موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الأربعاء، 1 أغسطس 2012

الزلفى والإرشاد إلى أنواع الجهاد


الزلفى والإرشاد إلى أنواع الجهاد
د. رشيد كهوس
معنى الجهاد:
الجهاد هوأن يكون كلُّ فرد من أفراد الأمة المسلمة في بذل جهد مستمر صباحَ مساءَ؛ ليحيا الإسلام، وتقوى شوكة المسلمين، وتنتشر الدعوة الإسلامية في العالمين، وينالوا رضا الله يوم الوقوف بين يدي خالق الخلائق أجمعين، بتزكيتهم لنفوسهم واهتمامهم بمصير أمَّتهم.


فكلُّ الجهود التي يبذلها الفرد المسلِم والجماعة المسلمة لخدمة المجتمع، سواءٌ من جانبه التربوي أم الاقتصادي، أم الاجتماعي أم الثقافي، أم السياسي أم العلمي، أم العمراني - جهادٌ مشروعٌ؛ كصيانة دين المسلم، أو نفسه، أو عِرضه، أو ماله، أو عقله... أو السعي لتوحيد الصف المسلم واسترجاع ما سُلِب واغتصب من هذه الأمة من حقوق مشروعة، من شورى وعدل... أو السعي لرفع الظلم عن الشعوب التي ترزح تحت استبداد الظَّلَمة، وتوفير العمل والإنتاج وازدهار الاقتصاد، وتحقيق الأمن والتكافُل الاجتماعي في أوقات السلم والحرب؛ كل هذا جهاد.

أنواع الجهاد:
كما سبق أن قلتُ: إن الجهاد لا ينحصر في نوع واحد فقط، بل تتعدَّد أنواعه، أُجمِل أهمها في:
1- جهاد النفس: إن المقصود بجهاد النفس في ذات الله يعني حملها على الإقبال على الله - عز وجل - وهجرها ما طُبعت عليه من الغفلة والبعد عن جادة الصواب، فجهاد النفس هو جهاد الهوى، وجهاد ما في بواطننا من خبائث وأدران، وتطهيرها؛ لكي تسلم من الآفات والشبهات والشهوات، حتى تكون أهلاً للفيض الإلهي، والمدد الرباني.


2- الجهاد بالمالفالجهاد بالمال فيما يتعلَّق بالفرد هو تطهير الإنسان المؤمن من عاهة الشُّحِّ، وهو الخطوة الأولى في طريق الفوز والفلاح؛ قال الباري - جل جلاله -: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].

أما فيما يتعلق بالأمة فهو توفير المال اللازم لكل أبواب الجهاد وأنواعه.

3- جهاد التعليمالجهاد التعليمي هو إخراج الأمة من دياجير ظلام الجهل إلى نور العلم، وتعليمها دينها وشَرْع ربها، وحقوقها المشروعة، كما علمها سيد الوجود - صلى الله عليه وسلم - الذي بُعث معلِّمًا، وكما علَّمها أصحابه من بعده - رضوان الله عليهم جميعًا.

4- جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: معناه ومضمونه الذود عن الشريعة الغرَّاء، والسهر على إقامة حدود الله - تعالى - وتثبيت أركان الدين في نفوس الناس، والمراقبة الشديدة على تطبيق الشريعة.

5- جهاد الكلمة والحجة: أو الجهاد البياني؛ وأعني به: بذل الجهد باللسان وبالقلم ضد كل انحراف، وضد كل من يناوئ الإسلام من المخرِّبين فكريًّا ومن الممسوخين عَقَديًّا، أصحاب الفلسفات الكافرة والجدليات الملحدة.

6- جهاد التعبئة والبناء: إن المقصود بجهاد التعبئة والبناء هو تعبئة الأمة وتعليمها ما أمر الله - تعالى - به؛ بأن تكون منها جماعة مجاهدة، واجبها الأول إنكار المنكر الأول - وهو الحُكْم بغير ما أنزل الله - وتبذل المساعي والجهود في  إقامة دين الله في الأرض، وتطبيق كتابه المنزل على نبيه وصفوة خلقه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبناء مجتمع العمران الأخوي المسلم.

فجهاد البناء إذنهو نقض معاقل الكفر وهدم صروح الباطل؛ لبناء جيل مؤمن، وعقلية مؤمنة، ونمط حياة ومقوماتها.

7- الجهاد السياسي: هو بذل الجهد لتكون دعائم الدولة على أسس من مبادئ الإسلام، وقواعده العامة الشاملة، وباختصار: أن تكون الحاكمية فيها لله - سبحانه وتعالى - وحده.

8- جهاد الكفر والفقر: وأقصد بجهاد الكفر والفقر: محاربة الكفر الذي انتشر في مجتمعاتنا انتشار النار في الهشيم، فمعركة الحق ضد الباطل يفصل فيها طرد دعاة الكفر، كل الكفر: كفر الرأسمالية التي ديدنها الابتزاز، وكفر الإيديولوجية التي تخفي وراء الشعارات البرَّاقة وجهَها الحقيقي، وفداحة كفرها وكفر الطبقية، طبقية حكام الجبر الجاثمين على صدر الأمة، المستأثرين بالسلطان والمال واللذة، والعباد والبلاد، ومتاع الحياة الدنيا، بمحاربة كفر الطبقية والرأسمالية والإيديولوجية يتمُّ القضاء على الفقر أخي الكفر.

9- الجهاد الاقتصادي: وهو بذل الجهد لتحقيق القوة الاقتصادية، وإنعاش الاقتصاد، وتحقيق الكفاية المادية للأمة الإسلامية.

10- جهاد التَّوحيد: هو بذل الجهد لتوحيد الأمة الإسلامية؛ إذ الأصل فيها التوحد لا التفرُّق والتشرذم؛ قال الله - جل جلاله -: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]، فعلى هذا، فوحدة دار الإسلام ضرورة ملحَّة، وواجب شرعيٌّ، وأملٌ عزيز، ووحدة الأمة المسلمة ووحدة قيادتها هما شرطا القوة ومصدر العزة لمواجهات التحديات المعاصرة والمخطَّطات الجاهلية.

11- الجهاد القتالي: أقصد بالجهاد القتالي: بذل الجهد عن طريق المدافعة أو القتال في حماية دار الإسلام ودعوة الإسلام، ودين الله - عز وجل - وإزالة الحواجز والعقبات من طريق الدعوة الإسلامية؛ حتى تبلِّغ كلمتها إلى العالم، وردع المعتدين ومنعهم من الأذى والفساد.

وشمولية معاني الجهاد يجعل ترجمته إلى اللغات الأخرى أمرًا صعبًا وضارًّا، حيث تفرغه تلك الترجمة من مضمونه ومعناه السامي، وتشوِّه معناه؛ كما حدث لترجمته إلى اللغة الإنجليزية التي أطلقت عليه اسم الحرب المقدسة (Holy War)، حيث عمَّمت بابًا واحدًا من أبوابه الكثيرة، أو نوعًا واحدًا من أنواعه المختلفة، وسدَّت باقي أبواب الجهاد، وطمست بقية الأنواع.

مسك الختام:
إذًا؛ فلا يقلِّل من مكانة الجهاد وشأنه إساءة بعض الناس توظيفه، أو ابتذاله للمصطلح باعتبار أن القِيَم لا ينقضها من أساء فهمها، ولا يهدم صرحها من أراد انتهاكها، وإلاَّ لما بقيت قيمة على وجه الأرض.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.