موقع ارض الرباط

موقع ارض الرباط
موقع ارض الرباط

الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (53) محمد عبده


أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (53)
محمد عبده
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل, والرائد الرابع من الناحية التاريخية وهو الثاني والأهم من ناحية التأثير هو محمد عبده. عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر:  (الجزيرة نت) 3/11/2010
محـمد عـبـده
(1266 - 1323هـ- 1849- 1905م)
المبحث الأول ترجمة مختصرة:
يقول محمد عبده عن نفسه [أول ما عقلت من أنا, ومن والدي, ومن والدتي, ومن هم أقاربي وجيران بيتي, عرفت أني ابن "عبده خير الله" من سكان قرية "محلة نصر" بمركز "شبراخيت" من  مديرية "البحيرة" ووقر في نفسي احترام والدي, ونظرت إليه أجل الناس في عيني, وسكن من هيبته في قلبي ما لا أجده لأحد غيره من الناس اليوم عندي, أما عوامل هذا الاحترام وذلك الإجلال فأتذكر منها قلة الكلام أمامي, ووقار كان في الحركات والأعمال والهيأة ... وانفراده بالطعام دون والدتي وأخواتي, فإن ذلك كان آية العظمة عندنا, فإنه ما كان يواكل نساءه وأولاده في تلك الأوقات إلا الفقراء وأهل الطبقة السفلى من أهل القرية... تعلمت القراءة والكتابة في منزل والدي, ثم انتقلت إلى دار حافظ قرآن, قرأت عليه وحدي جميع القرآن أول مرة.. بعد ذلك حملني والدي إلى طنطا حيث كان أخي لأمي الشيخ "مجاهد" _رحمه الله_ لأجَوِّد القرآن في المسجد الأحمدي, لشهرة قرائه بفنون التجويد, وكان ذلك في 1279هجرية. ثم في سنة إحدى وثمانين جلست في دروس العلم, وبدأت بتلقي (شرح الكفراوي على الأجرومية) في المسجد الأحمدي بطنطا, وقضيت سنة ونصفاً لا أفهم شيئاً لرداءة طريقة التعليم, فإن المدرسين كانوا يفاجئوننا باصطلاحات نحوية أو فقهية لا نفهمها, ولا عناية لهم بتفهيم معانيها لمن لا يعرفها, فأدركني اليأس من النجاح, وهربت من الدرس, واختفيت عند أخوالي مدة ثلاثة أشهر, ثم عثر عليّ أخي فأخذني إلى المسجد الأحمدي, وأراد إكراهي على طلب العلم فأبيت, وقلت له: قد أيقنت ألا نجاح لي في طلب العلم, ولم يبق عليّ إلا أن أعود إلى بلدي وأشتغل بملاحظة الزراعة كما يشتغل الكثير من أقاربي, وانتهى الجدال بتغلبي عليه, فأخذت ما كان لي من ثياب ومتاع ورجعت إلى "محلة نصر" على نية ألا أعود إلى طلب العلم, وتزوجت في سنة 1282 على هذه النية... بعد أن تزوجت بأربعين يوماً جاءني والدي ضحوة نهار, وألزمني بالذهاب إلى طنطا لطلب العلم, وبعد احتجاج وتمنع وإباء لم أجد مندوحاً عن إطاعة الأمر, ووجدت فرساً أحضر فركبته, وأصحبني والدي بأحد أقاربي _وكان قوي البنية شديد البأس_ ليشيعني إلى محطة "إيتاي البارود" التي أركب منها قطار السكة الحديدية إلى طنطا, كان اليوم شديد الحر, والريح عاصفة ملتهبة سافياء, تحجب الوجه بشبه الرمضاء, فلم أستطع الاستمرار في السير فقلت لصاحبي أما مداومة المسير فلا طاقة لي بها مع هذه الحرارة, ولا بد من التعريج على قرية أنتظر فيها أن يخف الحر, فأبى عليّ ذلك فتركته, وأجريت الفرس هارباً من مشادته, وقلت: إني ذاهب إلى "كنيسة أورين" ...  أدركني صاحبي , وبقي معي إلى العصر, وأرادني على السفر, فقلت له: خذ الفرس وارجع, وسأذهب صباح الغد, وإن شئت قلت لوالدي أنني سافرت إلى طنطا.

فانصرف وأخبر بما أخبر, وبقيت في هذه القرية خمسة عشر يوما تحولت فيها حالتي, وبدلت فيها رغبة غير رغبتي. ذلك أن أحد أخوال أبي واسمه الشيخ "درويش" سبقت له أسفار إلى صحراء ليبيا ووصل في أسفاره إلى  "طرابلس الغرب", وجلس إلى السيد "محمد المدني" والد الشيخ "ظافر" المشهور, الذي كان قد سكن "الأستانة" وتوفي بها, وتعلم عنده شيئاً من العلم, وأخذ عنه الطريقة الشاذلية... كانت هذه الرسائل تحتوي على شيء من معارف الصوفية وكثير من كلامهم في آداب النفس وترويضها على مكارم الأخلاق وتطهيرها من دنس الرذائل وتزهيدها من مظاهر هذه الحياة الدنيا... وفي اليوم الخامس عشر مر بي أحد سكان بلدتنا, _"محلة نصر"_ فأخبرني أن والدتي ذهبت إلى طنطا لتراني, فعلمت أن سيقول لوالدي أنني لا أزال في "الكنيسة", فأصبحت مبكراً إلى طنطا خوف عتاب الوالد واشتداده في اللوم, لأنني لو كنت أقمت له ألف دليل على أنني وجدت  في مهربي مطلبه ومطلبي لما اقتنع ...  وفي منتصف شوال من تلك السنة ذهبت إلى الأزهر, وداومت على طلب العلم على شيوخه, مع محافطتي على العزلة والبعد عن الناس حتى كنت أستغفر الله إذا كلمت شخصاً كلمة لغير ضرورة, وفي أواخر كل سنة دراسية كنت أذهب إلى "محلة نصر" لأقيم بها شهرين _من منتصف شعبان إلى منتصف شوال_ وكنت عند وصولي إلى البلد أجد خال والدي الشيخ "درويشاً" قد سبقني إليه, فكان يستمر معي يدارسني القرآن والعلم إلى يوم سفري, وكل سنة كان يسألني ماذا قرأت؟ فأذكر له ماذا درست, فيقول ما درست المنطق؟ ما درست الحساب؟ ما درست شيئاً من مبادئ الهندسة؟ وهكذا, وكنت أقول له: بعض هذه العلوم غير معروف الدراسة في الأزهر, فيقول:طالب العلم لا يعجز عن تحصيله في أي مكان, فكنت إذا رجعت إلى القاهرة ألتمس هذه العلوم عند من يعرفها, فتارةً كنت أخطئ في الطلب وتارةً أصيب إلى أن جاء المرحوم السيد جمال الدين الأفغاني إلى مصر أواخر سنة 1286.... إن أبي وهبني حياة يشاركني فيها "علي ومحروس",([1]) والسيد جمال الدين وهبني حياة أشارك فيها محمد وإبراهيم وموسى وعيسى, والأولياء والقديسين.
عرضت نفسي على مجلس الامتحان في 13 جمادى سنة 1294 هجرية, وابتليت في الامتحان أشد الابتلاء, لتعصب الأكثر من أعضائه مع المرحوم "عليش"([2]). وكان يعاديني على الغيب اتباعاً لآراء من لا رشد عندهم من بلداء الطلبة, وكانوا قد أجمعوا أمرهم على أن لا يمنحوني درجة ما في العلم, وجرت أمور قبل الامتحان يطول شرحها, ولكن كان أمر الله أغلب, فخرجت من هذا الامتحان بالدرجة الثانية, وصرت مدرساً من مدرسي الجامع الأزهر, وأخذت أقرأ العلوم الكلامية والمنطقية.
بدأت بتعلم اللغة الفرنساوية عندما كانت سني أربعاً وأربعين سنة, ولكن ميلي إلى تعلم لغة أجنبية ابتدأ في أثناء الحوادث العرابية, فتعلمت الهجاء ثم تركته ونسيته تقريباً, وعندما سافرت إلى فرنسا أول مرة أقمت هناك عشرة أشهر, كنت أحرر فيها جريدة "العروة الوثقى" ولم أتعلم شيئاً من الفرنساوية, لأن اجتماعي كان بالسيد جمال الدين, وبرفاق من العرب, واشتغالي بتحرير تلك الجريدة ما كان يسمح لي بوقت كاف للتعلم بدراسة منتظمة فذهب عليّ ذلك الزمن بدون فائدة في اللغة لا كثيرة ولا قليلة أما بعد عودتي من النفي إلى مصر, واشتغالي بالقضاء في المحاكم الأهلية والحكم بها, خصوصاً في الجنايات على أصول القوانين الفرنساوية, وجلوسي بين قضاة يغلب عليهم العلم بتلك القوانين في لغتها, فقد قوي عندي الميل إلى تعلم اللغة الفرنساوية حتى لا أكون في معرفة القوانين أضعف ممن أجلس معهم مجلس القضاء, وبعد مجيئي إلى القاهرة واشتغالي بالقضاء في إحدى محاكمها وجدت الوقت والحال مناسبين للبدء في العمل, فبحثت عن معلم فوجدت أستاذاً لا بأس به, فدعوته فجاءني حاملاً كتاب نحو في يده _"كرامير" فسألته: ما هذا؟ فقال: كاتب نحو. فقلت له: لا وقت عندي لأن ابتدئ, وإنما عندي زمن لأن أنتهي... سافرت بعد ذلك إلى فرنسا وإلى سويسرا عدة مرات في أيام العطلة الصيفية, وكنت أحضر دروس العطلة في كلية "جنيف", وبهذه الطريقة تعلمت اللغة الفرنساوية في أوقات الفراغ من اشتغالي بالقضاء في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف, ثم إن الذي زادني تعلقاً بتعلم لغة أوربية هو أني وجدت أنه لا يمكن لأحد أن يدعي أنه على شيء من العلم يتمكن به من خدمة أمته ويقتدر به الدفاع على مصالحها كما ينبغي إلا إذا كان يعرف لغة أوربية]([3])
وقال عنه رشيد رضا: [جاء السيد جمال الدين فسكنت إليه نفسه من اضطرابها ووجدت عنده جميع طلبتها، وأقصى أمنيتها ، وأخبرني رحمه الله تعالى أن الذي أخبره بقدوم السيد جمال الدين هو أحد المجاورين في رواق الشوام قال له إنه جاء مصر عالم أفغاني عظيم وهو يقيم في خان الخليلي فسر بذلك وأخبر الشيخ حسنا ودعاه إلى زيارته معه فألفياه يتعشى فدعاهما إلى الأكل معه فاعتذرا فطفق يسألهما عن بعض آيات القرآن وما قاله المفسرون والصوفية فيها ثم يفسرها لهم ، فكان هذا مما ملأ قلب فقيدنا به عجبًا وشغفه حبًّا ؛ لأن التصوف والتفسير هما قرة عينه أو كما قال مفتاح سعادته.
      وأخبرني رحمه الله تعالى أنه قرأ على السيد كتاب الزوراء للدواني في التصوف، وشرح القطب على الشمسية والمطالع وسلم العلوم من كتب المنطق، والهداية والإشارات وحكمة العين وحكمة الإشراق من الفلسفة، وعقائد الجلال الدواني والتوضيح مع التلويح في الأصول، والجفميني في الهيئة القديمة وكتابا آخر في الهيئة الجديدة نسيت اسمه. ثم إن السيد أرشده كغيره من تلامذته إلى الإنشاء وكتابة المقالات الأدبية والاجتماعية والسياسية ومرنهم على الخطابة فبرع فقيدنا في ذلك حتى صار أبرع من أستاذه نفسه ؛ لأن عبارة السيد رحمه الله تعالى كانت على متانتها وبلاغتها لم تصف من كدورة العجمة إلى صفاء الانسجام العربي الخالص كعبارة الشيخ، ثم إن مجالس السيد في ناديه وسامره كانت كلها مجالس علم وحكمة وأدب وسياسة وقلما كان يفوت فقيدنا شيء منها إذ كان يلازمه ملازمة ظله وما يستفيده المرء بالمذاكرة في ساعة لا يستفيده بالدرس في ساعات؛ لأن المدرس يكلفك كل ما يلقيه إليك سواء ثم اتفقت الرغبة على أن يقرأ لطائفة منهم –لأصحابه من الطلبه-  بعض الكتب فقرأ لهم إيساغوجي في المنطق ، ثم شرح العقائد النسفية للسعد التفتازاني مع حواشيه ثم مقولات السجاعي بحاشية العطار وغير ذلك من الكتب التي لم تكن تقرأ في الأزهر فكثر سواد المجتمعين عليه.
 خاض بعض الجامدين في دين كل من السيد الحكيم والأستاذ الإمام رحمهما الله تعالى وسنعقد لذلك فصلاً خاصًّا في تاريخ الفقيد ، نبين فيه أنه لم يسلم أحد من أئمة الدين ولا من كبار الحكماء والصوفية من مثل هذا الطعن.
 وكان يقول إلى آخر حياته : إنني لا أزال طالب علم أبتغي المزيد منه في كل يوم . فكان له في طلب العلم ثلاثة أدوار أولها الطلب على طريقة الأزهر المعروفة من المناقشة في عبارات كتب المؤلفين وقراءة المتون مع الشروح والحواشي والتقارير – سلكها زمنًا حتى ملَّها وتوجهت نفسه إلى علم أعلى وفهم أجلى فقبض الله تعالى له ذلك العلامة الحكيم السيد جمال الدين فقرأ له علومًا أخرى على طريقة أسهل مسلكًا وأقرب غاية، فانتاشه من الإخلاد إلى أرض العبارات الركيكة والأساليب الضعيفة، والاحتمالات البعيدة ، ورفعه إلى سماء عرفان الحقيقة والإفصاح عنها بالعبارة الرشيقة ، بعد إطلاقه من قيود تقليد المؤلفين ، وتعويده على الحكم باليقين، فهذا هو الدور الثاني وهو خاص كسابقه بالعلوم الإسلامية التي كتبت باللغة العربية مع شيء قليل من العلوم الحديثة ، وتطبيق العلم على حال المسلمين الأخيرة ، وأما الدور الثالث فهو النظر في علوم الإفرنج ، قرأ رحمه الله كثيرًا مما ترجم من الكتب ثم تعلم اللغة الفرنسية فصار يقرأ الكتب فيها لا يكاد يتركها يومًا من الأيام . وكانت عنايته بعلوم الأخلاق والنفس وأصول الاجتماع الإنساني والتاريخ وفلسفته وفن التربية أشد من عنايته بسائر العلوم..
وكان يقول : من لم يعرف لغة من لغات العلم الأوربية لا يعد عالمًا في هذا العصر.
 وقد كان لكثرة الانهماك في الذكر والفكر والنظر في كتب التصوف والتنقل في أحوال القوم ومقاماتهم يخرج عن حسه ويزج في عالم الخيال أو عالم المثال كما يقولون فيناجي أرواح السابقين  ولو كان يجيز شرح ذلك لشرحناه ، ولكنه كان يقول : إن ما يحصل للصوفية من الأحوال غير الطبيعية لا يجوز ذكره لغير العارف به ولا تجوز كتابته بحال. وقال ما معناه ما زَجَّ أحد نفسه في عالم الخيال ثم قدر على الخروج منه إلا أن يجذبه جاذب آخر ويخرجه منه وذلك قليل. وأقول: إن السيد جمال الدين هو الذي أخرجه منه، ورقى به إلى ما هو خير منه، ولم يتمكن من ذلك إلا بعد أن جاراه عليه زمنًا عرفه به أنه أعرف بتلك المعاهد، وأسبق إلى تلك المشاهد بما كان يحل له من عقد كلام الصوفية التي يعجز عن حلها، حتى أقنعه بأنه من أفراد أهلها، وسنذكر في التاريخ الكبير الذي نضعه لفقيدنا شيئا مما كتبه على طريقة الصوفية] ([4]).
ثم يتابع رشيد رضا فيقول:[ دخوله في الماسونية: كان السيد جمال الدين  قد أخذ على نفسه العهود والمواثيق أن يعمل عملاً عظيمًا ينهض بدولة إسلامية نهوضًا يعيد للإسلام مجده وكان مضطلعًا بذلك، إلا أنه كان مستعجلاً يريد أن يعمل هذا العمل العظيم ويرى أثر نجاحه وثمرة غراسه في حياته؛ لذلك جاءه من طريق الحكومة والسلطة وتوسل إليه بالعلم فاتخذ له في مصر تلاميذ بدأ يقرأ لهم كتب أصول الدين والفلسفة حتى إذا ما وثق بهم مزج لهم السياسة بالعلم وخاف استبداد إسماعيل باشا أن يحول بينهم وبين ما يشتهون، فانتظم مع مريديه في سمط الجمعية الماسونية وكان باتحادهم رئيس محفل مرّن فيه تلامذته على الخطابة والبحث في حياة الأمم وموتها ، ونهوض الدول وسقوطها ، وقد دخل في هذا المحفل شريف باشا([5]). وبطرس باشا غالي وكثيرون من الكبراء والأذكياء . وكان توفيق باشا ولي عهد الخديوية مشايعًا للسيد ومحفله ، ومكان صاحب الترجمة من السيد مكانه المعلوم فكان دخوله في الماسونية متممًا لتربيته وتعليمه، وصلة بينه وبين توفيق باشا وكثير من رجال مصر وسببًا لبحثه في أحوال الحكومة المصرية، ووقوفه على نقائصها ومساويها وتوجهه إلى السعي في إصلاحها وممهدًا له الطريق للعمل الذي قام به قبل الثورة وبعدها على ما نقصده هنا بالإيجاز، ولما رأى بعض علماء الأزهر بعد ذلك ترقي الأستاذ الإمام ونفوذه في الحكومة توهموا أن ذلك بمساعدة الجمعية له، فدخل كثيرون منهم فيها ومنهم من دخل بدعوة بعض أصحابه من أهلها، ولم يدخل أحد منهم لأجل عمل يفيد الأمة والبلاد إلا جماعة السيد جمال الدين .
عمله في المطبوعات والحكومة: وفي أواسط سنة 1297 توجهت عناية رياض باشا إلى تحسين كتابة الجريدة الرسمية وجعلها مفيدة مرغوبًا فيها من الناس، فاستشار الشيخ حسين المرصفي ومحمود باشا سامي البارودي([6]). كُلاًّ علي حدته فأشارا برأي واحد كأنهما تواصيا به وهو جعل الشيخ محمد عبده محرِّرًا فيها ففعل بعد أن استرضى توفيق باشا؛ فصدر الأمر العالي بتعيينه محررًا ثالثًا، وانتظر رياض باشا مدة من الزمن فلم يرَ تغييرًا يُحمد. ثم إنه كتب من الإسكندرية يأمر قلم المطبوعات في مصر بأن تكتب مقالة في مالية مصر تلم بشيء من تاريخها الماضي، وحالها الحاضر الذي وضع له قانون التصفية، وأن تنشر هذه المقالة في أول عدد يصدر من الجريدة الرسمية وكان قد بقي له يوم واحد ، فحاص كُتَّاب الجريدة وحاروا وأرسلوا إلى صاحب الترجمة من أحضره من الأزهر وكلفوه كتابة المقالة فكتبها في مجلسه ونشرت فلما قرأها رياض باشا أعجب بها أشد الإعجاب وسأل عن كاتبها فقيل له هو فلان فزاد عجبه أن وجد في الأزهر شاب واقف على تاريخ المالية في مصر، عارف بجميع شئونها ، قادر على بيان ذلك والإفصاح عنه.]([7])
في سنة 1317 - 1899 عين عضوًا دائمًا في مجلس الشورى
أما مؤلفاته فهي بحسب تاريخ تأليفها بالتقريب
 1- الواردات: رسالة في التوحيد على طريقة الصوفية وأسلوبهم وهي أول تآليفه. 
2- رسالة في وحدة الوجود .
3- فلسفة الاجتماع والتاريخ وقد نفد هذا الكتاب عندما عزله توفيق باشا من المدرسة ونفى جمال المتأفغن وأخذت أوراقه،
4- حاشية عقائد الجلال الدواني : وهي في علم الكلام ،
5- شرح نهج البلاغة .
6- شرح مقامات بديع الزمان الهمذاني : وهو مطبوع في بيروت
7-شرح البصائر النصيرية : في المنطق وهو شرح وجيز أطلق عليه لفظ التعليقاتز
8  - رسالة التوحيد . يقول عنها رشيد رضا: [وما أدراك ما رسالة التوحيد هي التي يصدق عليها القول المشهور( لم ينسج ناسج على منوالها ولم تسمح قريحة بمثالها) هي التي يصح أن تُعدّ معجزة من معجزات النبي -عليه السلام- وآية من آيات الإسلام ، هي التي ينبغي أن تجعل أصل الدعوة إلى هذا الدين ، ويعم تلقينها جميع المسلمين،] علماً أنها مبنية على علم الكلام وفيها من الطامات ما لا يخفى على طالب العلم وأن رشيد رضا لا يؤمن بالمعجزات فسبحان من يعمي الأبصار والقلوب
9- الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية : وهو مقالات كتبها لمجلة المنار
10 - تفسير جزء عم ([8]).
ونستطيع أن نلخص ما مر معنا بالتالي:
1-           أن محمد عبده تربى ونشأ على الطريقة الصوفية والتصوف قرة عينه ومفتاح سعادته.
2-    أنه تنقل في أحوال القوم ومقاماتهم وخرج عن حسه وزج في عالم الخيال أو عالم المثال وناجى أرواح السابقين..
3-           أن جمال الدين المتأفغن وهبه حياة الرسل.
4-           أن جمال الدين المتأفغن رفعه إلى سماء عرفان الحقيقة وجعله يحكم باليقين.
5-           ألف في الصوفية كتاباً في وحدة الجود وآخر بعنوان الواردات.
6-           دخل الماسونية عن طريق جمال الدين المتأفغن مع النصراني بطرس غالي.




  [1] - إخوته الأشقاء.
[2] - هو محمد بن أحمد بن محمد عليش المالكي الأشعري الشاذلي الأزهري (أبو عبد الله) فقيه, متكلم, نحوي, صرفي, بياني, فرضي منطقي. أصله من طرابلس الغرب وولد بالقاهرة, وتعلم في الأزهر, وولي مشيخة المالكية فيه واتهم بموالاة ثورة عرابي, فأخذ من داره وهو مريض, وألقي في سجن المستشفى, فتوفي فيه بالقاهرة في 9 ذي الحجة. من تصانيفه الكثيرة: - حاشية على شرح شيخ الإسلام علي إيساغوجي في المنطق. - هداية السالك إلى أخر المسالك في فروع الفقه المالكي. - تذكره المنتهى في فرائض المذاهب الأربعة. - حاشية على رسالة الصبان البيانية في البلاغة. - هداية المريد لعقيدة أهل التوحيد.
[3] -  مختصراً من الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده: 2/313-329
[4] - مختصراً من ( مجلة المنار ـ المجلد [‌ 8 ] الجزء [‌ 10 ] ص/ ‌ 379, 16 جمادى الأولى 1323 ـ 19 يوليو 1905)
[5] - محمد شريف باشا: (1823-1887 م)هو محمد بن محمد شريف، شركسي الأصل، ولد في القاهرة وتلقى تعليمه بمصر، ثم فرنسا والتحق بخدمة الجيش الفرنسي، ثم رجع إلى مصر وعمل في الجيش وترقى إلى أن وصل إلى رتبة فريق، ثم انتقل إلى الأعمال الإدارية فعين رئيساً لمجلس الشورى 1875، وعين رئيساً للوزراء مرتين أولاهما عام 1879. وبطرس غالي مرت ترجمته وهو الآخر أصبح رئيساً للوزراء
[6] - محمود سامي البارودي: (1255-1322هـ) هو محمود سامي باشا ابن حسن حسني بن عبد الله البارودي، مصري شركسي الأصل، تعلم بالمدرسة الحربية، وتقلد في عدة مناصب، منها ناظر الحربية ورئيس النظار، كان في المحفل الماسوني مع جمال الدين ومحمد عبده، وكان وعدهم بنصرة ثورة عرابي واتهموه بالتخاذل، وهو شاعر مبدع أعاد للشعر العربي شبابه، يحاول أن ينحو نحو المتنبي في شعره.
[7] - مختصراً من  مجلة المنار ـ المجلد [‌ 8 ] الجزء [‌ 11 ] ص/ ‌ 401 غرة جمادى الآخر 1323 ـ 2 أغسطس 1905
[8] - مختصراً من مجلة المنار ـ المجلد [‌ 8 ] الجزء [‌ 13 ] ص/ ‌ 487  غرة رجب 1323 ـ 31 أغسطس 1905

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites

 
x

أحصل على أخر مواضيع المدونة عبر البريد الإلكتروني - الخدمة مجانية

أدخل بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا:

هام : سنرسل لك رسالة بريدية فور تسجيلك. المرجوا التأكد من بريدك و الضغط على الرابط الأزرق لتفعيل إشتراكك معنا.