الرسالة الخامسة إلى الأمة الإسلامية(إعـلان النفـير)
15 ذو الحجة 1423 هـ16 فبراير/شباط 2003 م
لأسد الإسلام أسامة بن محمد بن لادن (رحمهُ الله)
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد الذي أنزل على عبده ورسوله آية السيف ليحق الحق ويبطل الباطل.
فالحمد لله القائل: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَخُذُوَهُمْ وَاحْصُرُوَهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:5]، والحمد الله القائل: {قَاتِلُوَهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} [التوبة:14].
والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: ”بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يُعبد الله تعالى وحده لا شريك له وجُعل رزقي تحت ظل رمحي وجُعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم“ [رواه الإمام أحمد] [1]، والقائل: ”أخرِجوا المشركين من جزيرة العرب“ [متفق عليه] [2].
أما بعد:
ففي الوقت الذي تسيل فيه دماء المسلمين وتهدر في فلسطين والشيشان والفلبين وكشمير والسودان، ويموت أطفالنا بسب الحصار الأميركي في العراق، وفي الوقت الذي لم تلتئم جراحنا بعد، منذ الحروب الصليبية على العالم الإسلامي في القرن الماضي، ونتيجة لاتفاقية "سايكس-بيكو" [3] بين بريطانيا وفرنسا، والتي أدت إلى تقسيم العالم الإسلامي إلى قطع وأشلاء، ومازال عملاء الصليبيين يحكمونها إلى اليوم، إذ بأجواء اتفاقية سايكس بيكو تطل علينا من جديد؛ إنها اتفاقية "بوش - بلير" ولكنها تحت نفس الراية ولنفس الغاية، إنها راية الصليب، وغايتها تحطيم ونهب أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم.
إن اتفاقية "بوش - بلير" تزعم أنها تريد القضاء على الإرهاب، فلم يعد يخفى حتى على العوام أنها تريد القضاء على الإسلام [4]، ومع ذلك يؤكد حكام المنطقة في الخطابات والخطب تأييدهم لبوش في محاربة الإرهاب - أي في محاربة الإسلام والمسلمين - في خيانة واضحة للملة والأمة [5]، معتمدين على مباركة علماء السلاطين [6] ووزراء البلاط.
فكما أنه لا يخفى أن الاستعداد الحالي للهجوم على العراق ما هو إلا حلقة في سلسلة الاعتداءات المعدة لدول المنطقة، بما فيها سوريا وإيران ومصر والسودان، إلا أن التركيز لتقسيم بلاد الحرمين يأخذ نصيب الأسد في خطتهم، مع العلم أنه هدف استراتيجي قديم، منذ أن نقل ولاؤها من بريطانيا إلى الولايات المتحدة منذ ستة عقود، وقد حاولت أميركا قبل ثلاثة عقود تنفيذ هدفها هذا في أعقاب حرب العاشر من رمضان [7]، يوم هدَّد رئيسها "نيكسون" بغزو بلاد الحرمين على الملأ، ولم يتيسر له ذلك في وقتها بفضل الله، ولكن مع بداية حرب الخليج الثانية أنشأت أميركا قواعد عسكرية مهمة وخطيرة، منتشرة في بلاد الحرمين، وخاصة قرب العاصمة، ولم يبق لهم إلا التقسيم، واليوم يبدو أن الوقت المناسب للتقسيم قد حان في نظرهم، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
فخلاصة الأمر؛ أن استهداف أميركا للمنطقة عموماً وتقسيم بلاد الحرمين خصوصاً ليس سحابة صيف عابرة، وإنما هو هدف استراتيجي لا يغيب عن نظر السياسة الأميركية الماكرة.
فماذا أعدت الحكومات في المنطقة لمقاومة هذا الهدف الاستراتيجي العدواني؟
لا شيء يذكر سوى زيادة في الولاء للصليبيين، أضف إلى ذلك اجتماع وزراء الداخلية العرب المنتظم لمحاربة المجاهدين والتضييق على الدعاة والعلماء الصادقين الذين يسعون لتنبيه الأمة وإيقاظها للدفاع عن نفسها.
وإن من أهم أهداف هذه الحملة الصليبية الجديدة تهيئة الأجواء وتمهيد المنطقة بعد التقسيم لقيام ما يسمى بدولة إسرائيل الكبرى، التي تضم داخل حدودها أجزاء كبيرة من العراق ومصر مروراً بسوريا ولبنان والأردن وكامل فلسطين وأجزاء كبيرة من بلاد الحرمين.
وما أدراك ما إسرائيل الكبرى [8]، وما سيصيب المنطقة من ويل وثبور؛ إن ما يجري لأهلنا في فلسطين ما هو إلا نموذج يراد تكراره في سائر المنطقة على يد التحالف "الصهيوأميركي"؛ قتل للرجال والنساء والولدان، وسجون وإرهاب وتهديم للبيوت وتجريف للمزارع، ونسف للمصانع، والناس في خوف دائم ورعب جاثم ينتظرون الموت في كل لحظة من صاروخ أو قذيفة تهدم بيتاً وتقتل أختاً وتئد رضيعة، فماذا نجيب ربنا غداً؟
إن ما يجري هناك لا يحتمله أولو البأس من الرجال، فكيف بحال الأمهات المستضعفات وهن يرين أطفالهن يقتلون بين أيديهن؟
إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم إني أبرأ إليك من فعل هؤلاء من اليهود والنصارى والحكام الخائنين ومن كان في حكمهم، وأعتذر إليك من فعل هؤلاء القاعدون عن نصرة الدين.
وإن مما يعنيه قيام إسرائيل الكبرى؛ هو خضوع دول المنطقة لليهود، وما أدراك ما يهود، يهود افتروا على الخالق فما بالك بالمخلوق؟ يهود قتلة الأنبياء ونقضة العهود، قال الله عنهم: {أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [البقرة:100]، إنهم يهود أرباب الربا وأئمة الخنا، لن يبقوا لكم شيئاً لا دنيا ولا دين، قال الله عنهم: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} [النساء:53]، إنهم يهود يعتقدون ديانة أن الناس عبيد لهم ومن أبى فحده القتل، قال الله تعالى عنهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:75].
هذه بعض صفات اليهود فاحذروهم! وهذه بعض ملامح المخطط الصليبي فقاوموه!
والآن كيف السبيل لكف بأس الكفار وإنقاذ بلاد المسلمين؟
فللإجابة على هذا السؤال أقول - وبالله التوفيق - كما قال العبد الصالح نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].
فالسبيل لكف بأس الكفار هو الجهاد في سبيل الله كما قال تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} [النساء:84].
وابتداءً؛ أبشركم بفضل الله أن الأمة اليوم عندها من الطاقات الهائلة ما يكفي لإنقاذ فلسطين، وإنقاذ باقي بلاد المسلمين، ولكن هذه الطاقات مقيدة فيجب العمل على إطلاقها، كما وأن الأمة موعودة بالنصر، لكن إذا تأخر النصر فبسبب ذنوبنا وقعودنا عن نصرة الله [9]، قال تعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]، والأمة موعودة بالنصر أيضاً على اليهود كما أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث قال: ”لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر؛ يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعالَ فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود“ [رواه مسلم].
ففي هذا الحديث تنبيه أيضاً إلى أن حسم الصراع مع الاعداء إنما يكون بالقتل والقتال، لا بتعطيل طاقات الأمة لعشرات السنين عبر طرق أخرى كخدعة الديمقراطية وغيرها [10].
وبعد هذه المبشرات أتحدث إليكم عن بعض الامور التي تساعدنا على الجهاد في سبيل الله، ومنها ذكر بعض الوقائع والحروب التي انتصر فيها المسلمون خلال العقدين الماضيين مما يزيد من ثقة أبناء الأمة بأنفسهم، لما لذلك من أهمية في تعبئة الأمة لتدافع عن نفسها ضد التحالف الصليبي الصهيوني.
وفي الحقيقة؛ أن الأمة الإسلامية هي القوة البشرية العظمى إن أقامت دين الإسلام حقاً، وهذا ما أثبته التاريخ خلال القرون الماضية، وهي قادرة على قتال ومقاومة ما يسمى بالدول الكبرى.
وقبل ذلك سأذكر حادثة ذات صلة بموضوع قتال القوى الكبرى؛
ذكر أهل السير أن المثنى الشيباني رحمه الله جاء إلى المدينة يطلب مدداً من الخليفة لقتال الفرس، فندب الخليفة عمر رضي الله عنه الناس ثلاثة أيام فلم يخرج أحد، ففطن عمر رضي الله عنه لما في نفوس الناس من عقدة قتال القوى العظمى، فأمر المثنى أن يحدث الناس بما فتح الله عليه ضد فارس ليزيل ما بأنفسهم، فقام المثنى فتكلم ونشَّط القوم، فكان مما قال: (يا أيها الناس لا يعظمن عليكم هذا الوجه فإنا قد تبجحنا فارس وغلبناهم على خير شقي السواد وشاطرناهم ونلنا منهم وأجترأ من قِبلنا عليهم، ولها إن شاء الله ما بعدها)، فتحمس الناس، فقام أبو عبيد الثقفي وعقد له الخليفة اللواء وتتابع القوم رضي الله عنهم [الكامل في التاريخ 2/432-433].
وأنا أقول متشبهاً بأولئك الكرام؛
يا أيها الناس لا يعظمن عليكم هذا الوجه، لا يعظمنَّ عليكم وجه أميركا وجيشها، فقد ضربناهم والله مراراً وهزموا تكراراً، وإنهم أجبن قوم عند اللقاء، وقد تبين لنا من مدافعتنا ومقاتلتنا للعدو الأميركي أنه يعتمد في قتاله بشكل رئيس على الحرب النفسية نظراً لما يمتلكه من آلة دعائية ضخمة، وكذلك على القصف الجوي الكثيف إخفاءً لأبرز نقاط ضعفه وهو الخوف والجبن وغياب الروح القتالية عند الجندي الأميركي، ولولا ضيق المقام لحدثتكم عن ذلك، أشياء تكاد لا تصدق في قتالنا لهم في تورابورا وفي أفغانستان، وأرجو الله أن ييسر وقتاً ونتحدث عن ذلك بالتفصيل [11].
وابتداءً أذكركم بهزيمة بعض القوى الكبرى على أيدي المجاهدين:
1. فأذكركم بهزيمة الاتحاد السوفيتي سابقاً والذي أصبح أثراً بعد عشر سنين من القتال الضاري على أيدي أبناء الأفغان ومن ساعدهم من أبناء المسلمين بفضل الله [12].
2. وكذلك هزيمة الروس في بلاد الشيشان وضرب المجاهدون أروع الأمثلة في التضحية والفداء، فحطم المجاهدون الشيشان مع إخوانهم العرب والأنصار كبرياء الروس فكبدوهم الخسائر تلو الخسائر فانسحبوا مدحورين بعد الحرب الأولى، ثم إن الروس رجعوا مرة أخرى بدعم أميركي ومازالت روسيا إلى الآن تتكبد الخسائر الفادحة من فئة قليلة مؤمنة نرجو الله أن يثبتهم وينصرهم[13].
3. كما أذكركم بهزيمة القوات الأميركية عام 1402 للهجرة، عندما اجتاح بنو إسرائيل لبنان، فقدمت المقاومة اللبنانية شاحنة مملوءة بالمتفجرات إلى مركز القوات الأميركية – المارينز - في بيروت فقتل منهم أكثر من 240 قتيلاً، فإلى جهنم وبئس المصير [14].
4. ثم بعد حرب الخليج الثانية أدخلت أميركا جيوشها إلى الصومال وقتلوا 13 ألفاً من أبناء المسلمين هناك، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعندها وثب أُسْدُ الإسلام من العرب الأفغان فانبروا لهم مع إخوانهم في تلك الأرض فمرَّغوا كبرياءها في الطين، فقتلوا منهم ودمروا من دباباتهم وأسقطوا من طائراتهم، ففرت أميركا وحلفاؤها في ليل مظلم لا يلوي أحدٌ على أحد، فلله الحمد والمنَّة [15].
5. وفي تلك الفترة أعد شباب الجهاد عبوات ناسفة ضد الأميركيين في عدن، فانفجرت فما كان من الجبناء إلا أن فروا في أقل من 24 ساعة.
6. ثم في عام 1415 للهجرة وقع انفجار في الرياض قتل بسببه أربعة من الأميركيين، وكان رسالة واضحة تبين اعتراض أبناء المنطقة على السياسة الأميركية في دعم اليهود واحتلال بلاد الحرمين.
7. ثم في العام الذي يليه وقع انفجار آخر في الخبر، قتل بسببه 19 وجرح أكثر من 400، واضطر بعدها الأميركيون لنقل مراكزهم الكبرى من المدن إلى قواعد في الصحراء [16].
8. ثم بعد ذلك أيضاً في عام 1418 للهجرة هدَّد المجاهدون أميركا على الملأ بضرورة الكف عن مساعدة اليهود والخروج من بلاد الحرمين، فرفض العدو التحذير وتمكن المجاهدون بفضل الله من صفعه صفعتين عظيمتين في شرق إفريقيا [17].
9. ثم حُذِّرت أميركا مرة أخرى ولم تستجب، فوفق الله المجاهدين في عملية استشهادية عظيمة، فدمرت المدمرة الأميركية "كول" في عدن، فكانت صفعة مدوية في وجه العسكرية الأميركية، كما كشفت العملية عن عمالة الحكومة اليمنية كسائر دول المنطقة [18].
ثم إن المجاهدين لما رأوا أن عصابة الإجرام الأسود في البيت الأبيض تصور الأمر على غير حقيقته، بل يزعم زعيمهم - الأحمق المطاع - أننا نحسدهم على طريقة حياتهم، وإنما الحقيقة التي يخفيها فرعون العصر أننا نضربهم بسبب ظلمهم لنا في العالم الإسلامي وخاصة في فلسطين والعراق واحتلالهم في بلاد الحرمين، ولما رأى المجاهدون ذلك قرروا أن يتخطوا التعتيم وينقلوا المعركة إلى وسط أرضه وفي عقر داره.
وفي يوم الثلاثاء المبارك في الثالث والعشرين من جماد الثاني لعام 1422 للهجرة، الموافق للحادي عشر من سبتمبر عام 2001 للميلاد، كان التحالف "الصهيوأميركي" يحصد أبناءنا وأهلنا في أرض الأقصى المبارك بطائرات ودبابات أميركية وأيدٍ يهودية، وأبناؤنا في العراق يقضون نحبهم نتيجة الحصار الظالم من أميركا وعملائها، وفي المقابل كان العالم الإسلامي يعيش في حالة من البعد الشديد عن إقامة الدين حقاً، وبينما الأمور على تلك الحال من الإحباط واليأس والتسويف عند المسلمين - إلا من رحم الله - ومن الظلم والغرور والعدوان عند التحالف "الصهيوأميركي"، فقد كانت بلاد "العم سام" في غيها سادرة، بطغيانها هادرة، مصعرة خدها للناس، تمشي في الأرض مرحاً لا تبالي بأحد، وتظن ألا سبيل إليها. إذ رموا بثالثة الأسافي وما أدراك ما ثالثة الأسافي، عندما وثب شعث الرؤوس، مغبرو الأقدام، المطاردون في كل مكان، {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف:13]، وربط على عقيدتهم وكتب الإيمان في قلوبهم، فلم يخشوا في الله لومة لائم، يبتغون ما عند الله تعالى، تأبى نفوسهم أن تنام على الضيم، يريقون ماء الحياة ولا يريقون ماء المحيا، فأغاروا بطائرات العدو في عملية جريئة جميلة ما عرفت البشرية لها مثيلاً، فحطموا أصنام أميركا، فأصابوا وزارة الدفاع في صميم فؤادها، وأصابوا الاقتصاد الأميركي في سويداء قلبه، فأرغموا أنف أميركا في التراب ومرغوا كبرياءها في الطين، فانهار برجا نيويورك [19]، وبذلك الانهيار انهار ما هو أعظم وأضخم:
- فانهارت أسطورة أميركا العظمى.
- وانهارت أسطورة الديمقراطية.
- وظهر للناس أن قيم أميركا في السافلين.
- وتحطمت أسطورة أرض الحرية.
- وتحطمت أسطورة الأمن القومي الأميركي.
وكان من أهم الآثار الإيجابية لغزوتي نيويورك وواشنطن أنها كشفت حقيقة الصراع بين الصليبيين والمسلمين، وأظهرت ضخامة العداء الذي يُكنُّه لنا الصليبيون عندما نزعت الغزوتان جلد الشاة عن الذئب الأميركي وظهر على حقيقته البشعة، واستيقظ العالم أجمع من الرقاد، وانتبه المسلمون إلى أهمية عقيدة الموالاة في الله والمعاداة في الله، وقويت روح الأخوَّة الإيمانية بين المسلمين، مما يعتبر خطوة عظيمة نحو توحيد المسلمين تحت كلمة التوحيد لقيام الخلافة الراشدة بإذن الله، وبدا ظاهراً للناس أن أميركا هذه القوة الظالمة، يمكن أن تضرب، ويمكن أن تذل وتهان وتقهر.
ولأول مرة تعي غالبية الشعب الأميركي حقيقة القضية الفلسطينية وأن ما أصابهم في "مانهاتن" كان بسبب سياسة حكومتهم الظالمة.
وخلاصة الأمر؛ أن أميركا دولة عظمى ذات قوة عسكرية ضخمة وذات اقتصاد عريض، ولكن كل ذلك على قاعدة هشة، لذا فإنه بالإمكان استهداف تلك القاعدة الهشة والتركيز على أبرز نقاط الضعف فيها وإذا ما ضربت في عُشر معشار تلك النقاط، فإنها - بإذن الله - ستترنح وتنكمش وتتخلى عن قيادة العالم وظلمه.
ولقد استطاع عدد يسير من فتية الإسلام، رغم وقوف التحالف الدولي ضدهم أن يقيموا الحجة على الناس بوجود القدرة على مقاومة ومقاتلة ما يسمى بالقوى العظمى، واستطاعوا أن يدافعوا عن دينهم وأن ينفعوا قضايا أمتهم أكثر مما فعلته حكومات وشعوب بضع وخمسين دولة في العالم الإسلامي، لأنهم اتخذوا الجهاد سبيلاً لنصرة الدين، وكما قال أبو هلالة:
وللنصر أسباب وللخُسر مثلها *** وكل فريق يورث الخلد رابح
دروب العلا شتى وأقصرها التي *** تريق الدما في جانبيها الزحازح
وأمثال هؤلاء الفتية الأبطال في الأمة كثير - بفضل الله - ولكنهم مقيدون، فينبغي علينا أن نتعاون جميعاً لفك قيودهم لينطلقوا مجاهدين في سبيل الله، لأن الجهاد هو سبيل عز هذه الأمة وأمنها.
وإن القيود والسدود التي تحول بين شباب الأمة وبين انطلاقها للجهاد كثيرة، إلا أننا سنتحدث عن أهمها، وبين يدي ذلك أذكر حديثاً من الصحيحين من اهتدى به سلك ومن ضل عنه هلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد“ [متفق عليه] [21]، فاعتبروا يا أولي الأبصار، فهذا من أسباب هلاكنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأذكر كذلك قصة إسلام خالد رضي الله عنه لتتحرر العقول من التبعية العمياء، فقد قيل له بعد أن أسلم متأخراً: (أين كان عقلك ياخالد فلم تر نور النبوة بين ظهرانيكم منذ عشرين سنة؟!)،فقال:(كان أمامنا رجال كنا نرى أحلامهم كالجبال).
قال الإمام أحمد رحمه الله: (من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال) [أعلام الموقعين 2/211].
وأول هذه القيود والسدود في عصرنا الحاضر؛ هم الحكام و شهداء الزور من علماء السوء ووزراء البلاط وأصحاب الأقلام المأجورة ومن شابههم.
فأما الحكام فقد اتفق الناس على عجزهم وخيانتهم.
وأما الذين يطالبون الناس بأن يضعوا أيديهم في أيدي هؤلاء الحكام برغم كل ذلك، نقول لهم؛ متى نزعت الشعوب أيديها من أيدي الحكام حتى يُنصحوا بأن يعيدوا أيديهم مرة أخرى؟! فهذا لم يحدث، والنتيجة كما ترون، هيمنة الكفار علينا، وقد قيل:
ومن خانه التدبير والأمر طائع *** فلن يحسن التدبير و الأمر جامح
فخلافنا مع الحكام ليس خلافاً فرعياً يمكن حله، وإنما نتحدث عن رأس الإسلام، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فهؤلاء الحكام قد نقضوها من أساسها بموالاتهم للكفار وبتشريعهم للقوانين الوضعية [22]، وإقرارهم واحتكامهم لقوانين الأمم المتحدة الملحدة، فولايتهم قد سقطت شرعاً منذ زمن بعيد، فلا سبيل للبقاء تحتها، والمقام لا يتسع لوصف هذا الأمر هنا، ولكن قد ذكرنا أقوالاً لأهل العلم رحمهم الله في البيان السابع عشر الصادر عن هيئة النصيحة والإصلاح [23].
وبعد ذلك نقول؛ هل يمكن لمسلم أن يقول للمسلمين؛ ضعوا أيديكم في يد "كرزاي" للتعاون في إقامة الإسلام ورفع الظلم وعدم تمكين أميركا من مخططاتها؟! فهذا لا يمكن ولا يعقل، لأن كرزاي عميل جاءت به أمريكا، ومناصرته على المسلمين ناقض من نواقض الإسلام العشرة، مخرج من الملة.
وهنا لنا أن نتساءل؛ ما الفرق بين كرزاي العجم وكرزاي العرب؟ من الذي ثبت ونصب حكام دول الخليج؟ إنهم الصليبيون، فالذين نصبوا كرزاي كابول وكرزاي باكستان، هم الذين نصبوا كرزاي الكويت وكرزاي والبحرين وكرزاي قطر و غيرها.
ومن الذين نصبوا كرزاي الرياض [24] وجاءوا به بعد أن كان لاجئاً في الكويت قبل قرن من الزمان ليقاتل معهم ضد الدولة العثمانية وواليها ابن الرشيد؟ أنهم الصليبيون ومازالوا يرعون هذه الأسر إلى اليوم، فلا فرق بين كرزاي الرياض وكرزاي كابول، {فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} [الحشر:2]، قال تعالى {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلائِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} [القمر:43].
إن الحكام الذين يريدون حل قضايانا ومن أهمها القضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة [25] أو عبر أوامر الولايات المتحدة، كما حصل بمبادرة الأمير عبد الله بن عبد العزيز في بيروت ووافق عليها جميع العرب، والتي باع فيها دماء الشهداء وباع فيها أرض فلسطين، إرضاء ومناصرة لليهود وأميركا على المسلمين، هؤلاء الحكام قد خانوا الله ورسوله وخرجوا من الملة وخانوا الأمة.
كما أقول أيضاً: إن الذين يريدون أن يحلوا قضايانا عبر هؤلاء الحكام العجزة الخونة قد خدعتهم أنفسهم وخادعوا أمتهم، وركنوا إلى الذين ظلموا وضلوا ضلالاً مبنياً، وأحسن أحوالهم أنهم عاجزون فاسقون، فينبغي على المسلمين أن ينصحوهم، فإن لم ينتصحوا فليحذروهم وليحذروا منهم، ويجب على المسلمين أن كذلك يتبرءوا من هؤلاء الطواغيت، ولا يخفى أن التبرؤ من الطاغوت ليس من نوافل الأعمال، وإنما هو أحد ركني التوحيد فلا يقوم إيمان بغيرهما [26]، قال تعالى: {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:256].
وأما علماء السوء ووزراء البلاط وأصحاب الأقلام المأجورة وأشباههم؛ فكما قيل: (لكل زمن دولة ورجال)، فهؤلاء هم من رجال الدولة الذين يحرِّفون الحق ويشهدون بالزور حتى في البلد الحرام، في البيت الحرام، في الشهر الحرام، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويزعمون أن الحكام الخائنين ولاة أمر لنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقولون ذلك من أجل تثبيت أركان الدولة، فهؤلاء قد ضلوا سواء السبيل فيجب هجرهم والتحذير منهم [27].
وإنما تركز الدولة على علمائها وتظهرهم في برامج دينية للفتوى من أجل دقائق معدودة يحتاجهم فيها النظام كل مدة لإضفاء الشرعية عليه وعلى تصرفاته [28]، فما حصل يوم أن أباح الملك بلاد الحرمين للأميركيين فأمر علماءه فأصدروا تلك الفتوى الطامة [29] التي خالفت الدين واستخفت بعقول المسلمين، والمؤيدة لفعله الخائن في تلك المصيبة العظيمة، والأمة اليوم إنما تعاني ما تعانيه من مصائب وخوف وتهديد من جراء ذلك القرار المدمر وتلك الفتوى المداهنة.
ومن قرأ سيرة الأئمة الصادقين في أيام المحن كسيرة الأمام أحمد بن حنبل وغيره رحمهم الله علم الفرق بين العلماء العاملين والعلماء المداهنين - كما في سير أعلام النبلاء وغيرها - وقال الشاعر:
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
وأما السد الثاني؛ فهم العلماء والدعاة المحبون للحق الكارهون للباطل القاعدون عن الجهاد، تأولوا تأولاً فصدوا الشباب عن الجهاد ولا حول ولا قوة إلا بالله، هؤلاء رأوا الباطل ينتشر ويزداد، فتداعوا للقيام بواجب نصرة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واهتدى وتفقه على أيديهم خلق كثير، وحسناً فعلوا، وجزاهم الله خيراً على ذلك، إلا أن الباطل يضيق صدره بالحق وأهله، فشرع في مضايقتهم وإخافتهم ومنعهم من الخطب والدروس وفصلهم من وظائفهم ثم سجن من أصر على مواصلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن هذه الضغوط الشديد أدت تدريجياً إلى انحراف المسار - إلا من رحم الله - وهذا أمر بدَهَي لأن الإنسان لا يستطيع أن يتخذ القرار الصحيح في ظل أوضاع غير صحيحة وخاصة من الناحية الأمنية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان“ [رواه الإمام أحمد] ... هذا إذا كان غضبانا، فكيف إذا كان خائفاً؟
فالتخويف الذي تمارسه الدول العربية على الشعب قد دمر جميع مناحي الحياة بما فيها أمور الدين، إذ الدين النصيحة، ولا نصيحة بغير أمن.
وقد قَسَّم الخوف الناس إلى أقسام، وسنتحدث عن بعضهم:
1. فقسم انتكس والتحق بالدولة ووالاها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
2. وقسم بدا له أنه لن يستطيع أن يستمر في الدعوة والتدريس ويؤمن معهده أو جمعيته أو جماعته، ويؤمن نفسه وجاهه وماله إن لم يمدح الطاغوت ويداهنه، فتأوَّل تأؤُّلاً فاسداً فضلَّ ضلالاً مبيناً وأضل خلقاً كثيراً.
3. وقسم آخر حفظهم الله من مجاراة الحكام الخائنين ومداهنتهم، وحرصوا على البقاء تحت راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد كانت لهم جهود مشكورة في الدعوة إلى الله، إلا أن الضغوط - التي سبق ذكرها - كانت كبيرة جداً، ولم يهيئوا أنفسهم لتحملها، ومن أهمها تكاليف الهجرة والجهاد.
وقد كانت الفرصة متاحة منذ أكثر من عقدين ولم يستفيدوا منها، مما أفقدهم القدرة على اتخاذ القرار الصحيح - إلا من رحم الله - في مثل هذه الأيام العصيبة، ولذا نرى فريقاً منهم مازالوا إلى الآن لم يتخذوا قرار الجهاد والمقاومة.
إن نصرة الدين وإقامته لها تكاليف عظام وصفات واضحة في كتاب الله وفي سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سيرة الصحابة الكرام رضي الله عنهم، فمن لم يتصف بهذه الصفات لا يستطيع أن يقوم بنصرة الدين، هذه الصفات ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم ومن ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54].
وفي الخبر الذي دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وورقة بن نوفل، قال ورقة: ”يا ليتني فيها جذعاً أكون حياً حين يخرجك قومك“، فقال رسول الله عليه وسلم: ”أَوَ مخرجيَّ هم؟! “، فقال ورقة: ”نعم! لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُوديَ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً“ [متفق عليه].
فحال من يريد أن يتحمل الدين بحق، هو العداء من أهل الباطل، لا التعايش - كما نرى ولا حول ولا قوة إلا بالله - مع أهل الباطل، وحال من أراد إقامة الدين هو السعي في نصرته بالنفس والنفيس، كما قال ورقة: (إن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً).
وكذلك كان الحال يوم بيعة العقبة؛ فنصرة الدين ليست دروساً تعطى فقط، والدين لا يقوم على فتات أوقاتنا وأموالنا، وإنما سلعة الله غالية، فشتان شتان بين الجلوس وتقديم الدروس وبين تقديم النفوس والرؤوس لنصرة الله، لذا فإن العباس بن عبد المطلب - وقد كان على دين قومه - أراد أن يطمئن على ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم عند الأنصار، فكان مما قاله: (فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصيرة بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة فإنها سترميكم عن قوس واحدة).
فأقول؛ هذه الصفات كانت مطلوبة لأهل الإيمان لحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مطلوبة اليوم أيضاً لحفظ دين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم بعد أن أنهى العباس كلامه، قال البراء بن معرور من الأنصار: (قد سمعنا ما قلت، وإنا والله لو كان في أنفسنا غير ما ننطق به لقلناه ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله).
فأقول؛ هكذا الدين، إنما يقوم بالوفاء والصدق وببذل المهج من أجل المنهج، ثم لما قاموا للمبايعة، قال أسعد بن زرارة: (رويداً يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي، إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله)، فقالوا: (يا أسعد أمِطْ عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها)، هكذا كانت صفات الذين يريدون أن يحموا ويقيموا دين الإسلام رضي الله عنهم.
وكذلك اليوم يقول المجاهدون للعلماء والدعاة الذين يحبون الحق ولا يداهنون الباطل؛ فأنتم قد رفعتم راية دين الإسلام، وتعلمون أنه دين رسول الله حقا،ً وإن حملكم له بحق يعني مفارقة حكومات العرب والعجم في الأرض كافة وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فحافظوا على الراية وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروا راية المدافعة والمقاتلة ولا تحولوا بين شباب الأمة والجهاد في سبيل الله، فهو أعذر لكم عند الله.
والآن نتحدث عن ما هو واجب المسلمين تجاه هذه الحرب الصليبية الصهيونية ضد أمة الإسلام:
قال تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} [النساء:84] [30] إن أوجب الواجبات بعد الإيمان اليوم هو دفع وقتال العدو الصائل، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وأما دفع العدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا، لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط) [الإختيارات العلمية، ملحق بالفتوى الكبرى 4/608]، فالجهاد اليوم متعين على الأمة بأسرها [31] وهي واقعة في الإثم إلى أن تخرج من أبنائها وأموالها وطاقاتها ما يكفي لقيام الجهاد الذي يدفع بأس الكفار عن جميع المسلمين في فلسطين وغيرها [32].
فيجب على المؤمنين أن يجاهدوا لإحقاق الحق وإبطال الباطل، كلٌ بحسب طاقته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: ”فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة من خردل“ [رواه مسلم] [33]، وهذا الحديث العظيم يشمل جميع المؤمنين، فبما أننا مؤمنون إذن فنحن مجاهدون في سبيل الله لنصرة الدين، فالمؤمن الذي عجز عن الجهاد بيده ولسانه يجب عليه أن يجاهد بقلبه، ومن ذلك أن يستمر في بغض أعداء الله ويدعو عليهم وأن يستمر في موالاة المؤمنين والمجاهدين ويدعو لهم ويستشعر الأخوَّة الإيمانية التي تربطه بالمسلمين في جميع مشارق الأرض ومغاربها، وينبغي أن يستشعر أن أهل الإيمان في فسطاط واحد وأن أهل الكفر في فسطاط واحد إلى أن يمن الله على الأمة بدولة تضم المسلمين تحت لوائها بإذن الله، وينبغي أن يحدث نفسه بالجهاد في سبيل الله بيده ولسانه، وهذا أضعف الإيمان وينبغي عليه مقاطعة بضائع أميركا وحلفائها [34]، وليحذر المؤمن كل الحذر من أن يؤيد الباطل، فإن مناصرة الكافرين على المسلمين - ولو بكلمة - كفر بواح كما قرر بذلك أهل العلم [35]، وليحذر من أن يكون من الذين قال الله فيهم: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [الحديد:24]، أو من الذين قال الله فيهم {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ البَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الأحزاب:18] فلا يجمع بين كبيرة القعود وكبيرة التخذيل.
والجهاد بالنفس اليوم وإن كان متعيناً على الأمة بأسرها إلا أنه في حق الشباب آكد مما هو في حق الكهول والشيوخ. وكذلك الجهاد بالمال [36] المتعين اليوم هو في حق أصحاب الأموال آكد مما هو في حق غيرهم.
ومن فضل الله على الأمة اليوم أن شرح الله صدور كثير من شبابها للجهاد في سبيله، والزود عن دينه وعباده، فيجب على الأمة أن تعينهم وتشجعهم وتيسر أمورهم ليدافعوا ويدفعوا عنها الظلم والخزي والإثم، ويجب على الأمة أيضاً أن تحافظ على الجهاد القائم اليوم، وأن تنصره بكل ما أوتيت من قوة، فهو عزيز جداً كما هو في فلسطين والشيشان وأفغانستان وكشمير وإندونيسيا والفلبين وغيرها من بلاد الإسلام، فإن الجهاد في هذه الدول لم تبق رايته مرفوعة بعد فضل الله، رغم الهجمة الشرسة من الأعداء، إلا ببذل ما لا يوصف من العناء والدماء والأشلاء، نرجو الله أن يتقبلهم في الشهداء.
وأبشركم أن الجهاد في أفغانستان قائم اليوم بشكل جيد والحمد لله، والأمور تسير نحو الأحسن لصالح المجاهدين بفضل الله، وها نحن في السنة الثانية من القتال ولم تستطع أميركا أن تحقق أهدافها، وإنما تورطت في المستنقع الأفغاني، وأما ما اعتبرته أميركا في الأشهر الأولى للحرب بأنه انتصار بعد أن استولت على المدن نتيجة إخلاء المجاهدين لها، فإنه لا يخفى على الخبراء العسكريين عامة والعارفين بأفغانستان خاصة أنه كان انسحاباً تكتيكياً يتماشى مع طبيعة دولة الطالبان ومع طبيعة الأفغان في تاريخهم الطويل مع حروب العصابات، فلم يكن هناك جيش نظامي لدولة الطالبان حتى يدافع عن المدن، لذا لجأ الأفغان - بعد الله - إلى قوتهم الكامنة في قدراتهم لشن حروب العصابات من عمق جبالهم الوعرة، وبنفس التكتيك الذي قهروا به - بفضل الله - جيش الاتحاد السوفيتي من قبل، فقد ثبت ذلك بعد أن بدأت حرب العصابات وارتفع معدل العمليات إلى عمليتين يومياً.
فالأميركيون في ورطة حقيقية اليوم، فلا هم يستطيعون حماية قواتهم ولا قادرين على تشكيل دولة تحمي رئيسها فضلاً عن أن تحمي الآخرين، فقد تم - بفضل الله - التنسيق مع جميع المجاهدين خلال العام المنصرم، والجميع متحمسون للجهاد ويرونه واجباً عليهم، ولولا قلة الإمكانيات لتيسر رفع عدد العمليات يومياً إلى الحد الذي كانت عليه في الجهاد السابق ضد الروس، وهذا ما لا يحتمله الأميركيون [37].
لذا فإنه من الواجب المتعين على الأمة اليوم، أن تدعم الجهاد عموماً بما في ذلك فلسطين وأفغانستان، وهذه المحاور من أهم المحاور التي ينبغي التركيز عليها، لاستنزاف اليهود حلفاء الأميركيين، ولاستنزاف الأميركيين حلفاء اليهود، وإن هزيمة أميركا في أفغانستان - بإذن الله - تكون بداية النهاية لها، ولن تؤتوا بإذن الله من قِبَلنا مع إخواننا المجاهدين الأفغان بإذن الله فنرجو ألا نؤتى من قبلكم.
والأمة اليوم بين يدي يوم من أيام الله،لا ينبغي فيه العجز ولا البغي وينبغي أن تتجمع فيه زحوف المسلمين ضد زحوف الكافرين، وينبغي فيه التوبة من الذنوب والكبائر، كما ينبغي على الأمة بين يدي هذا الأمر العصيب الذي هو جِدٌ ليس بالهزل أن تهجر حياة اللهو واللعب والإسراف والترف،وأن تخشوشن وتتهيأ للحياة الحقة،حياة القتل والقتال والضرب والنزال.
(واعلموا - أصلحكم الله - أن النبي قد ثبت عنه من وجوه كثيرة أنه قال؛ ”لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة“ [رواه مسلم]، فهذه الفتنة قد تفرق الناس فيها ثلاث فرق:
الأولى: الطائفة المنصورة وهم المجاهدون لهؤلاء القوم المفسدين.
الثانية: الطائفة المخالفة؛وهم هؤلاء القوم ومن تحيز إليهم من خبالة المنتسبين إلى الإسلام.
الثالثة: والطائفة المخذلة؛وهم القاعدون عن جهادهم وإن كانوا صحيحي الإسلام.
فلينظر الرجل أيكون من الطائفة المنصورة أم من الخاذلة أم من المخالفة، فما بقي قسم رابع). إنتهى حديثه رحمه الله.
ويقول رحمه الله أيضاً: (حتى والله لو كان السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم حاضرين في هذا الزمان لكان من أفضل أعمالهم جهاد هؤلاء القوم المجرمين، ولا يفوت مثل هذه الغزاة إلا من خسرت تجارته وسفِه نفسه، وحُرم حظاً عظيماً من الدنيا والآخرة). انتهى كلامه [كتاب الجهاد، لشيخ الإسلام، ج 2/ص 58 فما بعدها].
ثم إني أوصي الشباب بالاجتهاد في الجهاد [39]،فهم أول المعنيين بفرضيته اليوم كما أشار إلى ذلك الشاطبي رحمه الله في الموافقات.
واعلموا أن استهداف الأميركيين واليهود بالقتل في طول الأرض وعرضها من أعظم الواجبات وأفضل القربات إلى الله تعالى [40]، كما أوصيهم بالالتفاف حول العلماء الصادقين والدعاة المخلصين العاملين، وأوصيهم بالاستعانة على قضاء حوائجهم بالكتمان [41]، ولا سيما في الأعمال العسكرية الجهادية.
وأبشركم عامة وإخواننا في فلسطين خاصة، أن أخوانكم المجاهدين ماضون في طريق الجهاد لاستهداف اليهود والأميركيين، وما عملية "ممباسا" [42] إلا بداية الغيث بإذن الله سبحانه وتعالى، وإننا لن نخذلكم فامضوا وواصلوا القتال على بركة الله، ونحن معكم ماضون مقاتلون بإذن الله.
وقبل الختام أحرض نفسي وإخواني المؤمنين على الجهاد في سبيل الله بقول القائل:
وإني لمقتادٌ جوادي وقاذف *** به وبنفسي العام إحدى المقاذف
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن *** على شرجعٍ يعلى بخضر المطارف
ولكن قبري بطن نسر مقيله *** بجو السماء في نسور عواكفِ
وأمسي شهيداً ثاوياً في عصابة *** يصابون في فج من الأرض خائف
فوارس من شيبان ألَّف بينهم *** تقى الله نزالون عند التزاحف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى *** وصاروا إلى ميعاد ما في المصاحف
وفي الختام؛
أوصي نفسي وإخواني المسلمين بتقوى الله في السر والعلن،وكثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بأن يقبل توبتنا ويفرج كربتنا.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201].
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يفك أسرانا من يد الأميركيين وعملائهم وعلى رأسهم الشيخان؛ عمر عبد الرحمن [43]، وسعيد بن زعير وإخواننا في "جوانتانامو"،وأن يثبت المجاهدين في فلسطين وينصرهم وباقي بلاد الإسلام، وأن ينصرنا على عدونا.
كما أوصي نفسي وإياكم؛ بكثرة الذكر وقراءة القرآن وتدبره ففيه الموعظة والشفاء والهدى والرحمة، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57] ...
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [يوسف:21].
أبو عبد الله - أَفْغَانسْتَانَ – خُرَاسَانَ
[1] قال ابن رجب: (يعني أن الله بعثه داعيا إلى توحيده بالسيف بعد دعائه بالحجة، فمن لم يستجب إلى التوحيد بالقرآن والحجة والبيان دعي بالسيف) [الحكم الجديرة بالإذاعة من قول النبي صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدي الساعة].
[2] قال الشيخ بكر أبو زيد: (حدود الجزيرة العربية؛ غرباً؛ بحر القلزم، والقلزم مدينه على طرفه الشمالي وهو المعروف باسم البحر الأحمر، ويحدها جنوباً؛ بحر العرب ويقال بحر اليمن، وشرقاً خليج البصرة - الخليج العربي - والتحديد من هذه الجهات الثلاث بالأبحر المذكورة محل اتفاق بين المحدثين والفقهاء والمؤرخين والجغرافيين وغيرهم، الحد الشمالي؛ يحدها شمالاً ساحل البحر الأحمر الشرقي وما على ماسامته شرقاً من مشارف الشام وأطرافه - الأردن حالياً - ومنقطع السماوة من ريف العراق، والحد غير داخل في المحدود هنا) [خصائص الجزيرة العربية: ص35].
وقال الإمام حمود بن عقلاء الشعيبي: (لقد اتفق من يعتد بقوله من فقهاء الأمة وعلمائها؛ على أنها لا تجوز إقامة اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب - لا إقامة دائمة ولا مؤقتة - ما عدا أن بعض العلماء يرى جواز إقامتهم ثلاثة أيام للضرورة، ولا يجوز لمسلم أن يأذن لهم في دخولها للإقامة، معتمدين على الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم والآثار الثابتة عن الصحابة رضوان الله عليهم) [القول المختار في حكم الاستعانة بالكفار/فصل؛ حكم إقامة اليهود والنصارى والمشركين في الجزيرة العربية].
[3] اتفاقية سايكس-بيكو؛ اتفاقية سرية أبرمت سنة 1334هـ، أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا، بموافقة روسيا على تفكيك الدولة العثمانية، وتقسيم المناطق التي كانت خاضعة للسيطرة العثمانية -وهي سورية والعراق ولبنان و فلسطين- إلى مناطق تخضع للسيطرة الفرنسية وأخرى تخضع للسيطرة البريطانية، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى المفاوضين اللذين أبرماها وهما؛ مارك سايكس البريطاني وجورج بيكو.
[4] يقول الشيخ يوسف العييري رحمه الله: (إن الكفار مهما لبسوا على المسلمين وسمّوا أفعالهم بأسماء مغايرة لمعتقداتهم إلا أن تغيير الأسماء لا يغير من الحقائق شيئا... إلا أن الله أظهر معتقد النصارى وأخرج ما في قلوبهم على المسلمين وما هي حقيقة حربهم على الإسلام، وأن اسم مكافحة الإرهاب أو العدل المطلق أو محاربة أعداء الحرية أو الأشرار أو أعداء الحضارة، ما هي إلا أغطية لحقد صليب دفين قد ملأ قلوبهم. وبما أن الحقد ملأ قلوبهم وهمهم الأوحد تحقيق معتقداتهم التي أخبر الله عنها، فقد نفد صبر الرئيس الأمريكي بوش ولم يستطع كتم عقيدته فصرح في مؤتمر صحفي أجراه يوم الأحد 16/9/2001 م، الموافق 28/6/14 22هـ، بقوله "This crusade, this war on terrorism, is going to take a long time"، وترجمة كلامه المتقدم - قاتله الله - هو قوله؛ "هذه الحرب الصليبية, هذه الحرب ضد الإرهاب سوف تأخذ وقتا طويلاً"!... ومن أمثلة ذلك... ما نشرته مجلة "ناشونال ريفيو"...؛ "ليس هذا أوان ترف البحث عن أماكن المتورطين بالعمليات الإرهابية, المسؤولون عن هذه العمليات هم كل من ارتسمت على وجهه ابتسامة عندما سمع بالهجمات على نيويورك وواشنطن... علينا غزوهم في بلادهم وقتل قادتهم وإجبارهم على التحول إلى المسيحية"!) [كتاب؛ حقيقة الحرب الصليبية الجديدة].
[5] نقلت صحيفة "واشنطن بوست" [بتاريخ الجمعة 28/9/2001 م] عن مسؤولين أمريكيين؛ أن الحكومة السعودية قررت السماح للقوات الأمريكية المنتشرة على أراضيها - بما فيها القوات الجوية - بالمشاركة في عمل عسكري ضد المسلمين في أفغانستان، وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تخلت بناء على هذا الموقف عن فكرة نقل مركز قيادتها إلى بلد خليجي آخر.
كما صرح وزير خارجية النظام السعودي سعود الفيصل [بتاريخ الأربعاء 26/9/2001 م]؛ أن دولته ستقوم بالتزاماتها وأن "مكافحة الإرهاب" يجب ألا تقتصر على اعتقال مرتكبي الانفجارات، بل يجب أن تشمل البنية التحتية التي تساعد الإرهابيين!.
[6] لعل من اخطر تلك الفتاوي التي بررت الحرب الصليبية بل دعت المسلمين للمشاركة في قتل اخوانهم المسلمين هي الفتوى التي اشادت بها ووزارة الخارجية الأمريكية في بيانها الصادر بتاريخ 19/10/2001 م بعنوان "علماء مسلمون يرفضون دعوة بن لادن إلى الجهاد ضد الأميركيين" والذي جاء فيه: (. . . أصدر ستة من علماء الإسلام في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 27 أيلول/سبتمبر فتوى تقول؛ إنه بموجب "الشريعة الإسلامية، فإن أعمال الإرهاب تعتبر حرابة، أي شن حرب ضد المجتمع".
والعلماء هم؛ الشيخ يوسف القرضاوي، كبير العلماء ورئيس مجلس السنة والسيرة في قطر؛ القاضي طارق البشري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة في مصر؛ الدكتور محمد العوا، أستاذ القانون المقارن والشريعة في مصر؛ الدكتور هيثم الخياط، العالم الإسلامي في سورية؛ السيد فهمي هويدي، العالم الإسلامي في مصر؛ الشيخ طه جابر العلواني، رئيس المجلس الأعلى في أميركا الشمالية. . .) اهـ النقل من بيان وزارة الخارجية الأمريكية.
ونُشرت الفتوى المذكورة كاملة في جريدة "الشرق الأوسط" [بتاريخ 8/10/2001 م] ومما جاء فيها: (. . . فاننا نرى ضرورة البحث عن الفاعلين الحقيقيين لهذه الجرائم، وعن المشاركين فيها بالتحريض والتمويل والمساعدة، وتقديمهم لمحاكمة منصفة تنزل بهم العقاب المناسب الرادع لهم ولأمثالهم من المستهينين بحياة الابرياء وأموالهم والمروعين لأمنهم. . . وهذا كله من واجب المسلمين المشاركة فيه بكل سبل ممكنة. . . والخلاصة انه لا بأس ان شاء الله على العسكريين المسلمين من المشاركة في القتال في المعارك المتوقعة ضد من يُظَنُّ انهم يمارسون الإرهاب أو يؤوون الممارسين له ويتيحون لهم فرص التدريب والانطلاق من بلادهم، مع استصحاب النية الصحيحة!! على النحو الذي أوضحناه، دفعاً لأي شبهة قد تلحق بهم في ولائهم لأوطانهم. . .) اهـ.
[8] يستند اليهود في سعيهم لإقامة ما يسمى بـ " إسرائيل الكبرى " إلى نص في التوراة التي بين أيديهم، مخاطبا إبراهيم عليه السلام: (لنسْلِكَ أُعطي هذه الأرض، من نهر الفرات إلى نهر مصر الكبير) [التكوين: 12].
[9] يقول الاستاذ سيد قطب رحمه الله: (والنصر قد يبطىء على الذين ظُلموا وأخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا؛ ربنا الله، فيكون هذا الإبطاء لحكمة يريدها الله:
قد يبطىء النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها, ولم يتم بعد تمامها، ولم تحشد بعد طاقاتها، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات، فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكا لعدم قدرتها على حمايته طويلا.
وقد يبطىء النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخر ما تملكه من رصيد، فلا تستبقي عزيزا ولا غالبا، لا تبذله هينا رخيصا في سبيل الله.
وقد يبطىء النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من اللهلا تكفل النصر، إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله.
وقد يبطىء النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله، وهي تعاني وتتألم وتبذل ; ولا تجد لها سندا إلا الله، ولا متوجها إلا إليه وحده في الضراء، وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله، فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله.
وقد يبطىء النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه، أو تقاتل حمية لذاتها، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها، والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله، بريئا من المشاعر الأخرى التي تلابسه. . .
كما قد يبطىء النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصا، ويذهب وحده هالكا، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار.
وقد يبطىء النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما، فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصارا من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله،فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة، فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عاريا للناس، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية.
وقد يبطىء النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة، فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار، فيظل الصراع قائما حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر، ولاستبقائه.
من أجل هذا كله، ومن أجل غيره مما يعلمه الله، قد يبطىء النصر، فتتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام، مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.
وللنصر تكاليفه وأعباؤه حين يتأذن الله به بعد استيفاء أسبابه وأداء ثمنه، وتهيؤ الجو حوله لاستقباله واستبقائه {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}، فوعد الله المؤكد الوثيق المتحقق الذي لا يتخلف هو أن ينصر من ينصره. . .) [الظلال/تفسير الآية 40 من سورة الحج].
[10] يقول الشيخ أبو طلال القاسمي عن خدعة الديمقراطية والبرلمانات: (إننّا نعلم أن جميع الأنظمة الحالية والتي تمكّنت على رقاب المسلمين لم تكن قط لتسمح لأيّ تيّار إسلامي بالدخول في اللعبة الحزبيّة ولعبة البرلمانات حبّاً منها للإسلام وللمسلمين، ولكن لها في ذلك غرض خبيث يعلمه الجميع، وهذا المكر منهم وهذه الخديعة قد علمها العقلاء من الناس، وتبقى خطورته قائمة طالما أنّ الحركة الإسلامية لم تعِ خطورة هذا المكر، والكيد الأخطر من هذا والأعجب أن تنظر الحركة الإسلامية إلى هذا المكر على أنّه ضرب من ضروب الصيانة ونوع من أنواع الرعاية! رغم أنّ حقيقة ما بين الحركة الإسلامية والأنظمة العلمانية هو التناقض الصارخ - تناقض على مستوى الاعتقاد والمفاهيم والقيم على كافة المستويات والمجالات؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية - وسبب هذا التناقض أنّ المنهج الذي تحمله الحركة الإسلامية وتشكّل وفق اعتقادها وقناعاتها، ويحكم تصرّفاتها؛ هو الإسلام، والإسلام لا يتّفق والمنهج الذي تحمله هذه الأنظمة الحاكمة، وتشكّل به مفاهيمها وحركاتها وهو؛ العلمانيّة، والعلمانية تعتمد في صراعها مع الحركة الإسلامية على أسلوبين، وهما نفس الأسلوبين اللذين كانت الجاهلية القديمة تتصدّى بهما للمسلمين الأوائل، وهما؛ إمّا التصفية القائمة على الصدام، وإمّا محاولة احتوائها داخل أنظمتها ومؤسّساتها.
والتاريخ يشهد أنّ الجاهلية إذا كانت تملك من القوة ما يجعلها تسعى لاستئصال الإسلام والمسلمين فإنّها لا تتردّد في ذلك لحظة حماية لعروشها وسلطانها، وإن أعياها ذلك لضعف أو لحاجة في نفسها عند ذلك تبدأ الألاعيب والخداع، وصور ذلك معلومة منها فتح المجال لدخول البرلمانات، وسرعان ما يظهر المخبوء ويحلّ محلّها السجن والإعدام متى انتهت الحاجة، أو وجدت هذه الأنظمة القوّة لذلك.
والحركة الإسلامية أصبحت الآن بفضل الله تعبّر عن ضمير الشعوب الإسلامية بانتشار أفكارها ونفاذها إلى كلّ بيت، مما يجعل من عملية التصدّي لها والإجهاز عليها من قبل هذه النظم مسألة في غاية الصعوبة، فإذا أضفنا إلى ذلك أنّ هذه النظم أصبحت في حالة ضعف وانهيار نتيجة اشتداد الأزمات خاصّة الاقتصاديّة مما يجعل عملية القضاء على الفكرة الإسلامية في ظلّ هذا الضعف لا يمكن أن تتم إلا على أنقاض هذه النظم، وهنا تضطرّ هذه النظم وتلجأ إلى المكر والخديعة في استبعاد الإسلام، ولكن بطريقة هادئة بعيدة عن السخط والضجيج والصدام؛ وذلك عن طريق استدراجه إلى الدخول في مؤسّساته الرسميّة مع وضع القيود الكافية التي لا تسمح له بأن يكون خطراً على بقائها، هذه تمثيلية تستهدف استبعاد الإسلام، ولكن بطريقة تخدّر أعصاب المتحمّسين له في انتظار الأغلبيّة! وأين هي هذه الأغلبيّة؟!
وللأسف الشديد موضوع هذه اللعبة وتكرار تمثيلها في كثير من البلدان الإسلامية، ورغم النهايات المأساوية التي أسفرت عنها هذه التجارب والتي كان أكثرها من تخطيط وتنفيذ المخابرات الأمريكية وعملائها - وأكبر مثال على ذلك؛ تركيا والجزائر - إلا أنّ بعض المنتسبين للحركة الإسلامية - وللأسف الشديد - لم يعتبروا بهذا، بل وجدنا البعض منهم يعلن؛ أنّ دخول البرلمانات التشريعية هو السبيل الوحيد والصحيح لإقامة الإسلام!) [عن مجلة نداء الإسلام].
[11] قال الشيخ أسامة حاكيا ما جرى في تورابورا: (. . . تلك المعركة العظيمة التي انتصر فيها الإيمان على جميع القوى المادية لأهل الشر بالثبات على المبدأ بفضل الله سبحانه وتعالى، وسأذكر لكم طرفا من تلك المعركة العظيمة للتدليل على مدى جبنهم من جهة ومدى فعالية الخنادق في استنزافهم من جهة أخرى.
فقد كان عددنا يصل إلى ثلاثمائة مجاهد، وكنا قد حفرنا مائة خندق منتشرة في مساحة لا تزيد عن ميل مربع، بمعدل خندق لكل ثلاثة اخوة، حتى نتلافى الإصابات البشرية الكبيرة من القصف، وقد تعرضت مراكزنا منذ الساعة الأولى للحملة الأمريكية في العشرين من رجب لعام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين للهجرة الموافق السابع من أكتوبر لسنة ألفين وواحد ميلادية لقصف مركز ثم استمر ذلك القصف بشكل متقطع إلى منتصف رمضان وبعدها في صبيحة السابع عشر من رمضان بدأ قصف شديد جدا وخاصة بعد ما تأكدت القيادة الأمريكية بوجود بعض قيادات القاعدة في تورابورا بما فيهم العبد الفقير والأخ المجاهد الدكتور أيمن الظواهري، وأصبح القصف على مدار الساعة فلم تكن تمر علينا ثانية بدون طائرات حربية فوقنا ليلا أو نهارا حيث تفرغت غرفة قيادة وزارة الدفاع الأمريكية مع جميع القوى المتحالفة معها لنسف وتدمير هذه البقعة الصغيرة وإزالتها من الوجود، فكانت الطائرات تصب حممها فوقنا وخصوصا بعد أن أنهت مهماتها الأساسية في أفغانستان، وكانت القوات الأمريكية تقصفنا بالقنابل الذكية والقنابل ذات آلاف الأرطال والقنابل العنقودية وكذلك كانت القنابل الخارقة للكهوف، وقد كانت قاذفات القنابل كطائرات "بي اثنين وخمسين" تحوم الواحدة منها لأكثر من ساعتين فوق رؤوسنا وترمي في كل دفعة من عشرين إلى ثلاثين قنبلة، وكانت طائرات "السي مئة وثلاثين" المعدلة ترمينا ليلا بالأبسطة المتفجرة وغيرها من القنابل الحديثة.
ورغم ذلك القصف الهائل مع الإعلام الدعائي الرهيب الذين لم يسبق لهما مثيل على مثل هذه البقعة الصغيرة المحاصرة من جميع الجهات بالإضافة لقوات المنافقين التي دفعوها لقتالنا لمدة نصف شهر متصل والتي صددنا موجاتهم اليومية كلها بفضل الله سبحانه وتعالى وأرجعناهم في كل مرة مهزومين يحملون قتلاهم وجرحاهم، رغم ذلك كله ما تجرأت القوات الأمريكية على اقتحام مواقعنا، فأي دلالة أظهر من ذلك على جبنهم وخوفهم وكذبهم في أساطيرهم المدعاة لقواهم المزعومة.
خلاصة المعركة؛ الفشل الهائل الذريع لتحالف الشر العالمي بجميع قواه على مجموعة صغيرة من المجاهدين، على ثلاثمائة مجاهد في خنادقهم داخل ميل مربع في درجة حرارة بلغت عشر درجات تحت الصفر، وكانت نتيجة المعركة إصابتنا في الأفراد بست في المائة تقريبا -نرجوا الله أن يتقبلهم في الشهداء- وأما أصابتنا في الخنادق فكانت بنسبة اثنين في المائة والحمد لله) اهـ النقل من رسالته الأولى إلى أهل العراق.
[12] يقول الشيخ عبد الله عزام عن تجربة الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي: (هذه شاهدة أمامكم، أقوى قوة في الأرض أمام أضعف شعب مسلم في الأرض يخوض هذا الشعب لعشر سنوات متواصلة حربا طاحنة ضروسا وقتالا مريرا لم يتوقف لحطة. إن القتال عبر عشر سنوات مرت بها أفغانستان كالطواف بالكعبة تماما. فكما أن الطواف بالكعبة لم يتوقف طوال هذه السنوات العشر لحظة واحدة كذلك الجهاد في أفغانستان لم يتوقف لحظة. ومع ذلك لو خاضت روسيا حربا ضد ألمانيا إو ضد فرنسا أو ضد بريطانيا كم ستقف أمامها هذه الدول؟ هل تقف أمامها أسبوعا واحدا؟! ومع ذلك وقف هذا الشعب باعتماده على ربه وبتوكله على خالقه وبانطلاقه من بين طيات كتابه. وقف شامخ الرأس عالي الهمة لا يطأطيء رأسا ولا عنقا إلا لخالقه، ولا يذل إلا لبارئه، فأثبت للدنيا كلها أن الإسلام أقوى من الأرض كلها، وأثبت أن المسلم أعز إنسان فوق هذه المعمورة. والله أيها الإخوة! عندما أرى هذا المثال الحي، هذه التجارب الضخام، هذه المعارك العظام التي دارت فوق ذرى الهندوكوش وفق سفوح جبال سليمان وعلى أحواض هاري رود والهلمند وجيحون لا يكاد المرء يصدق أن هذا كان وقائع حية تسري وتجري فوق هذه الأرض ، ويظنه ضربا من الخيال تدركه الأشواق وتقصر دونه الأفعال. . . لقد تحرك المارد وانطلق من القمقم ولا مجال لارجاعه مرة أخرى، لا سلطة لأمريكا ولا سلطة لمجلس الأمن، لا سلطة للغرب ولا سلطة لأحد. . . ولا يوقظ الأمم مثل قعقعة الرصاص ومثل الدم الحار المدرار ومثل الشهداء والجرحى على طول الطريق. . .) [كتاب بشائر النصر].
[13] يقول الشيخ أبو عمر السيف عن انتصارات المجاهدين في الشيشان في حربهم الأخيرة ضد الروس الملاحدة: (وفي الشيشان استطاع إخوانكم المجاهدون بفضل الله تعالى أن يكبدوا القوات الروسية خسائر كبيرة في الجنود والعتاد وقد أعلنت إحدى الجمعيات الروسية وهي جمعية أمهات الجنود الروس أن عدد القتلى بلغ؛ 11500 من الجنود الروس، وقد صرح أحد السياسيين الروس بأن العدد أكبر من هذا) [من مقال للشيخ بعنوان "حال الأمة الإسلامية والإرهاب المفقود"، ذي الحجة 1423هـ].
[14] اقتحمت شاحنة معبأة بالمتفجرات في 23 من تشرين الأول، عام 1983م، مقر مشاة البحرية الأميركية -المارينز- قرب مطار بيروت الدولي، وقتل في الانفجار 241 من المارينز، يقول بوب جوردان، الناطق باسم المارينز حاكيا ما شاهده من اثار الانفجار: (ما رأيته ذكرني بانفجار بركان جبل "هيلين" في ولاية واشنطن الأميركية، غطى غبار رمادي كل شيء على مرمى البصر، كان كل شيء على امتداد البصر رمادياً، كل شيء، جذوع الأشجار كانت بارزة من بين الأنقاض، شظايا المعدات علقت في أشجار النخل، كان بإمكاننا رؤية برج مطار بيروت الدولي، قبل الانفجار لم يمكن رؤيته بسبب مقر المارينز الكبير، بل الضخم، الذي تحول إلى ركام على علو طابق واحد. عندما دققت النظر تبين لي أن ما ظننتها جذوع أشجار يسيل منها سائل أحمر، كانت الجذوع أشلاء أجساد المارينز) [عن برنامج حرب لبنان، ج 11، الذي بثته قناة الجزيرة بتاريخ 23/12/1421هـ].
وقد تزامن هذا الهجوم مع هجوم آخر استهدف مقر المظليين الفرنسيين في بيروت، قتل على اثره قرابة خمسون منهم.
[15] يقول الشيخ أسامة بن لادن: (ونحن نعتقد أن أميركا أضعف بكثير من روسيا، ومما بلغنا من أخبار إخواننا الذين جاهدوا في الصومال، وجدوا العجب العجاب من ضعف الجندي الأميركي، ومن هزالة الجندي الأميركي، ومن جبن الجندي الأميركي، ما قتل منهم إلا ثمانون فروا في ليل أظلم لا يلوون على شيء، بعد ضجيج ملأ الدنيا عن النظام العالمي الجديد) [مقابلة مع قناة الجزيرة، عٌرضت عام 1418هـ].
[16] جاء في تقرير صادر عن مكتب برامج الإعلام الخارجي الأمريكي في10/9/2001م بعنوان "بيان حقائق مسلسل الأحداث في الحملة ضد الإرهاب" : (25 حزيران-يونيو/1996، اقتيدت شاحنة مفخخة بالقنابل وصُدمت بثكنة للقوات الأميركية في الخبر بالمملكة العربية السعودية، ما أدى إلى مقتل 19 عسكريا أميركيا).
[17] جاء في تقرير مكتب برامج الإعلام الخارجي الأمريكي المشار إليه سابقا: (آب-أغسطس 1998؛ هاجم انتحاريون ينتمون إلى أسامة بن لادن في شاحنات مفخخة السفارتين الأميركيتين في نيروبي، بكينيا، ودار السلام، بتنزانيا. وأسفر الهجومان عن مقتل 213 شخصا وإصابة آلاف آخرين في كينيا. . . ومقتل أحد عشر شخصا في تنزانيا. وقد ألقت الشهادات التي أُدلي بها أثناء محاكمة مرتكبي العمليتين في شباط-فبراير من عام 2001 ضوءا جديدا على جهود بن لادن ومنظمته الإرهابية، القاعدة، للحصول على أسلحة دمار شامل من مصدر في الخرطوم بالسودان، إما في أواخر عام 1993 أو في أوائل عام 1994).
[18] جاء في تقرير مكتب برامج الإعلام الخارجي الأمريكي المشار إليه سابقا: (تشرين الأول-أكتوبر/2000؛ هاجم إرهابيون مرتبطون ببن لادن المدمرة يو إس إس كول التابعة لسلاح البحرية الاميركية في ميناء عدن اليمني. وقد أدى الهجوم إلى مقتل 17 من أفراد طاقم المدمرة وإصابة 42 آخرين).
[19] جاء في تقرير مكتب برامج الإعلام الخارجي الأمريكي المشار إليه سابقا: (11/أيلول-سبتمبر/2001؛ اختطف إرهابيون أربع طائرات ركاب أميركية. وقد ارتطمت اثنتان منهما ببرجي مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، ما أدى إلى مقتل حوالى 6000 مدني، وكان بين الضحايا رعايا من ثمانين دولة أخرى غير الولايات المتحدة، وحُطمت الطائرة الثالثة بصدمها بمبنى البنتاغون في واشنطن العاصمة، مما أسفر عن مقتل حوالى 180 شخصاً. أما الطائرة المختطفة الرابعة فسقطت في بنسلفانيا مما أدى إلى مقتل جميع الركاب الـ 38 وجميع أفراد طاقم الطائرة السبعة. وأظهرت التحقيقات التي تلت ذلك وجود علاقة بين خاطفي الطائرات الأربع وأسامة بن لادن).
[20] أكد رئيس جهاز العمليات في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، جايمس بافيت أن هجمات "11 سبتمبر" لم يكن من الممكن تجنبها. وقال في محاضرة ألقاها بواشنطن؛ (غالبا ما يسألونني ألم يكن ممكنا تجنب تلك الاعتداءات الرهيبة؟ وبلغة الاستخبارات ما زلت على الصعيد الشخصي مقتنعا، بالنظر إلى ما كنا نعرفه في ذلك اليوم، بأن الجواب مع الأسف هو؛ لا!)، وأضاف نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية المسؤول عن العمليات؛ (الواقع هو أننا -نحن والحكومة- رغم كل ما قمنا به كنا غير قادرين على اكتشاف المعلومة الأساسية، من؟ وأين؟ وكيف؟ ومتى؟ التي كانت ستوفر لنا صورة واضحة عن هذه المؤامرة) [عن تقرير لقناة الجزيرة بتاريخ 21/11/1423هـ].
وقال النائب ساكسبي شامبليس رئيس مجموعة الإرهاب والأمن الداخلي في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي؛ (إن تلك الهجمات تمثل فشلا ذريعا لأجهزة الاستخبارات). وأعرب عن أسفه بالقول؛ (اكتشفنا بعد 11 سبتمبر أن عملاء تنظيم القاعدة كانوا يقومون بأنشطتهم بحرية تامة في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وفي جنوب شرق آسيا, وهذا ما يكشف وجود ثغرات إستراتيجية) [عن تقرير لقناة الجزيرة بتاريخ 28/6/1423هـ].
[22] قال الإمام حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله: (وكما أن المحكم للقوانين الوضعية كافر. . . فإن المشرع للقوانين والواضع لها كافر أيضا، لأنه بتشريعه للناس هذه القوانين صار شريكا لله سبحانه وتعالى في التشريع، قال تعالى؛ {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} [الشورى: 21] وقال تعالى؛ {ولا يشرك في حكمه أحدا} [الكهف:26]، وقال عز وجل؛ {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} [التوبة: 31]، ولهذا لما سمع عدي بن حاتم هذه الآية قال؛ يا رسول الله! إنا لسنا نعبدهم! فقال صلى الله عليه وسلم؛ "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه ؟" قال؛ بلى، قال؛ "فتلك عبادتهم" [رواه الترمذي]. فتبين من الآية الكريمة من حديث عدي بن حاتم أن التحليل والتحريم والتشريع من خصائصه سبحانه وتعالى، فمن حلل أو حرم أو شرع ما يخالف شرع الله فهو شريك لله في خصائصه)، ثم قال: (وبذلك يتبين أن الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى يقع في الكفر من جهة أو جهتين؛ الأولى؛ من جهة التشريع إن شرع. الثانية؛ من جهة الحكم إن حكم) [فتوى بتاريخ 10 / 2 / 1422 هـ].
[23] قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء:141]. فالحاكم إذا كفر، أجمع العلماء على وجوب الخروج عليه وخلعه، قال النووي رحمه الله: (قال القاضي عياض؛ أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل) [شرح صحيح مسلم 12/229].
أما الحاكم الظالم الفاسق، فيجب الخروج عليه وخلعه ان قدر على ذلك، قال ابن حجر رحمه الله: (نقل ابن التين عن الداودي، قال؛ الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب، وإلا فالواجب الصبر. وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداءً، فإن أحدث جوراً بعد أن كان عدلاً فاختلفوا في جواز الخروج عليه، والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه) [الفتح 13/11]، وقال الجويني رحمه الله: (إذا جار الوالي وظهر ظلمه وغشمه، ولم يرعو عما زجر عن سوء صنيعه، فلأهل الحل والعقد التواطؤ على درئه ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب) [أصول الاعتقاد]، للاستزادة انظر رسالة "فصلُ الكلامِ في مسألةِ الخروجِ على الحكامِ" للشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة.
[25] يقول الشيخ أسامة: (. . . مسألة أخرى من دلالات هذا الحدث الظاهر؛ أكدت بشكلٍ واضح جلي ما ينبغي لمسلم ولا عاقل بعده؛ أن يذهب إلى الأمم المتحدة، وأما المسلمون فشرعاً لا يجوز أن يتحاكموا إلى هذه الأنظمة الكفرية الوضعية، ولكن نقول عن العقلاء من غير المسلمين أيضاً هم لا يذهبون، فهذه كوريا الشمالية – مثلاً - هل يوجد عاقل - ولو كان كافراً - يذهب إلى محكمة القاضي فيها؛ إن كان الحكم علينا ضربنا ضرباً شديداً موجعاً تحت ما يسمى زوراً وبهتاناً بـ " الشرعية الدولية "، وإن كان الحق لنا؛ تستخدم أميركا حق الفيتو! فلا يذهب إلى هناك مسلم أصلاً لأن هذا يتنافى مع الإيمان، ولا يذهب عاقل ولو كان كافراً، والذين يكثرون من الحديث عن الأمم المتحدة، وقرارات الأمم المتحدة؛ إما هم لا يفقهون دينهم، أو هم يريدون أن يخذلوا ويخدروا الأمة بتعليق آمالهم على سرابٍ وهوان وأوهام، ولا حول ولا قوة إلا بالله) [مقابلة مع قناة الجزيرة، نشرت عام 1418هـ].
[26] قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: (إعلم رحمك الله تعالى؛ أنّ أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت ، والإيمان بالله. . . فأمّا صفة الكفر بالطاغوت؛ أن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها، وتكفِّر أهلها وتعاديهم) [رسالة في معنى الطاغوت].
[27] يقول الشيخ أبو محمد المقدسي: (بقي أن يعرف الموحد الموقف من هؤلاء العلماء الضالّين المجادلين عن الحكومات النائمين في أحضانها والراضعين من ألبانها، فاسمع هداك الله للحق الذي نعتقده وندين الله به ولا يهمّنا معه لومة لائم أو طعن طاعن أو كذب مفتري، الحق؛ أن يُهجروا ولا يطلب العلم عندهم ولا يستفتون ابتداءً، لأن هذا العلم كما يقول بعض السّلف؛ "دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم"، بل الواجب وعظهم وهجرهم حتى يرتدعوا ويقلعوا عن مداهنة السلاطين والركون إليهم والجدال عنهم. وأمامهم إحدى طريقين؛
إما الصدع والبيان وإظهار الحق للأمة وكشف زيوف الطّغاة وتعريتهم، وهي أعلى المراتب، ولا شك أن دونها الأذى والبلاء، ولكن وراءها الفوز والفلاح والجنان، وفيها النصح للأمة وإظهار لدين الله حق الإظهار. . .
فإن ضعفوا عن مثل هذه المرتبة العلية، فليعتزلوا هذه الحكومات ولا يساهموا – على أقل الأحوال - بالتّلبيس والتّدليس والإضلال، ولا يشاركوا في إعطائها الصّبغة الشرعية، أمّا إذا أصرّوا وبقوا على حالهم الممسوخ الممقوت ذاك، فالواجب هجرهم، وعدم التعامل معهم، أو استفتائهم، خصوصاً في مسائل السياسة الشرعية وقضايا الجهاد والحكام، وهذا ليس بدعاً من القول، فهذه طريقة السّلف، إذ كم تكلّموا في رواية من كان يقبل جوائز السلطان أو يفد على السلطان، وكم طعنوا وجرحوا من تولّى ولاية عند السلطان، وأي السلاطين؟ سلاطين الجور فقط، فكيف بسلاطين الكفر والشرك والإلحاد؟. . . وأكثر هؤلاء العلماء متساقطون في أحضان الطّغاة وحكوماتهم، فلا يعقل أن يسألوا أو يُستفتوا في شؤون السياسة الشرعية والحكم والحكّام أو عن المشاركة في شرطة الطّغاة أو جيوشهم وبرلماناتهم ونحو هذا، فليحذر من فتاويهم في هذا الباب، هذا أقل ما ينبغي على المسلم تجاههم، وإلا فالواجب كما قلنا من قبل هجرهم وهجر حلقاتهم حتّى يرتدعوا ويعتزلوا الحكومة على أقل الأحوال) [الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية].
[28] يقول العلامة عبد القادر بن عبد العزيز: (ونحن نرى في زماننا هذا الحكام المرتدين في شتى البلدان قد اصطنع كل منهم طائفة من المشايخ هو يخلع عليهم الألقاب الفضفاضة، كأصحاب الفضيلة والسماحة، تلبيساً على العامة لترويج باطلهم، وهم يخلعون عليه خِلعة الإيمان والشرعية الإسلامية تضليلا للعامة، فهؤلاء المشايخ وأمثالهم لاشك في كفرهم وردتهم لقوله تعالى؛ {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة : 51]، ولرضاهم بالكفر، ولعدم تكفيرهم للحكام الكافرين الذين دَلّ الدليل على كفرهم) [الجامع في طلب العلم الشريف].
[29] يقول الشيخ ايمن الظواهري: (. . . ونوع آخر من المفتين يدعون إلى طاعة أولياء الأمور، وفي نفس الوقت يعتبرون المجاهدين دعاة فتنة! وهم قد أجازوا الاستعانة بالأمريكان، وباعتبار جيوشهم الجرارة التي سدت الأفق وأساطيلهم الجبارة التي ضاق عنها البحر والتي بلغت مئات الألوف من الجنود الغزاة من المستأمنين! ولا ندري من الذي يؤمن من؟ وصدرت منهم فتاوى جماعية بجواز الاستعانة بالقوات الأمريكية لمواجهة النظام البعثي العراقي بدعوى الضرورة، بل وأسبغوا الشرعية على وجود جحافل الكفار الغازية لأقدس بقاع المسلمين، وقد مر على وجود هذه القوات حتى الآن قرابة اثني عشر عاماً بعد انسحاب العراق واستسلامه، قتلت فيها تلك القوات – بالحصار- قرابة مليون ونصف مليون طفل في العراق دون أن ينطق هؤلاء الموظفون بكلمة واحدة في هذا الشأن.
والأمر ليس أمر استعانة بقوات الكفار ضد قوات صدام البعثية، بل الأمر أمر احتلال لمنابع النفط في جزيرة العرب. فلم يكن هناك ضرورة لإحضار الأمريكان، فإن جيوش الدول العربية والإسلامية كان فيها الكفاية والغنى لحماية الكويت أو تحريرها. ولكن هؤلاء الحكام لا إرادة لهم، بل هم صنيعة المخططات البريطانية التي رسمت لهم حدودهم، ونصبتهم على عروشهم، ثم ورث الأمريكان النفوذ البريطاني، وأصبح لهم الأمر والنهي على كل حكام الجزيرة العربية وسائر العالم العربي) [الولاء والبراء؛ عقيدة منقولة وواقع مفقود].
[30] قال القرطبي في تفسيرها: (هي أمرٌ للنبيّ بالإعراض عن المنافقين وبالجدّ في القتال في سبيل الله، وإن لم يساعده أحد على ذلك) [الجامع لأحكام القرآن 5/293].
[31] يقول الشيخ عبد الله عزام في كتابه " الدفاع عن أرضي المسلمين" بعد ذكره للادلة على أن الجهاد صار فرض عين في زماننا: (. . . لقد تبين فيما سبق أنه إذا اعتدي على شبر من أراضي المسلمين فإن الجهاد يتعين على أهل تلك البقعة وعلى من قرب منهم، فإن لم يكفوا أو قصروا أو تكاسلوا؛ يتوسع فرض العين على من يليهم، ثم يتدرج فرض العين بالتوسع حتى يعم الأرض كلها شرقا وغربا. وفي هذه الحالة لا إذن للزوج على زوجته وللوالد على ولده وللدائن على مدينه، وعليه؛
1- فإن الإثم باق في رقاب المسلمين جميعا ما دامت أي بقعة كانت إسلامية في يد الكفار.
2- يزداد الإثم طرديا حسب القدرة والإمكانية والطاقة، فإثم العلماء والقادة والدعاة البارزين في مجتمعاتهم أشد من إثم الدهماء والعامة.
3- إن إثم تقاعس جيلنا عن النفير في القضايا المعاصرة. .. أشد من إثم سقوط الأراضي الإسلامية السابقة والتي عاصرتها أجيال مضت) اهـ
[32] من الشبه التي يلقيها المثبطون عندما يقال لهم؛ " أن الجهاد صار فرض عين، ويتعين على كل مسلم النفير لتحرير بلاد المسلمين المسلوبة " ؛ شبهة ان خروج المسلمين جميعا للجهاد يعني تعطيل مسيرة الحياة في باقي البلاد الإسلامية!
يقول الشيخ عبد الله عزام ردا على هذه الشبهة: (يرى بعض الناس أن النفير -كما يطلب الإسلام بحيث تخرج المرأة دون إذن زوجها والولد دون إذن والده- هذا أمر عسير جدا لأسباب؛
1- إن أية بقعة إسلامية لا تتسع لعشر معشار المسلمين.
2- إن هذا يؤدي إلى الإخلال بعملية التربية الإسلامية التي تعتبر الأمل بإذن الله -عزوجل- في إنقاذ الأمة.
3- إن هذا يؤدي إلى عملية تفريغ للبقاع الإسلامية إذ كل واحد يأتي للجهاد في فلسطين أو أفغانستان إنما يترك ثغرة للشيوعيين والبعثيين والقوميين والعلمانيين في بلده.
الجواب؛ لو طبق المسلمون أمر ربهم ونفذوا حكم شريعتهم في النفير أسبوعا واحدا لفلسطين، فإن فلسطين ستتطهر نهائيا من اليهود وكذلك في أفغانستان لا يطول الأمر لو نفرت الأمة، وعندئذ لا تشغر أماكن الدعاة ولا تتدمر بيوتهم بخروج نسائهم. ولكننا ننتظر في كل مرة ونبقى ننظر إلى الإقليم الإسلامي الذي وقع تحت سيطرة الكفار حتى يبتلع ثم نؤبنه بخطب رنانة ودموع هتانة وحوقلات حرى وتأوهات كثيرة.
إننا نفكر بالإسلام تفكيرا إسلاميا قوميا، فلا تتعدى نظراتنا الحدود الجغرافية التي رسمتها لنا معاهدة سايكس-بيكو، أو خطها جون أنطون البريطاني أو الفرنسي) [الدفاع عن أرضي المسلمين].
[33] والحديث كاملا: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل).
[34] يقول مشايخ الجهاد: (. . . حث الله سبحانه المسلمين على الجهاد بأموالهم في سبيل الله ، فقال تعالى {وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} [التوبة:41]، وقال تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة:111]، وروى أحمد وأبو داود عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال؛ "جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم"، وما ذلك إلا للأثر العظيم للمال على الجهاد، وكما أن بذل المال للمجاهدين جهاد فإن منعه عن الكفار إذا تقوّوا به في حربهم على المسلمين جهاد أيضاً، بل هو آكد من الأول لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذا النوع من الجهاد عمل به النبي صلى الله عليه وسلم كما في حصاره لبني النضير وقطعه وتحريقه لنخيلهم، وفعَله الصحابة رضي الله عنهم أيضاً بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم -كمنع ثمامة بن أثال رضي الله عنه الميرة عن كفار مكة- والأمثلة كثيرة على هذا النوع من الجهاد.
ومن المعلوم لدى الجميع أن قوام قوات أمريكا الصليبية وغيرها من دول الكفر يعتمد على اقتصادها، ومتى ضعف اقتصادها ضعفت قوتها.
لذلك نحث جميع المسلمين على المقاطعة الشاملة لجميع المنتجات الأمريكية والبريطانية وغيرهما من دول الكفر المحاربة للمسلمين، والبدائل عنها بحمد الله موجودة، وفي هذا إسهام من المسلمين في جهاد أعداء الله وإضعاف لهذه الحملة الصليبية ومناصرة لإخوانهم المجاهدين، بل هو متأكد في حق جميع المسلمين لإضعاف العدو الأول الذي سام المسلمين في كل مكان سوء العذاب، فعلى المسلمين أن يبادروا في تجديد هذه الدعوة، والتطبيق للمقاطعة الشاملة التي هزت الاقتصاد الأمريكي خلال العام الماضي بفضل الله ثم بفضل مقاطعة شريحة كبيرة من المسلمين لمنتجاتها. ونكرر دعوتنا للمسلمين جميعاً بكل طبقاتهم وجنسياتهم أن يعملوا على مقاطعة هذا العدو الذي يتربص بالمسلمين الدوائر. . .) اهـ النقل من بيان في الحث على المقاطعة، وقع عليه كل من المشايخ؛ الشعيبي والخضير والجربوع والفهد.
[35] قال تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير} [ال عمران:28]، قال الطبري: (ومعنى ذلك؛ لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهراً وأنصاراً، توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني بذلك فقد برىء من الله وبرىء الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر) [تفسير الطبري ج5، ص337].
[36] يقول الشيخ سليمان بن ناصر العلوان: (وإن المتأمل للآيات القرآنية يجد أن المال مقدم على النفس في كل آي القرآن سوى موضع واحد، وهو قوله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة:111]، وهذا يدل على عظيم أمر الجهاد بالمال، وأنه يجب على القادر عليه كما يجب على القادر بالبدن، وقد يكون - في وقت - الجهاد بالمال أهمَّ وآكد من الجهاد بالنفس، فإن الجهاد يتطلب أموالاً باهضة ونفقات هائلة وثروات طائلة، لا سيما في عصرنا الراهن ووقتنا الحالي، فإن الجيش يحتاج إلى تغطية نفقاته المختلفة ومشاريعه المتعددة ، ولذلك شرع الإسلام موارد مالية لهذا الغرض العظيم والوظيفة العظمى والمهمة الكبرى، وعَدَّدَ تلكم الموارد؛ لكي تظل الأموال تتدفق على القوة العسكرية بجزالة وسخاء وفاءً بجميع متطلباته، كي لا تضعف ميزانية الجيش، والتي متى ما ضعفت كانت عاملاً كبيراً لضعف القوة العسكرية الإسلامية وعجزها، بل وهزيمتها ومن ثم تختل قوة الإسلام وتقوى قوة الكفر، ولا يقتصر ذلك على جهاز الجيش وقواته فقط، ولكن تمتد لتتناول كيان الأمة كلها في مواجهة عدوّها الداخلي أو الخارجي، ولأجل ذلك جاءت السياسة الشرعية والكفيلة بمصالح العباد في جميع شؤونهم الحياتية بتعدد الموارد المالية لجميع احتياجات الجيش ومتطلباته، الذي هو الكفيل بعد توفيق الله تعالى وتسديده بأن يسد أي نافذة تُنفذ منها إلى كيان الأمة، أو درعها الحصين، وتواترت نصوص الكتاب والسنة تواتراً قطعياً على وجوب بذل الأموال للجهاد والمجاهدين ، حفظاً للأمن والاستقرار، ونشراً للوعي الإسلامي، والدين الحنيف. . . والرايات الجهادية في هذا العصر، عصر التكنلوجيا، عصر أسلحة الدمار الشامل، في إخفاق شديد من الموارد المالية، ويعانون إعصاراً شديداً من قلة القوة العسكرية اليوم. ونحن نستحث المسلمين على مناصرة المجاهدين والوقوف في صفهم، وبذل المال لمواصلة المسيرة، ومصارعة قوى الكفر، ورفع رايات التوحيد، وتثبيت دور المسلمين الحضاري في العالم، وإن المسلم - بعيداً عن الإنفاق في مواطنه - لن يكون إلا لقمة سائغة للصليبيين) [فتوى في دفع الزكاة للمجاهدين، بتاريخ 26/12/1423هـ].
[37] وهذا ما اعترف به قادة التحالف الصليبي مؤخرا، فقد صرح رئيس قوات حفظ السلام التابعة للناتو، الجنرال الألماني جوز جليميروث في الاجتماع الصحفي الشهري بكابول في شعبان 1424هـ قائلا: (لقد تصاعدت التهديدات الإرهابية في كابول والأقاليم الأخرى، وقد وردت إلينا معلومات أكيدة عن اختراق القاعدة وطالبان للعاصمة كابول. . . لقد أصبحت الصورة كئيبة جدا الآن، فالإرهابيون يخططون للسيطرة الفعلية على كابول قبل حلول الشهر الإسلامي المقدس. . . لقد ارتفعت حدة القتال في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية، مما يشكل أزمة لجنود حفظ السلام) اهـ
[38] وذلك لما قدم التتار سنة 699 هـ لغزو حلب، وانصرف عسكر مصر، وبقي عسكر الشام، فشق ذلك على الناس، فكتب رحمه الله يحث المسلمين على والجهاد والصبر على لقاء العدو ويبشرهم بنصر الله لهم وللمؤمنين وبالأجر العظيم لمن ثبت في مثل هذه الفتن.
[39] يقول الشيخ أيمن الظواهري: (وعلى الشباب المسلم ألا يضيع هذه الفرصة لعز الدنيا وفوز الآخرة، ولشفاء صدور المؤمنين وقمع كبرياء الكافرين، ودعم الشباب للجهاد له صور عديدة. منها؛ جمع المعلومات عن الأعداء وكشف عملائهم ومقارهم وتحركاتهم. ومنها؛ تقديم المساندة للمجاهدين من مال وطعام ومأوى. ومنها؛ رعاية أسر المجاهدين والمعتقلين وسد حاجتهم وسد مشاكلهم والإهتمام بابنائهم. ومنها؛ نشر أهداف المجاهدين بين إخوانهم ومعارفهم وأقاربهم ودحض شبهات عملاء امريكا وإسرائيل ومنعهم من نشر الياس بين المؤمنين. ومنها؛ توزيع إنتاج المجاهدين الدعوي والإعلامي وجمع التبرعات لهم والدعاء لهم والقنوت على أمريكا وإسرائيل وعملائهما. ومنها؛ طلب العلم النافع ومعرفة واجبات الوقت وأركان الجهاد وفرائضه وواجباته وأحكامه ونشر هذا العلم بين المسلمين. ومنها؛ فضح خيانات النظام المصري وبيان مدى تفريطه في حق أمته واستهانته بقيمها وثرواتها، وإظهار مدى حرصه على خدمة أمريكا وإسرائيل. ومنها؛ نشر التوعية في مجال الطلاب خاصة، لأهميتهم في وسط الأمة المسلمة ودعوتهم للإلتزام بالإسلام واللحاق بركب المجاهدين. . .) [رسالة مفتوحة إلى شعب مصر المسلمة، إصدار المكتب الإعلامي لجماعة الجهاد].
ويقول الشيخ سليمان أبو غيث: (على الشباب المسلم عماد الأمة وأملها المنشود في كل مكان عدم الإلتفات إلى دعوات المخذلين و تهويل المرجفين وشعارات العلمانيين والليبراليين المفتونين بالغرب، كما عليهم الحذر من أن ينجروا إلى معارك جانبية لا تصب في خانة الضرب على رأس الكفر العالمي المتمثل في التحالف الصليبي اليهودي وأن يبتعدوا عن الإنشغال بالأطراف والذيول، وهو ما يريده أعداء الجهاد لتشتيت الطاقات وتبديد الجهود، فهدفنا واضح وسياستنا معروفة الملامح لا تتبنى أي عمل لا يصب في الإتجاه الصحيح ضد التحالف الصليبي اليهودي) [من بيان للشيخ بتاريخ 2 شوال 1423].
[42] وذلك يوم الخميس 23/9/1423هـ؛ حيث استهدف المجاهدون بسيارة مفخخة فندقا يرتاده السياح الصهاينة، بمدبنة مومباسا بكينيا، قتل على اثره ما لا يقل عن 15 واصيب نحو 80 اسرائيليا - حسب تصريحات بعض الجهات الحكومية - وتزامن ذلك مع هجوم صاروخي على طائرة إسرائيلية، كانت تحمل على متنها 261 راكبا، بعد إقلاعها من مطار المدينة مباشرة، إلا ان الصواريخ اخطأت هدفها.
جاء في صحيفة " الإنديبندنت " البريطانية، تحت عنوان "رعب في فندق بارادايز": (. . . إن القاعدة برهنت من جديد على أنها قادرة على مهاجمة الأماكن غير المتوقعة، عندما نفذت هجومين انتحاريين على فندق يمتلكه إسرائيليون وأطلقت صاروخا على طائرة إسرائيلية في كينيا).
[43] ولد الشيخ المجاهد عمر عبد الرحمن بالجمالية بمصر، سنة 1938، وفقد البصر بعد عشرة أشهر من ولادته، وقد أكمل حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، ثم التحق بالمعهد الديني بدمياط ومكث به أربع سنوات حصل بعدها على الشهادة الابتدائية الأزهرية، ثم التحق بمعهد المنصورة الديني ومكث فيه حتى حصل على الثانوية الأزهرية عام 1960، ثم التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة ودرس فيها حتى تخرج منها في 1965 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وتم تعيينه في وزارة الأوقاف إماماً لمسجد في إحدى قرى الفيوم، ثم حصل على شهادة الماجستير، وعمل معيداً بالكلية مع استمراره بالخطابة متطوعاً، حتى اوقف عن العمل في الكلية عام 1969، وفي أواخر تلك السنة رفعت عنه عقوبة الاستيداع، لكن تم نقله من الجامعة من معيد بها إلى إدارة الأزهر بدون عمل. واستمرت المضايقات على هذا الحال، حتى تم اعتقاله في 13/10/1970 بعد وفاة عدو الله جمال عبد الناصر في سبتمبر عام 70، حيث وقف الشيخ على المنبر وقال بعدم جواز الصلاة عليه، فتم اعتقاله بسجن القلعة لمدة 8 أشهر وأفرج عنه في 10/6/1971، وبعد الإفراج عنه، وعلى رغم التضييق الشديد الذي تعرض له بعد خروجه من السجن إلا ان ذلك لم يمنعه من مواصلة طلب العلم، فتمكن من الحصول على الـ " دكتوراه "، وكان موضوعها؛ " موقف القرآن من خصومه كما تصوره سورة التوبة "، وحصل على "رسالة العالمية" بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، إلا انه مُنع من التعيين ، واستمر المنع حتى صيف 1973 حيث استدعته الجامعة وأخبرته عن وجود وظائف شاغرة بكلية البنات وأصول الدين، واختار أسيوط، ومكث بالكلية أربع سنوات حتى 1977، ثم أعير إلى كلية البنات بالرياض حتى سنة 1980، ثم عاد إلى مصر، وفي سبتمبر 1981 تم اعتقاله ضمن قرارات التحفظ، فتمكن من الهرب، حتى تم القبض عليه في أكتوبر 1981 وتمت محاكمته في قضية اغتيال السادات أمام المحكمة العسكـرية ومحكمـة أمن الدولة العليا، وحصل على البراءة في القضيتين وخرج من المعتقل في 2/10/1984، واستمر الشيخ على هذا المنوال، بين التضييق والمطاردة والسجون، وهو صابر على طريق البذل والعطاء والدعوة والتعليم والجهاد، ناصحا الأمة، ومحمسا شبابها لسلوك درب التوحيد والحديد، حتى استقر به المطاف في سجون أمريكا، منذ عام 1993، بعد ان وجهت له أربع تهم، هي؛ 1) التآمر والتحريض على قلب نظام الحكم في الولايات المتحدة. 2) التآمر والتحريض على اغتيال حسني مبارك. 3) التآمر على تفجير منشآت عسكرية. 4) التآمر والتخطيط لشن حرب مدن ضد الولايات المتحدة. ولا يزال فك الله اسره صابرا محتسبا، نسأل الله ان يثيبه الفردوس الاعلى على صبره وجهاده.
[44] إلى هنا انتهت محاضرة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن حفظه الله، مع التنبيه أن النقل تم بشكل حرفي عن شريط صوتي للشيخ، والمحاضرة بصوت الشيخ أسامة بن لادن منشورة في قسم الصوتيات في "منبر التوحيد والجهاد"، بعنوان "النفير".
0 التعليقات:
إرسال تعليق