لأسد الإسلام أسامة بن محمد بن لادن (رحمهُ الله)
و المسلمين عامة: الرسالة الأولى إلى أهل بلاد الحرمين خاصة
(الخلاف والنزاع بين حكام الرياض وأهل البلاد، والسبيل لحله)
4 ذو القعدة 1425 هـ16 ديسمبر/كانون الأول 2004 م
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإلى المسلمين في بلاد الحرمين خاصة وإلى المسلمين في غيرها عامة..
فهذه رسالةٌ حول الخلاف والنزاع بين حكام الرياض وأهل البلاد والسبيل لحله.
فقد كَثُر الحديث في بلاد الحرمين عن ضرورة الأمن والأمان وعن حرمة دماء المسلمين والمستأمنين، وعلى أهمية الألفة والاجتماع وخطورة الفرقة والنزاع، وزعموا أن المجاهدين يتحملون ما آلت إليه الأمور في بلاد الحرمين. ومحض الحقيقة الواضحة أن المسؤولية تقع على عاتق النظام، حيث فرَّط في الشروط المطلوبة للمحافظة على الأمن والدماء، والألفة والاجتماع، وذلك بعصيانه لله تعالى وارتكابه الكبائر التي تُعَرِّض البلاد لوعيد الله وعقابه، وقد ذكر الله لنا قصص العصاة وعقابهم لنعتبر.
قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112]. وقال الله تعالى: {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَاد * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:11-14].
كما أن الموالين للنظام، المداهنين له، وكذا القاعدين عن إنكار المنكر يتحملون المسؤولية أيضاً، وقد قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79].
وقد صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ”فما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل فيتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم“ رواه الحاكم، وقال أيضاً ”إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه“ رواه ابو داوود.
وقال النووي رحمه الله: ”واعلم أن هذا الباب - أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - قد ضُيِّع أكثره من أزمان متطاولة ولم يبقَ منه في هذه الأزمان إلا رسومٌ قليلةٌ جداً، وهو بابٌ عظيمٌ به قِوَام الأمر وملاكه، فإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم } [النور:63]“ انتهى كلامه.
ومن أبيات الحكم:
إذا كنتَ ذا نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
فالمعاصي التي ارتكبها النظام عظيمةٌ جداً، فقد تجاوز الكبائر والموبقات إلى نواقض الإسلام الجليّات، تجاوز ظلم العباد وهضم حقوقهم والاستهانة بكرامتهم، والاستخفاف بعقولهم ومشاعرهم، والعبث بمال الأمة العام، فاليوم يعاني من الفقر والحرمان ملايين من الناس مقابل أن تدخل الملايين من الريالات إلى حسابات المتنفذين من كبار الأسرة، فضلاً عن تدني الخدمات واغتصاب الأراضي، ومشاركة الناس في تجارتهم عنوة بغير عوض، وإلى ما هنالك. فإن النظام قد تجاوز ذلك كله إلى نواقض الإسلام الجليات، فتولى أمريكا الكافرة وناصرها ضد المسلمين وجعل من نفسه نداً لله تعالى يُشَرِّع للناس تحليلاً وتحريماً من دون الله ومعلوم أن ذلك من نواقض الإسلام العشرة. وقد أشرنا إلى بعض المظالم التي ارتكبها النظام في أمور الدين والدنيا بشيء من التفصيل في البيان السابع عشر ومن شاء فليرجع إليه.
وهذا الذي تقدم من أهم أسباب الخلاف بين المسلمين وحكام الرياض، وحَلُّ هذا الأمر سهل معلوم في دين الله تعالى إن صدق الحاكم في إرادته للإصلاح إن كان يملك الإرادة أصلاً.
أما نحن فعلم الله أننا نريد الإصلاح ما استطعنا ونسعى إليه، وما خرجنا من ديارنا إلا رغبة فيه، وما كنا نشتكي نقصاً في أمور الدنيا ولله الحمد والمنة، وما بنا عن بلاد الحرمين تَشَوّفٌ إلى غيرها وقد طال المقام بعيداً عنها، ولكنه في سبيل الله يسر.
حجازٌ حبُها في عُمْقِ قلبي *** ولكنَّ الولاةَ بها ذئابُ
وفي الأفغانِ لي دارٌ وصحبٌ *** وعند الله للأرزاق بابُ
وقد قيل:
وما الخيلُ إلا كالصديقِ قليلةٌ *** وإن كَثُرَتْ في عينِ من لا يجربُ
وكل امرئ يولي الجميل محببٌ *** وكلُ مكانٍ ينبتُ العز طيب
ومن توكل على الله كفاه، والكيّس من لم تغره دنياه، ولا معنى للحياة إن لم تكن في طاعة الله، فأسأل الله الثبات وحسن الختام.
وخلاصة هذه المسألة أنَّ سبيل النجاة إنما هو بالإصلاح والاستقامة على أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} [هود:112].
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون} [هود:117].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”قل آمنت بالله ثم استقم“.