([17]) على يد قائد حكيم ومنهج قويم، فالقائد؛ صلاح الدين رحمه الله([18]) والمنهج؛ الإسلام وذروة سنامه؛ الجهاد في سبيل الله [19]، وهذا ما يلزمنا اليوم وهو ما يجب أن نسعى إليه.
وكذلك الحال؛ لم يتم تحرير بلاد العالم الإسلامي في القرن الماضي من احتلال الصليبيين العسكري إلا برفع راية الجهاد في سبيل الله، والذي يستميت الغرب اليوم لتشويهه، وقتل من يحمل رايته تحت اسم "مكافحة الإرهاب"، ويناصرهم في ذلك المنافقون، لأنهم يعلمون جميعاً أن الجهاد هو القوة الفعّالة لإحباط جميع مؤامراتهم.
فهذا هو السبيل فاتبعوه، لأننا إذا ابتغينا دفعهم بغير الإسلام فسنكون كالذي يدور في حلقة مفرغة، وسيكون حالنا كحال أجدادنا الغساسنة، كان هم الواحد من كبرائهم أن يكون ضابطاً للأمن عند الروم، وإن أُطلق عليه لقب "ملك"، ليقوم بحماية مصالحهم، وذلك بقتل إخوانه من عرب الجزيرة ([20]) وهذا هو حال "الغساسنة الجدد"؛ حكام العرب اليوم ([21]).
فيا أهل الإسلام:
إن لم تأخذوهم بجريرتهم في القدس وأرض الرافدين، أخذوكم بخذلانكم وسلبوكم أرض الحرمين، فاليوم بغداد وغداً الرياض، وهلّم جراً - إلا أن يشاء الله - وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فكيف السبيل لوقف هذا الطوفان الهائل؟
لعلكم تذكرونَ أن الأمةَ خلال العقود الماضية قد حاولت محاولاتٍ كثيرة لمقاومةِ التحالف الصهيوني الصليبي لتحرير فلسطين، وركضت لفترات طويلة خلف دياناتٍ بشرية كثيرة في المنطقة، كالقومية ([22]) والاشتراكية والشيوعية ([23]) والديموقراطية ([24]) وغيرها، تحت الجمهوريات والملكيات، فهذه القوى المادية كلها أثبتت أخيراً - بما لا يدع مجالاً للشك - أنها خضعت للتحالف الصليبي الصهيوني بقيادة أمريكا، وقد شب الناس عليها وشابوا وهم يسيرون خلفها، وإذا بهم يرجعون إلى ما قبل نقطة الصفر، فكفى ركضاً خلف السراب، وكفى لعباً بعقولِ أولي الألباب.
وفي مثل هذه الحالات العصيبة يرى بعض دعاة الإصلاح ضرورة أن تتحدَ جميع الطاقات الشعبية والرسمية، وتتحد طاقات الحكومات مع أبنائها بجميع شرائحهم وأفرادهم، كلٌّ فيما يحتاج إليه، لصد هذه الهجمة الصليبية الصهيونية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو؛ هل هذه الحكومات في العالم الإسلامي مهيأةٌ لأن تقوم بهذا الواجب؟ بالدفاع عن الملة والأمة؟ وأن تتبرأَ من ولائها لأمريكا؟
فتعالوا لننظر نظرة موضوعية لتاريخها في قضايا الأمة المصيرية، ليتبين لنا ملامح ومعالم سياستها، حتى لا يسير بنا هؤلاء إلى طريق مسدود، ولئلا يجربوا أمراً قد جُرّبَ لعقودٍ طويلة.
أولاً؛ موقفها من العدو الصليبي في الحرب العالمية الأولى:
عندما هجم على العالم الإسلامي وأراد إسقاط الدولة العثمانية، فإن هؤلاء الحكام خرجوا على هذه الدولة، وفرقوا جماعة المسلمين وساهموا مساهمة فعالةً في القتال ضدها، مما أدى إلى سقوطها تحت الاحتلال الصليبي، وتقسيمها إلى بضعٍ وخمسين دولة، وكان الدور البارز في تلك الخيانات للملك عبد العزيز آل سعود والشريف حسين وأبنائه.
ثانياً؛ قضية فلسطين:
إن مواقف هؤلاء الحكام في هذه القضية المحورية منذ تسعة عقود هو تعهدهم للإنجليز بالسماح لليهود بتكوين دولةٍ لهم على أرض فلسطين، ثم الخذلان لأهل فلسطين، بل والمخادعة لهم مراتٍ عديدة لكي يلقوا السلاح، كان من أبرزها محاولة تمت للملك عبد العزيز آل سعود، ثم لما صدر قرار المنظمة الصهيونية، أو ما يُعرف بـ "الأمم المتحدة"، لتقسيم فلسطين ولإقامة دولة يهودية فيها؛ لم يحرك حكام العرب ساكناً، بل بقوا أعضاء في هذه المنظمة، ومازالوا إلى اليوم، ولم يفعلوا شيئاً يُذكر للحيلولة دون ذلك إلا بما يندى له الجبين.
فلما قامت دولة اليهود، بعد قرار التقسيم بعام؛ نشبت حرب مصطنعة، ثم ما لبث حكام الدول العربية أن وافقوا على توقيع هدنةٍ مؤقتة استجابةً لأمر أمريكا، والتي طلبت منهم في العام الذي يليه هدنةً دائمة، وهكذا كادوا يئدون فلسطين وأهلها وهم أحياء، ولكن الله سلّم.
ثم استمرت المؤامرات مروراً بمؤتمر مدريد وما تبعه، وتواصلَ السعيُ لإجهاض الانتفاضة الأولى، ثم ما جرى في مؤتمر "شرم الشيخ" عام 1416 للهجرة - الموافق 96 للميلاد - بدعمهم لليهود والنصارى ضد المستضعفين من أهلنا في فلسطين، ثم مبادرة بيروت التي تضمنت الاعتراف باليهود، وجزءاً كبيراً مما احتلوه من أرض فلسطين، وأخيراً مؤامرة "خارطة الطريق".
وخلال هذه المؤامرات ينثرون بعض الأموال على أهل فلسطين من باب ذر الرماد في العيون، وإلا فالتاريخ والواقع يشهد عليهم خلال العقود التسعة الماضية أنهم لم يرجعوا شيئاً من فلسطين.
إلا أن مما يثير الدهشة والذهول ويبعث على الاشمئزاز؛ موقفُ هؤلاء الحكام من أُسَرِ المجاهدين الذين يقومون بالعمليات الاستشهادية، فقد كانوا ينتظرون خيرهم فجاؤوهم بشرّهِم، فلم يكتفوا بشجبها وإنما قاموا بما هو أشد وأنكى، فانظروا إلى حال تلك الأسر، وتأملوا حال كل أختٍ من أخواتنا الأرامل هناك ممن قُتِلَ زوجها على يد اليهود، وقَدّمَ ابنها نفسه رخيصةً في سبيل الدين والذودِ عن حياض المسلمين، فجاء جنودُ اليهودِ بعد أن تركهم أصحاب العروش والجيوش ليعيثوا في أرض القدس فساداً ويهلكوا الحرث والنسل، فأخرجوها بالقوة من بيتها إلى الطريق، ثم نسفوه بما فيه ولم يمكنوها من أخذ متاعها الزهيد، فسارت هائمةً في الطرقات على وجهها، والدموع قد أخذت مجراها، وهي تجر صغارها وصغارَ الشهيد - نحسبه والله حسيبه - لا تدري إلى أين تتجه، ولا إلى أين تسير من تكاثرِ المصائب عليها، ولكن بفضل الله كان بعض أصحاب القلوب الرحيمةِ من بلادِ الحرمين وغيرها يرسلون بعض زكواتهم لهذه الأسر من الأرامل والأيتام، يخففون بها بعض مصابهم،فإذا بذلك الأمير الفظ الغليظ الجوّاظ([25]) المتكبر؛ عبدالله بن عبدالعزيز يأمر بمنع المحسنين من إرسال أموالهم، حتى تتوقف العمليات!!!
فأي قلبٍ هذا الذي يأمر بهذه الأفعال؟!
أهو قلب بشر؟!
أم أنه قَدْ قُدَّ من حجر؟!
وأي نذالةٍ هذه؟!
وأي خسّةٍ هذهِ؟!
أن تَتَتَبّعَ دريهماتٍ تصلُ إلى الأرملةِ واليتيمِ والمسكين، وكيف يُرتجى الخير لنا أو الدفاع عن البلاد والعباد من أمثال هؤلاء أصحاب القلوب القاسية.
وبعد هذا كله يزعم المنافقون عباد الدرهم والدينار؛ أن هؤلاء ولاة أمر لنا، وسيقومون بالدفاع عنا!!
وإن تعجب فعجبٌ قولُ بعض دعاة الإصلاح؛ بأن طريق الصلاح والدفاع عن البلاد والعباد يمر بأبواب هؤلاء الحكام المرتدين ([26])!
فأقول لهؤلاء: إن كان لكم عذرٌ في القعود عن الجهاد، فهذا لا يُبيحُ لكم أن تركنوا إلى الذين ظلموا فتحملوا أوزاركم وأوزارَ من تُضِلّون، فاتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أمتكم، وإن الله تعالى غنيٌّ عن مداهنتكم للطغاةِ من أجلِ دينه، وقد قال سبحانه: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:8-9] ([27])، ولأَنْ يقعدَ المرءُ في أدنى طريقِ الحق خيرٌ له من أن يقفَ في أعلى طريق الباطل.
ثالثاً: إن دول الخليج قد شهدت بعجزها - بلسان الحال والمقال - عن مقاومة القوات العراقية، واستنجدوا بالصليبيين - وعلى رأسهم أمريكا - كما هو معلوم ([28])، فكيف ستقف هذه الدول أمام أمريكا والقوات العراقية التي تُجَنّدُ اليوم تحت إمرتها؟!
إن القرار الذي اتخذه "جابر الصباح" ومن معه يوم غزو العراق للكويت، عندما أطلقوا سيقانهم للريح، هو القرار الراجح الذي سيتخذه جميع حكام الخليج، ما لم يتم التفاهم بينهم وبين أمريكا على أن يتخلوا عن عروشهم الحالية، ويُعْطَوا وظائفَ دون ذلك لمخادعة العوام وحمايةِ مصالح أمريكا، وأن يتعهدوا بأن لا يسألوا عن النفط ودخله، كحال عملائهم في مجلس الحكم الانتقالي في العراق.
ثم إن مما يؤكد على نفسياتهم الانهزامية ورضوخهم للمحتل وكيفية التعامل معه؛ هو استقبالهم لأعضاء ذلك المجلس الانتقالي والتعاون معهم.
وخلاصة القول:
إن هذه الحكومات أيدت أمريكا وساندتها في الهجوم على دولة عربية، بينهم وبينها عهودٌ للدفاع المشترك، زادت من توثيقها له قبل الهجوم الأمريكي بأيامٍ معدودة في "جامعة الدول العربية"، ثم نقضتها عن بكرة أبيها، فهذا يُظهرُ موقفها في القضايا الأساسيةِ للأمة.
رابعاً: إن هذه الأنظمة تذبذبت كثيراً بخصوص اتخاذ موقف بشأن استخدام القوة والهجوم على العراق، فمرةً ترفض المشاركة مطلقاً، ومرة أخرى تقيدُ ذلك بموافقة "الأمم المتحدة"، ثم تعود لرأيها الأول، وفي الحقيقة أن عدم المشاركة يأتي تمشياً مع الرغبات الداخلية لهذه الدول، إلا أنهم أخيراً استسلموا ورضخوا للضغوط الأمريكية، وفتحوا قواعدهم البرية والجوية والبحرية مساهمةً في الحملة، برغم الآثار الكبيرة والخطيرة التي ستترتب على ذلك، وأهمها؛ أن ذلك ارتكابٌ لناقضٍ من نواقض الإسلام، وخيانةٌ عظمى للأمة، وما يتبع ذلك من غضبٍ شعبي، وتهيئةِ الأجواءِ للخروج على هذه الأنظمةِ العاجزةِ الخائنةِ المرتدة.
وأهمُّ وأخطرُ من ذلك في نظرهم؛ ألا يفتح باب إسقاط الأنظمة الدكتاتورية بالقوة المسلحة من الخارج، وخاصةً بعدما رأوا أسرَ رفيقِ دربهم السابق في الخيانةِ والعمالةِ لأمريكا([29])، عندما أمرته بإشعال حرب الخليج الأولى ضد إيران لما خرجت عن طاعتها، فأكلت الحرب الأخضر واليابس وأدخلت المنطقة في تيهٍ لم تخرج منه إلى اليوم ([30])، وما الحروبُ اللاحقةُ إلا من تداعياتها.
فهم يعلمون أن الدور قادمٌ عليهم، وهم لا يملكون الإرادة لاتخاذ القرار الصعب لصد العدوان، فضلاً عن أن يملكوا القوة المادية لذلك - من وجهة نظرهم - وقد حيلَ بينهم وبين إنشاءِ قوةٍ عسكريةٍ كبيرة لِمَا أُخِذَ عليهم من عهودٍ ومواثيقَ سريةٍ منذُ زمنٍ بعيد.
خامساً: ومما يوضح موقفهم من قضايا الأمة؛ ما قاموا به من مناصرةٍ لأمريكا بفتحِ قواعدهم مساهمةً منهم معها في حملتها الصليبية على أفغانستان، ولا يخفى أن هذه مناصرةٌ ومظاهرةٌ صريحةٌ للكفارِ على دولةٍ إسلامية، وذلك كفرٌ أكبرٌ مخرجٌ من الملة ([31]).
سادساً: ولعل من المواقف الظاهرة الجلية التي تنبئ بموقف حكام الخليج؛ إذا تعرّضَ أحدهم لضغوطٍ أمريكيةٍ حتى يسلم المناطق النفطية لها؛ هو دعمهم الجماعي لما سُمّيَ بـ "مبادرة زايد"([32])، حيث طالبوا صداماً بأن يُسَلّمَ العراقَ وشعبَهُ ونِفْطَهُ على طبقٍ كغنيمةٍ باردة، وأن يتنحى عن السلطة ويوفروا له لجوءاً سياسياً بحجة ألا تسفك الدماء في العراق، وقد أكد "سعود الفيصل" على هذا المبدأ مِراراً وبلا حياء، وظاهر هذا المبدأ - مع ما سبق - يُظهرُ أن حكامَ الخليج إذا تعرضوا لضغوطٍ أمريكيةٍ لاحتلال مناطق النفط فسوف يكررون نفس الموقف بما فيهم حاكم الرياض.
سابعاً: ومن أظهر الدلائل التي تنبئ بموقف الحكام تجاه صد العدوان؛ موقفُ كبيرهم، عندما أطّتْ جزيرةُ العرب تحت جنازير الدبابات الأمريكية، وضجت بحارها من حاملات الطائرات الصليبية بأحدث العتاد والأسلحة لاحتلال المنطقة، فإذا بكبيرهم الذي علمهم الخنوع يخرج على الملأ ليبث في الأمة الاستسلام والمذلة والخضوع، ويقول: (إن هذه الحشود ليست للحرب) ([33]) ، يا للعار والشنار!!
إذا كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ
وخلاصةُ القول: إن الحاكم الذي يؤمن ببعض الأفعال التي سبق ذكرها، لا يستطيعُ أن يدافع عن البلاد، فكيف إذا كان يؤمن بها كلِّها ومارسها مراتٍ ومرات؟!
إن الذين يؤمنون بمبدأ مناصرةِ الكافرين على المسلمين، ويُهدرونَ دماءَ إخوانهم وأعراضهم وأموالهم حتى يَسْلَمُوا، مدّعين أنهم يحبون إخوانهم ولكنهم مكرهون - ولا يخفى أن هذا الإكراه لا يعتبر شرعاً - إن هؤلاء مؤهلون للسير على نفس المبدأ ضد بعضهم البعض في دول الخليج، بل إن هذا المبدأ قابل للتوسع في داخل الدولة الواحدة ذاتها، فمثلا إن حاكم الرياض مؤهل بأن يفرط بالمنطقة الشرقية والوسطى وغيرها للأمريكيين، والشمالية وجزءاً من الغربية لليهود، مقابل أن تسلم له "جيزان" و "صامطة" و "أبو عريش" – مثلاً - ومن قرأ وتدبّر تاريخ الملوك قديماً وحديثاً عَلِمَ أنهم مؤهلون للقيام بأكثر من هذه التنازلات - إلا من رحم الله منهم –
بل إن الحاكم قد بدأ عملياً بالتفريط في أبناء البلاد، بمطاردتهم وسجنهم واتهامهم بمذهب الخوارج في تكفير المسلمين زوراً وبهتاناً، والمبالغة في قتلهم - نحسبهم شهداء والله حسيبهم - وكل ذلك كانَ قبلَ "انفجارات الرياض" في ربيعٍ الأول من هذا العام ([34]) التي يتحجج بها النظام، وإنما جاءت هذه الحملة في سياق تنفيذ تعليمات أمريكا لعلهم ينالون رضاها([35])، رغم أن النظام هو الذي استفز الشباب بإباحة البلاد للصليبيين، مخالفاً للدين مستهزئاً بمشاعر المسلمين، متحدياً لرجولة الرجال من أبناء الحرمين، وبالتالي هو الذي أخلَّ بالأمن على الحقيقة، ولضيق المقام هنا أفردتُ هذه المسألة في رسالةٍ خاصة ببلاد الحرمين أرجو أن تصلكم قريباً بإذن الله.
وإن مما يلخص حال الأمة وتكالب الأعداء عليها مع عمالة الحكام للكافرين، وخيانتهم للدين وإظهار بطشهم بالشعوب، وتخاذل الجماعات الإسلامية عن الجهاد؛ هذه الأبيات والتي في معظمها للدكتور يوسف أبو هلالة، يقول:
والأمةُ الكبرى غدت ألعوبةً *** يلهو بها القسيسُ والحاخامُ
هي مثلُ قومٍ في الأمور مكانةً *** سيانَ إن قعدوا وإن هم قاموا
عظماؤها والحادثاتُ تُبيدها *** فوق العروشِ هياكلٌ وعِظامُ
والقدس، ويحَ القدسِ دِيْسَ عفافُها *** والمسلمونَ عَنِ الجهادِ صيامُ
بغدادُ يا دارَ الخلافةِ ويحكِ *** ما بالُ طهركِ دنّسَته طُغَامُ
ما بالُ من بالأمسِ خانوا دينهم *** عمّن أغارَ على حِمَاكِ تَعَامُوا
أعلى الشعوبِ قساورٌ صيّالةٌ *** وعلى اليهودِ أرانبٌ ونَعَامُ
لم يبقَ لي دارٌ أفيءُ لظِلّها *** وطني استبيحَ وشَبَّ فيهِ ضِرَامُ
يا أمتي.. أنا طائرٌ قد لاحَ لي *** أَيْكٌ، فهلْ أَشدو ولستُ أُلامُ؟!
أأُعابُ إن صارحتكم بحقيقةً *** هي أن شرَّ عِدَاتِنَا الحُّكّامُ؟!
مِنْ كُلِّ زنديقٍ ويُدْعَى أنَّهُ *** للمسلمينَ خُويدِمٌ وإِمَامُ
يتظاهرونَ بأنهم عونٌ لنا *** في حينِ هُمْ دَاءٌ لنا وحِمَامُ
جيشُ النصارى مَدُّهُ اجتاحَ الدُّنا *** أينَ التَّقِيُّ الشهمُ والمقدامُ
وبناءاً على ما تقدم؛ فقد ظَهَرَ مدى الخطر الحقيقي الذي تتعرض له المنطقةُ عموماً، وجزيرَةُ العربِ خصوصاً، وأصبح واضحاً بأن الحكام غير مؤهلين لإقامة الدين والدفاع عن المسلمين، بل قدموا الأدلة على أنهم ينفذون مخططات أعداء الأمة والملة، ومؤهلون للتفريط بالبلاد والعباد.
والآن بعد أن عرفنا حال الحكام؛ ينبغي أن ننظر في المنهج الذي كانوا يسيرون عليه:
إن المتأمل في منهج هؤلاء الحكام يتضح له بغير عناء أنهم يسيرون وفق أهوائهم وشهواتهم، ووفق ما تقتضيه مصالحهم الشخصية وولاءاتهم الصليبية، فالالتزام بالإسلام ليس من الثوابت في منهجهم ودينهم، وإنما هم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، مما يتوافق مع أهوائهم ويحافظ على ملكهم، وذلك كفرٌ أكبر كما بينه تعالى بقوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:85]، فالثابتُ الأساسُ عندهم؛ هو الثباتُ في الملك فقط لا غير.
فالخلل ليس في قضية فرعيةٍ كفساد شخصي محصورٍ داخل قصر الحكم، إنما الخللُ في المنهجِ من أساسه، وذلك عندما انتشر ذلك الاعتقادُ الخبيثُ والمبدأُ الهدّام في معظم نواحي الحياة؛ بأن السيادة والطاعةَ المطلقتين للحاكم، وليستا لدين الله تعالى، أي أن العبوديةَ للحاكم وليست لله تعالى، وتلك هي الحقيقةُ المهمة التي يُخادِعُ فيها الحكام، وإن تستروا في بعض البلدان تحت عباءة الإسلام، وخاصةً بعد أن سَخّروا جيشاً من العلماءِ والخطباءِ والكتابِ وجميعِ أجهزةِ الإعلامِ للمبالغةِ في تضخيمِ معنى "الطاعةِ لوليِّ الأمر" منذ قرنٍ من الزمان، بعيداً عن القيود التي قيدها بها دين الله تعالى، حتى أصبحَ الحاكمُ وثناً يُعبدُ من دون الله - كما هو الحالُ في بلاد الحرمين - ومن أَبَى من العلماءِ مداهنتهم؛ فله السجن حتى يُدَاهِنَ مُكرهاً، وكما أنهم تستروا في بلدانٍ أخرى تحت عباءة البرلمان والديمقراطية([36]).
لذا فحال جميع الدول العربية في انحطاطٍ سحيق في جميع مناحي الحياة، في أمور الدين والدنيا.
ويكفي أن تَعْلَمَ أن اقتصاد جميع الدول العربية أقلُّ شأناً من دولةٍ واحدةٍ كانت يوماً من الأيام جزءاً من عالمنا - يومَ أن كنّا متمسكين بالإسلام حقاً - ألا وهي الأندلس المفقود ([37])، فأسبانيا دولة كافرة، ومع ذلك فاقتصادهم أقوى من اقتصادنا ([38])، لأن هناك حساباً وعقاباً للحاكم، وأما في بلادنا فلا حسابَ ولا عقاب، وإنما السمعُ والطاعةُ والدعاءُ له بطولِ العمر.
وما وصلنا إلى هذه الحالة المزرية إلا لأنه قد غاب عن الكثير منا الفهمُ الصحيحُ والشاملُ لدينِ الإسلام، واقتصر فهمهم على أنه أداءٌ لبعض الشعائر التعبديةِ - كالصلاةِ والصيام - وهي على أهميتها العظمى إلا أن دينَ الإسلام يشملُ جميعَ شؤونِ الحياة؛ الدينية والدنيويةِ أيضاً - كالاقتصادية والعسكرية والسياسية - بما فيها الميزان الذي نزن به أفعال الرجال من الحكام والعلماء وغيرهم، وكيفية التعامل مع الحاكم وفق الحدود التي وضعها الله تعالى له فلا يتجاوزها، كالتشريع من دون الله، وموالاة الكفار ومناصرتهم على المسلمين، أو العبث والاختلاس الهائل من مال الأمة العام.
وكثيرٌ من الناس يظنون أن هذا من صلاحيات ولي الأمر، ولا يعلمون أن هذه الأفعال مِنَ الحاكم؛ هي من الكبائرِ العظامِ في شريعتنا، ولا تجبُ لهُ فيها الطاعة، بل إن تشريعه من دون الله وموالاته للكفار كفرٌ أكبر مخرجٌ من الملة، يوجبُ الخروجَ عليه ([39]) بَعدَ إعدادِ ما يلزم ([40]).
ولو أنهم قرؤوا القرآن والسنة - وهذا ما ينبغي علينا - وتدبروا فيهما لاتضح لهم ذلك جلياً في نصوصٍ كثيرة، ومن ذلك حديثُ عديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه([41])، وكان قد تنصّرَ في الجاهلية، وكان يظن كما يظن كثيرٌ من الناس أن اتّباعَ السادةِ والكبراء من الأمراء والعلماء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله ليس عبادةً لهم وليس كفراً بالله تعالى، لأنه لم يصلِّ لهم ولم يصم، ولكنه عندما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:31]([42])، قال: ”فقلت؛ إنهم لم يعبدوهم! “، فقال: ”بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فتلك عبادتهم“ [رواه أحمد والترمذي]([43]).
فانتبهوا إلى هذه الآية، فهذه الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف يبينان بوضوح وجلاء؛ أن طاعة الحاكم أو العالم أو غيرهما واتباعهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله؛ عبادةٌ لهم من دون الله، وهذا شركٌ أكبر مخرجٌ من الملة، عافانا الله وإياكم من ذلك.
وذلك ما عقّبَ به سبحانه وتعالى في آخر الآية الكريمة ونزّهَ نفسه الشريفة عنه، حيث قال: {سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31]، وذلك بعدما قال تعالى في نفس الآية: {مَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [التوبة:31]، وفي ذلك بيانٌ على أن التشريع في التحليل والتحريم عبادة، وهو من أخصِّ خصائصِ الألوهية([44])، ومن أهم مقتضياتِ شهادةِ "أن لا إله إلا الله"، الركن الأول من أركان الإسلام، وهي رأس الإسلام، وفي هذا تنبيه عظيم جداً للذين يظنون أن الإسلام هو مجرد التلفظ بشهادة "أن لا إله إلا الله"، ولا يعلمون أن لها مقتضيات إن لم يلتزموا بها فهم لم يلتزموا بشهادة "أن لا إله إلا الله"([45]).
وخلاصة القول:
إن غياب الفهم الشاملِ لدينِ اللهِ كمنهجٍ لجميع شؤون الحياة، بما في ذلك منهج الإسلامِ في محاسبة الحكام، لأنه باستقامتهم على المنهج على دين الله تعالى تستقيم أمور البلاد والعباد، فغياب هذا الفهم من أكبر مواطن الخلل في حياة الأمة اليوم، فيجب أن نعي هذه المسألة وعياً تاماً ونفقهها ونحن نبدأ مسيرة الإصلاح اليوم لنسير على الصراط المستقيم بإذن الله تعالى، ولا نذهب في التيه لقرنٍ آخر من الزمان، ومن الكتب المفيدة في ذلك والتي شرحت الآية الكريمة السابقة؛ كتابُ "الإيمان" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وكتابُ "فتح المجيد" للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمهم الله تعالى، وكتاب "مفاهيم ينبغي أن تصحح" للشيخ محمد قطب.
وهكذا؛ ظهر أن الحكام عاجزون وخائنون، وأنهم لم يسيروا على منهج الإسلام القويم، بل ساروا وفق أهوائهم وشهواتهم، وهذا هو سبب الانتكاسات في مسيرة الأمة خلال العقود الماضية، وبالتالي يتضحُ لنا جلياً أن الحلَّ يكمنُ في التمسكِ بدين الله تعالى الذي أعزنا الله به خلال القرون الماضية، وتنصيبِ قيادةٍ قويةٍ أمينة تقيم القرآن فينا وترفعُ رايةَ الجهاد حقاً.
فيجبُ على الصادقينَ ممن يعنيهم الأمرُ - كالعلماء والزعماء المطاعين في أقوامهم والأعيانِ والوجهاءِ والتجارِ - أن يتنادوا ليجتمعوا في مكانٍ آمن بعيداً عن ظل هذه الأنظمة البطّاشة، ويشكلوا مجلساً لأهل الحل والعقد ليسدوا الفراغ الذي حصل بسقوط هذه الأنظمة شرعاً وعجزها عقلاً، حيث إن الحق في تعيين الإمام إنما هو للأمة، والحق لها في حملهِ على الجادة إذا انحرف عنها، والحق لها في عزله إن ارتكب ما يوجب ذلك - كالردة والخيانة مثلاً - وهذا المجلس المؤقت يتشكل من الحد الأدنى الممكن من الطاقات والكوادر دون أن يفتئتوا على بقية الأمة - إلا فيما تبيحه الشريعة في حالة الضرورة - إلى أن تستكملَ بقيةُ الأعداد عندما تتحسن الأوضاع بإذن الله، ويكون منهجهم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويبدؤون بتوجيه المسلمين إلى الأولويات المهمة في هذه المرحلة الحرجة، ويأخذوا بأيديهم إلى بر الأمان، على أن يكونَ من أولى أولوياتهم توحيد الكلمة تحت كلمة التوحيد، والدفاع عن بيضة الإسلام وأهله وحياضه، وتحريض المسلمين على الجهاد والإعداد، وتيسيرِ وصول السلاحِ إلى الناس، خاصةً الأسلحة الخفيفة ومضادات الدروع كقواذف "الآر بي جي"([46]) وألغام الدبابات، وإعلان النفير العام في الأمة استعداداً لصد غدرة الروم التي بدأت في العراق ولا يُعلم أين ستنتهي، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فيا إخواني في الله:
ينبغي أن يكون عندنا يقينٌ جازم؛ بأن نجاتنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة هي بإقامة الإسلام والجهاد، فبهما عزتنا وسعادتنا كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود ([47]) في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما([48]) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم“.
وقد قال الخليفة عمر([49]) لأبي عبيدة ([50]) رضي الله عنهما: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) [رواه الحاكم]([51]).
فينبغي على دعاة الإصلاح أن يعلموا أن الطريق لإصلاح الأمة وتوحيدها تحت كلمة التوحيد؛ ليس بالمحاضرات النظرية وتأليف الكتب فقط، ولكن لابد أيضاً من مشروع عملي تنخرط فيه الأمة كلها - كلٌ بحسبه - ابتدءاً بالدعاء والابتهال إلى الله، وانتهاءً بالقتال في سبيل الله.
فالقتال في سبيل الله؛ جزءٌ لا يتجزأ من ديننا، بل هو ذروة سنام الدين، وكيف يبقى الدين بدون ذروته؟!([52])، وهو ضرورةٌ مُلِحّةٌ لحياة أمتنا وعزها وبقائها، وقد صدق عدونا وهو كذوب، إذ قال معلماً لأبنائه: (أنت تقاتل؛ إذن فأنت موجود)، هذه هي الحقيقة التي يعلمونها أبناءهم ويرسلون إلينا بعكسها، كما أن القتال مطلقاً ضرورةٌ لبقاء الدول الكبرى، وانظروا التاريخ إن شئتم - بما في ذلك تاريخ أمريكا - فقد أشعَلَتْ عشراتِ الحروب خلال ستة عقود فقط([53])، لأن ذلك من أعظم ضروراتها الملحة، فيومَ أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية قراراً صادقاً بإيقاف الحروب في العالم؛ فهي تعلم قبل غيرها أن ذلك اليوم هو بداية تفكك ولاياتها وانهيارها - وذلك قادمٌ بإذن الله - فاحذروا كل دعوةٍ لإلقاء السلاح تحت اسم الدعوة للسلام، لأنها في الحقيقة دعوةٌ لتخذيلنا واستسلامنا، ولا يُرَوّجُ لمثلِ هذه الدعوات إلا جاهلٌ أو منافق.
وقبل الختام:
أُحَرّضُ شباب الإسلام على الجهاد – ولا سيما في فلسطينَ والعراق - وأُوصي نفسي وإياهم؛ بالصبر والتقوى، وأن يثخنوا في العدو بقوة، مع الحرصِ على دماء المسلمين أثناء ذلك، وأن يحذروا ولا يتوسعوا في مسألة التترس، ويُقَدّرُهَا بقَدْرِها علماؤهم الصادقون - كل عمليةٍ على حدة ([54]) فإننا إنما نرجو نصر الله بالصبر والتقوى، اللهم اجعلنا من الصابرين المتقين.
وفي الختام:
أنقل إلى شباب الإسلام في كل مكان كلماتٍ قصيرةً سمعناها ممن قبلنا من أجدادكم الذين عركتهم أحداث السنين في أرض فلسطين، ومَرّت على رؤوسهم عشرات المبادرات والمؤامرات والمصائب التي تدعو إلى السلام فأذكركم بها، تلكَ هي:
سيحدثونك يا بنيَّ عن السلام
إياك أن تصغي إلى هذا الكلام
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21] ...
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
اللهم إني أسألك أن تثبت أقدام المجاهدين في كل مكان، ولاسيما في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان وأفغانستان،
اللهم سدد رميهم واربط على قلوبهم وألف بينهم ومدهم بمدد من عندك وانصرهم على عدوك وعدوهم، فإنه لا ناصر لهم إلا أنت يا قوي يا عزيز،
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذلُّ فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.([56])
أبو عبد الله
أَفْغَانسْتَانَ – خُرَاسَانَ
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (بغداد... وهي كلمة اعجمية، قيل؛ انها مركبة من "بغ" و "داد"، فقيل؛ "بغ" بستان، و "داد"؛ اسم رجل. وقيل؛ "بغ" اسم صنم، وقيل؛ شيطان، و "داد"؛ عطية، أي؛ عطية الصنم. ولهذا كره عبد الله بن المبارك والأصمعي وغيرهما تسميتها "بغداد"، وإنما يقال لها "مدينة السلام"، وكذا أسماها بانيها أبو جعفر المنصور، لأن دجلة كان يقال لها "وادي السلام"، ومنهم من يسميها "الزوراء") [البداية والنهاية: ج10/ص101].
[2] قال المرشح الديمقراطي في الانتخابات الأميركية "جون كيري" في بيانه بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لغزو العراق: (إن "بوش" خدع الأميركيين في خطابه... عندما أشار إلى برنامج صدام حسين للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، ورفض ولا يزال يرفض التحدث صراحة مع الأميركيين عن تكاليف الحرب... لنقلها بكل بساطة، إن هذا الرئيس لم يقل الحقيقة حول الحرب، وبلادنا تدفع الثمن).
وقال الرئيس الأميركي الأسبق "جيمي كارتر" في مقابلة نشرتها صحيفة "إندبندنت" البريطانية، بتاريخ "1/2/1425هـ" : (كانا - بوش وبلير - يعرفان على الأرجح أن المعلومات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل العراقية المفترضة كانت تستند إلى معلومات مشكوك فيها... هذه الحرب قد استندت إلى أكاذيب وتفسيرات خاطئة من قبل لندن وواشنطن، حيث أكدت أن صدام حسين مسؤول عن هجمات "11/سبتمبر" وأن العراق يملك أسلحة دمار شامل... إن قرار الذهاب إلى الحرب اتخذاه، ثم طالبا البعض بإيجاد سبب لشنها).
[3] انبثقت خارطة الطريق عن اللجنة الرباعية الدولية والمؤلفة؛ من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والرئاسة الأوربية وروسيا، للوصول إلى حل نهائي لمسألة الشرق الأوسط - القضية الفلسطينية - وتعمل على تحقيق "السلام" عبر مرحلتين أساسيتين تنتهي بحلول العام "2005م"، وتهدف إلى:
أولاً: وقف الانتفاضة المباركة عبر ما يسمى بوقف العنف، واجراء تغيرات جذرية في بنية السلطة الفلسطينية، في المجالات المالية والادارية والأمنية والقانونية، مقابل خروج القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية، وتفكيك بعض البؤر الاستيطانية الصغيرة.
ثانياً: الاعلان عن قيام دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة بتواصل إقليمي ما، مع ارتباط قيام تلك "الدولة" باستمرار التعاون الأمني الكامل مع "اسرائيل"، وايجاد قيادة فلسطينية جديدة يختارها عميلهم البديل أبو مازن، والتطبيع العربي مع "اسرائيل".
وقبل البدء بالمفاوضات الجديدة هذه، وضع الكيان اليهودي سلسلة من الشروط أهمها:
أ) ربط تقديم ما يسمى بالتنازلات الاسرائيلية بالأفعال الفورية ضد المقاومة من جهة، والتغيير الجذري في أجهزة السلطة الفلسطينية، وأهمها نقل صلاحيات عرفات لصالح رئيس الوزراء الجديد محمود عباس - أبو مازن –
ب) عدم تجميد الاستيطان تحت مسمى "النمو الطبيعي" للمستوطنات القائمة.
ج) رفض الاحتكام للجنة الرباعية،والاصرار على المرجعية في تنفيذ الفلسطينيين لتعهداتهم الأمنية.
د) عدم تحديد ماهية الدولة الفلسطينية وترك ذلك للمفاوضات الثنائية.
هـ) عدم الالتزام بجدول زمني محدد ينتهي عام "2005م"، وترك ذلك لمدى تحقيق الفلسطينيين بالإلزامات الواردة في خارطة الطريق. [عن مقال؛ "خارطة الطريق؛ مؤامرة دولية أخرى للقضاء على المقاومة الفلسطينية"/لعبد الرحمن الطرابلسي، مجلة نداء الإسلام].
[4] ولقد تحولت تلك النوايا إلى واقع، وبدأت الأنظمة العربية استجابةً لأوامر سيدها الأمريكي بتطبيقها، فها هي الصحف الحكومية تطل علينا بعناوين كـ (العراق سيعيد النظر بالمناهج الدراسية)، و (الأردن بوادر أزمة بين البرلمان والحكومة بسبب تعديلات مقترحة على مناهج التعليم)، و (مجلس الأمة الكويتي يناقش اليوم تعديل المناهج الدراسية)، و (القمة الخليجية تركز على الإرهاب وتعديل المناهج الدراسية)، و (خبراء خليجيون يعدون دراسة للتحديات التي تواجه دول التعاون؛ تقويم المناهج التعليمية)، و (أول ملتقى عربي جامع في بيروت حول التربية والتعليم)... نسأل الله أن يجعل تدبيرهم؛ تدميرهم، وان يرد كيدهم في نحرهم.
[5] تمتلك الدول العربية المنتجة للبترول 643.1 مليار برميل من البترول الخام، بنسبة 62.1% من الاحتياطي العالمي، وتنتج نحو 21 مليون برميل يوميًا بنسبة 31.5% من الإنتاج العالمي، وتصدر نحو
17.5 مليون برميل من هذا الإنتاج يوميًا، وفقًا للإحصاءات العالمية. وإذا أضفنا إيران إلى الدول العربية، فإن الاحتياطي النفطي يرتفع إلى 733.1 مليار برميل بما يوازي 70.8% من الاحتياطي العالمي، ويصل الإنتاج إلى 24.6 مليون برميل يوميًا بنسبة 36.7% من الإنتاج العالمي، ويرتفع التصدير إلى نحو 20 مليون برميل يوميًا.
وفي المقابل تمثل الولايات المتحدة أكبر مستورد للنفط في العالم، حيث شكلت وارداتها حسب البيانات الأمريكية عن النصف الأول من عام 2001م نحو 63.2% من إجمالي الواردات الدولية من النفط، وتستورد وحدها يوميًا نحو 12 مليون برميل يوميًا منها 3 ملايين برميل من الدول العربية وعلى رأسها السعودية التي تستورد منها 1.8 مليون برميل يوميًا [انظر "سلاح البترول، هل يصلح لدعم الانتفاضة؟" لأحمد عبد السلام وعلاء أبو العينين، 2002/4/13].
[6] وذلك في مؤتمر صحفي، عقده بتاريخ "28/6/1422 هـ" الموافق لـ "16/9/2001 م".
وقد انتقد بعض الساسة الأمريكان هذه العبارة، قائلاً: (أخطأ الرئيس في استخدامه هذه العبارة، وذلك لأسباب منها... أن الصليبين - في الحقيقة - قد هزموا في تلك الحروب على يد صلاح الدين، وليس من المناسب التذكير بهزيمة في وقت نحن في أمس الحاجة فيه إلى النصر...) [برنامج "نايت لاين" / قناة "أي بي سي" الأمريكية].
ورغم الانتقادات التي تعرض لها "بوش" إلا انه اعاد استعمال مصطلح "الحرب الصليبية" مرة أخرى في حديثه إلى الجنود الكنديين، حيث قال: (وقِفوا إلى جانبنا في هذه الحملة الصليبية الهامة).
حتى لقد قال الإعلامي الأمريكي "روبرت فيسك"ً: (يبدو أن الرئيس بوش يعتقد حقيقة أنه يقود حملة صليبية، فقد عاد ليستعمل العبارة قبل أيام رغم أنه حُذر من ذلك)!!
[7] جاء في جرية "البيان" الاماراتية: (لقد صرح القادة الامريكيون - على فترات متلاحقة - أن الإرهاب موجود في ستين دولة، وان تنظيم القاعدة يمتد إلى ستين دولة، وان أمريكا ستضرب الإرهاب في كل هذه الدول، أي أن أمريكا ستقوم بضرب دول منظمة المؤتمر الاسلامي إضافة إلى بعض الدول الاسيوية التي ستسندها في مكافحة الإرهاب - مثل الفلبين - إلا أن تركيز الساسة الامريكيين على منطقة الشرق الاوسط، وهي المنطقة التي اخرجت ابن لادن والعديد من اتباعه والقيادات التي حوله؛ مثل أيمن الظواهري، ومحمد عاطف - أبو حفص - وغيرهم).
وجاء أيضاً: (في حديثه للشعب الأمريكي - عند بدء العمليات العسكرية في أفغانستان - أعلن الرئيس جورج بوش؛ ان الحرب ضد الإرهاب هي حرب طويلة، وإنها غير قاصرة على أفغانستان، بل ستمتد إلى الدول التي تشجع الإرهاب وتدعمه، وإلى الدول التي تأوي الإرهابيين، دون ان يحدد أي من هذه الدول، وقد أثار هذا القلق في عدد من الدول العربية والإسلامية، خاصة؛ بعدما أعلنت الإدارة الأمريكية عن قوائم الأشخاص المطلوبين وعن قوائم بعض المؤسسات والمنظمات التي ترى أنها على علاقة بتنظيم القاعدة الذي يرأسه ابن لادن، أو أنها تقوم بتمويل الإرهابيين - من وجهة النظر الأمريكية - وزاد من القلق العربي والإسلامي؛ ان الأشخاص المطلوبين ونسبة كبيرة من المؤسسات والمنظمات الواردة في القوائم الأمريكية هي مؤسسات ومنظمات إسلامية وعربية، بعضها منظمات أهلية غير حكومية خيرية، والبعض الآخر مؤسسات اقتصادية لها نشاط متشعب في العديد من دول العالم - بما فيها الدول العربية والإسلامية - إلا أن ملكيتها وإدارتها لاشخاص من العرب والمسلمين، والواقع ان هذه القوائم التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية لم يصحبها أي بيانات تؤكد أو توضح تورطها لما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية بـ "الإرهاب") [6/شوال/1422 هـ].
[8] قال الشيخ أبو قتادة الفلسطيني: (روى الإمام البخاري في صحيحه؛ "أنَّ امرأة من حمس سألت أبا بكر الصدّيق فقالت؛ ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح - أي الإسلام - الذي جاء الله به بعد الجاهليّة؟ قال؛ بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمّتكم. قالت؛ وما الأئمّة؟ قال؛ أمَا كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت؛ بلى. قال؛ فهم أولئك النّاس".
فصلاح الأمراء بقيامهم على أمر الإسلام، وتطبيقهم شريعة الرحمن، ونشرهم العدل في الأحكام، وفسادهم بتركهم دين الله تعالى، وبعدم إقامته في النّاس، وقد علّق أبو بكر رضي الله تعالى عنه؛ فساد النّاس بفساد الأئمة، "ما استقامت بكم أئمّتكم".
قال الحافظ بن حجر رحمه الله في "فتح الباري" في شرحه لهذا الحديث؛ "لأنّ النّاس على دين ملوكهم، فمن حاد من الأئمّة عن الحال، مال وأمال".
ومن أجل أهمية الأمراء وقيمتهم في الحياة فإنّ الشّارع الحكيم أمر المسلمين وحثّهم على مراقبتهم من أجل تقويم اعوجاجهم، ولو أدّى هذا إلى حصول الضّرر على النّاصح المقوّم، قال صلى الله عليه وسلم؛ "أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر" - رواه أحمد بسند صحيح... –
وهذا كلّه في الحاكم المسلم، أما الحاكم الكافر فقد وجب على المسلمين خلعه وإزالته، قال القاضي عياض؛ "فلو طرأ عليه - أي الأمير - كفر وتغيير للشّرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عيه وخلعه") [مقالات بين منهجين : 10].
[9] يقول الشيخ اسامة بن لادن: (... وكذلك حكام المنطقة يخادعوننا، ويوالون الكفار، ثم يدعون أنهم ما زالوا على الإسلام. ومما يزيد في هذا الخداع هو استحداث هيئات غرضها التدليس على الناس. وقد يستغرب الناس عندما نتحدث عن أن بعض الهيئات المنتسبة إلى الشرع والمنتسبة إلى الفقه وإلى العلم أنها تقوم بهذا الدور -من حيث تدري أو لا تدري- فغرض النظام من إظهار بعض العلماء على شاشات التلفاز وعبر محطات الإذاعات لإفتاء الناس، ليس هذا هو الغرض الأساس لهذه المهمة، ولو كان كذلك لظهر الصادقون من العلماء على شاشات المحطات المحلية وغيرها، وعلى المحطات الإذاعية المحلية،ولكن الغرض أن هذه الهيئات لها مهمة في الظروف الحرجة وفي ساعات الصفر.
كما رأينا من قبل عندما والى النظام القوات الأمريكية الصليبية وأدخلها إلى بلاد الحرمين، وضج الناس وضج الشباب، فكان صمّام الأمان للناس أن هذه الهيئة وأمثالها صدّرت فتاوى بإلحاق الإجازة لتصرف الحاكم وَسمّوه بـ "ولي الأمر" - وما هو للمسلمين بولي أمر على الحقيقة - فينبغي الانتباه إلى ذلك) [توجيهات منهجية: 1].
[10] ولعل هذا الصنف أشد الاصناف خطراً وأعظمها ضرراً، لأنه يلبس الحق بالباطل، يقول الشيخ الإمام أيمن الظواهري: (ونتساءل؛ أيهما أخطر على الجهاد، أن تستخدم الحكومة الكافرة - في مصر أو في غيرها - صحافيا مأجورا لمهاجمة الجهاد؟ أم أن تستخدم الحكومة "جماعة الإخوان" في ذلك؟
لا شك أن استخدام الإخوان في مهاجمة الجهاد أعظم خطراً، إذ تصد عن سبيل الله باسم الدعوة إلى الله، فتخدع بذلك ضعاف الإيمان قليلي العلم من المسلمين... ألا تري يا أخي المسلم أن الطاغوت - إذا أحيط به وخشي على سلطانه من جماعات الجهاد - قد يولي الإخوان الوزارة، ليلبس علي الناس باسم الإسلام، وليضرب الجهاد باسم الإسلام؟...) اهـ
ويقول الشيخ الظواهري أيضاً: (فقد استمرت الأنظمة المتحكمة في أمتنا الإسلامية في المكر للإسلام وأهله، وكان من آخر ما تفتق ذهنهم عنه - بعد أن أدركوا خطورة مواجهة الإسلام بالعداوة الظاهرة المكشوفة - أن لجأوا إلى تفتيت صف المسلمين وصرفهم عن الفريضة العينية الشرعية، وهي جهاد الكفار والمرتدين ولا سيما الحاكمين لبلاد المسلمين، واتبعوا للوصول إلى هذا التفتيت وسائل شتى من أهمها؛ تشجيع الدعوات التي تتزي بزي براق جذاب، وفي حقيقتها تؤدي إلى أمرين؛
أولهما؛ التنازل عن أهم أركان عقيدة المسلمين، ألا وهو ركن التسليم بحاكمية المولى سبحانه وتعالى، واتباع أصول الجاهلية الديمقراطية في التشريع التي تعني التسليم بحق البشر في اختيار ما يرونه من تشريعات وعقائد... وثانيهما؛ نبذ الجهاد العيني الواجب ضد تلك الحكومات المرتدة التي تحكم بلاد المسلمين، بل ومعاداة وتسفيه من يدعو إلى ذلك والتشنيع عليه ودعوة الحكومات إلى القضاء عليه، والتبرؤ منه أمام هؤلاء الطواغيت...
ومن هذه الجماعات التي تدعوا إلى هاتين الدعوتين المفرقتين لصفوف المسلمين، جماعة الإخوان المسلمين - وخاصة في هذه السنوات الأخيرة - حيث دأبت على شجب العنف وإعلان الإلتزام بالشرعية الدستورية، شرعية القوانين الجاهلية، شرعية إنكار حق المولى سبحانه وتعالى في التشريع لعباده... إن هذه الجماعة تستغل حماس الشباب المسلم لتضمه إلي صفها بل لتدخله في ثلاجتها، ولتحول مجرى حميته الإسلامية من جهاد الطواغيت إلى المؤتمرات والانتخابات) اهـ [الحصاد المر؛ الإخوان المسلمين في ستين عاماً].
[11] قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: (ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض؛ أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين - من الإنجيليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم - بأي نوع من أنواع التعاون، أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع، فضلا عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين، إنه إن فعل شيئا من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة، أو تطهر بوضوء أو غسل أو تيمم فطهوره باطل، أو صام فرضا أو نفلا فصومه باطل، أو حج فحجه باطل، أو أدى زكاة مفروضة، أو أخرج صدقة تطوعا، فزكاته باطلة مردودة عليه، أو تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه، ليس له في شيء من ذلك أجر بل عليه فيه الإثم والوزر.
ألا فليعلم كل مسلم؛ أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء، حبط عمله من كل عبادة تعبد بها لربه قبل أن يرتكس في حمأة هذه الردة التي رضي لنفسه، ومعاذ الله أن يرضى بها مسلم حقيق بهذا الوصف العظيم يؤمن بالله وبرسوله) اهـ [كلمة الحق: ص 137].
[12] يقول الشيخ العلامة عبد القادر بن عبد العزيز: (اعلم؛ أنه لا يمكن لكافر أن يفسد في الأرض أو أن يظلم أُمة من الناس إلا بأعوان يعينونه على ظلمه وإفساده ويمنعونه ممن يريد أن يقتص منه، فلا بقاء للكافر وإفساده إلا بأعوانه وأنصاره... فلا بقاء للحاكم الكافر ولابقاء لأحكام الكفر وما يترتب عليها من الفساد العظيم في بلاد المسلمين إلا بأنصار هؤلاء الحكام الطواغيت، سواء في ذلك أنصاره بالقول؛ الذين يُضلون الناس ويلبسون عليهم، أو أنصاره بالفعل؛ الذين يحمون الحكام والقوانين ويمنعونهم ممن يريد القصاص منهم وينصرونهم عليه، ولذلك فلا عجب من أن يصف الله تعالى جنود الحاكم الكافر بالأوتاد، لأنهم هم الذين يثبتون مُلكه وحكمه، وهم سبب بقاء الكفر، وذلك في قوله تعالى {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} [سورة الفجر: 10]... وهذا كله في بيان جريمة أنصار الطواغيت وأنهم هم السبب الحقيقي لدوام الكفر والفساد، فلا يمكن لكافر أن يُفسد أمة ويظلمها إلا بأعوان ينصرونه، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال؛ "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" [رواه الترمذي وأبو داود] فكيف بمن يعينهم على كفرهم؟ وكيف بمن يعينهم على إيذاء المسلمين وقتالهم؟ ومن الناحية الواقعية فإن معركة المسلمين مع الحكام الطواغيت لأجل خلعهم ونصب حاكم مسلم هى في الحقيقة معركة مع أنصارهم من الجنود وغيرهم) اهـ [الجامع في طلب العلم الشريف].
[13] يقول الشيخ أبو بصير، عبد المنعم مصطفى حليمة: (الزندقة كلمة فارسية معربة وأصلها "زنده كَرْد"، وحقيقتها إبطان الكفر والإلحاد، وإظهار الكفر والإيمان معاً أو متفرقاً، بحسب ما يقتضيه الموقف، وتُلزم به الحاجة، وتسمح به الفرص!
وعليه فالزنديق؛ هو الذي يعتقد الكفر ويُظهره - مراراً وتكراراً - كلما سنحت له الفرصة لذلك وظن أن الساحة خالية من الأعين التي تراقبه أو تحصي له كلامه ومواقفه، فإن عُرف وأدين بالدليل القطعي وسئل عن سبب إظهاره للكفر، تراه يُسرع إلى الإنكار والجحود، ويتأول لكفره وكلامه بما يصرفه عن دلالته المكفرة صراحة، وأنه ما أراد الكفر، وما أراد إلا الإحسان والخير والتوفيق، ولكن نحن لم نفهم مراده وقصده!! وفي المقابل تراه يُظهر أنه مسلم مؤمن يشهد بشهادة التوحيد، ويؤمن بالصلاة والزكاة وغير ذلك من أركان الدين، ولو طلبت منه الشهادة لأتاك بها من فوره ومن دون أي تردد ليصرف عن نفسه وصف الزندقة وحكمه وتبعاته!).
ثم قال حفظه الله: (حكم الزنديق في دين الله؛ أنه يُقتل كفراً وردة ولا يُستتاب، فالاستتابة تكون من شيء والزنديق لا يعترف بشيء، فمما يُستتاب؟!... قال مالك رحمه الله؛ "النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة فينا اليوم، فيقتل الزنديق إذا شُهد عليه بها دون استتابة" [الجامع لأحكام القرآن: ج1/ص199]... وقال أبو حنيفة رحمه الله؛ "اقتلوا الزنديق سراً؛ فإن توبته لا تُعرف" [إكفار الملحدين: ص37]) [من مقال "زنادقة العصر"، 21/6/1421هـ].
[14] قال القرطبي في تفسير قوله تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} [الحج: 40]: (أي لولا ما شرعه الله تعالى للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء، لاستولى أهل الشرك وعطلوا ما بنيته أرباب الديانات من مواضع العبادات، ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة. فالجهاد أمر متقدم في الأمم، وبه صلحت الشرائع واجتمعت المتعبدات... لولا القتال والجهاد لتغلب على الحق في كل أمة. فمن استبشع من النصارى والصابئين الجهاد، فهو مناقض لمذهبه، إذ لولا القتال لما بقي الدين الذي يذب عنه) [التفسير: ج12/ص66].
ويقول الشهيد سيد قطب: (فالباطل متبجح لا يكف ولا يقف عن العدوان إلا أن يُدفع بمثل القوة التي يصول بها ويجول، ولا يكفي الحق أنه الحق ليقف عدوان الباطل عليه، بل لا بد من القوة؛ تحميه وتدفع عنه، وهي قاعدة كلية لا تتبدل ما دام الإنسان هو الإنسان! ولا بد من وقفة أمام هذه النصوص القليلة الكلمات العميقة الدلالة، وما وراءها من أسرار في عالم النفس وعالم الحياة) [في ظلال القرآن: ص2425].
[15] يقول الشيخ أبو محمد المقدسي: (فهؤلاء لا يفهمون إلاّ منطق الذبح والقتل والدم الذي هو من الدين ولا يردعهم عن غيهم وطغيانهم إلاّ ذلك المنطق علانية حتى يشرّد بهم من خلفهم. . . قال تعالى:{سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12]، وقال عز من قائل: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57]، وقال عز وجل: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: 4]، فهذا التوجيه الرباني هو اللغة الوحيدة التي تدحر باطلهم وتدفع شرهم وعداوتهم؛ "الإثخان" و "ضرب الرقاب"، و "الضرب فوق الأعناق"، و "تشريد من خلفهم" بحزّ الرقاب وقطع الرؤوس، فإنها الحرب - كما يقول أعداؤنا! - أجل إنها الحرب!) [من خطبة جمعة له، في سجن قفقفا، 4/رجب/1425].
[16] سُئل الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله؛ هل الجاهلية مقصورة على قرون مضت أو تتجدد صبغتها في الناس؟ فأجاب:
(ليست مقصورة على قرون، بل قد تزيد الجاهلية في قرن على ما قبله من القرون، إذ لها طوابع خاصة يتصف بها كل فرد وكل أمة عتت عن أمر ربها ورسله وتبعت أهواءها في كل شيء. حتى إن جاهلية اليوم تعتبر أفظع من كل جاهلية سبقتها، لأن فيها من الإغراء على كفر النعم وإنكار الخالق أو التنكر لدينه وشريعته والتهجم على حكمته والاستهانة بعزته وتحسين الخلاعة والرذيلة والفجور وذهاب الغيرة والحياء ما لم يكن في محيط أبي جهل وأبي لهب وما قبله من كل جاهلية) [الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة: ص44-45].
[17] أخذ الصليبيون القدس سنة 492 هـ، قال ابن كثير رحمه الله: (لما كان ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان، سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة، أخذت الفرنج لعنهم الله بيت المقدس شرفه الله، وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل، وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين، وجاسوا خلال الديار، وتبروا ما علوا تتبيراً) اهـ [البداية والنهاية: ج12/ص156].
ثم استرجعها منهم المسلمون سنة 583 هـ، قال السيوطي رحمه الله: (وفيها كانت الفتوحات الكثيرة، أخذ السلطان صلاح الدين كثيراً من البلاد الشامية التي كانت بيد الفرنج، واعظم ذلك؛ "بيت المقدس"، وكان بقاؤه في يد الفرنج إحدى وتسعين سنة، وأزال السلطان ما أحدثه الفرنج من الآثار، وهَدَمَ ما أحدثوه من الكنائس، وبنى موضع كنيسة منها مدرسة للشافعية، فجزاه الله عن الإسلام خيراً...) [تاريخ الخلفاء: ص519].
[18] السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ ولد سنة 532 هـ في "تكريت" من أرض العراق، وتوفي سنة 589 هـ، وله من العمر سبع وخمسون سنة، قضى جلها في الجهاد، وأكرمه الله بأن جعل فتح بيت المقدس على يديه.
قال ابن كثير: (... رحمه الله، فقد كان ردءاً للإسلام وحرزاً وكهفاً من كيد الكفرة اللئام، وذلك بتوفيق الله له، وكان أهل دمشق لم يصابوا بمثل مصابه، وود كل منهم لو فداه بأولاده وأحبابه وأصحابه... ويقال؛ إنه دفن معه سيفه الذي كان يحضر به الجهاد... وتفاءلوا بأنه يكون معه يوم القيامة يتوكأ عليه، حتى يدخل الجنة إن شاء الله... لم يخلف أموالاً ولا أملاكاً لجوده وكرمه وإحسانه إلى أمرائه وغيرهم - حتى إلى أعدائه - ... وقد كان متقللاً في ملبسه، ومأكله ومركبه... ولا يعرف أنه تخطى إلى مكروه... بل كان همه الأكبر ومقصده الأعظم نصرة الإسلام، وكسر أعدائه اللئام، وكان يعمل رأيه في ذلك وحده، ومع من يثق به ليلاً ونهاراً، وهذا مع ما لديه من الفضائل والفواضل، والفوائد الفرائد... وكان مواظباً على الصلوات في أوقاتها في الجماعة، يقال؛ إنه لم تفته الجماعة في صلاة قبل وفاته بدهر طويل، حتى ولا في مرض موته... وكان يحب سماع القرآن والحديث والعلم، ويواظب على سماع الحديث... وكان رقيق القلب سريع الدمعة عند سماع الحديث، وكان كثير التعظيم لشرائع الدين) [البداية والنهاية: ج13/ص5].
[19] ترجع هزيمة العدو الصليبي - بعد توفيق الله سبحانه وتعالى - إلى عدة أسباب من أهمها:
1) إحساس الأمة بخطورة الهجوم الصليبي بسبب همجيته، والتدمير والتقتيل والتشريد والقهر والإذلال الذي تعرضت له.
2) قيام العلماء بدورهم في التحريض والتعبئة، وتذكير الأمة بمكانة القدس الشريف الدينية، وفضل الجهاد والشهادة، وتوعيتهم بحقيقة العدو وطبيعة أهدافه التوسعية.
3) بدأ المجاهدون التحرك الجاد من أجل توحيد الجهود ضد العدو الصليبي، أي كان شعار المرحلة "فلنترك خلافاتنا جانبا ولنتحد جميعا حول جهاد عدونا المشترك".
4) ظهور عماد الدين زنكي كقائد عام للحركة الجهادية ضد الصليبيين... البديل الصحيح لعجز الحكام وضعفهم، وفشلهم السياسي والعسكري، بسبب جديته وجهاده، لأن الرجل وضع كل إمكانياته في خدمة الهدف الإسلامي المرحلي المتمثل في جهاد الصليبيين.
5) بروز الإمام صلاح الدين الأيوبي الذي واصل المسيرة الجهادية، وقام بمجموعة من الخطوات، كانت أهمها إزالة دولة الفاطميين الشيعية، وتوحيد السلطة والقرار في مصر.
6) ترتيب أوضاع المجاهدين الداخلية في كل من مصر والشام لمدة ست سنـوات [572 - 577 هـ]، وعدم توسيع دائرة الصراع مع الصليبيين، وبالموازاة تحقيق مجموعة من الانتصارات التي توجت بهزيمة العدو في حطين 582 هـ. بعد حطين، بدأت المدن والقلاع الصليبية تستسلم، فاتجه الإمام صلاح الدين صوب القدس الشريف، وتم فتحها بعد حصار قصير. وعليه، فلقد أدرك العدو الصليبي - كما أدرك إمامنا صلاح الدين - أن مفتاح القدس يوجد في مصر، أي السيطرة عليها تعتبر مقدمة ضرورية لا يمكن تجاوزها. [انظر: الحروب الصليبية بين الماضي والحاضر، لأبي أيمن الهلالي، مجلة الأنصار].
[20] قال صفي الرحمن المباركفوري: (في العهد الذي ماجت فيه العرب بهجرات القبائل، سارت بطون من قضاعة إلى مشارف الشام وسكنت بها... [وعرفوا باسم الضجاعمة] ... فاصطنعهم الرومان؛ ليمنعوا عرب البرية من العبث، وليكونوا عدة ضد الفرس، وولوا منهم ملكًا، ثم تعاقب الملك فيهم سنين... ويقدر زمنهم من أوائل القرن الثانى الميلادى إلى نهايته تقريبًا، وانتهت ولايتهم بعد قدوم آل غسان، الذين غلبوا الضجاعمة على ما بيدهم وانتصروا عليهم، فولتهم الروم ملوكًا على عرب الشام، وكانت قاعدتهم مدينة بصرى، ولم تزل تتوالى الغساسنة على الشام بصفتهم عمالاً لملوك الروم، حتى كانت وقعة اليرموك سنة 13هـ، وانقاد للإسلام آخر ملوكهم... في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه) اهـ [الرحيق المختوم: ص25].
[21] يقول الاستاذ عبد الله النفيسي: (إن المتأمل في واقع هذه الأنظمة الحاكمة اليوم في أرض الإسلام تتكشف له حقيقة هامّة وهي؛ أن هذه الأنظمة لم تتسلّم زمام الأمور في بلاد المسلمين اعتباطاً، هذه الأنظمة هي امتداد طبيعي للاستعمار الغربي الكافر، وإذا كان من الواجب الشرعي علينا أن نُقاتل القوى الاستعمارية الغربية الكافرة حتى يكون الدين كلّه لله، فمن البديهي أن نُقاتل هذه الأنظمة التي تُعتبر الجبهة الأمامية لهذه القوى الغربية الاستعمارية الكافرة) [الإسلام والخروج على الحاكم/الفصل الثاني].
[22] يقول الشهيد المجدد عبد الله عزام رحمه الله: (... فإن اعتناق مبادئ القومية - العربية وغير العربية كالكرد والايرانية - كفر ينقل عن الملة ويخرج من الاسلام، فمن اعتنق مبادئ القومية فإنه يخرج من الاسلام؛ فلا تؤكل ذبيحته، ولا تنكح البنت القومية، ولا يزوج القومي من بنات المسلمين، ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يقبر في مقابر المسلمين، ولا يرد عليه السلام، ولا يترحم عليه إذا مات... ولا يرث الشاب القومي من أبيه المسلم، ولا يرثه أبناؤه إن كانوا مسلمين ويخالفونه في مذهبه القومي، وإذا اعتنق الشاب القومية وهو متزوج مسلمة فتطلق منه وتحرم عليه، وإذا بقيت على صلة به؛ فالصلة الجنسية بينهما زنا، وأولادهما أولاد زنا، وعورة المرأة المسلمة أمام الفتاة القومية كعورتها أمام الرجل، فلا يحل لها كشف رأسها أمام الفتاة القومية، والمرأة اذا اعتنقت القومية وهي متزوجة مسلما ينفسخ العقد حالا.
سيقول أناس؛ "ان بعضهم يصلي ويصوم أحيانا"! فنقول؛ إن الصلاة والصيام لا يقبلان مع فساد العقيدة والشرك... وسيقول آخرون؛ "إن كثيرا من الحزبيين منتفعون من أجل المناصب والأموال يقبلون على الحزب"، فنرد عليهم؛ نحن لا نعلم الغيب ونجري أحكامنا على الظاهر ونحاسبهم على ما يخرج من أفواههم وندع قلوبهم إلى الله عز وجل، فالقاعدة العامة؛ أن القومي كافر، والاستثناء إنما هو استثناء من عموم القاعدة، فلا يثبت إلا بدليل قوي يرجح على الأصل، أي أننا إذا تأكدنا من شاب أنه يكره القومية ويحب انتهاءها ويقاوم في الواقع انتشارها، فإننا نحكم له بالاسلام، ولا بد من معرفة أن هؤلاء المنتفعين هم انصار الكفر بهم ينتشر وعلى أكتافهم يقوم.
وسيقول فريق ثالث؛ "إن معظم الأفراد جهلة بالحكم الشرعي"، فنرد عليهم؛ الجاهل يعلم ويبين له الحكم، فإن أصر فإنه يحكم عليه بالكفر، فإذا كتب بعض العلماء الذين يوثق بدينهم مقالات أو كتبا في تكفير القوميين، فإن هذا يكفي في التبليغ، ولم يبق الجهل عذرا بعد البيان) اهـ [كتاب؛ القومية العربية/ للشيخ عبد الله عزام].
[23] يقول الشهيد المجدد عبد الله عزام رحمه الله: (الشيوعية حرب على كل الأديان، وفي مقدمتها الإسلام. أما الديانة اليهودية فلم تتعرض لها الثورة البلشفية، وكانت حجة لينين؛ أن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة!!
ومن أقوالهم في الأديان... يقول ماركس؛ "الدين أفيون الشعوب" ، "إن الله لم يخلق الجنس البشري بل الإنسان هو الذي خلق الله". يقول لينين؛ "الدين خرافة وجهل". يقول ستالين؛ "يجب أن يكون مفهوما أن الدين خرافة، وأن فكرة الله خرافة وأن الإلحاد مذهبنا"...
بناء على ما تقدم من مبادىء الشيوعية; فكل شيوعي كافر خارج من الإسلام - وإن كان يصلي دائما أو أحيانا - فلا يزوج من بنات المسلمين، واذا تزوج مسلمة فالزواج زنى، والأولاد؛ أولاد زنى، ولا تؤكل ذبيحة الشيوعي، ولا يغسل إذا مات ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يقبر في مقابر المسلمين، ولا يجوز لأبنائه المسلمين أن يرثوا منه، لأنه لا يتوارث أهل ملتين شتى، وكذلك لا يجوز زواج البنت الشيوعية من المسلم، والعقد باطل، وقربها زنى. هذه فتوى جميع العلماء في العصر الحديث، وهي فتاوى شيوخ الأزهر كذلك، ومنها؛ فتاوى الشيوخ حسنين مخلوف، محمد البخيت، عبد الحليم محمود [أنظر فتاوى عن الشيوعية للشيخ عبد الحليم محمود]) [كتاب؛ السرطان الأحمر/ للشيخ عبد الله عزام].
[24] يقول الشيخ أبو محمد المقدسي: (اعلم أن أصل هذه اللفظة الخبيثة - الديمقراطية - يوناني وليس بعربي، وهي دمجٌ واختصارٌ لكلمتين؛ "ديموس" وتعني؛ الشعب، و "كراتوس" وتعني؛ الحكم أو السلطة أو التشريع، ومعنى هذا أن ترجمة كلمة "الديمقراطية" الحرفية هي؛ "حكم الشعب" أو "سلطة الشعب" أو "تشريع الشعب".
فالديمقراطية... كفرٌ بالله العظيم وشركٌ بربِّ السماوات والأرضين ومناقضةٌ لملِّةِ التوحيد ودين المرسلين، لأسباب عديدة وعديدة، منها؛ لأنها تشريعُ الجماهير أو حكمُ الطاغوت وليست حُكمَ الله تعالى... ثانياً؛ لأنها حُكم الجماهير أو الطاغوت، وفقاً للدستور وليس وِفقاً لشرع الله تعالى... ثالثاً؛ إنَّ الديمقراطية ثمرةُ العلمانية الخبيثة وبنتها غير الشرعية... فالديمقراطية - إخوة التوحيد - إذاً دينٌ غير دين الله تعالى، إنها حُكمُ الطاغوت وليست حُكمُ الله تعالى، إنها شريعةُ أربابٍٍ مُتشاكسين متفرقين وليست شريعةَ الله الواحد القهار، والذي يقبل بها ويتواطأ عليها من الخلق، فهو في الحقيقة قد قبل أن يكون له حق التشريع وِفقاً لمواد الدستور وأن يكون تشريعه هذا مقدماً على شرع الله الواحد القهار) اهـ [كتاب؛ الديقراطية دين].
[25] قال ابن حجر: (جواظ؛ بفتح الجيم وتشديد الواو وآخره معجمة؛ الكثير اللحم المختال في مشيه، حكاه الخطابي، وقال ابن فارس؛ قيل هو الأكول، وقيل الفاجر) [فتح الباري: ج8/ص663].
[26] يقول الشيخ أبو قتادة الفلسطيني - عمر بن محمود أبو عمر -: (... كان القدماء يضربون المثل ببطش التتار، ولكن هل بطش التتار يعادل دمويَّة صدام حسين؟ وهل ظلم الكافرين في كل تاريخهم مع المسلمين يعادل كفر وظلم القذافي؟ وهل خبث اليهود يعادل خبث الملك حسين؟ وهل تعذيب النازيين يعادل تعذيب سجون مصر؟ وهل حكم النصارى في لبنان يعادل حكم النصيريين في سوريا؟ وهل مرَّ في تاريخ الإنسانية - قط - نظام يعادل نظام آل سعود؛ ليس هناك ثمّ وثيقة بين الحاكم والمحكوم، فالحاكم يملك كل شيء والناس عبيده وخدمه؟
أي عَرَاقة في الإجرام والكفر تسري في دماء هؤلاء القوم؟! كفرٌ ما بعده كفر، وإجرامٌ ما بعده إجرام.
فوالله إنَّ رجلاً من المسلمين يفكِّر لحظة في احتمال وجود الخير في هؤلاء أنه رجلٌ مخبول، وإن رجلاً يفكِّر بطريقة أخرى غير السيف يعالج بها هؤلاء القوم أنَّه رجل مخبول. إنّ هؤلاء الحكَّام وطوائفهم لا ينفع مهم إلاّ الهرس حتى النهاية) [بين منهجين: 91].
[27] يقول الشهيد سيد قطب في تفسير هذه الآية: (فهي المساومة إذن، والالتقاء في منتصف الطريق - كما يفعلون في التجارة - وفرق بين الاعتقاد والتجارة كبير! فصاحب العقيدة لا يتخلى عن شيء منها لأن الصغير منها كالكبير، بل ليس في العقيدة صغير وكبير، إنها حقيقة واحدة متكاملة الأجزاء، لا يطيع فيها صاحبها أحدا، ولا يتخلى عن شيء منها أبدا، وما كان يمكن أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق، ولا أن يلتقيا في أي طريق، وذلك حال الإسلام مع الجاهلية في كل زمان ومكان - جاهلية الأمس وجاهلية اليوم وجاهلية الغد كلها سواء - إن الهوة بينها وبين الإسلام لا تعبر، ولا تقام عليها قنطرة، ولا تقبل قسمة ولا صلة، وإنما هو النضال الكامل الذي يستحيل فيه التوفيق!) [في ظلال القرآن: ص3658].
[28] يقول عدو الله فهد بن عبد العزيز ال سلول في خطابه بتاريخ "18/1/1411هـ"، والذي اعلن فيه بداية الاحتلال الصليبي العلني لبلاد الحرمين: (... أيها الأخوة؛ لقد أعقب ذلك الحدث المؤسف – أي غزو الكويت - إقدام العراق على حشد قوات كبيرة على حدود المملكة العربية السعودية، وأمام هذا الواقع المرير وانطلاقا من حرص المملكة على سلامة أراضيها وحماية مقوماتها الحيوية والاقتصادية... أعربت المملكة العربية السعودية عن رغبتها في اشتراك قوات عربية شقيقة وأخرى صديقة، حيث بادرت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، كما بادرت الحكومة البريطانية ودول أخرى بحكم علاقات الصداقة التي تربط بين المملكة العربية السعودية وهذه الدول، إلى إرسال قوات جوية وبرية لمساندة القوات المسلحة السعودية في أداء واجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين ضد أي اعتداء) [السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية مائة عام : ص 749-750].
[29] يقول الشيخ الشهيد يوسف العييري رحمه الله عن الطاغوت صدام ونظامه: (فهو النظام المدعوم من أمريكا عندما وصل السلطة عبر الانقلاب، وهو النظام المدعوم من أمريكا والمنطقة في حرب إيران، وبعد أن بدأ يقوى وخشيت أمريكا من ضرره، زينت له غزو الكويت ودفعته لذلك، وظن هو أنها ستبقى مكتوفة الأيدي، كما ألمحت له بذلك السفيرة الأمريكية في بغداد قبل غزو الكويت بأسبوع تقريباً، وتجرأ وأقدم على الغزو بعد صدور الضوء الأخضر من أمريكا، فأكل الغبي الطعم، وأمريكا لا عهد لها ولا ميثاق، فانقلبت عليه وجرعته السم، فاضطر لمواجهتها لمدة عقد من الزمان، إلا أنه انهار في نهاية المطاف، فالدول العربية ستمر بنفس مرحلة نظام صدام، وما عليها إلا أن تسير نحو ما تريد لها أمريكا، فهي مسيرة لا مخيرة) [مستقبل العراق والجزيرة العربية، إعداد مركز الدراسات].
[30] قُدرت الخسائر الإجمالية للحرب العراقية الإيرانية [1400 – 1408 هـ] بحوالي "500" مليار دولار، منها "280" مليار دولار خسائر إيران و "220" مليار دولار خسائر العراق، إضافة إلى "450" ألف قتيل، وأضعافهم من الجرحى والمعوقين، وخسائر في المنشآت النفطية والاقتصادية تقدر بـ "500" مليار دولار للبلدين، أي أن التكلفة المادية الإجمالية لهذه الحرب تقدر بـ "1000" مليار دولار.
[31] قال العلماء: (فليعلم كل مسلم؛ أن الدخول تحت راية النصارى الكفار والقتال معهم وإعانتهم بأي نوع من أنواع الإعانة، كالقتال معهم، أو أن يكون قوة إسنادٍ لهم، أو يقوم بتأمين خطوط الإمداد، أو تأمين خطوط التموين وجلب الطعام والشراب لهم، أو يقوم بنقلهم من موضعٍ إلى غيره، أو سهل ذلك لهم، أو قام على حراستهم، أو قام بتحديد أورسم الإحداثيات، أو بإرسال الإشارات وتنسيق الاتصالات، أو غير ذلك، مما يساعد في إدارة العمليات القتالية، أو أشار عليهم برأي، وغير ذلك من أوجه المساعدة والإعانة، فقد كفر بالله العظيم، وارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام بالإجماع) [عن بيان للمشايخ؛ علي الخضير وناصر الفهد وأحمد الخالدي].
[32] دعت "المبادرة" إلى تخلي القيادة العراقية السابقة عن السلطة، واللجوء إلى موقع تختاره، مع توفير ضمانات دولية لها، ووضع العراق تحت وصاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. وقد أيد مجلس "التهاون" الخليجي المبادرة بالإجماع.
جاء في جريدة الوطن القطرية، بتاريخ "3/3/2003 م" : (اكدت الصحف الاماراتية... ان الامارات العربية المتحدة طرحت... بشجاعة وتبصر ما يردده الآخرون خلف الكواليس، وتحت عنوان "مبادرة شجاعة وحكيمة" اكدت صحيفة "أخبار العرب"؛ ان هذه المبادرة قالت في العلن ما ظل يردده الآخرون خلف الكواليس... ونقلت وكالة انباء الامارات عن عبد الله - بن زايد - قوله... ؛ "الكل مجمع على ان صدام حسين لا بد ان يغادر العراق، ولكن لا يوجد قائد عربي - مع الاسف - لديه جرأة الشيخ زايد").
وقال وزير خارجية دويلة قطر - حمد بن جاسم- في المؤتمر الصحافي الختامي لاجتماع وزراء خارجية مجلس "التهاون" الخليجي "30/12/1423هـ" : (إن دول الخليج تدعم بقوة مبادرة الشيخ زايد، وترى أنها مهمة جدا!).
[33] يقول عدو الله فهد بن عبد العزيز ال سلول، في خطابه الذي اعلن فيه استقدام القوات الصليبية – والذي سبق نقل مقطع منه، هامش "28"-: (... مع تأكيد تام على أن هذا الاجراء ليس موجه ضد احد!! وانما لغرض دفاعي محض، تفرضه الظروف الراهنة التي تواجهها المملكة العربية السعودية، وتجدر الاشارة هنا إلى ان القوات التي ستشارك في التدريبات المشتركة بينها وبين القوات المسلحة السعودية، سيكون تواجدها مؤقتا!! وستغادرها فورا عندما ترغب المملكة العربية السعودية في ذلك!!) [انظر؛ السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية مائة عام، ص 749-750، اصدار وزارة الخارجية السعودية].
[34] جاء في كتاب؛ "عملية شرق الرياض وحربنا مع أمريكا وعملائها، الفصل الرابع/إصدار مركز الدراسات": (في الحادي عشر من ربيع الأول لهذا العام 1424 هـ، خرج مجموعةٌ من شباب الإسلام، وضربوا مجمّعات الصليبيِّين في شرق الرياض، في واحدةٍ من أقوى العمليَّات النّوعيَّة، حتّى اضطر بعض المسؤوليين الأمريكيين إلى الاعتراف بأنَّ العمليَّة عمليَّة كوماندوز تمّت بتخطيط دقيق. كانت الهجمات على ثلاثة مجمّعات للأمريكان؛ أحدها؛ مجمّع شركة "فينيل" الاستخبارية الأمريكيَّة، إحدى أكبر وأغمض شركات الاستخبارات في العالم. والثاني؛ مجمّع الحمراء السكني بغرناطة. والثالث؛ مجمع جداول.
وقد أنكت هذه العمليّات في الصليبيين بحمد الله نكايةً بالغةً، وخلطت أوراق المسئولين الأمريكيين، وذكّرت الأمريكان أنّهم لن يحلموا بالأمن حتّى يعيشه المسلمون واقعًا في فلسطين، وحتّى تخرج جميع الجيوش الصليبية من جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم).
[35] يقول الشيخ الشهيد يوسف العييري: (وكلما زاد النفوذ "الصهيوصليبي" في المنطقة، فإنه يزيد معه السعار الرسمي من قبل الحكومات ضد ما هو إسلامي وخارج رغباتهم، فهل كان أحد يصدق أن يأتي على الأمة زمان يكون أكثر المعتقلين في سجون بلاد الإسلام هم أهل الجهاد والدين؟ أكان أحد يصدق أن يكون الجهاد جريمة تضرب الحكومات على ممارسها بيد من حديد؟ هل كان أحد يتصور أن يصل الحد بالحكومات إلى تسليم أبنائها للصليبيين؟ إن إحصائية بسيطة لمن هم في سجون الدول الإسلامية، يتبين أن العدو الأول لهذه الحكومات هو الجهاد والمجاهدين، وأن كل صادع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، يفرض عليه الحصار أو يعتقل أو يشرد أو يسلم للصليبيين، لقد كان هذا منهجاً قديماً متبعاً، وما أفعال عبد الناصر وغيره من الحكام في زمانه بأبناء الأمة بخافية على أحد، وهلك جمال وجاء في الأمة ألف شر غير جمال، واليوم زاد شر جمال العصر بكافة أشكالهم ومسمياتهم عندما رأوا الصليب زمجر عليهم، سارعوا لخطب وده، وأحسنهم حالاً من يقول؛ {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [سورة المائدة: 52]، وبعضهم حاله كما أخبر الله عنهم بقوله؛ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [سورة الحشر: 11]، فيا حسرة على هذه الأمة التي تولى فيها شرها وأكفرها) [مستقبل العراق والجزيرة العربية، إعداد مركز الدراسات].
[36] سُئل الشيخ الإمام أيمن الظواهري: "ما هو رأيكم في الديمقراطية؟ وما حكم من يمارسها من المسلمين؟ وما حكم من يمارس منها ما هو متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتحديداً مبدأ الشورى؟"، فأجاب حفظه الله:
(اما عن الجزء الأول من السؤال؛ فالديمقراطية مخالفة لعقيدة التوحيد، لان الديمقراطية تدعو إلى حاكمية الجماهير، ونحن ندعو إلى سيادة الشريعة المبنية على افراد الحاكمية لله سبحانه، وهذا الذي نقول به هو اجماع علماء المسلمين بلا خلاف... والذي يمارس الديمقراطية من المسلمين عليه ان يصحح توحيده ويبرأ من الانحراف الذي هو فيه.
أما عن الجزء الثاني من السؤال؛ فقد بني على مقدمة خاطئة، فليس في الديمقراطية ما يشبه الشورى، فالشورى نظام إسلامي تدير به الجماعة المسلمة أمورها وتختار به أولياء امورها، وتراقب مسارهم بممارسة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهي بذلك جزء اصيل من النظام الإسلامي، لا يتصور نزعها منه وممارستها في غريه.
وللشورى أحكام تفصيلية ليس هذا مجال ذكرها، ولكنها تتصادم مع أي نظام غير إسلامي، فمثلاً كيف نطبق مبدأ "لا اجتهاد مع النص" في نظام غير إسلامي؟ وكيف نطبق مبدأ "العدالة الشرعية" في الحكام أو المسؤولين أهل الحل والعقد أو أهل الشورى في نظام غير إسلامي) [الكلمة الممنوعة، إصدار المكتب الإعلامي لجماعة الجهاد، محرم 1417 هـ].
[37] فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير رحمهما الله، سنة 92 هـ، وتعاقبت عليها الدول والممالك الإسلامية، حتى سقوط مملكة غرناطة، آخر دول الإسلام بالأندلس سنة 897 هـ، على أيدي عباد الصليب.
[38] تحتل اسبانيا المرتبة الثانية عشر في قائمة ميزانيات الدول، حيث بلغت ميزانيتها السنوية سنة 2004م ، 109 بليون دولار أمريكي، بينما تحتل الدولة السعودية - وهي أكبر الدول العربية ميزانية - المرتبة الحادية والعشرين، حيث بلغت ميزانيتها 56 بليون، أي تقريبا نصف ميزانية اسبانيا، التي لا تملك من الموارد الطبيعية ما يوجد في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السعودية.
[39] قال ابن حجر: (إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها) اهـ [الفتح: ج7/ص13]، وقال القاضي عياض: (أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل) اهـ [شرح مسلم: ج12/ص229].
[40] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) اهـ [الفتاوي: ج28/ص259].
[41] الطائي، الجواد ابن الجواد، المشهور، وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان، سنة 7 هـ، ولما ارتدت العرب ثبت على الإسلام هو وقومه، وكان أول صدقة قُدم بها على أبي بكر صدقة عدي وقومه، شهد فتح المدائن، وشهد مع علي حروبه، وفقئت عينه يوم الجمل، وله في الكرم حكايات مشهورة، عاش 120 سنة، وتوفي سنة 68 هـ [إتحاف الكرام، للمباركفوري: ص401].
[42] قال الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية: (أن العبادة هي الاتباع في الشرائع – بنص القرآن وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم - فاليهود والنصارى لم يتخذوا الأحبار والرهبان أرباباً؛ بمعنى الاعتقاد بألوهيتهم أو تقديم الشعائر التعبدية إليهم، ومع هذا فقد حكم الله سبحانه عليهم بالشرك في هذه الآية، وبالكفر في آية تالية في السياق، لمجرد أنهم تلقوا منهم الشرائع فأطاعوها واتبعوها، فهذا وحده - دون الاعتقاد والشرائع - يكفي لاعتبار من يفعله مشركا بالله الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين ويدخله في عداد الكافرين... أن الشرك باللّه يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير اللّه من عباده، ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته ولا تقديم الشعائر التعبدية له...) [في ظلال القرأن: ص 1642].
[43] قال الإمام عبد الرحمن بن حسن: (وفي الحديث دليل على أن طاعة الأحبار والرهبان في معصية الله؛ عبادة لهم من دون الله، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله... وهذا قد وقع فيه كثير من الناس مع من قلدوهم، لعدم اعتبارهم الدليل إذا خالف المُقَلد، وهو من هذا الشرك... وأما طاعة الأمراء ومتابعتهم فيما يخالف ما شرعه الله ورسوله؛ فقد عمت بها البلوى قديماً وحديثاً في أكثر الولاة بعد الخلفاء الراشدين، وهلم جرا) [فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد: ص405-406].
[44] يقول الإمام حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله: (وكما أن المحكم للقوانين الوضعية كافر... فإن المشرع للقوانين والواضع لها كافر أيضا، لأنه بتشريعه للناس هذه القوانين صار شريكا لله سبحانه وتعالى في التشريع، قال تعالى؛ {أََمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]، وقال تعالى؛ {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: 26]، وقال عز وجل؛ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، ولهذا لما سمع عدي بن حاتم هذه الآية، قال؛ "يا رسول الله! إنا لسنا نعبدهم؟!"، فقال صلى الله عليه وسلم؛ "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه"، قال؛ "بلى"، قال؛ "فتلك عبادتهم".
فتبين من الآية الكريمة من حديث عدي بن حاتم؛ أن التحليل والتحريم والتشريع من خصائصه سبحانه وتعالى، فمن حلل أو حرم أو شرع ما يخالف شرع الله، فهو شريك لله في خصائصه) [فتوي في التحاكم إلى القوانين الوضعية: 10/2/1422 هـ].
[45] قال عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في معنى كلمة التوحيد ومقتضياتها: (... لا بد من اعتقاد وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، والإقرار بذلك إعتقاداً ونطقاً، ولا بد من القيام بعبودة الله وحده، طاعة لله وانقياداً، ولا بد من البراءة مما ينافي ذلك عقداً وقولاً وفعلاً، ولا يتم ذلك إلا بمحبة القائمين بتوحيد الله وموالاتهم ونصرتهم، وبغض أهل الكفروالشرك ومعاداتهم، ولا تغني في هذا المقام الألفاظ المجردة ولا الدعاوى الخالية من الحقيقة، فإن هذه الأشياء متلازمة، متى تخلف واحد منها تخلفت البقية) [القول السديد في مقاصد التوحيد/ ص: 33 – 34].
[46] هو قاذف صاروخي، يرمى من على الكتف، ويستعمل بشكل عام ضد الآليات، ظهر أول نموذج له بعد الحرب العالمية الثانية، ثم قام الروس بتطويره عام 1959م، وقد أثبت جدارةً وفعاليةً كبيرة لما يمتاز به من مميزات عديدة قلما تتوفر في سلاح آخر، وما زال هذا السلاح واحداً من أكثر القواذف الصاروخية الخفيفة انتشاراً في العالم، ويستخدم في جميع الجيوش التي تتسلح من مصادر شرقية، وقد استخدم هذا القاذف على نطاق واسع في معظم العمليات العسكرية التي خاضتها الجيوش العربية والمقاومة الفلسطينية ضد اليهود، وخاصة في حرب 1973م حيث أثبت فاعلية كبيرة في تدمير دبابات اليهود وآلياتهم، كما استعمل بشكل واسع في أفغانستان أثناء الغزو الروسي، ويصنع هذا السلاح في عدد من الدول، منها؛ روسيا والصين ومصر وإيران [انظر نشرة البتار/ العدد 11- فما بعده].
[47] هو احد أعلام الحديث، أبو داود بن الاشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني – بكسر أو فتح فكسر فسكون – صاحب السنن، ولد سنة 202 هـ وتوفي يوم الجمعة، منتصف شوال، سنة 275 هـ، برع في صناعة الحديث، حتى قيل: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد، قال: كتبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما تضمنته السنن [إتحاف الكرام، للمباركفوري: ص461].
[48] من أزهد الصحابة، وأوعية العلم، اسلم صغيراً بمكة، وهاجر إلى المدينة، أول مشاهده الخندق، توفي بمكة سنة 73 هـ، ودفن بذي طوى [إتحاف الكرام، للمباركفوري: ص11].
[49] ثاني الخلفاء الراشدين، كان نادر الوجود طوال حقبة التاريخ، ملأ الآفاق حكماً وعدلاً وفتحاً، وكان سفير قريش في الجاهلية، أسلم في ذي الحجة، سنة ست من النبوة، شهد المشاهد كلها، له مشاهد وفتوح في العراق وفارس والشام ومصر زغيرها، قتله ابو لؤلؤة، غلام المغيرة بن شعبة، فتوفي شهيداً في محرم / سنة 24 هـ [إتحاف الكرام، للمباركفوري: ص26].
[50] هو أبو عبيدة عامر بن الجراح بن هلال القرشي الفهري، احد العشرة المبشرين بالجنة، اسلم قديماً، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بدراً والمشاهد كلها، واخرج يوم أحد الحلقتين التين دخلتا في وجنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بفيه، فوقعت ثنيتاه، قاد جند المسلمين في فتوح الشام، وتوفي في طاعون عمواس سنة 18 هـ، وله 58 سنة [إتحاف الكرام، للمباركفوري: ص 283]
[51] وروى الحاكم من طريق ابن شهاب، قال؛ خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة فنزل عنها، وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة: (يا أمير المؤمنين! أأنت تفعل هذا؟ تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك)، فقال عمر: (أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله).
[52] قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: (أولا أدلك على رأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ أما رأس الأمر؛ فالإسلام... وأما عموده؛ فالصلاة، وأما ذروة سنامه؛ فالجهاد في سبيل الله).
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرح هذا الحديث: (وأما ذروة سنامه، وهو أعلى ما فيه وأرفعه؛ فهو الجهاد، وهذا يدل على أنه أفضل الأعمال بعد الفرائض، كما هو قول الإمام أحمد وغيره من العلماء... والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا) [جامع العلوم والحكم: ص247].
[53] للمزيد عن التاريخ القذر للولايات المتحدة الصليبية، راجع كتاب الشيخ ابي جندل الأزدي؛ "الله أكبر خربت أمريكا".
[54] تكلم الشيخ أيمن الظواهري بتفصيل عن مسألة التترس في كتابه "شفاء صدور المؤمنين"، قال حفظه الله بعد ان نقل أقوال العلماء في المسالة: (يجب أن يحرص المجاهدون على تكرار إنذار المسلمين المخالطين للطواغيت وأعوانهم وأسيادهم من اليهود والأمريكان؛ بالابتعاد عن مقارهم ومكاتبهم ومواكبهم وتجمعاتهم، إلا إذا أدى هذا الإنذار إلى كشف المجاهدين وإنزال خسائر بهم... ولا ريب أن هؤلاء المخالطين للكفار والمرتدين وأعوانهم أقل حرمة في الدين من المسلمين المكرهين المتترس بهم، الذين أباح العلماء رمي الكفار المتترسين بهم. أما من يُقتَل من هؤلاء المسلمين؛ فالذي يلزم المجاهدين خاصة - إذا كان هذا الاختلاط لانتفاع أو تجارة وما أشبه ذلك من أغراض الدنيا - فيه الكفارة إن علموه مسلماً والدية... ويؤجل دفع الدية إلى أن يفيض المال عن حاجة الجهاد. وهؤلاء الذين يُقتلون في هذا الرمي أو التفجير نظنهم شهداء، ونرى فيهم ما قاله العالم المجاهد شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله عليه؛ "وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا؛ كانوا شهداء، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يُقتل شهيداً" [الفتاوي 28/547]) [شفاء صدور المؤمنين، مارس/1996م].
[55] من قصيدة "وصية لاجئ" للشاعر هاشم الرفاعي.
[56] إلى هنا انتهت محاضرة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن حفظه الله، مع التنبيه أن النقل تم بشكل حرفي عن شريط صوتي للشيخ، والمحاضرة بصوت الشيخ أسامة بن لادن منشورة في قسم الصوتيات في "منبر التوحيد والجهاد"، بعنوان "يا أمة الإسلام".
0 التعليقات:
إرسال تعليق