أرواد ومجتهدون أم فسقة وضالون؟! (52)
جمال الدين الأفغاني
رضوان محمود نموس
نتكلم في هذه الحلقة عن محاولة محمد عمارة تحديد الأسوة والقدوة والرواد للصحوة الإسلامية بل والأمة ويقدم هؤلاء على أنهم هم الرواد في الوقت الذي يحاول إهالة النسيان والجحود على جهود العلماء والرواد الحقيقيين ويصر على تشويه حقائق الإسلام بالباطل, والرائد الثالث من الناحية التاريخية وهو الأول والأساس من ناحية التأثير هو جمال الدين الشيعي الإيراني المتأفغن عمارة هذا الذي وصفه القرضاوي:[بأنه أحد مجددي هذا القرن وأحد الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية.] حسب ما نشر موقع الجزيرة وغيره من المواقع المصدر: (الجزيرة نت) 3/11/2010
المبحث الحادي عشر بعض آراء وصفات جمال الدين:
نقل أحمد أمين بعض صفاته فقال: [ كان عصبي المزاج، دموياً في مزاجه، وكان مفرطاً في الشاي والتدخين ]([1]).
وقال تلميذه سليم عنحوري: [ كان يكره الحلو ويحب المر وقلما خلت جيوبه من خشب الكينا والراوند... يكثر من الشاي والتبغ، وإذا تعاطى مسكراً فقليلاً من الكونياك ]([2]).
وقال محمد عبده: [ كان يتوسع في إتيان المباحات كالجلوس في المنتزهات العامة]([3]).
وحاول شيخ التبرير رشيد رضا الدفاع عنه في شرب الكونياك فقال: [ وما قيل من شربه لقليل من الكونياك فيحتمل أن يكون له شبهة كأن يكون رآه الناقل يشرب شيئاً يشبه الكونياك، أو يكون شرب ذلك القليل تداوياً فظنه الناظر عادة ]([4]).
ويقول عنه الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية: [ وقد اعتاد الأفغاني أن يغير لقبه كلما انتقل من بلد إلى آخر فقد رأيناه في مصر وتركيا يلقب نفسه بالأفغاني بينما هو في إيران (الحسيني) ويتضح من أوراقه المحفوظة أنه كان يتخذ ألقاباً أخرى مثل: الإسطنبولي، والكابلي، والروسي، والطوسي، والأسد آبادي، وكان الأفغاني يغير زيه ولباس رأسه مثلما كان يغير لقبه، فهو في إيران يلبس العمامة السوداء التي هي شعار السادة من رجال الدين، فإذا ذهب إلى تركيا ومصر لبس العمامة البيضاء فوق طربوش، وقد لبس الطربوش مجرداً ولبس العقال والكوفية، وربما لبس العتيقة أيضاً ]([5]).
جمال الدين الأفغاني وقضايا المرأة:
كان جمال الدين في مجلس والناس يتحدثون عن الحضارة والسفور فأرادوا منه أن يعطي رأيه في السفور فقال: [ وعندي أن لا مانع من السفور إذا لم يتخذ مطية للفجور ]([6]).
ويقول الأستاذ محمد كرد علي في مذكراته تحت عنوان مدرسة الجمال: [ سمعت في مصر الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في مجلس من مجالسه الغاصة بالفوائد سنة 1901 وقد جرى ذكر رأس المصلحين في الإسلام السيد جمال الدين الأفغاني، أن الأستاذ الإمام لاحظ يوم أن كان في باريس أن صديقه وأستاذه يغيب عنه كل يوم ساعتين في وقت معين، وكانا من قبل متصاحبين ولا يفترقان، فبحث عن سبب تغيبه فثبت عنده أن السيد يختلف إلى بائعة زهور عليها مسحة من الجمال، قال فلم أجرؤ لمكان السيد في نفسي أن أسأله عن سرّ هذه الزيارة المريبة، فقلت لعل الشيخ أخذ يتصابى وهو الذي لم تعهد عليه صبوة وما حفظ عنه إلا الجد في كل أموره، قال: وما لبث هذا الشك في سيرة الشيخ أن انقشع وأصبح بعد ثلاثة أشهر يتكلم الفرنسية بطلاقة، وتبين أن ذوق الأفغاني العالي الذي ألهمه أن يتخذ معلمته سيدة بارعة الجمال يحمل عنها لغتها بالعمل أمام أصص الزهر وطاقات الورد والجو العطر، وآثر جمال الدين أن يتصل بجمال الدنيا في أروح مدرسة للنفس، وطريقة جديدة في تلقف اللغات تنسي الدارس صعوبتها وتحفزه على جمع قواه بأمتع حواسه، فعسى أن يجرب رجال التعليم في مصر والشام والعراق هذه الطريقة المبتكرة في تلقين اللغات، فيكون للمصلح الأفغاني الفضل على الشرق في حياته وبعد مماته ]([7]).
ويقول الدكتور علي الوردي: [ وكان الأفغاني لا يتزمت في سلوكه على نحو ما يفعله أقرانه من أهل العمائم، فهو عندما سكن في القاهرة ذهب مع أصحابه إلى مشرب للبيرة في الأزبكية، وكان في المشرب ساقية أوربية حسناء، فراهن أصحابه على أنه يستطيع أن يبكيها ويضحكها، ثم أخذ يتحدث إليها حتى أبكاها وأضحكها كما راهنهم عليه ]([8]).
ويذكر الوردي أن الأفغاني كان على علاقات وديّة مع بعض النساء الأوربيات، منهن كاترين كاتي. وينقل نص رسالة منها إليه:
[ باريس في 22 يوليو الساعة الثامنة والنصف.
عزيزي دين. رجعت من المحطة وأنا في غاية الحزن والأسى بعد فراق عزيزي دين، وذلك لأنني أصبحت وحيدة في هذه البلدة الحزينة باريس.
عزيزي دين. لقد كنت أحبك كما لم يكن أحد بالعالم يحبك مثلي، ولو كنت أعلم أن دين سيفارقني لكنت رفضت الحياة تماماً، على أنني آمل أن يكون موعد لقائي قريباً أقابل فيه ثانيةً معبودي دين.
دين عزيزي، يا من له في الدنيا كل شيء، أتمنى أن تستطيع قراءة رسالتي كما أرفق لك صورتين فوتوغرافيتين، وآمل أن يكون كل شيء في لندن على ما يرام، وأن كاتي تستطيع قريباً أن تحضر إلى جانبك وعندئذ سأكون سعيدة، وإنني أدعو الله أن ييسر ذلك لي وأرجو أن يتقبل دعائي.
إلى اللقاء عزيزي وألف قبلة لك يا دين من عزيزتك كاتي التي هي ملكك جسداً وروحاً.
التوقيع: كاترين كاتي ]([9]).
دعوة جمال الدين للاشتراكية:
يقول محمد عمارة: [ فالأفغاني الذي عرف باحترامه للتصوف والمتصوفة، والذي كان شديد الإكبار للفيلسوف الإسلامي المتصوف محيي الدين بن عربي، عندما يسأل عن رأيه فيما يذهب إليه المتصوفون من دعوى الفناء في الله يجيب إجابة تحدد موقفه الاجتماعي إلى جانب جمهور الناس البسطاء فيقول: أنا لا أفهم معنى لقولهم الفناء في الله وإنما الفناء في خلق الله ]([10]).
[ وعندما يتحدث عن جمعية العروة الوثقى السرية التي كونها بعد فشل الثورة العرابية، والتي أقامت لها فروعاً بمصر والهند وغيرهما، يشير إلى تحالف هذه الجمعية مع الذين يتململون في مصابهم ويحبون العدالة ويحامون عنها من أهل أوربا، وهو يشير إلى الأحزاب والجمعيات الاشتراكية التي تعاون معها في باريس ]([11]).
[ وعندما يجتمع في بطرسبرج بالقيصر الروسي ويسأله القيصر عن سرّ خلافه مع الشاه الإيراني ناصر الدين، فيقول الأفغاني: إنهـا الحكومة الشورية، أدعو إليها ولا يرضاها الشاه ]([12]).
وينقل محمد عمارة أقوالاً للأفغاني من الأعمال الكاملة، فيحكي عن جمال الدين أنه قال عن أبي ذر: [ وقص عليهم –أي الذين ثاروا على عثمان t من سيرة السلف أشياء وأطلعهم على ما قاله عامل الشام معاوية بن أبي سفيان، وأردفها بإعلانه مشاركته لهم في كل ما يتحسسون به قلباً وقالباً، وبمختصر القول: إنه شجعهم على النهضة –الثورة– والمطالبة بحق صريح لهم اهتضمه جماعة بغير وجه شرعي ]([13]).
ويقول عمارة عن جمال الدين: [ ومما يشهد للرجل ببعد النظر، ويقرب مفهومه الاشتراكي إلى حقل الأفكار الاشتراكية الجديرة بالدرس المفصل والجاد أنه قد رأى في هذا النمط من أنماط تنظيم حياة المجتمعات مرحلة تطورية لا بد أن يصل إليها المجتمع.. أي مجتمع ويعيشها الإنسان.. أي إنسان... ولذلك وجدناه يقول:" إن دعوى الاشتراكية وإن قل نصراؤها اليوم فلا بد أن تسود العالم يوم يعمم فيه العلم الصحيح، ويعرف الإنسان أنه وأخاه من طين واحد أو نسمة واحدة، وأن التفاضل إنما يكون بالأنفع من المسعى للمجوع وليس بتاج أو نتاج أو مال يدخره أو كثرة خدم يستعبدها، أو جيوش يحشدها أو غير ذلك " ]([14]).
ويقول عمارة عن الأفغاني: [ فهو عندما انخرط في سلك الحركة الماسونية بمصر، إنما كان يهدف إلى تحويل شعاراتها (الحرية والإخاء والمساواة)، ومنفعة الإنسان، والسعي وراء دك صروح الظلم وتشييد معالم العدل المطلق)، تحويل هذه الشعارات إلى واقع حي معاش ]([15]).
جمال الدين ونظرية دارون:
يقول محمد عمارة عن جمال الدين: [ فإذا ما ذهبنا نلتمس رأي الأفغاني في العلاقة ما بين الإنسان والكون، ومدى فاعلية الإنسان وقدراته على اكتشاف المجهول من الأسرار، وجدنا لإيمان الرجل بالعقل وسلطانه أثراً كبيراً في هذا المجال. ذلك الإنسان في رأيه إنما هو النموذج المصغر الذي تجسد فيه هذا الكون بما حوى من نظام، وهو يستعير كلمات ابن عربي التي يقول فيها:" أيحسب الإنسان أنه جرم صغير؟ وفيه انطوى العالم الأكبر؟! "]([16]).
ثم يقول: [ فإذا علمنا أن حديث الأفغاني هذا إنما كان يخاصم ويعادي كل الفلسفات التي تؤمن بأن في الكون مناطق مغلقة إلى الأبد دون عقل الإنسان وتفكيره ]([17]).
ثم يقول عمارة عن رأي الأفغاني بنظرية دارون: [ له إزاء هذه الأفكار حديث علمي يقدم به هذه النظرية إلى الناس، ويدلل على صحتها، ويستخدم طاقاته الإقناعية في سد ثغراتها وجلب المؤيدين والأنصار إلى الاعتقاد بها، فيؤيد نظرية (الانتخاب الطبيعي) ويتحدث عن شمولها عوالم النبات والحيوان والإنسان بل ويذهب إلى أبعد مما ذهب داروين، عندما يطبق قواعد النشوء والارتقاء على عالم الأفكار عند الإنسان فيقول:" إن الأفكار تتجدد، ومعقولات عن أخرى تتولد، وصفات تسمو وهمماً تعلو، حتى يقول اللاحقون فيها للسابقين، ويظن أن هذا من تصرف الطبيعة لا من آثار الاكتساب، ولكن الحق فيه أنه ثمرة ما غرس ونتيجة ما كسب " بل ويمضي قدماً في هذا السبيل ليضفي نوعاً من الأصالة والقدم على تطبيقات هذه النظرية في الحياة العربية والإسلامية الأولى ضارباً الأمثلة على إيمان العرب وتطبيقهم للانتخاب الطبيعي في عالمي الإنسان والحيوان ]([18]).
ثم يقول عمارة: [ إن الأفغاني يتحدث عن الاعتراف بفضل داروين، وثباته وصبره على تتبعاته وخدمته للتاريخ الطبيعي من أكثر وجوهه ]([19]).
وينقل عمارة عن المتأفغن قوله: [ إن كل ما جاء في مذهب الطبيعيين من حصر الأحياء بأنواع قليلة وتفرغ الكثير منها وعنها، كل هذا لا يضر التسليم به، كما أنه لا يفيدهم أن الحياة وظهور الأحياء نتيجة طبيعية لقوى طبيعية، نعم إن أمكنهم إتيان التولد الذاتي كان لأقوالهم معنى ولمذهبهم مستنداً ]([20]).
ولنعرف قيمة الأفغاني عند عمارة ننقل قوله فيه:
[ أما الأفغاني فإننا نجده مفكراً مبدعاً وخالقاً عميق الغوص، والذي جعل منه خالقاً ومبدعاً في كل ما طرق من موضوعات اعتماده الذي لا حدود له على العقل وملكاته وإيمانه الذي لا يتزعزع بقدرات هذا العقل على فض كل المغاليق واقتحام كل العقبات وفتح كل الأبواب وهتك كل الأستار ]([21]).
ويصف كتابات الأفغاني فيقول: [ كتاباته التي أودعها الكثير من آيات الشورى والديمقراطية ]([22]).
ومعلوم أن وصف الكتابة بالآيات إنما هو للقرآن فقط. ووصف الخالـق إنما هو لله فقط، فلا ندري هل أصبح الأفغاني إلها عند عمارة؟!
جمال الدين ووحدة الأديان:
يقول محمد عمارة عن الأفغاني: [ بل إن الرجل لم يكن يتحدث عن بلاد المسلمين فقط وإنما عن بلاد الشرق، حتى لقد لقب بحكيم الشرق وليس بحكيم الإسلام، ووجدناه يكتب عن الهند أكثر مما كتب عن الحجاز، وحتى أننا نجد عنده أمتع دراسة وأعمقها، وكذلك أهمّ نشاط عملي شهده عصره في سبيل فكرة وحدة الأديان؟! وخاصة الأديان السماوية الثلاثة التي رآها " على تمام الاتفاق في المبدأ والغاية، وإذا نقص في الواحدة شيء من أوامر الخير المطلق استكملته الثانية " ]([23]).
ويقول محمد عمارة في الأعمال الكاملة للأفغاني: [ وموقف الأفغاني إزاء هذه القضية الكبرى إنما يقدمه إلى البشرية والفكر الإنساني الناضج عملاقاً لا يدانيه إلا القليلون ممّن عاصروه أو سبقوه أو لحقوه، فالمساواة عنده بين معتنقي الأديان المختلفة وبالذات الإسلام والمسيحية والموسوية لم تكن نابعة من اعتبارات سياسية عارضة، ولا وليدة لضرورات وطنية تمليها طبيعة المعركة المحتدة بين الشرقيين عموماً وبين الإمبريالية والاستعمار، وإنما كانت الأسس التي بنى الرجل عليها فكره وموقفه، والأرضية التي أنبتت هذا الفكر وهذا النضال، والخلفية الفكرية التي شعّ منها هذا التسامح، بل هذه المساواة الحقّة الكريمة هي إيمان الرجل بوحدة جوهر هذه الأديان ]([24]).
ويقول عمارة [بل لقد راودت الأفغاني أحلام السعي لتوحيد المؤمنين بالدين، وأبناء الشرائع السماوية الثلاث، سدّاً للثغرات أمام الأعداء، وتعبيراً عن اتحاد مقاصد الشرائع السماوية نحو الخير والحق والعدل وهداية الإنسان... وعن هذا الهدف الذي راودت أحلام تحقيقه فليلسوفنا العظيم كتب يقول:
(لقد لاح لي بارق أمل كبير: أن تتحد أهل الأديان الثلاثة، مثلما اتحدت الأديان في جوهرها وأصلها وغايتها... وبهذا الاتحاد يكون البشر قد خطوا نحو السلام خطوة كبيرة في هذه الحياة القصيرة !.. وأخذت أضع لنظريتي هذه خططاً، وأخط أسطراً، وأحبر الرسائل للدعوة... كل ذلك وأنا لم أخالط أهل الأديان كلهم عن قرب وكثب، ولا تعمقت في أسباب اختلاف حتى أهل الدين الواحد، وتفرقهم فرقاً وشيعاً وطوائف !) ]([25])
أما محمود أبو رية فيقول عنه: [ ويروى عن السيد أنه كان يحاول أن يحلّ مسألة الأقانيم الثلاثة عند المسيحية، أعني الأب والابن وروح القدس بنظرية وحدة الوجود، بمعنى أن الثلاثة هي بمثابة مظاهر لحقيقة واحدة، كما كان سقار يقول إن الخير والحق والجمال ثلاثة مظاهر للحقيقة، ومن هذا يظهر أن السيد كان يحاول أن تتسع الوحدة بين المسلمين والمسيحيين ]([26]).
وأما عن خاتمته: فقد أصيب آخر حياته بالسرطان في لثته وفكّه من فرط التدخين, ومات على أثـر ذلك في استنبول 1314هـ, ودفن في مقبرة مجهولة، ولم يكن بالقرب منه إلا طبيبه اليهودي هارون وصديقه اليهودي نشان طاش، ولم يشيع نفسه إلا ثلاثة، هم: سهل باشا, وعلي قيودان الإيراني, وجورجي أفندي-نصراني–نسأل الله حسن الخاتمة. وظلّ قبره مجهولاً حتى اهتدى إليه المستشرق الأمريكي المستر كراين سنة 1345 بعد جهد كبير، فبنى له ضريحاً من الرخام, وأحاطه بسور من حديد, وكتب على أحد وجوهه اسم السيد وتاريخ ولادته، وكتب على الوجه الآخر: (أنشأ هذا المزار الصديق الحميم للمسلمين في أنحاء العالم، الخيّر الأمريكي المستر شارلس كراين عام 1926)([27]).
جمال الدين واتهامه بالإلحاد:
مرّ معنا خطبته عندما اعتبر أن النبوة تأتي بالاكتساب, وأنها صنعة من الصنائع. وعندما جاء إلى مصر ورأى علماء الأزهر مسلكه, وسمعوا أقواله رموه أيضاً بالإلحاد. فها هو أحمد أمين يقول لنا عن جمال الدين: [فلمّا جاء إلى مصر اتهمه بعض العلماء كالشيخ عليش بالإلحاد ]([28]).
ويقول أيضاً: [ ثم لمّا ترجم سليم بك عنحوري للسيد جمال الدين في كتابه سحر هاروت، قال: إنه برز في علم الأديان حتى أفضى به إلى الإلحاد والقول بقدم العالم زاعماً أن الجراثيم الحية المنتشرة في الفضاء ترقى وتتحور إلى ما نراه من أجرام وأن القول بوجود محرّك أول حكيم وهمٌ نشأ عن ترقي الإنسان في تعظيم المعبود ]([29]).
ويقول سليم عنحوري عن الأفغاني : [ إنه قد برز في علم الأديان حتى أفضى به ذلك إلى الإلحاد والقول بقدمية العالم, زاعماً أن الجراثيم الحيوية المنتشرة في الفضاء هي المكونة بترقٍ وتحوير طبيعيين ]([30])
وسليم بك عنحوري النصراني كما مرّ معنا هو أحد تلامذة الأفغاني المخلصين.
ويقول رينان الفيلسوف الفرنسي الوجودي : [ تعرّفت بالشيخ جمال الدين من نحو شهرين، فوقع في نفسي منه ما لم يقع لي إلا من القليلين، وأثّر فيّ تأثيراً قوياً، وقد جرى بيننا حديث عقدت من أجله النية على أن تكون علاقة العلم بالإسلام هي موضوع محاضراتي في السوربون، والشيخ جمال الدين نفسه خير دليل يمكن أن نسوقه على تلك النظرية العظيمة التي طالما أعلناها، وهي أن قيمة الأديان بقيمة من يعتنقها من الأجناس، وقد خيّل إليّ من حرية فكره ونبالة شيمه وصراحته وأنا أتحدث إليه أنّي أرى أحد معارفي القدماء وجهاً لوجه وأني أشهد ابن سينا أو ابن رشد، أو واحداً من أولئك الملحدين العظام الذي ظلوا خمسة قرون يعملون على تحرير الإنسانية من الآسار ]([31]).
ثم يعلق أحمد أمين فيقول: [ وليس من شكّ في أن السيد كان حرّ التفكير قوياً على الجدل متشعب طرائق الحجج، فمن الممكن جدا أن يكون في مجالسه مع رينان تبحبح في بعض الأقوال من هذا القبيل، والتي تحدث لكثير من كبار المفكرين في بعض اللحظات ]([32]).
ثم يقول أحمد أمين: [ ثم كان السيد كما يحكي عنه الشيخ محمد عبده وبعض خاصته متصوفاً يدين بعقيدة المتصوفة، وهي مبهمة غامضة تنتهي بوحدة الوجود ]([33]).
جمال الدين والإنجليز:
وعندما كان جمال الدين في الأستانة كان السلطان عبد الحميد حريصاً على إبقائه هناك حتى لا يخرج إلى التخريب في أطراف البلاد ، ولكن جمال الدين [ أرسل إلى فيس موريس مستشار سفارة إنجلترا يلتمس إيصاله إلى باخرة يخرج بها من الأستانة ، فحضر فيس موريس إليه وتعهد له بما طلب ]([34]).
وقال :[ بالرغم مما اشتهر به من عداوة إنجلترا ، داخله الإنجليز بإشارة المستر بلنت في أمر إيجاد حل لمسألة المهدي السوداني ]([35]).
هذا هو جمال الدين الذي يعرفه محمد عمارة بأنه ماسوني يدعو إلى وحدة الأديان. وكان أكثر تلامذته وأصحابه من اليهود والنصارى. أراد أن يفاوض القيصر لإشراك إيران الشيعية مع روسيا القيصرية لاحتلال وتقسيم بلاد الهند الإسلامية، ناهيك عن انحرافاته الكثيرة، وبعد كل هذا يقدمه لنا محمد عمارة على أنه أكبر رواد الصحوة الإسلامية والسلفيةأيضاً!!!. ومن أين يطلق هذا التضليل والبهتان؟! من فوق منبر مجلة المجتمع الإسلامية وعلى صفحاتها -وللأسف-، فهل بعد هذا من عجب؟!
[1] - زعماء الإصلاح في العصر الحديث - أحمد أمين، ص/ 61.
[2] - تاريخ الأستاذ الإمام (1 / 49).
[3] - المصدر السابق (1 / 35).
[4] - المصدر السابق (1 / 53).
[5] - لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث للدكتور - على الوردي (3 / 313).
[6] - زعماء الإصلاح، ص / 114, وخاطرات، ص / 67.
[8] - لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث للدكتور على الوردي (3 / 312).
[9] - المصدر السابق (3 / 313).
[10] - مسلمون ثوار، ص / 397.
[11] - المصدر السابق، ص / 397.
[12] - المصدر السابق، ص / 398.
[13] - المصدر السابق، ص / 400.
[14] - المصدر السابق، ص / 402.
[15] - المصدر السابق، ص / 405.
[16] - المصدر السابق، ص / 412.
[17] - المصدر السابق، ص / 412.
[18] - المصدر السابق، ص / 414.
[20] - المصدر السابق، ص / 415.
[21] - المصدر السابق، ص / 410, 411
[23] - المصدر السابق، ص / 384.
[24] - الأعمال الكاملة للأفغاني، ص / 69.
[26] - جمال الدين, تأليف أبو رية، ص / 56.
[27] - ثلاثة من أعلام الحرية, قدري قلعجي، ص / 123 - 124.
[28] - زعماء الإصلاح في العصر الحديث، ص/ 110.
[29] - المصدر السابق، ص /110.
[30]- جما الدين الأفغاني المفترى عليه محمد عمارة ص\110
[31] - المصدر السابق، ص / 91 - 92.
[32] - المصدر السابق، ص / 111، 112.
[33] - المصدر السابق، ص / 112.
0 التعليقات:
إرسال تعليق